المرأة المسلمة بين تحرير الأوطان وتنوير الأذهان

المرأة المسلمة بين تحرير الأوطان وتنوير الأذهان

المرأة المسلمة باب ينفذ منه كثير من خصوم الإسلام وأعدائه ليبثّوا سمومهم ويروّجوا شبههم ويتلاعبوا بعقول كثيرة بيننا جهلت دينها وغرّها زخرف القول.
مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات في جامعة القاهرة،
جمع ثلّة من نخبة الباحثين والخبراء من مصر وفلسطين وقطر والإمارات والمغرب ولبنان وأنجلترا وإيطاليا في مؤتمر دولي ليرصد «دور المرأة في حوار الثقافات والحضارات: الحضور والفاعلية».
أبحاث المؤتمر كثيرة وثريّة اخترنا منها ثلاثة تكشف جوانب مهمّة في إنجازات وتحديات المرأة المسلمة في عالم اليوم من دورها التحريري في فلسطين إلى مساهماتها في حوار الثقافات مرورا بمن يتحدث باسمها في الغرب.
الدكتورة إصلاح جاد مديرة معهد دراسات المرأة بجامعة بيرزيت  بفلسطين قدمت بحثا بعنوان «نساء حركة المقاومة حماس والموقف من النساء الاستشهاديات» حيث ألقت الضوء على تجربة الحركة النسائية في حركة المقاومة الإسلامية حماس في النضال الوطني للتخلص من الاحتلال.
ناقش البحث تساؤلات رئيسية من نوع: هل أصبحت الحركات الإسلامية العنصر المحرّك الأساس للنساء في الدول الواقعة تحت الاحتلال حديثا؟ وما هي الديناميكيات التي تطلقها تلك الحركات لتنظيم النساء و«تحريرهن» في الوقت نفسه؟ وكيف تربط النساء في تلك الحركات مطالبهن بالعدالة الاجتماعية مع عملهن لتحرير أوطانهن؟
وتحت عنوان «حركة حماس وتطّور رؤيتها لدور النساء في النضال الوطني» تشير الباحثة إلى ما أسمته «موقف حماس الرسمي من «الجندرية» الذي بينته في ميثاقها عام 1988 تقول فيه: «للمرأة المسلمة في معركة التحرير دور لا يقلّ عن دور الرجل فهي مصنع الرجال، ودورها في توجيه الأجيال وتربيتها دور كبير».
وأكدّ الميثاق نفسه «أن المرأة المجاهدة في البيت والأسرة، أمّا كانت أو أختا لها الدور الأهم في رعاية البيت وتنشئة الأطفال على المفاهيم والقيم الأخلاقية الإسلامية».
وتؤكّد حماس أن النساء الإسلاميات يعطين لأسرهن وشعبهن بدلا من أن يأخذن، وهذا ما يميّزهن عن الناشطات العلمانيات.
وترى الباحثة أن هذه الرؤية التي تعكف المرأة على البيت بعيدا عن الحيّز العام لم تتحقق، حيث نشطت النساء الإسلاميات والطالبات بشكل فعّال في كتل حماس الطلابية وفي الجمعيات الإسلامية وأوجدن حيّزا لأنفسهن، خاصة أنّ للطلبة دوراً حاسماً في تعزيز الحركة الوطنية والكفاح ضد المحتل.
وأشارت الباحثة إلى ورقة مهمّة قدّمها الدكتور محمود الزهار أحد القادة البارزين في حركة حماس في أحد المؤتمرات، أكد فيها أن للنساء في الإسلام حقوقا متساوية وحقوق الرجال في كل نواحي العمل، ولكنّ عملهن يجب أن يختلف بالنسبة لأمرين: عندما يمكن أن يؤدّي هذا العمل إلى تناقض مع الشريعة، وعندما لايكون العمل ملائما لقدرات النساء وخصوصياتهن.
ويقرر أن القوامة لاتعني السلطة المطلقة، بل تعني أن يأخذ الرجل على عاتقه مهمّة توفير المتطلبات المادية والبشرية لسدّ احتياجات الأسرة، وأن يوفّر الحماية والرعاية ويسوس الأسرة بالعدل.
ويربط الزهار موضوع القوامة بمبدإ آخر ينطبق على المجال الخاص، كما ينطبق على المجال العام، وهو مبدأ وقيمة الشورى التي يراها واجبة التطبيق ليس فقط في عالم السياسة ولكن أيضا ضمن العائلة.
ويعبّر عن ذلك بقوله: «.. فلا يفهم المسلم أن الشورى والقوامة حالة استبداد، بل هي نصيب الكل في الإدارة، فكل أفراد الأسرة شركاء ولكل منهم نصيب ولاتبنى الأسرة إلا على الشورى، كما لايستقيم حال الدولة بدونها».
إن الزهار  يرى أن السلطوية في العائلة نوع من التطرف، وأن فقدان القوامة إفراط، وكلاهما من أسباب انهيار العائلة والمجتمع والدولة.
وتذكر الباحثة من واقع لقائها بإسلاميات قولهن بالاعتياد على تدبّر شؤون الحياة اليومية، بخطط رشيدة ميسرة مع الأبناء والبنات في إطار القيم الإسلامية، ومنها الصراحة والوضوح وتيسير الزواج والمهور إلى أقصى حد ممكن.
وقالت إن الدعوة إلى الديمقراطية وتحرير النساء يجري استعمالها كجزء من الأسلحة الأيديولوجية للاستعمار الجديد في عصر العولمة، والتي يستخدمها في سعيه للهيمنة، وهي محاولة لإقناع الشعوب المغلوبة بأن السبب الوحيد لهزيمتها هو عدم ديمقراطيتها وغبن المرأة فيها، وليس استغلالها واستنزاف ثرواتها.