منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نوره الدوسري
نائبة المدير العام سابقا
اديبة وقاصة سعودية - مهرة اشتياق

نوره الدوسري

انثى
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
عدد المشاركات : 8809
نقاط التقييم : 15343
علم بلدك : Saudi السعودية

بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Empty
مُساهمةموضوع: بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري   بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Emptyالإثنين يونيو 24, 2013 6:45 pm



بين الشابي وقلبه
 
 للاستاذ .. محمد فايع عسيري


أبو القاسم الشابِّي، شاعر تونس الخضراء، الذي زاحم باسمِه بقيةَ أسماء الشعر التونسية إلى الوقت الحاضر.
 
وُلِد ولم يَمُت على الرغم من تحديدِهم سنة وفاته بعام 1934، لكن هذا لم يمنعْ شعرَه من الاستمرار والاستقرار في الحياة؛ لأن أعظم ما كتبه الشابُّ (الشابي) هو ديوان "أغاني الحياة"؛ فكيف تموت أغانٍ للحياة؟! لقد كان الشابي فرعَ شجرةٍ طيِّبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، فحَفِظ القرآن، ودرس في الزيتونة، وأحبَّ، وتزوج، ولكن قلبه المرهف والمرهق لم يتحمَّل أكثر من هذا، فبعد أن تنقل كالنحلة في ربوع تونس الخضراء؛ ليرتشف الشهد، ويسقيه حسب الفصول الأربعة، قرَّر أن يتوسد بيتًا صغيرًا يكفيه لوحدته، ويحقق له آمال أمنية كان يطمح لها؛ وهي أن يعيش منفردًا وحيدًا، ليرتاح من عناء الدنيا وشقائها، وترك لنا قلبه وما دار بينه وبين قلبه.
 
لقد انطلقت حياة (الشابي) من قلبه، وحامت حوله وانتهت إليه، الأطباء الذين باشروا عضلته القلبية قالوا: إن قلبَه قد أضناه المرض منذ ولادته، فالشابي يقتات الطعام والشراب، والزمانُ يقتاتُ من قلبه وجسده، وقد أحسَّ هو بهذا الشعور المضني والمتعب؛ مما زاده ألمًا، وكتم أنفاسه، وحجزه عن كثير مما كان يريد كتابته من أدب، كما عبَّر عن ذلك في مذكراته، ثم زاده كربًا على كربه أفولُ كوكبين في حياته: (محبوبته) و(والده).
 
أَبِنتَ الدهر، عندي كلُّ بنتٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فكيف وصلتِ أنت من الزحامِ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
"المتنبي"
لقد كانت رياحًا عاصفة، وأمواجًا من القدر هادرة على زورقه، الذي لم يَكَدْ يبرح جزيرة الطفولة، فبكاهما بكاءَ الغيمة السابحة الممطرة أينما توجَّهت، على الرغم من مجاهدة نفسه في مقاومة هذا المد العاتي، الذي لم يشفع لقلبِه الصغير أن يتحمله، حتى لكأنك تحسُّ وتشعرُ بنبض قلبه في كل قصيدة، بل في كل بيت شعري أو سطر نثري، بل لم يكن حديثه إلا حديثَ القلب الذي أصقلتْه التجارب على صغره، وفتنته الحياة فأخلصته للأدب العربي نقيًّا صافيًا ينشده الناس في كل حين.
 
وما هذه الأسطر القليلة القادمة إلا وقوف لبرهةٍ على ضريح قلبِه، الذي خاطبه الشابي متسائلاً عن سرِّ قوته، وقدرته على تشكيل الحياة من جديد، وماذا قال لقلبه يوم وفاة والده، وكيف صارح قلبه يوم أن حُرِم من متع الحياة؛ كما "نصحه" أطباؤه، إلى أن يصل إلى رسالته لقلبه عن سر السعادة ورمز الراحة النفسية التي كان ينشدها.
 
إن هذه الأسطر القادمة ليستْ إلا اختلاسًا للمناجاة التي كانت بينه وبين فؤاده الكوني الإنساني العالمي، الذي بدأ صدى صوته الشعري يُسمَع أولاً خارج الحدود التونسية في صفحات مجلة "أبولو"، إن هذه الأسطر وقفة احترام وتبجيل، ولمحة خاطفة لهذا الهمس اللطيف بين الشاعر الشاب الشابي، وقلبه الذي قتله وأحياه.
 
أول الرسائل لقلب الشابي تُلمَح من احتفائه بالقلب أيَّما احتفاء، ومناداته إياه متعجبًا من القدرات العالية التي يتمتع بها، مستعرضًا هذا الاحتفاء بأسلوب يستحث الانتباه ويبعث التأمل؛ كالنداء، والتَّكرار، والتشبيه، والاستفهام.
يا قلبُ، إنك كونٌ مدهشٌ عجبٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إِنْ يسألِ الناسُ عن آفاقِه يَجِمُوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

كأنك الأبدُ المجهولُ، قد عجزتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عنك النُّهَى، واكفَهرَّتْ حولك الظُّلَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
لكنه قبل هذين البيتين اللذينِ قد رسما لوحة فنية بارعة، رحلَ فيها العقل رحلتين بين الحقيقة والخيال:
فأما الحقيقة، فهي في مفردات الطبيعة التي تكسو النص، وأما الخيال، فهو في خلق كون جديد، وأفق وغابة، وجبل وكهف في هذا القلب...
يا قلبُ، كم فيك من كونٍ، قد اتَّقَدتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فيه الشموسُ وعاشتْ فوقه الأممُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من أفقٍ تنمِّقُهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كواكبٌ تتجلَّى، ثم تنعدمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من قبرٍ، قد انطفأتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فيه الحياةُ، وضجَّت تحته الرممُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من غابٍ ومن جبلٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تدوي به الريحُ أو تسمو به القممُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من كهفٍ قد انبحستْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منه الجداولُ تجري ما لها لُجَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 
لقد أوجدتْ هذه الأحرفُ حالةً من الحياة المنتعشة في القلب، وحرَّكته من كونه عضلة تضخ الدم، إلى عضلة تنبِض بالحياة، ومظاهر الحياة من أرض وسماء وما بينهما.


استطاع - بقدرة خياله البارع - أن يلهم الناس رؤيةً جديدة للقلب، تخالف الرؤية التي يراها طبيب الجراحة أو فنيُّ التشريح، إن هذا الأفق الذي رسمه ليهدي العقول إلى تغيير نظراتنا إلى الحياة وتجديد رؤيتنا للكون، فليس كل ما تبصره هو ما تراه؛ بل إن رؤيتك للشيء تفوقُ مشاهداتك له، وتجعل للحياة معنى راقيًا.


ولم يكتفِ الشابي بهذا العرض العابر؛ بل راح يغوص في أعماق هذا العالم الجميل ويسأله عن سر قدرته على جمع نشاطات الحياة وإعادة ترتيبها، وإيجاد التوازن بين صوت الواقع ولحن الخيال، وصهر الحياة في إبريق الإبداع؛ ليسقي بشهده أهل الحياة، ويقتطف مفردة من الجنة ليوجدَ لهم بيئة راضية مرضيّة على مر الزمن:
كم توشَّحتَ من ليلٍ ومِن شَفَقٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ومن صباحٍ توشِّي ذيلَه السُّدُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكم نسجتَ من الأحلامِ أرديةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قد مزَّقتْها الليالي، وهْي تبتسمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكم ضَفَرتَ أكاليلاً مورَّدةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
طارتْ بها زعزعٌ تدوي وتحتدمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكم رسمتَ رسومًا، لا تشابهها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذي العوالِمُ، والأحلامُ، والنُّظُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

كأنها ظُلَلُ الفردوسِ، حافلة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بالحُورِ، ثم تلاشتْ واختفى الحُلُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

تبلو الحياةُ فتبليها وتخلعُها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وتستجدُّ حياةً ما لها قدمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
وكأني به في هذا المقطع خاصة، وقد مازج مزجًا محكمًا بين العقل والقلب، بل ربما يذهب هو إلى أن العقل والقلب صنوانِ لا يفترقانِ، وأنهما يكملان بعضهما البعض؛ فلا فائدة من خيالٍ لم تؤجِّجه عاطفةٌ جيَّاشة متوقدة، ولا فائدة من عاطفة مشتعلة لا تستطيع ترتيب الحياة في صورة من النشاط الإبداعي، أو أن تعبِّر عن نفسها تعبيرًا حقيقيًّا.


وسؤال العقل والعاطفة سؤال جوهري في عالم الفن والأدب، لا تكاد تلقى شاعرًا لم يفتنْه هذا السؤال، أو لم يتحرَّش بخلَده يومًا؛ مما جعل الكثيرين يُدْلُون بدلائهم في هذا الباب، فمِن مستقلٍّ ومستكثرٍ.


والأمر الآخر الملاحظ على هذا النص، هو التَّكرار الكثير لبعض الكلمات، وخاصة (القلب)؛ حيث أصر الشابي، وألح على هذا النمط الأسلوبي بشكلٍ راسٍ متعاقب؛ ليؤكِّد على أهمية القلب الذي يشكل مصدرًا لوجعه وآلامه.
 
إن الشابي لم يجدْ مَن يشتكي إليه، أو مَن يستمع له من البشر، فراح يصادق قلبه ويرافقه، ويقول له كل ما يريد، ويكرِّر عليه بلا ملل؛ لأنه يعلم أنه ليس لديه إلا هذا القلب الممتلئ بالأيام والذكريات الجميلة وغيرها.
 
أما رسالته الثانية إلى قلبه، فهي ما دار بينه وبين قلبه يوم غادرت روحُ أبيه جسدَه؛ فلقد نَعى الشابي قلبَه عندما انفطر من رحيل أبيه، فتعالوا ندلج الزمان الذي احتوى آخر أيام أبيه، وندخل غرفته في المستشفى؛ لنرى ذلك الابن البارَّ وهو يضع رأسه على صدر أبيه، ويدرُّ الدمع رقراقًا عليه كوابل المطر، فلما التفت إليه أبوه وأرسل له نظرة الوداع، لم يكن للشابي بدٌّ من أن يكذِّب الوداع ذاتَه، وأن يطرد خيال الفقد من رأسه، ولكن هيهات، فهذه الدنيا تُعلِّمنا الغروب كما تعلمنا الشروق، وبعد لحظات يلتفت إلينا بعينيه التي امتلأت مآقيها بالدموع، وهو يقول: "آه يا قلبي، لقد كانت تلك نظرة الموت وأنا لا أدري، أنا الطفل الصغير الذي لا يعرف مواقف الموت، حسبتُها نظرات الحياة تدعوني، ثم لوى عنقه، وشخص ببصره، وارتجفت شفتاه بالشهادة التي لم يفترْ عن تردادها، ولفظ النفَس الأخير، لقد مات أبي أيها القلب! فماذا لك بعدُ في هذا العالم؟!".
 
إنه ينادي قلبه متأوِّهًا من الألم الذي عصره لحظة وفاة والده، وهذا من أعجب العجب، أن تتأوَّه لقلبك وتشتكي له، وكأنه ليس هو الذي منحك هذا الإحساس وهذه المشاعر، آه يا قلبه الطفولي الصغير! على الرغم من أنه يحملك شاب قد بلغ العقد الثالث من عمره، إلا أن روح الطفولة وبراءتها وفطرتها لا تزال تجري في عروقه، إن الرجل والمرأة يبقيانِ أطفالاً أمام والديهما مهما بلغا من الكِبَر عتيًّا، فإذا مات أحدهما شاخ المرءُ فجأةً؛ كما يقول نابليون بونابرت.
 
لقد مات أبوه القاضي، الذي سعدت الأراضي التونسية بسموِّ خُلُقه، وحسن سيرته، وطيب سيرته بين مسجده ومحكمته وبيته، حتى ختم حياته بالشهادة، وكأنه يربِّي ابنه في هذه اللحظة الحاسمة أن كُنْ مع الله يكنِ اللهُ معك، ولكن عظمَ حجم المأساة، وجُثُومُها على صدر الشاعر من هذا الفراق، قد حوَّلت أيامه ولياليَه إلى سواد كالح، نهارُها كليلِها، عن قلبه لا تحيد، وتحت قدميه به تَمِيد.
 
وأما الرسالة الثالثة، فهي عتاب غيرُ لطيفٍ إلى قلبه الذي أطعمه الحرمان، لقد كان الحرمان ألمًا ممضًّا يتجرَّعه آناء الليل وأطراف النهار، وهو لا يكاد يُسِيغُه، وتأتيه صور المتعة والبهجة من كل مكان وما هو بمبتهجٍ، ومن ورائه الأطباء يمنعونه من التمتُّع بها لأجل صحَّة قلبه، وهو لم يُرِدْ من غشيان هذه المتع الحياتية إلا صحة قلبه وسعادته، ولكن ما أبعدَ نَجْعَةَ الآمال عن قلبه، فبعد أن كان مصدرَ الإلهام صار مصدر الآلام.
 
لقد استنطقتْ هذه الأحرف صورةً رآها في يوم ما، فقال: "ها هنا صِبْيَة يلعبون بين الحقول، وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل، ومَن لي بأن أكون مثلهم؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفًا! آهٍ يا قلبي! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني، وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية". فماذا بعد هذا الأسى إلا بقاءٌ يسير لم يتجاوز السنوات الأربع، حتى ودَّعت روحُه كل هذه المُهَج من الدنيا، ورحلت إلى عالم علوي سماوي في جنات عرضها كعرض السماء والأرض - بإذن الله.
من عاشَ بالوحي المقدَّس قلبُه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لم يلتفتْ لحجارةِ الفلتاءِ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
ولا يَعزُب عنَّا صوتٌ مميز لا يمكن أن يغيب صداه عن كل مَن سمع نداءاته لقلبه، ذلك الصوت الذي أخبر فيه قلبَه عن سر السعادة، وأنها حلم صنعته أوهام الناس من قديم الأزل، ويستدل على ذلك بحياته التي ملأها الحزن والألم:
تَرجُو السَّعادةَ يا قلبي ولو وُجِدَتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في الكونِ لم يشتعلْ حُزنٌ ولا أَلَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ولا استحالتْ حياة ُ الناسِ أجمعُها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وزُلزلتْ هاتِهِ الأكوانُ والنُّظُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فما السَّعادةُ في الدُّنيا سوى حُلُمٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ناءٍ تُضَحِّي لهُ أيَّامَهَا الأُمَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ناجتْ به النَّاسَ أوهامٌ مُعَرْبِدةٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لَمَّا تغَشَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ والظُّلَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فَهَبَّ كُلٌّ يُناديهِ ويَنْشُدُهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كأنَّما النَّاسُ ما ناموا ولا حلُمُوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
والملحوظ في المقطع السابق البداءة في أول الأبيات بضمير الذات (قلبي)، إلا أن هذه الذاتية لم تبق طويلاً حتى التهمت الأمم كلها، ولكنه عاد بعد أن ألقى الريشة والألوان ليرفع اللوحة ويعيد رسم لوحة السعادة التي يرجوها لقلبه، والتي تمثّلت في قيم قلبية مُثلى، ومبادئ روحية كبرى؛ كالرضا والقناعة والصبر.
خُذِ الحياةَ كما جاءتْكَ مبتسمًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في كفِّها الغارُ، أو في كفِّها العَدَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وارقُصْ على الوَرْد والأشواكِ مُتَّئِدًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
غنَّتْ لكَ الطَّيرُ، أو غنَّتْ لكَ الرُّجُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

واعمل كما تأمرُ الدنيَا بلا مضضٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والْجَمْ شعورَك فيها، إنها صَنَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فمَن تألَّم لن ترحمَ مضاضتَهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَمَنْ تجلَّدَ لم تَهْزأْ به القِمَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هذي سعادة ُ دُنْيَانا، فكُنْ رجلاً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إِنْ شئْتَها أَبَدَ الآبادِ يَبْتَسِمُ! [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
هكذا يرى السعادةُ الشابِّيُّ، وهو يلتقي هنا مع حروف مشعَّة، خطها المنفلوطي في رائعته "الفضيلة"، حين قال عن السعادة بأنها "ينبوع يتفجر من القلب، لا غيث يهطل من السماء، وإن النفس الكريمة الراضية البريئة من أدران الرذائل وأقذارها، ومطامع الحياة وشهواتها، سعيدةٌ حيثما حلَّت، في القصر وفي الكوخ، في المدينة وفي القرية، في الأنس وفي الوحشة، في المجتمع وفي العزلة، بين القصور والدُّور وبين الآكام والصخور،.فمن أراد السعادة فلا يسألْ عنها المال والنسب، والفضَّة والذهب، والقصور والبساتين، والأرواح والرياحين، بل يسأل عنها نفسه التي بين جنبيه؛ فهي ينبوع سعادته وهنائه".
 
وليختم رسالته إلى قلبه بوصية تكاد تكون من المتفق عليه بين الشعراء الرومانسيين، خاصة أدباءَ المهجر كـ"إيليا أبو ماضي"، و"جبران خليل جبران"، ألا وهي هجر صخب المدينة والتلحُّف برداءِ الصمت، والمَبِيت تحت سقف السماء وظل الأشجار؛ فليس الحلم هو ما تراه في المنام؛ بل الحلم هو ما تراه في اليقظة.
وإن أردتَ قضاءَ العيشِ في دَعَةٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
شعريَّة ٍ لا يغشِّي صفوَها نَدَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فاتركْ إلى النَّاس دُنْياهمْ وضجَّتَهُمْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وما بَنَوا لِنِظامِ العَيشِ أو رَسَمُوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

واجعلْ حياتَكَ دَوحًا مُزْهرًا نَضِرًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في عُزْلَةِ الغابِ ينمو ثُمَّ يَنْعَدِمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

واجعلْ لياليكَ أحلامًا مُغَرِّدةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إنَّ الحياةَ وما تدوي به حُلُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
إن الشابي في مرض وفاته وعندما زاره أحدُ محبِّيه وجلاَّسه، فقال له: أتخشى الموت؟ قال: "لا، ولكن أخاف على هذه"، وأشار إلى ديوانه، أشار إلى ديوانٍ لم تكتمل صفحاتُه بحياة مبدعِه، الذي ما جاوز العقد الثالث بقليل، إلا واستلمتْه يد المنون، أشار إلى ديوان كتب، أشار إلى ذلك الديوان الذي كتبه بدم قلبه لأجل قلبه، لا لأجل أحد سواه، حشد السهل والجبل، والتل والقمر، والطير والبحار، والجداول والأنهار، وقيمًا رفيعة راقية لا تبلَى ولا تخلق مع مر الزمان وتعاقب الأمم والسنين، كيف لا، وكلنا نردِّد بيته الذي يجمع فيه أعظم قوى القلب وهي "قوة الإرادة"؟!
إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فلا بدَّ أن يَستَجِيبَ القَدَر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
 
وصلات المقال:
ديوان الشابي (أغاني الحياة).
 
مذكرات الشابي.
 
ديوان المتنبي.
 
الفضيلة (بول وفرجيني)، رواية صاغها مصطفى لطفي المنفلوطي.
 
(التكرار وأثره في إنتاج الدلالة.. قراءة في نصوص "أبي القاسم الشابي")؛ معمر الشميري.
 
برنامج تلفزيوني عن الشاعر على قناة الجزيرة الوثائقية.


 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى الشبوط
صاحب ومؤسس الموقع (رحمة الله عليه )
صاحب ومؤسس الموقع  (رحمة الله عليه )
مصطفى الشبوط

ذكر
تاريخ التسجيل : 30/11/2007
عدد المشاركات : 17651
نقاط التقييم : 23812
بلد الاقامة : عراقي مقيم بهولندا
علم بلدك : علم العراق

بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري   بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Emptyالجمعة يوليو 05, 2013 6:24 pm

تسلمي راقيتنا الاستاذة مها سالم على هذه الدراسة القيمة

تقبلي مني اصدق التحايا


________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eshtyak.ahlamontada.com
المهندس محمد فرج
عضو موسس للمنتدى
المهندس محمد فرج

ذكر
تاريخ التسجيل : 15/12/2007
عدد المشاركات : 123667
نقاط التقييم : 126296
بلد الاقامة : ماريا وترابها زعفران
علم بلدك : Egypt مصر
الجوزاء

بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري   بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Emptyالأحد يوليو 07, 2013 1:13 am

دراسه عميقه ومتبحره تأخذ بالألباب...سلمت يداكى على تلك الروائع ودمتى بكل الود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري   بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Emptyالإثنين يناير 13, 2014 11:01 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري   بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Emptyالأربعاء يناير 22, 2014 6:49 pm



أديبتنا القاصة القديرة
من بحور أدبياتك النيرة
كان لنا وقفة ميسرة
لموضوع فيه الرقي
ينضح بعد كل عبارة
أشكرك على روعة ما قدمتي
وعلى إثراءكِ لمكتبة فاخرة
وأشكرك على هذه الدراسات القيمة
وعلى إنتقاءاتكِ الأديبة المهمة 
التي تجلت هنا بأجمل المعاني 
وبدراسة مفصلة باللغة والمباني
أديبتنا نورة الدوسري
لكِ ولروحكِ الأحداق شاكرة
مع أصدق تحياتي ومحبة وافرة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Empty
مُساهمةموضوع: رد: بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري   بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Emptyالسبت أغسطس 16, 2014 5:08 pm

نوره الدوسري كتب:


بين الشابي وقلبه
 
 للاستاذ .. محمد فايع عسيري



أبو القاسم الشابِّي، شاعر تونس الخضراء، الذي زاحم باسمِه بقيةَ أسماء الشعر التونسية إلى الوقت الحاضر.

 

وُلِد ولم يَمُت على الرغم من تحديدِهم سنة وفاته بعام 1934، لكن هذا لم يمنعْ شعرَه من الاستمرار والاستقرار في الحياة؛ لأن أعظم ما كتبه الشابُّ (الشابي) هو ديوان "أغاني الحياة"؛ فكيف تموت أغانٍ للحياة؟! لقد كان الشابي فرعَ شجرةٍ طيِّبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، فحَفِظ القرآن، ودرس في الزيتونة، وأحبَّ، وتزوج، ولكن قلبه المرهف والمرهق لم يتحمَّل أكثر من هذا، فبعد أن تنقل كالنحلة في ربوع تونس الخضراء؛ ليرتشف الشهد، ويسقيه حسب الفصول الأربعة، قرَّر أن يتوسد بيتًا صغيرًا يكفيه لوحدته، ويحقق له آمال أمنية كان يطمح لها؛ وهي أن يعيش منفردًا وحيدًا، ليرتاح من عناء الدنيا وشقائها، وترك لنا قلبه وما دار بينه وبين قلبه.

 

لقد انطلقت حياة (الشابي) من قلبه، وحامت حوله وانتهت إليه، الأطباء الذين باشروا عضلته القلبية قالوا: إن قلبَه قد أضناه المرض منذ ولادته، فالشابي يقتات الطعام والشراب، والزمانُ يقتاتُ من قلبه وجسده، وقد أحسَّ هو بهذا الشعور المضني والمتعب؛ مما زاده ألمًا، وكتم أنفاسه، وحجزه عن كثير مما كان يريد كتابته من أدب، كما عبَّر عن ذلك في مذكراته، ثم زاده كربًا على كربه أفولُ كوكبين في حياته: (محبوبته) و(والده).

 

أَبِنتَ الدهر، عندي كلُّ بنتٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فكيف وصلتِ أنت من الزحامِ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

"المتنبي"

لقد كانت رياحًا عاصفة، وأمواجًا من القدر هادرة على زورقه، الذي لم يَكَدْ يبرح جزيرة الطفولة، فبكاهما بكاءَ الغيمة السابحة الممطرة أينما توجَّهت، على الرغم من مجاهدة نفسه في مقاومة هذا المد العاتي، الذي لم يشفع لقلبِه الصغير أن يتحمله، حتى لكأنك تحسُّ وتشعرُ بنبض قلبه في كل قصيدة، بل في كل بيت شعري أو سطر نثري، بل لم يكن حديثه إلا حديثَ القلب الذي أصقلتْه التجارب على صغره، وفتنته الحياة فأخلصته للأدب العربي نقيًّا صافيًا ينشده الناس في كل حين.

 

وما هذه الأسطر القليلة القادمة إلا وقوف لبرهةٍ على ضريح قلبِه، الذي خاطبه الشابي متسائلاً عن سرِّ قوته، وقدرته على تشكيل الحياة من جديد، وماذا قال لقلبه يوم وفاة والده، وكيف صارح قلبه يوم أن حُرِم من متع الحياة؛ كما "نصحه" أطباؤه، إلى أن يصل إلى رسالته لقلبه عن سر السعادة ورمز الراحة النفسية التي كان ينشدها.

 

إن هذه الأسطر القادمة ليستْ إلا اختلاسًا للمناجاة التي كانت بينه وبين فؤاده الكوني الإنساني العالمي، الذي بدأ صدى صوته الشعري يُسمَع أولاً خارج الحدود التونسية في صفحات مجلة "أبولو"، إن هذه الأسطر وقفة احترام وتبجيل، ولمحة خاطفة لهذا الهمس اللطيف بين الشاعر الشاب الشابي، وقلبه الذي قتله وأحياه.

 

أول الرسائل لقلب الشابي تُلمَح من احتفائه بالقلب أيَّما احتفاء، ومناداته إياه متعجبًا من القدرات العالية التي يتمتع بها، مستعرضًا هذا الاحتفاء بأسلوب يستحث الانتباه ويبعث التأمل؛ كالنداء، والتَّكرار، والتشبيه، والاستفهام.

يا قلبُ، إنك كونٌ مدهشٌ عجبٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إِنْ يسألِ الناسُ عن آفاقِه يَجِمُوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

كأنك الأبدُ المجهولُ، قد عجزتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عنك النُّهَى، واكفَهرَّتْ حولك الظُّلَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

لكنه قبل هذين البيتين اللذينِ قد رسما لوحة فنية بارعة، رحلَ فيها العقل رحلتين بين الحقيقة والخيال:

فأما الحقيقة، فهي في مفردات الطبيعة التي تكسو النص، وأما الخيال، فهو في خلق كون جديد، وأفق وغابة، وجبل وكهف في هذا القلب...

يا قلبُ، كم فيك من كونٍ، قد اتَّقَدتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فيه الشموسُ وعاشتْ فوقه الأممُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من أفقٍ تنمِّقُهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كواكبٌ تتجلَّى، ثم تنعدمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من قبرٍ، قد انطفأتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فيه الحياةُ، وضجَّت تحته الرممُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من غابٍ ومن جبلٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تدوي به الريحُ أو تسمو به القممُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يا قلبُ، كم فيك من كهفٍ قد انبحستْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
منه الجداولُ تجري ما لها لُجَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


 

لقد أوجدتْ هذه الأحرفُ حالةً من الحياة المنتعشة في القلب، وحرَّكته من كونه عضلة تضخ الدم، إلى عضلة تنبِض بالحياة، ومظاهر الحياة من أرض وسماء وما بينهما.



استطاع - بقدرة خياله البارع - أن يلهم الناس رؤيةً جديدة للقلب، تخالف الرؤية التي يراها طبيب الجراحة أو فنيُّ التشريح، إن هذا الأفق الذي رسمه ليهدي العقول إلى تغيير نظراتنا إلى الحياة وتجديد رؤيتنا للكون، فليس كل ما تبصره هو ما تراه؛ بل إن رؤيتك للشيء تفوقُ مشاهداتك له، وتجعل للحياة معنى راقيًا.



ولم يكتفِ الشابي بهذا العرض العابر؛ بل راح يغوص في أعماق هذا العالم الجميل ويسأله عن سر قدرته على جمع نشاطات الحياة وإعادة ترتيبها، وإيجاد التوازن بين صوت الواقع ولحن الخيال، وصهر الحياة في إبريق الإبداع؛ ليسقي بشهده أهل الحياة، ويقتطف مفردة من الجنة ليوجدَ لهم بيئة راضية مرضيّة على مر الزمن:

كم توشَّحتَ من ليلٍ ومِن شَفَقٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ومن صباحٍ توشِّي ذيلَه السُّدُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكم نسجتَ من الأحلامِ أرديةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
قد مزَّقتْها الليالي، وهْي تبتسمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكم ضَفَرتَ أكاليلاً مورَّدةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
طارتْ بها زعزعٌ تدوي وتحتدمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وكم رسمتَ رسومًا، لا تشابهها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
هذي العوالِمُ، والأحلامُ، والنُّظُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

كأنها ظُلَلُ الفردوسِ، حافلة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بالحُورِ، ثم تلاشتْ واختفى الحُلُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

تبلو الحياةُ فتبليها وتخلعُها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وتستجدُّ حياةً ما لها قدمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

وكأني به في هذا المقطع خاصة، وقد مازج مزجًا محكمًا بين العقل والقلب، بل ربما يذهب هو إلى أن العقل والقلب صنوانِ لا يفترقانِ، وأنهما يكملان بعضهما البعض؛ فلا فائدة من خيالٍ لم تؤجِّجه عاطفةٌ جيَّاشة متوقدة، ولا فائدة من عاطفة مشتعلة لا تستطيع ترتيب الحياة في صورة من النشاط الإبداعي، أو أن تعبِّر عن نفسها تعبيرًا حقيقيًّا.



وسؤال العقل والعاطفة سؤال جوهري في عالم الفن والأدب، لا تكاد تلقى شاعرًا لم يفتنْه هذا السؤال، أو لم يتحرَّش بخلَده يومًا؛ مما جعل الكثيرين يُدْلُون بدلائهم في هذا الباب، فمِن مستقلٍّ ومستكثرٍ.



والأمر الآخر الملاحظ على هذا النص، هو التَّكرار الكثير لبعض الكلمات، وخاصة (القلب)؛ حيث أصر الشابي، وألح على هذا النمط الأسلوبي بشكلٍ راسٍ متعاقب؛ ليؤكِّد على أهمية القلب الذي يشكل مصدرًا لوجعه وآلامه.

 

إن الشابي لم يجدْ مَن يشتكي إليه، أو مَن يستمع له من البشر، فراح يصادق قلبه ويرافقه، ويقول له كل ما يريد، ويكرِّر عليه بلا ملل؛ لأنه يعلم أنه ليس لديه إلا هذا القلب الممتلئ بالأيام والذكريات الجميلة وغيرها.

 

أما رسالته الثانية إلى قلبه، فهي ما دار بينه وبين قلبه يوم غادرت روحُ أبيه جسدَه؛ فلقد نَعى الشابي قلبَه عندما انفطر من رحيل أبيه، فتعالوا ندلج الزمان الذي احتوى آخر أيام أبيه، وندخل غرفته في المستشفى؛ لنرى ذلك الابن البارَّ وهو يضع رأسه على صدر أبيه، ويدرُّ الدمع رقراقًا عليه كوابل المطر، فلما التفت إليه أبوه وأرسل له نظرة الوداع، لم يكن للشابي بدٌّ من أن يكذِّب الوداع ذاتَه، وأن يطرد خيال الفقد من رأسه، ولكن هيهات، فهذه الدنيا تُعلِّمنا الغروب كما تعلمنا الشروق، وبعد لحظات يلتفت إلينا بعينيه التي امتلأت مآقيها بالدموع، وهو يقول: "آه يا قلبي، لقد كانت تلك نظرة الموت وأنا لا أدري، أنا الطفل الصغير الذي لا يعرف مواقف الموت، حسبتُها نظرات الحياة تدعوني، ثم لوى عنقه، وشخص ببصره، وارتجفت شفتاه بالشهادة التي لم يفترْ عن تردادها، ولفظ النفَس الأخير، لقد مات أبي أيها القلب! فماذا لك بعدُ في هذا العالم؟!".

 

إنه ينادي قلبه متأوِّهًا من الألم الذي عصره لحظة وفاة والده، وهذا من أعجب العجب، أن تتأوَّه لقلبك وتشتكي له، وكأنه ليس هو الذي منحك هذا الإحساس وهذه المشاعر، آه يا قلبه الطفولي الصغير! على الرغم من أنه يحملك شاب قد بلغ العقد الثالث من عمره، إلا أن روح الطفولة وبراءتها وفطرتها لا تزال تجري في عروقه، إن الرجل والمرأة يبقيانِ أطفالاً أمام والديهما مهما بلغا من الكِبَر عتيًّا، فإذا مات أحدهما شاخ المرءُ فجأةً؛ كما يقول نابليون بونابرت.

 

لقد مات أبوه القاضي، الذي سعدت الأراضي التونسية بسموِّ خُلُقه، وحسن سيرته، وطيب سيرته بين مسجده ومحكمته وبيته، حتى ختم حياته بالشهادة، وكأنه يربِّي ابنه في هذه اللحظة الحاسمة أن كُنْ مع الله يكنِ اللهُ معك، ولكن عظمَ حجم المأساة، وجُثُومُها على صدر الشاعر من هذا الفراق، قد حوَّلت أيامه ولياليَه إلى سواد كالح، نهارُها كليلِها، عن قلبه لا تحيد، وتحت قدميه به تَمِيد.

 

وأما الرسالة الثالثة، فهي عتاب غيرُ لطيفٍ إلى قلبه الذي أطعمه الحرمان، لقد كان الحرمان ألمًا ممضًّا يتجرَّعه آناء الليل وأطراف النهار، وهو لا يكاد يُسِيغُه، وتأتيه صور المتعة والبهجة من كل مكان وما هو بمبتهجٍ، ومن ورائه الأطباء يمنعونه من التمتُّع بها لأجل صحَّة قلبه، وهو لم يُرِدْ من غشيان هذه المتع الحياتية إلا صحة قلبه وسعادته، ولكن ما أبعدَ نَجْعَةَ الآمال عن قلبه، فبعد أن كان مصدرَ الإلهام صار مصدر الآلام.

 

لقد استنطقتْ هذه الأحرف صورةً رآها في يوم ما، فقال: "ها هنا صِبْيَة يلعبون بين الحقول، وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل، ومَن لي بأن أكون مثلهم؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفًا! آهٍ يا قلبي! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني، وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية". فماذا بعد هذا الأسى إلا بقاءٌ يسير لم يتجاوز السنوات الأربع، حتى ودَّعت روحُه كل هذه المُهَج من الدنيا، ورحلت إلى عالم علوي سماوي في جنات عرضها كعرض السماء والأرض - بإذن الله.

من عاشَ بالوحي المقدَّس قلبُه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لم يلتفتْ لحجارةِ الفلتاءِ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

ولا يَعزُب عنَّا صوتٌ مميز لا يمكن أن يغيب صداه عن كل مَن سمع نداءاته لقلبه، ذلك الصوت الذي أخبر فيه قلبَه عن سر السعادة، وأنها حلم صنعته أوهام الناس من قديم الأزل، ويستدل على ذلك بحياته التي ملأها الحزن والألم:

تَرجُو السَّعادةَ يا قلبي ولو وُجِدَتْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في الكونِ لم يشتعلْ حُزنٌ ولا أَلَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ولا استحالتْ حياة ُ الناسِ أجمعُها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وزُلزلتْ هاتِهِ الأكوانُ والنُّظُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فما السَّعادةُ في الدُّنيا سوى حُلُمٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ناءٍ تُضَحِّي لهُ أيَّامَهَا الأُمَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ناجتْ به النَّاسَ أوهامٌ مُعَرْبِدةٌ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لَمَّا تغَشَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ والظُّلَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فَهَبَّ كُلٌّ يُناديهِ ويَنْشُدُهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كأنَّما النَّاسُ ما ناموا ولا حلُمُوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

والملحوظ في المقطع السابق البداءة في أول الأبيات بضمير الذات (قلبي)، إلا أن هذه الذاتية لم تبق طويلاً حتى التهمت الأمم كلها، ولكنه عاد بعد أن ألقى الريشة والألوان ليرفع اللوحة ويعيد رسم لوحة السعادة التي يرجوها لقلبه، والتي تمثّلت في قيم قلبية مُثلى، ومبادئ روحية كبرى؛ كالرضا والقناعة والصبر.

خُذِ الحياةَ كما جاءتْكَ مبتسمًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في كفِّها الغارُ، أو في كفِّها العَدَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

وارقُصْ على الوَرْد والأشواكِ مُتَّئِدًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
غنَّتْ لكَ الطَّيرُ، أو غنَّتْ لكَ الرُّجُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

واعمل كما تأمرُ الدنيَا بلا مضضٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والْجَمْ شعورَك فيها، إنها صَنَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فمَن تألَّم لن ترحمَ مضاضتَهُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وَمَنْ تجلَّدَ لم تَهْزأْ به القِمَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هذي سعادة ُ دُنْيَانا، فكُنْ رجلاً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إِنْ شئْتَها أَبَدَ الآبادِ يَبْتَسِمُ! [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

هكذا يرى السعادةُ الشابِّيُّ، وهو يلتقي هنا مع حروف مشعَّة، خطها المنفلوطي في رائعته "الفضيلة"، حين قال عن السعادة بأنها "ينبوع يتفجر من القلب، لا غيث يهطل من السماء، وإن النفس الكريمة الراضية البريئة من أدران الرذائل وأقذارها، ومطامع الحياة وشهواتها، سعيدةٌ حيثما حلَّت، في القصر وفي الكوخ، في المدينة وفي القرية، في الأنس وفي الوحشة، في المجتمع وفي العزلة، بين القصور والدُّور وبين الآكام والصخور،.فمن أراد السعادة فلا يسألْ عنها المال والنسب، والفضَّة والذهب، والقصور والبساتين، والأرواح والرياحين، بل يسأل عنها نفسه التي بين جنبيه؛ فهي ينبوع سعادته وهنائه".

 

وليختم رسالته إلى قلبه بوصية تكاد تكون من المتفق عليه بين الشعراء الرومانسيين، خاصة أدباءَ المهجر كـ"إيليا أبو ماضي"، و"جبران خليل جبران"، ألا وهي هجر صخب المدينة والتلحُّف برداءِ الصمت، والمَبِيت تحت سقف السماء وظل الأشجار؛ فليس الحلم هو ما تراه في المنام؛ بل الحلم هو ما تراه في اليقظة.

وإن أردتَ قضاءَ العيشِ في دَعَةٍ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
شعريَّة ٍ لا يغشِّي صفوَها نَدَمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فاتركْ إلى النَّاس دُنْياهمْ وضجَّتَهُمْ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وما بَنَوا لِنِظامِ العَيشِ أو رَسَمُوا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

واجعلْ حياتَكَ دَوحًا مُزْهرًا نَضِرًا [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في عُزْلَةِ الغابِ ينمو ثُمَّ يَنْعَدِمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

واجعلْ لياليكَ أحلامًا مُغَرِّدةً [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
إنَّ الحياةَ وما تدوي به حُلُمُ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

إن الشابي في مرض وفاته وعندما زاره أحدُ محبِّيه وجلاَّسه، فقال له: أتخشى الموت؟ قال: "لا، ولكن أخاف على هذه"، وأشار إلى ديوانه، أشار إلى ديوانٍ لم تكتمل صفحاتُه بحياة مبدعِه، الذي ما جاوز العقد الثالث بقليل، إلا واستلمتْه يد المنون، أشار إلى ديوان كتب، أشار إلى ذلك الديوان الذي كتبه بدم قلبه لأجل قلبه، لا لأجل أحد سواه، حشد السهل والجبل، والتل والقمر، والطير والبحار، والجداول والأنهار، وقيمًا رفيعة راقية لا تبلَى ولا تخلق مع مر الزمان وتعاقب الأمم والسنين، كيف لا، وكلنا نردِّد بيته الذي يجمع فيه أعظم قوى القلب وهي "قوة الإرادة"؟!

إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فلا بدَّ أن يَستَجِيبَ القَدَر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

 

وصلات المقال:

ديوان الشابي (أغاني الحياة).

 

مذكرات الشابي.

 

ديوان المتنبي.

 

الفضيلة (بول وفرجيني)، رواية صاغها مصطفى لطفي المنفلوطي.

 

(التكرار وأثره في إنتاج الدلالة.. قراءة في نصوص "أبي القاسم الشابي")؛ معمر الشميري.

 

برنامج تلفزيوني عن الشاعر على قناة الجزيرة الوثائقية.


 
الأستاذة الرائعة نوره الدوسري
دراسة وافية و رائعة
تحياتي و مودتي
 Shocked 

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» انتشار الرواية (قراءة ثقافية) محمد فايع عسيري
» خُذوا مولدَ الرسول (ص) من عقله وقلبه وروحه وأخلاقه وستولّدون من جديد
» أبوالقاسم الشابي
» أبو القاسم الشابي
» صباح جديد...........ابي القاسم الشابي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق التاريخ والتراث وسيرة حياة المشاهير-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
باسند - 51612
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_rcap1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Voting_bar1بين الشابي وقلبه ,,, محمد فايع عسيري Vote_lcap1