طقوس الأعراس الحموية والحمصية على ضفاف نهر العاصي

طقوس الأعراس الحموية والحمصية على ضفاف نهر العاصي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بين ربوع حماه ونواعيرها، وروابي حمص ومراعيها، ورغم الدعابات التي تؤطر العلاقة بين حماه وحمص إلا أنهما ورغماً عنهما تشابهتا في أعراسهما، وسنتجه من دمشق باتجاه حمص لتكون هي منطلق الرحلة وبهجتها ثم نختم بمسكِ حماه الدائر على نواعيرها.
*الخطبة:
جرت العادة كما غالب المناطق السورية أن تكون مهمة البحث عن الفتاة المناسبة من نصيب الخطابة، أو عن طريق المعارف والنساء، في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وحين يبلغ أحد الشباب سنّ الزواج فإن والدته تبدأ بالبحث عن نصفه الثاني، بما يتناسب مع العائلة ورغبات الشاب، وهنا تُدلي الخطابة بدلوها وتسرد السِّيَر الذاتية لكل من تعرف من فتيات تنطبق عليهن المواصفات المطلوبة. وحين تنتقي والدة الشاب واحدة من الفتيات المذكورات فإنها تتصل بأهل الفتاة وتطلب موعداً لترى فيه الفتاة، وفي حمص فإن الخطابة هي من يتصل أولاً، بعد تحديد الموعد تذهب الأم وابنتها أو أختها والخطابة طبعاً باعتبارها مديرة العلاقات العامة والمسؤولة عن تعريف العائلتان ببعضهما. وتدخل الفتاة، وتبدأ العيون بأكلها من رأسها إلى قدميها، وعبارات المديح تنهال عليها ” ما تبلى هالفتلة، الله يحميكي، يا أرض احفظي ما عليكي ” تقدم الفتاة القهوة وتجلس لدقائق، وبعد غمزة أمها فإنها تغادر الغرفة، وفي حماه فإن أهل الشاب لا يُفصحون عن اسم العائلة ” الكنية” لألا ينتشر الخبر بين الناس قبل أن يتم النصيب، وتسرد والدة الشاب السيرة الذاتية لابنها وتخبر “الجماعة” عن أصله وفصله وعمله وراتبه وما يملك، فإذا أعجبت الفتاةُ والدة الشاب كان الطلب، وأفصحت الأم عن رغبتها بطلب الفتاة لابنها، هنا تستمهل والدة الفتاة لتسأل أباها عن رأيه. في حمص وحماه فإن والد الفتاة يسأل عن الشاب قبل أن يحدد موعد زيارة ثانية يأتي فيها الشاب برفقة أهله، وحين تعجبه سيرته وأخلاقه وسمعته فإنه يطلب إلى الأم أن تخبر أهل الشاب بقبول مبدئي للخطبة. عندما يأتي الشاب ليرى الفتاة للمرة الأولى فإنه يأتي برفقة أبيه وأمه، لكنه يحضر قطعة مصاغ ذهبي “خاتم” كثمن لرؤية الفتاة، تُسمى في حماه “الشوفة” وفي حمص ” القشعة”، وحين يرى الفتاة وتعجبه فإنه في حماه يقدم لها الخاتم” الشوفة” كعلامة على الموافقة، فإن كانت هي موافقة، أخذت الخاتم وتمت الخطبة المبدئية، بينما في حمص بعد أن يجلس مع والد الفتاة ويجيبه عن كل أسئلته فإن والدته تطلب أن تختلي هي والشاب بالفتاة، ليستطيع الشاب أن يكلم الفتاة ويتعرف عليها، فإن أعجبته فإنه يُلبسها الخاتم ” القشعة” وتتم الخطبة. في حمص، تُمهل عائلة العروس مدة يومين لإعطاء الجواب المتعلق بالمهر، ويتناقش والدا العروس فيما سيطلبون، وحين يقررون فإنهم يتصلون بأهل العريس ويخبرونهم، ويكون المقدم هو ” المصاغ الذهبي من محابس وغيرها” والمؤخر هو المبلغ الأكبر، وربما لا يطلبون شيئاً لجهاز العروس إذا كانت العائلة ميسورة وأراد والد الفتاة أن يجهّز ابنته بنفسه، وهذا يكون لإظهار كرامة العروس وعدم اكتراث أهلها بالنقود. بينما في حماه فإن موضوع المهر وفصل النقد يتم بحضور الجاهة وأمام الجميع فيتفق الطرفان على مقدار المهر والذي يتضمن ” الذهب، وملبوس البدن، وصداق العروس”، بينما يكون المؤخر هو الرقم الأكبر، ويُعذُّ المهر في حماه أغلى المهور في كل المحافظات السورية، فمهور بقية المحافظات تكون عادة بمئات الألوف، بينما في حماه تكون بالملايين، وفي يوم الجاهة تُقام وليمة عشاء تتضمن كل أنواع الأكل الشعبي والحلويات الحموية المعروفة ” السيالات، الشعيبيات، والفيصليات”.
في كلتا المدينتين تكون حفلة الخطبة وتكاليفها على عاتق أهل العروس، وفي كلتاهما أيضاً يجب أن تتضمن الحفلة وليمة كبيرة من الأكل الحمصي التقليدي ” الكبة، والشعيبيات.. الخ” وتتباهى بها عائلة العروس أمام عائلة العريس!،
وفي الفترة التي تسبق حفلة الخطبة فإن أهل العريس يشترون المصاغ الذهبي المتعلق بالخطبة ويكون عبارة عن محابس الخطبة وطقم ذهب ” عقد وأساور وخاتم وحلق” وفي حمص يسمى هذا المصاغ ” العلامة”، ويلبسه العريس للعروس في حفل الخطبة بعد أن يوضع في صينية كبيرة ويُعرض على كل من يحضر الخطبة ليراه، ويقام حفل الخطبة في منزل العروس أو في مكان يختاره أهلها، كذلك فإن أهل العريس في حماه يقومون بتوزيع هدية صغيرة تسمى ” مطبقية” لمن سيحضر الخطبة، وتتضمن هذه الهدية قطعة كريستال أو صحن أو أي قطعة زجاجية مع صرة ملبس، لتكون كذكرى من العروسين في حفلهما، وفي ليلة الخطبة وقبيل الحفل يُعقد القران، ويُكتب الكتاب ” البراني” وهو كتاب الشيخ ولا يكون مثبتاً في المحكمة، ويعقد ليستطيع العريس أن يرى عروسه بلا حجاب “إزالة المانع الشرعي”، وفي حماه تُقدم خالات وعمّات العريس “النقوط” للعروس خلال حفلة الخطبة “على مرأى من الجميع!”.
*الجهاز :
بعد حفل الخطبة تبدأ الاستعدادات لحفل العرس، وتجهيز العروس بما يلزمها، وكما أسلفنا فإن كان والدها ميسور الحال فإنه يطلب أن يكون جهاز ابنته كاملاً على نفقته الشخصية، وقد يأخذ من مهرها ليجهزها ويقدم نفس المقدار من ماله، وقد لا يقدم شيئاً ويكون جهازها كاملاً مما قبضته مهراً، ويكون مهر العروس في حماه مقتصراً على ملابسها وحاجياتها الشخصية وقد يتضمن آلة خياطة كزيادة فقط، بينما في حمص فإن جهاز العروس يتضمن ملابسها كاملةً مع أغراض لمنزلها ” أوعية طبخ، حرامات وشراشف، وأطقم الفناجين والكؤوس”، وأحياناً قد يتضمن عدداً من النباتات الخضراء كنوع من الاستبشار بحياة جديدة ورمزاً للخصوبة. والعروس في حماه وحمص، تُخرج مع جهازها هدية لكل من حماها وحماتها لتقدمها لهما صباحية عرسها، وقد تكون ثوب منامة أو أي شيء منزلي.
*حفلة مد الجهاز:
في حماه تقيم والدة العريس حفلة صغيرة تحضرها العمّات والخالات من طرف العروسين وبعض النساء المقرّبات، ولا بد أن تتضمن “سفرة طعام”، يُعرض في الحفلة جهاز العروس قطعة قطعة وعلى مرأى الجميع مترافقاً مع الزلاغيط . أما في حمص فإن حفلة الجهاز تكون في منزل العروس، إذ تأتي النساء إلى منزل العروس وتشاهد جهاز العروس وتساعد في توضيبه، ليأتي شباب العائلة ويأخذوه إلى منزل العروسين، ولا بد أن يمر الجهاز في كل شوارع حمص ” حالياً تمر السيارات التي تنقل الجهاز في شوارع حمص مترافقة بأبواق السيارات”، ثم يُرتّب الجهاز في منزل العروسين في أماكنه بمساعدة أهل العريس، وفي الحفلين ” حمص وحماه” لا يجوز أن تكون العروس حاضرة في حفل مد الجهاز، وإنما يقوم بهذا الحفل كل من خالاتها وأمها وأخواتها فقط وغالباً المتزوجات من النساء.
*حفل العرس:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

في حماة، تسبق حفل العرس بساعات حفلة صغيرة في منزل أهل العروس اسمها ” الصمدة” وفي هذه الحفلة تحضر فتيات العائلة مع الجيران وبعض النساء، ومن يُدعى إلى الصمدة قد لا يكون مدعواً إلى العرس من الأقرباء غير المقربين أو الجيران، تستمر هذه الحفلة ساعات قليلة ” ساعة أو ساعتين”، وتنتهي بقدوم أهل العريس ليأخذوا العروس إلى مكان العرس. ثم تذهب العروس إلى مكان الحفل برفقة أمها وصديقاتها وبنات خالاتها وعماتها، في زفة طويلة تتباهى بها أمام أهل العريس، في حماه تقوم العروس بتبديل عدد من الأثواب التي يتضمنها جهازها، لتعرضها أمام الحضور وينتهي المطاف بها إلى فستان العرس الأبيض لتستقبل به عريسها، والذي يكون قد ذهب إلى الحلاق برفقة أصدقائه، ثم حضر حفلة أقامها له أهله ” التلبيسة” والتي قد تكون مولداً نبوياً، وفيه يساعده أصدقاؤه في ارتداء ملابس العرس ويعطرونه ويجهزونه، ويذهبون به إلى مكان العرس. يدخل العريس برفقة أبيه إلى الصالة، وتستقبله خالاته وعماته وأخواته ووالدته بالزلاغيط والقُبل، وكذلك عروسه فإنها تستقبله وتُقبل يد والديه، وهنا تقوم والدة العريس بتقديم قطعة مصاغ ذهبي “نقوط شخصي منها” للعروس، وفي حماه فإن أهل العريس يلبسون العروس ما اشتروه لها من مصاغ ذهبي – ما يرادف العلامة في حمص التي يٌقدمها العريس في الخطبة-، ثم يعود العريس ليخرج من الحفل –في حماه- لساعة تقريباً ويعود ليدخل ويأخذ عروسه وبذلك ينتهي العرس. في اليوم التالي للعرس تأتي والدة العريس إلى منزل العروسين وتقوم بتقديم نقوط من العائلة للعروسين، وبدورها تقوم العروس بتقديم ما أحضرته مع جهازها هديةً لحماها وحماتها وتُقبل يد حماتها. بعد فترة من العرس تقام حفلة نسائية تسمى ” المباركة” أو ” التهناية” وفيها ترتدي العروس أكثر من ثوب من جهازها، وتأتي النساء مباركات لها بزواجها ويقدمن لها النقوط على اختلاف أشكاله ” ذهب، نقود، أداوت منزلية، ملابس وأثواب”. ولا ننسى أن كل المراحل التي تمر فيها رحلة الزواج الحمصية والحموية لا يمكن أن تخلو من الزلاغيط والهناهين، وفي النهاية فالاختلافات تكاد تكون ضئيلة جداً بين حمص وحماه وزواجهما، لأنهما في النهاية تخضعان لمنظومة الزواج السورية والتي سنستمر فيها إلى أن نزوّج كل المحافظات السورية، وبأعراس العاصي تنتهي حلقة جديدة من حلقات الأفراح السورية، ونعرض لعادات جديدة صبغت حياة مدينتين سوريتين جميلتين تتربعان على ضفاف العاصي، وإلى عرس سوريّ جديد …
دامت دياركم بالمحبة والاعراس عامرة..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

موضوع ولا اروع دكتورنا الموقر

سلمت الايادي

تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الفاضلة القديرة الرائعة المبدعة الاستاذة العزيزة باسند
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الدكتور خليل

سلمت على موضوعك الجميل

وطرحك المفيد

ارق التحايا

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأستاذة العزيزة الرائعة إيمان الساكت
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» شرفة على ضفاف الشوق
» الكشف عن سر "معجزة" شجرة العاصي في حماة!
» عادات عراقية في طقوس الشاي ..!!
» طقوس يهودية لتحميل الدجاج ذنوبهم
» أغرب طقوس الإحتفال بالمولود الجديد في العالم