*غربة* قصة قصيرة
لي نفس شهادته و بمحض إرادتي إخترت الظل ، سافرت معه كمرافقة -دون عمل- أطهو له الطعام ، أغسل الملابس ، أكويها ، أفرش الأسرّة ، أنتظر قدومهم ليبدأ الضجيج اليومي و الصراخ و التقافز فوق الأنتريه و كأننا في سيرك بلا مدرّب نصرخ في وجوه بعضنا دون أدنى سبب ، حتى يأتي موعد النوم و الذي يتزحزح كل يوم حتى صرنا ننام في الصباح ، و عندما يدق جرس التنبيه لإيقاظنا نكاد لا نسمعه و كأننا ننام تحت الأرض ، بالكاد نصحو فيرفض الصغار إرتداء زيّ المدرسة ،و يأبى الكبار أن يتناولون فطورهم ، أوامر الأب ، طاعة الأم -على ضجر- لمعظم هذه الأوامر يخرجون و أنا أحاول إلتقاط أنفاسي و أن أريح أذني من الضوضاء ، أسمع إحتكاكات الأواني و أنا أزيل عنها ما لصق بها من طعام الأمس ، و صوت المياه و هي تملأ الغسالة ، و صوت الخلاّط الذي يخلط الطماطم ، صوت الغسالة ، و العصّارة ، أقف في المطبخ و عيناى في وسط رأسي لئلاّ يحترق الأرز ( و تسوّد البصلة في التخديلة) أين البهارات؟ لقد نفذت ، و نسيت أن أخبر زوجي ليشتريها من السوبر ماركت و الذي يبعد عنا بحوالي ساعتين بالسيارة ، لا يوجد ليمون (للشوربة) آه سيوبخني عندما يعود لأن الطعام لن يكون كما ينبغي ، نسيت أن أنشر الغسيل ، أرتدي النقاب ، أنشر الغسيل و قبل أن أكمله يعودون لندخل من جديد في الدائرة المغلقة ، و ذات يوم نظرت لنفسي في المرآة لم أعرفني ، شعري شاب و وجهي إمتلأ بالتجاعيد ، و نسيت أن أجلس (معي) أو أراني أو أسأل نفسي عن نفسي أو عن موعد رجوعنا إلى بيتنا و وطننا و بلدنا و أهلنا ؟!
أهلنا... نسيت ملامحهم أسماءهم ... ترى؟! هل سيعرفوننا عندما نعود؟؟؟!!!!
تأليف/أحلام شحاته
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
