منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 عيسى ابن مريم في القرآن العظيم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 7:49 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



إليكم جميع تفاصيل حياة سيدنا عيسى عليه السلام السابقة والقادمة عند رجوعه إلى الأرض، وذلك اعتمادا على أكثر المصادر أماناً وثقة. وهذا المصدر هو بالتأكيد القرآن الكريم الذي لم يتغير ولم يتبدل على مر العصور والذي يقول فيه الله عز وجل : " ..لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ.." والقرآن هو الكتاب الذي يمكننا أن نجد فيه جميع الأخبار القطعية بخصوص المستقبل.

وإلى جانب القرآن الكريم، فإن أحاديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تتضمن معلومات كثيرة حول سيدنا عيسى عليه السلام وكثيرا من تفاصيل حياته، وكذلك معلومات عن مسألة موته أو رفعه إلى الله وعودته إلى الأرض مرة أخرى، ثم موته الميتة الحقيقية.

عاش سيدنا عيسى عليه السلام قبل ما يقارب من ألفي عام، وهو عبد اختاره الله وجعله صفياً في الدنيا إلى يوم القيامة. والدين الحق الذي جاء به هذا الرسول -وإن كان موجوداً حالياً بالاسم – إلا أنه تعرض لكثير من التحريف والتغيير عما كان عليه في الحقيقة. وكذلك، فإن الكتاب الذي أوحي به إليه موجود بالاسم أيضاً، بيد أن أصله غير موجود.
 ولهذا فإن جمبع المعلومات المتعلقة بعيسى عليه السلام مصدرها هو القرآن الذي وعد الله بحمايته إلى يوم القيامة.

والقرآن الكريم يقدم لنا تفاصيل كثيرة عن ولادة سيدنا المسيح وحياته والأحداث التي واجهها طوال حياته وأحوال الناس من حوله، وعن الكثير من الأمور الأخرى. كما أن العديد من آيات القرآن تحدثنا عن الكثير من أحوال أمه مريم عليها السلام قبل ولادته، وطريقة حياتها وحملها المعجز وولادته وردود الفعل التي جابهتها بعد الولادة. ويخبرنا الله –عز وجل –أن سيدنا عيسى سوف يعود إلى الأرض في آخر الزمان.  سوف نستعرض الآيات التي تتحدث عن سيدنا عيسى عليه السلام.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 7:54 pm

ولادة سيدتنا مريم عليها السلام ونشأتها

وُلِدت مريم عليها السلام، التي اصطفاها الله عز وجل لولادة سيدنا عيسى، في فترة مليئة بالاضطرابات، وكان اليهود في تلك الفترة يربطون جميع آمالهم بمجيء المسيح (المنقذ).  وكان الله قد اختار سيدتنا مريم لأداء هذه المهمة العظيمة المباركة، وأنشأها نشأة صالحة لكي تستطيع القيام بها على أحسن وجه. وكانت سيدتنا مريم من نسل كريم اصطفاه الله واختاره على سائر البشر، من عائلة آل عمران.

وكان آل عمران من عائلة مؤمنة بالله راسخة الإيمان، يرجون ربهم في كل عملٍ يقومون به ويرعون حدود الله ومحارمه، وكانت هذه العائلة معروفة بين قومها بهذه الخصائص الفاضلة. وعندما علمت زوجة عمران بحملها لمريم توجهت لله فوراً في الدعاء ونذرت حملها له. ويقول الله في هذا :

(إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (سورة آل عمران: 35-36).

عند ولادة سيدتنا مريم، كان موقف زوجة عمران توجيه نيتها في سبيل مرضاة الله عز وجلّ. حيث دعت ربها أن أن يعيذها هي وذريتها من الشيطان الرجيم، وتقبل الله دعاء زوجة عمران، وكافأها بأن جعل طفلها الذي ولدته على خلق حسن. ويشير القرآن الكريم بشكل خاص إلى التربية الصالحة التي نشأت عليها، فشبهها بالنبات الجميل وما يحتاج إليه من رعاية، يقول الله :


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا...)
(سورة آل عمران: 37).  

ولاحظ زكريا عليه السلام، أثناء تربيته لها، أنها مختلفة عن العالمين، ذلك أن الله تفضل عليها بالكثير من النعم والأرزاق. يقول تعالى  :

(كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (سورة آل عمران: 37).

وكما أن الله اختار آل عمران على العالمين، فإنه اصطفى أحد أفراد هذه العائلة، سيدتنا مريم، وجعلها تتلقى تعليماً وتدريباً خاصّين، وطهرها واصطفاها على نساء العالمين:

(وَإِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (سورة آل عمران: 42-43).

وفي المجتمع الذي عاشت فيه، عُرفت سيدتنا مريم وعائلتها بشدة توكلهما على الله وإخلاصهما له. كما أنها كانت معروفة بالطهارة الأخلاقية فكانت "تصون عرضها"، أي عفتها. وفي هذا يقول الله في سورة التحريم :

 (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ) (سورة التحريم: 12).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 7:56 pm

ولادة سيدنا عيسى دون أب

وكان حمل سيدتنا مريم بعيسى عليه السلام والكيفية التي حملت بها من أكبر المعجزات المتعلقة بهذا النبي الكريم. والقرآن الكريم يخبرنا بكثير من التفاصيل بشأن هذا الموضوع. وفي سورة مريم من القرآن الكريم، يخبرنا الله عن لقائها بجبريل على النحو التالي:

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) (سورة مريم: 16-17).

وكما تذكر هذه الآيات، فإن مريم انتبذت لنفسها مكانا شرقياّ وأمضت جزءاً من حياتها في ذلك المكان. وفي هذه الفترة من حياتها، تراءى لها جبريل على هيئة إنسان سوي. واللافت في الآيات أنها تؤكد على عفة مريم وتقواها، حيث كان أول كلامها حين رأت جبريل:

( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا) (سورة مريم: 18).

أما جبريل فعرف نفسه لها، وأخبرها أنه رسول ربها بعثه إليها بمهمة خاصة ليبشرها ببشرى من عنده. وفي الآية الكريمة يقول جبريل :

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
(قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) (سورة مريم: 19).

(إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِن الْمُقَرَّبِينَ) (سورة آل عمران: 45).

وسألت مريم جبريل بعد تلقيها هذا الخبر المهم، كيف يمكن أن تحمل دون أن يمسها أيّ من البشر، فقالت :

(قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (سورة مريم: 20-22).

(قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (سورة آل عمران: 47).

وكما هو واضح من هذه الآيات، فإن جبريل عليه السلام بشّر مريم بأنها حامل وبأن الله قادر على ذلك بقوله ”كُنْ فَيَكُونُ“. لم تلمس يد سيدتنا مريم يد أي من البشر. وبمعنى آخر، فإن سيدنا عيسى جاء إلى هذه الدنيا بطريقة مختلفة عما كان سائدا وعما كان مألوفا. وهذه ليست إلا واحدة من المعجزات التي حصلت طوال حياته والتي سوف تحصل عند رجوعه مرة أخرى.

وبعد أن تلقت مريم البشرى بحملها، اعتكفت في مكان بعيد بمعزل عن الناس. وفي فترة الحمل هذه شد الله تعالى من أزرها وأيدها ماديا ومعنويا، حيث هيّأ لها جميع ما تحتاجه الحامل من هدوء نفسي وأسباب الراحة المادية. وأسكنها مكاناً قصيا حتى لا يصيبها شيء من الأذى المادي والمعنوي، فالذين لا يفهمون ما لديها من الأسرار قد يتعرضون لها بما لا تحب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:00 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




في القرآن الكريم أمثلة على أشخاص يتوفون مئات السنين ثم يرجعون إلى الحياة بعد ذلك و المسيح عيسى من هؤلاء الأشخاص الرجل الذي بعث بعد مائة عام

.

( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة 259

تحدثنا عن أن الله قبض روح عيسى  وفي الآية أعلاه فإن الله أمات الرجل موتاً كاملاً  ثم ردَّ إليه روحه بعد مائة عام وقصة هذا الرجل بدأت حينما مر على قرية قد تهدَّمت دورها وخَوَتْ على عروشها فقال متسائلا  كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها ؟ فأماته الله مائة عام ثم ردَّ إليه روحه وقال له كم قدر الزمان الذي لبثت ميتًا ؟ قال بقيت يومًا أو بعض يوم فأخبره الله بأنه بقي ميتًا مائة عام وأمره أن ينظر إلى طعامه وشرابه وكيف حفظهما الله من التغيُّرهذه المدة الطويلة وأمره أن ينظر إلى حماره كيف أحياه الله بعد أن كان عظامًا متفرقة ؟

وقال له ولنجعلك آية للناس أي دلالة ظاهرة على قدرة الله على البعث بعد الموت وأمره أن ينظر إلى العظام كيف يرفع الله بعضها على بعض ويصل بعضها ببعض ثم يكسوها بعد الالتئام لحمًا ثم يعيد فيها الحياة ؟ فلما اتضح له ذلك عِيانًا اعترف بعظمة الله وأنه على كل شيء قدير وصار آية لنا ولهذا فإن القرآن الكريم يخبرنا عن حقيقة وهي أن الله يحيي الإنسان ويبعثه بأمره بعد موته بمشيئته. إلى جانب ذلك، فإن القرآن يحتوي على أمثلة أخرى تتعلق بالموضوع نفسه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



يقاظ أهل الكهف بعد سنين من نومهم

ومن الأمثلة المتعلقة بالموضوع قصة أهل الكهف التي أخبرنا الله بها في سورة الكهف تسرد هذه السورة قصة الفتية الذين آووا إلى الكهف هرباً من ظلم الحاكم الظالم وكيف أنهم نُوِّموا سنين طويلة ثم أحيوا من جديد:

 ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً ) الكهف 10  

( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ) الكهف 18-19

السورة لا تفصح لنا عن مدى إقامة الفتية في الكهف وتكتفي بالقول بأنهم ناموا فيها سنين عددا دلالة على أن المدة كانت طويلة كما أن البعض يذهب إلى أن هؤلاء الفتية ناموا 309 أعوام :

( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكـهف 25-26
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




وبالتأكيد ليس المهم هنا هو مقدار المدة التي أقاموها في الكهف بل يجب التوقف هنا عند نقطة معينة وهي أن الله تعالى يبعد بعض الناس عن الحياة الدنيا عن طريق قبض أرواحهم ثم يبعث فيهم الروح مرة أخرى تماماً كما يرجع الناس إلى الحياة من بعد نومهم وعيسى من هؤلاء الأشخاص حيث سيرجع إلى الدنيا ويؤدي رسالته المتمثلة في نشر الدين وبعد أدائه لواجبه سوف يموت مثلما يموت جميع الناس في الدنيا بمقتضى الآية الكريمة

 ( قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ) الأعراف 25
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:04 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


إن سيدنا عيسى عليه السلام شأنه شأن باقي الأنبياء، عبد اصطفاه  الله عز وجل وأمره بهداية الناس إلى الصراط المستقيم، بيد أن لسيدنا عيسى عليه السلام ميزات وخصائص تجعله مختلفاً عن باقي الأنبياء. وأهمها أنه لم يمت إلى حد الآن وأن الله تعالى رفعه إليه وأنه سوف يعود مرة أخرى إلى الأرض.

وعلى العكس مما يعتقده الكثيرون فإن عيسى عليه السلام لم يصلب ولم يمت، والقرآن الكريم يخبرنا بشكل قاطع بأنه لم يصلب ولم يقتل ولكن الله رفعه إليه. كما أن القرآن الكريم لا يحتوي على آية تتحدث عن موته أو قتله. وبالإضافة إلى ذلك فإن القرآن الكريم يخبرنا بأمور لم تتحقق بعد عن عيسى عليه السلام، ولا يمكن لهذه الأمور أن تتحقق إلا بعد رجوعه إلى الأرض. ولا شك أن ما يخبرنا به القرآن الكريم هو الصدق ولا بد أن يتحقق.

وعلى الرغم من هذا، فإن الكثير من الناس يعتقدون أن سيدنا عيسى قد مات في وقت ما و"بشكل من الأشكال" وأنه لن يعود إلى الأرض مرة اخرى. وهذا الاعتقاد خطأ كبير نابع من جهل الكثيرين بما في القرآن الكريم. فعند النظر في القرآن بعين فاحصة تتجلى المعاني الحقيقية للآيات وتبدو أكثر وضوحا.

وعودة نبي الله عيسى عليه السلام أمر بشر به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأخبرنا أن قدومه سوف يكون في ”آخر الزمان“ أي بين يدي الساعة، وأن هذه الفترة سوف تملأ عدلا وسلاما وطمأنينة ودعة.


والمقصود بـ"آخر الزمان" هي الفترة التي تسبق مباشرة قيام الساعة. وسوف تسود أخلاق القرآن بحيث تنتشر بين الناس جميعهم.ومخيلة الإنسان تحن دوماً لما هو أجمل وأفضل. مناظر جميلة، ومآكل لذيذة، وحياة هنيئة خالية من المشاكل الاجتماعية، يسودها الجمال والبركة والطمأنينة...


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


وآخر الزمان هو العصر الذي تتجسد فيه مفاهيم "الأجمل" و"الأفضل". فآخر الزمان هو العصر الذي ستنعم فيه البشرية بالبركة والوسع بدلاً من الضيق والمشقة، وبالعدل بدلاً من الظلم، وبالأخلاق العالية بدلاً من الأخلاق السافلة، وبالسلام والطمأنينة بدلاً من الفوضى والخوف. وهي الفترة المباركة التي سوف يعيش فيها المؤمنون أخلاق الإسلام، هذه الأخلاق  التي طالما رنوا إليها منذ سنين.

في هذا القسم من المدونة، نبحث في موضوع عدم وفاة سيدنا عيسى عليه السلام، ورفعه إلى الله تعالى وعودته إلى الأرض في آخر الزمان اعتمادا على آيات من القرآن الكريم. لكن، وقبل الخوض في هذا الموضوع، يكون من المفيد أن نُذكر ببعض المعلومات الأساسية.

إن الدين عند الله الإسلام

على مر التاريخ، أرسل الله عز وجل العديد من الأنبياء والرسل إلى الأقوام المختلفة، فدعوا هؤلاء الأقوام لاتباع الدين الحق والسير وفق صراط الله المستقيم. وأغلب الناس في عصرنا هذا يعتقدون أن الرسل والأنبياء جاؤوا بأديان مختلفة عن بعضها البعض. وهذا من الأخطاء الفاحشة، ذلك أن الدين الذي أرسله الله عز وجل إلى الناس كافة هو في حقيقته دين واحد. وعلى سبيل، فسيدنا عيسى عليه السلام رفع بعض المحرمات التي كانت موجودة في الدين الذي سبقه. لكن، وفي الأصل، فإن الأديان التي أرسلها الله عز وجل لا تختلف عن بعضها البعض. والدين الذي أوحي إلى الأنبياء السابقين وإلى سيدنا موسى وعيسى وإلى آخر الأنبياء محمد صلوات الله عليهم أجمعين هو الدين نفسه. وفي ذلك يقول الله تعالى:

( قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (سورة آل عمران: 84-85).

وكما تفيد الآية الكريمة فإن الدين الحق الذي بعثه الله للناس هو الإسلام. والقرآن ينبهنا إلى أن الأنبياء والرسل بلّغوا أقوامهم ديناً واحداً.

ويقول الله تعالى في آية أخرى ”...وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا...“ (سورة المائدة: 3). فالله تعالى رضي للناس هذا الدين واختاره لهم، وبعث به الرسل إلى جميع الأقوام لينذروهم على مر التاريخ. وكل إنسان بلغته هذه الرسالة مسؤول عنه ومطالب بأن يتبع هذا الدين الحق الذي جاء به جميع الرسل.

وفيما اتبعت بعض الأقوام الرسل التي بُعثت إليها، أنكرت بعض الأقوام الأخرى ما جاءت به. بيد أن ثمة أقواما أخرى عتت عن أمر ربها وحرفت كتبه، وبدلت ما جاء في الدين بعد وفاة النبي الذي جاء بهذا الدين، ثم تركت الدين الحق وفضلت اتباع المعتقدات المحرفة. والقرآن الكريم يخبرنا بهذه الحقيقة قائلاً:

”إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ“
(سورة آل عمران:19).

وكان بنو إٍسرائيل من الأقوام التي حادت عن الدين الذي أرسل إليها. والقرآن الكريم يخبرنا أن الله عز وجل بعث بالكثير من الأنبياء إلى بني إسرائيل ليدعوهم إلى الدين الحق. لكنهم كانوا في كل مرة يقابلون أنبياءهم ورسلهم بالعصيان، بل إنهم بدلوا كلام الله وحرفوه وأحالوه إلى معتقدات غريبة. ويخبرنا القرآن الكريم أنهم ولوا وجوههم لعبادة الأصنام حتى عندما كان سيدنا موسى عليه السلام بين ظهرانيهم، وذلك لما غادرهم لفترة قصيرة (سورة طه، 83-84). ولقد أرسل الله عز وجل بكثير من الأنبياء إلى بني إسرائيل الذين حرفوا الدين الحق وحادوا عنه بعد موسى عليه السلام. ومن بين هؤلاء الأنبياء عيسى عليه السلام.

كان عيسى عليه السلام طوال حياته، يدعو بني إسرائيل إلى الالتزام بالدين الحق الذي جاءهم من عند الله وإلى أن يخلصوا إيمانهم به. وعلمهم الإنجيل الذي كان مصدقاً لما بين يديهم من أحكام التوراة الصحيحة. وانتقد الرهبان الذين قاموا بتحريف الدين الحق وأحلوا محله تعاليمهم الجامدة الخالية من أية روح. وقام بإلغاء الطقوس والأحكام التي أدخلوها في الدين في سبيل تحقيق مآربهم. ووجه عيسى عليه السلام دعوة إلى البشرية جمعاء للتوحيد والإخلاص الصادق والأخلاق الحميدة. وفي هذا، يقول الله – عز وجل - في محكم تنزيله:

”وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ“ (سورة آل عمران: 50).

لكن، وبعد فترة قصيرة من رحيل سيدنا عيسى من الدنيا، بدأ أتباعه الذين قبلوا به بتحريف دينهم تحت تأثير بعض العقائد الوثنية وإدخال عقيدة "التثليث" (الأب، الابن والروح القدس) في الدين على الرغم من عدم ورودها في الإنجيل، وبهذا، بدأوا يعيشون ديناً مختلفاً تمام الاختلاف باسم "المسيحية". وفي عصرنا هذا، وعلى الرغم من أن هناك قناعة منتشرة بأن معلم الدين المسيحي - الذي يغطي ربع العالم بل ويرسم له وجهته أيضاً– هو سيدنا عيسى، إلا أن هذا غير صحيح. فالدين الحق الذي أتى به سيدنا عيسى حُرِف. والأناجيل التي وصلت إلينا حالياً كتبها أشخاص مجهولو الهوية بعد سنين طويلة جداً من سيدنا عيسى، وجمعها المؤرخون في فترات تالية. ونتيجة لذلك فإن المسيحية ابتعدت كثيراً عن الدين الحق الذي أنزل على سيدنا عيسى.

وبعد سيدنا عيسى عليه السلام، بعث الله عز وجل برسول من شعب آخر لإبلاغهم، وأنزل عليه الكتاب الحق الذي وعد بحفظه وعدم تحريفه إلى يوم القيامة. وهذا الرسول الذي اصطفاه الله لإبلاغ البشرية بالدين الذي اختاره للعالمين هو آخر الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، والكتاب الذي أنزل عليه هو القرآن الكريم. والقرآن الكريم هو الكتاب المرسل إلى االبشرية جميعها، من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، والناس كلهم في كل دول العالم مسؤولون عنه وسيحاسبون عليه يوم القيامة.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وفي عصرنا هذا، وحدت التقنية الحديثة شعوب العالم وحولتها إلى ما يشبه القومية الواحدة. ولذلك فإنه يندر كثيرا أن يكون هناك من لم يسمع بالقرآن الكريم وبالدين الذي يدعو إليه هذا الكتاب. وعلى الرغم من هذا، فإن فئة قليلة من البشرية تؤمن بالقرآن. والقسم الأعظم من المؤمنين به لا يعرفون حق المعرفة ما الذي يقتضيه منهم هذا الدين.

ولهذا السبب فإن عيسى عليه السلام سوف يعود إلى هذا العالم ليعيده إلى طريق الحق  ويقوّم ما انحرف من الدين، فيدعو الناس إلى اتباع القرآن الكريم الذي هو الكتاب الحق. وهذا ما وعد القرآن الكريم به. فكما سنرى في الفصول القادمة، فإن الله تعالى رفع عيسى عليه السلام إليه، وبالتالي فعيسى  لم يمت. والقرآن الكريم يخبرنا بأنه سوف يعود بعد زمن ليَسودَ الإسلام على وجه الأرض.ومنذ مئات السنين والعالمين المسيحي والإسلامي يقومان بالإعدداد لاستقبال هذا الضيف المبارك من أجل أن لا تتكرر الأخطاء التي كانت قد اُرتكبت بحقه مرة أخرى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:05 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً } النساء 75

عندما نقرأ القرآن الكريم، نلاحظ أن الأقوام التي بعث الله- عز وجل- لها رسلاً كانت تعاني من الفساد والإنحلال الإجتماعي والأخلاقي. وعند مجيء الرسول، ينعم أتباعه في جو من البركة والطمأنينة التي يجلبها الدين، أما في الفترات التي تعقب قدوم الرسول، فإن بعض الناس يبطرون بسبب جو البركة هذا ويبتعدون عن الدين وينحرفون عن الصراط المستقيم ويظلمون أنفسهم باتخاذهم أرباباً من دون الله، وبهذا، يكون هؤلاء المنكرون قد هيئوا مصيرهم السيّء بأيديهم.

وفي سورة مريم، يخبرنا الله عن مدى تمسك الأنبياء والرسل بالله ومدى إيمانهم وإخلاصهم، ويحدثنا كذلك عن أن هناك أقواما خلفوهم فأضاعوا إيمانهم وكان عاقبة أمرهم خسرا. وهذه المجتمعات هي التي انساقت وراء شهواتها ولم تُعر أية أهمية للقيم الأخلاقية. وفي هذا يقول عز وجل:

 (أوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) (سورة مريم: 58-59 ).

والله تعالى ينذر هؤلاء الذين يشردون عن الدين وينسون سبب خلقهم ومسؤولياتهم تجاه خالقهم ويتوعدهم بالعديد من المصائب التي قد تحيق بهم. فيبدل الله نعمه التي أنعم بها على عباده هؤلاء إلى ضنك العيش ، وهذا  مصداقا لقوله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى }طه 124

والله تعالى يجازي من يميل إلى الكفر بعد الإيمان بشتى أنواع "ضَنك المَعِيشَةِ ". من قلة المال وشحه ونزع البركة منه إذا وجدت، والضيق النفسي الشديد الناتج عن فساد الأخلاق وانحرافها. ولا شك أنّ  المشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي تولدها الفوضى السياسية ليست سوى أمثلة على "ضَنك المَعِيشَةِ " هذه.

كما أن الظلم الذي يمارسه الحكام الظلمة على بعض الشعوب يعد من بين أنواع العذاب التي يبتلي بها الله  بعض الاقوام. وقد حدثنا القرآن الكريم عن فرعون، وضرب به المثل على الحاكم الظالم الجائر. فقد كان فرعون يعيش في بذخ عظيم وغنى مُطغ، وكان يؤذي شعبه ويملأ الأرض فسادا. يقول الله عز وجل:

{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ }القصص 4 

وفي هذه الحالات التي تعم فيها المشاكل الإقتصادية والإجتماعية ويسود فيها الظلم، يشعر الناس دائما بحاجة ملحة إلى منقذ يخلصهم مما هم فيه. وتكون مهمة هذا المنقذ تقويم الأخطاء الموجودة وتحقيق العدل والسلام والأمن وهداية الناس إلى الصراط المستقيم.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 لقد عانى بنو إسرائيل المشاكل نفسها بعد سيدنا موسى، وجابهوا الحكام الظالمين وعانوا من ظلم شديد، حيث أُخرجوا من أوطانهم وبيوتهم وأدركوا أن آلهتهم التي كانوا يعبدونها مع الله تعالى لن تخلصهم، وعلموا أن أموالهم وآباءهم لن تغني عنهم من الله شيئا. ولذلك فقد طلبوا من الله عز وجلّ أن يبعث إليهم من يعصمهم من حكامهم الظالمين. فاستجاب لهم ربهم بأن بعث لهم طالوت. وفي هذا يقول الله عز وجل:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }البقرة 246

  ولــــــن تـــجــد فـــي ســنــة الــلــه تــــبــــديـــلاً

إن ما نلاحظه في قصص الأقوام السابقين في القرآن الكريم أن قصة كل أمة من الأمم تشبه الأخرى. فالأحوال التي يعيشها الناس، وأحوال الرسل الذين يبعثهم الله لإنذارهم، ثم هلاك هذه الأمم في آخر المطاف، كلها أمور قائمة على المنطق نفسه.

وعصرنا هذا، يشهد انحلالاً وتفسخا كبيرين. وأمل الناس الذين يعيشون في الفقر والتخلف والظلم أن ينعموا في يوم ما بحياة تملؤها الأخلاق الفاضلة، وينتشر فيها الأمن والسلام. ولا شك أنه لا صلاح لأحوال هذه المجتمعات ولا أمل في تصحيح وجهة العالم إلا إذا تم الالتزام بهذه الأخلاق وهذه المثل العالية. وهذا الإصلاح عملية لن يقدر عليها إلا أولئك الذين تشبعوا بهذه الأخلاق وسرت في عروقهم.
 
وكان الله تعالى، قد بعث بمنقذين يخلصون الأقوام الغابرة بعد أن تردوا في حمأة الفساد، وانتشر فيهم الانحلال وأعمى الغنى والمال أبصارهم وبصائرهم. وتخبرنا الآية التالية أن الله تعالى يغدق بنعمه على الأمم التي تخشاه وتتقيه:

{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأعراف 96
   
وهذه الآيات والعديد من الآيات الأخرى تشرح قاعدة إلهية في غاية الأهمية : العمل بأخلاق الإسلام هو الطريق الوحيد للسلام والطمأنينة والبركة. وهذه القاعدة كانت سارية مع الأمم السابقة وسوف تبقى كذلك سارية مع الأمم اللاحقة. فمن غير الممكن للعدل والأمن والاستقرار أن يسود في المكان الذي يخلو من أخلاقيات القرآن. فهذه سنة الله. والقرآن الكريم يخبرنا أن سنة الله لا تتغير:

(وَأَقْسَمُوا بِاللَّه جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً) (سورة فاطر: 42-43)

الإلتزام بأخلاق الإسلام من وجهة نظر القرآن

كما ذكرنا في  الجزء السابق فعند النظر في آيات القرآن، نرى أن الله تعالى بعث "منقذاً" إلى الأمم السابقة التي عاشت في الظلام والضلال والإنحطاط الأخلاقي. وهذا المنقذ يدعو قومه للإيمان بالله وعدم الإشراك به ويحذرهم عاقبة أمرهم. أما إذا أصروا على عنادهم وإنكارهم فإنه يحذرهم من سوء العذاب.  وقد أخبرنا تعالى في القرآن الكريم أنه لا يهلك القرى دون أن ينذرها: (وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنذِرُونَ  ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ)(سورة الشعراء 208-209)

إن الزمن الذي نعيشه قد انتشرت فيه جميع أنواع الإنحلال والإنحطاط المادي والمعنوي والإنحراف والفوضى السياسية والإجتماعية وتوسعت فيه الهوة بين الغني والفقير والقرآن يعلمنا أن الله تعالى لا بد أن أن يكشف لنا مخرجاً بعد عهود من المشقة والظنك. يبشرنا أن أخلاق القرآن سوف تسود في جميع أنحاء العالم وأن دين الحق سوف يظهر على كافة الأديان الباطلة الأخرى والله تعالى يبشر عباده المؤمنين بهذه الحقيقة في سورة التوبة:

(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (سورة التوبة: 32-33)

وفي سورة النور، يبشر الله تعالى المؤمنين الصادقين الذين يعملون الصالحات (المحافظين على أحكامه والعاملين في سبيله) بأنه سيستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم  ويمكن لهم في الأرض:

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } النور 55

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وعند هذا الحدّ، يجب الانتباه إلى أمر هام : في الآية السابقة يشترط الله عز وجل أن تنتشر أخلاق الدين في الأرض؛ أي وجود مؤمنين صالحين يعبدونه ولا يشركون به شيئاً ويعملون الصالحات...

الــمــنــقــذ الـمـنـتـظـر

إلى هنا نستنتج ما يلي : لا شك أن الله تعالى يستجيب دعوة عباده الصالحين في ما يرجونه منه من مدد في مجابهة الظلم في كل عصر من العصور، تماما مثلما حصل مع الأقوام الغابرة، والمسلمون يعتقدون أنه سوف ينقذ الناس في عصرنا هذا من ظلم اللادينية ويهديهم سبل السلام وينعم عليهم بطيب العيش وحلاوة الإيمان.

إن المأمول من المؤمنين الصادقين أن يسعوا في الأرض ويبلغوا رسالة الإسلام إلى جميع سكان الأرض، وذلك بعد ما آلت إليه أخلاق الناس من فساد وانحراف. وكما هو الحال في كل عهود الظلم والظلام، فإنه من المؤمل أن يبعث الله عز وجل بمنقذ ينقذ الأمة. وفي هذه الفترة التي نعيشها، فإن أخلاق الإسلام هي المنقذ الذي سيخرج الناس من "الظلمات إلى النور". وسوف ينطلق ثلة من المؤمنين المخلصين ويقودوا العالم إلى سواء السبيل من خلال هدايته إلى الأخلاق الإسلامية السامية، وسوف يهزم الله تعالى على أيديهم جميع الأفكار الفاسدة والأديان الأخرى الملحدة.

وباختصار، فإن الله يعد عباده المخلصين المتوجهين نحوه لا يريدون إلا وجهه بأنه سينصرهم على وجه الأرض، كما ساعد الله كل الأقوام السابقة. وفي هذا يقول الله عز وجل:

( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)  (سورة الحج، 40-41)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:08 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يلفت القرآن الكريم أنظارنا إلى أن عيسى عليه السلام كان مختلفاً تمام الاختلاف عن بقية الناس منذ ولادته إلى أن رفعه الله إليه. فقد خُلِق سيدنا عيسى بشكل يختلف عن أشكال الولادة العادية التي نعرفها، وجاء إلى الدنيا دون والد. كما أن الله تعالى أخبر أمّه عن طريق ملائكته، وقبل ولادته، بالكثير من ميزاته وخصاله، ومن ميزات هذا الرسول أنه "كلمة الله" :

(... إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ...) (سورة النساء:171).

{إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } (سورة آل عمران: 45)

ولم تُستعمل عبارة "كلمة الله" في القرآن الكريم لوصف أي من البشر سوى سيدنا عيسى عليه السلام، كما أخبر الله عن اسم سيدنا عيسى حتى قبل ولادته. وفي العادة، فإن العائلات هي التي تطلق الأسماء على أبنائها. بيد أن وضع سيدنا عيسى كان وضعاً مختلفاً. فلقد سمى الله عيسى باسم "عيسى المسيح" لأنه كان كلمة من لدنه. وهذا دليل كبير على أن سيدنا عيسى خلق خلقا مختلفاً عن باقي البشر إلى جانب كل هذا، فإن ولادته والمعجزات التي حدثت في أثناء حياته، ثم رفعه من قبل الله تعالى قبل أن يموت، كلها أمور تبين  اختلاف عيسى عليه السلام عن باقي البشر.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


ولادة عيسى عليه السلام

كما هو معروف، فإن الولادة أمر صعب للغاية وتحتاج إلى رعاية فائقة. ومن الصعب على امرأة أن تواجه هذا الموقف إذا لم توجد تحت الرعاية الطبية، وإذا لم تكن مرفوقة بمن تساعدها وتشد من أزرها، غير أن سيدتنا مريم- التي لا تمتلك أي تجربة في هذا الأمر- استطاعت أن تنجح في ولادتها بفضل قربها من الله تعالى واعتمادها وتوكلها عليه.

وفيما كانت سيدتنا مريم تعاني من آلام المخاض، أمدها الله بالعون عن طريق الوحي حيث أبلغها بما يجب أن تقوم به حتى تتم ولادتها بأسهل الطرق وفي أفضل الأحوال وهذه نعمة أخرى أنعم الله بها على سيدتنا مريم. وعند اقتراب ساعة الولادة، ساقتها آلام المخاض إلى جذع نخلة، وفي هذه اللحظة :

(فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً) (سورة مريم: 23-26).


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


سيدنا عيسى يتكلم في المهد

لقد كانت ولادة سيدنا عيسى- التي لم يعتد الناس عليها- إحدى الأحداث التي امتحن الله بها قوم مريم كما امتحن بها مريم نفسها أيضاً. وفي الواقع، فإن مجيء سيدنا عيسى عليه السلام إلى الدنيا بهذا الشكل كانت إحدى المعجزات التي تثبت وجود الله عز وجلّ وتدعو إلى الإيمان به. لكن قوم مريم لم يفهموا هذه الأمور وظنوا بها الظنون. وفي هذا يقول القرآن الكريم :

(َأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً) (سورة مريم: 27-28).

وكما تفيد هذه الآيات، فعندما تركت مريم المكان الذي انعزلت فيه عن الناس وتوجهت إلى قومها مع وليدها، لم يسمح لها قومها أن تقدم أي توضيح واتهموها زوراً وبهتانا بناءً وفقا لظنونهم وتخمينهم بأنها قامت بأمور مشينة ومخجلة. فمع أن قومها كانوا يعرفونها منذ ولادتها ويعرفون نشأتها، ويعرفون آل عمران الذين أنشئوها، ويعرفون مدى حبهم لله ومدى تدينهم، إلا أنهم مضوا في غمزهم واتهاماتهم لها بارتكاب الفاحشة.

وبما أن سيدتنا مريم كانت عفيفة وطاهرة، وتتقي الله حق تقاته، فإن اتهامهم لها بالوقوع في الرذيلة لم يكن سوى محاولة لتشويه سمعتها زورا وبهتانا، وهو من ناحية أخرى ابتلاء لها من الله تعالى. فمنذ ولادتها وطوال رحلتها في الحياة، كانت تعلم أن الله تعالى لن يتخلى عنها ولن يذرها لعواصف الحياة الهوجاء بل يدركها كلما اشتدت بها الصعاب وضاقت عليها السبل. وكانت كعادتها دائما- تدرك جيدا أن لا شيء يتم خارج مشيئة الله وإرادته، وأنه لا بد وأن يبرأها مما نسب إليها زوراً وبهتاناً.

وفي هذه المرحلة، لم يتخل الله عن مريم عليها السلام، فأوحى إليها أن تصوم عن الكلام تيسيرا لأمرها. وعندما جابهها قومها واتهموها، أوعز الله لها أن تصمت وأن تشير إلى ولدها. وبهذا، تكون مريم قد اجتنبت أن تقول أي شيء قد يسبب لها الضيق أو يسيء إليها ولقد كان سيدنا عيسى، عليه السلام، هو أفضل من يجيب على الاتهامات في هذه المرحلة. وكان الله قد أعلم مريم مسبقاً عند تبشيرها بولادة سيدنا عيسى عليه السلام، بأنه سيكلم الناس في المهد :

{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ }آل عمران 46 .

وهكذا، كان الله قد يسّر لمريم الكثير من الأمور وأنطق كلمة الحق التي كان قومها ينتظرونها من فم سيدنا عيسى عليه السلام. وأمام هذه المعجزة التي أيد الله بها مريم، فسدت المكيدة التي حاكها ضدها قومها. وفي هذا، يقول الله تعالى :

(فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً) (سورة مريم: 29-33).

ولا شك أن نطق وليد مازال في المهد بكلام سوي خالٍ من الأخطاء هو من المعجزات الكبرى. كما أن معرفة سيدنا عيسى عليه السلام، فور ولادته، لمعلومات لا يمكن لطفل أن يعرفها أمر مدهش فعلاً. وقد أثبت هذا الأمر لبني إسرائيل بشكل لا لبس فيه، أنهم أمام أمر غير معقول وغير عادي بتاتاً. وكل هذه الاحداث كانت تمثل دليلاً على أن هذا الطفل الذي في المهد هو رسول الله حقاً.

إن الله عز وجلّ جعل لمريم مخرجاً بفضل إنابتها لله وتوكلها عليه في كل شأن وفي كل أمر. وردّ على إفك قومها وافتراءاتهم بشكل قاطع بأن أراهم معجزة جعلتهم يقفون مندهشين ليس في وسعهم فعل شيء. لكن الله توعد الذين يستمرون في توجيه الاتهامات على الرغم من هذه المعجزة التي أراهم الله إياها

(وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا)                               (سورة النساء: 156-157).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

معجزات عيسى عليه السلام

أولى معجزات سيدنا عيسى عليه السلام التي وردت في القرآن هي ولادته من غير أب، والثانية هي تكلمه في المهد وإعلانه نبوته. وفي الحقيقة فإن هاتين المعجزتين كافيتان لإثبات تميز عيسى عليه السلام وتفرده بشكل لا لبس فيه. ذلك أن ولادة طفل في المهد وهو مؤمن، وتكلّمه بشكل واضح وعقلاني فور ولادته أمر لا يتحقق سوى بإعجاز رباني:

{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ}  (سورة المائدة : 110).

ومن معجزات عيسى عليه السلام التي يقصها علينا القرآن الكريم :

{وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } (سورة أل عمران: 49)

 وعلى الرغم من هذه المعجزات التي ذكرنا البعض منها، فقد استمر قسم من القوم في عنادهم وتعنتهم.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:09 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



صادفت الفترة التي بعث فيها سيدنا عيسى عليه السلام أن بني إسرائيل كانوا يعيشون في مأزق سياسي واقتصادي واجتماعي. فمن جهة، كانوا يعانون من ظلم حاكم البلاد التي كانوا يعيشون فيها وبطشه، ومن جهة أخرى الاختلاف والتمزق العقائدي والمذهبي... وكما هو الحال في مثل هذه الأجواء من الفوضى كان الناس يبحثون عن مخرج ينقذهم مما هم فيه.

وكان عيسى عليه السلام هو المنقذ المنتظر، وكان الله قد أنطقه في المهد ليعرفه جميع بني إسرائيل ويعرفوا أمه، وبالتالي يعترفون بنبوته وبأنه هو النبي المنتظر. كان الناس ينظرون إليه على أنه أمل الخلاص.

لكن وبالتأكيد، كان هناك من يبدي مواقف الرفض تجاهه، فقد كان حماة أنظمة الكفر والإنكار يرون فيه تهديداً لهم. ولهذا، نشطوا لقتله أو القضاء عليه فور السماع به، ومع أنهم لم ينجحوا في مسعاهم هذا، إلا أنهم لم يتخلوا عنه، وبقوا ألد أعداء سيدنا عيسى عليه السلام طوال الفترة التي كان يدعو فيها إلى الله.

بيد أن الغريب في الأمر أن العداء لعيسى عليه السلام لم يكن مصدره الكفرة المنكرين لله فقط، بل إن معظم رجال الدين اليهود في تلك الفترة أشهروا العداء له بمجرد بدئه في تبليغ رسالته، وذلك للعديد من الأسباب.

وأهم هذه الأسباب، أنه كان يدعو الناس لكي يعرفوا ربهم ويخلصوا إيمانهم لله. وقد اتهموه منذ البداية بأنه يسعى إلى تخريب عقيدتهم وإزالتها، بيد أن سيدنا عيسى عليه السلام كان يجتهد في إفهامهم بأنه لم يأت لمحاربة الدين بل لتطهيره مما أدخلته فئة الحاخامات والرهبان من أحكام زائفة وخرافات.

فلقد كان بنوا إسرائيل قد حرفوا الدين فحرموا ما أحل لهم وحللوا ما حرم عليهم. ولذلك، دعا عيسى عليه السلام لاتباع الإنجيل الذي جاء مصدقاً لما بين يديهم من التوراة. يقول الله تعالى في ذلك:

{وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ } (سورة آل عمران: 50).

وفي آية أخرى، يبين الله تعالى أن الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام، جاء مصدقا للتوراة التي أنزلت من قبله وهداية وموعظة لمن اتقى ربّه:

{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } (سورة المائدة: 46)

وكان زعماء اليهود وأصحاب النفوذ فيهم يكيلون الاتهامات ضد عيسى عليه السلام لأنه لم يكن يبالي بطقوسهم وعاداتهم التي أصبحت وكأنها هي أساس الدين، بل كان يدعو لتوحيد الله تعالى والإخلاص له في الإيمان والعمل ونشر مشاعر الأخوة بين الناس. ولهذا السبب، كانت لدعوته وقع المفاجئة الشديدة على اليهود الذين فوجئوا بمفهوم للدين مختلف عما ألفوه. وفي هذا يقول الله :

( وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) (سورة الزخرف: 63-65)

وكان الإيمان الصادق الذي يتميز به سيدنا عيسى عليه السلام مَثَاَر انتباه الناس وعجبهم، وكان أتباعه والمؤمنون به يزدادون يوماً بعد يوم. وكان عيسى عليه السلام، يخبرهم في يقين، بأن يوم الخلاص قد اقترب وأن النصر سوف يكون إلى جانبهم عمّا قريب.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:11 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



لا شك أن أكثر الناس يعرفون بالزعم الرائج القائل بأن الرومان صلبوا عيسى وقتلوه وحسب هذا الادعاء، فإن الرومان ورجال الدين اليهود قاموا باعتقال عيسى عليه السلام وصلبوه ثم قتلوه. والعالم المسيحي صدق هذه الرواية، وهو يؤمن بها إيمانا راسخا. لكنه يؤمن بأن سيدنا عيسى عليه السلام بعث بعد موته وأنه رفع إلى السماوات. غير أن القرآن الكريم يبين لنا أنّ الأمر ليس على هذا النحو :

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً )  النساء: 157

وفي الآية التي تليها، يقول الله عز وجل :

( بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً  ) النساء: 158

الآية واضحة في هذا، فالرومان الذين حاولوا قتل عيسى عليه السلام (بتحريض من بعض اليهود) أخفقوا في مسعاهم هذا. وعبارة ( وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) الواردة في الآية الكريمة توضح الحادثة بشكل جليّ. فعيسى عليه السلام لم يقتل، بل رفعه الله إليه. والآية واضحة عندما تقول بأن الذين يزعمون أنهم قتلوه شاكون في أمرهم لا علم لهم بالأمر على وجه اليقين، وأنهم إن يتبعون إلا الظن.

موت الأنبياء كما ورد في القرآن الكريم ؟

عند مقارنة ما ورد في الآيات القرآنية، بشأن موت الأنبياء أو استشهادهم، بغيرها من الآيات التي تتحدث عن موت سيدنا عيسى عليه السلام، تبرز أمامنا حقيقة مهمة تتعلق بمسألة موته. وهنا سوف نتأمل في الكلمات العربية التي استعملت للتعبير عن موت الأنبياء والمعنى المرافق لها وكيفية استعمالها.

في القرآن الكريم، الكلمات التي استعملت لوصف مقتل أو موت الأنبياء هي "القتل، الموت، الهلاك، الصلب" أو بعض الكلمات الأخرى.  وفي المقابل، فإن القرآن الكريم يؤكد حقيقة مهمة وهي أنه لم يُقتل ولم يمت بأيّ من الأشكال المعروفة :

 ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) النساء 157

 هذه الآية تبين بشكل واضح أنهم قتلوا شبيهاً له، وأن الله رفعه إليه. وسورة آل عمران تفيد بأن الله سيتوفى عيسى ويرفعه إليه

(إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) آل عمران 55


.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



والآن، سنرى كيف تستعمل الكلمات التي تعنى الموت في القرآن الكريم ونقارنها بكلمة ( مُتَوَفِّيكَ ) في سورة آل عمران  
.
1- الوفاة

 كلمة "الوفاة" الواردة في الآية لا تحمل معنى كلمة "الموت" المعروفة لدينا. والتأمّل الدقيق في الآيات يؤكد لنا بشكل واضح أنّ عيسى عليه السلام لم يمت بالشكل المتعارف عليه. فالآية 117 من سورة المائدة تشرح الموت بالشكل التالي :

 ( مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المائدة 117

وكلمة " تَوَفَّيْتَنِي" المشتقة من "وفّى" التي تمر في الآية لا تعني الموت بل تعني "قبض الروح". والقرآن الكريم يخبرنا أيضاً أن قبض الروح لا يعني الموت دوماً. فعلى سبيل المثال، هناك آية ترد فيها كلمة  الوفاة وتبين أن هذه الكلمة لا تعني الموت بل قبض الروح باللّيل :

 ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الأنعام 60

وكلمة " يَتَوَفَّاكُمْ " التي يتم تفسيرها على أنها "الوفاة"، هي الكلمة نفسها التي وردت في الآية الخامسة والخمسين من سورة آل عمران. أي أن كلمة "توفى" ترد في كلا الآيتين. و من البديهي أن كلمة " يَتَوَفَّاكُمْ " لا تعني الموت وإنّما تعني "قبض الأرواح في الليل". وفي الآية الكريمة التالية ترد الكلمة نفسها بالشكل التالي :

 ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الزمر 42

ونفهم من هذه الآية أن الله يقبض الأنفس إذا جاء أجلها وهي نائمة، أما من لم يأت أجلها فيرسلها (يدعها) إلى أن يحين أجلها. وبهذا الشكل، لا يكون الإنسان قد مات بالمعنى الذي نفهمه. بل تكون روحه قد انفصلت عن جسمه لمدة من الزمن ودخلت بعداً آخر. ويتم إبقاء روحه بعيدة عن جسده إلى حين يستيقظ، ثم ترجع إليه هذه الروح.
.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


ويوضح البروفسور الدكتور سليمان آتش كلمة "توفى" في تفسيره :

( تستعمل كلمة "توفى" بمعنى النوم، وهو رأي الأغلبية. وبناء على ذلك فإن الآية تعني "سأجعلك تنام". وهكذا، فإنه بإمكاننا القول بأن سيدنا عيسى عليه السلام نُوِّمَ  بشكل مشابه للذي يحصل في المنام، وأن هذا لا يعني الموت الذي نعرفه، بل هو حالة مرور من بُعْدٍ إلى آخر، والله أعلم. ( الدكتور سليمان آتش، التفسـير المعاصر للقرآن الكريم، المجلد الثاني، الصفحة 49-50).

2- القَتْلُ

في القرآن الكريم، تستعمل كلمة ”قَتَلَ“ بكثرة للإشارة إلى الموت.

( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) غافر 26

في الآية، يرد الفعل " أَقْتُلْ" في عبارة " أَقْتُلْ مُوسَى"، وهو مشتق من "قتل". وفي آية أخرى، نجد فعلاً آخر من الجذر نفسه :

( وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) البقرة: 62

وفعل "يَقْتُلُونَ" الوارد في الآية من جذر ”قتل“ نفسه. وكلا الآيتين تشير إلى الموت إشارة صريحة وفي الآيات التالية المتعلقة بمقتل الأنبياء، جميع الأفعال مشتقة من الجذر قتل :

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة](... سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ )            آل عمران 181

( ... أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) البقرة 87

 ( ... قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) البقرة 91

( وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) آل عمران 21  

( ...  قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) آل عمران 183



( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )   سورة المائدة الآية 28

( اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ ) يوسف 9

( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)  القصص 9

 ( .. قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) القصص 20

 ( ... قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) العنكبوت 24


3- الهلاك :

وهناك في القرآن الكريم فعل آخر يستعمل في وصف الموت، وهو الفعل ”هلك“

 ( وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ ) غافر 34

ومن الواضح أن كلمة هَلَكَ التي وردت في الآية الكريمة أعلاه تشير إلى الموت.

4- الموت :

وتستعمل هذه الكلمة في القرآن الكريم باستمرار في وصف موت الأنبياء وفي الحديث عما حصل لسيدنا سليمان :

( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) سبأ 14  

وبخصوص سيدنا يحيى :

( وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) مريم 15
.
وبخصوص سيدنا يعقوب :

.
(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)  البقرة 133   

وفيما يتعلق بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تستعمل كلمة ”مات“ و”قتل“ بشكل متعاقب :

( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ )  آل عمران 144
.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


وكلمة مات ترد في آيات أخرى  :

 ( فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً ) مريم 23

 ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) الأنبياء 34


5- الخلود :

هذه الكلمة غير مشتقة من فعل "قتل" أو "مات"، وتعني عدم الموت أو البقاء الدائم. وترد هذه الكلمة في سورة الأنبياء  :

 ( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ) الأنبياء 8

6- الصّلب:

في القرآن الكريم، ترد هذه الكلمة بشكل متكرر في القصص المتعلقة بالأنبياء. وهذه بعض الآيات التي ورد فيها هذا الفعل :
.

 (... وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ...)  النساء: 157

 ( ... وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ) يوسف 41

 ( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ  ) المائدة 33 

 ( لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) الأعراف 124

 ( .. فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} طه 71 

 ( .. لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) الشعراء 49

وكما هو واضح ، فإن الآيات التي تتحدث عن وفاة سيدنا عيسى عليه السلام والأنبياء الآخرين ترد فيها أفعالٌ مختلفة عن بعضها البعض. أي أن الله تعالى يقول في القرآن الكريم بأن سيدنا عيسى لم يصلب ولم يقتل، بل إنه أرى الناس شخصاً مشابهاً له وأنه توفاه (أي قبض روحه كما هو الحال في النوم) ورفعه إليه.

فبينما تستعمل كلمة "توفى" التي تعني "قبض الروح" لوصف ما حصل لسيدنا عيسى، تستعمل كلمة "قُتِل" أو "مات" التي تصف حالة الموت العادية لباقي الأنبياء. وهذه الشواهد كافية لشرح الوضع غير الطبيعي الذي يوجد عليه سيدنا عيسى ويتميز به عن باقي الأنبياء.

ونتيجة لما تقدم، فإنه بإمكاننا القول بأن عيسى عليه السلام وُضع في وضع مشابه لحالة النوم وأن ما حصل له أمر مشابه لما يحصل في المنام وأن هذا الوضع لا يشبه الموت الذي نعرفه بل هو انتقال أو عبور من هذا البُعد إلى بعد آخر. والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالأربعاء ديسمبر 25, 2013 8:13 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




إنطلاقا من هذا نفهم بشكل صريح وواضح أن سيدنا عيسى عليه السلام لم يمت وأنه رفع إلى الله تعالى و في هذا المقال سنبرهن على ذلك بالأدلة من القرآن الكريم الذي أشار  بشكل صريح وواضح جداً  أن عيسى عليه السلام سوف يعود إلى الأرض مرة أخرى والآيات التي تدل على هذا الأمر هي كالآتي :


1 أولى الدلائل هي سورة آل عمران:

 ( إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) آل عمران 55

وعبارة ( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) مثيرة للانتباه فالقرآن الكريم يتحدث عن مجموعة من الناس ممّن سيكونون مؤمنين حقاً بسيدنا عيسى عليه السلام وسوف يكونون أقوى وأعلى من الكافرين إلى أن تقوم القيامة. إذاً ما هي هذه الجماعة ومن هم هؤلاء ؟ هل هم الحواريون الذين عاصروا سيدنا عيسى عليه السلام أم هم النصارى الذين يعيشون الآن ؟

لقد كان أتباع سيدنا عيسى عليه السلام أثناء حياته قليلون جداً وبعد رحيله عن الدنيا بدأت عملية تحريف واسعة وسريعة شملت الدين الذي جاء به كما أن الأشخاص الذين كانوا يوصفون بأنهم الحواريون كانوا مضطرين للعيش في جو يملؤه الاضطهاد والمصاعب الشديدة الجمة وفي القرنين التاليين للمسيح كان العيسويون (أتباع عيسى) مضطرين للحياة في جو الاضطهاد نفسه ذلك أنهم لم يكونوا يمتلكون أية قوة سياسية وفي هذا الوضع لا يمكن بتاتاً القول بأن المسيحيين السابقين كانوا أقوى وأعلى من الكافرين وأن هذه الآية نزلت فيهم.

أما النصارى الحاليين فلا يمكن أن تكون الآية تشير إليهم بأي حال فالمسيحية الحالية فقدت جوهرها الأصلي وتحولت إلى شيء مختلف تماماً عن الدين الحق الذي جاء به عيسى عليه السلام فالنصارى الحاليين يؤمنون بعقيدة التثليث المحرفة ( الأب - الابن والروح القدس) وبأن سيدنا عيسى عليه السلام ابن الله. وبناءً على هذا فإنه من غير المعقول القبول بمسيحيي اليوم على أنهم أتباع عيسى عليه السلام المقصودون في الآية الكريمة. كما أن الكثير من الآيات الكريمة تخبرنا بأن الذين يؤمنون بعقيدة التثليث منكرون :

 ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة 73

بهذا يتبين لنا أن عبارة ( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) تعتبر إشارة صريحة وهي تقتضي وجود جماعة تؤمن بسيدنا عيسى عليه السلام وتدوم إلى أن تقوم القيامة وهم على إيمانهم هذا وبالتأكيد فإن جماعة من هذا الصنف سوف تظهر للوجود برجوعه إلى الأرض مرة أخرى. وأتباعه من هذه الجماعة سوف يكونون فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة.
.
.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



2 الدليل الثاني من سورة النساء :

إضافة إلى الآيتين الكريمتين (156-158) من سورة النساء اللتين بحثنا فيهما في المقال السابق فإن الله تعالى يقول في الآية 159 من السورة نفسها :

( وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً )
 النساء  159


عبارة "إلا ليؤمنن به قبل موته" تدعو إلى التأمل والتفكير وبعض المفسرين يُرجِعون الضمير المتصل في "به" وهو "الهاء" إلى القرآن الكريم ويقولون إن  قسماً من أهل الكتاب لا بد وأن يؤمنوا بالقرآن الكريم.

ولكن الضمير المتصل "الهاء" راجع إلى عيسى وهو أمر لا يحتاج إلى نقاش:

( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً  بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) النساء   157-159


ومن جانب آخر فإن عبارة ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا )  تسترعي الانتباه  فضمير "الهاء" هنا لا يرجع إلى القرآن الكريم   وعلى فرض أن ضمير "الهاء" راجع إلى القرآن الكريم في الآية الأولى (ولو أن ذلك خالٍ من أي دليل نحوي أو منطقي) فيجب القبول حينذاك أن "الهاء" في الآية الثانية راجعة إليه أيضاً، ولكي نقول ذلك علينا أن نأتي بآية تدل على ذلك فالقرآن يخلو من أية آية تقول بأنه (أي القرآن) سوف يكون شهيدا على الناس يوم القيامة فالقرآن الكريم يخبرنا بأن لسان الإنسان ويديه وقدميه سوف يشهدون عليه يوم القيامة ( النور 24 و يس 65 ) أما في الآيات الكريمة 20-23 من سورة فصلت فهي تشير أيضا إلى أن سمع الإنسان وبصره وجلده سوف يشهدون عليه أيضاً .

وعند تفحصنا لباقي سور القرآن الكريم فإننا نلاحظ أن الآيات التي تتم فيها الإشارة إلى القرآن الكريم بضمير ما لا بد وأن يأتي قبلها أو بعدها ذكر صريح له (أي للقرآن) ومثال على ذلك الآيات الكريمة التالية  ( الطارق 13  التكوير 19  النمل 77  الشعراء 192- 196 )

ولهذا فإن القرآن لا يدع مجالاً للنقاش فيما يتعلق بهذه المسألة. ويكون من الخطإ القول بأن المقصود في هذه الآية هو القرآن الكريم إن لم تتم الإشارة إليه صراحة قبل الآية المقصودة أو بعدها وبما أن الآية لا تتحدث عن القرآن فمن البديهي إذاً أنها تتحدث عن سيدنا عيسى عليه السلام.

أما الموضوع الآخر الذي سوف نتناوله بالبحث فهو التفاسير المتعلقة بعبارة ( قَبْلَ مَوْتِهِ ) الواردة في الآية وبعض المفسرين يقولون بأن تفسير العبارة هو أن أهل الكتاب سوف يؤمنون بعيسى قبل موتهم مع أن اليهود - وهم ممن ينطبق عليهم تعريف أهل الكتاب - الذين عاصروا سيدنا عيسى عليه السلام لم يكتفوا بإنكار رسالته بل سعوا جهدهم لقتله والتخلص منه والقول بأن اليهود والنصارى الذين عاشوا بعد عيسى عليه السلام يؤمنون به كما جاء في القرآن الكريم ادعاء غير واقعي وما نخلص إليه عند تفسير الآية تفسيراً صحيحاً : أنّ أهل الكتاب سوف يؤمنون بعيسى عليه السلام قبل موته.

أما عند تناول الآية في معناها الحقيقي فسوف نكون إزاء عدة حقائق
أولاً من الواضح أن الآية تتحدث عن المستقبل فهي تتحدث عن موت سيدنا عيسى عليه السلام وهذا يعنى أنه لم يمت بعد بل رفعه الله إليه وسوف يعود إلى لأرض مرة أخرى ويعيش ويموت كما هو الحال مع أي إنسان.

وثانياً جميع أهل الكتاب سوف يؤمنون به قبل موته وهو أمر لم يتحقق بعد أيضاً ولهذا فإن الشخص الذي يرجع إليه الضمير المتصل (الهاء) في قبل موته إنما هو عيسى وسوف يراه أهل الكتاب ويؤمنون به ويطيعونه وهو حي وسوف يكون شاهداً عليهم يوم القيامة والله أعلم .

.
.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




3 الدليل الثالث من سورة الزخرف :
.

هناك آية أخرى تتحدث عن رجوع عيسى عليه السلام إلى الأرض، وهي الآية الواحدة والستين من سورة الزخرف. وقبل هذه الآية السورة تتحدث عن هذا النبي الكريم ابتداءً من الآية 57  :

( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ )  الزخرف 57-60

وفي الآية 61 من السورة نفسها يقول الله عز وجل إنّ عيسى سيكون علامة على قرب الساعة بنزوله مرة أخرى.

 ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) الزخرف 61

من الواضح أن هذه الآية تشير إلى أن عيسى عليه السلام سوف يرجع مرة أخرى إلى الأرض في آخر الزمان فقد عاش قبل ستة قرون من نزول القرآن الكريم ولهذا فلا يمكننا القول بأن حياته الأولى هي التي سوف تكون علما (علامة) على قرب يوم القيامة. والآية تشير إلى أن عيسى سينزل إلى الأرض في آخر الزمان في الفترة التي تسبق القيامة وأن نزوله هذا سوف يكون علامة على قرب حدوثها والله أعلم .

ثمة بعض المفسرين الذين يفسرون ضمير الهاء المتصل في ( وَإِنَّهُ ) على أنه راجع إلى القرآن ولكن حتى يتسنى لنا التفسيرعلى هذا النحو يجب أن يكون سياق الآية حديث عن القرآن الكريم ومن غير المعقول أن يشير ضميرالهاء إلى القرآن فجأة بينما الموضوع يدور حول أمر آخر إضافة إلى ذلك فإنّ الآية السابقة
.

( إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ )

تتحدث عن عيسى عليه السلام بشكل واضح فضمير الهاء  في الآية الكريمة يعود عليه لا على القرآن وإلى جانب ذلك فإن بعض العلماء المسلمين يرجعون ضميرالهاء إلى عيسى استنادا إلى الآيات القرآنية الأخرى و إلى الأحاديث النبوية الصحيحة. ومن هؤلاء العلماء حمدي يازر الألمالي الذي يقول في تفسيره: ( لا شك أن آية ( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ) دليل على أن القيامة لا بد آتية وأن الموتى سوف يقومون بعد موتهم فعودة عيسى عليه السلام ومعجزته قبل ذلك في إحياء الموتى هي من أشراط الساعة كما هو ورد ذلك في الأحاديث الشريفة )
.
.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




4 الدليل الرابع من سورة  آل عمران و المائدة :

هناك آيات أخرى تدل على أن عيسى عليه السلام سوف يظهر مرة ثانية:

( إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ الله يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )  آل عمران 45-48

في هذه الآيات يخبرنا الله تعالى أنه سوف يعلم عيسى كتاباً ما وكذلك التوراة والإنجيل ولا شك أن معرفة طبيعة هذا الكتاب أمر في غاية الأهمية. وفي الآية 110 من سورة المائدة :

 ( إِذْ قَالَ الله يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) المائدة 110

عند تأملنا في هاتين الآيتين نرى أن المقصود بالكتاب هو القرآن الكريم فقبل كل شيء لا يوجد أي كتاب سماوي معروف إلى جانب التوراة والإنجيل سوى القرآن الكريم (الزبور الذي أنزل على داود عليه السلام موجود في العهد القديم) وبالإضافة إلى ذلك فإن الآية الثالثة من سورة آل عمران استخدمت كلمة الكتاب للتعبير عن القرآن بالموازاة مع التوراة والإنجيل :

( الله لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) آل عمران 2-3

وهناك آيات أخرى تتم الإشارة فيها إلى القرآن الكريم على أنه الكتاب:

 ( وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن
قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ
بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ) البقرة
89

 ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) البقرة 151 

وبما أن الأمر على هذا النحو فبإمكاننا القول بأن الكتاب الثالث الذي سيتم تعليمه لسيدنا عيسى هو القرآن الكريم وأن هذا الأمر سوف يتم عند رجوعه عليه السلام إلى الدنيا ثم إن عيسى كان قد عاش قبل 600 عام من نزول القرآن ومن البديهي أن لا يكون له به علم وهو لم ينزل بعد فالأمر المنطقي الوحيد هو القول بأنه سوف يتعلم القرآن عند ظهوره مجدداً وعند النظر في الأحاديث النبوية الشريفة نرى بأن عيسى عليه السلام عند قدومه مرة أخرى سيحكم بالقرآن وليس بالإنجيل وهذا ما يطابق المعنى الوارد في الآية والله أعلم .
.
.


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]





5 الدليل الخامس من سورة  آل عمران  :

من المحتمل أن تكون الآية :

( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ )
آل عمران 59

تشير إلى عودة عيسى عليه السلام وكان المفسرون يقولون عادة إن الآيتين تشيران إلى التشابه بين سيدنا آدم وعيسى عليهما السلام في أن كليهما ولد بلا أب وأن سيدنا آدم خلق من التراب بأمر كن فيكون وأن عيسى ولد دون أب أيضاً بأمر كن فيكون.

لكن قد تكون الآية تشير إلى أمر آخر (والله أعلم) وكما ورد من قبل فإن الآيات القرآنية التي تشير إلى عودة عيسى واضحة وباعثة على التأمل والتفكير ولم يتم الحديث على هذا النحو حول أي نبي آخر مثلما هو الأمر مع عيسى عليه السلام كما ولم يتم وصف أي نبي بأنه علم للساعة (القيامة) ولم يُشر من قريب أو من بعيد إلى أن نبيا آخر يمكن أن يكون علامة على قرب وقوعها بيد أن الحديث في القرآن عن سيدنا عيسى عليه السلام احتوى على جميع هذه المعاني وهذا يدعو بلا شك إلى التأمل والتفكير. 

.
.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



6 الدليل السادس من سورة مريم  :

هناك آية أخرى في سورة مريم تشير إلى عيسى وموته:

( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) مريم 33

عند التأمل في هذه الآية بالتوازي مع الآية 55 من سورة آل عمران فإننا نلاحظ حقيقة على درجة كبيرة من الأهمية فالآية الخامسة والخمسين من سورة آل عمران تشير إلى أنه لم يمت ولم يصلب بل رفعه الله إليه لكن الآية 33 من سورة مريم تتحدث عن يوم يموت فيه واليوم الذي يموت فيه غير ممكن سوى بمجيئه مرة أخرى للدنيا ووفاته بعد مدة من الزمن (والله أعلم) .
.
.



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




7 الدليل السابع من سورة  المائدة و آل عمران  :

الدليل الآخر على عودة عيسى إلى الدنيا مرة أخرى ذكر كلمة ( كهل ) في الآية 110 من سورة المائدة والآية 46 من سورة آل عمران يقول الله تعالى :

( وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران 46

( إِذْ قَالَ الله يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ) المائدة 110

وهذه الكلمة لم تستعمل في القرآن الكريم سوى في هاتين الآيتين ولم تستعمل في وصف أحد غير عيسى عليه السلام وكلمة ( كهل ) تعني الشخص عمر ما بين الخامسة والثلاثين والخمسين أي الذي أنهى مرحلة الشباب ودخل في مرحلة متقدمة من العمر.

و الكهولة تعني الفترة التي تلي الخامسة والثلاثين من العمر وقد إستند بعض العلماء المفسرين  إلى بعض الآثار وتبين لهم أن عيسى عليه السلام رفع وهو ابن ثلاثين أو ابن ثلاث وثلاثين على الراجح  وأنه سوف يعيش أربعين عاماً بعد رجوعه إلى الأرض، وأن كهولة عيسى ستكون بعد رجوعه. وهو القول المشهور في تفسير الطبري ولهذا يقول العلماء أن هذه الآية دليل على ظهوره مرة أخرى

عند تفحص هذه الآيات، بإمكاننا تأييد وجهة النظر هذه التي يوردها العلماء المسلمون وعند التأمل في آيات القرآن الكريم نستطيع تبيين أن هذه العبارة لم تستعمل لنبي آخر غير عيسى عليه السلام فكل الأنبياء والرسل دعوا الناس إلى الدين وكلهم قاموا بواجبهم في الدعوة في أعمار متقدمة لكن لم يتم وصف أي نبي بهذا الشكل سوى عيسى فهذه العبارات في القرآن الكريم لم تستعمل لغير عيسى ووضعه المعجز ذلك أن عبارات ( فِي الْمَهْدِ ) وَ ( كَهْلًا ) وردت بشكل متتابع لجلب الانتباه إلى هاتين الفترتين من عمر الإنسان وما يقترن بها من إعجاز.

فتكلم عيسى وهو في المهد معجزة وأمر غير معهود كذلك من المحتمل أن تكون  كلمة  كَهْلًا - التي تعقبها - دليلا على معجزة أيضا فَذكََْر تكلمهِ كهلاً بشكل متعاقب لتكلمهِ في المهد فيه إشارة إلى حدوث معجزتين في زمانين مختلفين الأول هو تكلمه في المهد والثاني تكلمه وقت كهولته بعد عودته الثانية إلى الأرض (والله أعلم).

لكن بعض المفسرين يفسرون كلمة ( كهل ) بمعنى مخالف لمعناها الحقيقي وبشكل مخالف للمنطق العام للقرآن الكريم حيث يقول هؤلاء إن الأنبياء أشخاص ناضجون وكاملون في جميع مراحل حياتهم وأن هذه العبارة تشمل الأنبياء في كامل حياتهم وبالتأكيد فإن الأنبياء أشخاص ناضجون وكاملون في جميع مراحل حياتهم لكن الله تعالى يقول في سورة الأحقاف أن سن النضوج هو الأربعين :

 ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) الأحقاف 15

ولهذا وبالنظر في هذه الآية فإن كلمة ( كهل ) تشير إلى قدوم عيسى مرة أخرى إلى الأرض والله أعلم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى الشبوط
صاحب ومؤسس الموقع (رحمة الله عليه )
صاحب ومؤسس الموقع  (رحمة الله عليه )
مصطفى الشبوط

ذكر
تاريخ التسجيل : 30/11/2007
عدد المشاركات : 17651
نقاط التقييم : 23812
بلد الاقامة : عراقي مقيم بهولندا
علم بلدك : علم العراق

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالخميس ديسمبر 26, 2013 7:09 pm

الاستاذة القديرة همسة قلم

اشكرك على موضوعك الجميل وجزاك الله كل خير

تقبلي مني ارقى التحايا

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eshtyak.ahlamontada.com
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالسبت ديسمبر 28, 2013 12:27 am

همسه قلم

تحية محملة بباقة ورد جورية ,,,
أهديك أياها
يعطيك العافيه طرح رائع وانتى دائما رائعه في طرحك .
أنتظر جديدك بكل الشوق والود ,,,
تقبلي مروري المتواضع

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالسبت ديسمبر 28, 2013 12:28 pm

مصطفى الشبوط كتب:
الاستاذة القديرة همسة قلم

اشكرك على موضوعك الجميل وجزاك الله كل خير

تقبلي مني ارقى التحايا




اللهم اني اسالك بالذي يرضيك وبه تستجب لداعيك
ان تجعل الأستاذ الفاضل العزيز مصطفى الشبوط
ممن اذا نظر اليك تبسمت له

واذا لاذ اليك احتضنته
واذا سألك اعطيته
واذا دعاك اجبته
ومن فيض خزائنك اعطيته
ومن الهم والضيق نجيته
وعن الحاجة والفقر الا اليك اغنيته
واذا استجار من عذابك اجرته
وبرحمتك الجنة رزقته... اللهم امين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: عيسى ابن مريم في القرآن العظيم   عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Emptyالسبت ديسمبر 28, 2013 12:30 pm

اللهم اني اسالك بالذي يرضيك وبه تستجب لداعيك
ان تجعل الأستاذة الفاضلة العزيزة ياسمين الخالد
ممن اذا نظرت اليك تبسمت لها

واذا لاذت اليك احتضنتها
واذا سألتك اعطيتها
واذا دعتك اجبتها
ومن فيض خزائنك اعطيتها
ومن الهم والضيق نجيتها
وعن الحاجة والفقر الا اليك اغنيتها
واذا استجارت من عذابك اجرتها
وبرحمتك الجنة رزقتها... اللهم امين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ماهي هدية الله سبحانه لنبيه عيسى بن مريم
» من بلاغة القرآن: عيسى عليه السلام ليس له قوم!
» سورة مريم تشهد على أن القرآن من عند الله
» أسرار القرآن العظيم (1)
» أسرار القرآن العظيم (2)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: الاقسام الاسلامية  :: اشتياق الاسلام-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
باسند - 51610
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_rcap1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Voting_bar1عيسى ابن مريم في القرآن العظيم Vote_lcap1