منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نوره الدوسري
نائبة المدير العام سابقا
اديبة وقاصة سعودية - مهرة اشتياق

نوره الدوسري

انثى
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
عدد المشاركات : 8809
نقاط التقييم : 15343
علم بلدك : Saudi السعودية

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالأربعاء سبتمبر 11, 2013 11:15 pm




أن تكتب من دون قارئ
امجد ناصر




تبدأ الكتابة -رغم كونها نتائج العزلة- من افتراض وجود القارئ، وهي بهذا المعنى فعل تواصل وحوار.. وتحقق. كل كتابة تطمح في دوافعها الأولى إلى اقتراح نفسها على القارئ، وقد تتجرأ وتفكر أن تلعب دورا في حياته غير مدركة -ربما- أن القارئ (هذا الشريك الصامت للكتابة) يلعب اللعبة نفسها: يقترح نفسه على الكتابة ويلعب دورا في شكلها ومضمونها.

لكن الكاتب في "المنفى" (سأستخدم هذه الكلمة بوصفها رديفا لـ "المهجر") محروم من هذا الجدل بين الكتابة والقراءة، أو كان هكذا إلى أن وضعت تكنولوجيا الاتصالات بين يديه أدوات تواصل افتراضية، وهي ليست موضوعي اليوم، كما أنها لم تمتحن على هذا الصعيد بما يكفي للقول إنها أقامت التواصل السحري بين طرفي معادلة الكتابة، لذلك لن أتوقف عندها في هذا المقال، وأعود إلى الكاتب في "المنفى".


إنه يكتب في أفق خال من القراء، أو في أفضل الأحوال يكتب لقارئ بعيد لا يراه ولا يعرف ردود فعله. فعندما يكون الكاتب في بلده فهو يكتب إلى قارئ يعرفه ويحتك به. قارئ يقترح، يصحّح، يحيي، أو يمارس عليه ضغوطا تطال الموضوعات التي يطرقها والأسلوب الذي يكتب به.. قارئ يتدخل في حياة الكتابة وربما في حياة الكاتب، والأمر الأخير ليس مستبعدا في العالم العربي.


للكتابة في "المنفى" وجهان: الأول أن الكاتب يفقد التماس الذي كان قائما بينه وبين "متلقيه" في وطنه الأول ويشعر بمرور الوقت أنه يكتب لنفسه.. أنه هو جمهور نفسه، فيغيب أو يضعف، حافز التواصل. تصبح الكتابة ابنة العزلة، لا في ما يخص لحظة الإنتاج الأولى التي هي دائما كذلك، ولكن بما يخص "لحظة التداول".


الوجه الثاني أن الكتابة في شرط كهذا تتحرّر من الضغوط التي يمارسها "الخارج" (الرقيب والقارئ معا، والأول لا يزال موجودا بقوة في العالم العربي) فلا تعود تخضع لـ"الخطوط الحمر" التي تسهر الرقابة عليها وتحمي حرماتها سواء تعلق الأمر بالسلطة السياسية، الدين/ أم بالقيم الاجتماعية المرعية.


ففي قسم كبير من العالم العربي لا يزال على الكتابة أن تمشي كما لو كانت في حقل ألغام، بين المحرمات الثلاثة الخالدة: الدين والجنس والسياسة.
ونادرا ما يتمكن الكاتب المعني بهموم لحظته من التعبير عنها (.. وعن نفسه) بلا مساومة من دون أن يفجر فيه أحد هذه الألغام. وهناك أمثلة عديدة -لا ضرورة لذكرها- على كتاب حوكموا، أو سحبت منهم جوازات سفرهم أو طُلّقوا من زوجاتهم بسبب خوضهم في ما تعتبره الدولة، أو المجتمع، خطوطا حمرا.


فإذا تمكنت الكتابة في "المنفى" أن تنجو من الشعور بالإحباط وغياب الحافز اللذين يولدهما عدم وجود "المتلقي" فيمكن لها، والحال، أن تغامر، أن تتقدم أكثر في فضاء التجريب سواء على صعيد الموضوع أم الشكل.


في هذه الحالة قد يضمر البعد السوسيولوجي للكتابة وتصبح أقرب ما تكون إلى نفسها. أي ترجح الكفة الفنية على حساب الوظيفة المباشرة المتوقعة من الفعل الكتابي. فما دام التواصل غائبا، أو شبه غائب، فليس على الكتابة أن تخشى "الخطوط الحمر" والتجريب، وهما أمران يخضعهما "التلقي" في الوطن إلى شروطه التي يسنّها ويحرسها القانون أو مستوى التلقي أو حتى الذوق العام.


لكن هذا لا يعني أن تأثير الكتابة في "المنفى" معدوم تماما. ليس الأمر على هذا النحو القاطع. فتأثير "كتابة المنفى" يمكن أن يلمس على الكتابة في "الوطن".


يصبح الكاتب في "المنفى" مثالا في اجتياز "الخطوط الحمر" التي من الصعب على الكاتب في "الوطن" اجتازها من دون أن يخشى على نفسه، كذلك يصبح رائدا -أو لنقل- طليعيا في ارتياد آفاق التجريب التي قد لا تنسجم مع الذائقة العامة للتلقي في الوطن.
إن تاريخ الأدب العربي يقدم لنا مثالين على ذلك، المثال الأول: الدور الذي لعبه من نسميهم بـ"المهجريين" وهم مجموعة شعرية عربية (لبنانية، سورية على الأغلب) قذفت بهم ظروف حياتية مختلفة في مطلع القرن التاسع عشر إلى أميركا الشمالية والجنوبية، وشكلت كتاباتهم الشعرية المستجيبة نسبيا، للتبدلات التي طرأت على العالم العربي وإلى حاجة الشعر العربي نفسه للتغير، بداية "التحديث" في الشعرية العربية.


أما المثال الثاني الذي لم يتم فحصه بعد ولم يتحول إلى منجز منظور فهو ما أسميه، ويتفق معي في ذلك عدد من الكتاب والشعراء العرب، بـ"المهجرية الجديدة" التي لا توجد في الأميركتين هذه المرة بل في أوروبا التي تضم اليوم عددا كبيرا من الكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين والمفكرين والإعلاميين من مختلف الأقطار العربية.


ففي العشرين سنة الماضية قذفت الحروب والصراعات الأهلية وانعدام حريات التعبير في أكثر من بلد عربي بموجات من المثقفين العرب إلى أوروبا، ولم يتغير الوضع كثيرا حتى بعد سقوط بعض أنظمة الاستبداد العربية، بل ربما سنشهد موجات جديدة منهم بسبب الصراع المحتدم على مجريات المرحلة الانتقالية في أكثر من بلد عربي، واحتمال تحوله إلى عنف مفتوح.


بدأت هجرة المثقفين (والإعلاميين) العرب الجديدة مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ولم تنته فصول من الصراع الدموي المجنون بين النظام الجزائري والجماعات الاسلامية، فضلا عما عرفه العراق من حروب متواصلة.


هكذا تكوّن لدينا "مهجر" أو "منفى" (لا أعرف أي التسميتين مناسبة أكثر) لم تعرفه الحياة العربية من قبل. لم يعد "المنفى" خاصا بالفلسطينيين كشعب مقتلع من أرضه، بل تمت "فلسطنة" المثقفين العرب، ليس على يد اسرائيل وإنما على أيدي أنظمتهم التي تهاوى بعضها مؤخرا، ولا يزال بعضها الآخر "صامدا".. إلى حين!


أصبح لدينا "منفى" للثقافة العربية في الغرب لا يشبه "المهجر" القديم وما حكمته من ظروف ذاتية وموضوعية. وجه الاختلاف الأبرز يكمن- برأيي- في وجود حساسية أعلى في هذه الكتابة حيال مسألة "الذات" و"الآخر".
فهذا "الآخر" ليس غائبا تماما عن الكتابة العربية عموما، ولكنه في كتابة "المنفى" موجود على نحو أوضح، كما تخضع "الذات" في هذه الكتابة إلى عملية نقد وتشريح تتيحها المسافة بين المثقف العربي في "المنفى" ومكانه الأول، وعلينا ألا ننسى أن هذه الكتابة منتجة -أصلا- بين ظهراني "الآخر".


ليس "الوعي" بوجود "الآخر" هو ما يميز كتابة "المنفى" العربية عن الكتابة في "الوطن" فقط، بل والتأثير المباشر الذي تمارسه ثقافة هذا "الآخر" عليها. والرأي عندي أن تطور الكتابة العربية (الإبداع عموما) لا يمكن فهمه من دون أخذ المؤثرات الثقافية الغربية في الحسبان.


إن تاريخ "الحداثة" الأدبية والفنية العربية هو في الوقت نفسه تاريخ التأثر أو "الحوار" مع "الآخر" الغربي.


ليست الكتابة في "المنفى" إذن ميؤوسا منها. صحيح أن غياب "التلقي" أو "الحوار" مع القارئ قد يدفع الكاتب إلى الإحباط، لكن قد يدفعه أيضا إلى المغامرة والتجريب وارتياد آفاق محظورة، أو قد لا تتاح لزميله في الوطن.


إنني أفترض -هنا- كما أسلفت من قبل غياب علاقة التواصل بين الكاتب والقارىء، ولم آخذ في الاعتبار الجسر الافتراضي الذي أقامته وسائل التواصل الحديثة بين ضفتي معادلة الكتابة لأني، في الواقع، لست متأكدا من دوره حتى الآن.


كل كتابة تظل ناقصة مهما سعت إلى الكمال، لكن الكتابة في "المنفى" نقصها أوضح، فهي لا تملك مرآة، لذلك تتخيل وجها لا تعرفه، وهنا، بالضبط، يكمن جمالها المؤلم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المهندس محمد فرج
عضو موسس للمنتدى
المهندس محمد فرج

ذكر
تاريخ التسجيل : 15/12/2007
عدد المشاركات : 123667
نقاط التقييم : 126296
بلد الاقامة : ماريا وترابها زعفران
علم بلدك : Egypt مصر
الجوزاء

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالسبت أكتوبر 12, 2013 11:46 pm

موضوع اكثر من رائع تلمسين فيه اوتارا حساسه بتفوق ....سلمت يداكى....دمت بكل الود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كاميليا
الادارة العليا
المراقبة العامة
عطاء بلاحدود

 الادارة العلياالمراقبة العامة عطاء بلاحدود
كاميليا

انثى
تاريخ التسجيل : 24/01/2011
عدد المشاركات : 7369
نقاط التقييم : 12875
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالأحد أكتوبر 13, 2013 4:07 pm


, أسطّـر إعجِـآإبِـيْ بِ طرحكْ الرـآقِـي
وأقدّم ألحـآن شكْريْ وامتنِآنِـي
لِـ جميل مآسطرته لنـآ من فآئدهـ
سلِمت لنَـآ أنآملكْ الرـآقيــه.,~
لكْ أعذب التحآيآ.,
وخآلص ودّي


________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالثلاثاء يناير 14, 2014 12:52 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالأربعاء يناير 22, 2014 6:09 pm

أديبتنا القاصة القديرة
من بحور أدبياتك النيرة
كان لنا وقفة ميسرة
لموضوع فيه الرقي
ينضح بعد كل عبارة
أشكرك على روعة ما قدمتي
وعلى إثراءكِ لمكتبة فاخرة
وأشكرك على هذه الدراسات القيمة
وعلى إنتقاءاتكِ الأديبة المهمة 
التي تجلت هنا بأجمل المعاني 
وبدراسة مفصلة باللغة والمباني
أديبتنا نورة الدوسري
لكِ ولروحكِ الأحداق شاكرة
مع أصدق تحياتي ومحبة وافرة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالثلاثاء أغسطس 12, 2014 6:30 am

نوره الدوسري كتب:



أن تكتب من دون قارئ
امجد ناصر




تبدأ الكتابة -رغم كونها نتائج العزلة- من افتراض وجود القارئ، وهي بهذا المعنى فعل تواصل وحوار.. وتحقق. كل كتابة تطمح في دوافعها الأولى إلى اقتراح نفسها على القارئ، وقد تتجرأ وتفكر أن تلعب دورا في حياته غير مدركة -ربما- أن القارئ (هذا الشريك الصامت للكتابة) يلعب اللعبة نفسها: يقترح نفسه على الكتابة ويلعب دورا في شكلها ومضمونها.

لكن الكاتب في "المنفى" (سأستخدم هذه الكلمة بوصفها رديفا لـ "المهجر") محروم من هذا الجدل بين الكتابة والقراءة، أو كان هكذا إلى أن وضعت تكنولوجيا الاتصالات بين يديه أدوات تواصل افتراضية، وهي ليست موضوعي اليوم، كما أنها لم تمتحن على هذا الصعيد بما يكفي للقول إنها أقامت التواصل السحري بين طرفي معادلة الكتابة، لذلك لن أتوقف عندها في هذا المقال، وأعود إلى الكاتب في "المنفى".


إنه يكتب في أفق خال من القراء، أو في أفضل الأحوال يكتب لقارئ بعيد لا يراه ولا يعرف ردود فعله. فعندما يكون الكاتب في بلده فهو يكتب إلى قارئ يعرفه ويحتك به. قارئ يقترح، يصحّح، يحيي، أو يمارس عليه ضغوطا تطال الموضوعات التي يطرقها والأسلوب الذي يكتب به.. قارئ يتدخل في حياة الكتابة وربما في حياة الكاتب، والأمر الأخير ليس مستبعدا في العالم العربي.


للكتابة في "المنفى" وجهان: الأول أن الكاتب يفقد التماس الذي كان قائما بينه وبين "متلقيه" في وطنه الأول ويشعر بمرور الوقت أنه يكتب لنفسه.. أنه هو جمهور نفسه، فيغيب أو يضعف، حافز التواصل. تصبح الكتابة ابنة العزلة، لا في ما يخص لحظة الإنتاج الأولى التي هي دائما كذلك، ولكن بما يخص "لحظة التداول".


الوجه الثاني أن الكتابة في شرط كهذا تتحرّر من الضغوط التي يمارسها "الخارج" (الرقيب والقارئ معا، والأول لا يزال موجودا بقوة في العالم العربي) فلا تعود تخضع لـ"الخطوط الحمر" التي تسهر الرقابة عليها وتحمي حرماتها سواء تعلق الأمر بالسلطة السياسية، الدين/ أم بالقيم الاجتماعية المرعية.


ففي قسم كبير من العالم العربي لا يزال على الكتابة أن تمشي كما لو كانت في حقل ألغام، بين المحرمات الثلاثة الخالدة: الدين والجنس والسياسة.
ونادرا ما يتمكن الكاتب المعني بهموم لحظته من التعبير عنها (.. وعن نفسه) بلا مساومة من دون أن يفجر فيه أحد هذه الألغام. وهناك أمثلة عديدة -لا ضرورة لذكرها- على كتاب حوكموا، أو سحبت منهم جوازات سفرهم أو طُلّقوا من زوجاتهم بسبب خوضهم في ما تعتبره الدولة، أو المجتمع، خطوطا حمرا.


فإذا تمكنت الكتابة في "المنفى" أن تنجو من الشعور بالإحباط وغياب الحافز اللذين يولدهما عدم وجود "المتلقي" فيمكن لها، والحال، أن تغامر، أن تتقدم أكثر في فضاء التجريب سواء على صعيد الموضوع أم الشكل.


في هذه الحالة قد يضمر البعد السوسيولوجي للكتابة وتصبح أقرب ما تكون إلى نفسها. أي ترجح الكفة الفنية على حساب الوظيفة المباشرة المتوقعة من الفعل الكتابي. فما دام التواصل غائبا، أو شبه غائب، فليس على الكتابة أن تخشى "الخطوط الحمر" والتجريب، وهما أمران يخضعهما "التلقي" في الوطن إلى شروطه التي يسنّها ويحرسها القانون أو مستوى التلقي أو حتى الذوق العام.


لكن هذا لا يعني أن تأثير الكتابة في "المنفى" معدوم تماما. ليس الأمر على هذا النحو القاطع. فتأثير "كتابة المنفى" يمكن أن يلمس على الكتابة في "الوطن".


يصبح الكاتب في "المنفى" مثالا في اجتياز "الخطوط الحمر" التي من الصعب على الكاتب في "الوطن" اجتازها من دون أن يخشى على نفسه، كذلك يصبح رائدا -أو لنقل- طليعيا في ارتياد آفاق التجريب التي قد لا تنسجم مع الذائقة العامة للتلقي في الوطن.
إن تاريخ الأدب العربي يقدم لنا مثالين على ذلك، المثال الأول: الدور الذي لعبه من نسميهم بـ"المهجريين" وهم مجموعة شعرية عربية (لبنانية، سورية على الأغلب) قذفت بهم ظروف حياتية مختلفة في مطلع القرن التاسع عشر إلى أميركا الشمالية والجنوبية، وشكلت كتاباتهم الشعرية المستجيبة نسبيا، للتبدلات التي طرأت على العالم العربي وإلى حاجة الشعر العربي نفسه للتغير، بداية "التحديث" في الشعرية العربية.


أما المثال الثاني الذي لم يتم فحصه بعد ولم يتحول إلى منجز منظور فهو ما أسميه، ويتفق معي في ذلك عدد من الكتاب والشعراء العرب، بـ"المهجرية الجديدة" التي لا توجد في الأميركتين هذه المرة بل في أوروبا التي تضم اليوم عددا كبيرا من الكتاب والشعراء والفنانين التشكيليين والمفكرين والإعلاميين من مختلف الأقطار العربية.


ففي العشرين سنة الماضية قذفت الحروب والصراعات الأهلية وانعدام حريات التعبير في أكثر من بلد عربي بموجات من المثقفين العرب إلى أوروبا، ولم يتغير الوضع كثيرا حتى بعد سقوط بعض أنظمة الاستبداد العربية، بل ربما سنشهد موجات جديدة منهم بسبب الصراع المحتدم على مجريات المرحلة الانتقالية في أكثر من بلد عربي، واحتمال تحوله إلى عنف مفتوح.


بدأت هجرة المثقفين (والإعلاميين) العرب الجديدة مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ولم تنته فصول من الصراع الدموي المجنون بين النظام الجزائري والجماعات الاسلامية، فضلا عما عرفه العراق من حروب متواصلة.


هكذا تكوّن لدينا "مهجر" أو "منفى" (لا أعرف أي التسميتين مناسبة أكثر) لم تعرفه الحياة العربية من قبل. لم يعد "المنفى" خاصا بالفلسطينيين كشعب مقتلع من أرضه، بل تمت "فلسطنة" المثقفين العرب، ليس على يد اسرائيل وإنما على أيدي أنظمتهم التي تهاوى بعضها مؤخرا، ولا يزال بعضها الآخر "صامدا".. إلى حين!


أصبح لدينا "منفى" للثقافة العربية في الغرب لا يشبه "المهجر" القديم وما حكمته من ظروف ذاتية وموضوعية. وجه الاختلاف الأبرز يكمن- برأيي- في وجود حساسية أعلى في هذه الكتابة حيال مسألة "الذات" و"الآخر".
فهذا "الآخر" ليس غائبا تماما عن الكتابة العربية عموما، ولكنه في كتابة "المنفى" موجود على نحو أوضح، كما تخضع "الذات" في هذه الكتابة إلى عملية نقد وتشريح تتيحها المسافة بين المثقف العربي في "المنفى" ومكانه الأول، وعلينا ألا ننسى أن هذه الكتابة منتجة -أصلا- بين ظهراني "الآخر".


ليس "الوعي" بوجود "الآخر" هو ما يميز كتابة "المنفى" العربية عن الكتابة في "الوطن" فقط، بل والتأثير المباشر الذي تمارسه ثقافة هذا "الآخر" عليها. والرأي عندي أن تطور الكتابة العربية (الإبداع عموما) لا يمكن فهمه من دون أخذ المؤثرات الثقافية الغربية في الحسبان.


إن تاريخ "الحداثة" الأدبية والفنية العربية هو في الوقت نفسه تاريخ التأثر أو "الحوار" مع "الآخر" الغربي.


ليست الكتابة في "المنفى" إذن ميؤوسا منها. صحيح أن غياب "التلقي" أو "الحوار" مع القارئ قد يدفع الكاتب إلى الإحباط، لكن قد يدفعه أيضا إلى المغامرة والتجريب وارتياد آفاق محظورة، أو قد لا تتاح لزميله في الوطن.


إنني أفترض -هنا- كما أسلفت من قبل غياب علاقة التواصل بين الكاتب والقارىء، ولم آخذ في الاعتبار الجسر الافتراضي الذي أقامته وسائل التواصل الحديثة بين ضفتي معادلة الكتابة لأني، في الواقع، لست متأكدا من دوره حتى الآن.


كل كتابة تظل ناقصة مهما سعت إلى الكمال، لكن الكتابة في "المنفى" نقصها أوضح، فهي لا تملك مرآة، لذلك تتخيل وجها لا تعرفه، وهنا، بالضبط، يكمن جمالها المؤلم.
 
الأستاذة الرائعة دوما نوره الدوسري
بارك الله فيك و أسعدك
الكتابة من غير قارئ
كاليد الواحدة لا تصفق
تحياتي و دعواتي
 Evil or Very Mad 

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر    أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Emptyالأربعاء ديسمبر 09, 2015 3:56 pm

الأستاذة الكريمة نوره الدوسري
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أن تكتب من دون قارئ ,,,, امجد ناصر
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هام:متى تكتب التاء مربوطة ومتى تكتب مفتوحة
» قارئ الأقصى أبو شوشة في ذمة الله
» أحمد عبد القادر الموصلي قارئ وموسيقار من أهل الموصل
» الهواتف الذكية المقبلة تضع قارئ البصمة ضمن الشاشة
» ناصر جكو(الأسطورة الرياضية العراقية الخالدة)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق التاريخ والتراث وسيرة حياة المشاهير-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
باسند - 51612
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_rcap1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Voting_bar1أن تكتب من دون قارئ  ,,,, امجد ناصر  Vote_lcap1