صور من بطولة النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم
من خصائص هذه البطولة :
1- أنها بطولة لم تصنعها الاحداث , إنما صنعها الإيمان باللّه تعالى , فأهل مكة , وأهل المدينة - اللين منهم أوّل حملة هذا الدين - لم يكن لهم في جاهليتهم بطولات مذكورة , فلما جاء الإسلام حوّلهم قادة للدنيا , ففتحوا بلاد فارس والروم , التي كانوا لايجرءون على القرب منها . ولهذا قال عمر رضي الله عنه : نحن قوّم أعّزنا اللّه بالإسلام , فلا نطلب بغير اللّه بديلا
وفي رواية آخرى عنه قال : " إنكم كنتم أذل الناس , وأحقر الناس , وأقل الناس , فأعزّكم اللّه الإسلام , فمهما تطلبوا العزة بغيرهـ يذلّكم اللّه .
2- أنها ليس بطولات أرضية محضة , بل هي مؤيدة من قبل اللّه جل وعلا , تستمد قوّتها من خلال دعائه والإستغاثة به , واللجوء إليه , والتوكّل عليه , فبمدّ أصحابها بتأييدهـ ونصرهـ , قل تعالى : ( إِن تَنصُرُواْ اللّهَ ينصُركُم وَيُثبِت أَقدامَكُم 7 ) .
ويقول صلى الله عليه وسلم يوم بدر : " اللهم أنجزلي ما وعدتني , اللهم آتِ ما وعدتني , اللهم إن تهلك هذهـ العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض " , فما زال يهتف بربه , ماداً يديه , مستقبل القبلة , حتى سقط رداؤهـ عن منكبيه .
3- هذهـ البطولات ليست لأجل الأرض والمادة , بل لأجل هدف أسمى , وغاية أنبل , حددها رسول اللّه صلى اللّه عيه وسلم بقوله : " من قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا فهو في سبيل اللّه " .
ومن هنا لعلك تلمس الحكمة من تسمية الانتصارات الإسلامية بالفتوح , وهي تسمية قرآنية , قال تال : ( إنَا فَتَحنَا َلكَ فَتحاً مُبينَا ) . ؛ لأنها فتح للقلوب لتلقّي نور اللّه . وفتحٌ للبلاد لاستقبال هذا الدين العظيم .
4- أن غاية هذهـ البطولات غاية نبيلة , فإنك لا ترى فيها البطش والتنكيل عند التمكن والنصر , بل أنك ترى العفو والمسماحة ما كان إلى ذلك سبيل , وما لم تَدْعُ المصلحة إلى خلافه .
5- أنها بطولات دائمة , لا يتخللها خضو وذل ؛ لأنها نابعة من الأيمان العميق , والمؤمن لا يذل ولا بخضع إلا للّه , أو من أمرهـ بالذل والخضوع له كالولدين , وهذا غير منافٍ للبطولة , بل هو من كمالها .
بعض الصُـــور :
1- كانت معركة أحد من أشد المعارك التي خاضها رسول الله صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه , وأصيب فيها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إِصابات قويـة , أسالت دمة , وكسرت رباعيته , حتى اشاع المشركون أنه صلى الله عليه وسلم قد مات , وبينما هو على هذهـ الحال , وبعض أصحابه يحيطون به , إذ بأبيّ بن خلف يُقبل قائلاً : أي محمد , لا نجوتُ أن نجوتَ , فقال الصحابة أيعطف عليه رجل منا , فقال صلى اللّه عليه وسلم : دعوهـ فلما دنا , تنال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمـّـة , وانتفض بها أنتفاضه حتى تطاير عنه مَن حوله , ثم استقبله رسول الله فطعنه في عنقه طعنة جعل يتدحرج منها عن فرسه مرارا , فأثرت فه حتى مات منها عند رجوعهم إلى مكة
.
2- وكان حبيب بن زيد الأنصاري - رضي اللّه عنه - قد بعثه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب باليمامة ؛ فكان مسيلمة إذغ قال له : أتشهد أن محمداً رسول اللّه ؟ قال : نعم , وإذا قال : أتشهد أني رسول اللّه , قال : انا اصم لا أسمع ! ففعل ذك مرارا , فقطّعه مسيلمة عضواً عضواً , حتى مات شهيداً رضي اللّ عنه
.
3- لما كان يوم اليمامة واشتد قتال بني حنيفة على لحديقة التي فيها مسيلمة , قال البراء بن مالك رضي اللّه عنه : يا معشر المسلمين , ألقوني عليهم , فاحتملوهـ حتى إذا أشرف على الجدار اقتحم , فقاتلهم على باب الحديقـة حتى فتحة المسلمين , فخل المسلمون , فقتل اللّه مسيمة . وجرح البراء يومئذ بضعاً وثمانين جراحة , مابين رمية وضربة
________________________________________________________________________
التوقيع
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
