إن الاستجابة لتخويف الشيطان من الأسباب التي تمنع أهل الإيمان من ملازمة السير على طريق الله تعالى، والأخذ بأسباب المغفرة. وقد جاء التنبيه من الرب تبارك وتعالى على هذه القضية الخطيرة في قوله سبحانه : *( ٱلشَّيۡطَـٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَيَأۡمُرُڪُم بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةً مِّنۡهُ وَفَضۡلاً )* [البقرة: ٢٦٨] فالشيطان يمنع المرء من المسارعة إلى الطاعات، بأن يعده أنه إذا أنفق من ماله فإنه سيفتقر، وأنه إذا سارع إلى الطاعة فإنه سيتأخر عن مصالحه، فكيف نصدق وعد الشيطان ؟ وهو لا يملك أن يحقق هذا الوعد، ولكنها وساوس الشيطان التي يثبط بها المؤمنين عن السير في طريق الله تعالى، فكيف نصدق تلك الوساوس ونترك موعود الله الحق سبحانه وتعالى؟ إذا علم الشيطان هذه النقطة من نقاط الضعف فسيأتي كل يوم ليُقعد المرء عن القيام، ويخوفه من الصدقة والصيام ويوسوس له بأنه سيضعف عن ذلك وأنه لا يستطيع، ويضع له العلل والأعذار والعراقيل حتى يُثبطه في النهاية عن القيام بشيء، فينفرط عقده وتختل أحواله؛ فإذا به لم يحصل قرآنا، ولا ذكرا، ولا صياما، ولا صلاة؛ ثم إذا حاول مرة أخرى قٙطٙع الشيطان عليه الطريق بنفس الوساوس؛ لأنه قد علم طريق الدخول إليه من قبل، والمرء لم يغلق عليه تلك المداخل المؤدية إلى القلب !!
لذلك لما قال : *( وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةً مِّنۡهُ وَفَضۡلاً )* كان ينبغي لأهل الإيمان أن يسارعوا للتحقق بأسباب تلك المغفرة وشروطها، ليُحصلوا تلك المغفرة التي وعدهم الله بها وعدًا أكيدًا، ولينتظروا كذلك فضل الله تعالى وإحسانه وكرمه، والآية قدمت لفظ الجلالة *( وَٱللَّهُ يَعِدُكُم )* لتبيين قدر هذه المغفرة وتعظيمها وبيان شدة خطورتها، ثم نحن نعرض عن هذا الوعد المتحقق لا محالة ونقصر في التحقق بأسباب هذه المغفرة !
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
