حبل الكذب قصير
الدكتور خليل البدوي
يحرم الإسلام الكذب، فقد ذكر في القرآن الكريم: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)[ سورة غافر: 28]
وقول الله تعالى في سورة الحج:30 (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ).وقول القرآن الكريم [ سورة الزمر ].(ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين)
والكذب هو من خصال المنافق كما يقول النبي محمد بن صلى الله عليه وسلم (أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهم كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر) (سنن أبي داود).ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم (ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار).
وروى مالك في موطئه من حديث صفوان بن سليم : أنه قيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانًا؟ قال: نعم. فقيل له: أيكون بخيلاً؟ فقال: نعم. فقيل له: أيكون المؤمن كذَّابًا؟ فقال: لا والكذب محرم في الديانتين المسيحية واليهودية كذلك، حيث يذكر العهد القديم "لاَ تَسْرِقْ، وَلاَ تَكْذِبْ، وَلاَ تَغْدُرْ بِصَاحِبِكَ،"[اللاوبي 19:11]. و"وَهَذَا مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوهُ: لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحْكُمُوا فِي سَاحَاتِ قَضَائِكُمْ بِالْعَدْلِ وَأَحْكَامِ السَّلاَمِ." [زكريا16:8]. وقد يطرح سؤال: ما هو الكذب؟ الكذب هو أن يخبر الإنسان عن شيء بخلاف الحقيقة، ويكون إما بتزييف الحقائق جزئياً أو كلياً أو خلق روايات وأحداث جديدة، بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين وقد يكون مادياً ونفسي واجتماعي وهو عكس الصدق، وهو فعل محرم في جميع الأديان.
الكذب قد يكون بسيطاً ولكن إذا تطور ولازم الفرد فعند ذاك يكون الفرد مصاب بالكذب المرضي، وقد يقترن بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والسرقة.
وقد يقترن ببعض المهن أو الأدوار مثل الدبلوماسية أو الحرب النفسية الإعلامية.
يوجد العديد من الأسباب التي تدفع الناس إلى الكذب ومن أهمها:
1.اكتساب فوائد.
2.لتجنب ذكريات مؤلمة.
3.الخيال الخصب.
4.الحفاظ على المكانة الاجتماعية وحب الظهور.
5.العداء للآخرين فيتهمونهم أو يقذفونهم أو يصفوهم بصفات كاذبة.
6.الاعتياد على الكذب والتربية عليه.
ولكي يكذب الإنسان يحتاج لقدرات ذهنية (تفكير جيد وذاكرة قوية ومنطق متطور وخيال واسع وتبريرات جاهزة)، وقدرات نفسية وانفعالية، مثلاً التحكم بالمشاعر وتعابير الوجه والتصرفات وتكييفها حسب الوضع الذي يخلقه عندما يكذب، وهذه القدرات اللازمة للكذب يجب أن ترافقها استعداد الشخص أخلاقياً وتربوياً للكذب.
وتحضرني هنا هذه القصة:
أتصل رجلاً يوماً بزوجته من مكتبه:" زوجتي الحبيبة هناك أمراً حدث الآن.. علي أن أعود إلى المنزل بسرعة كي أذهب برحلة صيد سمك لمدة أسبوع مع أصدقائي.. أنها فرصة رائعة تأتي مرة في العمر.. سوف نغادر اليوم.. لذلك رجاءاً حضري حقيبتي وحقيبة أدوات صيد السمك... وعلى وجه الخصوص لا تنسي أن تحضري البيجاما الحرير الزرقاء... سأكون في المنزل بعد ساعة من الآن لآخذهم".
شكت الزوجة في الأمر ولكنها لم تعلق.
وجاء الزوج على وجه السرعة أخذ حقيبته مع حقيبة لأدوات صيد السمك، وأنطلق مسرعاً.
وبعد أسبوع عاد الزوج .. وسألته الزوجة "هل استمتعت برحلتك؟"
أجابها: بكل تأكيد... "نعم كانت رائعة .. ولكن يبدو أنك نسيتي أن تضعي البيجاما الزرقاء".
هنا ابتسمت الزوجة (ابتسامة على صفراء) وقالت: "لا لم أنس أن أضع لك البيجاما الزرقاء، بل هي موجودة في حقيبة أدوات صيد السمك"
________________________________________________________________________
التوقيع
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
