(( قصيدة الأرملة المرضعة ))

كان الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي جالسًا في دكان صديقه محمد علي الكائن أمام جامع الحيدر خانة ببغداد في شارع الرشيد من جهه ساحه الميدان
بينما كان الرصافي يتجاذب أطراف الحديث مع صديقه التتنجي، وإذا بامرأة محجبة ، يوحي منظرها العام بأنها فقيرة ،
وكانت تحمل صحنًا ( من الجينكو ) وطلبت بالإشارة من صاحبه أن يعطيها بضعة قروش كثمن لهذا الصحن لكن صاحب الدكان خرج إليها وحدثها همسًا ،

فانصرفت المرأة الفقيرة .
هذا الحدث جعل الرصافي يرسم علامات استفهام كبيرة ، وقد حيّره تصرف السيدة الفقيرة ،
وتصرف صاحبه التتنجي معها همسًا ، فاستفسر من صديقه عنها فقال له :
إنها أرملة تعيل يتيمين وهم الآن جياع وتريد أن ترهن الصحن بأربعة قروش كي تشتري لهما خبزًا
فما كان من الرصافي إلا أن يلحق بها ويعطيها اثني عشر قرشًا كان كل ما يملكه الرصافي في جيبه
فأخذت السيدة الأرملة القروش وهي في حالة تردد وحياء وسلمت الصحن للرصافي وهي تقول :
" الله يرضى عليك تفضل وخذ الصحن "
فرفض الرصافي وغادرها عائدًا إلى دكان صديقه وقلبه يعتصر من الألم ،

عاد الرصافي إلى بيته ولم يستطع النوم ليلتها وراح يكتب هذه القصيدة والدموع تنهمر من عينيه كما أوضح هو بقلمه

وهذا يعني أن (( قصيدة الأرملة المرضعة ))
كتبت بدموع عيني الرصافي فجاء التعبير عن المأساة تجسيدًا صادقًا لدقة ورقة التعبير عن مشكلة اجتماعية
استأثرت باهتمام المعلمين في المدارس الابتدائية فيما بعد واعتبروها انموذجًا ، جسد معاناة الرصافي حيث استأثر بموضوع الفقر والفقراء .
تعتبر هذه القصيدة من روائع الشعر العربي في عصر النهضة...
(( الأرملة المرضعة للشاعر العراقي معروف الرصافي )).
لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا === تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا
أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ === وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا === وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا
مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا === فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَـا
المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا === وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا
فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا === وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا === فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا
وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا === حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَـا
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَـا === كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَـتْ زُبَانَاهَـا
حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً === كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا
تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا === حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَـا
قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْـدَامٍ مُمَزَّقَـةٍ === في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَـا
مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا === تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَـا
تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ === هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَـا
مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا === إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَـا
يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ === كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَـا
مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ === وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَـا
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَـا === تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَـا
وَيْلُمِّهَا طِفْلَـةً بَاتَـتْ مُرَوَّعَـةً === وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَـا
تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَـا === وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَـا
قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَـا === وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَـا
وَيْحَ ابْنَتِي إِنَّ رَيْبَ الدَّهْرِ رَوَّعَهـا === بِالفَقْرِ وَاليُتْمِ ، آهَـاً مِنْهُمَا آهَـا
كَانَتْ مُصِيبَتُهَا بِالفَقْرِ وَاحَـدَةً === وَمَـوْتُ وَالِدِهَـا بِاليُتْمِ ثَنَّاهَـا
هَذَا الذي في طَرِيقِي كُنْتُ أَسْمَعُـهُ === مِنْهَا فَأَثَّرَ في نَفْسِي وَأَشْجَاهَـا
حَتَّى دَنَوْتُ إلَيْهَـا وَهْيَ مَاشِيَـةٌ === وَأَدْمُعِي أَوْسَعَتْ في الخَدِّ مَجْرَاهَـا
وَقُلْتُ : يَا أُخْتُ مَهْلاً إِنَّنِي رَجُلٌ === أُشَارِكُ النَّاسَ طُرَّاً في بَلاَيَاهَـا
سَمِعْتُ يَا أُخْتُ شَكْوَى تَهْمِسِينَ بِهَا === في قَالَةٍ أَوْجَعَتْ قَلْبِي بِفَحْوَاهَـا
هَلْ تَسْمَحُ الأُخْتُ لِي أَنِّي أُشَاطِرُهَا === مَا في يَدِي الآنَ أَسْتَرْضِي بِـهِ اللهَ
ثُمَّ اجْتَذَبْتُ لَهَا مِنْ جَيْبِ مِلْحَفَتِي === دَرَاهِمَاً كُنْـتُ أَسْتَبْقِي بَقَايَاهَـا
وَقُلْتُ يَا أُخْتُ أَرْجُو مِنْكِ تَكْرِمَتِي === بِأَخْذِهَـا دُونَ مَا مَنٍّ تَغَشَّاهَـا
فَأَرْسَلَتْ نَظْرَةً رَعْشَـاءَ رَاجِفَـةً === تَرْمِي السِّهَامَ وَقَلْبِي مِنْ رَمَايَاهَـا
وَأَخْرَجَتْ زَفَرَاتٍ مِنْ جَوَانِحِهَـا === كَالنَّارِ تَصْعَدُ مِنْ أَعْمَاقِ أَحْشَاهَـا
وَأَجْهَشَتْ ثُمَّ قَالَتْ وَهْيَ بَاكِيَـةٌ === وَاهَاً لِمِثْلِكَ مِنْ ذِي رِقَّةٍ وَاهَـا
لَوْ عَمَّ في النَّاسِ حِسٌّ مِثْلُ حِسِّكَ لِي === مَا تَاهَ في فَلَوَاتِ الفَقْرِ مَنْ تَاهَـا
أَوْ كَانَ في النَّاسِ إِنْصَافٌ وَمَرْحَمَةٌ === لَمْ تَشْكُ أَرْمَلَةٌ ضَنْكَاً بِدُنْيَاهَـا
هَذِي حِكَايَةُ حَالٍ جِئْتُ أَذْكُرُهَا === وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَى الأَحْرَارَ فَحْوَاهَـا
أَوْلَى الأَنَامِ بِعَطْفِ النَّاسِ أَرْمَلَـةٌ === وَأَشْرَفُ النَّاسِ مَنْ بِالمَالِ وَاسَاهَـا

رحم الله الشاعر الكبير معروف الرصافي

و سلمت الايادي اخي القدير مروان باشا

بارك الله فيك

تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ا/ مروان

سلمت على حسن الاختيار

قصيده رائعه المعاني برغم الحزن الكائن بين احرفها

بارك الله فيك

تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

خالص تحياتي لغاليتنااااااا الأديبه الوقوره واستاذتي الفاضله باسند مستشااااارة اشتياق وحبيبة كل القلوووووب الإشتاااااقيه
شكرا لحضرتك علي الرد

العسر لن يدوم ..والشدة لن تطول.. والليل يتبعه فجر..والصبر أجمل العبادات..
والدعاء يسحق الهموم ..
فإذا قلت : يارب فإما أن يلبي لك النداء، أو يدفع عنك البلاء، أو يكتب لك أجرا في الخفاء.
اللهم انا نسألك فرجا قريبا
فيسر لنا كل خير يا الله
كيف نقنط وأنت ربنا
ّ وكيف نقلق وأنت حسبنا
وكلناك أمرنا فلا تكلنا الى احد سواك

صباح ومساء معطر بذكر الله

تم الإرسال من خلال التطبيق Topic'it

خالص تحياتي لغاليتنااااااا الأديبه المحترمه الأستاذة إيمان الساكت
نائبة المدير العام وفراشة اشتياق وحبيبة كل القلوووووب الإشتاااااقيه
شكرا لحضرتك علي الرد
لم يخلقنا الله لنيأس !!!
خلقنا لنقف على شرفة الحياة ونخوضها مطمئنين واثقين بالله وعلى أمل !!!
وإن طال وقوفنا فالأمل أطول ؛؛؛
قإذا أتاك ما يخيفك فقل : حسبي اللّه ؛؛؛
و إذا داهمك هم فقل : وأفوض أمري إلى الله ؛؛؛
وإذا خنقك الحزن فقل : إنما أشكو بثي و حزني إلى اللّه ؛؛؛
فما ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﻳﺴﺎﻣﺢ إلا عاش ﻣﺮﺗﺎﺣﺎً ؛؛؛
وما ﻣﻦ ﻧﻔﺲ ﺗﺮضى ﺑﺎﻟﻘﺪر إﻻ ﺑﺎﺗﺖ ﺳﻌﻴﺪة ؛؛؛
وما ﻣﻦ روح تحمد الله دائماً إلا استيقظت وهي ﻣﺒﺘﺴﻤﺔ ؛؛؛
ربي أن كان أحداً من أحبتي يملكه الضيق ففرج ضيقه ؛،،
وأسعد قلبه ،،،
ومن كان ينتظر خبر سعيد فعجل له
وجازي صبره ؛؛؛
وبشرني وبشر من أحب بكل خير ؛؛؛

تم الإرسال من خلال التطبيق Topic'it

» قصيدة النثر
» قصيدة بلانقط
» قصيدة عن رمضان
» قصيدة اعتذار
» قصيدة الرحيل