الخرّيط الحلوى العراقية الصفراء..فاكهة الأهوار

تحضيره

نبات البردي

فوائد الخريط من تاريخ أهل الرافدين

 تساءل عباس بغدادي في كتابه (بغداد في العشرينات)  عن سر تهافت يهود بغداد على أكل (الخريط) بمناسبة أو دونها، وهم يتسابقون وحاضرهم يبلغ الغائب عن حلوله في أسواق بغداد. ونعزي هذا التهافت الى أن (الخريط) كان أكلة سومرية أو بابلية ،أحبها يهودنا حينما حلوا بعد السبي عام 586 ق.م  في تلك الديار، وتداخل تناولها مع أعرافهم وطقوسهم الاجتماعية وأذواقهم ،التي فقدت لدى البعض، ومكثت لديهم و لدى النصارى البغاده ( أهل بغداد)، الذين مازال لديهم تعلق ب وتهافت على (الخريط) لنفس السبب.

كنه الخريط بروتين كونه طلع أو لقاح البردي ، لكنه يحوي كذلك مادة سيليلوزية مغلفة. وقد اثبتت الدراسات العلمية انّ لهذه المادة فوائد غذائية ودوائية كبيرة، فهو يستخدم لمعالجة القولون المريض، كما يُسهم في خفض الدم وتقليل نسبة الكوليسترول، ومقو جيد للبصر ويمنع هشاشة العظام والاسنان لدى الاطفال، وكذلك يستخدم لعلاج قرحة المعدة وحالات المغص المعوي، و لا يتورع البعض في وصفه لمن يشكوا العنه والبرود الجنسي. ويستخدم للعلاج في حالة اصابة الشخص بالاصفرار ،ويضرب به المثل (صار لونه اصفر مثل الخريط). ويحتفظ أهل الهور بكميات محفوظة منه لاستخدامها كدواء في حالة الاسهال الشديد لا نه قابض قوي.

ويُستعمل الخريط كذلك لمعالجة الجروح ، فبمجرد وضع المسحوق على الجرح يتوقف النزف ويتخثر الدم ، ويقطع الرعاف ويذر على الجرح الطري فيدمله ويمنع القروح الخبيثة.

المناحل تعتمده بشكل أساس لإطعام النحل وخصوصا حين تضعف الخلايا، حيث يتم التأكد من فائدة النحل بعد اجراء تحليلات في المختبرات المختص له، كما أنه نظيف ولا يسبب أضرارا” وهو من الاعشاب المظلومة والتي لا يتداولها العطارون بكثرة، لجهلهم بفوائده، ومازالت الأبحاث والدراسات  بشأنه معدومة”.

طعام أهل العراق

حري بنا إحياء السنن الثقافية ومنها الطبخ العراقي الذي سلط الضوء عليه باحث (العراقيات) الأمريكي من أصل فرنسي (جان بوتيرو Jean Bottero) وقد كشف وصفات الطعام البابلية وأصدر كتابه (في البدء كانت الآلهة) عام 1996، وفيه كشف ريادات العراقيين وبأن أوربا لم تنتج شيئا إلا محض إقتباسات من المنتج العراقي القديم.

و جاء فيه أن أهل بابل كان لهم مئة نوع من الشوربة (الحساء) وثمانية عشر نوعا من الأجبان، وثلاثمائة نوع من الخبز المصنوع من أنواع مختلفة من الدقيق، بنكهات وألوان وأشكال مختلفة، تتراوح بين شكل القلب حتى شكل ثدي المرأة، وربما يكون (الطابق) “الشرقاوي” إحدى بقاياها الماكثة في الزمان والمكان، وأخذت منه (البيتزا) الإيطالية من مصادر صقلية مشرأبة للشرق ومنتجه.

 ولم ينس (بوتيرو) أن ينصح طهاة اليوم بتجريب بعضا مما تناوله العراقيون القدماء، بالرغم من تحذيره أنّ الأمر يحتاج أناة وتجارب تتعلق بضبط المقادير والفذلكة لأجل اكتشاف الحيل التي أتبعوها طباخو الأمس، و تمنى أن يحضر أحد طهاة بابل ليبدع لنا ما نفتقده اليوم.

ورغم أنه رصد من حيثيات النصوص بأن العراقيين القدماء كان لهم أذواق أخرى لا تحاكي أذواق الناس اليوم، حينما تعلقوا بالأطعمة المغمسة بأنواع الزيت والدهن، ولم يهتموا بالملح  الذي يكاد يكون معدوما. وهكذا فإن المطبخ إحدى سمات الثقافة ومحل فخرها، وحري أن يُبحث مثلما مجالات التراث المادي واللامادي الأخرى.