«اجتنبوا السبع الموبقات»

الأستاذ الفاضل الأديب مروان
أسأل الله الحنان المنان
أن يحبب خير خلقه فيك
ومن حوض نبيه يسقيك
وفي جنته يأويك
وبرحمته يحتويك
وبفضله يغنيك
ولطاعته يهديك
بوركت يمينك وبارك فيك
وأسعدكِ
في دنياك
والخير والحسنات أثابك
وييمن بإذنه تعالى كتابك

الاستاذ القدير مروان اعزكم الله وحفظكم طرح ومجهود رائع بوكت
فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: "يا رسول الله وما هن ؟" قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف الحسصنات والتولي يوم الزحف) (1) .
هذا حديث عظيم اشتمل على التحذير من عدة أمور من كبائر الذنوب.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا" أبلغ من قوله اتركوا، لأن الاجتناب أعظم، فمعناه كن في جانب وهذه الخصال في جانب آخر، فهو أبلغ مما لو قال: "اترك السبع الموبقات".
وقد أجملها صلى الله عليه وسلم أولا بقوله: "اجتنبوا السبع الموبقات"، قبل تفصيلها، حتى يتشوق السامعون لسماعها، ولذلك قالوا: "يا رسول الله وما هن ؟" فذكرهن.
وإنما خصهن بسبع لأنهن أشد الكبائر، وأعظم المهلكات، وهذا فيه دليل على أن الكبائر تتفاوت فيما بينها وتختلف من كبيرة إلى أخرى، فهذه أكبر الكبائر، وهناك كبائر غيرهن، والكبيرة هي ما ترتب عليها حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو طرد من رحمة الله أو نفي إيمان، وقال طاووس: "قيل لابن عباس: "الكبائر سبع ؟" قال: "هن إلى السبعين أقرب منهن إلى السبع".
وقوله: "الموبقات" جمع موبقة والمراد بها المهلكة، وسميت بذلك لأنها سبب هلاك صاحبها، فهذه الموبقات المذكورة تهلك صاحبها إلا أن يشاء الله تعالى.
والنوع الأول من هذه الموبقات هو الشرك بالله، وذلك لأنه أكبر المعاصي والذنوب، وأعظم ما عصي الله به سبحانه وتعالى، فهو اعتداء على حق الخالق جل وعلا.
والشرك حقيقته تسوية المخلوق بالخالق سبحانه وتعالى في شيء من خصائص الخالق من الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات.
وكلمة "الشرك" في الحديث كلمة عامة لأن أل استغراقية، فيدخل فيها جميع صور الشرك في الأقوال والأفعال والمقاصد.
ثم ذكر "السحر"، فالسحر هو النوع الثاني من أنواع المهلكات، والسحر أقوال وأعمال يقوم بها الساحر يبدؤها بالتقرب للشياطين حتى تقوم بخدمته وطاعته، فهو يعبدهم من دون الله وهم يخدمونه مقابل ذلك، وهذا هو المراد بقوله تعالى: (وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا).
والسحر هو نوع من الشرك وصورة من صوره الكثيرة، وهذا من باب عطف الخاص على العام للتنبيه على خطره وضرره، لأن الساحر يتعدى بالسحر على حق الله وحق المخلوقين.
ويدخل السحر في الشرك من جهتين إحداهما عبادة الشياطين، والثانية دعوى علم الغيب.
والساحر خاسر في الدنيا والآخرة، فإن الله تعالى يقول: (ولا يفلح الساحر حيث أتى) ويقول: (ولا يفلح الساحرون). ويقول: (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) أي: ما له في الآخرة من نصيب، وهذا النوع من الوعيد لا يقال إلا في حق الكافر.
وسبب خسارته في الدنيا والآخرة أنه يقع في أنواع من الشرك المتكرر الذي يتقرب به لغير الله تعالى.
والنوع الثالث من المهلكات هو "قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق" والنفوس التي حرمها الله تعالى أربعة نفوس:
النفس الأولى: نفس المسلم، وحرمتها جاءت من دينها الذي هو الإسلام، فدينها هو الذي عصمها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها). متفق عليه.
النفس الثانية: نفس الذمي، وهو الكتابي – يهودي أو نصراني – إذا دفع الجزية لدولة المسلمين، وهو كافر لكنه معصوم الدم والمال لأنه يدفع الجزية.
النفس الثالثة: نفس المعاهد، وهو الكافر – يهودي أو نصراني أو غيرهما – إذا كان بينه وبين المسلمين عهد واتفاق وصلح، وهو كافر لكنه معصوم الدم بسبب هذا العهد.
النفس الرابعة: نفس المستأمن، وهو الكافر – يهودي أو نصراني أو غيرهما – إذا دخل بلاد كان المسلمين بأمان من الحاكم أو غيره، من جهة عامة أو خاصة، وهذا الرجل كافر لكنه معصوم الدم بسبب هذا الأمان.
وكل هذه النفوس – التي تقدم ذكرها - معصومة في شريعة الإسلام، وأعظمها عصمة هي نفس المسلم لأن الذي عصمها هو دينها وليس عهدها ولا ذمتها ولا أمانها ولا غير ذلك، ولكن مع هذا فإن قتل نفس من هذه النفوس داخل في الحديث النبوي الكريم لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (وقتل النفس التي حرم الله). ولم يقل: (وقتل النفس المؤمنة). لأن سياق النصوص في تحريم القتل على طريقتين:
الأولى: تحريم قتل المؤمن كقوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا ...). والثانية: تحريم قتل النفس التي حرم الله كما في قوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق). ومن هذا الباب ما جاء في الحديث.
والنوع الرابع من المهلكات هو "أكل الربا"، وأكل الربا حرمه الله في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن فيه دمار المجتمعات وخرابها.
يقول تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا). وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين0 فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون).
وجاء في الحديث: (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه). رواه مسلم عن ابن مسعود ورواه مسلم كذلك عن جابر، والأحاديث في ذلك كثيرة ومتنوعة، ومنها حديث أبي هريرة الذي نحن بصدد شرحه.
وجاء في مسند الإمام أحمد عن أحمد بن عبد الله بن حنظلة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ثلاثين زنية). وجاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الربا سبعون بابا، أدناها كالذي يقع على أمه). رواه البيهقي. وأسانيدها ثابتة - إن شاء الله تعالى -.
ألا وإن بعض الناس يتعامل مع البنوك بمعاملات ربوية، فإن هذا من أنواع الربا، فليكن المسلم على حذر من غضب الله وعقوبته.
والنوع الخامس من المهلكات هو "أكل مال اليتيم"، واليتيم هو من مات أبوه وهو صغير، واليتم مدة مؤقتة، فاليتيم يتيم ما لم يبلغ الحلم، فإذا بلغ الحلم زال يتمه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يتم بعد احتلام)(2) .
وأكل مال اليتيم حرام حرمه الله في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) ويقول تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن). وأما الأحاديث في ذلك فهي كثيرة ومتنوعة، ومنها حديث أبي هريرة الذي نحن بصدد شرحه.
والله حرم أكل أموال الناس بالباطل عموما، ولاسيما مال اليتيم لأن اليتيم ضعيف، وهذا يدل على أن أكل أموال الضعفاء أعظم إثما عند الله من أموال غيرهم وكلها حرام.
ألا واعلموا أن من أكل أموال اليتامى حرمان الإناث من الإرث إن كن صغيرات، بحجة أن المرأة لا ترث، وهي من العادات الظالمة التي توجد – إلى يومنا هذا - في بعض أرياف المسلمين، كيف لا ترث المرأة والله يقول: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا).
والنوع السادس من المهلكات هو التولي يوم الزحف، والمقصود به الفرار من موضع قتال المسلمين مع الكافرين، لأن من دخل هذه المعركة وجب عليه - عينيا - أن يتمها ويكملها، ولذلك فالأصل في الجهاد في سبيل الله تعالى أنه واجب كفائي ولا يجب وجوبا عينيا على جميع المؤمنين لقوله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة). إلا في حالات فيجب وجوبا عينيا، وأشهرها أربع حالات وهي:
أولا: أن يداهم العدو البلد، وهذا ما يسمى بجهاد الدفع، فيجب على أهل هذا البلد أن يجاهدوه بكل شيء حتى يردوه عن بلادهم.
والثانية: إذا استنفر الإمام الرعية وجب عليهم أن ينفروا لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا استنفرتم فانفروا). رواه البخاري عن عائشة.
والثالثة: أن يحضر المسلم القتال، فإذا دخلها فلا يحل له أن يخرج منها حتى تنتهي وإن كان القتال مندوبا في حقه.
والرابعة: إذا كان المسلم يتقن عملا من أعمال القتال أو مهنة يحتاجها الناس في القتال فيجب عليه عينيا أن يشارك لحاجة المسلمين إليه.
وشاهدنا الحالة الثالثة، وهي حالة أن يكون المسلم في وسط المعركة، فلا يحل له أن يخرج منها حتى تنتهي وإن كان القتال مندوبا في حقه، وإن ترك المعركة كان فارا من الزحف، وهذه كبيرة من الكبائر بدليل الحديث الذي ذكرناه، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون).

وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار0ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله) (3).
والنوع السابع من المهلكات "قذف الح صنات"، والمحصنات جمع محصنة وهي المرأة المسلمة العفيفة، وقذفها معناه تهمته بالزنا ولا فرق بين أن تكون جادا أو لاعبا ومازحا.
وهناك كثير من الألفاظ تجري على لسان بعض الناس تشتمل على قذف للأمهات أو الأخوات، وربما كثير من الناس لا يدري بذلك.
هذا الحديث دليل على أن الشريعة تحمي الدين والنفوس والأعراض والأموال والعقول.

نسأل الله أن يرزقنا العلم النافع ويوفقنا إلى العمل الصالح، وأن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا، ويزيدنا علما
الاستاذ القدير مروان بارك الله فيكـ ونفع بكـ واسفة على الاطالة
واسأل الله العظيم
أن يرزقك لفردوس الأعلى من الجنآن
وأن يثيبك البارئ على ما طرحت خير الثواب طرح قيم احسنت اختياره
جعله الله في ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بخيرمن رب العالمين
جل تقديري لجهوكم الكبيرة وفقك الله
د/ن

اللهم إني أسألك إيمانا دائما، وأسألك قلبا خاشعا،
وأسألك علما نافعا، وأسألك يقينا صادقا،
وأسألك دينا قيما، وأسألك العافية من كل بلية،
وأسألك تمام العافية،
وأسألك دوام العافية،
وأسألك الشكر على العافية،
وأسألك الغنى عن الناس
أ

اللهم امين اللهم امين

شكرا لك اخي مروان موضع غايه في الاهميه و جزيل امتناني ايضا للغاليه ماسة اشتياق على توضيحها الرائع

ربي يوفق الجميع و يجنبنا الكبائر

و يجعلنا من اهل خاصته و نلتقي مع رسول الله عليه افضل الصلوات و السلام على الحوض يارب العالمين

ادامك الله و بارك فيك

تحياتي

بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز

لك مني أجمل التحيات

دمت لنا ودام قلمك

سلمت على روعه طرحك