منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
رباعيات في حبك
عبق ذكراك بقلمي مونتاجي والقائي الصوتي
عبارات عن القرآن في رمضان
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:20 am
الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:01 am
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نوره الدوسري
نائبة المدير العام سابقا
اديبة وقاصة سعودية - مهرة اشتياق

نوره الدوسري

انثى
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
عدد المشاركات : 8809
نقاط التقييم : 15343
علم بلدك : Saudi السعودية

العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Empty
مُساهمةموضوع: العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي    العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Emptyالأربعاء سبتمبر 11, 2013 11:19 pm





العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم!
أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي




ــ1ــ سترى الناس في مواقفهم من العامِّيَّة اليوم مختلفين، وَفق هذا التقسيم التقريبي:

1- فريق هو جزء من الأدب العامِّي؛ فهو لا يملك إلّا حُبَّه وحُبّ من يُحبّه، والتعاطف مع نفسه فيه، والتعصّب لها وله، والدفاع عنهما؛ غير قادر أصلًا على التجرّد الذهني في الرأي والحُكم. وللحُكم ومَلَكَته العقليَّة والذوقيَّة أصوله ومنطلقاته، التي أبان عنها قديمًا (إيمّانويل كَنْت Immanuel Kant‏) في كتابه المعروف «نقد مَلَكة الحُكم».

2- فريق خائف، يخشى معرَّة إعلان رأيه، وإنْ لم يكن لا من الفريق الأوَّل، ولا ممَّن يجهل خطورة العاميّة، ولاسيما شِعرها، لغويًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وقيميًّا، وحتى اقتصاديًّا. فهذا الفريق يُؤْثِر الصمت المُطبِق، والسلامة الهانئة، والتخلِّي عن مسؤوليَّة الكلمة. ومِن هؤلاء أساتذة جامعات في الأدب، والنحو والصرف، والبلاغة، والشريعة.


3- فريق عامٌّ عائم، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؛ لا يدري أين تتَّجه البوصلة. وَجَدَ نفسه هكذا أمام شاشات، ومجلّات، ومواقع، وأسماء، وألوان، وطيور، وخيول، وإبل، كُلّها تدور في زوبعةٍ نبطيَّةٍ هائلةٍ، باسم الأصالة، والتراث، ومجد الآباء والأجداد. فهو، لأجل ذلكم، مع الخيل يجري، ولو إلى حيث ألقت! تأُزُّه عاطفةُ انتماء إلى ذلك الأدب وأهله من جهة، وعاصفةُ إعلامٍ يَخلب الألباب من جهة. ضحيَّةٌ، مغلوب على أمره في كلّ حال. وهؤلاء هم السواد الأعظم، من الأنقياء، والبُرءاء من الأغراض. وعليهم المعوَّل في إعادة الفهم، رغم تواضع شأنهم؛ لأنهم غير مؤدلجين، وإنْ جَرَفَهم التعصُّب لأسباب قَبَليَّة أو ثقافيَّة.


4- فريق ليس بجزء من هذا الأدب العامِّي؛ لأنه لا يمتلك موهبة، وإن روَى الشِّعر وحاكاه في بعض منظوماته، ولا أدوات نقديَّة تُذكر له. وهو كذلك غير محفوزٍ بخوفٍ أو مجاملة بالضرورة، وإنْ كانت المجاملة في هذا الميدان بالغة الإغراء؛ لأنها تُكسب صاحبها دفء الأمان والحُبّ، وربما الجاه. كما أن هذا الفريق غير جاهلٍ بشأن الأدب من اللغة، وشأن اللهجات من اللغات الوطنيَّة، كما لا يجهل ما يحمله الشِّعر العامّي بخاصَّة من إرثِ تخلُّفٍ قيمي وحضاري. لكن هذا الفريق إمّا تَوَرَّطَ تخصُّصًا في هذا المجال- فهو نظير الفريق الأوَّل من حيث لا يملك إلّا التعاطف مع نفسه، والدفاع عن مجال عمله؛ غير قادر على التجرُّد في الرأي أو الحكم، وإلّا أبار بضاعته وأكسد سوقه- وإمَّا تراه يُقدِّم آمالًا تنظيريَّة وأيديولوجيَّة، ويؤخِّر أخرى من حقائق ووقائع. ومن ثمَّة فهو مستعدٌّ أن يضحِّي بعقله المعرفي، وضميره اللغوي، في سبيل «رغائبه» الفكريّة، حسب رؤيةٍ تخصُّه، في المجتمع والثقافة والأنثروبولوجيا، وحتى في الدِّين. فإنْ نال مبتغاه كان بها، أو بات كالمهزوم يعمل بسياسة الأرض المحروقة، ولتذهب كل المبدئيَّات إلى الجحيم في سبيل طموحاته الفكريَّة والأيديولوجيّة. قد يصدق عليه قول القائل:


فليس بذي دُنيا ولا ذي دِيانةٍ ** ولا ذي حِجًى في عِلْمهِ وسَدادِ!


ومثل هذا غير حفيٍّ بأشياء من قبيل: اللغة/ الهويَّة/ الدِّين/ الاستقلال/ الحضارة/ الوحدة الوطنيَّة/ الانتماء إلى التاريخ والجغرافيا. بل قد يرى جُلّ تلك المفردات، أو كلّها، أحجار عثرةٍ في طريق مشروعه. من حيث إن الدعوات- الصريحة أو المبطَّنة- إلى العاميَّة في العالم العربي ترى- وإن غَمغمت- في تلك المفردات معيقاتٍ لها؛ بل هي بالأحرى تستهدف بمشروعها تحطيم تلك المفردات وما تعنيه؛ لأنه لا قيام لمشروعها بقيام تلك المفردات. فلا قيام مثلًا للدعوة للعاميَّة مع الاعتزاز باللغة العربيَّة الفصحى، أو بالهويَّة العربيَّة الأُمّ الأصيلة، وبالحفاظ على الدِّين الإسلامي، بلسانه العربيّ المُبين، الذي أصبح لسان الاستقلال والحضارة والوحدة الأُمميَّة للمسلمين. لا يستقيم هذا وذاك في (رأس واحد سليم)؛ كما لا يجتمع سيفان في غِمدٍ واحد!


ــ 2 ــ


ولو أن اللغة العربيّة نجت من تلك الأهواء والنوايا، التي تعصف بها في الدروب ومنحنيات التاريخ، لَتَـبَيَّنَ الصادقون أن التقريب بين الفصحى والعامِّـيَّة ممكن، وأن رأب الصدع بينهما يسير. ذلك أن معظم العامِّي فصيح الأصل، عريق الانتماء في كلام العرب. وهو كذلك لا على مستوى المفردات فحسب، ولكن على مستوى المركَّبات أيضًا، من سُنن تعبيرٍ، وطرائق مجازٍ، وأمثال، ونحوها. وسأضرب مثلًا بسيطًا هاهنا، يشير إلى أيّ مدى ما زال ما قالته العرب ساريًا معظمه على ألسنة العوامِّ، وإن مسَّه التغيير:


كنّا نقرأ منذ أيّام الطَّلَب في الثانويات العامَّة بالمعاهد العلميَّة أن من المجاز المركَّب التمثيلي قول العرب: «فلانٌ يقرِّد فلانًا»، وكنا لا نستوعب المعنى الاستيعاب كلّه، وكانوا يقولون لنا إن معنى تلك العبارة: يتلطَّف له، كمن يزيل القُراد عن جسم البعير ليسكُن إليه. وكنتُ، وأنا في تلك المرحلة، أسمع في تعبير العوامِّ في (شمال السعوديّة)- حيث درستُ، وربما كان هذا في لهجات مناطق أخرى- قول الناس: «فلان يقردنه». وهم يقصدون التعبير نفسه، أي: «يُقَرِّده»، بمعنى: يتلطَّف إليه. في تعبيرٍ على سبيل الاستعارة التمثيليَّة. وكُلّ مَثَـلٍ سائرٍ: استعارةٌ تمثيليَّة. غير أن العوامّ لا يعرفون أصل هذا المعنى، وإنما صار التعبير على ألسنتهم مفهومًا دون إدراك اشتقاقه وتاريخه. وفي الوقت نفسه لا يعرف المتعلِّم الصِّلَة بين التعبيرين العامِّي والفصيح، وإلّا لصارت مسائل البلاغة العربيَّة من بنات لهجته اليوميَّة، ولما تاه في تلك المعمَّيات التي صنعها السكّاكي، ومن سلك دربه من البلاغيِّين القدماء. وأمثال هذا بلا حصر. وهي تدلّ على ما نقوله من أن الهوَّة بين الفُصحى والعامِّيَّة مصطنعة في كثير من جوانبها، تزداد بتعصُّب أرباب الفُصحى وتقاعس أرباب العامِّيَّة وجهلهم.


ــ 3 ــ


إننا لا نجد أي وثائق تدلّ على وجود عامِّيَّة عربيَّة قديمة، بعيدة عن الفصحى هذا البعد الذي نعرفه اليوم بين اللهجات والفصحى، ولا نعرف كذلك مثل هذا الشتات والتمزُّق المفرط بين لغةٍ حيَّة وعامّياتها، سوى العربيَّة الفصحى وعامّيّاتها. أمّا إعادة اللُّحمة بين هذين المستويين في السياق الأدبي وغير الأدبي فمردُّه إلى مهارة الشاعر أو الأديب أو مستعمل اللغة بصفةٍ عامَّة. وذلك بأن تكون له فيه «إصبع»، أي أن يكون له فيه: حِذق ومهارة.(1)


على أن الهُوَّة بين الفصحى والعاميَّات بالغةُ التأثير، لا في اللسان العربي فحسب ولكن في العقل العربي والفكر العربي والإبداع العربي أيضًا. ذلك لأن الذهن يحتاج لدينا دائمًا إلى إجراء عمليِّتين لدى استعمال اللغة، الأولى معالجة بنية المعنى- معبَّرًا عنها بلغته الطبيعيَّة (العامِّيَّة)- ومن ثَمَّ الانتقال إلى المعالجة الأخرى، لنقل تلك البنية السابقة إلى البنية الفصيحة، في عمليَّة ترجمةٍ تلقائيَّةٍ، مراوحةً بين مستويين لغويَّين. وهو ازدواج يُرهِق الذهن، ويُربك الفهم والإفهام، ويُحدث درجاتٍ متفاوتة من اللَّبس في عمليَّتَي الإرسال والتلقّي. ولهذا تَحدث معاناة العربيّ المريرة في القراءة، في نوعٍ ممَّا يسمَّى بإعاقة القراءة Alexia. والناشئ العربي لا يقرأ لا لأنه أقلّ من الأوربي حُبًّا للاطِّلاع بالضرورة، ولكن لأنه معاق، يعاني من تلك الازدواجيَّة الذهنيَّة بين لغتين من أصلٍ واحد. ثم هو، إنْ قرأ، لا يستوعب كثيرًا ما يقرأ. فتَصْرِفه المشقَّة القرائيَّة- مع الشعور بالخيبة الذهنيَّة والنفسيَّة من تحصيل المعلومة والمتعة ممّا قرأ- عن حُبّ القراءة عمومًا. مصداق ذلك أنك تراه، إذا تعلَّم لغةً أخرى وأحسنها، صار شغوفًا بالقراءة، وازداد تمثُّلًا لكثيرٍ ممّا كان يقرأه بلغته ولا يكاد يفقهه، فإذا هو يقرأه بلغةٍ أخرى ويفهمه على نحوٍ أفضل ممّا كان يفهمه بلغته، وإن اتَّصل بصميم ثقافته نفسها، وكان يُفترض أن يفهمه بلغته لا بغيرها.


إن مشكلة المشكلات، إذن، في دنيا العرب التعليميَّة، وفي ثقافتهم كذلك وفي سلوكهم، كامنة في اللغة أساسًا، قبل أيّ عاملٍ آخر وبعده. فأَنَّى يُؤفَكون؟!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي    العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Emptyالثلاثاء يناير 14, 2014 12:07 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي    العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Emptyالأربعاء يناير 22, 2014 6:53 pm



أديبتنا القاصة القديرة
من بحور أدبياتك النيرة
كان لنا وقفة ميسرة
لموضوع فيه الرقي
ينضح بعد كل عبارة
أشكرك على روعة ما قدمتي
وعلى إثراءكِ لمكتبة فاخرة
وأشكرك على هذه الدراسات القيمة
وعلى إنتقاءاتكِ الأديبة المهمة 
التي تجلت هنا بأجمل المعاني 
وبدراسة مفصلة باللغة والمباني
أديبتنا نورة الدوسري
لكِ ولروحكِ الأحداق شاكرة
مع أصدق تحياتي ومحبة وافرة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي    العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Emptyالسبت أغسطس 16, 2014 5:05 pm

نوره الدوسري كتب:




العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم!
أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  




ــ1ــ سترى الناس في مواقفهم من العامِّيَّة اليوم مختلفين، وَفق هذا التقسيم التقريبي:

1- فريق هو جزء من الأدب العامِّي؛ فهو لا يملك إلّا حُبَّه وحُبّ من يُحبّه، والتعاطف مع نفسه فيه، والتعصّب لها وله، والدفاع عنهما؛ غير قادر أصلًا على التجرّد الذهني في الرأي والحُكم.  وللحُكم ومَلَكَته العقليَّة والذوقيَّة أصوله ومنطلقاته، التي أبان عنها قديمًا (إيمّانويل كَنْت Immanuel Kant‏) في كتابه المعروف «نقد مَلَكة الحُكم».

2- فريق خائف، يخشى معرَّة إعلان رأيه، وإنْ لم يكن لا من الفريق الأوَّل، ولا ممَّن يجهل خطورة العاميّة، ولاسيما شِعرها، لغويًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا وقيميًّا، وحتى اقتصاديًّا.  فهذا الفريق يُؤْثِر الصمت المُطبِق، والسلامة الهانئة، والتخلِّي عن مسؤوليَّة الكلمة.  ومِن هؤلاء أساتذة جامعات في الأدب، والنحو والصرف، والبلاغة، والشريعة.


3- فريق عامٌّ عائم، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؛ لا يدري أين تتَّجه البوصلة.  وَجَدَ نفسه هكذا أمام شاشات، ومجلّات، ومواقع، وأسماء، وألوان، وطيور، وخيول، وإبل، كُلّها تدور في زوبعةٍ نبطيَّةٍ هائلةٍ، باسم الأصالة، والتراث، ومجد الآباء والأجداد.  فهو، لأجل ذلكم، مع الخيل يجري، ولو إلى حيث ألقت!  تأُزُّه عاطفةُ انتماء إلى ذلك الأدب وأهله من جهة، وعاصفةُ إعلامٍ يَخلب الألباب من جهة.  ضحيَّةٌ، مغلوب على أمره في كلّ حال. وهؤلاء هم السواد الأعظم، من الأنقياء، والبُرءاء من الأغراض. وعليهم المعوَّل في إعادة الفهم، رغم تواضع شأنهم؛ لأنهم غير مؤدلجين، وإنْ جَرَفَهم التعصُّب لأسباب قَبَليَّة أو ثقافيَّة.


4- فريق ليس بجزء من هذا الأدب العامِّي؛ لأنه لا يمتلك موهبة، وإن روَى الشِّعر وحاكاه في بعض منظوماته، ولا أدوات نقديَّة تُذكر له.  وهو كذلك غير محفوزٍ بخوفٍ أو مجاملة بالضرورة، وإنْ كانت المجاملة في هذا الميدان بالغة الإغراء؛ لأنها تُكسب صاحبها دفء الأمان والحُبّ، وربما الجاه.  كما أن هذا الفريق غير جاهلٍ بشأن الأدب من اللغة، وشأن اللهجات من اللغات الوطنيَّة، كما لا يجهل ما يحمله الشِّعر العامّي بخاصَّة من إرثِ تخلُّفٍ قيمي وحضاري.  لكن هذا الفريق إمّا تَوَرَّطَ تخصُّصًا في هذا المجال- فهو نظير الفريق الأوَّل من حيث لا يملك إلّا التعاطف مع نفسه، والدفاع عن مجال عمله؛ غير قادر على التجرُّد في الرأي أو الحكم، وإلّا أبار بضاعته وأكسد سوقه- وإمَّا تراه يُقدِّم آمالًا تنظيريَّة وأيديولوجيَّة، ويؤخِّر أخرى من حقائق ووقائع.  ومن ثمَّة فهو مستعدٌّ أن يضحِّي بعقله المعرفي، وضميره اللغوي، في سبيل «رغائبه» الفكريّة، حسب رؤيةٍ تخصُّه، في المجتمع والثقافة والأنثروبولوجيا، وحتى في الدِّين.  فإنْ نال مبتغاه كان بها، أو بات كالمهزوم يعمل بسياسة الأرض المحروقة، ولتذهب كل المبدئيَّات إلى الجحيم في سبيل طموحاته الفكريَّة والأيديولوجيّة.  قد يصدق عليه قول القائل:


فليس بذي دُنيا ولا ذي دِيانةٍ  **  ولا ذي حِجًى في عِلْمهِ وسَدادِ!


ومثل هذا غير حفيٍّ بأشياء من قبيل: اللغة/ الهويَّة/ الدِّين/ الاستقلال/ الحضارة/ الوحدة الوطنيَّة/ الانتماء إلى التاريخ والجغرافيا.  بل قد يرى جُلّ تلك المفردات، أو كلّها، أحجار عثرةٍ في طريق مشروعه.  من حيث إن الدعوات- الصريحة أو المبطَّنة- إلى العاميَّة في العالم العربي ترى- وإن غَمغمت- في تلك المفردات معيقاتٍ لها؛ بل هي بالأحرى تستهدف بمشروعها تحطيم تلك المفردات وما تعنيه؛ لأنه لا قيام لمشروعها بقيام تلك المفردات.  فلا قيام مثلًا للدعوة للعاميَّة مع الاعتزاز باللغة العربيَّة الفصحى، أو بالهويَّة العربيَّة الأُمّ الأصيلة، وبالحفاظ على الدِّين الإسلامي، بلسانه العربيّ المُبين، الذي أصبح لسان الاستقلال والحضارة والوحدة الأُمميَّة للمسلمين.  لا يستقيم هذا وذاك في (رأس واحد سليم)؛ كما لا يجتمع سيفان في غِمدٍ واحد!


ــ 2 ــ


ولو أن اللغة العربيّة نجت من تلك الأهواء والنوايا، التي تعصف بها في الدروب ومنحنيات التاريخ، لَتَـبَيَّنَ الصادقون أن التقريب بين الفصحى والعامِّـيَّة ممكن، وأن رأب الصدع بينهما يسير.  ذلك أن معظم العامِّي فصيح الأصل، عريق الانتماء في كلام العرب.  وهو كذلك لا على مستوى المفردات فحسب، ولكن على مستوى المركَّبات أيضًا، من سُنن تعبيرٍ، وطرائق مجازٍ، وأمثال، ونحوها.  وسأضرب مثلًا بسيطًا هاهنا، يشير إلى أيّ مدى ما زال ما قالته العرب ساريًا معظمه على ألسنة العوامِّ، وإن مسَّه التغيير:


كنّا نقرأ منذ أيّام الطَّلَب في الثانويات العامَّة بالمعاهد العلميَّة أن من المجاز المركَّب التمثيلي قول العرب: «فلانٌ يقرِّد فلانًا»، وكنا لا نستوعب المعنى الاستيعاب كلّه، وكانوا يقولون لنا إن معنى تلك العبارة: يتلطَّف له، كمن يزيل القُراد عن جسم البعير ليسكُن إليه.  وكنتُ، وأنا في تلك المرحلة، أسمع في تعبير العوامِّ في (شمال السعوديّة)- حيث درستُ، وربما كان هذا في لهجات مناطق أخرى- قول الناس: «فلان يقردنه».  وهم يقصدون التعبير نفسه، أي:  «يُقَرِّده»، بمعنى: يتلطَّف إليه.  في تعبيرٍ على سبيل الاستعارة التمثيليَّة.  وكُلّ مَثَـلٍ سائرٍ: استعارةٌ تمثيليَّة.  غير أن العوامّ لا يعرفون أصل هذا المعنى، وإنما صار التعبير على ألسنتهم مفهومًا دون إدراك اشتقاقه وتاريخه.  وفي الوقت نفسه لا يعرف المتعلِّم الصِّلَة بين التعبيرين العامِّي والفصيح، وإلّا لصارت مسائل البلاغة العربيَّة من بنات لهجته اليوميَّة، ولما تاه في تلك المعمَّيات التي صنعها السكّاكي، ومن سلك دربه من البلاغيِّين القدماء.  وأمثال هذا بلا حصر.  وهي تدلّ على ما نقوله من أن الهوَّة بين الفُصحى والعامِّيَّة مصطنعة في كثير من جوانبها، تزداد بتعصُّب أرباب الفُصحى وتقاعس أرباب العامِّيَّة وجهلهم.


ــ 3 ــ


إننا لا نجد أي وثائق تدلّ على وجود عامِّيَّة عربيَّة قديمة، بعيدة عن الفصحى هذا البعد الذي نعرفه اليوم بين اللهجات والفصحى، ولا نعرف كذلك مثل هذا الشتات والتمزُّق المفرط بين لغةٍ حيَّة وعامّياتها، سوى العربيَّة الفصحى وعامّيّاتها.  أمّا إعادة اللُّحمة بين هذين المستويين في السياق الأدبي وغير الأدبي فمردُّه إلى مهارة الشاعر أو الأديب أو مستعمل اللغة بصفةٍ عامَّة.  وذلك بأن تكون له فيه «إصبع»، أي أن يكون له فيه: حِذق ومهارة.(1)


على أن الهُوَّة  بين الفصحى والعاميَّات بالغةُ التأثير، لا في اللسان العربي فحسب ولكن في العقل العربي والفكر العربي والإبداع العربي أيضًا.  ذلك لأن الذهن يحتاج لدينا دائمًا إلى إجراء عمليِّتين لدى استعمال اللغة، الأولى معالجة بنية المعنى- معبَّرًا عنها بلغته الطبيعيَّة (العامِّيَّة)- ومن ثَمَّ الانتقال إلى المعالجة الأخرى، لنقل تلك البنية السابقة إلى البنية الفصيحة، في عمليَّة ترجمةٍ تلقائيَّةٍ، مراوحةً بين مستويين لغويَّين.  وهو ازدواج يُرهِق الذهن، ويُربك الفهم والإفهام، ويُحدث درجاتٍ متفاوتة من اللَّبس في عمليَّتَي الإرسال والتلقّي.  ولهذا تَحدث معاناة العربيّ المريرة في القراءة، في نوعٍ ممَّا يسمَّى بإعاقة القراءة Alexia.  والناشئ العربي لا يقرأ لا لأنه أقلّ من الأوربي حُبًّا للاطِّلاع بالضرورة، ولكن لأنه معاق، يعاني من تلك الازدواجيَّة الذهنيَّة بين لغتين من أصلٍ واحد.  ثم هو، إنْ قرأ، لا يستوعب كثيرًا ما يقرأ.  فتَصْرِفه المشقَّة القرائيَّة- مع الشعور بالخيبة الذهنيَّة والنفسيَّة من تحصيل المعلومة والمتعة ممّا قرأ- عن حُبّ القراءة عمومًا. مصداق ذلك أنك تراه، إذا تعلَّم لغةً أخرى وأحسنها، صار شغوفًا بالقراءة، وازداد تمثُّلًا لكثيرٍ ممّا كان يقرأه بلغته ولا يكاد يفقهه، فإذا هو يقرأه بلغةٍ أخرى ويفهمه على نحوٍ أفضل ممّا كان يفهمه بلغته، وإن اتَّصل بصميم ثقافته نفسها، وكان يُفترض أن يفهمه بلغته لا بغيرها.


إن مشكلة المشكلات، إذن، في دنيا العرب التعليميَّة، وفي ثقافتهم كذلك وفي سلوكهم، كامنة في اللغة أساسًا، قبل أيّ عاملٍ آخر وبعده.  فأَنَّى يُؤفَكون؟!
 
الأستاذة الرائعة نوره الدوسري
بارك الله فيك و أسعدك حبيبتي
الجدال مستمر و الصراع أيضا
بين الفصحى و العامية
و لن يحسم ذلك الجدال أبدا
تحياتي و مودتي
 Shocked 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الكلمة وأثرها
» المشكلات الزوجيَّة وأثرها على الأبناء
» سورة الإنشراح وأثرها العجيب على الإنسان
» سورة الإنشراح وأثرها العجيب على الإنسان
» عبدالله بن مسعود

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق التاريخ والتراث وسيرة حياة المشاهير-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
باسند - 51660
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_rcap1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Voting_bar1العامِّيَّات وأثرها في إعاقة التعلُّم! ,,,,أ.د/عبدالله بن أحمد الفَـيْـفي  Vote_lcap1