[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بقلم د. غادة عز الدين
تعتبر مرحلة البلوغ مرحلة انتقالية مهمة بين الطفولة والنضج في عمر الفتاة/الفتى، وهي من أكثر المراحل غموضا على من يمرون بها. فالتغيرات الهرمونية التي تفاجئهم تتجاوز قدراتهم على استيعاب ما يتعرضون له نفسيا وجسديا، مما يصيبهم بالحيرة والميل للغضب وفقدان الثقة بالنفس.
المراهقون بطبيعتهم متمردون، لذلك يلجئون لتلقي النصيحة من أي مصدر فيما عدا الأبوين، مما يعرضهم لحقائق مشوهة وبالتالي المزيد من الحيرة والتخبط. عندما يتحدث المراهقون فيما بينهم عما يمرون به من أحداث وتغيرات جسدية ونفسية فهم يفتقدون للمعلومات الصحيحة والضرورية لفهم أجسادهم ولقبول التغيرات التي تحدث لهم دون خوف.
لهذا السبب بالتحديد، فإن على الأبوين مسئولية تقديم الدعم والتوجيه لأولادهم ليساعدوهم على تخطي هذه المرحلة العمرية الحرجة بسلام والاستمتاع بمرحلة النمو بدلا من إهدار طاقاتهم في الغضب والتشويش بلا طائل والتمرد بلا هدف.
الخطأ الذي يقع فيه الآباء دوما هو نسيانهم أنهم أيضا كانوا مراهقين ذات يوم وكانوا يشعرون بالتخبط والتشويش لأسباب لا يستطيعون التوصل لفهمها. نحن الكبار نميل دائما لتجاهل ونسيان الصعوبات التي واجهناها أثناء مراهقتنا ولهفتنا للدعم والتفهم والقبول من الآخرين. من هذا المنظور، فمن الضروري أن نتواصل مع أبنائنا المراهقين كأنداد لنا وعدم التعالي عليهم أو إشعارهم بأنهم أقل منا في المكانة والأهمية.
يتطلب هذا الدعم قدرا كبيرا من الصبر والقدرة على التعامل بحكمة وبصورة سليمة. لذا قبل أن تبدأ في التعامل مع أولادك عليك أن تعرف جيدا كل ما يمرون به وكل ما يمكن تقديمه لهم لتساعدهم على تجاوز تلك المرحلة الصعبة.
متى يحدث البلوغ؟
أعراض وعلامات البلوغ تختلف من شخص لآخر. تبدأ الفتيات في البلوغ قبل الفتيان. تبدأ التغيرات الجسدية لدى الفتيات في سن الثامنة، أما عند الفتيان فقد تتأخر مظاهر البلوغ حتى سن الرابعة عشر.
متى أتحدث مع أبنائي عن البلوغ؟
ينصح بالتحدث عن الموضوع أكثر من مرة كما ينصح بالبدء في وقت مبكر، حتى قبل أن تظهر علامات البلوغ. يجب على كلا من الوالدين أو أحدهما القيام بهذه المهمة في سن مبكرة لتحضير الأبناء وتسليحهم بالمعلومات التي تحميهم من القلق والتوتر المصاحبين لها.
وحتى نفهم التغيرات التي تحدث في مرحلة البلوغ، فمن المهم أن نتعرف على الهرمونات المسئولة عنها، إضافة إلى بعض المعلومات عن الأعضاء التناسلية التي تؤثر فيها هذه الهرمونات.
هناك منطقتان في الدماغ تنتجان الهرمونات اللازمة من أجل البلوغ: القشرة الدماغية أو الهيبوثلامس (Hypothalamus) والغدة النخامية. يرسل الهايبوثلامس إشارات إلى الغدة النخامية تنبهها إلى إنتاج الهرمونات التي تتحكم بالعديد من غدد ووظائف الجسم. ويبدأ البلوغ عندما يطلق الهايبوثلامس هرمونا ينبه الغدة النخامية فيجعلها تطلق هرمونين آخرين، هذين الهرمونين يطلقان بدورهما إشارة بدء مرحلة النمو الجنسي لدى الفتيات والفتيان. لدى الفتيات، يؤثر هذا الهرمون على المبيضين ويبدأ البلوغ عندما ينشط المبيضين لإنتاج هرمون الإستروجين، وهو المسئول عن معظم التغيرات التي تصيب جسد الفتاة خلال مرحلة البلوغ.
أما الفتيان، فيؤثر الهرمون في الخصيتين بحيث يبدأ إنتاج التستوستيرون والحيوانات المنوية عندما تصل الهرمونات التي تعتبر إشارة بدء البلوغ إلى الخصيتين. يعتبر التستوستيرون هو المسئول عن معظم التغيرات التي تصيب جسد الفتى عند البلوغ.
خلال هذه المرحلة يبدأ ظهور الشعر تحت الإبطين وفي منطقة العانة، ويبدأ ظهور حب الشباب في الوجه وعلى الصدر وأعلى الظهر. ومن أهم تأثيرات هرمونات البلوغ هي تلك التي تظهر على العواطف والانفعالات فقد يصبح الشخص أكثر حساسية وأقل قدرة على ضبط أعصابه، كما يمر بمراحل من المشاعر المضطربة والتضارب في الأمور التي تخص الجنس، وهذا أمر طبيعي. يشعر الشاب أو الشابة بالحرج من الأمر فلا يصرحان به للوالدين، مما يجعل دورهما في نقل المعلومات الصحيحة لأبنائهم حيويا. لذا من المهم أن يتفهم الوالدين مشاعر الأبناء في تلك المرحلة والعمل على احتوائهم وتقديم الدعم النفسي والمعلومات الصحيحة بدون أي ضغوط.
مظاهر البلوغ
يكون نمو الثديين أول علامات بدء مرحلة البلوغ عند الفتيات، ويبدأ الحيض أو الدورة الشهرية بعد عامين أو عامين ونصف من بدء نمو الثديين. يطلق أحد المبيضين بويضة خلال الدورة الشهرية وتنتقل هذه البويضة حتى تصل إلى الرحم الذي يكون قد قام بتكوين بطانة استعدادا لوصولها. إذا حدث إخصاب للبويضة، تظل في الرحم حتى تنمو وتتطور لتصبح جنينا وتعمل البطانة على حماية الجنين، أما إذا لم تخصب البويضة، فإنها تغادر الجسم مع بطانة الرحم، وهذه هي ببساطة مراحل الدورة الشهرية. تستمر الدورة الشهرية من خمسة إلى سبعة أيام.
يبدأ البلوغ عند الفتيان بازدياد حجم الخصيتين والقضيب، ثم يبدأ نمو الشعر في منطقة العانة وتحت الإبطين، ويصبح الصوت أكثر عمقا ثم يبدأ ظهور حب الشباب، ويبدأ نمو الشعر على الوجه. قد يظهر عند بعض الفتيان في أول هذه المرحلة بعض النمو في أنسجة الثديين وهذا أمر طبيعي، ويزول قبل اكتمال البلوغ. قد تكثر أيضا حالات انتصاب القضيب لدى الفتيان في هذه المرحلة، وقد يحدث الانتصاب والقذف في أثناء النوم عند البعض، وهذا ما يدعى بالاحتلام الليلي.
تعد أكبر المشاكل التي يواجهها الأبناء في هذه المرحلة هو شعورهم بالتغيير والقلق وعدم فهمهم لهذه التغييرات الجسدية والنفسية، لذا يجب على الوالدين دائما التهدئة والتأكيد على أن البلوغ مرحلة انتقالية طبيعية ومؤقتة يمر بها الجميع، وأنهم هم أنفسهم عانوا منها.
ننصح الوالدين دائما بالتحدث مع الأبناء عن البلوغ، فمن الأفضل أن يقوم أحد الوالدين بهذه المهمة بدلا من أن يتحدث الأبناء مع أصدقائهم فيضللونهم بمعلومات خاطئة.
ويبقى السؤال الأهم، متى تنتهي مرحلة البلوغ؟
عادة ما تنتهي التغيرات الجسدية عند عمر 16-18 سنة، أما التغيرات النفسية وعدم الاستقرار فيستمر خلال فترة المراهقة وأحيانا تمتد حتى بداية العشرينات من العمر.
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
