إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

الحمد لله واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
أما بعد ،،،
قال الله عزوجل { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } [الرعد/11]
التغيير سنة كونية : لا تدوم الدنيا لأحد ، لو دامت لما وصلت لمن هي في أيديهم اليوم
قال الله عزوجل { وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } [ق/36]
هل تحيا قلوبنا بمعاني الإيمان التي نراها في هذه الأوقات رغم ما فيها من محن ؟
الدنيا كثير جفاؤها قليل وفاؤها مع خسة شركائها ، لا تبقى لإنسان ، لابد وأن ترحل أو يرحل هو عنها ، فلنتعظ بأننا بعد قليل راحلون .
والتغيير للإصلاح فريضة شرعية لابد وأن نمتثل ما ذكر الله عزوجل عن نبيه شعيب { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب }
ولذا نقول كما قلنا من قبل إن تغيير الوضع السابق على الأحداث ضرورة حتمية فلا يمكن أن يستمر كل من أدى بالبلاد إلى حافة الهاوية ـ نسأل الله أن يعافينا وبلادنا منها ـ ولكن لابد أن يكون التغيير إلى الأفضل لا إلى الأسوء ولا إلى الفوضى التي تشل الحياة وتؤدي إلى انهيار مرافق البلاد وتزيد من معاناة الطبقات الكادحة التي تنال رزقها وقوتها يوم بيوم .
لذلك نتكلم عن الإصلاح الذي نريد والتغيير الذي نبتغي
نعلم أنه هدف منشود قد يكون بعيداً ولكن لابد أن نسير في الطريق الصحيح المؤدي إليه ، وكما قالوا " رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة " وبحمد الله قد خطى مجتمعنا خطوات في ذلك واقترب إلى الله عزوجل ، وإن كنا نريد أن نزن هذه الاقتراب فلنزنه بشرع الله لنعلم هل نستحق أن يغير الله عزوجل حالنا أم لابد لنا من تغيير أكبر كل واحد منا شريك فيه ، ليس فقط من خرجوا مطالبين بالتغيير في المظاهرات وليس فقط من استمعوا إلى الكلمات ، بل كل أبناء هذه الأمة مطالب بالمشاركة في التغيير
هذه القلوب إذا صلحت رجحت الكفة وعند ذلك يغير الله سبحانه وتعالى حالنا
لا نقول ذلك بمعنى أن نستسلم لقدر قدر الله عزوجل أن يكون مخالفاً للشرع ، بل نفر من قدر الله إلى قدر الله ، وندفع قدر الله المكروه بقدر الله المحبوب
نعمل بطاعة الله ليغير الله عزوجل ما بنا
نقول : ما هو الهدف المنشود من التغيير حتى نزن خطوات امتنا ونبذل المزيد وإن كنا بلا شك نعرف أن الواقع والممكن يختلف كثيراً عن المرجوا والمطلوب ؟
نقول : إن تحقيق عبودية الفرد وعبودية الأمة وتحقيق قول الله عزوجل { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } هو الهدف من وجودنا في الحياة على ظهر هذه الارض
عبودية الفرد بأن يكون مقيماً لدين الله سبحانه وتعالى
وعبودية الأمة بأن تقوم بسياسة الدنيا بالدين .
هدفان نضعهما أمام أعيننا ، ونزن أنفسنا ومجتمعنا به ونقول كم حققنا في هذين الهدفين لنستمر حتى نجني ثمرة حقيقية لا وهمية .
فأما الهدف الأول : إقامة الدين .
النبي صلى الله عليه وسلم بين ما هو الدين في حديث جبريل ـ الإسلام والإيمان والأحيسان ـ وهذه مسئولية مشتركة بين الفرد وبين المجتمع ، المجتمع عليه أن يهيء أبناءه وأن يعينهم علماً وعملاً ودعوة ومعاونة على إقامة الإسلام والإيمان الإحسان وإن لم يوجد ذلك فلا يعني أن كل فرض يتعلل بأن مجتمعه كان فاسداً ، بل عليه أن يقوم بكل ما وجب عليه مما يقدر عليه ويمكنه
لذلك نقول الإسلام أركانه " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت " ، هذه أركان يجب أن يقيمها كل واحد فينا ، ومسئولية الدولة والمجتمع عن إقامتها في الناس ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي يقودكم بكتاب الله ) ، وفي حدث آخر : ( ما أقاموا فيكم الصلاة ) ضرورة أن تقام في الناس ، وليس فقط السماح بإقامتها وترك الحرية لهم بل حبسهم ودعوتهم إلى إقامتها وعقوبة من يتركها
فهذه الأركان كله من صلاة وصيام وزكاة وحج بما شرع الله سحبانه وتعالى ، فهذه أركان الإسلام ولابد أن نسعى في إقامتها في مجتمعنا ، وكذلك لابد من التتمة .. هل ترضى أن تسكن في شقة عبارة عن أركان فقط وعبارة عن أعمدة بلا جدران وبلا مرافق ؟ بل لابد أن تتمم هذا المكان
لذلك نقول متممات هذه الأركان من التزام الشرع في المعاملات والأنشطة الإنسانية المختلفة في البيوع والأموال والإجارات والمضاربات والشركات والزواج والطلاق والميراث واجتناب ما حرم الله سبحانه وتعالى من الربا والميسر والخمر والمخدرات وغيرها ـ مسئولية والله كبيرة ـ لابد وأن يطبق كل واحد منا في نفسه وفي أسرته ذلك وأن يكون المجتمع معيناً له على إقامتها لا معوق له ، وهذا من أعظم الأهداف التي يتحقق بها التغيير
وكذا التزام أحكام الإسلام فيما يتعلق بالجنايات والحدود والخصومات وفصل النزاعات بين الناس وسائر الأنشطة الإنسانية .
ثم لابد من إقامة الإيمان في القلوب وفي الناس كذلك فإنه قول وعمل
وأركانه الستة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ) وما يتفرع من هذه الأصول الستة من بيان أحكمام الإيمان والكفر حتى يعرف من المسلم ممن الكافر وكيف يثبت الإسلام وبم يخرج الإنسان منه
وبالمناسبة : أأكد على أن ما ورد في كلام مشايخنا الكرام من ألفاظ التكفير فالمقصود بها ما ورد في الكتاب والسنة ، وأما الشخص المعين فلابد فيه من استيفاء الشروط وانتفاء الموانع من قبل أهل العلم قبل أن يكم عليه بشخصه بالخروج من ملة الإسلام
نقول : وكذلك ما يتفرع عن هذه الأصول الستة من الاعتقاد في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والمودة والمحبة التي بينهم والاتفاق لا الاختلاف والتنازع كما يزعمه أعداء أهل السنة والجماعة والحريصون على تدمير أمتنا من الرافضة وغيره
نقول : الإيمان بالله عزوجل : الأمة كلها لها دور في إقامة هذه الإيمان وهو التوحيد
وكذلك أعمال القلوب وباقي أركان الإيمان التي ذكرنا .
فالأمة كلها دورها في نشر هذه الأحكام ، والحاكم خصوصاً له دور كذلك في إقامة ونشر الدعوة إلى التوحيد بأنواعه المختلفة وهو كما ذكرنا الإيمان بالله ومحاربة الشرك خاصة ما كان من شرك الغلو في الصالحن والأئمة بصرف العبادات لهم والدعاء لغير الله عزوجل والذبح والنذر والركوع والسجود وغير ذلك من أنواع العبادة .
وكذلك من أنواع الشرك التي تجب محاربتها ما ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }
وذكلك الشرك المتعلق بالرضا والإقرار بالكفر والتصريح بمساواة الملل بزعم أن هذا هو سبب استقرار المجتمع ـ نعوذ بالله ـ { إن الدين عند الله الإسلام } قال تعالى { وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون } [الزخرف/26] قال عزوجل { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير } [الممتحنة/4] وإن كان لا يعني أن يظلم غير المسلم أو أن يعتدى عليه في دمه أو عرضه أو ماله وقد أثبتت الأحداث الموقف المتوازن الصحيح المعبر عن حقيقة المنهج الإسلامي الصافي الذي التزم به إخواننا في كل مكان تجاه جيرانهم من النصارى وكيف شاركوا في حماية ممتلكاتهم وأنفسهم كما حموا ممتلكات المسلمين ، ولم يأذنوا في ظل غياب دور الشرطة خلال هذه الأيام في الاعتداء على أحد منهم فضلاً عن أن يقوموا هم باعتداء ، كم سمعنا من تهم باطلة حاول البعض إلصاقها بالإخوة السلفيين ، وكم سمعنا من ظلم قد وقع بسبب الظنون الكاذبة ، فها هو سلوكنا في لحظات المحن ، ونعرف الضوابط بفضل الله بين ما يجوز وما لا يجوز في معاملة غير المسلمين مع حافظنا على هويتنا وحفاظنا على عقيدتنا
لم نكره أحداً ولا نكرهه على أن يترك عقيدته في رب العباد وفي أنبياء الله ورسله وفينا كذلك ، فكم من غير المسلمين يعتقد كفر المسلمين وأنهم ذاهبون إلى النار وما أكرهناه على أن يغير عقيدته لأن الله أمرنا بذلك { لا إكراه في الدين } فكيف يريدون منا أن نغير اعتقادنا في أن الدين عند الله الإسلام وفي أن من يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
نقول : محاربة الشرك بأنواعه المختلفة ومن أخطر مظاهر الشرك المختلفة عبادة الشهوات والأهواء { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه } وقال الله عزوجل { أرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم } إذن هناك عبادة للهوى
وقال صلى الله عليه وسلم : ( تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار ، تعس عبد القطيفة ، تعس عبد الخميصة ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش )
وهذه العبودية للشهوات من أخطر أنواع الشرك في عالم اليوم وفي آخر الزمان ( يبيع دينه بعرض من الدنيا ) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
ثم الإحسان الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، وهذا يتضمن إصلاح القلوب وهو دور أساسي لكل واحد فينا يصلح قلبه بحب الله والخوف منه ورجائه والتوكل عليه والإنابة والإخلاص والزهد والصبر وكذلك بالتخلي عن الأمراض الخبيثة من الحقد والحسد والغل والكبر والعجب والرياء والسمعة ، هذه الأمراض التي تقتلنا وتدمر مجتمعنا وأفرادنا
نتحلى بعد التخلي من هذه الرذائل بالأخلاق الكريمة بالرحمة بالتعاطف بالتماسك بالصدق بدلاً من الكذب الذي يملأ الدنيا بالعدل بدلاً من الظلم ، نترك الغيبة والنميمة والغش والخداع والرشوة والمحرمات ، نتركها كلها ونصل أرحامنا ونبر والدينا ونحسن إلى جيراننا مسلمهم وكافرهم
أخلاق تدعوا الناس إلى الإسلام عملياً وليس فقط نظرياً .
هذا هو الأمر الأول في الإصلاح الذي ننشد ... أعرف أنه مازال بعيداً عن مجتمعنا ، ولكن نحن نخطوا إليه ونؤكد أن الإصلاح في حسنا إنما يتحقق بوجود هذه في عامة أو معظم أفراد المجتمع ولا نعني أنهم سيكونون معصومين ، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
أما الهدف الثاني والقضية الثانية العظيمة الأهمية : هي سياسة الدنيا بالدين
وهي في الحقيقة امتثال قول الله عزوجل { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل }
هي إيجاد أنظمة الحياة الإنسانية التي تقود المجتمع إلى بناء الفرد المسلم الملتزم بالإسلام والإيمان والإحسان
التي يسميها العلماء فروض الكفاية ،وهي كما ذكرن في أول حديثنا عبودية الأمة .
من أول الإمامة العظمى التي لها شروط وضوابط ولمن يتولاها ضوابط أولها : الإسلام باتفاق وإجماع المسلمين بأنه لا يتولى أمر المسلمين إلا مسلم { ولن يجعل الله للمسلمين على الكافرين سبيلاً }
وكذلك ولاية المال والاقتصاد تقوم على ترك المحرمات من الربا والميسر ، وكذا في التعليم { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم }
والإفتاء والإعلام والحسبة والحرب والسلم والجهاد في سبيل الله عزوجل ، لابد من تولية الأكفاء
ليست المشكلة مشكلة اقتصادية فقط ، فقد يؤدي إقامة الدين في مرحلة من المراحل إلى حصول فقر ووجود مشكلة اقتصادية
صبر الصحابة على الجوع وربطوا الأحجار على بطونهم ،هل يحتمل أبناء مجتمعنا مثل ذلك ؟
كذلك المشكلة الإجتماعية والصراع الطبقات ، وحلها الإسلام بالتكافل والتعاضد والزكاة والصدقات بالصلة والإحسان إلى الجيران بإيجاب نفقة الفقراء على أقاربهم الأغنياء ثم على بيت المال .
أساس العلاج في الأمانة ومشكلتنا في مجتمعنا كانت في تولية من غش ولذلك نريد أن يتولى القوي الأمن في كل مجالات الحياة .
ونؤكد على حرمة الأموال العامة أشد من حرمة الأموال الخاصة ، وليس لأحد أن يسامح في حق المسلمين وأموال المسلمين التي يسمونها بالاصطلاح المعاصر بـ " أموال الدولة "
حذر الله من الغلل { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة }
هل المشكلة الساسية جزء منها ولكنها نبعت منا ، قال الله عزوجل { وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون }
ونرى أن انتشار مظاهر التدين يبشرنا بأن المجتمع المصري يستحق ولاية وقيادة أحسن مما مضى بإذن الله تبارك وتعالى " كما تكونوا يولى عليكم " ، وهذا رجاؤنا من الله عزوجل ، لذلك يحرم تولية الخونة والمرتشين واللصوص والجهلاء ومتبعي الشهوات ومن لا كفاءة عنه ، ويجب اختيار الأمثل فالأمثل بناءً على موازين الشرع
والمشكلة الاجتماعية نؤكد على وجوب تدافر جهودنا في حلها في التراحم والتعاطف والتماسك ووحدة الأمة كما أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم
ثم نقول : التغيير لا التدمير
ليس التدمير والتخريب من وسائل التدمير ، فحرمة الدماء والأموال الأعراض بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كرحمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا )
هذا الذي نريد ، أما الممكن والمتاح الذي نطالب به الآن ونعلم أننا قد لا نستطيع الزيادة عليه فإن شاء الله سوف تستمعونه في التوصيات في آخر هذا المؤتمر كما قد سبق وبيناه في البيان الثالث للدعوة السلفية
اسأل الله عزوجل أن يفرج كرب أمتنا وأن يولي أمورنا خيارنا وألا يولي أمورنا شرارنا وأن يجعل ولايته فيمن خافه واتقاه وآمن به واتبع رضاه
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشداً .


فضيلة الشيخ ياسر برهامي

الله الله الله

جزاك الله خيرا

حبيبتي الغاليه

باسند

ربنا يحفظك

موضوع قيم جدا

تحياتي و مودتي

حبيباتي الغاليات 

ايمان الساكت 

احلام شحاته 

تسلموا على مروركم العطر 

نورتوا 

تحياتي

المهندس محمد فرج كتب:

سلمت على روعه طرحك

نترقب المزيد من جديدك الرائع

اخي الغالي محمد فرج  الفاضل 

سلمت  الايادي على هذا المرور العطر 

بوركت 

تحياتي

الدكتور خليل بدوي كتب:

الأستاذة العزيزة باسند

موضوع متألق بروعته
وفقك الله ورعاك لما يحب ويرضى
وجزاك خيرا وجعله في ميزان حسناتك

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اخي الغالي خليل بدوي الفاضل 

عاشت الايادي على هذا المرور العطر 

بوركت 

تحياتي