للأثرياء خاصة ولنا عامة .. مفهوم (الأغلال) في القرآن الكريم !!
أيها الأغنياء .. هل تعلمون ماهي (الأغلال) يوم القيامة ؟!!
يا من أفنيتم أعماركم في الدنيا تجمعون الملايين والمليارات وتكنزونها وتجمدونها أموالا وأرصدة أو ذهبا وفضة أو عقارات أو مباني ومنشآت !!
يامن بسط الله لكم رزقه وابتلاكم به فأكرمكم ونعمكم في حين قدره على غيركم فصاروا محتاجين ومحرومين !!
هل تعلمون أن من بينكم من يحرم حتى نفسه وأطفاله وذويه فضلا عن المساكين والمحتاجين ليستمر بالكسب والتكديس وجمع (الغلة) التي يحصدها من المكتسبات ويكدسها فتتراكم تلك (الغلول) ليحبسها ويكنزها فﻻ يستفيد منها أحد حتى يأتي من يرثها ولايدري ماذا سيفعل بها ؟!!!
هل تعلم أن رزقك الشخصي منها هو ما صرفته على نفسك أو كما يقال (ما سال بحلقك) ؟!!
وهل تعلم أن ما زاد عن رزقك الشخصي هو (حقوووووق لغيرك) أهلك وأقاربك وجيرانك والمحتاجين والسائلين والمحرومين و .. و .. ممن ابتلاهم ربهم فقدر عليهم رزقهم وجعله عندك ليبتليك به أيضا؟!!
نعم هي (حقوق) وليس فضلا منك أو منة أو كرم .. وهذا ليس رأيي أو قولي بل هو قول من بسط رزقك وابتلاك بما يزيد عن حاجتك من حقوق الآخرين .. اقرأ لتعلم :
- (فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ [[حَقَّه]]ُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
[سورة الروم 38]
- (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا [[حَقَّه]]ُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [اﻷنعام 141]
- (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ [[حَق]]ٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
[سورة المعارج 24 - 25]
وتلك الحقوق هي ماتراكم وتضخم لديك وتظنه ثروتك وتعبك وشقاءك وذكاءك (وعلى علم منك) وهي في الأصل ما تجمع من(الغلال) فصار (محمولا) إلى عنقك وذمتك حتى تنفقه وترده لمستحقيه !!
والأغلال هي من الغل والغلو والغلة والغلول وهي تجميع الشيئ و الإمساك به حتى يتراكم ويصبح عبئا أو لنقل (حملا) !!
ويمكن القول أن الغل هو اكتساب شيئ ما وحبسه أو الاحتفاظ به!!
وقد يكون ذلك الغل أحد نوعين :
1. تراكمات معنوية أو نفسية (حقد .. كراهية .. حسد .. انتقام .. افتراء .. جدال .. إفساد الآخرين .. ظلم .. وزر .. إثم) !!
نقول في العامية فلان يتكلم عن فلان (بغل) !!
ونقصد بها أنه يحمل في قلبه مشاعر سلبية نحوه !!
وهذا المعنى يتبين في قوله تعالى:
(وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا [[غِلًّا]] لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر 9 - 10]
ويوم القيامة لايكون لأصحاب الجنة آثام ومعاصي وسيئات بعد تصفيتها وذهابها عند الميزان ولكن قد تبقى بعض الأحمال من كراهية أو مشاعر سلبية كونهم بشر فيمن الله تعالى عليهم حسب قوله تعالى :
(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ [[غِلٍّ]] إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) [ الحجر 47]
2. تراكمات مادية (أموال ومكتسبات وحقوق ..)!!
وهي كل مازاد من مال أو أملاك مادية عن حاجة الفرد فكنزه وحبسه عن مستحقيه ليتراكم فوق عنقه !!
وذلك حسب مابينه الله تعالى :
(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ [[مَغْلُولَة]]ً إِلَىٰ [[عُنُقِك]]َ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا)
[سورة اﻹسراء 29]
ولا تقبض يدك فتبالغ في البخل و عدم الإنفاق فيتراكم ذلك على عنقك أي تتحمله بذمتك كونك حرمت منه من قد يكون بأمس الحاجة إليه ولم تستفد أنت ولاغيرك منه !!!
وتأكيدا لما ذهبت إليه أن الأغلال هي تلك الأحمال المادية أو المعنوية لنتدبر قوله تعالى:
(وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ [[يَغُلَّۚ وَمَنْ يَغْلُلْ]] يَأْتِ [[بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]] ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)
[سورة آل عمران 161]
كيف سيأتي بما غل يوم القيامة ؟!!
بيان ذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى :
(إِذِ [[الْأَغْلَال]]ُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ)
[سورة غافر 71]
وقوله تعالى :
(خُذُوهُ [[فَغُلُّوهُ]] * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوه)
[سورة الحاقة 30 - 32]
أي خذوه وحملوه ما غل في الدنيا (ما اكتسبه في الدنيا من آثام وأوزار لأموال لم ينفقها لمستحقيها أو ذنوب ومعاصي أو أحقاد وضغائن) ثم اذهبوا به إلى الجحيم ثم بعد ذلك تكون مرحلة التقييد بالسلسلة ذات السبعون ذراعا !!
وبيان تلك الأحمال والأثقال جاء جليا بينا واضحا لاريب فيه في قوله تعالى :
([[لِيَحْمِلُوا]] [[أَوْزَارَهُم]]ْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
[سورة النحل 25]
وكذلك في قوله تعالى :
(وَ[[لَيَحْمِلُنَّ]] [[أَثْقَالَهُم]]ْ وَ[[أَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ]] ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) [العنكبوت 13]
وزيادة في التأكيد فهذا بيان واضح للذين يكنزون المال أيا كان شكله نقدا أو ذهبا أو عقارا فلا فرق في ذلك وقد عبر عنها الله تعالى بكنز الذهب والفضة .. فقال تعالى :
(وَالَّذِينَ [[يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ]] وَ[[لَا يُنْفِقُونَهَا]] فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ [[يُحْمَىٰ]] عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ [[فَتُكْوَى]]ٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا [[كَنَزْتُمْ]] [[لِأَنْفُسِكُمْ]] فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)
[سورة التوبة 34 - 35]
هذا ما كنزتم (ﻷنفسكم) يا أصحاب الملايين والمليارات والعقارات !!
بعد ذلك البيان أقسم أن :
- كل مريض يموت بسبب عدم قدرته على مصاريف العلاج !!
- وكل جائع يموت أو يصاب بأمراض ويعاني بسبب الجوع وعدم قدرته على توفير الطعام !!
- وكل ذو حاجة أو دين يعاني دون أن يجد مايقضي به حاجته أو دينه !!
- وكل مسكين أو محروم أو سائل أو عاجز يكابد ذل الفقر وآلام العجز !!
أقسم أن أولئك جميعا حقوقهم هي (أغلال) في أعناق الأثرياء والمترفين يوم القيامة إن لم يسارعوا بتفقدهم وتبرئة ذممهم وإعطاءهم (حقوقهم) بحب وطيب خاطر وبكرم وسخاء دون منة ولا تفضل منهم !!
فيامن أكرمه الله ونعمه .. أكرم اليتيم وذي القربى والمحتاج والسائل والمسكين ونعمهم كما أكرمك الله تعالى ونعمك .. وأحسن كما أحسن الله إليك .. ولينفق كل ذي سعة من سعته !!
وفقنا الله جميعا لفهم رسالته وتطبيقها قبل فوات الأوان !!
________________________________________________________________________
التوقيع
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
