{{بر الوالدين خلق الأنبياء }}

[rtl]
{{بر الوالدين خلق الأنبياء }}[/rtl]

[rtl]{ للأمانة...الكاتب :عبده أحمد الأقرع}[/rtl]

[rtl][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][/rtl]

[rtl][/rtl]

[rtl]الحمدُ للهِ، أَمَرَ ألا نعبدَ إلا إيَّاهُ، وبالوالدين إحسانًا، وأصلي وأسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد، أما بعد:
فقد تحدثنا في العدد الماضي عن جزاء عقوق الوالدين، وموعدنا في هذا العدد عن جزاء البرِّ بهما، فنقول وباللهِ - تعالى –التوفيق:
برُّ الوالدين مَنهجُ الأنبياءِ والمرسلينَ، وعملُ الكرامِ والصالحين، يقول الله - تعالى -عن نبيه عيسى - عليه السلام – (وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) مريم، ويقول - تعالى -عن نبيه يحيى بن زكريا - عليهما السلام -: (وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا) مريم، والدُّعاءُ لهما دأبُ المؤمنينَ المتقين، قال الله - تعالى -عن نبيه نوح - عليه السلام -: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) نوح، وقال عن خليله إبراهيم - عليه السلام -: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ) إبراهيم، وقال عن نبيه سليمان - عليه السلام -: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) النمل، وقال - تعالى -عن الذي بلغ أشده: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ) الأحقاف، وبر الوالدين وصية الله - تعالى -قال الله - تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) العنكبوت، وقال - تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ) لقمان، وقال - تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) الأحقاف.
وعن المقدام بنِ معد يكرب أن رسول الله قال: (إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثًا، إن اللهَ يوصيكم بآبائكم، إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب) صحيح الأدب المفرد، وفي مشكاة النُّبوةِ يأتي برُّ الوالدين قرينًا للصلاة عمودِ الإسلام، ومُتقدِّمًا على الجهاد ذروةِ سِنامِ الإسلام، عن ابن مسعود - رضي الله عنه – قال: (سألتُ النبيَّ أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قُلْتُ: ثم أيّ؟، قال: بر الوالدين، قلت: ثم أيّ، قال: الجهاد في سبيل الله) متفق عليه، ويشهد لذلك أن رجلاً جاء إلى النبي يستأذنه في الجهاد، فقال: (أَحَيٌّ وَالداكَ؟، قال: نَعَمْ، قال: ففيهما فجاهد) متفق عليه.
برُّ الوالدين من أسباب سعة الرزق:
قال: (مَن سره أن يُمد له في عمره، ويُزاد في رزقه، فليبر والديه، وليصل رحمه) صحيح الترغيب.
وهو من أسباب طول العمر قال: (لا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدعاء، ولا يزيدُ في العمر إلا البر) صحيح الترغيب، كما أن بر الوالدين مِن أسباب رضى الرَّب - سبحانه – قال: (رِضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما) صحيح الجامع.
بر الوالدين من أسباب مغفرة الذنوب:
عن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال: (أتى النبي رجلٌ، فقال: إني أذنبت ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبةٍ؟ فقال: هل لك من أُمّ؟ قال: لا، قال: فهل لك من خالة؟ قال: نعم قال: فبرها) صحيح الترغيب.
وعن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أتاهُ رجلٌ فقال إني خطبتُ امرأةً فأبت أن تنكحني وخطبها غيري فأحبتْ أن تنكحه فَغِرت عليها فقتلتها؟ فهل لي من توبة؟ قال: أمُّك حيَّةٌ؟ قال: لا قال: تُب إلى الله - عز وجل - وتقرب إليه ما استطعت، قال: عطاء فذهبتُ فسألت ابن عباس لِمَ سألتهُ عن حياة أمه، فقال إني لا أعلمُ عملاً أقرب إلى الله - عز وجل - مِن برِّ الوالدة صحيح الأدب المفرد، والصحيحة.
بر الوالدين من أسباب إجابة الدعاء:
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – قال: سمعتُ رسول الله يقول: (يأتي عليكم أُويسُ بن عامرٍ مع أمدادِ أهل اليمن من مُرَادٍ، ثم مِن قرنٍ كان به برصٌ، فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بها بَرّ لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) رواه مسلم.
الله أكبر، عمر الفاروق الذي قال فيه رسول الله: (والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قطُّ سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك) رواه مسلم يطلب من أويس التابعي أن يستغفر له، ومما أوصله إلى هذا بره لأمه.
بر الوالدين من أسباب دخول الجنة:
عن عائشة - رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله: (دخلتُ الجنة فسمعتُ فيها قراءةً، فقلتُ مَنْ هذا؟ قالوا حارثةُ بن النعمان، كذلكم البر، كذلكم البر) صحيح الجامع.
بر الوالدين سبب تفريج الكربات:
جاء في حديث الثلاثة الذين آواهم المبيتُ إلى غارٍ فدخلوه، فانحدرت صخرةٌ من الجبل فسدتْ عليهمُ الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكمْ من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، قال رجلٌ منهم: (اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنتُ لا أغبقُ قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلبُ الشجر يومًا فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبتُ لهما غبوقهما فوجدْتُهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبق قبلهما أهلاً أو ولدًا، فلبثتُ والقدحُ على يدي أنتظر استيقاظهما حتى بَرِقَ الفجرُ والصبيةُ يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا فشربا غبوقهما، اللهم إن كنت فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئًا) متفق عليه، ثم توسل الثاني، والثالث فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون).
معنى (لا أغبق) لا أقدم في الشراب قبلهما أهلاً ومعنى (أُرِحْ) أرجع، ومعنى (يتضاغَون) يصيحون من الجوع، يُفهم من هذا الحديث أنَّ الرجل البارَّ بوالديه كره أن يسبب لوالديه أدنى إزعاج فمع أن في إيقاظه لهما مصلحة لهما، وهي الشرب من اللبن، إلا أنه نظر في أرجح الأمرين وأفضلهما لهما فرأى أن النوم أنفع لهما من الشراب فتركهما نائمين، ومع هذا ظل طَوَالَ الليل قائمًا والقدح على يده ينتظر استيقاظهما فمن باب أَوْلى لا يجوز لابن أن يقلق والديه وقت الراحة، ولا يُدخل عليهما من الأحزان ما يكون سببًا في إزاعاجهما.
وتأمل رحمك الله في برِّ الوالد والإحسان إليهما كيف كان سببًا في عطف نبيّ الله موسى - عليه السلام - وإحسانه؟ قال - تعالى-: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا) القصص، والمتأمل في صنيعهما يعجبُ من برِّهما لأبيهما وإحسانهما إليه وخدمتهما له مع أنهما امرأتان، هذا الأمر الذي عجز عنه الكثير من الرجال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإلى الله المشتكى.
وها هم إخوة نبيِّ الله يوسف - عليه السلام - يتوسلون إليه بشيخوخة أبيهم واستجلابهم عطفه فيقولون (يَا أَيُّهَا العَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ) يوسف.
فاستيقنوا هذا رحمكم الله، فالبرُّ بجميع وجوهه زيادةٌ في العمر، وكثرةٌ في الرزق، وصلاحٌ في الأبناء، فمن برَّ والديه بَرَّهُ أبناؤُه، والعقوقُ خيبةٌ وخسارةٌ وخذلان فقوموا رحمكم الله بحقوق والديكم والإحسان إليهما، وأطيعوهما بالمعروف، وقدموا لهما غاية البر والرعاية، وامتثلوا أمر ربكم في قوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء، (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابُ) إبراهيم.[/rtl]