بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
(((الإسلام دين اليسر والسماحة )))....
بقلم: معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد
شريعة الإسلام خاتمة الشرائع أنزلها الله للناس كافة في مشارق الأرض ومغاربها للذكر والأنثى للقوي والضعيف والغني والفقير والعالم والجاهل والصحيح والمريض ، ومن أجل هذا جاءت بفضل الله ولطفه وحكمته ميسرا فهمها يهلا العمل بها تسع الناس أجمعين ويطبقها كل المكلفين.
دين الإسلام رخصة بعد عزيمة ولين من غير شدة ويسر من عسر ورفع للحرج عن الأمة التيسير مقصد من مقاصد هذا الدين وصفة عامة للشريعة في أحكامها وعقائدها وأخلاقها ومعاملاتها وأصولها وفروعها ، فربنا بمنه وكرمه لم يكلف عباده بالمشاق ، ولم يرد إعنات الناس أنزل دينه عن قصد الرفق والتيسير.
شريعة الله حنفية في التوحيد سمحة في العمل
فلله الحمد والمنة : {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ}.
أحكام الشرع تطبع في نفس المسلم السماحة والبعد عن التكلف والمشقة والتعلق الوثيق برحمة الله وعفوه وصفحه وغفرانه {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}.
واليسر هو كل عمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم ، والعسر كلهما اجهد النفس وأضر بالجسم
في الحديث الصحيح : "إن هذا الدين يسر فأوغلوا فيه برفق" ،
وعن محجم بن الأزرع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره"، قالها ثلاثا ، وفي لفظ "إنكم أمة أريد بكم اليسر؟ رواه الإمام أ؛مد بسند صحيح.
وبيان معاني اليسر ومظاهر التيسير تتجلى في كتاب ربنا ، وفي شخص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي أصول الدين وفروعه.
أما الكتاب العزيز فقد أزله الله ميسر التلاوة وميسر الفهم وميسر التدبر والذكر {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا}.
كتاب الله ميسر الحفظ تدركه العقول وترق له القلوب يلذ استماعه ولا يمل سماعه وإن كان فيه من الأسرار ودقائق العلوم ما يخص به الراسخون من آل الذكر أما محمد صلى الله عليه وسلم : "فقد بعثه الله رحمة للعالمين أجمعين وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم" حريص عليهم عزيز عليه ما يعنتهم ويشق عليه يضع عنه أصرهم والأغلال التي كانت عليهم يقول عليه الصلاة والسلام : "إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسراً". حديث متفق على صحته واللفظ لمسلم.
وهو الذي يقول عن نفسه عليه الصلاة والسلام : أما إني أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وآكل اللحم وأزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني". وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ما قد فعل الناس".
أما أصول الدين وعقائده ، فقد جاءت ميسرة في مطلوباتها واضحة في أدلتها من الإيمان بالله وأسمائه وصفاته وكماله ، وإيمان بالملائكة والكتب والإيمان باليوم الآخر وبالقدر خيره وشره والدلائل على ذلك ظاهرة من النظر في السماوات وفي الأرض وسائر المخلوقات والمسير في الأرض والاعتبار بأثر الأمم ويكفي ذلك مسلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين من بعدهم من السلف المقتدى بهم لم يكونوا أهل تكاف ولا كثرة سؤال أو اختلاف ، يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : إياكم والتنطع إياكم والتعمق وعليكم بالمتيق أي الأمر القديم الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهو اليسر والبعد عن التنطع والتكلف والتشدد والتعمق.
أما أحكام الشرع فقد راعت أحوال المكلفين وظروفهم من الصحة والمرض والحضر والسفر وأحوال الاضطرار وأعظم العبادات وأجلها بعد توحيد الله هذه الصلاة المفروضة ، ربطت أوقاتها بطلوع الفجر وزوال الشمس وظلها وغربها وما بين المشرق والمغرب قبلة
وفي الطهارة إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ، وإذا شق استعمال الماء انتقل إلى التيمم ، ويصلي المسلم قائماً فإن لم يستطع فقاعدا ، فإن لم يستطع فعلي جنبه : {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ، ويجمع بين الصلاتين الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند الحاجة
والمسافر يقتصر الرباعية ركعتين ، وذكر للنبي صلى الله عليه وسم امرأة تكثر من النوافل فقال عليه الصلاة والسلام : "عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا" ، ومن أَم الناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة
والصيام مطلوب من الصحيح المقيم رخص فيه الفطر للمسافر والمريض : {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}
ولا زكاة ولا حج ولا جهاد إلا على القادر المستطيع والحج يوم يحجون ، والأضحى يوم تضحون ، والفطر يوم تفطرون
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
