[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لقد تجلّت الكاتبة و أبدعت في إختيار عنوان القصة
و أثارت في نفس القارئ شوقا و شغفا بضرورة
معرفة ماذا تريد أن تقول
(الاستاذ الكبير صاحب الشهادات العليا .......... )
صدّرت لنا هذه الجملة بلا مقدمات لتزيد من وطأة الدهشة
لنتساءل ماذا به؟ و ماذا أصابه؟ و ماذا يريد؟
و بكل بساطة و عفوية تخبرنا بعلّته و مشكلته التي تؤرّق الجميع
(كل يوم هو في بحث دائم عن حاجياته أو شيئاً من ادواته و صارخاً متفوهاً بكلام غير لائق .......)
هي أعراض كبر السن ، خرف الشيخوخة
نوبات من الغضب ، نسيان المواعيد ، و أماكن الأشياء
الإحباط ، و ضيق النفس ، عدم إحتمال أية كلمة من أحد
عزلة و إنطواء ...................
و بعد بحث طويل بمساعدة الزوجه الصبوره و الاولاد يجد حاجته المفقودة ملقياً اللوم على الاولاد و الزوجه ككل مرة
متهمهم بالتلاعب وعدم المبالاة .....
ظلوا على هذا الحال لعدد من السنوات و يوما عن يوم تسوء حالته ......
سردت هنا الكاتبة أدقّ التفاصيل التي تنوء بها تلك الحالة المرهقة
سواء للشخص المصاب أو لأهله الذين يتحمّلون فوق طاقتهم
لإسعاده و تلبية طلباته التي لا تنتهي و لا يقنع بما يقدمونه له الآخرون
وفي يوم اتصلت الزوجة باحد اصدقاءه الاطباء و حكت له الحكايه
اخذ الصديق يزورهم كثيرا ............ و اخيرا ... شخص حالته على انه الزهايمر
يا للهول ..........
اخذ ينسى الاشياء و الاشخاص ..... ومرت الايام
الى ان جاء يوم .... اخذ ينسى اولاده و بعد ساعات يتذكرهم
و ينسى احفاده ... ينزعج منهم و من صراخهم و لعبهم و يسأل زوجته من هم هؤلاء الاطفال و لما هم هنا ....؟؟؟؟؟؟؟؟
تتأزّم الحالة و تزداد سوءا يوما بعد يوم
ينسى الماضي القريب و الأحداث الحاضرة
و يشعر بالتوهان و الإنعزال عن الواقع
يتلفّظ بما لا يليق و بما هو غير مفهوم
يتكلم كالهمهمة كالتخاريف لأنه يرى عوالما غير التي نراها
و يرجع بذاكرته للوراء لطفولته البعيدة
و حنينه القديم لوالديه يشتاق لرؤيتهما
كالطفل الصغير الذي يحن لأمه و أبيه
كل ما كان يتذكره .... والديه ( رحمهما الله )
يكرر و يكرر .... اريد ان ازور ابي و امي ... اشتقت لهم
يصرخ و يتوسل بهم ... خذوني الى امي ... اريد ابي ....
يتوسّل لهم و كأنه في أسر و قيد و يريد الفكاك
يريد الخلاص من واقعه الذي إنفصل عنه منذ زمن طويل
و يتوق للعودة للأصل للجذور التي أنبتته
في هذه الدنيا التي بدت و كأنها غريبة عنه
و هنا أستحضر قول الله سبحانه و تعالى في كتابه الكريم
( وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) )
صدق الله العظيم
وفي يوم اخذ يلملم حاجياته في حقيبه صغيره و ويلبس ثيابه .... سألته زوجته الى اين ....... قال أنا ذاهباً لامي
و الباب كان مقفول دائما ........... لانه لو خرج لم يكن يعرف يرجع
كانت الزوجه المسكينه مشغوله بالطبخ و التنظيف .......... لم تلحظ ابدا كيف وجد المفتاح و خرج
و عندما انتبهت خرجت مسرعه .... سألت اولاد الجيران هل رأيتم الاستاذ ..
قالوا كان بيده حقيبه صغيره و ذهب في هذا الاتجاه
ظلّ الحنين يسوقه إلى تحقيق حلمه و تحقيق هدفه
الذي يراه قريبا منه و بعيد في نفس الوقت
فهو يريد و هم يرفضون يشعر بأنهم يحرمونه من الوصول
لما يريد فبحث كالأطفال عن مخرج من هذا السجن الخانق
و أخيرا وجد المفتاح و فتح باب هذا السجن و فرّ هاربا
لأمه لحلمه الذي يستنزف أفكاره و مشاعره
ركضت كالمجنونه الى الشارع ........... و اذا بسيارات اسعاف و جمهرة من البشر ............وكلام لم تفهمه
..و عند اقترابها أكثر من المكان عرفت بأن سيارة مسرعه جاءت و هو يعبر الشارع دهست زوجها الاستاذ انسابت دموعها وهي تردد:
اخيرا تحقق حلمه
ختمت الكاتبة القصة بتحقيق حلمه بالموت الموصّل لأمه رحمها الله
هذه هي سنة الحياة جاءت الأحداث متتابعة متتالية بكل سلاسة و بساطة و يسر
منطقية لأبعد الحدود عالجت الصراع بكل حرفية و مهارة و إتقان
أشاحت الكاتبة اللثام عن عالم الكبر بكل ما فيه من خرف
و نسيان و ضعف حقيقي غير مفتعل و جعلتنا نتعاطف مع البطل
و ندرك مدى معاناته و من حوله بما يحدث في تلك المرحلة العمرية الشائكة
و كيف أنه يحتاج لرعاية من نوع خاص و بحنوّ خاص يفوق الحنوّ
على الطفل الرضيع لأنه يفقد القدرة حتى على القيام بما كان يفعله من قبل
جاءت الفكرة المحورية بمنتهى المنطقية
و لملمت خيوط الحكاية منذ البداية و حتى النهاية
لم تترهّل منها القصة و لم تفقد الكاتبة السيطرة على الحكيّ
هي كاتبة تمتلك القدرة على السرد و الحكي الممتع
و هي أيضا تعرف كيف تأخذ بيد القارئ حتى لا يتوه منها و لا ينشغل
تحية للأديبة الرائعة أستاذة
باسند
أتمنى المزيد و المزيد من الإبداع و التألق
أحلام شحاته
حصريا لإشتياق
تنويه اداري: يختم الموضوع بختم الموضوع المتميز
من قبل الادارة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] 
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
