الدولة العميقة
الدولة العميقة شبكة من العلاقات الممتدة داخل الدولة، وتتغلغل في كل مفاصلها السياسية والاقتصادية والإعلامية والفنية والاجتماعية والعسكرية، دون شكل أو تنظيم محدد أوملموس، وتربط هذه الشبكة مصالح وفوائد خاصة على حساب المصلحة العامة، ويحصل القائمون عليها على امتيازات خارج إطار القانون المعمول به داخل الدولة.
هذه العلاقات والمصالح المشتركة تصب جميعها في مصلحة الدولة العميقة؛ ففي كل دولة هناك نظام سياسي يحكم تلك الدولة في الظاهر، وهناك أنظمة داخلية تسير حركتها، ومع الزمن تزداد القواعد والقوانين رسوخاً، مما يصعب تبديلها وتغيرها.
وللدولة العميقة جوانب إيجابية وجوانب سلبية، فالجوانب الإيجابية تكمن في الكفاية الاقتصادية والمعرفية والقانونية والقدرة على الإنجاز العلمي، وهناك جوانب سلبية للدولة العميقة تكمن فيما تراه الدولة العميقة يصب في مصلحتها، وتستخدم في سبيل ذلك وسائل العنف والضغط الأخرى بطريقة سرية في الأغلب للتأثير على النخب السياسية والاقتصادية لضمان انتهاج سياسات تحقق مصالح معينة ضمن الإطار الديمقراطي ظاهريًا لخريطة القوى السياسية، وهو يتحكم بكل شيء بدعوى الأمن القومي للأمة وضرورات الاقتصاد.
 وقد انتشر مصطلح الدولة العميقة في دول الانتقال الديمقراطي في أوربا الشرقية، ودول الربيع العربي وأصبح متداولاً في وسائل الإعلام عند الحديث عن الثورات المضادة لحركات التحرر الديمقراطية في كل مكان، بدعوى الحفاظ على الاستقرار والاقتصاد والحفاظ على مؤسسات الدولة، وعدم انهيار المنظومة الأمنية للدول.
والدولة العميقة مصطلح تركي شائع (derin devlet) وهي ترمز إلى الدولة العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك على أنقاض الخلافة العثمانية، ويرجع بعض المؤرخين والسياسيين الأتراك الدولة العميقة إلى اللجنة السرية التي أنشأها السلطان سليم الثالث 1761-1808 لحمايته بعد محاولة اغتياله وهو عائد من حربه مع روسيا والنمسا.
والدولة العميقة في تركيا هي مجموعة من التحالفات داخل النظام، وتتكون من عناصر رفيعة المستوى داخل أجهزة المخابرات والقضاء والإعلام والسياسة وغيرها للحفاظ على قومية الدولة، ومصالح الدولة العليا، وعدم صبغها بأي صبغات أخرى.