منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 كانط

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

كانط Empty
مُساهمةموضوع: كانط   كانط Emptyالأحد ديسمبر 28, 2014 8:08 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


إيمانويل كانت (بالألمانية: Immanuel Kant) (و قد يكتب عمانوئل كانط) (1724 - 1804) فيلسوف ألماني من القرن الثامن عشر. عاش كل حياته في مدينة كونغسبرغ في مملكة بروسيا. كان آخر الفلاسفة المؤثرين في الثقافة الأوروبية الحديثة. وأحد أهم الفلاسفة الذين كتبوا في نظرية المعرفة الكلاسيكية. كان إيمانويل كانت آخر فلاسفة عصر التنوير الذي بدأ بالمفكرين البريطانيين جون لوك وجورج بيركلي وديفيد هيوم.

طرح ايمانويل كانت منظورا جديدا في الفلسفة أثر ولا زال يؤثر في الفلسفة الأوربية حتى الآن اي تاثير امتد منذ القرن الثامن عشر حتى القرن الواحد والعشرين. نشر أعمالا هامة واساسية عن نظرية المعرفة وأعمالا اخرى متعلقة بالدين واخرى عن القانون والتاريخ.

أما أكثر أعماله شهرة فهو كتابه نقد العقل المجرد الذي نشره سنة 1781 وهو على مشارف الستين من عمره. الكتاب الذي يبحث فيه كانط ويستقصي محدوديات وبنية العقل البشري ذاته. قام في كتابه هذا بالهجوم على الميتافيزياء التقليدية ونظرية المعرفة الكلاسيكية. وأجمل وأبدع مساهمات كانت كانت في هذا المجال بالتحديد. ثم نشر كانت أعمالا رئيسية أخرى في شيخوخته وهي كتابه نقد العقل العملي الذي بحث فيه جانب الأخلاق والضمير الانساني. ثم كتابه نقد الحكم الذي استقصى فيه فلسفة الجمال والغائية.

تطرح الميتافيزيقا أسئلة عديدة حول الحقيقة المطلقة للاشياء. اعتقد كانت أن بالإمكان إصلاح وتهذيب الميتافيزيقا الكلاسيكية عن طريق تطبيق نظرية المعرفة عليها. حيث يمكننا باستخدام هذه الطريقة مواجهة الاسئلة التي تطرحها الميتافزيقا. والاهم من ذلك ان نعرف المصادر التي نستقي منها معرفتنا وان نعرف ما هي حدود المعرفة التي يمكن الحصول عليها.

اقترح كانت أنه بعد ان نفهم ونعرف مصادر وحدود المعرفة الإنسانية والعقلية يمكننا بعد هذا كله طرح اي أسئلة ميتافيزيقية والحصول على اجوبه مثمرة. وسأل كانت سؤالا خطيرا هو هل للاشياء والمواضيع التي نعرفها خصائص معينة سابقة على تجربتنا وعلى احساسنا. واجاب على ذلك بان جميع المواضيع والاشياء التي يمكن للعقل معرفتها تتم بطريقة يختارها العقل. ويضرب مثالا على ذلك انه اذا استعد العقل للتفكير قبل اي موضوع واختار العقل التفكير بطريقة السببية فاننا بالتالي نعلم قبل ان نتعرف على اي موضوع ان الموضوع سيكون اما سببا او يكون نتيجة.

ويصل كانت إلى نتيجه مفادها ان هناك مواضيع لا يمكن للعقل معرفتها عن طريق السببية. ونتيجة اخرى هي ان مبدأ السببية هو طريقة في التفكير لا يمكن ان تستقل عن التجربة والاحساس. ولا يستطيع مبدأ السببية الاجابة عن جميع الاسئلة. ويضرب مثالا للتوضيح وهو هل العالم ازلي ام له مسبب. وبالتالي فان اسئلة الميتافيزياء الأساسية لا يستطيع العقل الانساني الاجابة عنها. لكن العقل يفهم ويعرف ويجيب عن اسئلة العلوم العادية لانها تخضع لقوانينه.

ابتدع ايمانويل كانت نظاما مبتكرا في نظرية المعرفة هو مزيج بين المدرستين التجريبية والعقلية. فاهل المدرسة التجريبية يرون ان المعرفة لا تكون الا من طريق التجربة لا غير. اما اهل الطريقة العقلية فيرون ان نظام الشك الديكارتي وان العقل وحده من يمدنا بالمعرفة. خالفهم كانت في ذلك حيث يرى ان استخدام العقل وحده دون التجربة لا يقود إلى المعرفة بل يقود إلى الاوهام. اما استخدام التجربة فلا تقود إلى معرفة دقيقة ولا تعترف بوجود مسبب أول الذي يعترف به العقل المجرد.

كان فكر ايمانويل كانت مؤثرا جدا في ألمانيا أثناء حياته وبعدها. فكانت نقل الفلسفة إلى مكان اخر ارفع من المناظرة والمجادلة بين الفلاسفة العقلانيين والفلاسفة التجريبيين. تاثر به الفلاسفة الالمان بعده. مثل يوهان جوتليب فيشته وفريدريك شلنغ والفيلسوف الكبير هيغل وآرثر شوبنهاور. وأسس هؤلاء ما عرف بالفلسفة المثالية الألمانية. كل هؤلاء الفلاسفة رؤوا في أنفسهم مصححين وموسعين ومطورين للنظام والفلسفة الكانتية. وهكذا ظهرت نماذج مختلفة من الفلسفة المثالية الألمانية[1]. استمر تاثير كانت وامتد ليكون مؤثرا أساسيا في الفلسفات التي جاءت بعده. فقد كان له تاثير كبير على الفلسفة التحليلية والفلسفة الأوربية القارية[2].

محتويات

1 سيرته الذاتية
1.1 اسرته
1.2 دراسته
1.3 التدريس في الجامعة
1.4 طبيعة شخصيته
1.5 التأثير الفكري
2 نقد العقل المجرد
2.1 نظرية الإدراك الحسي
2.2 فكرة الله
3 أهم مؤلفاته
4 ملاحظات
5 طالع أيضا

سيرته الذاتية
اسرته

ولد إمانويل كانت عام 1724 في مدينة كونغسبرغ عاصمة مملكة بروسيا ذلك الوقت في القرن الثامن عشر، التي اصبحت تسمى اليوم كيلننغراد وتتبع لدولة روسيا. كان الرابع من بين أحد عشر ولدا (ماتوا وهم أطفال إلا أربعة منهم). كان اسمه يكتب باللاتينية "Emanuel" وغير هجاء اسمه إلى "Immanuel" بعد أن تعلم اللغة العبرية. لم يسافر في حياته كلها أبدا ولم يبتعد أكثر من مئة ميل عن مدينته كونغسبرغ.

والده جوهان جورج كانط (1682-1746) كان يعمل في صناعة سروج الخيل في مدينة ميمل شرق مملكة بروسيا (تسمى هذه المدينة الآن كليبدا وتتبع جغرافيا دولة ليتوانيا). أمه، ريجينا رويتر (1697-1737) ولدت في نورمبرغ. هاجر جد كانط من أسكتلندا إلى مملكة بروسيا. وكان والده يملي اسم العائلة على هذا الشكل "Cant".

كان كانط في شبابه طالبا قويا في دراسته ضعيفا في بنيته. تربي في بيت أهله متدينون بشدة. وتربى كانط تربية دينية، وعلى التفاني والإخلاص في خدمة الدين وعلى التواضع مع الناس. ثم أنه نشأ على التفسير الحرفي للكتاب المقدس. تلقى كانط تعليما صارما وقاسيا ومنضبطا. كان يؤثر تعلم اللغة اللاتينية وتعلم الدين على تعلم الرياضيات والعلوم.
دراسته

لما نضج كانط الشاب وبرزت قدراته وبرز تفوقه. ولاحظ ذلك القس فرانز شولتز الذي كان مقربا للعائلة. وما كان من القس الذي ذهل لنضوج كانط المبكر إلا ان أقنع العائلة بإرسال ابنهم إلى الدراسة في المدرسة الفردركية أقوى وأجود المدارس في مملكة بروسيا. وكان القس شولتز يعمل في تلك المدرسة. هناك قضى كانط ثمان سنوات من الدراسة الجادة. كان يدرس ستة أيام في الاسبوع يبدأ يومه الدراسي في السابعة صباحا وينتهي في الرابعة مساء. درس فيها كل لغات ذلك الزمان من اللاتينية واليونانية إلى العبرية والفرنسية. ودرس الرياضيات واللاهوت.

بعد تخرجه بترتيب الثاني على صفه تخرج كانط ابن السادسة عشرة من المدرسة الثانوية. فالتحق بجامعة كونغسبرغ حيث تغيرت اهتماماته واولع بالفلسفة والعلوم. وتأثر تأثرا شديدا بأستاذه مارتن كنوتزن. وكان أستاذه من أتباع المدرسة العقلية أو العقلانية.

قضى كانط سبع سنوات في الجامعة لكنه لم يتخرج بسبب ضائقة مالية ألمت به حيث توفيت والدته سنة 1737 ثم توفي والده سنة 1746. كان على كانط ان يدبر اموره المالية بنفسه. فترك الكلية وأصبح مدرسا خصوصيا لأطفال الأسر الثرية التي تسكن قريبا من مدينته كونغسبرغ. أثناء هذه السنوات كرس وقت فراغه الطويل في الدراسة الذاتية وكتابة أطروحته التي سيقدمها للجامعة.
التدريس في الجامعة

وفي عام 1755 عاد كانط إلى الجامعة مرة أخرى وقدم بحثه وأطروحته. وأعطته الجامعة وظيفة مساعد أستاذ وكانت هذه الوظيفة ذلك الوقت وظيفة من مرتبة متدنية لا تعطي صاحبها البرستيج وليس لها راتب مدفوع إلا رسوم تؤخذ من الطلاب.

في تلك السنوات كان كانط يدرس طلابه في الجامعة قرابة ثمانية وعشرين ساعة في الأسبوع. وأعطي مجموعة كبيرة جدا من المواد والموضوعات لتدريسها. كان من ضمنها مواد الفلسفة وعلم أصول التربية والرياضيات والفيزياء والعلوم الاجتماعية وحتى علم المعادن والجغرافيا. بعد ان ينتهي يومه الدراسي الحافل كان يستمتع بقراءة الجرائد ويجلس على القهوة. وفي المساء كان يلعب الورق والبلياردو. وفي أكثر الأيام يصل كانط إلى بيته بعد منتصف الليل سكرانا كأقل ما يقال. أرغمته الظروف المادية القاسية على العيش ببساطة في شقة مفروشة ليس فيها الا سرير وطاولة وكرسي وكانت جدرانها عاريه الا من صورة معلقه للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو. واضطر كانط إلى ان يشتغل كعامل مساعد في مكتبة عامة تابعة للقصر الملكي ليضيف شيئا من المال إلى مدخوله الضئيل.

طوال ستينات وسبعينات القرن الثامن عشر كان كانط نشيطا جدا في مجال الكتابة فنشر كتبا عديدة وكتب مقالات كثيرة في موضوعات مختلفة. كتب عن العلم وعن الفلسفة والأخلاق والجمال وكتب عن الفلك والمنطق والميتافيزيقا. كان كانط مدرسا محبوبا وله شعبية بين طلابه فقد كانوا يرون ان محاضراته ممتعة فقد كان يلقي كثيرا من النكات المرحة اثناء الدروس. وأخيرا في 1770 أسس كرسي المنطق والميتافيزيقا وأعطته الجامعة راتبا أفضل يمكن أن يعيش به عيشة كريمة.
طبيعة شخصيته

تنامت شهرته عبر البلاد وتلقى عروضا للتدريس من جامعات أخرى بعضها وعدت بأربع أضعاف راتبه. لكنه كان يرفض العروض في كل مرة رفضا قاطعا، كان يرى لزاما عليه أن يبقى في مدينته التي ولد فيها على الدوام. كانت طبيعته انه لا يحب التغيير. لم يكن يقبل أي تغيير مهما كان بسيطا. حتى في بيته فهو لا يحرك الأثاث من مكانه واي تغيير بسيط في ترتيب الاثاث يجعله غير مستقر.

وتروى عن الفيلسوف الالماني حكاية فريدة حدثت في الثمانينات من القرن الثامن عشر وهو في الستينات من عمره. كان معتادا على الكتابة في مكان محدد في بيته عند نافذة مطلة على قبة كنيسة ضخمة. حين يكتب فعيناه على الورق وحين يرفع عينيه فهي على تلك القبة. بعد عدة سنوات زرعت أشجار في حديقة جاره وحجبت الرؤوية من نافذته إلى تلك القبة. بدأ كانط في التململ والقلق ثم وجد نفسه غير قادر على العمل! . ثم حلت المشكلة حين قام جاره الذي كان معجبا بشخصيته ووافق باريحية على تقليم تلك الأشجار ليعود الفيلسوف إلى روتينه وعادته. كان كانط يرفض السفر، عاش حياته كلها دون ان يرى جبلا أو بحرا. مع أن بحر البلطيق كان على مسافة ساعة فقط من مدينته. ويعتقد البعض ان هذه الأوصاف والعادات ذات صلة بمرض الذاتوية.
التأثير الفكري

التأثيرات على تكوين كانط الفكري كانت على ثلاث جهات دينية وسياسية وعلمية. من الناحية الدينية تربى كانط على التقاليد المسيحية المتشددة. وبالتحديد فرقة التقوية المسيحية الذي اشتق اسمها من التقوى والورع وهي حركة بروتستانتية تؤكد على التقوى والزهد والبساطة وعلى قبول المرء لحاله في هذه الحياة وفي نفس الوقت عدم الاكتراث او عدم الاهتمام بالطقوس والشعائر وعدم التعصب لها.

وعلى الجانب السياسي فقد عاش كانط في عصر التنوير وأثر وتأثر بكل معطيات ذلك العصر. بطبيعة الحال كان من المطالبين من أجل حقوق الإنسان وأكد على المساواة بين الناس وفي نفس الوقت دافع عن حكومة بلاده. وتأثر كانط في هذا الجانب تأثرا عميقا بالمفكر والسياسي الفرنسي جان جاك روسو. الذي كان يطرح في كتاباته تساؤلات عميقة عن طبيعة الأخلاق وطبيعة المجتمعات ومشكلة الافراد وفسلفة الفردية.

في جانب العلم الطبيعي درس كانط أعمال وكتابات إسحاق نيوتن التي جعل منها أساسا لمحاضراته في الفيزياء وفلسفة الطبيعية. وفي سنة 1755 نشر نظرية التناوب الشهيرة (بالإنجليزية: vortex theory) التي يوضح فيها أصل العالم ويشرح دوران وتناوب الكواكب. واليوم تعرف هذه النظرية الفيزيائية باسم فرضية كانط-لابلاس. ولابلاس المقصود هو الفلكي الفرنسي بيير لابلاس الذي طور نظرية كانط وطرح نموذجا مشابها لها لكنه طوره بعد ذلك في عام 1796.
نقد العقل المجرد
نظرية الإدراك الحسي

شرح كانت هذه النظرية في كتابه الاشهر الذي صدر عام 1781 "نقد العقل المجرد" الذي يعتبره النقاد في كثير من الاحيان أهم مجلد فلسفي في علم الميتافيزيقا ونظرية المعرفة.

يعتقد كانت ان معرفتنا بالعالم الخارجي لها اساس في التجربة الحسيه ولكن لها ايضا اساس اخر يسميه المعارف القبلية. وفي كلامه هذا نقد ورفض للفهم التجريبي والفهم العقلي معا. ويعتبر كانت نقده هذا ثورة مشابهة لثورة كوبرنيكوس.
فكرة الله

«كان كانت من المؤمنين بالله. إلا أنه يكل الإيمان إلى الضمير ولا يعتمد فيه على البراهين العقلية التي تستمد من ظواهر الطبيعة. فالعقل في مذهب كانت لا يعرف إلا الظواهر الطبيعية Phenomena ولا ينفذ إلى حقائق الأشياء في ذواتها Noumena.» عباس العقاد.

«أين نجد إذا هذا المبدأ المتعالي على التجربة؟ أنجده في الدين والأوامر الإلهية، وهي سلطة خارجة عن العقل؟... إنما نريد مبدأ آخر جديدا يعلو على التجربة ويفوقها، لكنه من جهة أخرى لا يخرج عن العقل ونطاق ذاتيته. ووجد كنت هذا المبدأ، وسماه "الواجب"» عبد الرحمن بدوي.

ذكر كانت في كتابه نقد العقل العملي عن ضرورة الاعتقاد بوجود الله. وان وجود الله فكرة يبعثها العقل المجرد. لكن كانت يقول بالنص الذي يبدو عائما ومموها : ليس لدينا سبب وجيه يدفعنا للتسليم بهذه الفكرة تسليما مطلقا. ثم يحوال تلطيف هذا التصريح بقوله ان فكره الله لا يمكن عزلها عن فكره السعادة وفكرة الفضيلة وان فكرة الله مرتبطة دائما بمفهوم المثال الاسمى او مفهوم الخير.

والربط بين هذه المفاهيم اساسي جدا لايجاد عالم ذا اخلاق. وهذا الربط ضروري من الناحية العملية ايضا. ويدل على هذا قول الفيلسوف الفرنسي فولتير: "لو ان الله ليس موجودا فسيكون ضروريا اختراعه".

في كتابه "محاضرات في المنطق" الذي نشر سنة 1800 كتب كانت: "لا يمكن لأحد منا تقديم حقيقة موضوعية لأي فكرة نظرية[3] أو تقديمها عدا فكرة الحرية لأن هذا شرط القانون الأخلاقي الذي حقيقته مسلمة. حقيقة فكرة الله يمكن أن تقدم فقط بطريقة هذه الفكرة، من ثم فقط مع غاية عملية، مثلا التصرف كما لو الله موجود، من ثم فقط لهذه الغاية".
أهم مؤلفاته

نقد العقل الخالص Kritik der reinen Vernunft
نقد العقل العملي، Kritik der praktischen Vernunft، وهو يتعلق بالأخلاق
نقد القدرة على التحكيم، Kritik der Urteilskraft، وهو متعلق بالجمال والغاية.

ملاحظات

^ هي مزيج فكري في تاريخ الفلسفة الحديثة. بدايتها وأساسها قدمه الفيلسوف إيمانويل كانت. في نقاش القضايا وإثارة المشكلات بشكل رئيسي بين أعوام 1781 (صدور نقد العقل المجرد) و1831 (موت هيغل) كانت وفرة من الأنظمة البديلة في قيادة الفكر الفلسفي العميق والشروط الميتافيزيقية العالية
^ ظهرت في القرن التاسع عشر والعشرين وعند المتحدثين الإنجليزية في النصف الثاني من القرن العشرين، تشمل هذه الفلسفة الحركات التالية: المثالية الألمانية، الظاهراتية، الوجودية (ومفكريها السابقين مثل كركغارد ونيتشه) التأويلية، البنيوية، ما بعد البنيوية، النظرية النقدية لمدرسة فرانكفرت وعدة فروع أخرى للماركسية الغربية
^ يعرف كانت المعرفة النظرية بأنها "معرفة ما يكون" أما المعرفة العملية فهي "تصور ما يجب أن يكون" كما جاء في كتاب نقد العقل المجرد

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأحد ديسمبر 28, 2014 8:10 am

ايمانويل كانط او ايمانويل كانت (Immanuel Kant, نطق ألمانى: [ɪˈmaːnu̯eːl ˈkant])‏ (1724 - 1804) كان فيلسوفاً من القرن التامن عشر.ولد فى بروسيا التي تعرف حالياً(المانيا.يعتبر آخر فيلسوف أثر فى اوروبا الحديثة من خلال التسلسل الكلاسيكى لنظرية المعرفه التي بدأت فى عصر التنوير الذي بدأ أبيضاً بمفكريين و فلاسفة مثل جون لوك و ديفيد هيوم و فولتير وخلص كانت. كانط نشر اعمال مهمه عن نظرية المعرفه و حاجات متعلقه بالدين و التاريخ و القانون,من اشهر اعماله هو كتابه نقد العقل المجرد الذى هو عباره عن بحث عن محدوديات و بنية العقل نفسه. كانط كانط ينضر إلى ان فلسفته وجد حل وسط ما بين الفلاسفه المؤمنين ب العقلانيه و التجريبيه. الفلاسفه التجريبيين زى جون لوك و ديفيد هيوم, كانو يظنون ان المعرفه تأتي عن طريق التجربه وحدها, و لكن الفلاسفه العقلانيين مثل رينيه ديكارت و افلاطون, يرون ان العقل هو الذى يقدر أن يدل الواحد للمعرفه لوحده, مع ان الطرفين اتفقوا ان استخدام العقل بدون تجرببة او تنفيذ يعتبر وهم. افكار و فلسفة كانط اثرت فى المانيا وهو عايش ولا زالت مؤثره لحد دلوقتى و فلاسفه مثل هجيل صححوا و طوروا أفكار و فلسفة كانط. كانط كان من المؤمنيين بالتنوير و كاتب اشهر شرح للتنوير باسم ايه هو التنوير.
التنوير

كانط بيعتبر اخر فيلسوف من فلاسفه عصر التنوير, و كتب اشهر شرح للتنوير لما أجاب على سؤال ما هو التنوير و اجابته كانت "ان التنوير هو خروج الإنسان من مرحلة القصور العقلى و بلوغه سن الرشد العقلى, و قصده بالقصور العلقى ان الانسان يتبع الناس التانيه و كلامهم و يردده وممكنأن يحارب وهو لم يفهمه و انه قبل كل صغيره او كبيره يذهب يسئل حد سؤاء كان راجل دين او سياسى و انه لم بيقدر في التفكير او ياخد قرار من غير ما يتئثر بكلامالناس و افكارهم التانيه وهولملا يفهمها," كانط رفض كلام الناس الذى كانوا يقولون عن ان التنوير ضد الدين او عكسه و ان مينفعش واحد يبقى تنويرى و متدين فى نفس الوقت, كانط شاف ان حدود العقل بتبتدى بحدود الايمان و ان الايمان بيحدد العقل و الايمان بدون عقل ميبقاش ايمان, و حذر الناس انهم يسمعوا و يرددوا كلام رجال الدين بدون تفكير و منغير ما هما فاهميين و الاخد بالتحريمات بدون اى تفكير و تنفيذ كلام اللى فى السلطه بدون مناقشه و كلامه دا هو الصح و خلاص... قال كانط لو الناس عملت الحاجتين دول عمرهم ما حيتقدموا ولا حيتصلح حالهم. كانط لخص كلامه عن شرح التنوير بقوله "خليك شجاع و شغل عقلك...دا عنوان و مفتاح التنوير" قال كمان ان الانسان الجبان و الكسلان هما اللى بيقصدوا يبقوا فى سبات عقلى مدى الحياه مع ان ربنا مدى للانسان عقل عشان يستخدموا, بس الناس دى بتقعد و بتسئل رجال الدين عن كل صغيره او كبيره فى الحياة نفسها مش فى حاجات مهمة يعنى, و يسمعوا كلام ناس بتتكلم عن موضوع مش فاهمينه و بيخدوا الكلام دا مهما كان غلط و يبعودوا يكرروه و بيرفضوا اى حد بيحاول يقولهم عن معنى الحاجه دى غير لما سمعوه اول مرة. كانط كان شايف ان نوعية الناس دى هى سبب كل المصايب اللى بتحصل للمجتمع اللى قاعدين فيه.


فلسفة كانط الأخلاقية (الواجب)


نشأ إمانويل كانط "1724- 1804م" في بيئة متدينة إذ كان والداه ينتميان إلى شيعة بروتستانتية تستمسك بالعقيدة اللوثرية، وتؤمن بأن موضع الدين الإرادة لا العقل، وأنه لابد من أن يؤيد الإيمان بواسطة الأعمال، وتنظر إلى المسيحية إلى أنها تقوى ومحبة لله بينما ترى في اللاهوت "علم الكلام المسيحي" تفسيرًا مصطنعًا أقحم على المسيحية، وقد تأثر كانط بهذه العقيدة في فلسفته، وقال في فلسفته "أردت أن أهدم العلم بما بعد الطبيعة لأقيم الإيمان"[1].



وفي مذهبه الأخلاقي استبعد مذهب السعادة الشخصية، لأنه يرد الخير إلى اللذة والمنفعة، كما أنه يعجز عن استخراج قانون كلي ضروري من أنواع الحساسية الجزئية المتغيرة، ولا يضع تمييزًا بين بواعث الرذيلة، ولم يوافق أيضًا على مذهب العاطفة الأخلاقية مع اعترافه بالفضيلة أولًا وبالذات، ولكنه في الوقت نفسه استبدل بالمنفعة الحسية الرضا النفسي، ولجأ أنصاره إلى العاطفة ليأسهم من العقل "ولم يقدروا أن العاطفة متغيرة نسبية لا تصلح مقياسًا للخير والشر"[2].



إنه مع تسليمه بأن الإنسان يسعى إلى بلوغ السعادة، إلا أن فكرة السعادة قد بلغت من عدم التجديد مبلغًا جعل كل إنسان يعجز عن التعبير عما يشتهيه بالرغم من رغبته في تحقيق السعادة لنفسه، ذلك لأن العناصر المختلفة للسعادة مستمدة من التجربة، ومن ثم فإنه من المستحيل على كائن متناه - وهو الإنسان - وإن ظن أنه أحكم المخلوقات وأشدها قوة أن يكون فكرة محددة عما يريده على وجه الدقة من وجوه على هذه الأرض، فإن أراد الثروة مثلًا فإنه سرعان ما يتعرض للحسد والدس والوقيعة، وإذا سعى إلى المزيد من المعرفة والبصيرة، فربما أدى ذلك إلى أن يزيد بصره نفاذًا إلى الشرور التي تتوارى عنه في حالته الراهنة، وإذا اشتهى عمرًا طويلًا، فمن يضمن له ألا يكون شقاء طويل الأجل؟ وكذلك في طلبه للصحة، فربما كان اعتلال الجسد عاصمًا من إفراط كان سببًا في وهن الصحة الكاملة "إنه على الجملة عاجز عن أن يحدد بيقين تام، وبمقتضى مبدأ من المبادئ ما يمكن أن يوفر له السعادة الحقة، لأنه سيحتاج حينئذ إلى المعرفة الكلية التي تحيط بكل شيء، وإذن فليس في استطاعة الإنسان لكي يحصل على السعادة أن يراعي في أفعاله مبادئ محددة وإنما عليه أن يتبع نصائح تجريبية"[3].



لقد كان كانط في مقدمة القائلين بوجهة النظر المثالية، فأراد أن يحرر السلوك الأخلاقي من قيود الميول والأهواء، ولهذا استبعد اللذة والمنفعة والسعادة غاية قصوى لأفعال الإنسان الإرادية، إذ جعل الباعث يقوم في الإرادة نفسها، وبذلك ارتدت عنده الأخلاقية إلى مبدأ الواجب[4].



ويقدم لنا بعض الواجبات بحعسب تقسيمها إلى واجبات نحو أنفسنا وواجبات نحو غيرنا وهي:

1- لنضرب مثلًا حالة رجل بلغ به اليأس حدًا قرر معه أن يضع حدًا لحياته، فإذا ما بحثنا إن كان من الممكن أن يصير فعله قانونًا طبيعيًا عامًا؟



والمشكلة حينئذ هي أنه هل يمكن أن يتحول مبدأ حب الذات هنا إلى قانون طبيعي عام؟ "ولكن اللإنسان سرعان ما يدرك أن الطبيعة التي يهدف قانونها إلى تحطم الحياة عن طريق الإحساس الذي تقوم وظيفته على دفع عجلة التطور في الحياة، إنما تناقض نفسها بنفسها ولا يمكن أن تحتفظ تبعًا لذلك بما يجعلها طبيعية، وأن من المستحيل على تلك المسلمة أن تصبح قانونًا طبيعيًا، وأنها نتيجة لذلك كله تناقض المبدأ الأعلى للواجب مناقضة تامة"[5] أي أن الانتحار يستحيل أن يصبح قانونًا طبيعيًا.



2- الحالة الثانية: حالة امرئ احتاج إلى اقتراض مبلغ من المال بينما يعلم أنه لن يتمكن من سداده، وتتنازعه الرغبة في عدم السداد، ولكن سرعان ما يقف في وجهه وازع الضمير لينبهه إلى تحريم الالتجاء إلى هذه الطريقة لحل ضائقته المالية.



وحتى إذا كان هذا المبدأ عادلًا، فإنه لن يصبح بأي حال من الأحوال قانونًا طبيعيًا عامًا "وذلك لأن التسليم بقانون عام مؤداه أن كل إنسان يعتقد أنه في ضائقة يستطيع أن يعد بما يخطر على باله، مع النية المعقودة على عدم الوفاء بهذا الوعد سيجعل الوعد نفسه والغاية التي يطمع في تحقيقها عن طريقه أمرًا مستحيلًا، إذ لن يصدق أحد ما يبذل له من وعود"[6].



3- أمر ثالث: يتمتع بكثير من المواهب ويحتاج معها إلى التثقيف والتهذيب ولكنه يهملها ساعيًا وراء اللذات بدلًا من بذل الجهد في تنمية استعدادته الفطرية وتحسينها، ثم سرعان ما يتبين له أن نزعته الطبيعية إلى التمتع باللذات لا تتفق مع ما يسمى بالواجب. كما لا يمكن أن تصبح قانونًا طبيعيًا عامًا "ذلك لأنه بما هو كائن عاقل، يريد بالضرورة أن تنمى جميع ملكاته لكونها نافعة له، ولأنها أعطت له ليبلغ ألوانًا عديدة من الغايات والأهداف"[7].



4- أما الرابع: الذي توافرت له أسباب الحياة الرغدة فإنه ينظر إلى من حوله من المكافحين دون أن يمد لهم يد المساعدة مع مقدرته على ذلك، بل لا يرغب في تحقيق السعادة لهم بمعاونتهم بالمال أو الوقوف إلى جانبهم في أوقات الشدة إن مجرد إرادة أن يتحول ذلك التصرف إلى قانون طبيعي عام تناقض نفسها بنفسها "فقد يحدث في كثير من الحالات أن يحتاج مثل هذا الإنسان إلى حب الآخرين وعطفهم، وأن يجد نفسه محرومًا من كل أمل في الحصول على المساعدة التي يتمناها، إذ يحول بينه وبينها ذلك القانون الطبيعي المنبثق من إرادته ذاتها"[8].



ومن هنا نستطع أن نتبين أفعال الواجب التي يحددها كانط على النحو التالي:

إن محافظة الإنسان على حياته واجب، والإحسان واجب، وتأمين الإنسان لسعادته الذاتية واجب غير مباشر، ومحبة الجار ولو كان عدوًا واجب[9].



وهكذا فإن الأفعال الإنسانية لا تكون خيرًا إلا إذا صدرت عن واجب، لا عن ميل مباشر أو رغبة في تحقيق مصلحة شخصية، فإذا أدى الإنسان واجبًا - كإنقاذ غريق - فإنه لكى يصبح تصرفه أخلاقيًا ينبغي أن يكون باعث الواجب من بين عدة بواعث هو الكافي للإقدام على الفعل، ومع إقرار العواطف النبيلة كعامل مساعد لإتيان الأفعال الخيرة فإن غرسها في النفس يعد واجبًا أيضًا "فإن العالم يفتقد من اتخاذ السعادة غاية مباشرة لأفعالنا. إن علينا واجبًا غير مباشر يقضي بالبحث عن سعادتنا"[10].



تعريف الواجب:

ولكن ما هو تعريف كانط للواجب؟

إنه يصفه بأنه "ضرورة القيام بفعل عن احترام للقانون"[11].



والإنسان ليس في حاجة إلى علم ولا فلسفة لكي يعرف ما ينبغي عليه أن يفعل لكي يكون أمينًا وخيرًا[12]، وإن معظم أفعالنا تتفق مع الواجب[13] ذلك لأن المبادئ الأخلاقية هي مبادئ قبلية بحتة "خالصة من كل عنصر تجرييي، وأنه لا يمكن أن نجدها أو نجد أقل جزء منها إلا في تصورات العقل الخالصة"[14].



ومن السهل علينا أن نفرق بين الأفعال التي تصدر عن شعور بالواجب والأخرى التي تنبع عن حرص أناني على المصلحة. مثال ذلك أن التاجر الفطن يتحاشى رفع سعره ويحافظ على مستوى سعر ثابت للجميع بحيث يستطيع أن يشتري بها الطفل وأي إنسان آخر، وهنا لا محيص من الاعتراف بأنه يعامل المشترين بأمانة، ولكن لا يكفي هذا للاستدلال عن صدور فعله التزامًا بمبادئ الواجب، لأن مصلحته قد اقتضت ذلك، ولا نستطيع افتراض أنه يتصرف مع عملائه بوحي من عاطفته نحوهم "وإذن فلم يصدر هذا السلوك لا عن واجب، ولا عن ميل مباشر، بل كان الباعث عليه هو المصلحة الذاتية وحدها"[15].



وعلى العكس من ذلك - كما تبين لنا آنفًا أن محافظة الإنسان على حياته واجب بالرغم من إحساسه أحيانًا بالتعاسة والهزيمة والهوان وتمني الموت، فمحافظته على حياته بالرغم من كل هذه الظروف صادر عن مسلمة ذات مضمون أخلاقي.



وكذلك الإنسان الذي يحسن إلى الغير منفلتًا من همومه الذاتية التي تقضي على كل مشاركة وجدانية للآخرين، وصرفه معاونتهم عن الانشغال بشقائه الشخصي فإن تصرفه هذا يصدر عن شعور بالواجب. وكذلك يأتي تأمين الإنسان لسعادته من قبيل الواجب بطريق غير مباشر "ذلك لأن عدم رضا المرء عن حاله وتزاحم الهموم العديدة عليه ومعيشته وسط حاجات لم يتم إشباعها قد تكون إغراء قويًا له على أن يدوس على واجباته"[16] ولكن لابد من أن تكون قاعدة تحقيق السعادة مصحوبة بأضرار تلحق ببعض الميول؛ ويصدر التصرف إذن لا عن ميل بل عن إحساس بالواجب[17].



ومن هذا يتضح أن السمات الرئيسية للواجب تتحدد وفقا للقواعد الثلاث الآتية:

أولها: أنه تشريع كلي وقاعدة شحاملة، وتكمن قيمة الواجب في صميم الواجب نفسه بصرف النظر عن أية منفعة أو فائدة أو كسب مادي، وعلى هذا فإن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يفعل مع معرفته بأن "قيمة الفضيلة إنما تزيد كلما كلفتنا الكثير، دون أن تعود علينا بأي كسب"[18].



الثانية: أن الواجب منزه عن كل غرض، فلا يطلب لتحقيق المنفعة أو بلوغ السعادة وإنما ينبغي أن يطلب لذاته، أي ينبغي أن نؤدي واجبنا "فليست الأخلاق هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون سعداء بل هي المذهب الذي يعلمنا كيف نكون جديرين بالسعادة"[19].



والسمة الثالثة: للواجب أنه قاعدة غير مشروطة لفعل، أي أنه قانون سابق، أو حكم أولي سابق على التجربة[20].



ويشترط للواجب شرطين هما الحرية وازدواج الطبيعة البشرية:

الحرية وازدواج الطبيعة البشرية:

يذهب كانط إلى القول بأن الالتزام الخلقي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشعور بالحرية، وينبغي علينا أن نوضح كيف وصل هذا الفيلسوف إلى فكرته عن الحرية بتحليله للطبيعة البشرية وإثبات ازدواجها.



إن الحديث عن مصدر الإلزام في فلسفته وثيق الصلة بفلسفته الميتافيزيقة في تصور الكون. فالعالم عنده عالمان:

أحدهما: عالم الأشياء كما هي في ذاتها.



والعالم الثاني: هو عالم الأشياء التي تبدو لنا وهو يختلف عن الأول، مثال ذلك أن الرجل الذي ولد على عينيه منظار أزرق اللون مثلًا يرى كل شيء مصطبغًا بهذا اللون، وكذلك العقل، فإنه يضيف إلى الأشياء صفات الكم والكيف كون الشيء علة أو معلولًا، يشغل حيزًا من المكان أو الزمان "بهذا لا ندرك قط شيئًا على حقيقته، وإنما ندركه كما يبدو لنا"[21].



والإنسان لا يخرج عن نطاق العالم الذي أنشأه وصوره له عقله أو على الأقل ساهم في إنشائه.



وبالمقارنة بين العالم والإنسان، فإن للإنسان بدوره مظهرين أحدهما: يتمثل في ذاته التجريبية التي تربطه بعالم الأشياء كما تبدو.



والإنسان بهذه الصفة له طبيعة مزدوجة أي يخضع مع غيره من المخلوقات لقوانين العلية التي تحكم العالم الفيزيقي "أي الطبيعي" والعومل الجبرية تتصل باستعداداته السيكلوجية والفسيولوجية والجنس الذي انحدر عنه، والطبقة المنتمي إليها والبيئة التي نشأ فيها والتربية التي تدرج بها، ولكن مع هذا، فإن الإنسان ليس كالجماد والحيوانات التي لا تستطيع بطبيعتها أن تتصرف على غير الذي تصرفت عليه فعلًا، وإنما هو يتميز عنهما - كما يتميز عن الظواهر الطبيعية - بظاهرة ينفرد بها دون غيره من الكائنات، لأنه الكائن الوحيد الذي يعد من جهة خاضعًا للسنن الطبيعية ونظمها خضوعًا كاملًا ويعد من جانب آخر مزود بدوافع ورغبات تملي عليه ما يأتيه من تصرفات. إنه يتميز بالشعور "بما ينبغي" أن يفعله، أي أن الإنسان وحده "هو الذي يشعر بإلزام يوجب عليه أن يتصرف وفقًا لمبدأ"[22].



وهنا يبدو المظهر الثاني للإنسان، وهو انتماؤه إلى عالم الحقائق في ذاتها، وحينما يشعر الإنسان بالإلزام الخلقي، إنما يستلهمه من مثل أعلى متحررًا من آثار الوراثة وقيود البيئة ومواضعات الظروف، متجردًا عن العالم الطبيعي، متخلصًا من الجانب الذي يربطه بالعالم كما يبدو، مرتفعًا إلى عالم الحقائق في ذاتها "وعندئذ يتصرف ككائن أخلاقي، فيخضع سلوكه لمبدأ الواجب، ويزاول أفعاله بإرادة حرة، ولا يتقيد بغير نفسه التي تعتنق مبدأً أخلاقيًا تدين له بالولاء"[23].



نقد المذهب:

يتجاهل كانط الغالبية من البشر بمكوناتهم المذهبية والعاطفية الذين يسعون بتصرفاتهم وسلوكهم إلى غايات تختلط فيها الأهداف بتحقيق منافع أو بحث عن سعادة، أو تحكم أعمالهم دوافع الرجاء أو الخوف، وتتعدد واجباتهم بتعدد الأحوال والعلاقات.



إن قانون الواجب الصارم يصلح فقط لقلة خاصة من ذوي الإرادات الحديدية الذين لا يحققون من سلوكهم إلا عمل "الواجب فحسب، حتى لو أدى ذلك إلى تضحيات بالمال والوقت والراحة وغيرها".



إن هذه الصيغة الكانطية التي تقيم الإلزام على أساس "شكله المحض" المجرد عن مادته[24] هذه الصيغة يصعب الانقياد لها في كل الأحوال.



ويقول الدكتور دراز "الواجب الكلي العام، فلنقبله، ولكن ينبغي أن نفرق بين درجات كثيرة من العمومية فإن لها امتدادًا بقدر ما لها من مفاهيم:

الواجب الأبوي والأموي، والزوجي، والبنوك، واجبات الرياسة والصداقة والمواطن والإنسان واجب العمل وواجب التفكير وواجب المحبة".



ويتساءل بعد ذلك "وهل من حقنا أن نقول لرئيس أن يعامل من هم أعلى منه رتبة معاملته لمرؤسيه؟ وأن نطلب إلى زوج أن يعامل كل نساء الدنيا كما يعامل زوجته والعكس؟"[25].



ثم يطرح لنا البديل في تنفيذ أوامر الشرع ونواهيه وهي التي تجعل المؤمن لا يذعن للواجب "كفكرة" أو "ككائن عقلي" ولكنه يذعن له من حيث هو صادر عن الله تعالى الذي زودنا بالعقل وأودع فيه الحقائق الأولى، بما في ذلك الحقيقة الأخلاقية في المقام الأول.



وبذلك نكون قد انتهينا من عرض بعض المذاهب الأخلاقية عند الفلاسفة، ويصبح موضوعنا في الباب الثاني عن المذاهب الأخلاقية في الفكر الإسلامي.



________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأحد ديسمبر 28, 2014 8:12 am

إيمانويل كانط:
جاء بفلسفة متجاوزة للفلسفات السابقة عليه (كان الفلاسفة في عصر كانط لا يرون سوى مصدرين للمعرفة ،اما التجربة" الاتجاه التجريبي" والذي كان ينطلق من الحواس الى الفكر ، او الفهم المنطقي " الاتجاه العقلي" والذي كان ينطلق من العقل اولا 0
اطلق كانط على فلسفته اسم الفلسفة الترنسندنتاليه المتعالية( متعالية لانها تجاوزت الفلسفات السابقة عليها ، ومؤداها رفض الدوجماطيقية ( الجمود) الموجودة لدى كل من الطبيعيين والعقليين ، فحاول اقامة فلسفة تتوسط كلتا الفلسفتين ، وحاول أيضاً التوفيق بين الفكر والعلم ، لكنه ظل فيلسوفا مثاليا معتقدا باسبقية الماهية على الوجود ،لكنها أسبقية منطقية وليست زمانية ،
يقول كانط: ان العقل هو القدرة التي تمنحنا مبادئ المعرفة القبلية ، فان العقل المحض هو ذاك الذي يتضمن مبادئ معرفة شئ ما على نحو قبلي تماماً 0( عمانويل كانط ، نقد العقل المحض ، ترجمة موسى وهبة ،بيروت ، مركز الإنماء القومي ص54) 0
اعتبر كانط ان بعض المعارف تتجاوز حتى حقل جميع التجارب الممكنة ، وهو بذلك أسس فلسفة تأخذ بالحسبان حدود العقل البشري وإمكاناته ، لان العقل البشري عنده يستطيع تقديم أفكار لا تقدمها التجربة ، وأنها ليست من الفطرة ، واطلق عليها الأحكام القبلية التركيبية( قال كانط بوجود أحكام قبلية تركيبية يتوقف عليها إمكان العلم الرياضي والطبيعي الخالص ، وإمكان الفلسفة بوصفها علما 0حاول كانط بمثاليته عقلنة الواقع ، ليبدو هذا الواقع ممكنا من الناحية العقلية 0
كانط( 1724-1804 اهم مؤلفاته نقد العقل الخالص - ونقد العقل العملي - نقد ملكة الحكم )

عاش الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في القرن الثامن عشر في مرحلة نضوج الفكر البرجوازي الأوروبي القائم على الفردية و الشك بسلطة الكنيسة و رفض مبدأ الشرعية الملكية النابعة من السلطة الكنسية او الإلهية, كان كانط يتبع للنهج العقلاني في الفلسفة و المعارف و هو فكر ينص على أن الحقائق يجب معرفتها من خلال التحليل المنطقي و الأستنتاج العقلي, على عكس الفلسفة التجريبية التي تنص على أن المعرفة تأتي من خلال الحواس و التجربة. طرح كانط مقالته الشهيرة (ما هو عصر التنوير) قبيل تحولات اجتماعية وسياسية كبرى في أوروبا و خصوصا الثورات البرجوازية (مثال الثورة الفرنسية) هذه المقالة كانت تمثل نهجا فكريا في طريقه للنضوج و نظام اجتماعي و عالمي جديد قائم على العقلانية (Rationalism) كالسلطة المطلقة.

ما هو عصر التنوير

ما هو عصر التنوير؟ هو خروج الإنسان من حالة القصور التي يبقى هو المسؤول عن وجوده فيها. والقصور هو حالة العجز عن استخدام الفكر، عند الإنسان، خارج قيادة الآخرين. والإنسان [القاصر] مسؤول عن قصوره لأنّ العلَّة في ذلك ليست في غياب الفكر، وإنما في انعدام القدرة على اتخاذ القرار وفقدان الشجاعة على ممارسته، دون قيادة الآخرين. لتكن تلك الشجاعة على استخدام فكرك بنفسك: ذلك هو شعار عصر التنوير.

إن الخمول، والجبن، هما السببان اللذان يفسِّران وجود عدد كبير من الناس قد حررتهم الطبيعة منذ زمن بعيد من قيادة غريبة [عنهم]، لكنهم ظلوا قُصِّرًا طوال حياتهم عن رضا منهم، حتى لَيَسْهُل على غيرهم فرضُ الوصاية عليهم. وما أسهل أن يبقى المرء قاصرًا. فإذا كان لدي كتاب يحتل عندي مكان الفكر، وقائد يعوِّض الوعي فيَّ، وطبيبٌ يقرر لي برنامج تغذيتي، الخ... فلا حاجة لي في أن أُحمِّل نفسي عناء [البحث]، ولا حاجة لي في أن أفكر ما دمت قادرًا على دفع الثمن لكي يُقْبِل الآخرون على هذه المشقة المملة.

إن الأغلبية الكبيرة من الناس (بما في ذلك الجنس اللطيف إجمالاً) تعتبر تلك الخطوة نحو الرشد عظيمة الخطر، فضلاً عن أنها أمر مرهق. ويساعدهم على القبول بحالة القصور هذه، أولئك الأوصياء الذين آلوا على أنفسهم ممارسة سلطة لا تطال على الإنسانية. فبعد أن أطبقوا [سجن] البلاهة على قطعانهم وعملوا على مراقبة هذه المخلوقات الهادئة مراقبة دقيقة، حتى لا تسمح لنفسها بالمُجاسرة على أدنى خطوة خارج الحقل الذي حشرت فيه، أظهروا لها الخطر الذي يهددها إن هي غامرت بالخروج وحدها. لكن الخطر ليس كبيرًا في حقيقة الأمر لأنها [لو أقدمت عليه] فسوف تتعلم السير، بعد عثراتٍ قليلة. إلا أن مثل هذه الكبوات يولِّد الاحتراز وعادة ما يَحْمِلنا الخوف، الذي ينتج عن ذلك، على العدول عن محاولة أخرى. لذلك فإنه من العسير على أي شخص بمفرده الإفلات من حالة القصور التي كادت أن تصبح طبيعة فيه، إذْ صار يرتاح إليها، غير قادر في هذه الفترة على استخدام فكره الخاص، وقد حرم من فرصة المحاولة. فالمؤسسات والصِّيغ [الجامدة]، أي تلك الآلات المختصة باستعمال العقل، أو بتعبير أدق، باستعمالٍ سيء للمواهب الطبيعية هي الجلاجل التي عُلِّقت على أرجل القاصرين، في حالة القصور التي مازالت قائمة. وحتى إذا تخلص أحدهم من هذه الجلاجل فهو لا يستطيع القيام بقفزة غير واثقة من فوق أصغر الأخاديد، لأنه لم يتعود بعد على تحريك ساقيه بحرية. لذلك فإن قِلَّة من الناس توصَّلت من خلال إعمال ذهنهم الخاص إلى الانعتاق من حالة القصور والقدرة على السير بخطوة ثابتة. أما أنْ يستنير جمهورٌ بنفسه فهذا يدخل أكثر [من أن يستنير شخص بمفرده كما تبيِّنه الفقرة السابقة (المُعرِّب)] في حيز المحتمل، بل إن هذا الاحتمال لا يمكن تجنبه إذا ترك للجمهور قَدْر كافٍ من الحرية، إذ لابد من وجود عدد من الناس يفكرون بأنفسهم ضمن الأوصياء الرسميين على الجُموع، أولئك الذين تخلصوا من نير حالة القصور، وطفقوا ينشرون بين الناس روحًا تجعلهم يقدرون قيمتَهم الخاصة، وجُنوحَ كل إنسان إلى التفكير بنفسه. وعلينا أن نلاحظ أن الجمهور الذي كان تحت سلطة هؤلاء الأوصياء سوف يجبرهم [بعدد أن تحرر منهم] على البقاء في وضع أدنى حين يدفعه بعضٌ من الأوصياء الآخرين، ممن عجز عن التمتع بمزايا التنوير، إلى الانتفاضة العنيفة، وذلك يدلُّنا على مضارِّ الأحكام المُسبَّقة والتي تنتقم ممن زرعها أو ممن سيأتي بعده، لأن الجمهور لا يصل [مرحلة] التنوير إلا على مَهل: فبإمكان الثورة أن تُسْقِط الاستبداد الفردي، والاضطهاد المستغِل، أو الطموح، ولكنها لن تأتي أبدًا بإصلاح حقيقي لطريقة التفكير، بل تولِّد، بالعكس، أحكامًا مُسبَّقة [جديدة] تشكل مع الأحكام المسبقة القديمة تخومًا تفصل الثورة عن الجموع الكبيرة المحرومة من التفكير.

أما بالنسبة للتنوير فلا شيءَ مطلوبٌ غير الحرية، بمعناها الأكثر براءة، أي تلك التي تُقْبِل على استخدامٍ علني للعقل في كل الميادين. إلا أني أسمع الآن وفي كل اتجاه من حولي صيحة تقول: "لاتفكروا". فالضابط يقول: "لاتفكروا.. عليكم أن تنفِّذوا..."، والمسؤول المالي يقول: "لا تفكروا عليكم أن تدفعوا"، ورجل الدين يقول: "لا تفكروا عليكم أن تؤمنوا" (هناك سيد واحد في العالم يقول: "فكروا قَدْرَ ما تشاؤون، وفي ما تشاؤون، ولكنْ عليكم أن تطيعوا.) في كل مكان يوجد تحديد للحرية. ولكن أي تحديد يناقض التنوير؟ وما هو التحديد الذي لا يناقضه بل والذي يمكن أن يكون لصالحه؟ أجيبُ فأقول إن الاستخدام العام لعقلنا لابد أن يكون حُرًا في جميع الحالات، وهو الذي يستطيع وحده أن يأتي بالتنوير إلى البشر، غير أن الاستخدام الخاص لعقلنا لابد أن يخضع لتحديد صارم جدًا دون أن يكون ذلك من الموانع المحسوسة في طريقة التنوير.

وأقصد بالاستخدام العام لعقلنا ذلك الذي يقوم به المرء حين يكون عالِمًا، في اتجاه الجمهور الذي يقرأ. أما الاستخدام الخاص [لعقلنا] فهو الذي يعطينا الحق في ممارسته والعمل به من موقع مدنيّ، أو أي وظيفة محددة تم تكليفنا بها، إذ يوجد، ضِمنَ مسائل عديدة تخص المصلحة العامة للمجموعة، جهازٌ آلي معيَّن يحتِّم على بعض من أعضاء هذه المجموعة القيام بحركات لا إرادة لهم فيها، توجهها الحكومة - بفضل إجماع اصطناعي- نحو [تحقق] الأهداف العامة أو- على الأقل- لكي تمنع القضاء على هذه الأهداف. هنا لا يُسمح بالتفكير، بل تجب الطاعة. ولكنْ إذا كانت هذه القطعة من الجهاز الآلي عضوًا في المجموعة، أو في المجتمع المدني العالمي، بصفته عالَمًا في الوقت نفسه، وإذا توجَّه هذا العضو بكتابات استند فيها إلى فكره، ففي هذه الحال يمكنه أن يستخدم عقله دون أن يؤثر ذلك على الشؤون التي كُلِّف بها خلال جزء من وقته كعنصر سلبي. وأن يرغب الضابط، الذي تلقى أمرًا من رئيسه، في إعمال عقله ضمن مهمته للبحث عن جدوى هذا الأمر أو فائدته، فهذا أمر خطير ولابد لهذا الضابط أن يمتثل. ولكنْ إذا أردنا أن نكون مُنصِفين [نقول] أن لاشيء يَحْظر عليه، إذا كان عالِمًا، إبداءَ ملاحظاته حول الأخطاء الواردة في الجهاز الحربي وتقديمَ هذه الملاحظات لجمهوره حتى يحكم فيها. ولا يمكن للمواطن أن يرفض أداء الضرائب المفروضة عليه سيِّما وأنّ نقدًا لاذعًا لهذه الواجبات، إنْ لزمه قبولها، يعرِّضه للعقاب، بسبب الفضيحة التي يمكن أن تتولد [عن نقده] (وما ينجرُّ عن ذلك من اضطراب شامل في النظام)، أما وقد وضعنا هذا التحفُّظ، فلا نرى تناقضًا مع الواجبات إنْ عبَّر هذا المواطن - بوصفه عالِمًا - وبصفة علنية عن نظرته في رعونة ذلك النوع من الجِبَاية أو في جور [من فرضها]. كذلك على رجل الدين أن يقوم بتعليم رعيته، وفي معبده، بحسب رمز الكنيسة التي يخدمها لأنه انتُدب بحسب هذه الشروط، ولكنه يتمتَّع، كعالِم، بكامل الحرية (إن لم نقل أن ذلك من واجبه) في أن يمدَّ الجمهور بكُلِّ الأفكار، بعد أن يَزِنَها بثباتٍ ونيَّة حسنة، حول ما يراه خاطئًا في هذا الرمز، وفي أن يقدِّم لهذا الجمهور مشروع رؤيته لتنظيمٍ أفضلَ للشؤون الدينية والكنائسية. وفي هذا أيضًا لا يوجد ما يمكن أن يُثقل ضميره، لأنّ ما تعلَّمه وفقًا لوظيفته كمُمثِّل للكنيسة لا يُقدِّمه إلا كأمر لا حرية له في إبداء الرأي فيه وإنما كتعاليمَ قد التزم بتدريسها باسم سلطة أجنبية [عنه].

ولسوف يقول: "هذا ما تعلِّمه كنيستنا وها هي الحجج التي تستعملها [في ذلك]". وقد يُبْرِز، بهذه المناسبة، لرعيته الميزات العملية من الأطروحات التي لا يتفق معها عن اقتناع كامل والتي التزم، رغم ذلك، بعرضها، إذ من الممكن أن يكون وجد فيها بعض الحقيقة الكامنة أو، على الأقل، لم يجد فيها ما يتعارض مع الإيمان الذاتي [عنده]. أما إذا تعرَّض لشيء من هذا القبيل فلا يمكن له عند ذلك الاحتفاظ بمهامه والبقاء على اتفاق مع ضميره وعليه، إذًا، أن يعتزل [عمله]. ونتيجةُ ذلك أنّ المُربّي إذا استخدم عقله أثناء عمله وأمام من حضر دروسه لا يقوم إلا باستعمالٍ خاص للعقل لأنّ المسألة تخص اجتماعًا عائليًا، مهما بلغ حجم [هذه] العائلة. وهو يتصرف أمامها على أنه رجل دين غيرُ حر، ولن يكون حرًا، لأنه يؤدي مهمة خارجة [عن نطاقه]. أما إذا اعتبرناه عالِمًا يخاطب بكتاباته الجمهور الحقيقي، أي العالم، - كعضو في مَجْمَع ديني ضمن استخدامٍ عامٍّ لعقله - فإنه يتمتع بحرية لا حدود لها في استعمال عقله والتحدث باسمه الخاص. والادعاء القائل بأن الأوصياء على الشعوب (في الأمور الدينية) لابد أن يظلوا قُصَّرًا هم أنفسهم يُعدُّ سخافة أسهمت في تأييد السخافات [الأخرى].

ولكنْ ألا يحق لمثل هذه الجمعية الدينية، سواء كانت مَجْمَعًا كنائسيًا أو طبقة من الآباء (كما تسمى في هولاندا) أن تلجأ إلى دعوة [أعضائها] إلى تأدية اليمين على رمز معين ثابت، لكي تُسَلِّط وصاية أعلى، دائمة، على كل عضو، وحتى تؤيد هذه الوصاية من خلاله؟ أقول أن هذا الأمر مستحيل تمامًا. لأن مثل هذا النوع من التعاقد يقرر الاستغناء نهائيًا عن كل تنوير جديد يمكن للجنس البشري أن يستقبله، ويظل على هذا الأساس لاغيًا وغير ذي مفعول، حتى وإن كان مُزَكَّى من سلطة أسمى، أيْ من البرلمانات أو من المعاهدات السلمية الأكثر جلالاً. ذلك لأنه لا يمكن لقَرْنٍ ما أن يولِّد اتفاقًا يقيِّدُ القرن الذي يليه بوضعٍ يجعله غير قادر على توسيع معارفه (بخاصة منها تلك التي تتعلق بمصلحة على هذا القدر من الخطر) ويحرمه من التخلص من أخطائه، والتقدم، بصفة عامة، على [طريق] التنوير. إنها لجريمة في حق الإنسانية التي يحملها قَدَرُها الأصيل نحو هذا التقدم بالذات. لذا يحق للخَلَف أن يرفض تمامًا مثل هذه القوانين وأن يحتجّ [على ذلك] بجهلِ من قام بسَنِّها وطيش دوافعه. فحجر الزاوية في كل ما يمكن تقريره لصالح شعب ما، في شكل قانون، يكمن في السؤال التالي: "هل يقبل هذا الشعب أن يَهَب نفسه قانونًا كهذا القانون؟" من الحائز أن يكون القانون المعنيُّ ممكنًا لمدة محددة قصيرة، في انتظار قانون أفضل، وتحسُّبًا لإدخال تنظيم معين، ولكنْ على شرط أن يترك لكل مواطن - وبخاصة لرجل الدين إن كان عالِمًا - الحريةَ في صياغة الملاحظات حول العيوب التي تحتوي عليها المؤسسة الحالية، على أن تكون هذه الصياغة علنية، أي في شكل كتابات، مع الإبقاء على النظام القائم. وذلك حتى يأتي يوم يتقدم فيه البحث في هذه الأشياء أشواطًا بعيدة تجعله يتأكد بما فيه الكفاية، فيُرفَع أمام العرش مشروعٌ مُدَعَّم باتفاق [أغلبية] الأصوات (إن لم نقل جميعها) يهدف إلى حماية المجموعات المتضامنة، بحسب آرائها الخاصة، والمتفقة على تغيير المؤسسة الدينية، دون أن يُلزم ذلك أولئك الذين ظلوا أوفياء [للمؤسسة] القديمة. أما أن يكون الاتفاق على دستور دائم لا يأتيه الشك، حتى ولو كان ذلك لمدة تعادل عمر إنسان، مما يقضي على الإنسانية، ردحًا من الزمن، بالعقم في [توقها] إلى التقدم ويضرّ بالأجيال القادمة، فهذا ما هو محظور إطلاقًا.

ويمكن لشخص ما، في ما يتعلق به شخصيًا، أن يؤجل الحصول على معرفة لابد له من الحصول عليها. أما أن يُعرِض عنها وأن يَحْرم منها الأجيال المقبلة، فهذا يسمى بالتجنِّي على حقوق الإنسانية المقدسة ودَوْسِها. ويبقى ما حُرِّم على الشعب تقريره، مُحَرَّمًا، من بابٍ أَوْلَى، على الحاكم، لأنّ سلطة الحاكم في التشريع منبثقة من الشعب وهو يستمد إرادته الخاصة من إرادة الشعب العامة. فَلْيَسْهَرِ الحاكم على إبقاء الإصلاح، المُنجَز أو المُفتَرَض، متفقًا مع النظام المدني، وليترك الحرية لرعاياه في البحث عما يجب عليهم القيام به ليحصلوا على نجاة أرواحهم [في الآخرة]. فليس هذا الأمر من شأنه وإنما عليه، بالمقابل، أن يمنع البعض [من الشعب] من حرمان البعض الآخر، بالقوة، من العمل على تحقيق النجاة والإسراع بها بكل ما أوتي من جهد. والحاكم يضر بهيبته إن هو تدخل في هذا الشأن وأعطى تكريسًا رسميًا للكتابات التي يحاول فيها رعاياه توضيح آرائهم. فإنْ فعل انطلاقًا من سلطته الشخصية فهو يتعرض لِلَوْمِ القائل "إنّ قيصر ليس أرفع [شأنًا] من النحويين" وإن هو حَمَى في دولته الاستبدادَ الكنسي وبعضًا من المستبدين على بقية رعاياه فهو يُضْعِف من قدرته العالية.

وإذا سُئلنا بعد كل هذا: "هل نحن نعيش الآن قرنًا مستنيرًا؟" فإن إجابتي تكون على النحو التالي: "لا.لأننا في الواقع [نعيش] قرنًا يسير نحو التنوير"، فنحن لمّا نَزَلْ في مرحلة نفتقر إلى عناصر كثير أخرى تحمل الناس إلى حالةٍ تمكِّنهم من ممارسة تفكيرهم الخاص في الأمور الدينية بإحكامٍ وقدرةٍ ودون نجدة الآخرين.

ولكن أن يكون للناس الآن مجالٌ أرحب في ممارسة هذا [التفكير الخاص] بحرية، وأن يكون عدد العقبات أقل من ذي قبل نسبيًا، في الطريق نحو عصر شامل للتنوير يخرج بالناس من حالة القصور التي يبقون هم المسؤولون عنها، فهذا ما لنا عليه مؤشِّراتٌ مؤكَّدة. من هذا المنطلق يمكن القول أن هذا القرن هو قرن التنوير وقرن [الملك] فريدريك. فالأمير الذي لا يتأفَّفُ عن التصريح بأن من واجبه أن لا يأمر بشيء في الأمور الدينية، وأنه يترك للناس كامل الحرية في ذلك، والذي يُعرِض عن لفظة التسامح المتعالية، يبقى هو نفسه مستنيرًا: فهو يستحق، إذًا، إجلال معاصريه واعتراف الأجيال المقبلة [بجميله]، لأنه أولُ من أخرج الجنس البشري من حال القصور، من وجهة نظر إدارية على الأقل، وتَرَك لكل [شخص] الحرية في استعمال عقله الخاص في أمور العقيدة. ففي عهده أصبح من حقِّ رجال الدين الأجلاّء، إذا كانوا علماء، أن يتفوهوا بأحكامهم وآرائهم التي تخالف الرمز الرسمي، دون أن يكون لذلك انعكاس سيء على واجباتهم تجاه وظائفهم. كما أصبح من حقهم أن يعرضوا علانية [هذه الأحكام وهذه الآراء] على اختبار العالم، وهذا ينسحب، بالطبع، على كل شخص لا يتقيَّد بأي التزام تجاه وظيفته. وقد انتشرت روح الحرية هذه في الخارج حتى وإن هي تعرضت لعقبات موضوعية [أقامتها] الحكومة التي لم تستوعب روح الحرية بعدُ. وما نحن فيه [حكومة فريدريك] يقوم مثلاً أمام كل حكومة لم تفهم أن لا خوفَ إطلاقًا على العهد السياسي، ولا على وحدة المؤسسة العامة من توفير جوّ الحرية، حيث سيبذل الناس كبير الجهد حتى يخرجوا من حالة الصلافة، إن لم يكن هناك من يجتهد في إبقائهم عليها.

لقد ركّزت اهتمامي في بحثي حول حلول عصر التنوير، على ذلك النوع [من التنوير] الذي يحِّرر الناس من حالة القصور التي يبقون هُمُ المسؤولون عليها، وقفت على المسائل الدينية؛ ذلك لأنه لا مصلحة لحكامنا، في ما يخص الفنون والعلوم، في أن يقوموا بدور الأوصياء. ثم إن حالة القصور هذه [الدينية] التي تناولتها، هي الأكثر ضررًا والأدهى خِزْيًا. ويذهب منهج التفكير عند رئيس الدولة الذي يشجع التنوير إلى أبعد من هذا فيعترف، من منطلق تشريعه أيضًا، أنْ لا خطر [عليه] في أن يسمح لرعاياه باستخدام علني لعقلهم حتى يقدموا للعالم ما أنتجوه من أفكار تشير إلى بناء أفضل لهذا التشريع، حتى ولو كان ذلك من خلال نقد صريح للتشريع الذي تم سَنُّهُ. إنّ لنا في هذا لمَثَل كريم لم يتجاوزه أيُّ ملك عدا الذي نُجِلِّه.

وهذا الملك المستنير هو الملك الوحيد الذي لايخشى البقاء في الظلّ وقد مَسَك بجيش عتيد حَسَن التنظيم، يضمن به الطمأنينة العامة، وهو [الملك] الوحيد الذي يقدر على التصريح بما لا تجرؤ أي دولة حرة [أخرى] على التصريح به: "فكروا قدر ما تشاؤون وفي ما تشاؤون، وعليكم أن تطيعوا."

هكذا تأخذ الأمور الإنسانية مجرى مثيرًا غير منتظر. ومهما يكن من أمر، وإذا اعتبرنا سياق الأمور في جملتها، نرى أن كلَّ شيء تقريبًا يثير الإحساس بالمفارقة: فالحصول على درجة أعلى من الحرية المدنية يبدو مفيدًا لحرية الفكر عند الشعب في الوقت نفسه الذي يفرض عليه حدودًا لا يمكن له تخطيها. [ومن ناحية أخرى] فإن درجةً أدنى تُوفِّر له الفرصة في أن ينشر نفوذه الكامل. وما أن تُحرِّرُ الطبيعة، من تحت قشرتها الصلبة، بذرةَ الميل والتأهب للفكر الحر حتى تحدوها بعطفها وتجعل منها ذلك النزوع الذي سيؤثر تدريجيًا وبمفعول رجعي على مشاعر الشعب (ومن خلال هذه المشاعر يزيد الشعب شيئًا فشيئًا من الاستعداد للسلوك بحرية). وسوف يؤثر هذا النزوع بدوره، آخر الأمر، على أُسس الحكم الذي سيرى من صالحه أن يُعامَل الإنسان - وهو الذي لم يَعُدْ مجرَّد آلة - حسب التقدير الذي يستحق.

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأحد ديسمبر 28, 2014 8:13 am

كانط هو واحد من اولئك المفكرين الذين ترتدّ اليهم الانسانية - بين الحين والآخر، واثقة من أنها لا بدّ واجدة عندهم شهادة فكرية حية تجعل منهم دائماً أبداً مفكرين أحياء في كل عصر من العصور. وعلى الرغم من أن الفلسفة الكانطية قد استهدفت للكثير من الحملات، إلا أن خصوبة هذه الفلسفة قد عملت على تجمع المفكرين المتأخرين حول”كانط”وكأنما هو مركز إشعاع فكري تتلاقى عنده عقول الفلاسفة المختلفين، ويتحقق عن طريقه ضرب من الوصال بين الأذهان في الماضي والحاضر معاً.

-حياته-

ولد عمانوئيل كانط في 22 نيسان 1724 في مدينة كونغبرغ، الواقعة على الحدود الشمالية الشرقية لألمانيا، من أبوين فقيرين، إذ كان أبوه يعمل سرّاجاً، بينما كانت أمه من أسرة متواضعة. ينتمي الوالدان الى شيعة بروتستانتية تدعى الشيعت التقوية وتستمسك بالعقيدة اللوثرية الأساسية القائلة أن الإيمان يبرّر المؤمن، وترى أن الدين محاه الإرادة لا العقل، وتعلّي من شأن القلب والحياة الباطنية.

في الثامنة من عمره دخل إحدى المدارس التابعة للشيعة التقويّة، وأتم برامجها في السادسة عشرة. وكان أظهر ما أفاده فيها شيئين: إعجاباً باللغة اللاتينية، وبالرواقية الرومانية وما تتحلى به من نبل وشجاعة. وبعد المدرسة اتجه الى كلية الفلسفة بجامعة مدينته يقصد الى دراسة اللاهوت ليصير قسيساً ولكنه عدل عن هذا القصد فيما بعد.تتلمذ بالكلية للرياضيات والفلسفة من أتباع التقوية ومن أتباع فولف.

عام 1746 تقدم برسالة جامعية حاول فيها التوفيق بين ديكارت وليبنتز في مسألة قياس قوّة الجسم المتحرك. توفي والده، فرأى أن يكسب رزقه بالتعليم في أسرة غنية، وزاول هذا العمل في ثلاث أسر على التوالي عند أهل منطقته، قضى في ذلك تسع سنين لم ينقطع خلالها عن التحصيل والتفكير.بعد ذلك حصل على درجتين جامعيتين. حتى ذلك الوقت كان تحت تأثير فولف ونيوتن ميتافيزيقياً وعالماً طبيعياً.

ثم جاءت المرحلة الثانية من 1760 إلى 1770 شرع كانط فيها ينقد الفلسفة العقلية في النظريات والخلقيات قبل أن يستبين مذهبه. وأبرز الكتب التي كتبها كانط هي”نقد العقل الخالص” و”نقد العقل العمل”و”ميتافيزيقيا الأخلاق". ولقد توفي هذا الفيلسوف العام 1804، عازباً.



-المعرفة عند كانط-



المعرفة تتألف من عنصرين: مادة وصورة، بحيث لا توجد المادة في الفكر بدون صورة، وبحيث لا يكون للصورة في نفسها أي معنى لأن وظيفتها الإتحاد بالمادة. المادة موضوع الحدس الحسي، وليس لنا من الحدس سواه ؛ والصورة رابطة في الفكر تسمح بتركيب حكم كلي ضروري لإنها هي أولية. هناك إذاً مادة للفكر ووجود خارجي، وكانط لا يتابع التصورية المطلقة في إنكار هذا الوجود أو التشككفيه، وإن يكن مذهبه يمنع من القول به. هنا نجد كانط يذهب الى ما ذهب اليه أرسطو، بأن الكون هو الهيولى والصورة. ويحصر المعرفة في ما يأخذه من الخارج وما يضيف اليه الفكر، بمعنى آخر ان المعرفة هي تركيب ما تراه وتحسبه الحواس مع ما يتخيله الفكر.

رأينا أن هناك مصدرين للمعرفة البشرية في رأي كانط ألا وهما الحساسية والفهم ؛ والمصدر الأول هو الذي يمدنا بالموضوعات، في حين أن المصدر الثاني هو الذي يسمح لنا بتعقل تلك الموضوعات. ولكن كانط حتى حين يتحدث عن الحساسية، فإنه يفرّق بين صورة الحدوث الحسّية ومادّتها، على إعتبار أن المادة هي موضوع الإدراك الحسي، أو هي ما يقابل”الإحساس”في صميم الظاهرة، في حين أن”الصورة”هي ألمبدأ الباطن في الذات العارفة، والذي يسمح لها بتنظيم مضمون الظاهرة، وفقاً لبعض المعلومات الخاصة، ومعنى هذا أن المادة تمثل كل ما يصدر عن الموضوع، وما هو بطبيعته متغير حادث، في حين أن الصورة تمثل كل ما يصدر عن الذات، وما هو بطبيعته كلي ضروري... فالمعطيات الحسّية هي إمدادات حقيقية ترد الينا من العالم الواقعي، وليست مجرد أوهام ذاتية من نسج العقل، كما وقع في ظن أصحاب المثالية الذاتية. ولكن ليست مهمة نقد المعرفة سوى العمل على تبين ما يرد إلينا من الخارج، وما نضفيه نحن على المعطيات الحسية، عن طريق ما لدينا من صور أولية سابقة على التجربة. وبالنسبة الى المكان والزمان باعتبار هما صورتي الحساسية، فإن كانط يرى أن المكان والزمان هما صورتان أوليتان تخلعهما الحساسية على شتى المعطيات الحية التي ترد إليها من الخارج، دون أن يكون لهما أدنى وجود واقعي في العالم الخارجي، باعتبارهما موضوعين قائمين بذاتهما.

إن الزمان ليس شيئاً موضوعياً واقعياً، كما أنه ليس جوهراً أو عرضاً أو رابطة، بل هو الشرط الذاتي الذي يجعل في وسع العقل البشري أن يحقق ضرباً من التآزر بين جميع الموضوعات الحسية، وفقاً لقانون محدد ؟ فالزمان إذاً حدث صرف. وهكذا الحال أيضاً بالنسبة الى المكان، إنما هو صورة تخطيطية ذاتية تصورية، تنبع وفقاً لقانون ثابت، من طبيعة الذهن، وتجعل في الإمكان تحقيق الترابط أو التآزر بين جميع الموضوعات الحسية الخارجية. ولكن كانط لا يقتصر على القول مع ليبنتز، بأن المكان والزمان مفهومان مجردان للإمتداد والديمومة الحسيين، بل هو يذهب الى أن المكان والزمان هما حدسان أوليان أو صورتان خالصتان للحساسية، تنطبقان على مادة الخبرة، فتولدان تمثل الإمتداد والديمومة الحسّيين.



-من المعرفة الى الوجود-





يذهب مؤرخو الفلسفة الى أنه إذا كانت مشكلة الوجود هي الموضوع الرئيسي الذي أثار اهتمام الفلاسفة القدماء، فإن مشكلة المعرفة هي المحور الأساسي الذي دار حوله تفكير الفلاسفة المحدثين. وعلى حين كان الأقدمون ينتقلون من الوجود الى المعرفة، أصبح المحدثون ينتقلون من المعرفة الى الوجود. ولكن، هل يمكن أن يكون ثمة انتقال من المعرفة الى الوجود عند كانط، بعد أن أعلن بصراحة إستحالة تجاوز العقل لعالم الظواهر ؟ ليست الميتافيزيقيا في عرف أصحابها، إنما هي إدراك موضوعات خارجة عن نطاق التجربة ؟ فكيف يمكن أن نسلم بإمكان قيام علم يكون موضوعه هو”الوجود من حيث هو موجود”، في حين أن كل هدف النقد الكانطي قد إنحصر في بيان إستحالة الإنتقال من عالم”الظواهر”الى عالم”الأشياء في ذاتها”.

إن كانط صاحب الفلسفة النقدية قد سلم منذ البداية بأنه ليس لدينا أي”حدس عقلي”نستطيع عن طريقه أن نرقى الى مستوى تأمل”الموضوعات المطلقة”أو الحقيقة اللا مشروطة، أو الجوهر بالذات، ومن هنا فإنه لا موضع للشك في أن كانط قد”أراد أن يهدم الميتافيزيقيا افيقانية التي ظهرت منذ عهد أفلاطون وأرسطو حتى عهد ليبنتز وفولف، فأثارت بين أصحاب المدارس المختلفة خلافات عقيمة ومناقشات غير مجدية... نجد أن عجز الميتافيزيقيا عن انتزاع إجماع المفكرين شاهد على قصور العقل البشري عن معرفة ”الشيء في ذاته” أو ”المطلق” أو ”اللامتناهي”.

ولقد قرر كانط أن لديه، عن طريق التجربة الخارجية ، شعوراً بوجود الأجسام في المكان، كما أن لديه، عن طريق التجربة الباطنية ، شعوراً بوجود نفسه في الزمان، دون أن يكون في وسعه أن يعرفهذه النفس، اللهم الا باعتبارها موضوعاً لإحساس باطني يستند الى بعض الظواهر التي تكون حالة داخلية، بينما تظل ماهية النفس في ذاتها، باعتبارها عامة لكل هذه الظواهر، شيئاً مجهولاً لديه تماماً.



-الأخلاق عند كانط-



تقوم الأخلاق عند كانط على أساس فكرة الواجب، وعلى فكرة الأمر المطلق. والأمر نوعان: مشروط، ومطلق. أما المشروط فيقوم على أساس المبدأ القائل:”من يتبع الغاية يبتغي الوسيلة”. وهو مبدأ تحليلي إذ يمكن إستنباط الوسيلة من الغاية بطريقة قبلية. وحسب رأي الدكتور عبد الرحمن بدوي، فمن يبتغي المعرفة عليه بالتعلم، ومن يبتغي الثروة عليه بالتجارة والإستثمار. ومن يبتغي السلطة فعليه بالخوض في السياسة. فالتعلم وسيلة الى غاية هي المعرفة، والتجارة والإستثمار وسيلتان الى غاية هي الثروة، والخوض في السياسة وسيلة الى غاية هي السلطة.

أما المطلق فيقوم على الرابط المباشر بين الارادة وبين القانون دون شرط ولا مقدمات ولا نتائج. ونحن هنا أمام مبدأ تركيبي قبلي، إذ من المستحيل استنباطه من أي مبدأ متميز.”الأمر المطلق يقرر أن الفعل يكون خيراً من الناحية الأخلاقية لإنه يجب إيواءه، ولا يقرر أن الفعل يجب ايواءه لإنه خير من الناحية الأخلاقية. ومعنى هذا أن الواجب، مفروضاً على الإرادة الإنسانية، هو قانون العقل المحض، لأنه قبلي وكلي”. وعلينا أن نسلم بفكرة الواجب تسليماً مطلقاً دون أن نحاول استنباطه من مبدأ سابق له. ومن فكرة الواجب هذه يستنبط كانط ما يسميه مصادرات العقل العملي، إنها مصادرات أو فروض لإنها لا تقبل البرهنة العقلية كما قرر ذلك”نقد العقل الخالص”وإنما هي موضوعات للإعتقاد فحسب، أي للإيمان غير العقلي. وهذه المصادرات ثلاث: الحرية وتنبع من ضرورة إطاعة الواجب. ثم خلود النفس ومصدره أن الإخلاص التام للواجب لا يمكن تحقيقه في هذه الدنيا، ولهذا نميل الى الإعتقاد في إمكان تزايد الكمال الى غير نهاية، وهو أمر لا يتصور إلا بافتراض أن النفس خالدة. فخلود النفس أمر يقتضيه العقل العملي، وإن لم يستطع العقل النظري إثباته. والمصدر الثالث وجود الله: والإعتقاد بوجود الله يصدر عن إيقاننا بأن السعادة يجب أن تصحب الفضيلة، وبأن السعادة مصاحبة للأخلاقية.

الأخلاق إذاً صورية محض عند كانط، أي أنها تتوقف على صورة الأفعال، لا على مضمونها، أي على كون هذه الأفعال قد تمت وفقاً للواجب والقانون. ويميز كانط بين حال النفس وبين النية فإن حال النفس تقع في منزلة أعمق من النية، حيث أن النية لا تكون بادىء الأمر إلا تحت تأثير التجربة العابرة التي للشخص عن الحياة، وعلى الأخلاق ان تقبل التطبيق على كل موجود عاقل بوجه عام. وعلينا ان نضع الخير لا من اجل غاية او غرض، بل لذاته، الأن الخير الأخلاقي خير فس ذاته.


________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأحد ديسمبر 28, 2014 8:54 pm

الاستاذة الراقية/ احلام


سلمتى على حسن الاختيار

وجمال سردك والافاده العالية

دمتى بهذا التميز والعطاء

ارق التحايا واجملها

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأحد ديسمبر 28, 2014 9:01 pm

ايمان الساكت كتب:
الاستاذة الراقية/ احلام


سلمتى على حسن الاختيار

وجمال سردك والافاده العالية

دمتى بهذا التميز والعطاء

ارق التحايا واجملها


الأستاذة الرائعة

إيمان الساكت


مرورك أسعدني جدا

تحياتي و مودتي
Shocked

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسند
مستشارة اشتياق -الام الروحية لاشتياق
باسند

انثى
تاريخ التسجيل : 17/01/2014
عدد المشاركات : 51612
نقاط التقييم : 73126
بلد الاقامة : سويسرا
علم بلدك : علم العراق
الاسد

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأربعاء ديسمبر 31, 2014 12:10 am

صديقتي الغاليه احلام شحاته 

سلمت الايادي عالموضوع الرائع 

دمت بهذا التميز الراقي 

تقبلي تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالأربعاء ديسمبر 31, 2014 11:54 pm

باسند كتب:
صديقتي الغاليه احلام شحاته 

سلمت الايادي عالموضوع الرائع 

دمت بهذا التميز الراقي 

تقبلي تحياتي

صديقتي الغاليه

باسند

مرورك و لا أروع حبيبتي

ربنا يخليكي

تحياتي و مودتي
Shocked

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

كانط Empty
مُساهمةموضوع: رد: كانط   كانط Emptyالإثنين مارس 28, 2016 9:51 am

الأستاذة الرائعة المبدعة المتألقة@"أحلام شحاته"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كانط
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الفيلسوف ايمانويل كانط

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق الادب العالمي -
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
باسند - 51612
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
كانط Vote_rcap1كانط Voting_bar1كانط Vote_lcap1