مفردات لغوية

مفردات لغوية

كلمة الشاهد مشهورة في علم النحو، ويعنون بذلك الدليل والبرهان، فاذا قلت ان الخبر قد يسبق المبتدأ، قالوا لك ما الشاهد في القرآن الكريم او الشعر العربي قلت، قال سبحانه: «وكان حقا علينا نصر المؤمنين»، فقد جاءت كلمة (حقاً) خبرا، وسبقت المبتدأ او ما يسمونه اسم كان وهو (نصر المؤمنين)، هذا هو الشاهد، وقد عمد النحويون واللغويون الى الاستشهاد بالشعر عندما يلاقون كلمة غريبة لا يعرفون معناها، او نقطة نحوية تخالف ما اعتادوا عليه من القواعد النحوية، ولكن انكر ذلك عليهم جماعة من المتعاملين باللغة والنحو وقالوا: كيف تفعلون ذلك لقد جعلتم الشعر اصلا للقرآن، وكيف تأتون بالشواهد الشعرية على القرآن وهو – أي الشعر – مذموم في القرآن والحديث، فرد عليهم النحويون واللغويون ان الامر ليس كما زعمتم، لقد اردنا تبيين النقطة النحوية الغريبة او اللفظ الغريب بالشعر، لان الشعر ديوان العرب، ولان الآية الكريمة تقول «انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون»، فاذا خفي علينا الحرف من القرآن الذي انزله الله تعالى بلغة العرب رجعنا الى ديوان العرب نلتمس منه معرفة استعمال مثل هذه النقاط في اللغة او في النحو، وقد كان لابن عباس باع طويل في هذا الاستشهاد واكثر ما ورد عن ابن عباس كان في مسائله مع نافع بن الازرق، وهي ملحمة لقاء شعرية لغوية قل ان تجد لها نظيرا في فوائدها.
سأل نافع وصاحبه ابن عباس فقالا: اخبرنا عن قوله تعالى: «شرعةً ومنهاجاً، قال ابن عباس: الشرعة هي الدين، واما المنهاج فهو الطريق، فقالا له: هل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال ابن عباس (رضي الله عنه): نعم، وهذا ابو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب يقول:
«لقد نطق المأمون بالصدق والهدى: وبيّن للاسلام ديناً ومنهجاً وسألاه عن ظاهرة التسول والصدقة، قالا: اخبرنا عن قوله تعالى: القانع والمعتر، قال ابن عباس: القانع هو الذي يقنع بما أُعطي، ولكن المعتر هو الذي يعترض الأبواب، قالا وهل اخذت هذا عن العرب؟ قال: نعم، اما سمعتما قول الشاعر:
على مكثريهم حق معتر بابهم وعند المقلين السماحة والبذل
وسألاه عن الشواظ فقال: «اللهب»، وعن الساق فقال اللاهي بالباطل، وعن جفان كالجواب، فقال: الحياض الواسعة، و... , و... ، قال ابو عمرو بن العلاء وقد ذهب من يتقن هذا، وما علينا إلا أن ندرس لنعرف اللسان العربي المبين.

منقول