((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا. قَيِّماً))

بسم الله الرّحمن الرّحيم
((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا. قَيِّماً))، والصّلاة والسّلام على صاحب لواء الحمد، رافع راية الحق والنور، الذي كان خُلُقه القرآن، وعلى آله ـ أهل ودِّه السادة الكرام، وأصحابه النجوم الهادين المهتدين؛ الذين نشر الله بهم دين الإسلام، وتابعيهم بإحسان ـ أولئك السادة القادة الكرام ـ رضوان الله تعالى عليهم جميعاً إلى يوم التناد.
أمّا بعدُ: فقال تعالى: ((وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً))، أي: وأنزلنا هذا القرآن مفرّقاً فارقاً بين الهدى والضلال، والحق والباطل؛ فهو القران العظيم؛ ((لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ)) أي: قراءةً على مهل، أو متمهلاً ليسهل حفظه عند أهل العلم، وأعون على تدارك إدراك أهل الفهم؛ فعن عمر ـ رضي الله عنه، قال: تعلموا القرآن خمسَ آياتٍ، خمسَ آياتٍ، فإن جبريلَ ـ عليه السلام، كان يُنزّله هكذا. وكذا قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه، ولذا كان يعلِّمه خمساً بالغداة وخمساً بالعشيِّ؛ "وكأنَّ المراد في الغالب"، وإلا فقد أنزل بأكثر وأقلَّ من ذلك؛ "وكما في تفسير الآلوسي".
((وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً)) على حسب الوقائع، وبديعاً حسب الحكمة؛ ليحفظ في الصدور، وتعيه النفوس، ويفهم فهماً عميقاً تطبيقاً، إذ كلُّ آية نزلت في حادثة خاصة يفهم سبب نزولها، ويوقف على سرِّها، فأنزله الحق ـ جلَّ وعلا ـ كاملاً لا عوج فيه ولا نقص.
"أيُّ سادة": يذكر اللّفظ القرآني ويراد به بكلِّ معانيه؛ لأن القرآن المجيد؛ نزل في عصر اللغة، وكما في ذلك البلاغة وأسرار البلاغة عندهم؛ فجاءت المعجزة "وهو القرآن الكريم" بأسرار رموز البلاغة، كالمتشابه في القرآن المجيد؛ إذاً: "فلا زائد في كلام الله"، مثال ذلك؛ قوله تعالى: ((وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً)) فـ ((بِهِ)) فالباء في الآية لسلب الأفعال في اللغة، أي سلبت عن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ كلَّ نقصٍ بالفعل، فكل ما في الكون يعلمه الله ظاهراً وباطناً وبكلِّ ذرّاته؛ لأنَّه الخبير بالإحاطة المطلقة لوجود كمال الإرادة والقدرة؛ وهذا كثير في القران المجيد. فتأمَّل. قال أكمل الرسل ـ صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعةِ أحرفٍ، لكلِّ آيةٍ منها ظهٌر وبطنٌ، ولكلِّ حدٍ مطلَعٍ)) رواه أبو يعلى والطحّاوي؛ وإسناده صحيح على شرط مسلم.
"فالظاهر"، هو: اللفظ أو التلاوة.
"والباطن"، هو التفسير أو المعنى.
"والحدُّ"، هو: التحليل والتحريم في أحكام القرآن المجيد.
"والمطلع"، هو: النظر بمقتضى الحكمة.
قال النبيُّ الكريم ـ صلى الله عليه وآله وسلم: ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) رواه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم.
ـ هذا الحديث الشريف، يفيد أن الخيرية قد صحّت لمن تعلّم القرآن وعلّمه؛ لأنه إنما وجبت له الخيرية والفضل من أجل القرآن؛ لما في القرآن العظيم من بالغ الحكم، وغامض السر، وخطير الشأن، وهو حبل الله الأعظم، به يهتدي المهتدون، ويصل الواصلون، وهو خُلقُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، وباب الله تعالى، والمعجزة الدائمة، والنور الذي لا ينحجب، وعنه أخذت قلوب وأرواح العلماء والعارفين بالله تعالى؛ أسرار المعرفة، وما المعرفة التي لم ترجع إليه؛ ما هي إلا زور وضلال، ومتى تحقق العبد بالعلم بالقرآن العظيم، فقد صار عارفاً؛ ومتى صار عارفاً حنَّ وأنَّ؛ وطلب زيادة العلم بالله من كل طريق ومن كل فن، وكل الطرق والفنون في القرآن العظيم، والعارفون هم الراسخون بالعلم ((يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا))، وإليه منتهى سير هممهم، وعنه يصدرون، وبه يهيمون، ومنه يأخذون؛ وبهذا السير به إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ينشرون الحقَّ والنور، ويفرقون بين الباطل والحق.
وللتعليم فضلاً جارياً ما دام كلّ من علمه تالياً؛ لما ورد من فضل تعلم القرآن وحمله: ما ذكره أبو عبيد عَنْ عُقْبَة بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ، فَقَالَ: ((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى بُطْحَانَ - أَوِ الْعَقِيقِ - فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟)) قَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فَلَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَإِنْ ثَلَاثٌ فَثَلَاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الْإِبِلِ))، وذكر عن كعب الأحبار أن في التوراة أن الفتى إذا تعلم القرآن، وهو حديث السن، وعمل به، وحرص عليه وتابعه؛ خلطه الله بلحمه ودمه، وكتبه عنده من السفرة الكرام البررة، وإذا تعلم الرجل القرآن، وقد دخل في السن، وحرص عليه، وهو في ذلك يتابعه، وينفلت منه، كتب له أجره مرتين، وروى عن الأعمش قال: مر أعرابي بعبد الله بن مسعود، وهو يقرئ قومًا القرآن، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال ابن مسعود: "يقتسمون ميراث محمد ـ صلى الله عليه وسلم"، وقال عبد الله بن عمرو: عليكم بالقرآن، فتعلموه وعلموه أبناءكم، فإنكم عنه تسألون، وبه تجزون، وكفى به واعظًاً لمن عقل، وقال ابن مسعود: لا يسأل أحد عن نفسه غير القرآن، فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله، وعَنْ أَنَس بْن مَالِك، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: ((هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ)).
ـ يا الله... اللهم؛ إني أسألك بكلِّ اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآن لنا قائداً وهادياً، ولذنوبنا وعيوبنا ماحيا، ولقلوبنا ربيعا، ولسيِّئاتنا شافعا، ولوجوهنا نظرةً ونورا، ولعيوننا قرّةً وسرورا، اللّهمّ؛ وأطلق به ألسنتنا، وأجزل به ثوابنا، وأحسن به مآبنا، واجعلنا نقوم به، وبالّذي يرضيك عنّا، اللّهمّ؛ واجعله لغمومنا وهمومنا شفاء، ولحوائجنا قضاء، وفي القيامة رفعةً وسناء؛ برحمتك يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين، ويا أجود الجوّادين، صلِّ على الحبيب الشفيع؛ الذي أرسلته رحمة للعالمين، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الأتقياء المكرمين، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ـ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، آمينَ آمينَ. والحمد لله ربّ العالمين.

الاستاذ الفاضل // مروان

جزاك الله الجنة ووالديك

افدتنا

تقديري

نورة الدوسري

اخي مروان

سلمت يداك و بارك الله فيك

موضوع رائع جدا

تقبل تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الاديبه الرقيقه أ . نوره الدوسري وردة المنتدي
الاديبه الغاليه أ . باسند عطر المنتدي
لكم مني اجمل باقة زهور علي جميل ردودكم
الحياة نهر ؛
كلما صفت نيتك كلما ازداد صفائه
وكلما تجملت أخلاقك كلما زاد جمال ذلك النهر
ودااااااااائما الـــجمالُ صـــفةٌ لـــن تـــراهَا فِـــي الآخـــرين
إنْ لـــم تَـــراها فِـــي نـــفسك لكم مني اجمل تحيه

اخي مروان
بارك الله فيك
وجعل ما تقدمه من موضوعات
في ميزان حسناتك
ويجمعنا بك والمسلمين في جنات النعيم
دمت بخير .. اللهم آمين

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأديبه الرقيقه .. الحنونه .. الغاليه .. الجميله .. سندريلااا المنتدي
أ . حنين الماضي
ما انحرمشي من ردك عليا يا غاليه ودئمااا لكي خالص شكري واحترامي
حضرتك اللي عرفتيني بالمنتدي الغالي بكل الموجودين فيه
من الجميل ان تحب شخص لاتراة ولاكن الاجمل ان تراة بعد الحب
أحدهم يحتويك بـ الكلام الجميل واحدهم يعبر لك عن حبه بدعوة في ظ?ر الغيب ،
الحياة بـ قـرب هؤلاء جميله جداً

اخى/ مروان

سلمت على روعه سردك

جعله الله فى ميزان حسناتك

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اللهم إني أسألك لأديبنا مروان
زيادة في الدين
وبركة في العمر
وصحة في الجسد
وسعة في الرزق
وتوبة قبل الموت
وشهادة عند الموت
ومغفرة بعد الموت
وعفوا عند الحساب
وأمانا من العذاب
ونصيبا من الجنة
وارزقه النظر إلى وجهك الكريم
شكراً لك على جميل ما اخترت
على روعة ما قدمت
لك تقديري وإحترامي

الأديبه الفاضله / أ . ايمان الساكت

***********
لحضرتك خالص الشكر علي الرد
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ ﻓﺮﺟﺘﻪ،
ﻭﻻ ﻛﺮﺑﺎً ﺇﻻ ﻧﻔَّﺴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻣﺒﺘﻠﻰً ﺇﻻ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ،
ﻭﻻ ﻣﻴﺘﺎً ﺇﻻ ﺭﺣﻤﺘﻪ، ﻭﻻ ﻋﺪﻭﺍً ﺇﻻ ﺧﺬﻟﺘﻪ، ﻭﻻ ﺗﺎﺋﺒﺎً ﺇﻻ ﻗﺒﻠﺘﻪ

عطر عطوووور اشتيااااااااااااق الجميله الغاليه الأديبه / أ . همسة قلم

*************

لحضرتك خااااااااالص الشكر علي جمييييييييييييييييل الرد أعزك الله
علي فكره غياب حضرتك عن اشتياق تارك فراغ كبير جدااااا ؟؟ ولا احد يسد الفراغ سوي حضرتك
أدعوا الله ان تعودي في القريب العاجل ..
اللهم اغفر وارض عن كل عين بكت من خشيتك، وفاضت دموعها طمعًا في رحمتك
جمال القلب نعمه من الله.. اللهم اجعلنا ممن تبقى ذكراهم لجمال قلوبهم
هناك اشخاص ... اصواتهم ... احساسهم ... كلماتهم ... ردووووووووودهم ..
كانها موسيقى تسعدك ... تبث في نفسك الراحة ...
نرغب في ان لا يصمتوا ... انهم سعـادَة القلــوب ...
هم من نحبهم في الله بصدق
تعلمــوا العطاء حتى في ظروفكم الخانقة ...
تعلموا كيف تهدون النور لمن حولكم ..
وإن كانت خفاياكم حالكة جداً !
تعلموا أن تهبوا لأحبابكم ابتسامة . .
وإن كنتم تبكون
مساء الورد يتبختر برحيق الدلال ..
مساء النسمة تلاحق طير الحمام ..
مساء الأنوار تخاطب زرقة السماء ..
مساء الربيع يزين روض الحياة ..
مساء الرونق والجمال ..
مساء يشع من قلوب الصفاء ..
مساء كله نبض و دقات هيام ..
مساء القمر تلج بين الأرواح بالنور والضياء
فمساؤنا بركة الله للمضي إلى الأمام ..
ومـساؤنا حب و إخاء ونقاء

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأستاذ العزيز مروان
دائما متميز في الاختيار
سلمت على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
جزآك الله خيرا

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» الدرس الثالث من تفسير الشعراوى رحمه الله الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
» إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
» من أسرار القرآن {وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً}
» ما معنى قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْف}
» وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ