تومان .. شخصية فولكلورية لاتنساه أجيال البصرة

الكثير من ظواهر واحداث الزمان التئ مرت على بغداد خلال
العقود الطويله من تاريخها قد افرزت شخصيات في الادب والفن
والسياسة والتاريخ والفقه والفلسفة وغيرها من العلوم... والى
جانب هذا وذاك ظهرت شخصيات تفردت عن الاخرين على
مستوى التصرف او السلوك ، ومنها ما كان استثنائيا حيث بقوا
رغم مرور السنين حديث اهل بغداد لتميزهم عن غيرهم ,, ولان
الموضوع طويل سانقل لكم كل شخصية على حدة
ونحن دائما نتحدث عن تاريخ الشعوب ومعالمها
ونستجمع معلومات من هنا وهناك
وسوف ناخذكم اليوم لعهد جميل مر بغداد
وهو العشرينات
وماتلاهاااا
ونرى بعضا من شخصيات عاشت وذاع صياتهااا
انذاك
تومان .. شخصية فولكلورية لاتنساه أجيال البصرة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في كل بلد من بلدان العالم تجد مجموعة من الشخصيات الفولكلورية التي لها حضور في المدينة او الشارع او القرية يعرفها الصغير والكبير، عندما تمر يصفق لها الاطفال ويركضون وراءها وحيانا كثيرة يستفزونها. وفي البصرة نماذج من هذه الشخصيات ومنها...
تومان
تومان شخصية فولكلورية معروفة في البصرة إذ كنا ونحن شباب ننظر اليه بنوع من الاعجاب اللامتناهي وذلك من خلال ملابسه البسيطة و(طربوشه) الاحمر الذي يضعه على رأسه... اشبه بطربوش مصري عرفت وقتها عندما سألته عن مصدره ، اجابني بانه مهدى له من قبل صديق عربي عندما شاهد ابداعه الفني في حفلة زواج... سلمه الطربوش الذي كان على رأسه اعجابا واكراما لهذه الشخصية التي كانت بمثابة جريدة اعلامية متحركة تعلن للشعب البصري عن الفيلم الجديد الذي سيعرض في السينما التي كان يعمل فيها... وكانت الخشبة التي يحملها صبيان لها عتلتان على جانبي الخشبة و تومان امامهم يرقص ويقدم حركات اكروباتيكية...ويعزف في انفه ارق المعزوفات... هذا الرجل يترك انطباعا اينما حل واينما وجد... ففي المساء وخاصة في ليالي الجمع يقدم حفلات (الخشابة) الفولكلورية في الاعراس ومناسبات الافراح حيث انه رئيس فرقة شعبية لها تقاليدها واصول عملها ومن ينتمي الى فرقته التي تضم حوالي عشرين فردا لا يتجاوزها... مرض في اواخر ايامه وانزوى في بيت يسكنه اخوه إذ انه لم
يتزوج بتاتا.. وعندما يسأل عن ذلك يقول انه تزوج الفن وكفى..
توفي ولم يسأل عنه احد..متى يذكره الذين أسعدهم طوال ستة عقود من الزمن في البصرة.. كتب الكثير عن هذه الشخصية الكوميدية الشعبية كثيرا وأشير له باكثر من قصة وقصيدة واستطلاع كان تومان يدخل الى قاعة عرض الفيلم من موقع (ابو الاربعين فلس) ثم يبدأ بالتعليق على بعض مشاهد الفيلم او خارج ذلك ليضحك من في السينما من مشاهدين ويخرج بملابس الكاوبوي التي يرتديها معتمدا قبعة آل كابوني وخلفه يحمل اثنان من الشباب رقعة دعاية احد الافلام يتراقص وهو يلف شوارع العشار ويعزف بين كل فترة وفترة وغالبا حسب طلبات المارة يعزف على الناي بأنفه احدى اغاني حضيري أبو عزيز وبعد الانتهاء من كل مقطع يختتم الوصلة بدق اصابعه محدثا فرقعات تكمل لحن اغنية حضيري، وحيثما عرض فيلم ظهر تومان يعزف بأنفه على الناي تقاعد بعد وفاته سنة 1997 وكان هذا الناي كثير الحزن عندما يتجلى به تومان بعد كأس من الصهباء! وبعد مشاهدة العراقيين لفيلم ندم ذاع صيت هذه الشخصية الشعبية في كل مكان.
وفي مشهد آخر وقف تومان مقابل بناية المحافظة نحو الساعة الحادية عشر قبل الظهر وكعادته اخذ يرقص ويعزف امام الرقعة الاعلانية لأحد الافلام المحمولة من قبل شابين وكل واحد يضرب بيده الفارغة على اللوحة لتضيف الى لحن الناي الانفي صوتا يشبه صوت الايقاع الخشابي لتتكامل بعض الشيء بشكل لوحة موسيقية.. في تلك اللحظة تحرش شرطي حراسة المحافظة بتومان قائلا له هذا فيلمكم مو خوش! وبسرعة لا ارادية رد تومان (ومحافظكم هذا مو خوش محافظ!) ثم اسرع لائذا بالفرار . وهنا ادرك الاثنان الخطأ الذي قد يؤدي بالجميع للخطر لأن المحافظ عضو كبير في الحزب الحاكم وسأل احد حاملي الرقعة الاعلانية تومان (لماذا سكت واسرعت؟) فرد تومان بأن الحيطان لها آذان!.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يقول السيد حارث عبد الكريم صفوك :
واذا اردنا معرفة منتجعاته فهي لا تتعدى (الطويسة- الساعي- ابي الخصيب) وحين تفتقده في العشار فإن ذلك يعني ان (نايه) اما مؤجر في احد بساتين ابي الخصيب او ان حاتميا اهداه زجاجة خمر اضافية جعلته ينام ساعات النهار كله مثل اغلب وزراء نوري السعيد، وعندما كنا طلابا في الجامعة في بداية السبعينيات وبعد رحلة مضنية مع (الطبكة) التي اتفقنا على انها لا تحترم الزمن.. نلتقي بتومان وبنزوع طلابي مشاكس نحاول استدراج اي شيء من شفتيه او انفه ينسينا صلف ذلك الاستاذ الذي يظن ان ما يزقه في رؤوسنا انما هو نهاية المعرفة.. ينساب صوته برقة توصل الى نبرتها بالتدريج بعد مقارنتها بالاصوات التي تصدرها ابواق السفن وكانها اصوات نفوس تتعذب في الجحيم.. هلموا.. فهذي دموع مامي ويقصد ام الهند حيث يستمر في السرد عن تلك المرأة التي غرست اظفارها في الوحل لتنتشل ثمرة الفطر وتطعم ابنيها الجائعين وكان يفترض ان نلحظ على قسمات وجهه تعبيرا انسانيا متعاطفاً مع الصورة التي شكلها لنا، لكن ذلك لايحدث عند تومان إذ سرعان ما يفاجئنا بانتقالة ايمائية راقصة باتجاه امرأة عجوز تفنن الزمن في تشكيل وجهها وكأنه يؤكد لنا اسلحته الرهيبة التي ستهاجم وجوهنا يوما ما...

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأستاذ العزيز الغالي الرائع المبدع المتألق@"المهندس محمد فرج"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» گوگل غير بخرائطه اسم البصرة إلى “إقليم البصرة” في خطوة غير مسبوقة (مصور)
» جئت من البصرة
» البصرة الفاو بحرا
» مقارنة بين البصرة و دبي في الماضي والحاضر.
» جولات في قلب البصرة النابض