'وجوب توحيد الصف بين المسلمين'

'وجوب توحيد الصف بين المسلمين'
بسم الله الرحمن الرحيم,الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك'
له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله _ صلى الله عليه وسلم _ أرسله الله بالهدى ودين الحقبشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.  أما بعدُ : فإنه لا يخفى على أحد ما تتعرض له الشعوب المسلمة في الآونة الأخيرة فيمشارق الأرض ومغاربها من اضطهاد في دينها وأوطانها من قبل تحالف الشر بقيادة أمريكا،وعلى وجه الخصوص ما يعاني منه الشعب الصومالي من احتلالٍ لبلده من قبل القوات الإثيوبيةبدعم من أمريكا، وما يمارس عليه جرَّاء ذلك من قتل وتشريد وتهجير وتدمير وغير ذلك من صنوف العذاب .على أهل العلم البيان :على أهل العلم في مثل هذه الظروف أن يبينوا للناس ما يجب عليهم تجاه هذه الأخطار التيتحدقبالأمة في دينها ووطنها، وفيما يشكل عليهم من أمور دينهم غير طالبين به من أحدٍ جاهاً ولا ثناءً أداءً للواجب عليهم في بيانالحق لمن يطلبه، وإقامةً للحجة على من يعاند " ليهلك من هلك عن بينةٍ ويحيى من حي عن بينة " ثم على كل من جهل شيئاً من أمور دينه أن يسأل عنه أهله قبل الإقدام عليه امتثالاً بقول الباري " فاسألوا أهلالذكر إن كنتم لا تعلمون " وعلى الذي نصب نفسه للناس أن يصبر على مرارة بيان الحق وإبلاغه لأن الناسأعداء لما جهلوه، وحتى إن من لم يَرُدَّ الحق منهم صراحة فإنه يبدي لك مللا كالمتضجر من سماعه، فرحم الله أبا هريرة كان قد وعى علماً كثيراً من رسول الله جهل عنه كثير من الناس، فعزم على نفسه أن يوصل هذا العلم إلى كل الناس ما وسعته طاقته، فمن أجل إصراره على التحديث في كل مناسبة ملََّّ بعض الناسمن سماع حديثه حتى قالوا: " لقد أكثر علينا أبو هريرة فبادر _ رضي الله عنه_ بالجواب عنه قائلا: "لولا آيتانمن كتاب الله ما حدثتكم  بحديث ثم قرأ قول الله تعالى " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " إلى قوله تعالى " وأنا التواب الرحيم " فإذا كان هذا موقف بعض الناس من سماع حديث رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _في عهد أبي هريرة،وصحابةُ رسول الله متوافرون، فما ظنك بهذا العصر الذي تشعبت بالناس الأهواء، وضعف وازعهم الديني، فعزَّ العلم، وقلَّ طالبوه، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
 الباعث على الكتابة
 كنت في ليلة من ليالي عيد الفطر، فنظرت إلى المسلمين، وقد غمرتهم الفرحةُ، وعمهم السرور، وحق لهم ذلك كيف لا، وقد أدوا ركناً من أركان إسلامهم، وكلهم أمل أن ينالوا ما وعد الله للمؤمنين على لسان رسوله من غفران الذنوب لمن صام رمضان إيمانا واحتسابا، ولكني بقيت مهموما بسبب أن العدو المحتل الإثيوبي جاثم على صدورنا، ومصادر لكرامتنا، ومع هذه الحالة فالإخوة المجاهدون في الساحة منقسمون على أنفسهم، ومختلفون فيما بينهم، فكيف لي أن أشارك الإخوة المسلمين في فرحتهم إلا أني تذكرت قول الله تعالى   ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " فعلمت أنني منهيٌّ  عن الاستسلامللحزن وقت وقوع المكروه، وعن التذلل للعدو حتى في وقت الهزيمة، ولا يليق بمن يقول في الخمس منالصلوات " الله أكبر " أن يركع لغير الله مهما كانت الظروف، فتساءلت نفسي ما ذا عسى أن أقدم للإخوةفي الساحة الصومالية، وأنا هنا في أسمرا، فأدركت بعد بُرهة من الزمن أنني قادر على فعل شيء كثير،وحتى لا أقدم المهم على الأهم بدأت أستحضر الأسباب التي تمكننا _ بإذن الله تعالى _ من الانتصار علىالعدو المحتل، فوجدتها بتوفيق من الله أنها بعدَ عونِ الله توحيدُ صف المجاهدين، فاستجمعت أمري،وحملت على نفسي وشمرت عن ساعد الجد، وعزمت على الشروع فيه مع قلة بِضاعتي وبُعدي عنمكتبتي التي طالما كانت تبعثني على البحث والتأليف، وهذا مما زاد من غربتي، وحينها تذكرت قول المتنبي" وخير جليس في الزمان كتاب " فبعون الله أبتدئ، وإياه أستكفي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وما توفيقيإلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب .
 تـمهيد
 إن الله مَنََّ علينا بأن جعلنا أمة مسلمة، ثم من أمة محمد _ صلى الله عليه وسلم _ ثممن أهل السنة والجماعة، وكل هذه نعمٌ من الله كثيرة، وهذه النعم تتطلب مزيداً من الشكر،ومن شكر الله على هذه النعم أن نكون أمة موحدة ذات أهداف سامية، ورسالة سماوية، وهي تتميز منبين الأمم بخصائص كثيرة، تأهلت بسببها أن تكون خير أمة أخرجت للناس، وهي أيضا أمة التصحيح والتقييم للأخطاء التي وقعت فيها الأمم السابقة، وفي كتاب ربها " إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيلأكثر الذي هم فيه يختلفون " فإذا كان من واجبات هذه الأمة أن تبين لبني إسرائيل الحق في كل ما اختلفوا فيه مما اندرس عليهم من علوم الأنبياء والمرسلين، فكيف لها أن تقع فيما وقعت فيه الأمم السابقة من الاختلاف والتفرق، وبالتالي يلحقها من الإثم واللوم ما لحق بالأمم السابقة، وهذه الأمة مطالبة بحل مشكلاتالعالم كله لأن دواء تلك المشاكل لا يتوفر إلا عند هذه الأمة وحدها دون غيرها من الأمم، وذلك الدواء هوكتاب الله يقول تعالى " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " وحتى تتفرغ الأمة لمشكلات العالم فلا بد وأن تحل مشكلاتها أولا وقبل كل شيء، وعليها أن تعتبر بالأمم السابقة وما حل بها بسبب الاختلاف والتفرق منالانهيار والزوال، وقد حذرنا الله من ذلك بقوله "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم " أمر غير واردعند صدور مثل هذا البحث تتباين الآراء ، وتتفاوت المواقف، وتذهبالظنون بالبعض كل مذهب كما جرت العادة يقول أحدهم: إن المقصود بهذا الكلام هو الصنف الفلاني من البشرلسوابقه في هذا الباب، في حين أن غيره يحمِّله على صنف آخر بشيء من تأويل الألفاظ وتحميلها على ما لا تحتمله بناء على قراءاته الخاصة، وفهمه للواقع، وبين هؤلاء وأولئك آخرون قد يجزمون بأنهم المعنيون بهذا الكلام لكثرة ما يدور حولهم من الإشاعات في تفريق الصف.أقول لأولئك الإخوة جميعا حتى لا تذهب بكم الظنون كل مذهب: لست أعني بكلامي هذا طائفة دون أخرى،وصاحب الكلام أدرى بكلامه من غيره، ولا أجيز لأحد أن يقولني ما لم أقله، وإنما قصدي من كلامي هذا أن أعالج به مشكلة استفحل أمرها، واستعصى علاجها، وهي هذا الخلاف الذي مزق جسد هذه الأمة وقطعأوصالها، وأضعف قوتها، وجر عليها كثيراً من الويلات. ولكن صاحب المخالفة يعلم ما تنطوي عليه سريرته،فيتوجس خيفة من كل حدث، وقديما قيل " كاد المريب أن يقول خذوني " ولهذا بقي المنافقون في المجتمعالإسلامي وجلين خائفين من أن تنكشف حقائقهم للناس " يحسبون كل صيحة عليهم" لعلمهم أنهم على الذنب عاكفون، وعلى كتمانه مصرون، والقرآن الكريم يخوفهم بمزيد من التحذيرات" يحذر المنافقون أن تنـزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون "وفي قوله " إن الله مخرج ما تحذرون" تهديد لكل المتسترين على المخالفات الشرعية أن تظهر حقيقتهم، فإن الله إن ستر على الشخص مدة فلن يستر عليه إلى الأبد، فحذار حذار لمن يتخذ الخلاف ديدناً، ويفتعل له الأسباب الواهية أن يفضحه الله على رؤوس الأشهاد في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون .
 وجوب توحيد الصف
 إن توحيد صف المسلمين ليس ترفا ولا سنة يأخذ به من شاء ، ويتركه من شاء بل هو فريضة من فرائضالإسلام، وكلية من كلياته، وتركه مع القدرة عليه كبيرة من كبائر الذنوب، يؤاخذ به في الدنيا، ويعاقب عليهفي الآخر يقول تعالى " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولهما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا "  وفي قوله " ويتبع غير سبيل المؤمنين " دليل على أن للمؤمنينسبيلا واحدة يسيرون عليها ويوالون لها ويعادون عليها، وهذه السبيل هي التي وصى الله بها عباده في كتابه  " وأن هذا صراطيمستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون " وهذه السبيل هي التي أمر الله نبينه أن يعلن بها على الملأ بأنه سارٍ على تلك السبيل " قلإنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ". ومن حاد عن ذلكالطريق البين معالمه المرسوم لهذه الأمة فإنه متطفل عليها، وليس منها حقيقة يقول تعالى " إن الذين فرقوادينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون " يقول الإمام ابن كثيرفي تفسير هذه الآية " إن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعُه واحدٌ لا اختلاف فيه ولا افتراق، فمن اختلف فيه وكانوا شيعا أي فرقا كأهل الملل والنحل، وهي الأهواء والضلالات، فالله برَّأَ رسوله مما هم فيه " اهـ وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم " لاتباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ".وكل هذه منهيات يجب على المسلم أن يبتعد عنها ما أمكنه ذلك لما تؤدي إليه في النهاية من الاختلافوالتفرق، فإن كان قد وقع في شيء منها فليسرع إلى التوبة منها بالرجوع إلى أخيه المسلم بالتصالحوالتفاهم شريطة أن لا يتجاوز ثلاثة أيام كما تدل عليه رواية الصحيحين من حديث أبي هريرة " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " وذلك كأقصى حد تسمح به الشريعة لأن الاختلاف فوق هذهالمدة يتأصل في النفوس حتى يصعب علاجه، ويتطور إلى ما لا يحمد عقباه، وقد يموت أحدهما قبل أن يصطلح مع أخيه، وذلك يوجب العقوبة إن لم يكن له عذر شرعي، ففي مسند أحمد والنسائي في الكبرىوأبي داود " ومن هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار ". وحتى في هذه الثلاثة فإن المُسلِمَينِ محرومانمن غفران الذنوب بسبب ما بينهما من التدابر والتفرق ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة_ رضي الله عنه_ " تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر في ذلك اليومين لكل عبد لا يشركبالله شيئا إلا من بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا ".
 تنبيه:
 إذا كان التباغض بين الأخوين المسلمين في أمر من أمور الدنيا قد أدى إلى تلك العقوبات فما ظنك بالاختلافوالتفرق بين المسلمين في أمر من أمور الدين، وكيف مع الاستمرار على التفرق والاختلاف لشهور وسنوات.و أدلك _ أخي المسلم _ على وجوب توحيد الصف وحرمة التفرق من خمسة وجوه باختصار:الوجه الأول:هناك نصوص كثيرة من الكتاب والسنة جاءت بالأمر بتوحيد الصف ووجوب السعي إليه منها قول الله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا"  والأمر من الشارع يحمل في أصله على الوجوب، إن لم تكن هناك قرينة صارفة عنه، بل وهنا قرائن كثيرة تدل على أن تلك الأوامر للوجوب كما تفيد تلك النصوص المتوعدة بالعذاب العظيم لمن تفرقوا في دينهم، وصاروا فيه شيعًا. وإذا كان الأمر كذلك فعلى المؤمن وجوبا أن يستجيب لله في القيام بذلك الواجب كما يستجيب له في بقية الواجبات كالصلاة والزكاة والصوم والجهاد بل إن كثيراً من الواجبات لا يمكن القيام بها إلا بتوحيد الصفكالجهاد والأعياد والجمعة والجماعات. وتوحيد الصف قبل أن يكون واجباً هو سمة من سمات هذه الأمة، وشعيرة من شعائرها، يؤدون الواجبات  جماعة، ويقاتلون أعداءهم صفا، اسمع إلى القرآن الكريم يسجل لها هذه الميزة والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله  ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " أي أنهم أمة من دون الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر جماعة، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة جماعة، ويطيعون الله في امتثال ما أمرهم واجتنابما نهى عنه جماعة، وهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كماأخبر بذلك المعصوم صلى الله عليه وسلم، فما دام الدين واحداً فلا وجه للتفرق فيه " إن هذه أمتكم أمةواحدة " أي دينكم دين واحد، والدين يوحد ولا يفرق، ومن أتى بالتفرق فيه فمنه وإليه.وكلما ُيخل بوحدةالصف وجمع الكلمة والظهور بمظهر الأمة الواحدة ظاهرةٌ مَرِضَِّية طارئةٌ على الأمة يجب معالجتها فوراً.الوجه الثاني منن الوجوه الدالة على وجوب توحيد الصف : أن هناك نصوصاً كثيرة نهت عن الفرقة والتفرق في الدين ومن ذلك قول الله تعالى " أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " وقوله تعالى"ولا تكونوا كالذينتفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات " وقوله تعالى"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".والله _جل جلاله _ في هذه النصوص نهى هذه الأمة وجميع الأمم السابقة عن التفرق والتشرذم في الدين،والنهيُ يقتضي التحريم أي أن المتعاطي لأسباب الخلاف والمتمادي فيه يقع في الحرام، ويكون به آثما يستحق العقاب عليه إن لم يتب منه، وعلى المؤمن أن يجتنب عن الخلاف وأسبابه كما يجتنب سائر المحرمات والمنهيات كالكذب والزنا والسرقة لأنها كلها محرمات ومن كبائر الذنوب. ثم إن النهي عن الشيء أمر بضده،فقوله " ولا تفرقوا " نص على النهي وهو في الوقت نفسه أمرٌ بتوحيد الصف لأن ترك التفرق هو توحيدللصف.الوجه الثالث من الوجوه الدالة على وجوب توحيد الصف : أن الله ـ  تبارك في علاه ـ رتب العذاب العظيم على الاختلاف في الدين والتفرق فيه كما في قول الله تعالى" ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم " فهذا الخطاب موجه لهذه الأمة وتحذير لها من أن تقع فيما وقعت فيه الأمم السابقة، فيحل عليها من العقاب ما حل بالأمم السابقة من العذاب العظيم، ولاشكأن الذي يؤدي بالناس إلى أن يحل بهم ذلك العقاب ـ وهو الاختلاف في الدين ـ يكون محرما يجب علىالجميع الكف عن قليله وكثيره .الوجه الرابع من الوجوه الدالة على وجوب توحيد الصف : ما يترتب على تركه والإخلالِ به من المفاسد العظيمة، ومنها الفشل في بلوغ الأهداف في الدنيا وحلول العقاب على المقصرين فيه يوم القيامة ناهيكعن الآثار السلبية التي يخلِّفها الاختلاف في المجتمع من التقاطعوالتدابر والأحقاد والعداوات، وما ينتجعنه من الضعف والوهن للأمة، وإلى هذا تشير الآيةالكريمة " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" فالتنازع يؤدي بالمجتمع إلى الفشل في كل الميادين ويقضي على قوتها حتى تصير في النهاية لقمة سائغة للأعداء .الوجه الخامس من الوجوه الدالة على وجوب توحيد الصف:  أنه يجب على الأمة حرصا على توحيد صفهاأن تقتل كل من يريد أن يشق صفها، ويفرق كلمتها لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواهمسلم في صحيحه  " من جاءكم ـ وأمركم واحد ـ يريد أن يفرق كلمتكم، فاقتلوه كائناً من كان "وقوله " كائنا من كان " أي ولو كان مسلما، وهذا فيما إذا لم تُجدِ الوسائلُ الأخرى في ردعه عن ذلك،وهذا يدل على أهمية توحيد الصف بحيث جاز من أجله إراقة دم المسلم المعصوم. وهذا قليل من كثيرمما يحدثه التفرق والاختلاف في المجتمع المسلم في الحال والمآل، وهليشك عاقل بعد هذا في حرمتهوحرمةِ كل ما يؤدي إليه من الأسباب.