منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 تشارلز بوكوفيسكي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2015 9:28 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هنري تشارلز بوكوفسكي (1920-1994) شاعر وروائي وكاتب قصة قصيرة أمريكي من أصل ألماني[1][2] .

نشأته
ولد بوكوفسكي في 16 أغسطس 1920م بألمانيا لأم ألمانية تدعى كاثرينا فيت التي تزوجت من هنرتش بوكوفسكي الجندى الأمريكي من أصل بولندي والذي هاجر والده إلى أمريكا عام 1880م ، وكان والداه رومانين كاثوليك ، وقد أستقرا بعد زواجهما في مدينة باسادينا الأمريكية وادعى بوكوفسكي في كثير من الأحيان انه طفل غير شرعي لكن السجلات الزوجية في مدينة اندرنيك تشير إلى أن والديه تزوجا قبل شهر من ولادته ، وعمل والده في التجارة ونجح في تكوين شركة إنشاءات ، ورزق الزوجان بأربعة أبناء منهم هنري.
هاجرت العائلة إلى الولايات المتحدة في 1923م واستقروا في بداية الأمر في بالتيمور ميريلاند، نظرا لتعثر أعماله في ألمانيا نتيجة انهيار الاقتصاد الألماني بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، والأرتفاع الكبير لمعدلات التضخم، وفى العام 1930م انتقلت عائلة بوكوفسكي إلى لوس أنجلوس وهى المدينة التي نشأت فيها عائلة والده ، وكان الأب معظم الوقت عاطلًا عن العمل ويذكر بوكوفسكي في رواية السيرة الذاتية (هام أون راى) عن تصرفات والده وإذعان والداته للإهانة البدنية والنفسية تجاهها وتجاه أبنائه فكان يضرب أولاده ويثور عليهم لأقل خطأ وقد أثر هذا على نشأة بوكوفسكى فكان شابا خجولا ومنعزلًا أجتماعيا وضاعف من هذا الاتجاه إصابته بحالة متفاقمة من مرض حب الشباب ، وكان أطفال الحى يسخرون من لكنته الألمانية وملابسه التي كان والده يجبره على أرتدائها.
في أوائل شبابه تعرف بوكوفسكى على الخمر على يد صديقه الوفي ويليام مولينكس ، وقد كتب بوكوفسكى لاحقا واصفا حالة الإدمان المزمنة التي أصابته "الكحول ساعدنى لفترة طويلة جدا" واصفا بداية إدمان الكحول انها كانت السبب والطريق الذي استفاد منه للتوصل إلى تفاهم أكثر ودي بشأن حياته، بعد تخرجه من مدرسة لوس انجلوس العليا، التحق بوكوفسكي بكلية مدينة لوس انجلوس لمدة سنتين، مع دورات في الصحافة والفن والأدب.
في 22 يوليو 1944م وفى أثناء الحرب العالمية الثانية اعتقل بوكوفسكي من قبل وكلاء مكتب التحقيقات الفدرالي في فيلادلفيا بنسلفانيا، حيث كان يعيش في ذلك الوقت للاشتباه في التهرب من الخدمة العسكرية، واحتجز لمدة 17 يوما ولكن فشله في الامتحان النفسي الذي كان جزءا من دخوله العسكرية الإلزامية أعفاه من أداء الخدمة العسكرية وأشتراكه في الحرب.
أوائل كتاباته
تم نشر قصة قصيرة لبوكوفسكي في مجلة القصة وهو في سن الرابعة والعشرين، وبعد ذلك بعامين نشرت قصة أخرى قصيرة وهي "20 دبابة من كاسيل داون" من قبل صحافة سن بلاك في الإصدار الثالث، ونتيجة فشله في اقتحام عالم الأدب اصيب بوكوفسكي بخيبة أمل مع عملية النشر التي تاخذ وقتا طويلا ولذلك ترك الكتابة لمدة عقد من الزمان تقريبا، وهو الوقت الذي كان يشار إليه على أنه في حالة سكر لمدة عشر سنوات. هذه السنوات الضائعه شكلت الأساس لسيرته الذاتية في وقت لاحق، على الرغم من أن صحتها قابل إلى التشكيك. وخلال جزء من هذه الفترة واصل معيشته في لوس انجلوس، والعمل في مصنع مخلل لفترة قصيرة ولكن أيضا انفق بعض الوقت للتجول جاب فيها الولايات المتحدة متنقلا بين ساحليها الشرقي والغربي، وعمل بشكل متقطع في المنازل الرخيصة.
في أوائل عام 1950م حصل بوكوفسكي على وظيفة في الخدمة البريدية في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة ثلاث سنوات قدم بعدها استقالته.وفي عام 1957م تزوج من الشاعرة باربرا فراي وهى من قرية صغيرة في تكساس ولكن انفصلا عام 1959م، ليستأنف بعدها بوكوفسكى كتابة الشعر والشرب.
بحلول عام 1960م عاد بوكوفسكي إلى مكتب البريد في لوس انجلوس حيث بدأ العمل ككاتب مالي، وفي عام 1962م تعرض لصدمة نفسية بسبب وفاة جين بيكر كوني، حبيبته الأولى وأعظم حب في حياته، حول بوكويسكي الدمار داخله إلى سلسلة من القصائد والقصص التي تنعي وفاتها.
في عام 1969م قبل بوكوفسكي عرضا من دار النشر بلاك سبارو من الناشر جون مارتن وترك عمل البريد لتكريس نفسه للكتابة بدوام كامل، وكان عمره في ذلك الحين 49 سنة. كما أوضح في رسالة وجهها في ذلك الوقت، "أنا واحد من خيارين – ان ابقى في مكتب البريد واصاب بالجنون... أو البقاء هنا والكتابة وتجويع نفسي لقد قررت الجوع"، في أقل من شهر واحد وبعد أن ترك الخدمة البريدية أنهى روايته الأولى "مكتب بريد"، رغبته في احترام الدعم المالي من قبل مارتن الذي آمن بقدراته الكتابيه رغم انه لم يكن معروف نسبيا، نشر بوكوفسكي تقريبا جميع أعماله الرئيسية في صحيفة بلاك سبارو. كان بوكوفسكي أحد المؤيدين لدور النشر المستقلة الصغيرة فاستمر في تقديم القصائد والقصص القصيرة لعدد لا يحصى من دور النشر الغير معروفه طوال حياته المهنية.
اعترف بوكوفسكي بكل من أنطون تشيخوف، جيمس ثوربر، فرانز كافكا، كنوت هامسن، أرنست همنغواي، هنري ميلر، جون فانتسي، لويس فرديناند سيلين، روبنسون جيفيرز، فيودور دوستويفسكي، دي إتش لورانس، انطونين ارتود، اي اي كامينغز، وبعض الآخرين الذي أثروا عليه، وغالبا ما كانت لوس انجلوس موضوعه المفضل، وفي مقابلة عام 1974م، قال : "أنت تعيش في بلدة طيلة حياتك، وتعرف كل عاهرة في كل زاوية شارع ونصفهم يكونون ممن قد تغزلت بهم. لديك مخطط للأرض كلها. لديك صورة من أين أنت.. لقد نشأت في لوس انجلوس، وأشعر دائما بالانتماء الجغرافي والروحي الذي يجري هنا. قضيت الوقت لاتعلم هذه المدينة. لا أستطيع أن أرى أي مكان آخر غير لوس انجلوس ".
أحد النقاد وصف قصص خيال بوكوفسكي بأنها "وصف مفصل لبعض المحرمات المختصة بالذكر: أعزب غير مأهولة، غير كفء، غير اجتماعي، وحر تماما"، صورة حاول أن يرقى إليها في بعض قراءاته الشعرية العامة أو سلوكه الفظ.
وفاته
توفي بوكوفسكي في 9 مارس 1994م في سان بيدرو، كاليفورنيا بعد معاناة من مرض سرطان الدم عن عمر يناهز الثالثة والسبعين ، وكان هذا بعد وقت قصير من انتهائه من روايته الأخيرة "اللب". وقد كتب على ضريحه ما يلي : "لا تحاول"، وهي العبارة التي استخدمها بوكوفسكي في واحدة من قصائده، وهي عبارة عن تقديم المشورة للكتاب والشعراء الطموحين.
في يونيو 2006م تم التبرع بأرشيف بوكوفسكي الأدبي من قبل أرملته إلى مكتبة هنتنغتون في سان مارينو بولاية كاليفورنيا، وتم عمل نسخ من جميع منشوراته لصحافة سبارو بلاك في جامعة ميشيغان الغربية التي أشترت الأرشيف من دار النشر بعد إغلاقها في عام 2003م.
من أعماله
نشر بوكوفسكي أول مجموعة شعرية عام 1959 تبعها بعشرات المجاميع منها:
الاحتراق في الماء، الغرق في اللهيب: قصائد مختارة (1955-1973) نشرت في عام(1974)
الحب كلب من الجحيم: قصائد (1974-1977) نشرت في عام (1977)، ترجمها إلى العربية سامر أبو هواش، ونشرت عن دار الجمل 2009
سيقان، أرداف، وما خلفها(1978)،
شرارات ونشرت في عام (1983)
حرب طوال الوقت: قصائد 1981-1984 نشرت في عام (1984)
الليلة الأخيرة للأرض ونشرت في عام 1992
مكتب البريد، رواية ترجمتها إلى العربية ريم غنايم، دار الجمل 2014
ومن أعماله في القصة القصيرة:
اعترافات رجل مجنون بما فيه الكفاية للعيش مع الوحوش (1965)
ملاحظات رجل مسن داعر (1969)
حكايات عادية للجنون العادى (1972)
جنوب بلا شمال (1973)
موسيقى الماء الحارة (1983)
حكايات للجنون العادي (1983)
الامرأة الأكثر جمالاً في البلدة (1983)
أجزاء من دفتر ملاحظات ملوث بالنبيذ: قصص قصيرة ومقالات (2008)
غياب البطل (2010)
وسع في عام (1995)
بوكويسكي / رسائل بوردي (1983)
صيحات من الشرفة: رسائل مختارة (1993)
عيش على الحظِّ: رسائل المختارة، العدد 2 (1995)
القائد خارجا ليتغدا والبحارة سيطروا على السفينة (1998)
امتد إلى الشمس: رسائل مختارة، العدد 3 (1999)
بصق البيرة ليلا واللعن: التواصل بين تشارلز بوكوفسكي وشيري مارتنيلي (2001)


الرجل صاحب العينين الجميلتين.*

عندما كنا أطفالاً
كان هناك بيت غريب
ستائره مغلقة دائماً في كل الأوقات
لم نسمع أي صوت أبداً
من ذلك البيت.
الساحة كانت ممتلئة بأشجار الخيزران
وكنا نحب اللعب بين أشجار الخيزران
كنا نتظاهر أننا طرازان
(بالرغم من أن جاين لم تكن موجودةً معنا).
وكانت هناك بركة 
بركة كبيرة جداً
مليئة بأسمن أسماك ذهبية
يمكن أن تراها في حياتك,
هذه الأسماك كانت أليفةً أيضاً.
كانت تأتي إلى سطح البركة
وتأكل قطع الخبز الصغيرة من أيادينا. 

قال لنا اباءنا: 
"إياكم والذهاب بالقرب من ذلك البيت".
لهذا السبب, بالطبع ذهبنا
تساءلنا إن كان أحد ما يعيش في ذاك البيت,
أسابيعٌ مرت علينا, ولكننا لم نرى أي أحد.

وفي يوم ما
سمعنا صوتاً قادم من البيت
" أيتها العاهرة الملعونة!"
كان الصوت صادراً من رجل.
بعدها فُتح باب البيت بقوة
وخرج الرجل من البيت.

كان يحمل خُمَس زجاجة ويسكي
في يده اليمنى.
كان يبدو في الثلاثين من عمره.
كان يضع سيجاراً في فمه
ووجهه يحتاج إلى الحلاقة.
شعره كان كثيفاً وغير مرتب
وكان حافيّ القدمين
ويرتدي قميصاً داخلياً
وسروالاً.
ولكن عيناه كانتا ساطعتين.
عيناه توهجتا بتوهج غير مسبوق وقال لنا:
"أيها السادة الصغار, تقضون وقتاً جيداً حسب ما أمل؟
أليس كذلك؟"

ثم ضحك ضحكة صغيرة
وعاد مجدداً إلى البيت.

غادرنا بعدها
وعدنا إلى ساحة بيتنا
وفكرنا بما قد حدث أمامنا.

اباءنا, كما قررنا بعد التفكير
أرادوا ابقائنا بعيداً عن ذاك البيت
لأنهم لم يرغبوا لنا برؤية رجل كهذا
رجل قوي وحقيقيّ بعينين جميلتين.

اباءنا كانوا يشعرون بالعار
لأنهم ليسوا مثل ذاك الرجل,
لهذا أرادوا منا أن نبقى بعيداً عن ذاك البيت.

لكننا في النهاية, عدنا
عدنا لذلك البيت ولأشجار الخيزران
وللبركة والأسماك الذهبية الأليفة.
عدنا في العديد من المرات
ولعديدِ من الأسابيع
ولكننا لم نشاهد أو نسمع من الرجل
مرة آخرى.
الستائر كانت مغلقة كالعادة
وكان الجو هادئاً. 

وفي أحد الأيام
ونحن عائدون من المدرسة
رأينا البيت
كان قد احترق بالكامل
ولم يبقى منه أي شيء
بعض الأساسات المتفحمة فقط لا غير.
ذهبنا إلى بركة الأسماك
فلم نجد فيها أي قطرة ماء
والأسماك الذهبية البرتقالية
كانت هناك ملقاة ميتةً وتموت.

عدنا إلى ساحة بيتنا
وتكلمنا عن ما حدث
وقررنا أن اباءنا قاموا بحرق ذاك البيت,
قتلوا سكانه, وقتلوا الأسماك الذهبية
لأن كل شيء هناك كان جميلاً,
حتى من الغابة الصغيرة من أشجار الخيزران احترقت بالكامل.
اباءنا كانوا خائفين 
خائفين من الرجل صاحب العينين الجميلتين
بعدها أصبحنا نحن خائفين
أنه خلال حياتنا 
أشياء مثل هذه ستحدث دائماً
أن لا أحد سيرغب في رؤية شخص آخر
قوي وجميل مثل ذاك الرجل,
وأن الآخرين لن يسمحوا أيضاً بذلك,
وأن العديد من الناس سيموتون من أجل هذا السبب.

تشارلز بوكوفسكي*
من كتاب (آخر ليلة للأرض - The last night of the earth)**

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالأربعاء سبتمبر 09, 2015 12:28 pm

يضع كثيرون الشاعر الأميركي شارلز بوكوفسكي ضمن(جيل البيت) (Beat Generation) أو في دائرته. لكن هذا التصنيف يغفل كونه لم يكن في واقع الأمر جزءاً من هذه الحركة ولا قريباً من روادها (كيرواك، بوروز، غينسبرغ، فرلينغتي، كورسو...الخ)، لا جغرافياً (فهو كان مقيماً طوال حياته في لوس أنجلوس، في حين استقرّت الحركة غالباً في نيويورك) ولا من حيث المعرفة الإنسانية أو الصداقة الأدبية أو التواطؤ الفكري والسياسي المباشر. غير أن التصنيف له ما يبرّره أيضاً، خصوصاً اليوم، بعد رحيل بوكوفسكي ومعظم رواد الجيل الأول من(البيت)، أي النظر بشيء من المسافة إلى هذه التجربة الأدبية التي انطلقت منذ الخمسينات من القرن العشرين، وازدهرت في الستينات ولا تزال مستمرة حتى أيامنا هذه. فوضع بوكوفسكي ضمن تيار(البيت) ينبع اليوم من اعتبار مختلف عن اعتبارات المرحلة التي ظهر فيها التيار، كما أدب بوكوفسكي نفسه، وهو اعتبار يقيمه القرّاء غالباً أكثر مما يحدّده النقاد أو الدارسون. فقد كان بوكوفسكي يشترك وشعراء وكتاب(البيت) بخواص عدة تقيم نوعاً من النسب غير المباشر بينه وبينهم. فهو مثلهم انطلق من خارج المؤسسة الأدبية والسياسية والاجتماعية الرسمية في أميركا، فاعتُبر من كتّاب الهامش أو(الأندرغراوند) وهو مثلهم أحدث انقلاباً على صعيد مفهوم الكتابة سواء في صلتها بالسائد والمكرّس أو في مقاربتها للحياة والواقع، أو في معاييرها الكتابية والإبداعية واللغوية.
وإذا كانت المسافة الزمنية ضرورية لإقامة مثل هذا النسب فلأن بوكوفسكي في هذا الإطار تحديداً كان مُهْمَلاً في زمنه. بمعنى أنه لم يكن يُنظر إليه كواحد من(نجوم) الهامش أو دعاته إذا جاز القول، ومعظمهم من(البيت) الذين أقاموا في مراحل مختلفة وبطرق عدة صلة قوية بالجيل الاحتجاجي الشاب الذي كانت تغلي به أميركا وأوروبا والعالم في الستينات من القرن الماضي. ففي الوقت الذي انطلقت فيه شهرة كل أفراد(البيت) ولا سيما بوروز وكيرواك وغينسبرغ وكورسو، من خلال أعمال اعتبرت علامات ومنعطفات تاريخية، كان بوكوفسكي يقع على هامشهم، أي على هامش الهامش. وقد احتاج إلى زمن أطول بكثير منهم ليصبح معروفاً، أو بالأحرى ليعترف بأدبه على الرغم من مساهمته الكثيفة كمّاً ونوعاً في صوغ الحساسية الأدبية الأميركية الجديدة، حتى ذهب بعضهم إلى اعتباره(أعظم شعراء أميركا) (جان بول سارتر).
يفصل اعتبار آخر مهم بوكوفسكي عن جيل(البيت). فعلى الرغم من أنه كرّس مثلهم الكتابة اليومية، وأدخل العنصر الاحتجاجي وحياة المهملين والبائسين والمهمّشين في صلب الكتابة، فإنه لم يسعَ إلى صوغ بيان أدبي/ سياسي سواء مباشراً أم مضمراً في النص أو الرواية أو القصيدة. كما أنه لم يشارك في الحياة السياسية المباشرة (محاضرات في الجامعات أو تجمّعات أو تظاهرات)، ولم ينتمِ أيضاً إلى التيار الروحي الذي انتسب إليه معظم كتّاب(البيت)، أي البوذية كمخرج روحي من قلق العصر وتخبّطاته.
بقي بوكوفسكي فرداً يغرّد خارج سرب التيارات والمدارس والحركات (وإن صنفه بعضهم ضمن ما يعرف بمرحلة(الشعر الاعترافي) التي ازدهرت كذلك في الستينات، كما يصنّف ككثيرين من أبناء جيله ضمن شعراء ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي تسمية عامة مثلما هو واضح). وبقيت سيرته الذاتية، التي تعتبر في الواقع سيراً عدة، ولا سيما ذكرياته، تشكّل جزءاً كبيراً من أدبه، ذلك الأدب الخاص بامتياز. سجّل بوكوفسكي وعلى امتداد نحو سبعين كتاباً بين مجموعات شعرية وروايات ومسرحيات، سيرته الموزّعة بين الماضي والحاضر الذي احتلّت النساء والكحول والشخصيات الهامشية النافرة جزءاً أساسياً منه. وإذا كان(الواقع) شديد الحضور في بنائه الأدبي فدائماً من زاوية التورّط الشخصي، والنظرة الفاحصة إلى هذا الواقع الذي لم تعد تفاصيله مجرّد ذريعة أو استعارة لتعبير سياسي مضمر، بل أصبحت واقعاً بديلاً قائماً في ذاته.
ولد شارلز بوكوفسكي في 21 آب 1920 في مدينة أندرناتش (Andernach)، غرب ألمانيا، وبعد سنتين هاجرت عائلته إلى الولايات المتحدة الأميركية. التقت أم بوكوفسكي الألمانية أباه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى حيث كان هذا الأخير جندياً ضمن القوات الأميركية المحتلّة لألمانيا. ولم يكن اللقاء حكاية حب رومنسية عاصفة، بقدر ما كان اختزالاً للعلاقة بين المحتلّ والمحتل. فعائلة الأم كانت معدمة ككثير من العائلات الألمانية بعد الحرب، وحين جاء الجندي الأميركي إلى منزل عائلة الأم عارضاً قطعة لحم كنوع من الصدقة كان رد فعلها أنها بصقت على حذائه. لكن الجندي الذي أعجب بالفتاة ظلّ يأتي إلى منزل العائلة الواقع ضمن منطقة خدمته كل مساء مقدّماً قطعة لحم يسرقها من مؤونة الجيش حتى نال تقدير الفتاة التي سرعان ما أصبحت زوجته.
عاد الزوجان بوكوفسكي إلى أميركا آملين بحياة أفضل، لكن الأمور جرت عكس توقّعاتهما مع الكساد الاقتصادي الكبير (Great Depression) الذي عصفت بأميركا منذ نهاية العشرينات من القرن الماضي والذي جعلت الأب ينضمّ إلى صفوف العاطلين عن العمل، ليتحوّل شخصاً عنيفاً ومحبطاً ناقلاً إحباطه ومعاناته إلى الابن شارلز. وتشكّل ذكريات بوكوفسكي الطفولية القاسية جزءاً مهماً من كتاباته، وقد عبّر عنها في العديد من قصصه القصيرة مثل(موت الأب) أو رواياته مثل(هام أون راي) كما في العديد من قصائده، حيث لم تقف معاناة شارلز مع أبيه عند الحدود النفسية والمعنوية، بل كانت أغلب الأحيان تجد تعبيراً فيزيائياً حيث كان الأب يضرب ابنه ضرباً مبرحاً باستمرار. ليجد شارلز نفسه في مطلع حياته فتى وحيداً ومعزولاً، وليصبح متعاطفاً مذذاك مع الذين يشاركونه حالته، أي أولئك الذين يعانون القسوة البشرية الناجمة عن قسوة الشرط البشري نفسه.: قسوة البشر المضطهَدين على البشر المضطهَدين مثلهم.
سرعان ما وجد بوكوفسكي نفسه، إذاً، ضمن هذه الحلقة من الهامشيين والفقراء والمعزولين، وليصبح بعد ذلك، في أدبه، الناطق بمعاناتهم. وفي الوقت نفسه وجد بوكوفسكي ملاذه الفعلي في عالم الكتب. يقول في مقابلة صحافية أجريت معه عام 1982 متذكّراً اكتشافه القراءةSadكنت آخذ مصباحاً يدوياً صغيراً إلى سريري، وأندسّ تحت الشراشف، وكان الجو خانقاً وحاراً هناك، لكنه كان يزيد من ألق كل صفحة جديدة أقلِّبها، كما لو أنني أتعاطى المخدّرات: سينكلير لويس، دوس باسوس.. كانا صديقي تحت الشراشف). ومع اكتشافه عالم الأدب اكتشف بوكوفسكي الكحول أيضاً. يكتب في روايته/سيرته الذاتية(هام أون راي)Sadكان من الجيد أن أسكر.. وقرّرت أنني أحبّ حالة السكر هذه. فالسكر كان يبعد الواضح عني، وربما إذا استطاع المرء بما فيه الكفاية الابتعاد عن الواضح فلن يعود واضحاً هو نفسه). كان السكر واللاوضوح هما(وظيفة) بوكوفسكي كما يقول الناقد جاي دوغرتي في دراسته عنه، حتى بداية الستينات من القرن الماضي حين أضاف إليهما الكتابة التي اعتنقها مذذاك بصورة جدية وحتى نهاية حياته. لكن أياً من هذه "الوظائف" لم يكن ليؤمِّن متطلبات الحياة العادية له، فاضطر بوكوفسكي إلى التنقّل بين وظائف عدة من غاسل صحون في مطعم، إلى سائق شاحنة، إلى ساعي بريد، إلى موظف مرآب، إلى موظف المصعد في فندق، إلى عامل في ملحمة، وسوى ذلك من وظائف جعلته يحتك، وإن بشكل غير إرادي، بالمجتمع السفلي، مجتمع المعدمين، الذي شكّلت شخصياته جزءاً أساسياً من كتاباته. بعد ذلك قرّر بوكوفسكي التخلّي عن كل تلك الوظائف والانصراف كلياً إلى الكتابة. ففي رسالة مؤرخة عام ،1969 يكتب لصديقه كارل فيسنرSadلدي أحد خيارين، إما أن أبقى في مكتب البريد وأصاب بالجنون، وإما أن استمر بالكتابة وأموت جوعاً، وقد قرّرت الموت جوعاً). بعد ذلك بفترة قصيرة أنهى كتابة روايته الأولى(مكتب البريد) لتكرّ بعد ذلك سبحة مؤلفاته التي بلغت كما أشرنا السبعين والتي كانت تؤمن له دخلاً مقبولاً وإن غير كاف.
بدأ بوكوفسكي يعرف منذ السبعينات شهرة راحت تتعاظم للمفارقة في أوروبا (فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اسبانيا...) حيث كانت تترجم أعماله، في الوقت الذي استمرّ تجاهله في أميركا، لا سيما من النقّد والمؤسسة الأدبية. ويفسّر الشاعر نفسه نجاحه الأوروبي الذي يقابله تجاهله أميركياً بالآتيSadأحسب أن الجمهور الأوروبي أكثر انفتاحاً على المغامرة وطرق التعبير الجديدة. هنا في أميركا يبدو أنهم أكثر تفضيلاً للأدب الآمن والثابت. هنا لا يريد الناس أن يوقظهم أو يهزّهم أحد.. يفضّلون النوم طوال حيواتهم. بالنسبة إليهم ما هو قديم وآمن يبدو جيداً) (من رسالة إلى كارل فيسنر الذي ترجم بعض أعماله إلى الألمانية).
شكّلت مدينة لوس أنجلوس التي عاش فيها بوكوفسكي طوال حياته رافداً أساسياً من روافد أدبه. لكن هذا لم يضمّه كما يشير دوغارتي في دراسته عنه إلى سرب كتّاب(الغرب الأميركي) فقد كان يمكن، لولا الظروف، أن ينتمي بسهولة إلى نيويورك أو شيكاغو أو نيو أورليانز أو أطلانتا. فهو لا يناقش ككثير من كتاب الغرب الأميركي الحاضر الأميركي انطلاقاً من ماضيه الأسطوري أو من تقاليده أو من قضايا كالهجرة أو الهنود أو ما إلى ذلك. وهو بهذا المعنى ينتمي إلى لوس أنجلوس الأخرى. يقول في مقابلة أجريت معه عام 1974:(تعيش في مدينة طوال حياتك، ويحدث أنك تصبح على معرفة بكل زاوية شارع فيها... فبسبب نشأتي في هذه المدينة تولّد لدي شعور روحاني بأنني موجود فيها، كان لدي الوقت لأتعرّف إليها، بحيث لا أستطيع أن أرى مكاناً سواها). لم يقحم بوكوفسكي أدبه في الاحتمالات الميثولوجية الكامنة في الغرب الأميركي كما يفعل أي كاتب مهاجر، لكنه بدلاً من ذلك انشغل بهوية المدينة الروحية. وهذه الهوية لا تنفصل بحسب دوغارتي أيضاً عن عمله(تماماً كما لا تنفصل مصارعة الثيران ومقاهي الشوارع عن أفضل كتابات همنغواي.. فبدلاً من المقاهي ومصارعة الثيران انجذب بوكوفسكي إلى سباقات الخيل، والبارات الجانبية، ونُزل لوس أنجلوس الصغيرة).
وقد برع بوكوفسكي أكثر من أي كاتب آخر في نقل هذه الأجواء لا سيما أجواء أولئك الذين خذلتهم الحياة، ومع ذلك يستمّرون في العيش بكل طاقاتهم. يكتب في(ملاحظات عجوز أزعر)Sadلوس أنجلوس هي أعظم مدينة في العالم، حيث كل رجل وامرأة يملك أسلوبه الخاص ومزاجه الطبيعي، حتى الخرقى لهم مجدهم الخاص هنا. لوس أنجلوس تمثّل نهاية ثقافة ميتة زحفت غرباً لتفرّ من نفسها.. وقد عرفَت أن هذه الثقافة متعفّنة وسخرَت منها.. اسأل نيويورك أو شيكاغو.. لا تزالان تظنان أنهما حيّتان..).
على الرغم من كتابته الكثير من القصص القصيرة والمسرحيات والروايات (التي جعل بطل معظمها شخصية تدعى هنري شيناسكي، أو هانك التي تحضر أيضاً في العديد من قصائده بوصفها أناه العليا)، سوى أنه يبقى شاعراً قبل أي شيء آخر. غير أنه أدخل إلى شعره الكثير من خواص الرواية والقصة القصيرة ولا سيما الحوارات والسرد، وحرص على أن يبقى شعره بسيطاً طوال الوقت غير مدَّعٍ أو متثاقف، وفي هذا المجال يقول في حوار أجري معه عام 1981:(هي القدرة على قول أشياء عميقة بطريقة بسيطة). وقد نجح فعلاً في هذه المعادلة في عدد كبير من قصائده غير أن البساطة نفسها تتحوّل أحياناً خفة شديدة خاصة حين تتخذ القصيدة بالنسبة إليه شكل القصة حيث يمكن أن تستمر القصيدة عدداً كبيراً من الصفحات يمضيها في سرد عادي وتفصيلي من دون أن يتمكّن دائماً من رفعها إلى مستوى الشعر.

من أعماله:
زهرة، قبضة، وجدار بوهيمي (1959)، قصائد طويلة المدى للاعبين مفلسين (1962)، رسوم وقصائد (1962)، تقبض على قلبي بيديها (1963)، اعترافات رجل مجنون بما يكفي للعيش مع الوحوش (1965)، أنا وكل سفلة العالم (1966)، عبقري الحشد (1966)، في شارع الرعب وطريق العذاب (1968)، قصائد كتبت قبل القفز من نافذة الطابق الثامن (1968)، ملاحظات عجوز أزعر (1969)، الأيام تعدو كجياد وحشية على التلال (1969)، الإطفائية (1970)، الطائر الغريد يتمنّى لي الحظ الطيب (1972)، جنوب الشمال (1973)، الاحتراق في المياه، الغرق في النار، قصائد مختارة (1973)، الحب كلب من الجحيم (1977)، نساء (1978)، شكسبير لم يفعل هذا أبداً (1979)، موسيقى المياه الحارة (1983)، تحت التأثير (1984)، الحرب طوال الوقت (1984)، وحيد في زمن الجيوش (1986)، نقاد السينما (1988)، لا نملك مالاً حبيبتي لكن لدينا المطر (1990)، في ظل الزهرة (1991)، قصائد آخر ليلة على الأرض (1992)، مشهور افتراضياً (1992)، صرخات من الشرفة: رسائل مختارة (1993)، الكذب على الحظ، رسائل مختارة (1995)، القبطان خرج لتناول الغداء والبحارة استولوا على السفينة (1998)، أكثر ما يهم هو بأي براعة تمشي على النار (1999)، مفتوح طوال الليل، قصائد جديدة (2000).


________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالأربعاء سبتمبر 09, 2015 3:27 pm

دكتور خليل البدوي

بارك الله فيك و أسعدك في الدارين

معلومات رائعة


تحياتي و دعواتي

Shocked

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالأربعاء سبتمبر 09, 2015 4:01 pm

من قصائده المترجمة
مأساة العشب

أفقتُ على الجفاف وكانت السراخس ميتة،
النباتات التي في القدور الفخارية صفراء كالذرة؛
امرأتي رحلت
والزجاجات الفارغة تحاصرني، كجثث مدمّاة،
بلاجدواها؛
كانت الشمس لا تزال تسطع مع ذلك
وملحوظة صاحبة البيت تكسّرت في اصفرار مناسب
غير متطلّب؛ أكثر ما كنت بحاجة اليه وقتذاك
كوميدي جيد، من الأسلوب القديم، مهرّج
يحمل نكاتاً على ألم مجرّد؛ الألم مجرّد
لأنه موجود، لا أكثر؛
حلقتُ، بشفرة قديمة، وبحذر
ذقن الرجل الذي كان يافعاً ذات مرة وقيل
إنه عبقري؛
لكنها مأساة العشب،
السراخس الميتة، النباتات الميتة؛
وعبرتُ الردهة المعتمة
حيث تقف صاحبة البيت
لاعنةً ومرسلة إياي، أخيراً،
إلى الجحيم،
ملوّحة بذراعيها السمينتين المعرّقتين
وصارخة
صارخة تطالب بالإيجار
لأن العالم خذلنا
نحن الإثنين.

إلى العاهرة التي سرقت قصائدي

يقول بعضهم إننا ينبغي أن نُبقي أسانا الشخصي
بعيداً من القصيدة،
"إبقَ تجريدياً"، وثمة منطق في هذا،
لكن يا إلهي؛
اثنتا عشرة قصيدة ذهبت وأنا لا أحتفظ بنسخ الكاربون ولديكِ
لوحاتي أيضاً، أفضلها؛ هذا خانق:
أتحاولين سحقي كالأخريات؟
لمَ لمْ تأخذي مالي؟ فهن عادة يأخذنه
من السروال السكران النائم المريض في الزاوية.
فلتأخذي، المرة المقبلة، ذراعي اليسرى أو خمسين دولاراً
لكن ليس قصائدي:
لستُ شكسبير
لكن أحياناً بببساطة
لن يكون هناك المزيد من القصائد، تجريدية أم سواها؛
سيكون ثمة دائماً، وحتى القنبلة الأخيرة،
مال وعاهرات وسكارى
لكن مثلما قال الرب
مصلّباً ساقيه،
أرى أنني صنعت الكثير من الشعراء
لكن ليس الوافر
من الشعر.

حال العلاقات الدولية من نافذة الطابق الثالث

أرى فتاة تلبس
كنزة خضراء خفيفة، شورتاً أزرق، جوربين أزرقين طويلين
وعقداً من نوع ما
لكن نهديها صغيران، وهذا محزن،
وتنظر إلى أظافرها
فيما كلبها الأبيض الوسخ يشمشمُ العشب
في دوائر شاردة؛
ثمة حمامة تدور أيضاً
نصف ميتة بنطفة دماغ
وأنا فوق في ثيابي الداخلية
بذقن عمرها ثلاثة أيام، أسكب البيرة وأرقبُ
حدوث شيء أدبي أو سيمفوني؛
لكنهما يستمرّان في الدوران، والدوران، ويمرّ رجل عجوز هزيل
في شتائه الأخير تقوده فتاة
بثوب مدرسيّ كاثوليكي؛
في مكان ما ثمة جبال الألب، والسفن الآن
تعبر البحر؛
هناك أكوام وأكوام من القنابل الهيدروجينية والذرية
تكفي لتفجير خمسين عالماً ومريخاً،
لكنهما يستمران في الدوران
الفتاة تهزّ ردفيها
وتلال هوليوود شاخصة هناك
مليئة بالسكارى والمجانين
والكثيرون يتبادلون القبل في السيارات،
لكن لا فائدة: تشي سيرا، سيرا:
كلبها الأبيض الوسخ لن يتبرّز ببساطة،
وبنظرة أخيرة إلى أظافرها،
تسير، هازّة ردفيها، إلى بيتها في أسفل المبنى
يتبعها كلبها الذي يعاني إمساكاً (وغير القلق ببساطة)،
وتتركني أنظر إلى الحمامة الأقل سيمفونية.
حسناً... مما تشير إليه طبائع الأشياء
يمكنكَ الاسترخاء:
فلن تنفجر القنابل.

إلى مارلين م.

منساباً بأسى إلى رماد لامع،
مرمى دموع الفانيلا،
جسدك الأكيد أضاء شموعاً للرجال
في الليالي المظلمة،
والآن ليلك أعتم
من مدى الشمعة
وسننساك، على نحو ما،
وهذا ليس بلطيف
لكن الأجساد الحقيقية أقرب
وفيما الديدان تلهث وراء عظامك،
أحب أن أخبرك
أن هذا يحدث للدببة والفيلة
للطغاة والأبطال والنمل
والضفادع،
ومع ذلك، جلبتِ لنا شيئاً،
نوعاً ما من النصر الصغير،
ولهذا أقول: جيد
ودعينا لا نحزن أكثر؛
كزهرة جفّت ورميت،
ننسى، نتذكّر،
ننتظر. أيتها الطفلة الطفلة الطفلة،
أرفع كأسي هنيهة كاملة
وأبتسم.

التوأمان

كان يُلمِّح أحياناً إلى أنني وغد وكنت أقول له أن يستمع
إلى برامز، وقلت له أن يتعلّم الرسم ويحتسي الخمرة وألا يسمح
للنساء أو الدولارات بالسيطرة عليه
لكنه صرخ في وجهي، بحق المسيح تذكّر أمك،
تذكّر بلدك،
سوف تتسبّب بمقتلنا جميعاً...

أتنقّل في منزل أبي (الذي امتلكه بثمانية آلاف دولار بعد عشرين سنة
في الوظيفة نفسها) وأنظر إلى حذائه الميت
الطريقة التي لوت فيها قدمه جلد الحذاء، كما لو كان غاضباً يزرع الورود،
وكان كذلك، وأنظر إلى سيكارته الميتة، وأشعر أنه علي إعادة صنعها
لكنني لا أستطيع، فالأب سيّدك دائماً حتى حين يرحل؛
أحسب أن هذه الأشياء حدثت مراراً وتكراراً لكنني لا أستطيع منع نفسي
من التفكير:
أن يموت المرء على أرضية المطبخ عند السابعة صباحاً
بينما الآخرون يقلون البيض
ليس بالأمر شديد القسوة
إلا إذا حدث لك.

أخرج وأقطف برتقالة وأقشّر قشرتها اللمّاعة؛
لا تزال الأشياء حية: العشب ينمو جيداً،
الشمس ترسل إلى أسفل أشعتها المحوطة بقمر صناعي روسيّ،
كلب ينبح بلا إحساس في مكان ما، جيران يتلصّصون خلف العميان.
أنا غريب هنا، وقد كنت (على ما أفترض) الفتى الخجول،
ولا شكّ عندي في أنه رسمني كثيراً (تقاتلت والعجوز
كأسدين جبليين) ويقولون إنه ترك كل اللوحات لامرأة ما
في(دوارت) لكنني لا أبالي البتة ـــ يمكنها الحصول عليها: لقد كان أبي
العجوز

ومات.

في الداخل أجرّب بدلة زرقاء خفيفة
أفضل بكثير من أي شيء ارتديته
وأصفّق بالذراعين كفزاعة في الريح
لكن لا جدوى:

لا أستطيع إبقاءه حياً
مهما بَلغت كراهيتنا لبعضنا.

كنا شبيهين تماماً، كان يمكن أن نكون توأمين
العجوز وأنا: هذا ما
قالوه. كانت بصلاته على البارافان
جاهزة للزرع
بينما كنت ممدّداً على السرير مع عاهرة من الشارع الثالث.

حسنٌ جداً. هبنا فقط هذه اللحظة: وأقف أمام المرآة
في بدلة أبي الميت
منتظراً أيضاً
أن أموت.

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المهندس محمد فرج
عضو موسس للمنتدى
المهندس محمد فرج

ذكر
تاريخ التسجيل : 15/12/2007
عدد المشاركات : 123667
نقاط التقييم : 126296
بلد الاقامة : ماريا وترابها زعفران
علم بلدك : Egypt مصر
الجوزاء

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالخميس سبتمبر 10, 2015 10:50 pm

القديرة (احلام) شكرا لسيرة احد الروائيين العالميين قدمتيها لنا فى ايجاز..سلمتى وسلمت يداكى....لك منى كل الود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسند
مستشارة اشتياق -الام الروحية لاشتياق
باسند

انثى
تاريخ التسجيل : 17/01/2014
عدد المشاركات : 51625
نقاط التقييم : 73139
بلد الاقامة : سويسرا
علم بلدك : علم العراق
الاسد

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالخميس سبتمبر 10, 2015 11:01 pm

عاشت الايادي احلام الحبيبه 

موضوع ولا اروع 

تسلمي 

تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالإثنين أكتوبر 19, 2015 10:08 pm

ا/ احلام



سلمتي على روعه الانتقاء

وطرحك المفيد النافع

ارق التحايا

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

تشارلز بوكوفيسكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تشارلز بوكوفيسكي   تشارلز بوكوفيسكي Emptyالإثنين مارس 28, 2016 7:03 pm

الأستاذة العزيزة الرائعة@"أحلام شحاته"
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تشارلز بوكوفيسكي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تشارلز ديكنز
» نبذة عن رواية قصة مدينتين للكاتب تشارلز ديكنز
» رواية اوليفر تويست للروائي العالمي تشارلز ديكنز
» نقل السفاح الأميركي تشارلز مانسون إلى المستشفى في حالة خطرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق الادب العالمي -
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
باسند - 51625
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
تشارلز بوكوفيسكي Vote_rcap1تشارلز بوكوفيسكي Voting_bar1تشارلز بوكوفيسكي Vote_lcap1