منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد الجنابي
مدير المنتدى
احمد الجنابي

ذكر
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
عدد المشاركات : 2311
نقاط التقييم : 2616
بلد الاقامة : مغترب مقيم بهولندا
علم بلدك : الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالأربعاء مارس 14, 2018 10:32 pm

بسم الله الرحمن الرحيم



الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير الراحل  عبدالرزاق عبد الواحد

وهو يقصد الزائر الاخير بملك الموت 

حبيت انزلها تذكرا لراحنا الغالي ابو حيدر رحمه الله

الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة  

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]




من دون ميعادِ
من دون أن تُقْلِقَ أولادي
أطرق عليَّ الباب
أكون في مكتبي
في معظم الأحيان
أجلسْ كأيِّ زائرٍ
وسوفَ لا أسألُ
لا ماذا ولا مِنْ أينْ
وحينما تُبْصِرُني مُغرورقَ العينينْ
خُذْ من يديْ الكتابْ
أعِدْهُ لو تسمحُ دونَ ضجَّةٍ للرفِّ حيثُ كان
وعندما تخرجُ لا توقظْ ببيتي أحدا
لأن من أفجع ما تُبْصِرُهُ العيونْ
وجوهَ أولاديَ حينَ يعلمونْ

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالأربعاء مارس 14, 2018 10:39 pm

ا/ احمد


سلمت على حسن الاختيار


ورحم الله الراحل مصطفي الشبوط


بالفعل ملك الموت هو الزائر الاخير للانسان

اللهم ارزقنا واياك بحسن الخاتمه

بارك الله فيك

تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد الجنابي
مدير المنتدى
احمد الجنابي

ذكر
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
عدد المشاركات : 2311
نقاط التقييم : 2616
بلد الاقامة : مغترب مقيم بهولندا
علم بلدك : الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالأربعاء مارس 14, 2018 10:41 pm

شكرا لك زميلتي المحترمة الاستاذة ايمان الساكت على الحضور

يعطيك الف عافية

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسند
مستشارة اشتياق -الام الروحية لاشتياق
باسند

انثى
تاريخ التسجيل : 17/01/2014
عدد المشاركات : 51603
نقاط التقييم : 73117
بلد الاقامة : سويسرا
علم بلدك : علم العراق
الاسد

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالأربعاء مارس 14, 2018 11:22 pm

شكرا للقصيده الرائعه و المؤلمه في ان واحد 

نعم ملك الموت هو الزائر الاخير لنا 

ربي يجعله زائرا رحيما بنا ويرزقنا حسن الختام 

ورحم الله فقيدنا الغالي ابو حيدر وجعل قبره روضة من رياض الجنه 

ارجو ان يكون لقاءنا معه على الحوض مع نبينا و شفيعنا عليه افضل الصلوات و السلام 

ومع اله الطاهرين 

ربي يسعدك سيدي الغالي 

تقبل تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد الجنابي
مدير المنتدى
احمد الجنابي

ذكر
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
عدد المشاركات : 2311
نقاط التقييم : 2616
بلد الاقامة : مغترب مقيم بهولندا
علم بلدك : الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالأربعاء مارس 14, 2018 11:45 pm

الاستاذة ام اري المحترمة

الله يطول عمرك

نعم نسال الله ان يخفف علينا يوم الموت ويحسن ختامنا

يعطيك الف عافية

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر



الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالسبت مارس 17, 2018 12:18 pm

هو فعلا يقصد الموت
خُذْ من يديْ الكتابْ
أعِدْهُ لو تسمحُ دونَ ضجَّةٍ للرفِّ حيثُ كان
وعندما تخرجُ لا توقظْ ببيتي أحدا
لأن من أفجع ما تُبْصِرُهُ العيونْ
وجوهَ أولاديَ حينَ يعلمونْ

الشاعر المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد معروف بحسه الوطني وشيمه نحو بلده .. كنب قصائد رائعة منها العمودي ومنها النثري ( الحر المرسل ) وقد أجاد في كليهما ..بالمناسبة ترجمت له للإنجليزية قصيدته (يا صبر أيوب ) ويقصد فيها صبر العراقيين على المحن فشببهم بالجمل الصبور ويا له من تشبيه رائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالسبت مارس 17, 2018 7:43 pm

استاذي الكريم وأخي العزيز الفاضل الرائع المبدع المتميز@ابو فهد

ذهبَ كثيرٌ من النقاد إلى أن الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد يمثل خطّاً كلاسيكياً محافظاً. وذهبَ آخرون إلى أنهُ يمثل امتداداً للشاعر محمد مهدي الجواهري، وفي ذلك التوصيف الكثير من الصحة في رصد الملامح الجمالية لقصيدة عبدالرزاق عبدالواحد. فأغلب قصائده تستثمر شروط الكلاسيكية، لكنها كلاسيكية أخرى من نمط آخر، حديثة، متطورة استمدَّ منها الإطار العام. الوزن الواحد. والقافية الموحدة. واللغة العالية الفخمة والتراكيب القوية وعدم الإسراف في الخيال، والتحرك إلى المتلقي على نحو واضح مباشر مبتعداً عن الغموض قدر الإمكان.
غير أنه يبارح الكلاسيكية ويقترب من الاتجاه الرومانسي والاجتماعي، لاسيما في قصائده بعدَ احتلال العراق عام 2003، إذ تحولَ الشعر لديه إلى تنفيس عن تجربة وجدانية حارة ومشاعر ذاتية ضاغطة ومواجهة واقع مثخن بالجراح أفرزتهُ مخلفات الحرب، يتصاعد في شعره الوطني حنين جارف إلى الوطن ولوعة لا تهدأ بسبب المآسي والنائبات التي دمَّرت وطناً تأريخياً مثل العراق وأنهكت شعبهُ ومزّقت ثوبهُ العروبي الأصيل. شعرهُ الوطني يصدر عن تجربة صادقة مؤلمة لا تسمح لَهُ بالانسراح بعيداً من الموضوع، ولا تعطيه فرصة الانفلات في الخيال.. قصيدته الوطنية مركّزة، مكثفة. تتحرك وفق موضوع واحد، تستثمر غالباً تقنيات التضاد والمفارقة الجارحة، وتحلق عالياً في تشكيلها الإيقاعي، يقول:
أَيُّها النازفُ دمعاً ودَما/ ما الذي ينفعُ والدهرُ رمى/ أغلقْ البيت واطفئ شمعَهُ/
كان ميلاداً وأمسى مأتما.
لعلَّ هذين البيتين يختزلان مأساة الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد ونزيف روحِه المفعمة بالمرارة وهو يُناجي نفسهُ بأداة النداء «أيُّها النازف دمعاً ودما...» يليه الاستفهام المفضي إلى الاستغراب والتعجب «ما الذي ينفع..» والإيمان بالقدر والذي ساقهُ بصيغة استعارية «الدهرُ رمى...»، ويستمر النشيج الروحي عبرَ البيت الثاني بطلبه إغلاق البيت وإطفاء الشموع كناية عن اليأس وقضاء الأمر. ليطلق إلى القارئ وعبرَ لغة تضادية قائمة على بنية المفارقة تلك اللوحة المأسوية «كان ميلاداً وأمسى مأتما».
عبدالرزاق عبدالواحد الذي رحلَ عَنَّا قبل أشهر. الشاعر العراقي الوطني المعروف بموقفِهِ الثابت. شهدَ جميع الملمّات التي ألمّت بوطنِهِ العراق، وما ترك منها ملمّة من دون قصيدة أو قصائد. أما تلك اللوعة وذلك الشجن فقد كبرا واشتدّا بعدَ هجرتِهِ الوطن بعدَ الاحتلال عام 2003. فكان ديوانهُ «يا عراق» المنشور عام 2013 الذي أهداهُ للعراق وسطرَّ فيهِ أشواقَه وحنينه ونزيف روحِهِ.
ارتأيتُ أن يكون «يا عراق» منهلي الأكبر في هذهِ الدراسة مع بعضٍ مِمّا نُشِرَ على الشبكة العنكبوتية، يبدأ قصيدتهُ «سيدي يا عراق» بالقسم وأي قسمٍ أن يقسم بعينيّ العراق!!:
لا وعينيكَ لَم أنَمْ/ شاخصَ العين والقلم/ لا ذهولاً، ولا أسىً/ لا ذبولاً، ولاَ سَقَم/
إنمّا القلبُ فَزَّ في/ قفص الصدر فارتَطَمْ/ عالقاً في شغافِهِ/ مثلمَا الطيرُ في العتمْ.
تعقبُ القسم معادلة عدم النوم المرتبطة بالذهول والأسى والذبول والسقم، لكنهُ نفى تلك المعادلة نفياً جازماً بالأداة «لا» التي تكررت أربع مرات في البيت الثاني.. كما ابتدأ بحرف النفي قسمهُ «لا وعينيك» وأقرَّ لعدم النوم حقيقة أخرى موجعة.. مؤثرة بكل مقاييس الإنسانية:
إنمّا القلبُ فَزَّ في/ قفص الصدر فارتَطَمْ/ عالقاً في شغافِهِ/ مثلمَا الطيرُ في العتمْ.
تلك الحقيقة التي صيغت بقالب استعاري كنائي جسَّدت براعة الشاعر في التصوير، فالوجع أودى بالقلب في غير مكانِهِ ليبقَى عالقاً لا يستقرّ. ليضع صورته النهائية عبرَ التشبيه التمثيلي «مثلما الطير في العتم» فلم يَعُدْ للقلب بصيرة أو بصر!
اعتمدَ التكرار في القسم «لا وعينيك» في أكثر من مقطع في القصيدة دلالة على عمق الانتماء لأرض الوطن والقداسة والرفعة التي يحتلها في نفس الشاعر.
وينتقل من تكرار القسم إلى تكرار النداء منادياً وطنهُ البعيد القريب:
يا عراق الإبا يا/ قبلة الله والحرم/ أيُّها السافرُ الذي/ وجههُ قط ما التثمْ/
يا منيعاً على الشجا/ يا مهيباً على الألم/ يا عفيفاً على الأذى/ لا تدنّى ولا شتَمْ/
يا كبيراً على القذى/ كلّما ساءَهُ كظَمْ/ سيّدي يا عراق/ يا وطن العزّ والكرم.
نعوتٌ متعددة والمنعوت واحد (العراق)، وصيغت النعوت بصيغة المنادى البعيد القريب، فهو يخاطب أو يُنادي الوطن البعيد في المسافة، القريب إلى الروح موشحاً إياهُ بصفاته التي عهدها.. المنعة والمهابة والعفة والرفعة والعزة والكرَمَ... عبر بناء قوي وأسلوب متماسك وقافية ساكنة صادمة.
لينتقل إلى وطن اليوم بعد الاحتلال:
حولَكَ الآن عصبةٌ/ من ذئاب، ومن بُهَمْ/ والغاتٌ ببعضها/ لا ذمام، ولا حُرَم/ أنفسُ كلّها قذى/ أوجهٌ كلّها تُهَمْ/ جوقةٌ من عقارب/ تلدغُ الجندل الأصم.
 
المشهد السياسي شعرياً
صورةٌ للمشهد السياسي في عراق اليوم، أو بالأصح المشهد الدموي الذي آل إليه، ففي الجزء الأول يخاطب شاعرنا عراق الأمس حيث اعتمدَ صيغة تكرار المخاطب المسند بأسلوب النداء «يا منيعاً»، يا مهيباً، يا عفيفاً...». حيث شعَّت الأبيات الستة الأولى بضياء كل ما تختزنه الذاكرة - ذاكرة المواطن العراقي - الموغلة في أصالة العراق المشبعة بمآثر تراثه ومفاخر ماضيه.
في حين أدلهمّت الأبيات في الجزء الثاني بظلمة الاحتلال وأذنابِهِ «عصبةٌ من ذئاب... جَوقةٌ من عقارب... أنفس كلّها قذى... أوجهٌ كلّها تهم «وعبر لغة تشبيهية واستعارية. تشبيهاتٌ مستقاة من عالم الوحوش الضارية! ثمَّ تلتها صرخةٌ بصيغة الأمر «فانتفض أيها الردى... واعترض... وانهمر...» راجماً كلّ الطغاة.
وتتجسَّد تلك المعادلة القائمة على المفارقة بين زمنين: الماضي الزاهر. والحاضر المظلم في قصيدته «عجَبٌ سكوتك». ونشيرُ إلى أن تلك المقارنة أو المفارقة ترتكز عليها معظم قصائده الوطنية بعد الاحتلال، يقول:
عجبٌ سكوتكَ.. واحتمالكَ أعجبُ/ أنتَ العراق إلى متى لا تغضبُ؟!/
أنتَ العراق.. إلى متى تحني القفا؟/ عُمرَ العراق رجالُهُ ما حدّ بوا؟!.
لنقف عند هذين البيتين، استفهامهُ فيهما يُفضي إلى التعجب والاستغراب بشكل واضح، لكن هذهِ المرة بصوت انفعالي عالٍ لا يخفى، فالمخاطب هنا سيدهُ (العراق) الذي انحنى، ولم ينحن يوماً، لكنهُ هنا ارتفع صوته في حضرة سيدهِ مخاطباً إياه بحسرةٍ ومرارة بأنك ما عُدت ذلك الشامخ المُهاب! فمتى؟! وكيف؟ ولماذا؟! وتستمرُّ متوالية الاستفهامات المفضية إلى التعجب في معظم أبيات القصيدة مصحوبة باستنكار واستثارة للهمم ودعوة إلى اليقظة والعودة إلى زمنٍ كان!
هذا الذي كانَ الزمان يهابهُ/ أمسى ذليلاً يستجيرُ ويعتبُ/ يرنو لأيدي قاتليه، وأهلهُ/ جثث على أقدامهم تتقلَّبُ/ أفبَعدَ هذا الهول هولٌ يُدّرى؟!/
أفبعدَ هذا الموتُ موتٌ يُرهَبُ؟!/ كُنّا نموتُ على هلاهل أهلنا/
فمتى نموتُ وهُم دَمٌ يتصبَّبُ؟!
تستمرُّ العلاقة التضادية التي اكتسحت معظم أجواء القصيدة وقرينتها الربط بين زمنين (الماضي - الحاضر) أنت الذي كانت جميعُ عروشها/ تهتزُّ لو عَرَضاً عيونُك ترقبُ/ ينهارُ أجرَؤهُا فيلزم حَدَّهُ/ وخسيسها من رُعبِه يتأدَّبُ/ أصبحت لا تُخشى ولا تُتَجنّبُ/ بل أنتَ من يخشى ومن يتجنَّبُ. فذلك الجزء العزيز من الأمة قد هوى واستباحَ جسدهُ الأعداء والخونة والفاسدون، فكيف لا تبكيه لغة الشعراء وقد بكتهُ أمة العرب جمعاء؟!
ثكلتني أمي إن تكن أنت الذي/ بالأمسِ أعرفهُ الرَّهيب الأهيبُ!
بناءُ قوي، وتركيبُ متماسك، وإيقاعٌ متدفق يتناسب وحرارة تجربته، يتحقق من خلاله ذلك التواصل الكلي بين الشاعر - النص - المتلقي والانسجام الشعوري بين الأطراف الثلاثة يطلق التجربة إلى ساحة الإبداع. قد تتقلص في بناء القصيدة الوطنية أساليب الانزياح والصور التي تطلق النص إلى أفق واسع من التخيل، لكنه استطاع بناء لغة متماسكة مؤثرة في نفس المتلقي باستثمارهِ أساليب أخرى كالمفارقة والتضاد والتقديم والتأخير والاستفهام المفضي إلى معانٍ متعددة، قدَّم لنا تجربة إبداعية مؤثرة تضع المتلقي في دائرة الجاذبية، ولاسيما أن الشعر الوطني شعرٌ جماهيري موجّه إلى كل فئات وطبقات المجتمع.
واقعٌ مؤلم يجسّد حكاية مدينة عريقة سادَها الدجى فأخرجها من ثوبها التاريخي، حيث انقلبت الموازين، وتعاكست المقاييس المنطقية، فالفاسد يحكم، والسلطة رعاع، والوطن بضاعَة، والشعب ضحايا! واقعٌ مرير أُهدِرتَ فيه قيمة الإنسان حيثُ تكاثرٌ في عدد الفاسدين، وتناهٍ في الحقارة والإجرام!
يذكرُ أحياء المدينة (الكرخ، الرصافة، الأعظمية) وهي مبعثُ حياته، وبعدها (يبست روحه) جفّت وذهب ذلك الرونق على سبيل الاستعارة المكنية، ومفردة (يبست) لها دلالة أن هنالك كانت شجرة مثمرة أو وردة يانعة نضرة فيبست حال انقطاع الماء حيث (صوّحت أبهى سنادينه). «فيها سأزحف مقطوع الشرايين» صورةٌ كنائية، الذبيح يزحف نحو أهله الموتى وَهو في رمقه الأخير يكنّي بها عن عمق الوجع وهو ينشجُ أَلَماً وحزناً. ويستمرُ النشيج والأنين المحمل باستفهامات التعجب والاستغراب مناجياً صبرَ أيوب للمرة الثانية (المرة الأولى كانت في التسعينات من القرن الماضي حين كان ديوانه «صبر أيوب» حيث ضمَ القصيدة بجزئها الأول. يقول:
الآن ضاقت على أقدامكَ السبلُ/ فانظر إلى أين تمضي أيها الجملُ؟!/
أمس احتملتَ بعذر الصبر مخرزهم/ واليوم قُل لي بأي العذرِ تحتملُ؟!/
والصبرُ لو كانَ في محضِ الأذى كَرَمٌ/ لكن على الذُلِ صبراً، كيفَ ياجملُ؟!/ وبيننا وطنٌ تُدمى كرامتهُ/ وكل موضعِ عزٍ فيه يُبتذَلُ.


 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احاسيس
مراقبة الاقسام العامة
قطرات الندى
اديبة

احاسيس

انثى
تاريخ التسجيل : 06/02/2013
عدد المشاركات : 7517
نقاط التقييم : 8482
بلد الاقامة : الجزائر
علم بلدك : Algeria الجزائر
الحمل

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالسبت مارس 17, 2018 11:06 pm

سلمت الايادي
قصيدة جد مؤثرة
ذات معاني معبرة
رحم الله الاموات
وخفف علينا سكراتها
تقديري لحسن إختيارك

________________________________________________________________________

التوقيع
____[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]_
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد الجنابي
مدير المنتدى
احمد الجنابي

ذكر
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
عدد المشاركات : 2311
نقاط التقييم : 2616
بلد الاقامة : مغترب مقيم بهولندا
علم بلدك : الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالسبت مارس 17, 2018 11:15 pm

محمد الربيعي كتب:
هو فعلا يقصد الموت
خُذْ من يديْ الكتابْ
أعِدْهُ لو تسمحُ دونَ ضجَّةٍ للرفِّ حيثُ كان
وعندما تخرجُ لا توقظْ ببيتي أحدا
لأن من أفجع ما تُبْصِرُهُ العيونْ
وجوهَ أولاديَ حينَ يعلمونْ

الشاعر المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد معروف بحسه الوطني وشيمه نحو بلده .. كنب قصائد رائعة منها العمودي ومنها النثري ( الحر المرسل ) وقد أجاد في كليهما ..بالمناسبة ترجمت له للإنجليزية قصيدته (يا صبر أيوب ) ويقصد فيها صبر العراقيين على المحن فشببهم بالجمل الصبور ويا له من تشبيه رائع


الاستاذ محمد الربيعي المحترم

نورت الموضوع 

يعطيك الف عافية

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد الجنابي
مدير المنتدى
احمد الجنابي

ذكر
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
عدد المشاركات : 2311
نقاط التقييم : 2616
بلد الاقامة : مغترب مقيم بهولندا
علم بلدك : الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالسبت مارس 17, 2018 11:15 pm

الدكتور خليل بدوي كتب:

استاذي الكريم وأخي العزيز الفاضل الرائع المبدع المتميز@ابو فهد


ذهبَ كثيرٌ من النقاد إلى أن الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد يمثل خطّاً كلاسيكياً محافظاً. وذهبَ آخرون إلى أنهُ يمثل امتداداً للشاعر محمد مهدي الجواهري، وفي ذلك التوصيف الكثير من الصحة في رصد الملامح الجمالية لقصيدة عبدالرزاق عبدالواحد. فأغلب قصائده تستثمر شروط الكلاسيكية، لكنها كلاسيكية أخرى من نمط آخر، حديثة، متطورة استمدَّ منها الإطار العام. الوزن الواحد. والقافية الموحدة. واللغة العالية الفخمة والتراكيب القوية وعدم الإسراف في الخيال، والتحرك إلى المتلقي على نحو واضح مباشر مبتعداً عن الغموض قدر الإمكان.
غير أنه يبارح الكلاسيكية ويقترب من الاتجاه الرومانسي والاجتماعي، لاسيما في قصائده بعدَ احتلال العراق عام 2003، إذ تحولَ الشعر لديه إلى تنفيس عن تجربة وجدانية حارة ومشاعر ذاتية ضاغطة ومواجهة واقع مثخن بالجراح أفرزتهُ مخلفات الحرب، يتصاعد في شعره الوطني حنين جارف إلى الوطن ولوعة لا تهدأ بسبب المآسي والنائبات التي دمَّرت وطناً تأريخياً مثل العراق وأنهكت شعبهُ ومزّقت ثوبهُ العروبي الأصيل. شعرهُ الوطني يصدر عن تجربة صادقة مؤلمة لا تسمح لَهُ بالانسراح بعيداً من الموضوع، ولا تعطيه فرصة الانفلات في الخيال.. قصيدته الوطنية مركّزة، مكثفة. تتحرك وفق موضوع واحد، تستثمر غالباً تقنيات التضاد والمفارقة الجارحة، وتحلق عالياً في تشكيلها الإيقاعي، يقول:
أَيُّها النازفُ دمعاً ودَما/ ما الذي ينفعُ والدهرُ رمى/ أغلقْ البيت واطفئ شمعَهُ/
كان ميلاداً وأمسى مأتما.
لعلَّ هذين البيتين يختزلان مأساة الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد ونزيف روحِه المفعمة بالمرارة وهو يُناجي نفسهُ بأداة النداء «أيُّها النازف دمعاً ودما...» يليه الاستفهام المفضي إلى الاستغراب والتعجب «ما الذي ينفع..» والإيمان بالقدر والذي ساقهُ بصيغة استعارية «الدهرُ رمى...»، ويستمر النشيج الروحي عبرَ البيت الثاني بطلبه إغلاق البيت وإطفاء الشموع كناية عن اليأس وقضاء الأمر. ليطلق إلى القارئ وعبرَ لغة تضادية قائمة على بنية المفارقة تلك اللوحة المأسوية «كان ميلاداً وأمسى مأتما».
عبدالرزاق عبدالواحد الذي رحلَ عَنَّا قبل أشهر. الشاعر العراقي الوطني المعروف بموقفِهِ الثابت. شهدَ جميع الملمّات التي ألمّت بوطنِهِ العراق، وما ترك منها ملمّة من دون قصيدة أو قصائد. أما تلك اللوعة وذلك الشجن فقد كبرا واشتدّا بعدَ هجرتِهِ الوطن بعدَ الاحتلال عام 2003. فكان ديوانهُ «يا عراق» المنشور عام 2013 الذي أهداهُ للعراق وسطرَّ فيهِ أشواقَه وحنينه ونزيف روحِهِ.
ارتأيتُ أن يكون «يا عراق» منهلي الأكبر في هذهِ الدراسة مع بعضٍ مِمّا نُشِرَ على الشبكة العنكبوتية، يبدأ قصيدتهُ «سيدي يا عراق» بالقسم وأي قسمٍ أن يقسم بعينيّ العراق!!:
لا وعينيكَ لَم أنَمْ/ شاخصَ العين والقلم/ لا ذهولاً، ولا أسىً/ لا ذبولاً، ولاَ سَقَم/
إنمّا القلبُ فَزَّ في/ قفص الصدر فارتَطَمْ/ عالقاً في شغافِهِ/ مثلمَا الطيرُ في العتمْ.
تعقبُ القسم معادلة عدم النوم المرتبطة بالذهول والأسى والذبول والسقم، لكنهُ نفى تلك المعادلة نفياً جازماً بالأداة «لا» التي تكررت أربع مرات في البيت الثاني.. كما ابتدأ بحرف النفي قسمهُ «لا وعينيك» وأقرَّ لعدم النوم حقيقة أخرى موجعة.. مؤثرة بكل مقاييس الإنسانية:
إنمّا القلبُ فَزَّ في/ قفص الصدر فارتَطَمْ/ عالقاً في شغافِهِ/ مثلمَا الطيرُ في العتمْ.
تلك الحقيقة التي صيغت بقالب استعاري كنائي جسَّدت براعة الشاعر في التصوير، فالوجع أودى بالقلب في غير مكانِهِ ليبقَى عالقاً لا يستقرّ. ليضع صورته النهائية عبرَ التشبيه التمثيلي «مثلما الطير في العتم» فلم يَعُدْ للقلب بصيرة أو بصر!
اعتمدَ التكرار في القسم «لا وعينيك» في أكثر من مقطع في القصيدة دلالة على عمق الانتماء لأرض الوطن والقداسة والرفعة التي يحتلها في نفس الشاعر.
وينتقل من تكرار القسم إلى تكرار النداء منادياً وطنهُ البعيد القريب:
يا عراق الإبا يا/ قبلة الله والحرم/ أيُّها السافرُ الذي/ وجههُ قط ما التثمْ/
يا منيعاً على الشجا/ يا مهيباً على الألم/ يا عفيفاً على الأذى/ لا تدنّى ولا شتَمْ/
يا كبيراً على القذى/ كلّما ساءَهُ كظَمْ/ سيّدي يا عراق/ يا وطن العزّ والكرم.
نعوتٌ متعددة والمنعوت واحد (العراق)، وصيغت النعوت بصيغة المنادى البعيد القريب، فهو يخاطب أو يُنادي الوطن البعيد في المسافة، القريب إلى الروح موشحاً إياهُ بصفاته التي عهدها.. المنعة والمهابة والعفة والرفعة والعزة والكرَمَ... عبر بناء قوي وأسلوب متماسك وقافية ساكنة صادمة.
لينتقل إلى وطن اليوم بعد الاحتلال:
حولَكَ الآن عصبةٌ/ من ذئاب، ومن بُهَمْ/ والغاتٌ ببعضها/ لا ذمام، ولا حُرَم/ أنفسُ كلّها قذى/ أوجهٌ كلّها تُهَمْ/ جوقةٌ من عقارب/ تلدغُ الجندل الأصم.
 
المشهد السياسي شعرياً
صورةٌ للمشهد السياسي في عراق اليوم، أو بالأصح المشهد الدموي الذي آل إليه، ففي الجزء الأول يخاطب شاعرنا عراق الأمس حيث اعتمدَ صيغة تكرار المخاطب المسند بأسلوب النداء «يا منيعاً»، يا مهيباً، يا عفيفاً...». حيث شعَّت الأبيات الستة الأولى بضياء كل ما تختزنه الذاكرة - ذاكرة المواطن العراقي - الموغلة في أصالة العراق المشبعة بمآثر تراثه ومفاخر ماضيه.
في حين أدلهمّت الأبيات في الجزء الثاني بظلمة الاحتلال وأذنابِهِ «عصبةٌ من ذئاب... جَوقةٌ من عقارب... أنفس كلّها قذى... أوجهٌ كلّها تهم «وعبر لغة تشبيهية واستعارية. تشبيهاتٌ مستقاة من عالم الوحوش الضارية! ثمَّ تلتها صرخةٌ بصيغة الأمر «فانتفض أيها الردى... واعترض... وانهمر...» راجماً كلّ الطغاة.
وتتجسَّد تلك المعادلة القائمة على المفارقة بين زمنين: الماضي الزاهر. والحاضر المظلم في قصيدته «عجَبٌ سكوتك». ونشيرُ إلى أن تلك المقارنة أو المفارقة ترتكز عليها معظم قصائده الوطنية بعد الاحتلال، يقول:
عجبٌ سكوتكَ.. واحتمالكَ أعجبُ/ أنتَ العراق إلى متى لا تغضبُ؟!/
أنتَ العراق.. إلى متى تحني القفا؟/ عُمرَ العراق رجالُهُ ما حدّ بوا؟!.
لنقف عند هذين البيتين، استفهامهُ فيهما يُفضي إلى التعجب والاستغراب بشكل واضح، لكن هذهِ المرة بصوت انفعالي عالٍ لا يخفى، فالمخاطب هنا سيدهُ (العراق) الذي انحنى، ولم ينحن يوماً، لكنهُ هنا ارتفع صوته في حضرة سيدهِ مخاطباً إياه بحسرةٍ ومرارة بأنك ما عُدت ذلك الشامخ المُهاب! فمتى؟! وكيف؟ ولماذا؟! وتستمرُّ متوالية الاستفهامات المفضية إلى التعجب في معظم أبيات القصيدة مصحوبة باستنكار واستثارة للهمم ودعوة إلى اليقظة والعودة إلى زمنٍ كان!
هذا الذي كانَ الزمان يهابهُ/ أمسى ذليلاً يستجيرُ ويعتبُ/ يرنو لأيدي قاتليه، وأهلهُ/ جثث على أقدامهم تتقلَّبُ/ أفبَعدَ هذا الهول هولٌ يُدّرى؟!/
أفبعدَ هذا الموتُ موتٌ يُرهَبُ؟!/ كُنّا نموتُ على هلاهل أهلنا/
فمتى نموتُ وهُم دَمٌ يتصبَّبُ؟!
تستمرُّ العلاقة التضادية التي اكتسحت معظم أجواء القصيدة وقرينتها الربط بين زمنين (الماضي - الحاضر) أنت الذي كانت جميعُ عروشها/ تهتزُّ لو عَرَضاً عيونُك ترقبُ/ ينهارُ أجرَؤهُا فيلزم حَدَّهُ/ وخسيسها من رُعبِه يتأدَّبُ/ أصبحت لا تُخشى ولا تُتَجنّبُ/ بل أنتَ من يخشى ومن يتجنَّبُ. فذلك الجزء العزيز من الأمة قد هوى واستباحَ جسدهُ الأعداء والخونة والفاسدون، فكيف لا تبكيه لغة الشعراء وقد بكتهُ أمة العرب جمعاء؟!
ثكلتني أمي إن تكن أنت الذي/ بالأمسِ أعرفهُ الرَّهيب الأهيبُ!
بناءُ قوي، وتركيبُ متماسك، وإيقاعٌ متدفق يتناسب وحرارة تجربته، يتحقق من خلاله ذلك التواصل الكلي بين الشاعر - النص - المتلقي والانسجام الشعوري بين الأطراف الثلاثة يطلق التجربة إلى ساحة الإبداع. قد تتقلص في بناء القصيدة الوطنية أساليب الانزياح والصور التي تطلق النص إلى أفق واسع من التخيل، لكنه استطاع بناء لغة متماسكة مؤثرة في نفس المتلقي باستثمارهِ أساليب أخرى كالمفارقة والتضاد والتقديم والتأخير والاستفهام المفضي إلى معانٍ متعددة، قدَّم لنا تجربة إبداعية مؤثرة تضع المتلقي في دائرة الجاذبية، ولاسيما أن الشعر الوطني شعرٌ جماهيري موجّه إلى كل فئات وطبقات المجتمع.
واقعٌ مؤلم يجسّد حكاية مدينة عريقة سادَها الدجى فأخرجها من ثوبها التاريخي، حيث انقلبت الموازين، وتعاكست المقاييس المنطقية، فالفاسد يحكم، والسلطة رعاع، والوطن بضاعَة، والشعب ضحايا! واقعٌ مرير أُهدِرتَ فيه قيمة الإنسان حيثُ تكاثرٌ في عدد الفاسدين، وتناهٍ في الحقارة والإجرام!
يذكرُ أحياء المدينة (الكرخ، الرصافة، الأعظمية) وهي مبعثُ حياته، وبعدها (يبست روحه) جفّت وذهب ذلك الرونق على سبيل الاستعارة المكنية، ومفردة (يبست) لها دلالة أن هنالك كانت شجرة مثمرة أو وردة يانعة نضرة فيبست حال انقطاع الماء حيث (صوّحت أبهى سنادينه). «فيها سأزحف مقطوع الشرايين» صورةٌ كنائية، الذبيح يزحف نحو أهله الموتى وَهو في رمقه الأخير يكنّي بها عن عمق الوجع وهو ينشجُ أَلَماً وحزناً. ويستمرُ النشيج والأنين المحمل باستفهامات التعجب والاستغراب مناجياً صبرَ أيوب للمرة الثانية (المرة الأولى كانت في التسعينات من القرن الماضي حين كان ديوانه «صبر أيوب» حيث ضمَ القصيدة بجزئها الأول. يقول:
الآن ضاقت على أقدامكَ السبلُ/ فانظر إلى أين تمضي أيها الجملُ؟!/
أمس احتملتَ بعذر الصبر مخرزهم/ واليوم قُل لي بأي العذرِ تحتملُ؟!/
والصبرُ لو كانَ في محضِ الأذى كَرَمٌ/ لكن على الذُلِ صبراً، كيفَ ياجملُ؟!/ وبيننا وطنٌ تُدمى كرامتهُ/ وكل موضعِ عزٍ فيه يُبتذَلُ.




 [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


الدكتور خليل بدوي

يعطيك  الف عافية على التواجد

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد الجنابي
مدير المنتدى
احمد الجنابي

ذكر
تاريخ التسجيل : 09/04/2008
عدد المشاركات : 2311
نقاط التقييم : 2616
بلد الاقامة : مغترب مقيم بهولندا
علم بلدك : الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty

الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد   الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Emptyالسبت مارس 17, 2018 11:16 pm

احاسيس كتب:
سلمت الايادي
قصيدة جد مؤثرة
ذات معاني معبرة
رحم الله الاموات
وخفف علينا سكراتها
تقديري لحسن إختيارك
الاخت احاسيس ام حيدر المحترمة

يعطيك الف عافية

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصيدة في رحاب الحسين لشاعر العراق الكبير الراحل عبد الرزاق عبد الواحد
» عَصِفَتْ فأوقِدْ أيُّهـا الغَضَبُ لشاعر العراق الراحل عبد الرزاق عبد الواحد
» صبر أيوب ... لشاعر العراق الكبير عبد الرزاق عبدالواحد
» من لبغداد..للشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد
» حديقة الغروب ... لشاعر الكبير// غازي القصيبي رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: الاقسام الادبية :: اشتياق التذوق الادبي المنقول:القصص و الشعر والخواطر الفصيح والعامي (المنقول) -
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
باسند - 51603
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_rcap1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Voting_bar1الزائر الاخير لشاعر العراق الكبير عبدالرزاق عبد الواحد Vote_lcap1