أحلام مؤجلة

اِحلام مؤجلة
كلما دخلت ذلك المقهى واتخذت مكاني الدائم فيه ,, تتملكني ذكريات السنين الخوالي
اقراها على جدران المقهى القديم وعلى وجوه رواده وفي زواياها ومقاعده ,, وتدور تلك الذكريات جميلة عذبة في مخيلتي ,, اشعر معها باسترخاء وبلذة القهوة المعطرة بالهيل
وبالحاح دائم كانت ذكريات صديقي خالد هي الاكثر تأثيرا والاحب الى نفسي
صديق الصبا والشبا ب وزميل الدراسة وجلسات المقهى ومطارحات الشعروالفزورات التي
برع بها
اكملنا دراستنا الجامعية معا ,,وهناك التقى بالفتاة التي احبها والتي ملأت وجدانه
وشغلت جل تفكيره,,واثمرت تلك العلاقة وبعد معانات طويلة , الى زواج
وخالد مع انه يمتلك ذلك الكم من صفاة الخلق الكريم ونقاء النفس وحلاوة المنطق
وصدق الود
الا ان الحياة لم تنصفه ,,فلم يكن موفقا في زواجه من حبيبة القلب ...
حيث كانت الفوارق الطبقية بين الاثنين العصى الغليضة التي وضعت في عجلة
ايامه ,, فتعثرت بعد ان كانت تدور بهدوء وتبشر بحياة هانئه يكللها الحب وتغذيها روح التضحيةالتي كان يضن انها ستستمر
ويبدو ان عائلة زوجته لم تكن مقتنعة بمستواه المعاشي وهو الموظف البسيط
وام زوجته المرأة الارستقراطية الغارقة في حب هذه المظاهر لايروق لها ان تعيش ابنتها حياة البساطة والكفاف مع شاب ,, جل مايمتلك بأعتقادها سمات اخلاق وسمعة نظيفة وقلب عاشق
خالد ذلك الشاب الكيس والمخلص لزوجته وهي ايضا لم يستطيعا الوقوف اخيرا امام ذلك التيار الجارف والاعصار االذي كانت دائما تثيره العائلة المتشدقة بمظاهر الحياة الخادعة
فتهاوى ذلك الصرح وسقط اخيرا امام ذلك الاعصار,,
وتم الفراق بينهما,, لينهي هذا الحدث اخر صفحة مشرقة في حياة خالد,
وليبدأ كا بوس الالم والحزن يخيم على روح ذلك الرجل النبيل
كلمات المواساة لم تكن كافية لتعوضعه عما فقد ,,فلم يقوى للوقوف امام هذه الصدمة
خذلته عزيمته وغدت حياته كصحراء صيفها قائظ ورمالها لهيب مستعر,,

مرت الشهور تتبعها شهورلم يستطع خالد ان يخرج من تلك الاجواء المؤلمة
التي تشرنقت حول حياته وشلت ارادته
حاولت اقناعه جزافا ان يخرج الى االحياة من جديد وكنت اكرر عليه:انك
لست الاول من تتعرض للفشل في حياته ولن تكون الاخير,,
وهكذا بقيت الحال حتى كان ذات مساء, حيث جاءني الى المنزل وفي عينيه
كلام وسحنته تدل على امر ما ,, سألته : مابالك ياخالد
قال: عزمت على السفر , سأغادر البلاد, عسى ان اجدماينسيني همي , ويبدد وحشتي
لم ترق لي الفكرة ,,لان المكان وحده غير كاف لتغير واقع الانسان
لم يلق اعتراضي اي استجابة ,, فهو قد حسم الامر على مايبدو وهيء كل شيء
كانت مغادرته للبلاد سريعة,,,,,,, ورحل خالد
تاركا خلفه كم كبير من الذكريات الجميلة وذكر حسن لشخصية نبيلة
ودارت عجلة الايام وأغرقتنا الحياة في مسؤؤلياتها وهمومها واحيانا بالامها
وكل مابقي من ذلك الرجل اجده في ذلك المقهى وفي وجوه اصحابه وصدى كلماته
وفي عصر احد الايام وصلت الى المقهى وكالعادة قصدت المكان الذي اجلس فيه
قدم لي النادل كاس الشاي ارتشفت بعضه وحانت مني التفاتة الى جهة في المقهى
وقع نظري على وجه رجل لم تكن سحنته غريبة علي شعريكلله الشيب وجه فيه نظارة
وشارب حليق ,, يا الهي شيء غريب يشدني لتكرار النظرالى هذا الرجل
شيء ينادي من بعيد ان اعيد الصور في ذاكرتي كي اطابقها مع صورة هذا الجالس
لم تخني الذاكرة هذه المرة ,,,,,, انه خالد
نعم خالد رغم التغير الذي طرأ عليه بفعل الزمن ,, تركت مكاني ودنوت منه
وقلت : خالد .. لم يعرفني باديء ذي بدأ .. كنت اتخيله ايضا يحلل الصور والصوت ليهتدي
الى الشخص الذي انتصب امامه
انسيتني ياخالد ؟؟؟
قال : اهلا بك اعذرني اخي لم يترك لي الزمن فرصة كي احتفظ بذكرياتي
واشيائي الجميلة
اخبرته من انا ,, احتضنني وتعانقنا , جلست قبالته,, وقرأت اخبار السنين
على قسمات وجهه وفي عينيه
فهم ماكنت اقرأ,,نظر لي بعمق وقال: قضيت هذه السنين ابحث عن امل ضائع
وحنان مفقود , فلم اجده هناك
اجابني وبدون ان اطرح عليه تساؤلي,,
قائلا انت صديقي الودود ولابد ان اخبرك!!!!!!!!
منذ عام تقريبا بدأت دلال (وهي اسم زوجته ) التي افترق عنها
بدأت تراسلني ولا ادري كيف اهتدت لمعرفت مكاني ,, وهي لازالت ممتنعة
عن الاقتران بأي شخص,, واخيرا اخبرتني وطلبت مني العودة
وها انا جئت لاكمال ذلك الحلم الجميل بعد ان عشت الكوابيس سنين طويلةِِ

الله

الأديب الرائع أستاذ

أحمد حداد


قصة و لا أروع

أبكيتني  بسردك أحداثها المتتابعة المتلاحقة

فرأيت  تعبيرات وجهه و سمعت أنّات روحه

رأيت الشيب الذي غزا رأسه و الحزن الرابض في عينيه

شممت رائحة القهوة الممتزجة بالهيل


و رأيت رواد المقهى ، سمعت الفوازير و الأشعار


و  سعدت بعودته  و بعودة  الحياة له و لزوجته

التي فقدت العيش بعده و ضاعت بدونه و انتظرته

دون أن ترتبط بآخر

هي أيضا أجّلت أحلامها مثله حتى يلتقيا



سلم القلم  الأديب الرائع أستاذ

أحمد حداد

برعت كعادتك في وصفك و سردك الواقعي المبهر

تحياتي و دعواتي

سبق ان تم انزال القصة من قبل

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

تنقل الى الارشيف وتحية للاديب المبدع احمد حداد