الحب المبتسر

نحن جميعاً نحب أنفسنا أو على الأقل ندّعي ذلك
 
و نحب أولادنا  كذلك و أزواجنا و أقاربنا و زملائنا و جيراننا إلخ ...
 
و لكن .. هل فكّرنا ذات يومٍ في ماهية هذا الحب ؟
 
في كيفيّته ؟ في طريقته ؟ في معناه الحقيقيّ ؟
 
بالطبع لا .. هي فقط كلماتٌ نردّدها في الرضا
 
و نلغيها وقت الغضب على من ينتمون إلينا ..
 
و كأن كلمات الحب نهديها لأولادنا كجائزةٍ كمنحةٍ
 
و نسحبها حين يتصرّفون بطريقةٍ لا تعجبنا
 
حين تحمل الأم جنينها بين أحشائها .. تدّعي أنها تحبّه
 
لكنها لا  تمارس هذا الحب بطريقةٍ واقعيّة
 
هي تعرف أنها تؤذي ذلك الجنين  بعاداتها السيّئة
 
مثلاً بالتدخين  .. حتى و إن كان سلبيّاً ..
 
بالعصبية و الصراخ فيمن حولها على أتفه الأسباب
 
بالإمتناع عن الوجبات التي تفيده  بحجّة أنها لا تطيق ذلك الطعام
 
بالإهمال  في  تنفيذِ  أمر الطبيب
 
 و قد تعرّض نفسها و الجنين  إلى ما لا يُحمَدْ عقباه
 
تمرّ بها شهور الحمل ما بين ضجرٍ و تأفّفٍ و ملل
 
و تقترب ساعة الولادة .. فتختار أن  تلد بدون أن تشعر بألمِ الوضع
 
و كأنّ ما في  أحشائها شيئاً ثقيلاً  غير مرغوبٍ فيه
 
 و تريد لفظه خارجها  بأقرب وقتٍ بكل سهولةٍ و يسر
 
هي لو تعلم أن شعورها بآلام المخاض سوف يقوّي عندها مشاعر الأمومة ؟
 
و سوف يكون أفيد لها  بدنيّاً  و نفسيّاً 
 
و يربط بينها و بين طفلها  بمحبّةٍ ليس لها مثيل في الوجود ..
 
و حين ترضعه من صدرها فهي ليست ترضعه حليباً و إنّما حبّاً  و رحمةً
 
هو رزقٌ من الله سبحانه و تعالى له .. ليحميه من الأمراض
 
ليغذّيه و يرويه بأمانٍ  و  لا يكلّفها شيئاً ..
 
تنظر لعينيه  بإبتسامة الرضا  فيمتلئ قلبه بالحب لكل من حوله
 
يحدث بينهما حوارٌ بدون كلماتٍ و لا حروف
 
بعد إنقطاع الحبل السريّ يتّصل حبل  التفاهم
 
  فتعرف  ما يحتاجه من طعامٍ و شرابٍ و غيره من الأمور
 
التي لا يستطيع النطق بها  على مدار  فترةٍ من الزمن
 
حتى يستطيع الكلام .. و التعبير  .. و الإدراك و الفهم
 
تلقّنه شيئاً فشيئاً  النصائح التي تفيده طوال حياته
 
تعرّفه ما  يجعله سعيداً  في الدارين
 
 و تزرع بداخله الخوف من الله .. تجعله لا يتعالى على الآخرين
 
و لا ينتقم منهم  .. يتسامح معهم  و يعتذر إذا أخطأ
 
تساعده على أن يتخطّى خوفه من الأشياء المحيطةِ به
 
يستمدّ منها القوّة  و مواجهة الحياة بكل ما فيها من عقبات
 
الأم حين تحبّ رضيعها حبّاً صحيحاً تمنحه الحياة و أكثر
 
و نحن حين نعبّر عن حبّنا لكل من حولنا و لكلّ ما حولنا
 
بطريقةٍ عمليّة مع الكلمات الرقيقة ..
 
و لا نكتفي بأحدهما على حساب الآخر
 
فالبعض يعبّر  بالكلمات فقط دون فعل
 
و البعض الآخر يعبّر بطريقةٍ  عمليّةٍ دون كلمات
 
و هذا هو الحب المبتسر .. الذي لم يكتمل بعد
 
حبّاً مشوّهاً غير محدّد الملامح
 
فالإكتمال يصل بنا لبرّ الأمان
 
و يجعل رسالتنا في الحياة أكثر نجاحاً
 
أحلام شحاتة