بدايتي مع المطبخ كانت كلقاء إثنين متخاصمين
و لا يريد أحدهما أن يرى الآخر و لا يصالح الآخر
كوني الإبنة الكبرى لأبويّ
كنت جدا مدلّلة و مرفّهة
كانت تأتيني الأشياء لعندي
و لكني كنت أضطر أحيانا ( في غياب والدتي عن المنزل )
أضطر أن أدخل المطبخ بالكاد أضع الطعام في الأطباق
لأبي حبيب قلبي ( رحمه الله ) و أحيانا لنفسي و نادرا جدا .. لأخوتي
و كنت أثناء حواراتي مع أمي حبيبتي أنظر ماذا تفعل؟
ليس من باب الفضول أو معرفة طريقة الطبخ ( لا سمح الله )
و لكن من باب التسلية ليس أكثر و لا أقل
و كان أقصى ما عندي أن أعمل لأبي كوبا من الشاي
و تقريبا كان هذا تخصصي الوحيد بالبيت
و ذات يوم غريب ( بالنسبة لي فقط طبعا)
كانت أمي تزور جدتي و حضر أبي و يريد أن يأكل
فدخلت المطبخ و أنا حائرة ماذا أفعل له؟
و لكن و لله الحمد وجدت أن أمي قد جهزت الطعام قبل أن تخرج
مرّت الأيام برغم كل هذا الخصام بيني و بين المطبخ
إلى أن إقترب زفافي ببضعة أيام و أمي خرجت تشتري لي بعض الأشياء
و قد عزمت زوجي و تركتني أضرب أخماسا في أسداس
فقد حدّدنا له موعدا للغداء و هي لم تأت بعد
فقلت في نفسي ( سأطبخ أنا و أمري لله)
تذكّرت بعض الذكريات البعيدة التي اختزلها عقلي
أثناء حواراتي معها في الزمن الغابر و بدأت
طبخت ( لحمة و بطاطس دمعة و أرز)
و طبعا شوربة و جهزت كل شيء
و في الموعد المحدّد جاء زوجي و هي بعده ببضع دقائق
و هي تظن طبعا أني ما طبخت و أنتظرها
و لكني فاجأتها فقبّلتني من جبيني و فرحت جدا
و أنا كدت أموت خوفا من لا يعجبهم هذا الطهي الأول
و كانت النتيجة :
ممتازة بكل المقاييس
برأي زوجي و أمي و أخوتي و أبي
قالوا لي : ( نفسك حلو في الأكل )
رقصت من الفرح لأنها التجربة الأولى و لم تكن الأخيرة
صرت بعدها أكتب لمن لا تعرف الطبخ من بنات جاراتي كراسة بها كل
المعلومات التي تفيدها في هذا المجال
و أبدعت في الطبخ بعد ذلك و لو أنني في بداية زواجي طبخت أرزا غريب الشكل و ليس له أي طعم
و قبل أن يحضر زوجي كنت قد ألقيت به بسلة المهملات و طبخت غيره
و صرت في كل عام أشتري ( القشدة) و أضعها بالثلاجة لمدة أسبوع
و أخرجها من الثلاجة لمدة ثلاثة أيام حتى تقارب على الحموضة
ثم أعجنها و أخرج منها الشرشة ( الماء السائل منها )
ثم أعملها أقراص (زبدة) و أضعها بالثلاجة في الفريزر
و حسب الطلب أضعها على النار حتى تصير سمن بلدي رائحته و لا أروع
أقلي منها البيض البلدي و أطبخ بها اللحوم و الفراخ و البط و الأرانب
و الخضروات و لكن الأرز أطبخه بالزيت هو و المكرونة
أيضا كنت أحيانا أعمل الجبنة البيتي من المنفحة و أعمل الزبادي
و أعمل (فسيخ ) يجنن .. أحسن من الجاهز بكتييير
يعني و لله الحمد قد تم الصلح بيني و بين المطبخ للأبد
و صار يأخذ معظم وقتي و مجهودي لأجل أسرتي
فكل واحد منهم يريد شيئا معيّنا حتى لو نفس الوجبة كل منهم يريدها بطريقة غير الآخر
و أنا أرضيهم جميعا
و أحب الطبخات إليّ هي :
الملوخية .. البامية .. البوفتيك .. العجّة .. الكوارع .. الفراخ
الأرز الأصفر بالكركم و المكسرات .. الأسماك بأنواعها و خاصة :
الصيّادية .. المحشي بكل أنواعه و خاصة ورق العنب .. الرز باللبن
عذرا للإطالة
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
