منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 قصيدة النثر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

قصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: قصيدة النثر   قصيدة النثر Emptyالأحد ديسمبر 20, 2015 10:42 am

قصيدة النثر
       لقد كانت ديمومة التغيرات التي طرأت على الساحة العربية في القرن العشرين، وما افرزت تلك من التبعات الفكرية والنفسية والاجتماعية وتحولاتها المعقدة دافعاً الى ان تسعى الشعرية العربية قدماً من اجل تحقيق حداثتها بعيداً عن القيود التقليدية الثابتة.
وعلى اساس التحول في مفهوم الشعر بين حركة واخرى ، ظهر مفهوم جديد للشعر، يجد الشاعر فيه الحرية في التعبير عن خلجات نفسه وفكره، وقد عُرف هذا المفهوم عام 1957، عندما أصدر (يوسف الخال) مجلة مخصصة للشعر عرفت باسم مجلة (شعر)، وفي العام نفسه القى (الخال) محاضرة له بعنوان (الشعر الحديث)، وهي تسمية حلت محل تسمية الشعر (الحر) الذي كان شائعاً في الخمسينيات من القرن العشرين.
       وما لبثت هذه المجلة حتى اصبحت فيما بعد، تتبنى نتاجاً شعرياً من نوع جديد، اطلق عليه اسم (قصيدة النثر)، التي اصبحت حركة شعرية ثورية ألحقت الشعر العربي بآداب الشعوب المتقدمة، ولاسيما انها كانت تهدف الى اعطاء صفة العالمية للأدب العربي.
 وقد ادت هذه الحركة الشعرية الى ظهور عدد كبير من النقاد من الجيل نفسه في كل مكان، ينظرون لها ويدافعون عنها، ويؤسسون لذائقة جديدة عند المتلقي العربي. 
 ومن الأهداف التي سعى اليها دعاة قصيدة النثر:
1.    تحقيق انجازات فنية اكبر على مستوى حداثة الشعر العربي، متجاوزاً ما توصلت اليه الحركات التجديدية التي سبقتها ولا سيما حركة الشعر الحر في العراق.
2.    الكشف عن طرائق أرحب في التعبير والتعامل مع التجربة الشعورية، وذلك من خلال تجاوز طوق القيود النظمية، ومصادرة تقعيداتهما والخروج على اللغة الشعرية التقليدية وخرقها.
3.  لقد حاول دعاة قصيدة النثر تثبيت بعض الاوليات في اذهان الشعراء والنقاد والقراء على السواء، ومن هذه الاوليات:
1.    ان قصيدة النثر شكل شعري جديد ومستقل عن الاشكال الشعرية الاخرى، موزونة كانت او غير موزونة.
2.    ان قصيدة النثر ليست مجرد تطور او تجديد في الحركة الشعرية، وانما هي ثورة على كل ما سبقتها من الاشكال الشعرية ومفاهيمها.
3.    انها ارقى اشكال الكتابة الشعرية، كما يقول (ادونيس) بهذا: "لابد لهذا العالم، اذن، من الرفض الذي يهزه، لابد له من قصيدة النثر كتمرد أعلى في نطاق الشكل الشعري"ز
وقال ايضاً: إن"اكثر الشعراء في الغرب الذين كتبوا قصيدة النثر، كتبوا قبلها قصيدة الوزن، وكانت قصيدة النثر حداً نهائياً لتجاربهم الشعرية، ولم تكن هرباً فنياً من الصعوبة الى السهولة"
ويقول (انسي الحاج) بذلك: "ان اهميتها-قصيدة النثر- لا بالقياس الى الانظمة المحافظة في الشعر وحسب، بل بالقياس الى اخواتها من الانتفاضات الشعرية كالوزن الحر، انها ارحب ما توصل اليه توق الشاعر الحديث على صعيد التكنيك وعلى صعيد الفحوى في آن واحد".
 وقال ايضاً: "في كل شاعر مخترع لغة، وقصيدة النثر هي اللغة الأخيرة في سلم طموحه، لكنها ليست باتة، سوف يظل يخترعها" و"انها خليقة هذا الزمن وحليفته ومصيره".
 وبذلك نفهم ان قصيدة النثر عند مؤسسيها هي حركة تسير بفكرة تحديث القصيدة العربية خطوات ابعد مما استطاعت كل الحركات السابقة ان توفر لهذه القصيدة، وبالتالي فهي حركة تطورية تهدف الى رفع القصيدة العربية الى مستوى الكمال والحداثة، بعد تجاوز الصراع القائم بين الجديد والقديم.
ان تاريخ نشوء قصيدة النثر في الادب العربي وتبلورها فيه يرجع بنا الى الاداب الغربية بشكل عام، والى الادب الفرنسي بشكل خاص حيث موطن الولادة الحقيقية لها ونموها ونشأتها، فقد مرت قصيدة النثر في الغرب حتى تبلورها في فرنسا على يد الشاعر (شارل بودلير)، بارهاصات متعددة، ومن الباحثين من يرجع بتلك الارهاصات الى اوائل القرن الثالث الميلادي على يد شاعر اسطوري يدعى (اوسيان).
 اما في فرنسا فكانت هناك مجموعة من المحاولات التي تحاول الى إرساء المبادئ الاساس لقصيدة النثر، ومن هذه المحاولات، اعمال (تيلماك) الذي سعى جاهداً الى تحرير الشعر من قالب النظم، ومحاولات (شاتوبريان) التي توجهت نحو جعل النثر اداة شعرية جديدة ذات انسجامات غير مسموعة بعد.
وكذلك محاولات الرومانتيكيين في تحرير اللغة والتجديد الشعري، التي ادت الى تحطيم إطار الشكل الاسكندري القديم.
غير ان كل المحاولات هذه بقيت مقصورة، حتى جاء الشاعر الفرنسي (شارل بودلير) الذي عمل على ترسيخ القصيدة النثرية، وجعلها ضرباً جديداً من انواع الشعر.
حتى ان (سوزان بيرنار) جعلته هو الشاعر الذي تأصلت عنده ابعاد قصيدة النثر الفنية، تلك الابعاد التي يقوم عليها اصحاب المذهب الرمزي من الشعراء امثال: (رامبو وفيرلين ولوتريامون ومالارميه) بالاسهام فيها بقدر كبير من الانجازات.
لايمكن فهم حداثة قصيدة النثر العربية، دون معرفة الدوافع الاساس التي تقف وراء ظهورها بهذه الصورة، ومن هذه الدوافع:

1.    الدافع الفني: ويتمثل بتصور شعراء الحداثة بأن الاعراف الشعرية المتداولة قد اصبحت عاجزة عن تحقيق الشعرية العربية، ولابد من تجاوزها، ولاسيما التعقيد الايقاعي، ويقول (ادونيس) عنها: "التزامات كيفية تقتل دفقة الخلق، أو تعيقها، أو تقسرها، فهي تجبر الشاعر احياناً على التضحية باعمق حدوسه الشعرية في سبيل مواضعات وزينة، كعدد التفعيلات ، أو القافية".
2.    الدافع الايديولوجي: ويتمثل برغبة شعراء قصيدة النثر بتجاوز الثبات في الثقافة العربية التقليدية واعرافها البالية والاتجاه بها- الثقافة- الى النهوض والتطور، يقول (انسي الحاج): "أي نهضة؟ نهضة العقل، الحس، والوجدان. الف عام من الضغط، ألف عام ونحن عبيد وجهلاء وسطحيون، لكي يتم الخلاص علينا –ياللواجب المسكر- ان نقف أمام هذا السد ونبجه".
3.    الدافع النفسي: ويتمثل هذا الدافع برغبة تجمع (شعر) في نقل مركز ثقل القصيدة العربية الى لبنان بعدما اصبح العراق مركز ثقل القصيدة الحرة في نهاية الاربعينيات وأواسط الخمسينيات، ولعل مما زاد هذا الشعور ونماه انهم وجدوا انفسهم اقرب من التراث الشعري الغربي موازنة بالعراقيين، ولاسيما الشعر الفرنسي الحديث الذي كان مرجعهم ومصدر الهامهم وقد ساعدهم على تحقيق ذلك عوامل منها:
1. التأثر بالشعر الغربي
وكان ذلك التأثر بشكل مباشر او عن طريق الشعر المترجم. وقد مارس الشعر الغربي اثره الواضح في تجمع شعراء قصيدة النثر، وخاصة الشعر الفرنسي، والشعر الحر الانكليزي.
ولابد لنا من القول ان قصيدة النثر الفرنسية تشير الى وجود علاقة وثيقة بينها وبين المذهب السريالي، وذلك يعود الى القصيدة السريالية التي تمثلت الارث الذي انتهى اليه كل من بودلير ورامبو ولوتريامون ومالارميه وغيرهم من رواد هذه القصيدة، وتلقف شعراء تجمع شعر هذه القصيدة وعربوها.
عرب (ادونيس) مصطلح قصيدة النثر، واستعمله في العربية، كما وضح مفهوم القصيدة النثرية، ومبررات كتابتها، وشروط هذه الكتابة، مشيراً الى تأثره بكتاب (سوزان بيرنار) الموسوم بـ(قصيدة النثر من بودلير الى ايامنا).
 واشار (سامي مهدي) الى ان اساس نظرية تجمع شعر ماهي إلا تلخيص للجهد الذي قامت به (سوزان بيرنار)، لذا هي قصيدة فرنسية الجذر في تنظيرها وتطبيقها.
ان المذهب السريالي اكثر المذاهب الغربية تأثيراً في شعراء تجمع شعر، وهناك مجموعة من القرائن التي تدلنا على هذا التأثر، وذلك من خلال ترجمة نماذج اشعار السرياليين وآبائهم، وكتابة مقالات عديدة عنهم، بدءاً من بودلير، فرامبو، فلوتريامون، فالدادائي تريستان تزارا، فاندريه بريتون، فبول ايلوار، فلوي أراغون، فانطونان آرتو، فرنيه شار، فهنري ميشو، وغيرهم.
ويقول (كميل قيصر داغر) على تأثر (ادونيس) بالسريالية: "ان ادونيس وصل الى نسخته الخاصة من السوريالية عبر نمو متواصل لتجربته، ومن ضمن سلسلة تحولات بلغت اوجها في اعماله الاخيرة"، ويرى (سامي مهدي) ان الحداثة التي دعا اليها (ادونيس) وحاول تجسيدها في شعره ماهي إلا الحداثة السوريالية بكل مقوماتها ومفاهيمها،
وقد استمد منها مفهومه الجديد للشعر القائم على الرؤيا، ونشدان المجهول والمطلق، وايجاد لغة جديدة والسعي الى تحرير الكلمة من ارثها الثقيل واطلاق من طاقة تفجيرية.
واعترف (انسي الحاج) بأثر السوريالية في شعره فقال: "عام 1959 تعرفت الى السوريالية ، وكتبت بعض الدراسات عنها. وقد وجدت فيها ما أنا اعيش بعضه. وقد تأثرت بالنظريات السوريالية.. بعد تعرفي الى بريتون، ازددت ايماناً بالسحر واللاشعور والشعوذة.. أما السوريالية، فقد أزددت بواسطتها ايماناً بالحلم والحرية" وفي المضمار نفسه ألف (عصام محفوظ) كتاباً عنوانه (السريالية وتفاعلاتها العربية) تناول فيه اثر السوريالية في اشعار كتاب قصيدة النثر.
وانتبه (كميل قيصر داغر) الى العلاقة بين شعراء (شعر) والسريالية، وحاول ان يستقصي اثر السوريالية في شعر ثلاثة من شعراء التجمع وهم : (ادونيس)، و(انسي الحاج)، و(شوقي ابو شقرا).
ومما تقدم نستطيع ان نقول ان شعراء تجمع (شعر) قد افادوا من المذهب السوريالي، وافادوا من كتابته الآلية التي ترمي الى إحداث حداثة الكمال بعد تجاوز القيم الثابتة والراسخة، وتجاوز الاشارات الصريحة الى مبدأ الكتابة الآلية، التي تعبر بالكلمة عن حلم اليقظة الارادي الواقع في شق سحري ولحظوي بين الوعي واللاوعي وقد اعتمد شعراء قصيدة النثر هذه الكتابة ومارسوها في اشعارهم.
2. التأثر بالشعر العربي القديم
       وعلى الرغم من أن جذور قصيدة النثر غربية مكتسبة الهوية السوريالية، إلا اننا نجد بعض شعراء تجمع شعر يؤسسون لها جذوراً في العربية، فـ(أدونيس) يشترط بكتابتها عربية، وان تنطلق من فهم للتراث العربي الكتابي، واستيعابه بشكل دقيق وشامل، ومن ثم تجديد واعادة النظر فيه، وتأصيله في اعماق خبرتنا اللغوية وفي الثقافة الحاضرة.
 والسبب الاساس الذي دفع (أدونيس) الى تأسيس جذور لحداثة قصيدة النثر في العربية تأثره بالغرب وقال بذلك: "أحب هنا ان اعترف بانني كنت بين من أخذوا بثقافة الغرب، غير انني كنت، كذلك ، بين الاوائل الذين مالبثوا ان تجاوزوا ذلك، وقد تسلحوا بوعي ومفهومات تمكنهم من ان يعيدوا قراءة موروثهم بنظرة جديدة، وان يحققوا استقلالهم الثقافي الذاتي.
 ويقول ايضاً: "احب ان أعترف، ايضاً، انني لم اتعرف على الحداثة الشعرية العربية، من داخل النظام الثقافي العربي السائد واجهزته المعرفية. فقراءة بودلير هي التي غيرت معرفتي بأبي نواس، وكشفت لي عن شعريته وحداثته وقراءة مالارمية هي التي أوضحت لي أسرار اللغة الشعرية وابعادها الحديثة عند أبي تمام ، وقراءة رامبو ونرفال وبريتون هي التي قادتني الى اكتشاف التجربة الصوفية بمفرداتها وبهائها. وقراءة النقد الفرنسي الحديث هي التي دلتني على حداثة النظر النقدي عند الجرجاني، خصوصاً في كل ما يتعلق بالشعرية وخاصيتها اللغوية-التعبيرية" فأدونيس يعي تراثه بفضل الغرب، وعلى هذا النحو، فقد أوجد (ادونيس) أسلافاً لحركة الحداثة الشعرية المعاصرة، خلاف ما أعلنه (اندريه بريتون) حين قال: "حين يتعلق الامر بالتمرد ينبغي الا يحتاج احد منا الى اسلاف بل هو يناقض بعض احكامه العامة حول التراث فأدونيس لم ينعطف بالشعر العربي صوب الشعر الغربي، بل بالعكس، فهو يحاول ان يثبت ان الحداثة لاتعني القطيعة مع الموروث العربي، لان القطيعة النهائية لايمكن ان تحدث حداثة، ويصرح بذلك: "لست أطالب هنا بضرورة الخروج كلياً من الماضي، فمثل هذا الخروج مستحيل لأنه خروج من التاريخ. فنحن لانبدع المستقبل إلا في لحظة تتصل جوهرياً بالأمس والآن" وعلى وفق هذا يصر (ادونيس) بان الغرب ليس مصدر الحداثة، ويقوم على تأسيس كتابة جديدة وليس الى تأسيس نمط شعري جديد فقط، وهو يعني بهذا العمل، التجاوز على ثنائية الكتابة الفنية (الشعر والنثر) وتحطيم الحاجز الفني بينهما من اجل بلوغ حداثة الكمال النهائية.
       ويؤكد (ادونيس) ان التراث العربي الشعري جزء لا يتجزأ من التراث الانساني الشامل، ولكنه يعلن الوقت نفسه ان الموقف من التراث لايكون موقف قبول او رفض، لان الانسان ليس له اختيار في ذلك، وانما يجب عليه ان يفهمه وينطلق من حسناته، وان هذا الموروث حمل نقاداً وشعراء كبار، تمثلوا بقيامهم للحداثة وتمتعوا بالتفرد والخروج عن المألوف، فتعلق (ادونيس) بـ(النفري) دليل على ارتباطه بالموروث العربي.
 يقول (ادونيس) عن (النفري): "هكذا يبدو نص النفري قطيعة كاملة مع الموروث في مختلف اشكاله وتجلياته. وبهذه القطيعة يجدد الطاقة الابداعية العربية، ويجدد اللغة الشعرية في آن ... انه يكتب التاريخ برؤيا القلب، ونشوة اللغة، يرفع الكتابة الشعرية الى مستوى لم تعرفه قبله، في أبهى وأغرب ما تتيحه اللغة. وللمرة الاولى، نرى فيه قلق الانسان وتعطشه وتساؤله امواجاً تتصادم جزراً ومداً ، في حركة من الغياب والحضور في ابدية من النور" وتجربة (النفري) الصوفية دليل على حداثته في القدم كما يرى (ادونيس)، ولهذا حاول (ادونيس) ان يجد لقصيدة النثر امتداداً تاريخياً عميقاً في القدم. ففي التراث العربي الصوفي يجد الشاعر العربي "ان الشعر لاينحصر في الوزن، وان طرق التعبير في هذه الكتابات، وطرق استخدام اللغة هي، جوهرياً ، شعرية، وإن كانت موزونة" وبهذا كان (ادونيس) هو أول من حاول ان يؤسس مشروعية قصيدة النثر العربية على افتراضات واردة في نظرية الشعر العربية.
       ونستطيع ان نتلمس اثر المرجعين الغربي والعربي في شاعرية (ادونيس) وذلك من خلال اكتشافه للنصوص الصوفية العربية وبشكل خاص (النفري).
 والشعر الغربي القريب من التصوف، وافادة (ادونيس) منهما جعلته يتحرك إلى ما وراء الواقع والخيال بشكل لافت في نتاجه الشعري خاصة، فهو يقول: "أنني كنت بتأثير من الصوفية العربية الاسلامية وقراءة ريلكة ونوفاليس أهمل الأشياء التي تدخل في مجرى الحياة اليومية المباشرة" ففي الصوفية هذه، وجد تجسيدات معنى الشعرية بوصفها مصطلحاً فنياً، خارج النمط الشعري التقليدي.
       ان استخدام شعراء تجمع شعر للاشارات، والميل الى العمق والغموض، وتوليد اللغة الشعرية الجديدة، وغيرها من سمات الصوفية ماهي إلا اثر من الرافد الصوفي، وهذا ما يعترف به (أدونيس) صراحة، حيث يقول: "نستيطع أن نرى كثيراً من القيم الحضارية العربية مستمرة في الحركة الشعرية الجديدة، لكن هذه القيم لاتنبع من النصوص الشعرية بالمعنى التقليدي القديم، بقدر ما تنبع من نصوص التصوّف، فالتصوف حدس شعري، ومعظم نصوصه نصوص شعرية، صافية، ولهذا فإنّ القيم التي يضفيها الشعر العربي الجديد أو يحاول أن يضفيها، انما يستمدها من التراث الصوفي العربي في الدرجة الأولى" وهكذا يضيء التراث الصوفي روح الشعر الحديث ويحييه، مما يجعل إحساس الشاعر الحديث بهذا التراث يسمو الى مشارف الروح.
       ومما تقدم، نجد أن (أدونيس) يزاوج بين الرافدين الغربي والعربي لقصيدة النثر. فالرافد الغربي يظهر في رؤية ترى أنها نشأت بفعل احتكاك الشعراء الطليعيين العرب بانجازات (بودلير ورامبو وسان جون بيرس ووالت ويتمان)، والرافد العربي يظهر في محاولة التأسيس لمشروعية هذه القصيدة بالعودة الى تعقيدات نظرية الشعر العربية بأسمى تطوراتها واكثرها تحديداً لهوية الشعر، وسمة الشعرية فيه النثر الصوفي العربي بوصفه شعراً يمكن قياس قصيدة النثر عليه وعدها تطوراً من تطوراته.
       ولم يقتصر اثر الرافد العربي على التجربة الصوفية في شاعرية (ادونيس)، وانما نراه يستغل المرويات الاسطورية ، والقصص القرآنية ويدخلها في سياق النص الشعري.
وربما توسع في استمداد المصادر التراثية، فهو يلجأ الى التاريخ ويعالج موضوعه معالجة جديدة، تكشف عن صلاحية هذا التراث للبقاء والتجدد والاعتبار. فنراه يتخذ من الشخصيات التأريخية شاهد عصر كما فعل ذلك حينما اتخذ من قصة حياة (عبد الرحمن الداخل)، في ديوانه (كتاب التحولات والهجرة في اقاليم الليل والنهار) وتصبح هذه الشخصية مصدر الهام الشاعر، حيث يتمكن (ادونيس) من الإفادة من هذه الشخصية الفنية بدلالاتها السياسية والأدبية والقومية والدينية.
       وقد تبنى (يوسف الخال) مفهومين اثنين عن التراث العربي الاول: هو محدودية التراث العربي، والثاني: وحدة التراث الانساني، وهو ما دفعه الى الدعوة الى التحرر الكامل من القديم، والشروع بعمل شعري جديد يستجيب لروح العصر، على النحو الذي رآه وأكده، متخذاً من النماذج الاصيلة في الشعر الغربي الحديث مثله في ذلك.
ولهذا قالت عنه (خالدة سعيد): "ومع ان بعض الشعراء المجددين قد تجاوزا الشعر التقليدي شكلاً ومضموناً، الا ان يوسف الخال رفض التراث نهائياً واستدار في دعاء حار صوب البحر المتوسط" (فالخال) كان شاعراًَ مندفعاً الى التجديد لكنه في حدود النظرية، لانه بقي محافظاً على مستوى العمل الشعري كانجاز فني، فهو شاعر كان من جهة ضد الذاكرة في اطارها الشعري وسياقاتها التراثية، ومن جهة اخرى كان يغوص في عمق تجربته الانجيلية التي اخذت تطغى على شعره وبشكل ملفت للنظر.
       لكن ينبغي ان نقول إنه ليس كل المتأثرين بالغرب من شعراء تجمع شعرهم على الدرجة نفسها من الرفض للتراث العربي، وانما كان بعضهم يعي ان الحداثة لاتكون إلا من داخل التراث وصميمه وليس من خارجه، والقصيدة الحديثة ماهي إلا بنت للقصيدة القديمة على جدة وعصرية، ويصرح بذلك احدهم: "ونحن في ثورتنا على القديم، لانعني بأننا نثور على القصيدة من حيث بنيانها الكلاسيكي ومتانتها الشكلية ، بل على التوجه الشعري الذي هو توجه الى العصر لا التاريخ".
وهذا الرأي قريب من آراء (مطران) و(الزهاوي) و(الرصافي) في قاعدة تحديث الشعر وعصرنته. فالحداثة اذن عند بعض شعراء تجمع شعر ثورة من الداخل تقوم وهي مبنية على اسس لا على خواء.
ومن هنا نفهم ان هذه المدرسة لم تكن ضد التراث العربي، كما وصفها بعض المخالفين لها، وانما كانت ضد القيم الثابتة والقواعد المقررة سلفاً التي تستعبد الشاعر، وتمنع من تطوره تطوراً مستقلاً وتحول دون رفضه للعقلية التي تمجد التراث العربي وبهذا نخرج بمعلومة ملخصة عن صلة شعراء مجلة شعر بالثقافتيين الغربية والعربية، فيمكن ان نصفهم بأنهم اتباعيون يقلدون السريالية والصوفية والتراث.
3. ظهور انواع متعددة من الشعر

       شهد مطلع القرن العشرين تغييرات متعددة في حياة الانسان، وكان للشعر نصيب وافر من هذه التغييرات، التي تتمثل برغبة الشاعر الحديث في الخلاص من القيود النظمية الموروثة، والتحرر من القواعد الصارمة للتنظيم. ومن تلك التغيرات ان بدأ الخطاب الشعري المطبوع يحل محل الخطاب الشفاهي (السماعي)، ومن هنا انطلقت محاولات تجديدية في الشعر العربي، وكان ظهور (الشعر المرسل) على يد (توفيق البكري والزهاوي وعبد الرحمن شكري ومحمد فريد ابو حديد وعلي احمد باكثير) وغيرهم، أولى هذه المحاولات.
وكذلك ظهور (الشعر المنثور) على يد (امين الريحاني)، وهناك نمط مقارب وليس مجاوراً لقصيدة النثر وهو (النثر الشعري) الذي وجد تجلياته عند (جبران) كما مر بنا سابقاً. وظهور (الشعر الحر) في بداية الخمسينيات، إذ كان أكثر الأنماط الشعرية مجاورة في خصائصه لقصيدة النثر وأشدها قرباً منها، بل في الشعر الانكليزي من الباحثين من يجعل قصيدة النثر جزءاً من حركة عامة باتجاه الشعر الحر بمفهومه الغربي لا العربي.
 والى جانب هذه المحاولات التي سبقت ظهور قصيدة النثر العربية، نجد (النثر المركز) الذي تبلور على يد رائده الاول (حسين مردان) اذ تأثر (ببودلير) ومجموعته (ازهار الشر) التي تمكنت منه حتى اعلن عن نفسه (بودلير) الشرق العربي.
 ان هذه المحاولات والانماط الشعرية الجديدة، والمجاورة لقصيدة النثر، هي التي شاركت في ظهورها في الادب العربي.

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسند
مستشارة اشتياق -الام الروحية لاشتياق
باسند

انثى
تاريخ التسجيل : 17/01/2014
عدد المشاركات : 51607
نقاط التقييم : 73121
بلد الاقامة : سويسرا
علم بلدك : علم العراق
الاسد

قصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة النثر   قصيدة النثر Emptyالأحد ديسمبر 20, 2015 7:03 pm

دكتور خليل بدوي 

شكرا لك ........موضوع قيم 

عاشت الايادي 

تقبل تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

قصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة النثر   قصيدة النثر Emptyالأحد ديسمبر 20, 2015 7:06 pm

الأستاذة الرائعة المبدعة الفاضلة باسند
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

قصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة النثر   قصيدة النثر Emptyالأحد يناير 10, 2016 8:19 pm

الدكتور خليل


سلمت على موضوعك الرائع


وطرحك المفيد النافع


ارق التحايا

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

قصيدة النثر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصيدة النثر   قصيدة النثر Emptyالأحد يناير 10, 2016 8:37 pm

دكتور خليل البدوي

بارك الله فيك

موضوع رائع

تحياتي و دعواتي

Shocked

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصيدة النثر
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصيدة الرحيل
»  قصيدة : أمعنّف ٌ بك ٍ ؟؟
» قصيدة بلانقط
» قصيدة عن رمضان
» قصيدة اعتذار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: الاقسام الادبية :: اشتياق التذوق الادبي المنقول:القصص و الشعر والخواطر الفصيح والعامي (المنقول) -
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
باسند - 51607
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
قصيدة النثر Vote_rcap1قصيدة النثر Voting_bar1قصيدة النثر Vote_lcap1