من يفقد ثروة يفقد كثيراً (1) للدكتور خليل البدوي

من يفقد ثروة يفقد كثيراً ومن يفقد صديقاً يفقد أكثر ومن يفقد الشجاعة يفقد كل شيء

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

من يفقد ثروة يفقد كثيراً (1)

الدكتور خليل البدوي/ عمان

في حين لن يفقد أغلب الناس الرغبة في التطلع إلى الثروة المالية، يقول الأشخاص الذين خبروا العيش في هذا

 الحلم إنه يمكن أن يكون سببا في العزلة عن الآخرين، وإن حياتهم غالبا ما تبدو وردية من الخارج فقط.

أنه من السهل أن تبدأ المعاناة مما يمكن أن نطلق عليه "أعراض الثروة المفاجئة"، وأن تجد نفسك جزءا من

 مشلكة الهوية، بينما تتعامل أيضا في نفس الوقت مع الشعور بالوحدة والإحباط الناتجين عن ذلك.

فكثيرون منا لديهم أحلام وأفكار عن الطريقة التي يمكن أن يصبحوا من خلالها أثرياء لسنوات، لكن عندما

 يحدث ذلك الأمر، نكون في الغالب غير مستعدين للتعامل مع ذلك التغيير المفاجئ في سلوكنا مع من حولنا،

فلهذا نقضي وقتا طويلا في التفكير فيه.

وعندما يبدأ الأصدقاء في التصرف بطريقة توحي بابتعادهم عنا، أو التقرب إلينا بطرق لم تكن معتادة، أو يبدأ

حتى أفراد العائلة في التدخل في شؤوننا المالية، أو يريدون مزيدا من الانخراط في حياتنا الشخصية، فإننا حينها 

سنشعر بصدمة.

 أن المال يغير الناس، ومثلما قال المثل(الفلوس تغير النفوس) كثيراً منا يسمع هذه العبارة والتي تجر ورائها قطيعاً من العبارات التي تتسم بعضها بالحزن والبعض الآخر بالفرح على حسب اعتقادي ولكن تظل هذه العبارة التي لا استطيع ان انعتها الا (بالخطيره) ولكن مع ذلك يعيشها الانسان بمرها وحلوها..

كثيرون تغيروا بعد أن تكاثرت في أيديهم وفي أرصدتهم وفي جيوبهم الفلوس...فلماذا؟ بداخلهم موج من الغرور عظيم.....ونسوا أيام زمان....أيام الفقر والعوز وربما الحرمان...ويسعون جاهدين إلى نسيان ماضيهم الأليم....وتناسوا أو تجاهلوا أو حتى إنكار أصدقائهم القدامى.... 

فللغنى أصدقاء خاصون.....وطبقة مميزة في عالم الجاه والمال....وأما أصدقاء الماضي فيجب أن تمحى 

أسماؤهم من خارطة هؤلاء الأغنياء الجدد حتى لا تسبب لهم حرجا ولا مرارة ولا ألما....كما قد 

يتوهمون... 

لماذا يشكو الناس من تغير بعضهم إذا كثرت فلوسهم وزادت أموالهم....ويذكرونهم بشيء من السخرية 

والمرارة....ويذكرون صفحات من ماضيهم تذكر بسوء أحوالهم وتجرعهم للفقر والمسكنة....؟؟؟؟... 

:{كلا إن الإنسان ليطغى*أن رأه استغنى}..... ففي بعض الأحيان، يُظهر حديثو الثراء سلوكيات معينة، سواء أدركوا ذلك أم لا، ويشمل ذلك الإنفاق بصورة تنطوي على تهور، والإقلاع المفاجئ عن ممارسة بعض الأنشطة المفضلة التي يمكن أن تحدث "صدعا" مع الأصدقاء والزملاء الذين تربطهم بهم علاقات طويلة، 

فالأصدقاء "ربما لا يريدون التأقلم مع بعض التغيرات التي أحدثتها الثروة المفاجئة"، وبالتالي سيبتعدون، مما

 يزيد من عزلة أصحاب تلك الثروة، وهنا تصبح أكبر عقبة في الغالب هي التحكم في ردود فعل الأصدقاء وأفراد

 العائلة، كما اسلفت. 

وفي العادة يحاول آشخاص آخرون خارج هاتين الدائرتين أن يربطوا حياتهم بعلاقات تعارف مع الأشخاص حديثي

 الثروة، كما يبرز أمامنا أيضا الأصدقاء وأفراد العائلة ممن يحاولون تقوية أواصر العلاقة بشخص يرونه الآن فائزا، 

إذن ماذا نفعل عندما يبدأ الأصدقاء والعائلة في معاملتنا بصورة مختلفة؟

 أغلبنا قد يشعر بالارتياب تجاههم، وربما يتساءل: أين كان هؤلاء عندما كنت أكدح في وظيفتي اليومية، أو أبذل 

مزيدا من الساعات التي لا تحصى في عمل جديد؟

من الطبيعي أن ترجع وتوثق دائرة علاقاتك بالأصدقاء عندما لا تكون متأكدا تماما بشأن مَن منهم يتقرب إليك فقط لأنك أصبحت ثريا، وهذا الشعور لا يختفي بالضرورة بعد أن تستمر في تحقيق الثروة والنجاح بشكل ثابت، ويصبح التعرف

 على الشخص الذي يريد بالفعل أن يصادقك أمرا أكثر صعوبة، وبالتالي فإن الحكم الخاطئ على مثل هؤلاء الأشخاص لمرة واحدة أو مرتين سيكون له آثاره المتوقعة، وأهمها العزلة.

في اعتقادي أن الإنسان ذا المعدن الأصيل لا تغيره الفلوس مهما كثرت....ولا المناصب مهما عظمت.... 

ولكن قد ينشغل المرء بعد كثرة المال فيظن أصدقاء الماضي أن صاحبهم نسيهم وربما أزدراهم... 

وهذا قد يكون وهما لا حقيقة له.... 

ولكن كثيرين معادنهم ليست أصيلة بل مغشوشة....سرعان ما يتغيرون وقد يقلبون ظهر المجن لمن مدوا

له يد العون يوما من الأيام..... 

الرجل الأصيل بأخلاقه ودينه العاقل ذو المروءة لا تغيره الفلوس بل قد يزيد تواضعه شكرا لله عز وجل

على ما أنعم به عليه.... 

ولكن يا ترى ماذ سيحصل لو اننا راجعنا انفسنا وابتعدنا عن الماديات قليلا..ألا تكونوا معي أن لسان

 كل واحد منا سيقول:

 انتم كفايتي يا اهلي واصدقائي وانتم الامل الذي زرعته بالمحبة وسأحصده بشكري لكم، فأنتم الدفئ لي من بردي

 وانتم الماء لعطشى، فأنتم لي كالعين واليدِ، إن تألمت يدي دمعت عيناي، وإن دمعت عيناي .. مسحت دموعها بيدي ولا يطاق العيش دونكم. 

فحضوركم يا اهلي واحبتي في حياتي علامة فارقة لا فيها زيف ولا كذب، لم تكن بطول السنين ولكن بأثر المواقف، فمواقفكم جميعها اتمناها بعيدة عن مغريات الحياة لتكون صادقة، طاهرة.

شكرًا لكم جميعاً، وانتم تلفون حولي لشخصي وليس بما عندي، لا اعلم كيف سأنهي كلماتي ولدي الكثير من قوله، فلكم من قلبي كل حب ولكم بقلبي وكل نبضة تنبض بذكراكم.

الأستاذة العزيزة الغالية الرائعة المبدعة المتميزة@ايمان الساكت