منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
كل عام وانتم بخيربمناسبة عيد الفطرالمبارك
عبارات عن القرآن في رمضان
كل عام وانتم بخير بمناسبة راس السنة الهجرية
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الثلاثاء يوليو 18, 2023 10:57 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 تاريخ العراق يتكلم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:22 pm


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



(إنخيدوانّا) أقدم شاعرة عراقية موهوبة وبارعة معروفة في العالم
كتب الشاعر والناقد العراقي الكبير سامي مهدي : الإغريقية (سافو) هي أقدم من عرف من النساء الشواعر. غير أن هناك شاعرة عراقية موهوبة وبارعة تقدمت عليها بنحو سبعة عشر قرناً هي (إنخيدوانّا). فسافو عاشت خلال القرن السادس قبل الميلاد، في حين عاشت أنخيدوانا في القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد. بل أن أنخيدوانا هي أقدم مؤلف وشاعر معروف في العالم، حتى اليوم، بكونه شخصية تاريخية.
وإنخيدوانا هذه هي ابنة العاهل العظيم سرجون الأكدي، الذي وحد البلاد، وبنى مدينة أكد (أكاد، أكادة) وجعلها عاصمة لها، وأسس إمبراطورية امتد نفوذها حتى سواحل البحر الأبيض المتوسط، وأعماق بلاد الأناضول، وحتى الخليج العربي وسواحله في عمان، ودام حكمه نحو خمسة وخمسين عاماً (2371-2316 ق. م.). وقد كانت أنخيدوانا ابنته الوحيدة بين أبنائه الخمسة. ومع ذلك عينها «كاهنة عظمى» في معبد الإله القمر ننا (سين) في مدينة (أور). ويبدو أنه عينها في أواخر عهده، فقد كانت ما تزال على قيد الحياة في عهد حفيده نرام ـ سين الذي حكم نحو ستة وثلاثين عاماً. ويرى بعض الباحثين المختصين أن دوافع هذا التعيين كانت سياسية، وهي كسب ود رعاياه من السومريين.
الشائع في تاريخ الشعر العالمي أن الشاعرة الغنومما يؤكد حقيقة أن إنخيدوانا شخصية تاريخية عثور المنقبين على قرص مدور صغير من المرمر في معبد الإله القمر يصور كاهنة تترأس طقساً من الطقوس الدينية، وكان هذا القرص مكسوراً ومشوهاً بصورة متعمدة، وبعد ترميمه برز على ظهره نقش بخط أنخيدوانا، بحسب وستنهولز، تصف فيه نفسها فتقول: «إنخيدوانا، امرأة نانا الحق، زوجة نانا/ ابنة سركون ملك الجميع/ في معبد إيننا في أور/ منصةً أنتِ بنيتِ/ ومنصة/ مائدة السماء (آن) أنتِ سمّيتِ».
كانت إنخيدوانا، بإجماع الباحثين المختصين، شاعرة موهوبة وقديرة، كتبت شعرها بلغة سومرية عالية، ولهذا ذهب الظن ببعضهم إلى أنها من أم سومرية، وليست من زوجة أبيها الأكدية «تشلتم». وهذا ضرب من التخمين لا يستند إلى أساس. ويمتاز شعر إنخدوانا بسعة الخيال، وجمال التشبيهات، وحرارة العاطفة، وقوة التعبير عن حياتها الباطنية. وقد عثر المنقبون لها على ثلاث قصائد طويلة في تمجيد الإله ـ القمر (سين)، وثلاث طوال أخرى في تمجيد الإلهة (إيننا)، إضافة إلى اثنتين وأربعين ترتيلة لـ(إيننا) نفسها. وختمت الترتيلة الثانية والأربعين بتذييل جاء فيه: «الذي وضع هذا اللوح/ هو إنخيدوانا/ مليكي/ ما أبدع هنا/ لم يبدعه أحد من قبل». ويذكر الباحثون أن مؤلفاتها درست في العراق القديم، واستنسخت ـ على مدى أكثر من خمسة قرون ـ حتى لقبها أحدهم بـ(شكسبير الآداب السومرية).
ويظهر من شعر أنخيدوانا أنها كانت امرأة ذكية، قوية الشخصية، صلبة الإرادة، ذات شمم وكبرياء، وكانت تدرك أهمية موقعها، وتتخذ الموقف الذي يليق بها بوصفها أميرة وكاهنة عظمى، وتفخر بكونها «امرأة نانا الحق، زوجة نانا، ابنة سركون ملك الجميع». وكان لها ولشعرها تأثير كبير في التفكير الديني، في حياتها وبعد وفاتها بقرون. وقد وصفتها كاهنة عظمى جاءت بعدها بأنها «امرأة بخواصر مؤهلة في طهرها، جديرة بالكهانة».
وبرغم أنها كانت كاهنة عظمى في معبد نانا، وأعلنت أنها زوجته، برغم ذلك عظّمت إيننا وأسبغت عليها من الصفات، ونسبت إليها من القوى والقدرات، ما يضعها في قمة البانثيون الرافديني. وإيننا هي إلهة الحب والخصب والحرب في المعتقدات السومرية. وقد عرفت عند الأكديين، ومن بعدهم البابليون والآشوريون، باسم (عشتار). ويرى بعض الباحثين أنها كانت، في ما مضى، الإلهة ـ الأم. وعادة ما كان يرمز إليها بكوكب (الزهرة). ويقترن اسمها، في أدب العراق القديم، باسم الراعي: دموزي (تموز، عند البابليين). فهو حبيبها وزوجها وشريكها في طقس احتفالي سنوي كان ملوك العراق القديم يقيمونه في الربيع لكي تنعم البلاد بالخصب، هو ما يعرف بطقس «الزواج المقدس». وكانت إنخيدوانا تشعر بوجود صلة حميمة عميقة بينها وبين إيننا، وتعتقد أن حياتها ومصيرها يتوقفان على هذه الصلة، ولعل هذا هو سر تعلقها بها وتعظيمها لها. وهي تصفها فتقول: «إيننا/ طفلة الإله القمر/ برعم ناعم يتفتح/ ثوبها الملكي يحمي الفنن النحيف/ تخطو بقدمها الرشيقة/ على ظهر ثور لازوردي متوحش/ وتخرج».
ويبدو أن إنخيدوانا قد تعرضت للاضطهاد في أواخر حياتها، فقد أقصيت من منصبها الكهنوتي، ونفيت، فاستنجدت بإيننا على من أقصوها، فاستجابت لها إيننا، وأعيدت إلى منصبها. ونظمت في ذلك واحدة من أجمل التراتيل، وسردت فيها قصة إقصائها. ويبدو أن من أقصاها رجل يدعى لوكال أنا، فقد ثار هذا على نرام _ سين، في أوروك، ويرجح بعض الباحثين أنه هو الذي قام بعزلها ونفيها. ويرى نيسين أن تعيين إنخيدونا في الكهانة العظمى كان، في الأصل، إهانة للكهنة المحليين، وربما كان هذا هو سبب عزلها ونفيها من قبل الثوار.
وفي عام 2003 صدر كتاب بالإنجليزية عنوانه «إيننا السيدة ذات القلب الأرحب، قصائد الكاهنة العظمى إنخيدوانا»، والكتاب من تأليف الباحثة الأميركية بتي دو شونغ ميدور، وهي محللة نفسية يونغية، ذات نزعة جنسانية، تعرفت مصادفة على شخصية إيننا، فراحت تبحث عن كل ما يتعلق بها، وقادها هذا البحث إلى التعرف على إنخيدوانا وشعرها، وصار بحثها عن إيننا يمتزج ببحثها عن إنخيدوانا حتى كأن كلاً منهما هي الأخرى. وواضح أن اهتمامات ميدور الجنسانية هي التي خلقت لديها هذا الشغف بالبحث عن طقوس الزواج المقدس لدى السومريين، وبإيننا حبيبة دموزي، وبإنخيدوانا التي بجلت إيننا وعظمتها. ولذا جا كتابها عن إنخيدوانا وشعرها في سياق بحثها عن إيننا، واستلزم هذا منها أن تضع الشخصيتين في سياقهما من تاريخ العراق القديم. وقد تضمن الكتاب ترجمة ثلاث قصائد طويلة من شعر إنخيدوانا، هي قصائدها الثلاث الطوال عن إيننا، مع تحليل واف لكل منها. وبرغم سلاسة ترجمة هذه القصائدن وجمالها، يصعب على المرء الاطمئنان إلى دقتها. ذلك أن ميدور لا تعرف اللغة السومرية، وهي استعانت ببعض من يعرف هذه اللغة من الأكاديميين وطلبتهم، فقاموا هم بإملاء ترجمتها عليها، ثم تولت هي صياغتها بالإنجليزية. وزاد تحفظي على هذه الترجمة عندما قارنت ترجمة إحدى القصائد بالترجمة التي وضعها العالم العراقي المختص، د. فاضل عبد الواحد علي، ونشرها في كتابه «سومر، أسطورة وملحمة». فالفارق بين الترجمتين كبير حتى ليصح وصف ترجمة ميدور بأنها: ترجمة بتصرف. وهذا واضح من ثلاث نواح: الأولى أن ميدور لم تلتزم بعدد سطور النص الأصلي (السومري) ووزعت الجمل والعبارات على السطور على هواها؛ الثانية هي التصرف بالنص، إما لغموض بعض مفرداته وتعابيره، وإما لتجميله، ومن ذلك حذف التكرارات، وهذا مما ابتعد به عن الدقة؛ الثالثة عدم مراعاة بيئة النص اللغوية، ومحاولة إيجاد بدائل لبعض التعبيرات والمفردات التي استخدمها السومريون، وشاع استخدامها بين علماء السومريات، من مثل الـ(مي ME) وتترجم عادة بـ(النواميس الإلهية)، وعبارة (بيت الأحزان القديمة) وهو تعبير بلاغي عن العالم السفلي، و(قيثارة البكاء) وهو تعبير بلاغي آخر. ومن المؤسف ان المجال لا يتسع هنا للمقارنة بين الترجمتين لكي نلاحظ الفارق الكبير بينهما.
ومما هو جدير ذكره أن كتاب ميدور قد ترجم إلى العربية، وقد قام بترجمته كامل جابر، وصدر عام 2009، عن دار الجمل. والأستاذ جابر، كما عرّفته دار الجمل، عراقي مقيم في الولايات المتحدة، نال الدكتوراة في العلوم الطبيعية، وهو يعيش ويعمل في نيويورك، وقد نشر القليل من الكتابات النثرية والترجمات المتفرقة عن العراق القديم.
وحسناً فعل د. جابر إذ قام بترجمة هذا الكتاب، فهو إضافة مهمة إلى ما نعرفه عن هذه الشاعرة الرائعة. وجاءت الترجمة بلغة عربية سلسة، لا التواء فيها، تيسر عملية قراءته وتغري بها. غير أننا نلاحظ على الترجمة أنها لم تستخدم ما استقر العلماء العراقيون المختصون من تسميات للمواقع والأشخاص والآلهة، بل اعتمدت النص الحرفي للأسماء كما جاءت باللغة الإنجليزية، فوقعت في بعض المفارقات.
فاسم الشاعرة الذي استقرت عليه مؤلفات العلماء العراقيين وترجماتهم هو إنخيدوانا، وليس إنهيدوانا. والطور الانتقالي الثالث من العصر الحجري القديم إلى العصر الحجري الحديث هو: طور سامراء (المدينة العراقية المعروفة) وليس طور (سامارا) المجهولة الغامضة، كما جاءت في الترجمة. والموضع الذي قامت عليه هذه الحضارة هو (تل الصوّان) وليس (تل السوان). والطور الحضاري الذي تلا طور العبيد هو طور (جمدت نصر) وليس (جمدت ناصر). والإله ـ القمر هو (سين) وليس (سيون). وقد اصطلح على تسمية مدينة (نيبور) المقدسة باسم آخر هو (نِفّر). وتفضل كتابة اسم الملك (لوكالزاكيسي) الذي ورد ذكره في الترجمة بـ(لوكال زاكيزي) فالاسم يتكون من كلمتين، هما: لوكال، وزاكيزي. واسم الملك (لوكالنموندو) الصحيح هو (لوكال أنيموندو). واسم الملك الكلداني (نابونيدس) الثابت في المؤلفات العراقية هو (نبونئيد). واسم الملك (أدنداكان) الصحيح هو (أدن داكان) من كلمتين. واسم إله مدينة لجش هو (ننغرسو) وليس (ننكير سوا) واسم ملحمة الطوفان التي أعاد الآشوريون إنتاجها هو (أتراحاسس) وليس (أثراهيسس).. وهكذا.
وبرغم هذه المآخذ يبقى الكتاب مهماً ومفيداً، خاصة بما يقدمه من تحليل للفكر الديني ولتطور الوعي الفردي في حقبة مهمة من حقب التحول الفكري والسياسي، في تاريخ العراق القديم.
*************************
تعقيب للدكتور خليل البدوي
*************************
أنخيدوانا: أول كاتبة في العالم
أنخيدوانا,شكسبير الأجب السومري,شكسبير بلاد ما بين النهرين
أنخيدوانا، أول مؤلفة في العالم و شكسبيرة حضارة الميزوبوتاميا (ما بين النهرين).
هناك قِلة من النساء في التاريخ السحيق اللواتي تمكنّ من وضع بصمة في العالم وحصلن على دعمٍ معنوى من آبائهن. اعتبر سَرجون العظيم ملك عظيماً لعِدَة أسباب، ولكنني اليوم سأتحدث عن سببِ غيرَ مألوف في هذا المقال. فربما يكون سرجون أعظم أب لإبنته أنخيدوانا. التي لُقِبت من قبل الدارسين بـ “شكسبير الأدب السومري”. بدأت انخيدوانا حياتها كاميرة أكدية، وفي النهاية أصبحت كأول كاتبة في العالم. والبعض يعتبرها كأول ناشطة نسوية في العالم.
لَخصت جانيت روبرتس في مقالتها “انخيدوانا ابنة الملك سَرجون الأميرة، والشاعرة، والكاهنة” ما تُمثله انخيدوانا بإختصار: “مثلت انخيدوانا شخصيةً قويةً ومبدعة، إمرأة متعلمة انجزت ادواراً متنوعة في مُجتمع مُعقد، بطموحات لا تختلف عن طموحات نساء اليوم”.
على الرغم من الانبهار بالعثور على مئة لوح طيني تحمل كتابات لأنخيدوانا تعود إلى الحقبة البابِليّة القديمة، ألا أنها عاشت 500 سنة قبل ذلك، في الفترة 2285-2250 قبل الميلاد”. ويشكك بعض الباحثون في كونها ابنة سَرجون العَظيم من صُلبه، وإنّما كانت تتحلى بشئِ مميز وكاريزما اخآذة لأن سَرجون رسّمها كاهنة عُليا على أهم معبد في أور السّومريّة، وكان ذلك كخطة سياسية لتساعده على توطيد الإمبراطورية. فقد كان بِحاجةٍ الى كاهنة عُليا من نَسلٍ ملكي ممزوج بين ألهة سومر مع الآلهة الأكديّة، ومن خلال رسامتها ككاهنة، حصلت انخيدوانا على اسمِها.
ويُتَرجَم إلى: (كاهنة آن العُليا) آن تعني : إله السماء، أو (كاهنة-آن) وزوجة إله القمر (نانار). كانت هي أول من حَمل اللقب (كاهنة-آن)، وهو مَنصِب ذو اهمية سياسية كُبرى تَشغَلَهُ بنات من العائلة المالكة، وهو تقليد بدأ بـ أنخيدوانا. هناك ترجماتٌ أُخرى لاسمها: “الكاهنة العُليا مَفخَرَة السماء/الجنة ” لكن إسمها الحقيقي غير معلوم، بالإضافة إلى ذلك هناك لقب يمكن أن يَصدِمُنا اليوم وهو (شكسبير الأدب السومري)، والذي اُطلقه عليها ويليام وولفغانك هاللو الباحث من جامعة يال وبروفيسور مختص في أدب الآشوريّات والبابِليّات. لقّب هاللو انخيدوانا ب “شكسبير الأدب السومري” بَعد قِراءة اعمالها. لكن على خِلاف الهوية الغامضة لـ “شكسبير” نحن نعرِف كيفَ تعلمت انخيدوانا بما يكفي لكي تكتب ما كَتَبت. يُمكن أن تَرى انه لم يكن نادراً للكاهنات في بلاد ما بين النهرين أن يكنّ مُتَعلمات، ولكن ما يُميّز انخيدوانا عن النساء الأُخريات اللواتي كنّ بنفس هيبتها أنها كانت أكثر من مجرد كاتبة (ناسخة كتب) بل كانت مؤلفة لها مكانتها، ودعم والدها لها سَمَحَ لَها أن تكتب كأول شخص وتُضَمِن نَفسها في تراتيلَها و اشعارها.
تصف أحّد المَصادر أعمالها ” تتنوع تراتيلها، فهي توظّف كـ: تَعويذة متعددةُ المَستويات، وجِدال سياسي، ونبذة شخصية، ونصٍ شَعائِري، ونصٍ لاهوتي، ونصٍ تأريخي، ونص له بُعد قضائي (أوراق إنهدوانا البحثية). وهي نسخ لعمل أجرته وأبقته في نيبور، أور وربما لجش. والَتي تَمّ حِفظها جَنباً إلى جَنب مع مَخطوطات مَلَكيّة، وهذا يوضح فكرة أنّ كِتابات انخيدوانا كانت ذات قيمة عالية جداً حتى لقرون بَعدَ وَفاتِها.
قصيدة لأنخيدونا منقوشة على ألواح
أن تكون بهذا المنصب الديني في الشرق الأدنى القديم كان على نحوٍ مؤكد منصباً سياسياً، كان تأثير انخيدوانا قوياً جداً حتى بعد وفاة والدِها، وخلال حُكم أخيها رَيموش حاول المتمرد السومري لوكال آن بمحاولة إنقلاب ضدها. مما أجبرها على أن تُنفى، وعَمَلها الأشهر “نن-مي-سارا” (تمجيد أنانا) كان عبارة عن ابتهال أسهبت فيه عن معاناتها أثناء طردها وعودتها وعن وَضعها السابق كأعلى كاهنة خلال ذلك الزمن، فمن خلال هذا الابتهال تمكننا من تسجيل عِدّة تفاصيل عن حياتها. وربما نَعت هاللو لانخيدوانا بـ “شكسبير الأدب السومري” بسبب كتاباتها عن مواضيع سرمدية تناقش بصورة مستمرة حتى في أحدث المجتمعات الأدبية، مثل أهوال الحرب كما وصفتها في قصيدتها (ندب روح الحرب). وكسابقة لعَصرها، ساعدت إنخيدوانا كذلك في مَنهجة علم اللاهوت خلال معابد الابتهالات السومرية، والتي تتضمن 42 إبتهالة مُرسَلة إلى المعابد في سُومَر وأكَد. وهذه المجموعة تُعتَبَر من قِبل الباحثين كأول محاولة لتنظيم الدين (اللاهوت). وفي هذه الأبتهالات ذكرت أنخيدوانا بِنفسِها بأنها الأُولى مِن نَوعِها: “مَليكي شَيئاً ما قَد صُنِع لَم يُصنع مثله قبلاً”.
قرص أنخيدونا، أول دليل قدّمها إلى العالم الحديث
بقت انخيدوانا تعمل على دورها المؤثر بِصِفتها (كاهنة-آن) لأكثر من 40 سَنة، ولم تتوقف حتى وَفاتِها خِلال فترة حكم إبن أخيها (نَرام سين)، واستمرت بكونها شخصية فعّالة حتى بعد وفاتها، وربما حصلت على رُتبة (شِبه-إلاهية). قد لا يُعثر على قبر إنخيدوانا أبداً، وقدّيستمر الباحثون في الجدل بشأن إذا ما كانت هي حَقّاً من كَتَب تلك الأشعار والترانيم كما يفعلون مع شكسبير، بيد أن إرثها محفوظٌ بكتاباتها.
إنّها تحاكي مشاعرها الشخصية عن العالم الذي عاشت فيه. ففي إحدى قصائِدِها تذكر:
أنا مَن جَلَستَ مبتهجةً بالنصر هو من إندفع خارجاً من المعبد
كالسنونو جعلني أطير من النافذة
حتى ذهبت أنفاسي
لقد خلعني من التاج لكي أُوائم الكِهانة
وإعطاني خِنجراً وسَيّفاً
وقال لي: هكذا تكوني أنتِ

فأولُ ما دخلت المعبد المُقَدّس كان القُدّاس لك
أنا إنخيدوانا الكاهنة العُليا
حملتُ سلّة الطقوس، وهتفت بمديحك
والأن طُردت إلى أرض المجذومين
يأتي النهار وبريقه مختبئ حولي
الظلالُ تغطي النور، تكسوه في عواصف الرمال
فمي الجميل لا يعرف إلا الارتباك
فحتى مضاجعتي كالغبار
***********
ومن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
إنهيدوانا أو انخيدوانا أو ان-هيدو-انا
انخيدوانا(2285-2250 ق م) اسمها انخيدوانا او ان-هيدو-انا و(ان معناها الكاهن الاعلى,و هيدو معناها زينة , ومعناها زينة الكاهن الاعلى للاله ان وان هو اسم يشير إلى الالهة نانا(سين)الهة القمر )
هي اميرة اكدية و كاهنة الاعلى للاله نانا اله القمر عند السومريين في مدينة اور , وبما انها كانت كاهنة عليا فكانت تمتلك دور سياسي قوي من البنات الملكيات , انخيدوانا هي عمة الملك الاكدي نرام سين و هي احدى اقدم النساء المعروفات عند ذلك الوقت من التأريخ .
يعتبرها العلماء و الأدباء اقدم امرأة كاتبة و شاعرة حب و جنس , انخيدوانا وصلت إلى اعلى رتبة كهنوتية في الالف الثالث قبل الميلاد , وكان لها دور زمن حكم ابيها سرجون الأول وزمن امها الملكة تاشلولتوم, وكان لها اعمال و اشعار ادبية عن الالهة إنانا وعن الالهة السومرية الاخرى.
انخيدوانا بما انها كانت كبيرة الكهنة فكانت داهية سياسية فحركت ابيها سرجون للبناء في جنوب بلادسومر وتحديدا في مدينة اور وان تكون اميرة وحاكمة لهذه المدينة .
استمرت بوضعها المركزي أيضا خلال بداية عهد حكم اخيها ريموش , لكن في عهد ريموش عرفت بعض المناطق السومرية تمردات ضد حكم اخيها ريموش فطردت من مكانتها , لكنها عادت اليها خلال حكم ابن اخيها نرام سين وكان لها دور في اقناع الجنوب السومري باعادة حكم الاكاديين عليهم وبعد فترة قصيرة من ذلك ماتت. كانت إنخيدوانا أول امرأة تشغل منصب كبيرة الكهَنة في عهد أبيها، الملك السومري سرجون الأول، الذي وحّد مملكتي سومر و أكد في جنوب وشمال بلاد ما بين النهرين. والدتها سومرية من جنوب العراق ، وربما كانت كاهنة هي الأخرى. ويُقال إن سرجون الأول دوّن الكلمات التالية على إحدى الرُقم الطينية شارحاً قصةَ مولده : والدتي الكاهنة حملتني جنيناً، وأنجبتني سرّاً، ووضعتني على فُلكٍ من ورق البرُدي، وأحكمت رتاج الباب. حملني النهر إلى فلاح اسمه أكّي، الذي رباني كابنه. .. خلال عملي في عزق الحدائق، رأتني عشتار وأحبتني. وعلى مدى أربع وخمسين عاماً كان الملُكُ لي
الادلة الاثرية و النصية
انخيدوانا كما هو معروف في الادلة الاثرية و النصية حملت اسم ختمين من وكلائها خلال العصر السرجوني , منها في المقبرة الملكية في اور, واخرى على قرص الاباستير عند التنقيب عنه في موقع جيبار في مدينة اور الاثرية , حيث يذكر انها الكاهنة العليا للاله ان .
عملها الادبي
انخيدوانا كتبت 42 ترنيمة عنونت في المعابد الموجودة في بلاد سومر و اكد ومنها معبد إريدو و سيبار و اشنونة , ويوجد 37 لوح اثري ذكر اشعارها في مدينتي اور و نيبور معظم هذه الالواح الاثرية تعود إلى زمن سلالة أور الثالثة و في العصر البابلي القديم .
تسبيح من أجل انانا
<<يا ملكة كل شيء، أيتها الضوء المتوهّج أيتها المرأة الواهبة للحياة،
أنتِ يا من تجلبين الطوفان من الجبل، أيتها الشاهقة، يا إنانا السماء والأرض، يا من تمطرين ناراً ملتهبة على القفار يا من بعثها إليّ الإلهُ (آن)، أيتها الملكة التي تمتطي الوحوشَ والتي نطقت بالكلمات المقدسة تنفيذاً لأوامر (آن) المقدسة، من يستطيع أن يسبرَ شعائركِ المقدسة! يا مدمّرة الأراضي الأجنبية منحتِ الأجنحةَ للعاصفة، حبيبة (أنليل)- وجعلتها تهبّ على الكون، وحملتِ أوامر (آن). مليكتي، الأراضي الغريبة تطأطأ أمام صرختكِ، رعباً وخوفاً من الريح الجنوبية أتى البشرُ إليكِ بضجيجهم الملتاع حملوا صراخهم إليكِ ووقفوا أمامك يولولون وينتحبون وأمامكِ جلبوا النحيبَ العظيم لشوارع المدينة. … مليكتي، أنتِ الافتراسُ كلّه في قوّتكِ وظللتِ تهاجمين مثل ريح مهاجمِة، وظللتِ تعولين أعلى من الريح المعولة، وظللتِ ترعدين أعلى من الرعد، وظللتِ تئنّين أعلى من الرياح الخبيثة، قدماكِ لا يمكن أن يصيبهما الإعياء وجعلتِ الولولة تُعزف على "قيثارة النحيب." مليكتي، جميع الآلهة العظام فروا أمامكِ مثل خفافيش مرفرفة، لم يستطيعوا الوقوف أمام وجهك المهيب، لم يستطيعوا الاقتراب من جبينكِ المهيب، من يستطيع أن يهدّئ قلبكِ الغاضب! قلبكِ المهلِك لا يمكن تهدئته! أيتها الملكة، يا سعيدة الروح، يا فرِحة القلب، يا من لا يمكن تهدئة غضبها، يا ابنة الإثم، يا ملكة، يا الحاكمة المُطلَقة في البلاد، من قدّم ولاءً كافياً لكِ! الجبل الذي امتنع عن تقديم الولاء لكِ يبست أعشابه وصارت قاحلة، أضرمتِ النارَ ببواباته العظيمة، أنهارُه جرت دماً بسببكِ، وناسُه نشفَت مياههم، جيشهُ انقادَ طواعيةً إلى الأسر أمامكِ، قواته تفرّق شملها طواعيةً أمامكِ، ورجاله الأقوياء طواعيةً خرّوا أمامكِ، أماكن اللهو في مدنه امتلأت بالفوضى ورجاله البالغون سيقوا كأسرى أمامك. … يا ملكة الملكات العظيمات، يا من أصبحت أعظم من أمك التي أنجبتكِ لحظةَ خرجتِ من الرّحم المقدس، عارفة، حكيمة، وملكة على كل البقاع، يا من ضاعفتِ كل المخلوقات الحية والبشر- لقد نطقتُ بأغنيتكِ المقدّسة. أيتها الإلهة الواهبة للحياة، المولودة للألوهة، يا من أسبّح تهليلها، الرحيمة، المرأة الواهبة للحياة، يا مشعّة القلب، لقد نطقتُ بأغنيتي أمامك حسب ما يناسبُ ألوهتكِ دخلتُ أمامكِ إلى معبدي المقدس، أنا الكاهنة، إنخيدوانا، حاملةً سلّة البخور، أنشدُ ترنيمتكِ السعيدة، لكنني الآن لم أعد أسكن المعبد المقدس الذي شيدته يداك. أتى النهار، وجلدتني الشمس وأتى ظلّ الليل، وأغرقتني الريح الجنوبية صوتي الرخيم الحلو كالعسل صار نشازاً وكل ما أعطاني المتعة تحول إلى غبار. آه، أيها الإثم، يا ملك السماء، يا قدري المرير، إلى الإله (آن) بلّغي شكواي، و(آن) سوف يخلّصني … أنا إنخيدوانا، أتضرّع إليك، إنانا، ودموعي مثل شراب حلو. … أنا، من أنا بين المخلوقات البريّة! … أه، أيتها الملكة التي ابتكرت النواح مركبُ النواح سيرسو في أرض معادية وهناك سأموت، أنشدُ الأغنية المقدسة. … أوه، إنانا، المجدُ لكِ
-------------------------
الصور
أنخيدونا،
قصيدة لأنخيدونا منقوشة على ألواح
قرص أنخيدونا، أول دليل قدّمها إلى العالم الحديث
ألواح العمل “ترانيم المعبد السّومريّ”

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:26 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]



الانثى والخلق في ديانة العراق القديمة

آنانا ، رمز الانوثة والخصب في العراق القديم
ان رمز الانثى في حضارة العراق القديم ظل دائم الحضور في جميع الآثار التي تم العثور عليها. في الفترة الشبه كتابية استخدمت الرموز الانثوية للتعبير عن مدلولات كثيرة. نجد مثلا ان جسم المرأة قد استخدم بشكل اكثر من جسم الرجل. لا نستطيع هنا ان نغفل قرب هذه الفترة من الفترة الامومية، اذ فيها بدت واضحة السيطرة الانثوية. هذه السيطرة كانت لم تزل عالقة في الاذهان. ولا يخفى علينا وفرة التماثيل التى تصور الالهة الام وكثرتها، وكذلك الفخاريات المتعددة وخاصة من فترة سامراء حيث نرى مجموعة من النساء وقد تشابكت ايادهن في رقصة قد تكون طقسية.
لو تخطينا هذه الفترات وسرنا نتعقب كيف قيمت المجتمعات الشبه كتابية والكتابية المرأة العراقية وذلك عبر الاساطير التى وصلتنا و كيف عبرت عنها لاعمال الفنية الاخرى من منحوتات وفخاريات، فسنرى خلال هذه المسيرة حضورا جوهريا للمرأة صعودا نحوالتعبد لها كالهة تتقاسم السيطرة مع الذكر. كذلك توليها الملك كحاكمة، بالاضافة الى بروزها في الحياة اليومية كامرأة اعتيادية، كأن تكون عازفة موسيقية او صاحبة حانة اي امرأة عاملة.
حسب اسطورة الخليقة السومرية، قد كان يطلق على الكون اسم (ان - كي)، وهي كلمة مركبة تعنى (السماء- الارض). في هذه الثنائية تعتبر (آن ـ السماء) رمز الذكورة، اما (كي ـ الارض) فهي رمزالانوثة، ومن اتحادهما ولد (انليل اله الهواء). ثم قام(انليل) بفصل المساء عن الارض، وجعل والده مستقلا بعيدا، في حين استحوذ هو على امه الارض. (صاموئيل نوح كريمر ص 84) وهذا الفعل يذكرنا باسطورة اوديب التى طورت لتصبح عقدة اوديب والتى تشغل بال كل علماء النفس كما روج لها (سيجموند فرويد).
وتستمر اساطير الخلق السومرية لتؤكد على دور الانثى الفعال، حيث نجد الالهة (ننليل) بعد ان تضاجع (انليل) تلد (القمر) وهوبدوره ينجب الشمس. من استعراض كل هذه الاساطير نجد ان الآلهة الانثوية كانت دائما تمتلك الكلمة العليا، وكانت على درجة المساواة مع الآلهة الذكورية، ولم تكن مهمة الخلق موكولة باله واحد، اذ جاء (انكي) مكملا عمل اسلافه، حيث تناديه امه(نمو) بعد ان كان نائما:
(( يا ابنى قم واخلق لنا خدم للالهة لينتجوا اشباههم).. ثم اعطاها (انكي) وصفة من اجل خلق البشر. هكذا خلق البشر بطلب من الهة انثى...

انكي( اله الارض والسماء) ومنبع النهرين يمنح الخصب والحكمة
وهذا ما يقوله انكي لها:
(( ايا امي ان المخلوق الذي نطقت بأسمه موجود
اربطي عليه صورة الالهة
اخلطي قلب الصلصال الذي فوق الغور
ان الخالقين الطيبين يكتفون بالصلصال
ان ننماخ الالهة الام سوف تعمل معك من فوق
والهة الولادة سوف تقف معك في خلقك
يا امي قرري مصير هذا الوليد
ان ننماخ(الهة الارض الام) سوف
تربط عليه قالب الالهة..)).
وهكذا سار عمل الالهة الذكور والاناث متجانسا مكملا لبعضهم البعض، بدون منافسة وبشراكة مقبولة. في اسطورة اخرى نجد (انكي) يشكو وجعا اصاب احد اضلاعة فخلقت له الهة لتشفيه تدعى (نن - تي) وترجمة اسمها الحرفي (الهة الضلع). ان كلمة (تي) تعنى الضلع اوالمحييه، ومن هنا جاءت صفة الالهة (نن- تي) (السيدة التى تحي او سيدة الضلع). هذا يذكرنا كذلك باساطير التوراة وخلق (حواء) من ضلع (آدم).
ان ((عينانا)) لدلا السومريين والتي حنملت اسم ((عشتار)) لدى الاكديين، هي الام العظمى ورمز الانوثة التى عبدت في كل البلاد، وفي البداية في جنوب العراق (منطقة الاهوار بالتحديد). انها كانت الرمز الانثوي للخليقة والمعبرة عن الخصب. كان اتحادها مع ((دموزي) ـ رمز الذكورة) يعنى عودة الحياة. من اوائل ما يصلنا عن شكل ((عينانا) ـ (عشتار)) كان عبر المزهرية الصخرية من جمدة نصر 3000ق م وفيها نجد ((عينانا)) واقفة وامامها رجل عاري يقدم لها سلة من النذور وخلف ((عينانا)) شعارها حزمتا القصب(الذي يكثر في اهوار العراق). وهذا رمز يصعب فهم مضمونه الا انه يعطينا الاحساس بالانوثة.((عينانا)) لا يختلف شكلها كثيرا عن حامل النذور الا انها ترتدي ملابس طويلة وشعرها طويل كذلك. نستطيع ان نفهم بان ((عينانا)) لم تكن تختلف عن الانسان الاعتيادي وقد منحت شكلا انسانيا بحتا، ولكن رموز الالوهية تحيطها وتبرز اهميتها وتجعلها مختلفة عن الكاهن او ربما المتعبد الذي يقدم لها سلة من الفاكهة.

رسم من العراق القديم يمثل خلق الانسان الاول (آدم) بواسطة اينكي وبأمر من مجمع الالهة(آتوناكي)
اما من الناحية الدينية فان دور الانثى كان اساسيا في الاساطير الدينية العراقية. نتوقف قليلا امام قصة الخليقة البابلية( عندما كان في العلى- واسمها البابلي اينوما ايليش). رغم انها اساسا وضعت لتمجد الاله (مردوخ) ولكنها حكت لنا قصة الخليقة. اذ انها تقول ان الازل والاصل هوالماء، حيث لم يكن هناك ارض ولا سماء بل المياه ممثلة في ثلاثة الهة: (ابسو) رمز المياه العذبة، ثم (تعامات) زوجته رمز المياه المالحه، ثم (ممو) شخصية شبه غامضة احيانا تأخذ موقع الاستشارة واحيانا كثيرة توحي بانها الابن. ويعتقد (فراس السواح) بانها تمثل الامواج المتلاطمة او ربما السحاب اوالضباب ولكن الاسم يعنى (خلق قوة الحياة).
يلاحظ في كل التاريخ الديني العراقي، تكرار هذا الثلاثي الالهي ، وربما هو سلف فكرة (الروح القدس) الثلاثي، وهو يذكرنا بكل اشكال الثالوث عبر التاريخ من (اللاة وعزة ومناة) العربية الى (برن مرن بر مرين) في مجتمع الحضر( شمال العراق) ، حتى (الاب والابن والروح القدس) في المسيحية، حتىالاسلام ليأخذ صيغة التسميات الثلاثة القدسية: ( الله الرحمن الرحيم).
لنقرأ جزء من ملحمة الخليقة الاولى هذه:
((عندما في العلا لم يكن للسماء اسم
والارض الراسخة في الاسفل
لم تكن فد سميت بعد
لم يكن هناك سوى
ابسوالازلى
الذي انجبهم
وتعامات- ممو
وهي التى ولدتهم جميعا
وكانت المياه
تمتزج كجسد واحد
لم تكن اكواخ القصب
قد انضفرت
ولم تكن المستنقعات
قد ظهرت..))
نستعرض هنا رقية كانت تستعمل عند الولادة وفيها وصف لكيفية خلق الانسان من الطين بواسطة الهة انثى هي (ارورو) عندما تحولت الى مايدعى ب (مامي):
((انت الرحم الاول الازلي
انت خالقة البشر
اخلقي اذن لوللو
ليحمل النير........
ليكن من الطين
لتدب فيه الحياة بالدم..))
اخيرا، بعد الحديث عن كل هذه الالهات الانثوية في تاريخ العراق القديم، يمكن التذكير ايضا بدور كاهنات المعبد المقدسات اللواتي كان لهن دور اساسي في الديانة العراقية. من النساء الشهيرات التى وردت اسماؤهن الاميرة (انخيدوانا) ابنة الملك (سرجون الاكدي) التى كانت من الكاهنات، حيث عثر على رقيم طينى يصور هذه الاميرة. مما تجدر الاشارة اليه ان (ام سرجون) كانت كاهنة معبد. هناك قوائم تحتوي على اسماء عديدة لكاهنات وكلهن من بنات الطبقة الحاكمة وهؤولاء الكاهنات من الوجهة الدينية البحتة كن زوجات للأل
الصور
انكي( اله الارض والسماء) ومنبع النهرين يمنح الخصب والحكمة
(عنانا ـ عشتار)، آلهة الانوثة والخصب في العراق القديم
رسم من العراق القديم يمثل خلق الانسان الاول (آدم) بواسطة اينكي وبأمر من مجمع الالهة(آتوناكي)

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:29 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ثمانية أشياء لا تعرفها عن قوانين حمورابي
سَنً الملك البابلي حمورابي في القرن الثامن عشر قبل الميلاد خلاصة من 282 قانوناً، ضبطت معايير السلوك و أمنت العدل لإمبراطوريته في بلاد الرافدين.
حُفرت هذه القوانين على عمود طوله 7 أقدام ونصف من الديوريت، وهي تغطي كل شيء من حقوق الملكية و السلوك الإجرامي إلى العبودية و الطلاق، وتعهدت بعقوبات وحشية لكل من يخالفها، ساعدت هذه القوانين في صياغة شكل الحياة البابلية في عهد حمورابي، لكنها أثرت بكامل أرجاء العالم القديم لأكثر من ألف سنة.
سوف نستعرض بعض المعلومات عن أهم قوانين حمورابي خلال العصور التاريخية..
1- ليست أقدم القوانين الموجودة
قوانين حمورابي - الحقيقة 1
غالباً ما اعتبرت إملاءات حمورابي أقدم القوانين المكتوبة، لكن سبقها على الأقل قانونان قديمان من الشرق الأوسط. الأقدم هو قانون ملك مدينة أور السومري أورنمّو، و الذي يرجع تاريخه إلى القرن الحادي و العشرين قبل الميلاد، و تشير الدلائل أيضاً إلى أن قانون الملك السومري لبيت عشتار، ملك إيسين، سبق وصول حمورابي للسلطة بقرنين تقريباً.
تحمل هذه القوانين القديمة شبهاً واضحاً بقوانين حمورابي بالشكل و المضمون، وهذا يعطي احتمالاً بأنها أثرت ببعضها البعض أو اشتقت من المصدر نفسه.
2- تضمنت قوانين حمورابي الكثير من أشكال العقوبات الغريبة و المروعة
قوانين حمورابي - الحقيقة 2
قانون حمورابي هو أحد أشهر الأمثلة على المبدأ القديم “Lex talionis”، أو قانون القصاص، نوع من العدالة الإنتقامية مرتبطة بالمقولة “العين بالعين”.فمثلاً إذا كسر رجل عظمة لرجل آخر سيكون جزاؤه أن تكسر هذه العظمة.
في الوقت نفسه كانت الجرائم الكبرى غالباً ما تقابل بعقوبات مروعة. إذا قبض على ابن وأمه بارتكاب الزنا، كانا يحرقان حتى الموت، إذا تآمر زوجان من العشاق على قتل شركائهما، فالعقوبة هي الموت بالخازوق لكليهما. حتى الجرائم الصغيرة نسبياً يمكن أن تتسبب لمرتكبها بمصير مريع. فمثلاً إذا ضرب ابن أباه، يكون جزاؤه قطع يده.
أما بالنسبة للجرائم التي لا يمكن إثباتها أو ضحدها بدليل (كجرائم السحر) ، سمح القانون ب “التحكيم الإلهي” و هي ممارسة غير عادية ، يوضع المتهم في وضع يحتمل أن يكون قاتلاً كطريقة لإثبات برائته.
و حسب القانون إذا قفز المتهم إلى النهر و غرق فإن المدعي “سيأخذ ملكية منزله”، ولكن إذا نجّت الآلهة المتهم ، فسيعدم المدعي وسيمتلك البريء منزله .
3- تباينت قوانين حمورابي تبعاً للطبقة الإجتماعية والجنس
قوانين حمورابي - الحقيقة 3
سلك قانون حمورابي نهجاً وحشياً لتحقيق العدالة، لكن غالباً ما كانت شدة العقوبات تعتمد على هوية من خرق القانون و الضحية . فبينما أمر أحد القوانين “إذا كسر رجل أسنان نظيره، ستكسر أسنانه” فإن ارتكاب نفس الجريمة ضد فرد من طبقة أقل يكون جزاؤه غرامة فقط.
حتى أن العقوبات الأخرى المعتمدة على الرتبة كانت ملحوظة بشكل أكبر.إذا قتل رجل أمرأة حبلى من الخدم ستكون العقوبة غرامة مالية ، لكن لو كانت هذه المرأة حرة ، ستقتل ابنته كعقاب.
كما أدرج القانون عقوبات مختلفة للرجال والنساء فيما يتعلق بالخيانة الزوجية حيث سمح للرجال أن يقيموا علاقات خارج نطاق الزواج مع الخدم و العبيد، بينما منعت النساء و كانت العقوبة التقييد والرمي بنهر الفرات مع عشاقهن.
4- وضع القانون حداً أدنى لأجور العمال
قوانين حمورابي - الحقيقة4
كان قانون حمورابي سابقاً لعصره بشكل مدهش من خلال وضعه قوانين مرتبطة بالطلاق، حقوق الملكية ومنعه لسفاح القربى، وربما كان أكبر دليل على تقدم هذا القانون هو فرضه نوعاً من الحد الأدنى للأجور.
أشارت عدة مراسيم في القانون لمهن محددة و أقرّت أجوراً محددة للعمال.
5- تضمن القانون أحد أقدم الأمثلة على افتراض البراءة
قوانين حمورابي - الحقيقة5
رغم شهرة قوانين حمورابي – بعقوباتها الوحشية، لكنها وضعت عدة سوابق قانونية مهمة ما زالت موجودة حتى اليوم.
و هو من بين أقدم الوثائق التاريخية التي طرحت مبدأ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”.
حتى أن القانون يضع عبء تأمين الدليل على المدعي ، وبفرض لم يتكمن من إثبات قضيته أمام الشيوخ فسيتم إعدامه.
6- مازال المؤرخون غير متأكدين من دور القانون في الثقافة البابلية
قوانين حمورابي - الحقيقة6
ربما يقدم قانون حمورابي لمحة عن الحياة اليومية في بابل القديمة، لكن مازال هناك جدل قائم حول دور هذا القانون في المجتمع.
من الممكن أن تكون هذه القوانين تعديلاً أو تحسيناً أو تنقيحاً لقوانين أخرى عامة تاريخية، ومن الممكن أن تكون مجموعة من سوابق قضائية جمعت من الحوادث اليومية.
أثار بعض المؤرخين جدالاً حول هذا القانون، و شككوا بكونه لم يكن سوى حملة دعائية ملكية لجعل حمورابي ملكاً عظيماً و عادلاً، لكن مهما كان هدف القانون فليس هناك شك بأن هذا القانون والعمود المنحوت عليه، كان معروضاً أمام العامة.
و يفتخر حمورابي في خاتمة القانون بقوله أن أي شخص مرتبط بنزاع يمكن له قراءة القوانين ل ” يصل للعدالة، ويسعد قلبه”
7- استمر القانون حتى بعد احتلال بابل
قوانين حمورابي - الحقيقة7
ضعفت إمبراطورية حمورابي بعد وفاتة عام 1750 قبل الميلاد حتى انهارت كلياً سنة 1595 قبل الميلاد عندما نهب الحثييون عاصمتها بابل.
ومع ذلك أثبت قانون حمورابي أهميته و تأثيره، حيث استمر دليلاً قانونياً للمنطقة لعدة قرون. على الرغم من انتقال السلطة المتكرر في بلاد الرافدين.
كانت إحدى مهمات النساخين التدريب على نسخ القانون ، وقد وجدت بعض الارقام التي تعود للقرن الخامس بعد الميلاد وحوت قانون حمواربي بعد مضي أكثر من 1000 سنة على حكمه.
8- لم تكتشف قوانين حمورابي حتى القرن العشرين
قوانين حمورابي - الحقيقة8
كان لمراسيم حمورابي دور هام في العالم القديم، لكها فقدت مع الزمن و لم تكتشف من جديد حتى عام 1901، و ذلك في مدينة سوسا مقر الإمبراطورية العيلامية في إيران.
حسب المؤرخين، فإن ملك عيلام شوتروك ناهونت سرق اللوح البالغ وزنه 4 أطنان خلال غارة على مدينة سيبار البابلية في القرن 12 قبل الميلاد ونقله إلى سوسا.
و يعتقد أن شوتروك ناهونت محى عدة أعمدة من النصب ليضيف إليه كتاباته، لكن لم يضف أي نص.
اليوم يعرض هذا النصب العظيم في متحف اللوفر في باريس.
لقد ضمن هذا الإنجاز تخليد اسم حمورابي حتى يومنا هذا، وتكريماً له كمشرع حفر اسم حمورابي إلى جانب عدد من المشرعين العظماء، على لوح من الرخام موجود في المحكمة الأمريكية العليا.

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:31 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اول قانون في العالم.. موطنــــه العــــراق
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة ......
يبقى القران دستورنا الاول والاخير
ومن عاد اليه صاب ومن تركه فقد خسر الدنيا والاخرة
ومن اخذ منه فقد فاز فوزا عظيما ومن لم يلتجأ اليه في حكمة فقد بشر بالعذاب الاليم
ملخص :
أصبح العالم دول عديدة مقسمة بفعل أنسان وكل بلد أبتدع لنفسه قوانين ولهذا أصبح اختلال وفوضى في تطبيق القوانين لتعدد القوانين واخذ القانون يفقد هيبته وعدم رضا الفرد في تطبيقه
وذلك ان الدساتير لا تستند إلا على رؤية أدوات الحكم الدكتاتورية السائدة في العالم من الفرد إلى الحزب, والدليل على ذلك هو الاختلاف من دستور إلى آخر رغم أن حرية الإنسان واحدة, وسبب الاختلاف هو اختلاف رؤية أدوات الحكمإن سنة أدوات الحكم الدكتاتورية هي التي حلت محلّ سنّة الطبيعة..والقانون الوضعي حلّ محلّ القانون الطبيعي ففقدت المقاييس
بدأت الحضارات تتنافس وهكذا بدات القوانين الوضعية تسيطر على الانسان من كل مكان ....
وبدأت ...............الحضارات
وبدأت ................ القوانين
وبدأت الصراعات
وهذه قصة بدايتها وتاريخها ونشأتها ...................
أن من اوثق المعايير والمقاييس للحكم على مدى تقدم حضارة ما في سلم التطور الحضاري والتقدم العمراني ، هو ظهور القوانين والانظمة الاجتماعية التي تثبت الاعراف الاجتماعية. والقانون من الناحية الفقهية هو عبارة عن مجموعة من القواعد العامة المجردة الملزمة للافراد في مجتمع معين يتضمن تطبيقها، اما من الناحية التاريخية والاجتماعية والفكرية فهو يصور واقع الحياة في مجتمع ما في فترة زمنية محددة، ويبين مختلف اوجه حياة الافراد والجماعات الخاصة والعامة وعلاقة بعضهم ببعض، بالاضافة الى علاقتهم بالسلطة وموقع كل منهم من الاخر. وان دراسة تاريخ نشوء وتطور القواعد التنظيمية والقانونية هي دراسة في الفكر الانساني ذاته.
دأب الباحثون –نظراً للاهمية التي تحتلها دراسة تاريخ القانون- على تتبع اصول القواعد والتنظيم القانونية ودراسة تاريخ نشوئها وتطورها ودراسة تاريخ المجتمعات التي اسهمت في انتاجها، وقد ركزت دراسة الباحثين حتى عهد قريب، على دراسة القانون اليوناني الذي لايتعدى زمن تدوينه القرن السادس قبل الميلاد، مثل القانون الروماني القديم المعروض بالالواح الاثني عشر وتاريخه عام 450ق.م، ومجموعة القوانين الرومانية التي جمعها وقتها الامبراطور البيزنطي والتي عرفت باسمه، وهي مدونة جوستنيان (527-565)م، ومع قدم حضارة وادي النيل ومضاهاتها لحضارة وادي الرافدين في هذا القدم الاانه لم يصل الينا منها شريعة كاملة مدونة قبل القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد.
ومما يبعث الاعتزاز بتراثنا الحضاري هو الاتجاه الحديث الذي سار عليه الباحثون في تاريخ الحضارات في رجوعهم الى تراث حضارة وادي الرافدين المدون لتقصي المبادئ والاسس التي تنظم بموجبها المجتمعات، ومنها اصول التشريع والقانون، التي ظهرت في الحضارة لاول مرة في تاريخ التطور الانساني، لكونها اقدم ما ظهر في تاريخ الانسان وهي تثبت مقارنة تاريخية بسيطة بين زمن تدوين القوانين في العراق القديم وبين القوانين المدونة التي ظهرت في الحضارات الاخرى.
****
من هو اورنمو؟
أور نمو (أورنامو أو أور انغور أو أور كور)(2047-2030 ق م) مؤسس سلالة أور الثالثة في بلاد الرافدين كما أنه مؤسس أول شريعة قانونية في التاريخ التي سبقت شريعة الملك البابلي حمورابي بثلاثة قرون .
تمكن أورنمو من توحيد المدن السومرية من ( أور و إريدو و أوروك و لكش و نيبور و كيش و أداب و اوما ) ضد حكم الكوتيين وتمكن من استعادة حكم بلاد الرافدين من الكوتيين الذين احتلوه والذين اسقطوا الإمبراطورية الأكدية، ولقب نفسه بملك بلاد سومر وأكد.
أورنمو تمكن من بناء عدة معابد منها مبنى الزقورة العظيمة في أور وكذلك قام ببناء معابد في مدن أخرى كنيبور ولارسا وكيش وأداب واوما وقام بتشريع أول شريعة قانونية في التاريخ.
قتل سنة 2030 ق.م بعد معركة أمام الكوتيين وبعد أن تمكن من تحرير كامل الخليج السومري من السيطرة الكوتية وخلفه بعده ابنه شولجي.
قانون اور نمو
قانون أورنمو سبق قانون حمورابي بثلاثة قرون. وهو أقدم قانون مكتشف لحد الآن حيث عثر على قسم على قسم من الألواح التي تضمنت هذا القانون في مدينة نفر والقسم الآخر منها في مدينة أور.
أور نمو: هو مؤسس أسرة أور الثالثة (عصر الانبعاث السومري)، وقد استمر حكم هذا الملك سبعة عشر عاماً من الفترة ما بين (2112 إلى 2095 ق.م).
تمكن أورنمو من حكم سلالة أور الثالثة بعد القضاء على (أوتو – حيجال) – يعني اسمه محارب الإلهة نمو – أستطاع إخضاع الكثير من المدن السومرية والأكدية، فلقبوا أنفسهم بلقب (ملك سومر وأكد) و(ملك الجهات الأربعة) ؛ وإن ظل الأخير شرفياً ؛ وليس فعلياً بالرغم من جهودهم في سبيل توسيع حدودهم ؛ واعتراف أشور في الشمال بنفوذهم ؛ كما أقام أهل (أشنونا) معبداً في مدينتهم نسبوه لملك أور (شو – سن). قام أورنمو في السنوات الأولى من حكمه ببسط سيطرته على جنوب بلاد النهرين، وأعاد العلاقات التجارية مع مجان (عمان) عبر الخليج العربي. وهكذا حكم أورنمو مدينة أور وأريدو والوركاء وأقام عدة مبانٍ في نيبور ولارسا وكيش، ولا يوجد دليل واضح على أنه شن حرباً ضد جيرانه ؛ ويبدو أنه استقطبهم بالوسائل الدبلوماسية. وأهتم أورنمو بالعاصمة أور وأقام المعابد فيها وعلى وجه الخصوص معبد الإله (ننا = سن) وزوجته (نينجال)، كما اقترن اسمه ببناء الزقورات ؛ إضافة إلى اهتمامه إلى إعادة بناء ما تهدم من معابد الآلهة الأخرى. وأنصب اهتمامه بشق القنوات. كما سنن التشريعات أو ما يعرف بإصلاحات أورنمو، والتي اعتمدت على مبدأ التعويض وليس القصاص وعلى وجه الخصوص على الجروح التي لا تفضي إلى الموت. كما سعى إلى توحيد المكاييل والأوزان، رغبة في تخليص المواطنين ممن يستغلون ماشيتهم وأغنامهم.
وفي النهاية فقد تعددت أنشطة الملك أورنمو في شتى المجالات، وقد ترك عدة لوحات منحوتة من الحجر تظهر الملك بانياً للمعابد. وقد وصل فن النحت إلى مستوى جيد من التنفيذ التقني، غير أنه افتقر إلى التنوع إذا ما قورن بالنحت في العصر الأكدي. وفي مجال الأدب فق أوجد أورنمو وخلفاؤه صدى كبير في الأدب، وكان من إنتاجه الأدبي (رحلة أورنمو إلى العالم الأسفل)، وهو نص أدبي يصف دخول الحاكم المتوفى إلى العالم الأسفل ؛ ويوصف فيه بأنه أخو جلجامش ؛ الذي يطيب خاطره مع آلهة ذلك العالم بالهدايا. وأخيراً فقد مات أورنمو في معركة لا توجد عنها معلومات، حيث يذكر نص أحد الألواح أن هذا الملك " نبذ في ميدان المعركة مثل قارب محطم " مما يشير إلى مصرعه.
أما عن مقدمة قانون أورنمو فتحتوي على ما قدمه الملك من قرابين إلى اله المدينة وتضمن نظرية التفويض الإلهي وهي ان الاله اختار وفوض أورنمو ليمثله في الأرض وأشادت بمنجزات الملك وإقامة العدل بالبلاد والقضاء على الفساد الاقتصادي الذي كان يتمثل في تعرض الحقول والتجارة البحرية ورعاة المواشي والثيران والأغنام للسرقة. واستطاع الملك أن يحقق العدل والحرية في بلاد سومر وأكد أن اليتيم لم يعد يسلم إلى الرجل الغني ولم يعد الرجل ولم يعد الرجل ذو الشيقل يسلم إلى الرجل ذي المنا، وأنشأ الملك نظام لتثبيت المكاييل والموازين.
أما مواد قانون أورنمو فهي 31 مادة لم يصلنا الا القليل منها حيث جزء كبير من الالواح التي كتب عليها جائنا متآكل وممسوح، ومن القدر القليل الذي تم التعرف عليه كان يعالج في مسائل قانونية، من أمثلة المواد التي تم التعرف عليها:
← المواد من 4 إلى 12، كانت تعالج مسائل الأحوال الشخصية كالطلاق والخيانة الزوجية والخطوبة → تنص المادة الرابعة على حق الزوج بقتل زوجته الزانية وإطلاق سراح الرجل الذي ارتكب معها الزنا → المادة الخامسة تتعلق بحالة اغتصاب رجل لأمة بكر وكانت العقوبة هي تعويض مالك الأمة بخمس شيقلات من الفضة → المواد السادسة والسابعة والثامنة كانت تحدد شروط الطلاق → المادة الحادية عشر تناولت اتهام شخص لأي من الزوجين بالخيانة الزوجية ووسيلة إثبات ذلك الاتهام وكذلك عقوبة الاتهام الكاذب → تناولت المادة الثانية عشرة حق الخاطب الذي تقدم بهدايا إلى خطيبته ووالدها وعدل الأخير عن الخطبة وقام بتزويجها إلى شخص آخر فكان للخطيب الأول الحق في تعويض يقدر بضعف ما قد دفعه من هدايا. ← المادتان الثالثة عشر والرابعة عشر تناولتا مسألة هروب الرقيق ← المواد من 13 إلى 23 تناولت حالات إيذاء الأشخاص الاعتيادين أو الرقيق وحالات اعتداء الرقيق على أسيادهم ← عالجت المادتين الخامسة والعشرون والسادسة والعشرون موضوع شهادة الزور، بالنص على عقوبة توقع على شاهد الزور وهي تغريمه خمسة عشرة شيقلا من الفضة أما إذا أدلى الشخص في قضية ورفض أن يؤدي اليمين على هذه الشهادة التزم بدفع غرامة تساوي قيمة الحق المتنازع عليه. ← أما بقية المواد فكانت تتعلق بموضوعات الاعتداء على الأراضي الزراعية وبعض الأمور المتعلقة بالزراعة
نعم انه اقدم قانون مكتشف ليس في العراق وحده بل في العالم قاطبة، وهو مدون باللغة السومرية وبالخط المسماري، عثر عليه في مدينة نفر في مطلع القرن المنصرم، وينسب هذا القانون الى الملك اورنمو (2113-2095)ق.م مؤسس سلالة اور الثالثة (2113-2006)ق.م، التي تمثل ذروةما وصلت اليه الحضارة السومرية، واخر وجه من وجوهم السياسية، فقد تمكن مؤسس هذه السلالة والملوك بعده من اعادة توحيد البلاد وطرد الاقوام الاجنبية وتأسيس حكومة مركزية مسيطرة على معظم انحاء العراق القديم، وقد تركت الاف الرقم الطينية في اور ولكش ونفر والتي تعكس مختلف المظاهر الحضارية، لاسيما القانونية، وبانتهاء هذه السلالة ينتهي دور السومريين السياسي، غير ان تأثيرهم الحضاري ظل مستمراً الى فترات متاخرة.
وعلى الرغم من النقص الموجود في النص المكتشف لهذا القانون في بداية المواد القانونية ووسطها ونهايتها، الا انه يمكن تصنيف المواد المتبقية الى مجموعات متميزة، تعالج كل منها موضوعاً مستقلاً.
ومما يؤسف له ان بداية المقدمة في جميع الكسر الاثارية المكتشفة مفقودة، ويبدأ النص بذكر القرابين التي قدمت من قبل اورنمو الى الهة المدينة، ثم ذكر انجازات هذا الملك، وبعد ذلك تبدأ المجموعة الاولى التي تشمل المواد (4-12) الخاصة بالاحوال الشخصية، والمواد (13-14) التي تهتم بهروب الرقيق، ثم المجموعة الثالثة لغاية المادة(19) التي تعالج الاعتداء على مختلف الاشخاص، اما المجموعة الاخرى وهي المواد (25-26) فهي تعالج شهادة الزور واحكامها، واخيرا المواد (27-29) الخاصة بالتجاوز على الاراضي المواد.
ان اهمية هذا القانون بالنسبة لدراسة تاريخ النظم القانونية لاتقتصر على كونه اقدم قانون مكتشف حتى الان، بل لانه يمثل القوانين السومرية بمبادئها القانونية المختلفة ايضاً، كما انه قد ساعد الباحثين على متابعة تطور القوانين في الالف الثاني قبل الميلاد، ومعرفة اصول بعض القواعد القانونية.
***
قانون اشنونا
ينسب هذا القانون الى مملكة اشنونا، وهي احدى الدويلات المهمة التي حكمت في العراق بعد سقوط سلالة اور الثالثة، وعاصمتها اشنونا، وهي تل اسمر حاليا، الواقع على نهر ديالى شرقي نهر دجلة، وتدل الاثار المكتشفة على ان حكام هذه المملكة وغالبية سكانها كانوا من الاموريين الذين هاجروا من شبه الجزيرة العربية في الالف الثالث قبل الميلاد.
لقد وجد النص الاول لهذا القانون عام 1945 في تل حرمل الواقع بين معسكر الرشيد وتل محمد، ثم عثر على النص الثاني في نفس الموقع عام 1947م، وهو مدون بالحرف المسماري وباللغة الاكدية، ومن المؤسف انه لم يعثر على نص القانون الاصلي لغاية هذا اليوم، لان الترجيح لدى الاثاريين هو ان الاصل عليهما قد سبق تشريع قانون حمورابي بفترة تزيد عن خمسين سنة.
يضم القانون بشكله الحاضر مقدمة قصيرة تتألف من سبعة اسطر يصعب قراءتها لتلف معظمها، وستين مادة قانونية، تتصف بارتباك تصنيفها والاهتمام بصياغة المواد القانونية نفسها، والمجموعة الاولى من المواد (1-11) خاصة بتسعير المواد الغذائية واجور العمال الزراعيين وحيواناتهم، اما المجموعة الثانية، المواد (12-13) فهي خاصة بالسرقة، اما المادة (14) فهي تعالج موضوع اجير لا تعرف مهنته لتلف النص، بينما المجموعة الثالثة (15-24) فهي في مختلف العقود التجارية، وكانت المجموعة الرابعة، المواد (25-36) تعني بالاحوال الشخصية ومخالفة الاحكام، واختصت المجموعة الخامسة المواد (36-37) باحكام الوديعة، في حين ان المجموعة السادسة المواد (38-41) اختصت بعقود البيع، والمجموعة السابعة المواد (42-48) فتعنى بالايذاء المختلف، والمجموعة الثامنة المواد (49-52)خاصة بمختلف احكام الرقيق، والمجموعة التاسعة، المواد (53-58) خاصة بالاضرار الحادثة من الحيوانات، واخيرا المادة التاسعة والخمسون وهي تعالج الاحوال الشخصية، والمادة الاخيرة فهي الستون وهي حول السرقة.
ان قانونا لبت عشتار واشنونا قد سبقا قانون حمورابي الشهير، والذي عد عند الكثير من المصادر بانه القانون الاول في العالم لذا سيكون لنا وقفة خاصة معه لكونه الاكثر اكتمالاً لهذا السبب فهو صفحة مضيئة من صفحات تاريخ العراق.

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:34 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مدن العراق القديم
جرمو
و تدعى أيضا ً قلعة جرمو، موقع أثري يعود تاريخه إلى عصور ما قبل التاريخ يقع إلى الشرق من كركوك، في شمال شرق العراق. والموقع مهم لأنه يكشف آثار واحدة من أقدم الجماعات الزراعية القروية في العالم. وفيه حوالي 12 طبقة من الأبنية المعمارية وترميماتها، وهي تقدم دليلا ً على تدجين الحنطة والشعير والكلب والماعز، مما يكشف عن حياة زراعية مستقرة لها إنجازاتها المتعددة. والأشياء الأخرى المكتشفة في جرمو، مثل شفرات المناجل المصنوعة من حجر الصوان، وأحجار الطحن، والفخار الموجود في الطبقات العليا فقــــــط، تدل على الابتكارات التقنية التي ظهرت استجابة للطريقة الجديدة لإنتاج الغذاء. ومن المخمن أن يكون الاستيطان الأصلي في الموقع قد حدث في حوالي 7000 ق. م.
تل حَـلـَف
موقع أثري من بلاد النهرين القديم، عند منابع نهر الخابور قرب رأس العين الحالية، في شمال سورية. وهو الموقع الذي وُجدت فيه لأول مرة حضارة من العصر الحجري الحديث تتميز بالفخار المزجج المرسومة عليه أشكال هندسية وحيوانية ملونة. وأحيانا ً يدعى ذلك الفخار بفخار حلف.
نقب في الموقع آثاريون ألمان بين 1899 و1927. وكان الوقع مدينة مزدهرة من حوالي 5050 إلى حوالي 4300 ق. م، ويشار إلى هذه الفترة أحيانا ً بعهد حلف. وفي حوالي 894 ق. م ذكر الملك الآشوري أدد – نيراري الثاني هذا الموقع باعتباره دولة مدينية تابعة تدعى غوزَن. وفي 808 ق. م انتهت فترة قصيرة من الاستقلال، عندما قامت الملكة الآشورية سامو – رَمات (سميراميس) وابنها أدد – نيراري الثالث بتخريب المدينة وتخفيض مرتبة المقاطعة المحيطة بها إلى ولاية من ولايات الإمبراطورية الآشورية. ونـُفيت جماعة من بني إسرائيل إلى هناك في 722 ق. م بعد احتلال السامرة.
من الكتابة المسمارية العراقية، تفرعت الكتابات القديمة المصرية والعيلامية(الاحوازية) والهندية. .
تبّة غـَوْرا
مستوطنة قديمة من بلاد النهرين تقع شرق نهر دجلة قرب نينوى قرب مدينة الموصل الحالية، في شمال غرب العراق. بدأ التنقيب فيها من سنة 1931 حتى 1938 آثاريون من جامعة بنسلفانيا. ومن الواضح أن الموقع كان مسكونا ً منذ عهد حَـلـَف (حوالي 5050 – حوالي 4300 ق. م) إلى أواسط الألفية الثانية ق. م، وباسمه يسمى عهد غورا (حوالي 3500 – حوالي 2900) في شمال بلاد النهرين. ومع ذلك يبدو أن الموقع كان قبل عهد غورا متأثرا ً بثقافة العُبيد (حوالي 5200 – حوالي 3500) في جنوب بلاد النهرين. ويتجلى ذلك التأثير، على سبيل المثال، بالمعبد المبني على الطراز العُبيدي في غورا – وهو أقدم نموذج للأبنية ذات الجدران المزينة بالأعمدة الناتئة والتجاويف – وهو نموذج لمعابد بلاد النهرين بقي مهيمنا ً خلال القرون التالية. وتوضح تبة غورا مراحل الانتقال من القرى الزراعية القديمة في العصر النحاسي إلى المجمعات الاستيطانية ذات المنازل المبنية بالطابوق الطيني، ووجدت فيها أختام أسطوانية، وأول المصنوعات المعدنية، ونصب معمارية. وفي فترة قريبة من عهد غورا، اختـُرعت الكتابة في جنوب بلاد النهرين ؛ ولكن تبة غورا تـُظهر أن الكتابة والحضارة المتقدمة لم تصل إلى الشمال إلا بعد ذلك بفترة طويلة، وبقيت المنطقة على حالها بشكل جوهري حتى حوالي 1700 ق. م، عندما غزا المدينة أقوام من غير الساميين ومن الحوريين.
أوروك
هكذا تنطق باللغة السومرية، وفي اللغة اليونانية أوروكو، وحاليا ً تسمى تل الوركاء. مدينة قديمة من بلاد النهرين، تقع إلى الشمال من أور (تل المُقيَّر) في محافظة ذي قار، العراق. نـُقـِّب الموقع منذ عام 1928 فلاحقاً من قبل الجمعية الشرقية الألمانية ومعهد الآثاريين الألمان. وأوروك واحدة من أعظم مدن سومر، وهي محاطة بأسوار من الطابوق طول محيطها حوالي ستة أميال، وطبقاً للأساطير فإن البطل الأسطوري جلجامش هو الذي بناها. داخل الأسوار كشفت التنقيبات عن سلسلة متعاقبة من المدن يبدأ تاريخها من عهود ما قبل التاريخ، وربما قبل 5000 ق. م، وصولا ً حتى العصور البارثية (126 ق. م – 224 م). وتبدو الحياة المدينية فيما يسمى بعهد أوروك – جمدة نصر (حوالي 3500 – 2900 ق. م) بصورة أوضح في أوروك منها في أية مدينة أخرى من مدن بلاد النهرين. ويظهر أن الإلهين السومريين الرئيسيين اللذين عبدا في أوروك القديمة هما الإله آنو (آن) وهو رب السماء، والإلاهة إنـّانا (" ملكة السماء "). وتعتبر زقورة آنو واحدة من أهم معالم المدينة، وهي متوجة بـ " المعبد الأبيض " الذي يعود إلى عهد جمدة نصر. وهو معبد ذو ثروة كبيرة – حيث الذهب والفضة والنحاس مشغولة بمهارة فائقة، وقد عكست الأختام والتمائم حرفية عالية جداً في إنتاج الرسوم الدقيقة.
و يشهد معبد يانـّا المقدس، وهو زقورة أخرى، بمدى اهتمام العديد من الملوك الأقوياء، من بينهم أور- نمّو (حكم للفترة 2112 – 2095 ق. م)، وهو أول ملوك السلالة الثالثة في أور. كما إن أور- نمّو فعل الكثير فيما يخص تخطيط المدينة، التي استفادت من النهضة السومرية الجديدة. وقد ارتبطت تطورات معمارية عديدة بعهد آيسن – لارسا (حوالي 2017 – 1763 ق. م) وبالعهد الكاشّي (حوالي 1595 – حوالي 1157 ق. م). وبعد العهد الكاشّي، ترك الحكام الآشوريون والبابليون الجدد، والأخمينيون، من بينهم قورش الكبير ودارا الكبير، تركوا بصمات من نشاطهم المعماري، وخصوصاً في منطقة يانـّا.
واصلت المدينة ازدهارها في العصور البارثية، حيث كانت آخر مدرسة قديمة لتعليم الكتـّاب تحرير الوثائق بالخط المسماري (حوالي 70 ق. م).
إريدو
حالياً أبو شهرين، مدينة سومرية قديمة، جنوب أور (تل المقيّر)، في محافظة ذي قار، العراق. وللمدينة مكانتها باعتبارها الأقدم في سومر طبقا ً لقوائم الملوك، وكان ربها الراعي هو " يا " أو " أنكي " وهو " سيد المياه العذبة التي تجري تحت الأرض ". وقد ثبت أن الموقع، الذي نقبت فيه بشكل رئيسي دائرة الآثار العراقية بين عامي 1946 و1949، هو واحد من أهم المواقع المدينية في عهود ما قبل التاريخ جنوب بلاد بابل. ومن المحتمل أن تكون المدينة قد أسست على تلال الرمل في الألف الخامسة ق. م، وهي توضح بشكل كامل أدوار الحضارة العُبيدية السابقة على الكتابة، بتلك السلسلة الطويلة من معابدها المؤثرة جدا ً التي ترسم نمو وتطور عمارة الطابوق الطيني المتقنة.
ظلت المدينة مسكونة حتى حوالي 600 ق. م ولكن أهميتها التاريخية قلــّت.
لجش
حالياً تِلـّو، واحدة من أهم العواصم في سومر القديمة، واقعة في منتصف الطريق بين نهري دجلة والفرات، في محافظة ميسان، العراق. وكان الاسم القديم لتل تِلـّو هو جيرسو، بينما كان اسم لجش يطلق في الأصل على موقع جنوب جيرسو، وفيما بعد أصبح اسماً للمقاطعة كلهاوكذلك لجيرسو نفسها. نقّب الفرنسيون في تِلـّو بين 1877 و1933 واكتشفوا على الأقل 50000 نص مسماري كانت واحداً من المصادر الكبيرة لمعلوماتنا عن النشاطات السومرية في الألف الثالث ق. م. وكذلك وفرت كتابات الإهداء المنقوشة على الحجر والطابوق شواهد ثمينة لتقييم التطور التاريخي للفن السومري.
تأسست المدينة في عهد العُبيد السابق على التاريخ (حوالي 5200– حوالي 3500 ق. م)، وظلت مسكونة حتى أواخر العصر البارثي (247 ق. م - 224 م). وفي أوائل عصر السلالات سمّى الحكام اللجشيون أنفسهم " ملوكاً " (لوغال)، بالرغم من إن المدينة نفسها لم تدخل أبداً ضمن قائمة الملوك السومرية الرسمية. ومن بين أشهر المنشآت في لجش في ذلك العهد مسلة النسور، المنصوبة احتفالا ً بانتصار الملك أنـّاتوم على دولة أوما المجاورة. وأخيراً سقطت لجش تحت سيطرة سرجون الأكدي (حكم للفترة من حوالي 2334– حوالي 2279 ق. م). وبعد 150 سنة نهضت لجش من جديد. وكان أعظم عهود رخائها عهد غوديا (حوالي 2125)، الذي ربما كان واليا ً أكثر من كونه ملكا ً مستقلا ً، وكان خاضعا ً اسميا ً للغوتيين في غرب إيران، وهم شعب مقاتل سيطروا على معظم بلاد بابل من حوالي 2230 – حوالي 2130.
كان في لجش العديد من المعابد، من بينها إينينـّو " بيت الخمسين "، المقر الخاص بالإله الأعلى إنليل. أما معماريا ً فأشهر الأبنية هو ذلك البناء الذي مازال بحالة جيدة، ويعتقد أنه سد وناظم، ومما لا شك فيه أنه كان يحتوي على بوابات تتحكم بتدفق المياه، وتحتفظ بالمياه اللازمة للمنطقة في خزانات.
كيش
حاليا ً تل الأُحَيمر، دولة مدينية قديمة في بلاد النهرين، واقعة شرق بابل في محافظة بابل، العراق. وطبقاً للمصادر السومرية القديمة كانت مقرا ً للسلالة الأولى بعد الطوفان. وحسب الرواية تكونت السلالة الأولى في كيش (حوالي 2750 – حوالي 2660 ق. م) من 23 فترة حكم طويلة (بمعدل 1000 سنة لكل واحدة) ؛ ومع ذلك يؤمن معظم الباحثين بأن جزءً من السلالة على الأقل تاريخي. والحقيقة أن ميسيليم، ملك كيش، معروف بأنه صاحب أقدم كتابة ملكية موجودة، سجل فيها تحكيمه في الحدود المتنازع عليها بين مدينتي لجش وأوما في جنوب بلاد بابل. وقد انتهت السلالة عندما انهزم آخر ملوكها، آغـّا، في حوالي 2600 ق. م أمام جلجامش، ملك السلالة الأولى في أوروك. وبالرغم من بقاء كيش على أهميتها في معظم مراحل التاريخ القديم في بلاد النهرين، غير إنها لم تكن قادرة على استعادة وضعها القديم.
إيشنونـّا
حاليا ً تل الأسمر، مدينة قديمة تقع في وادي نهر ديالى، في محافظة ديالى في العراق. كشفت التنقيبات التي أجراها المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو، أن الموقع كان مسكونا ً منذ ما قبل 3000 ق. م. وقد توسعت المدينة خلال عهد السلالات القديمة، وكانت في عهد السلالة الثالثة في أور مقرا ً للـ إنسي (أي الحاكم). وبعد انهيار أور استقلت إيشنونا، ثم فتحها حمورابي، ملك بابل. وخلال القرن التالي أخذت المدينة بالانحلال وربما هُجرت.
كـُتبت " شريعة إيشنونا "على لوحين مكسورين عثر عليهما في تل أبو حرمل، وهو تل قرب بغداد. واللوحان غير متطابقين ولكنهما نسختان منفصلتان عن مصدر أقدم. ويُعتقد أن هذه الشريعة تسبق شريعة حمورابي بجيلين ؛ وتساعد الفوارق بين الاثنين في توضيح تطور القانون القديم.
تل بـِراك
و يلفظ أيضا ً تل بْراك، موقع قديم يقع في حوض نهر الخابور الخصيب في محافظة الحسكة، سوريا ؛ وهو مسكون من حوالي 3200 إلى حوالي 2200 ق. م. واحد من أهم الاكتشافات في براك هو معبد العين (حوالي 3000 ق. م)، والذي سمي بذلك بسبب الآلاف من الأحجار الصغيرة " أصنام العيون " التي وجدت هناك. ولمعظم تلك الأشياء الغريبة أجسام مربعة ورأس رقيق منحوتة فيه عينان إلى ستة عيون كبيرة. والمعبد نفسه مهم لأنه استخدم أشكال التزيين النموذجية المستخدمة في جنوب بلاد النهرين.
و في أيام الملك الأكدي نـَرام – سين (حكم للفترة من حوالي 2254 – حوالي 2218)، بُني مقر إقامة ملكي في براك، وأصبحت المدينة نقطة سيطرة على كل طرق صحراء الجزيرة.
أدبا
حالياً بِسمايهْ، مدينة سومرية قديمة واقعة جنوب نيـبّور (حالياً نِفـّر أو نُفـّر) في محافظة ميسان في العراق. كشفت التنقيبات التي نفذها (1903 – 1904) عالم الآثار الأميركي أدغار جيمس بانكس أبنية يبدأ تاريخها من عصر ما قبل التاريخ حتى فترة حكم أور-نمّو (حكم بين 2112 – 2095 ق. م). كانت أدب مهمة قبل حوالي 2000 ق. م. وقد نسبت إليها قائمة الملوك السومرية واحدة من السلالات القديمة، تتكون من ملك واحد فقط، هو لوغال – أنـّه – موندو، الذي يقال أنه حكم 90 سنة ؛ وحسب موقعه في القائمة فإن ذلك يكون في حوالي 2400 ق. م. وفي الأزمنة المتبقية كلها تقريباً خضعت أدب لملوك سيطروا على كل بلاد بابل (جنوب بلاد النهرين) أو معظمها. وكانت الإلالهة الرئيسية للمدينة هي الإلاهة نِنخورساغ.
أكشاك
مدينة قديمة في بلاد النهرين على الحدود الشمالية لأكد، يعتبرها عدد من الخبراء هي نفسها أوبي (أوبس) البابلية. في حوالي 2500 ق. م فتح أكشاك يانـّاتوم ملكُ لكش. وبعد حوالي قرن تزعمت أكشاك سومر وأكد. وموقع أكشاك مشكوك فيه، بالرغم من إن رسائل ماري (من الأرشيفات الملكية في ماري على نهر الفرات، حوالي 1700 ق. م) تشير على أنها تقع قرب إيشنونـّا في وادي نهر ديالى.
نيبّور
حالياً نِفـَّر أو نـُفـَّر، مدينة قديمة في بلاد النهرين، هي الآن في محافظة المثنى، العراق. بالرغم من أنها لم تصبح أبداً عاصمة سياسية، إلاَّ أن نيبور لعبت دورا ً أساسيا ً في الحياة الدينية في بلاد النهرين.
في الأساطير السومرية كانت نيبور وطن أنليل، إله العاصفة والممثل للقوة والإله الذي ينفذ أوامر مجمع الآلهة الذي يجتمع في نيبور. وطبقا ً لإحدى الروايات، خلق أنليل الإنسان في نيبور. وبالرغم من أن جيوش أي ملك يمكنها أن تـُخضِع البلد غير أنه يتوجب على ذلك الملك أن يطلب انتقال سلطة الحكم الإلهية من أنليل إليه. إن الحاجة إلى هذه المصادقة الإلهية جعلت المدينة مقدسة، وخصوصاً حرم أنليل هناك، بغض النظر عن السلالة التي تحكم بلاد النهرين.
أول بعثة أثرية من الولايات المتحدة إلى بلاد النهرين نقبت في نيبور من 1889 حتى 1900 ؛ واستؤنف العمل في 1948. وقد سُمي الجزء الشرقي من المدينة بحي الكـُتــّـاب بسبب العدد الكبير من الألواح السومرية التي عُثر عليها هناك ؛ والحقيقة أن التنقيب في نيبور كان هو المصدر الرئيسي للأدبيات السومرية.
لا يُعرف إلا القليل عن المدينة في عصور ما قبل التاريخ، ولكن المدينة ربما تكون قد وصلت إلى حدود الخرائب الحالية في 2500 ق. م وكانت محصنة. وفي أيام أور – نمّو (حكم للفترة 2112 – 2095) وهو أول ملوك السلالة الثالثة في أور، شُيِّد حرم أنليل المقدس، أي – كور، بشكله الحالي. وقد بنيت زقورة، ربما تكون بارتفاع ثلاث طوابق، ومعبد في فناء محاط بالأسوار.
و فيما بعد طمرت الإنشاءات البارثية حرم أنليل والأسوار المحيطة به، وفي القرن الثالث للميلاد أخذت المدينة بالانحلال. وهُجرت أخيراً في القرن 12 أو 13.
شوروباك
حاليا ً تل فارة، مدينة سومرية قديمة واقعة جنوب نيبور فيما هو الآن جنوب وسط العراق، وكانت في الأصل على ضفة نهر الفرات. كشفت التنقيبات هناك في النصف الأخير من القرن العشرين ثلاث مستويات من الاستيطان يمتد زمنها من أواخر عصور ما قبل التاريخ إلى السلالة الثالثة في أور (حوالي 2112 – 2004 ق. م). وأكثر اللقى الأثرية تميّزا ً هي خرائب المنازل المبنية بناءً جيدا ً، بالإضافة إلى الألواح المسمارية الحاوية على السجلات الإدارية وقوائم الكلمات، مما يشير إلى مجتمع متطور جدا ً كان موجودا ً في أواخر الألفية الرابعة ق. م.
و شوروباك مذكورة في أسطورة سومرية باعتبارها مسرح الطوفان، الذي دمر كل البشرية ما عدا ناجيا ً واحدا ً، هو زيوسودرا. فقد أمره إله حام ٍ بأن يبني فلكا ً، اجتاز بواسطته الكارثة، ثم أعيد خلق الإنسان والأشياء الحية على الأرض، وحصل هو نفسه على الحياة الخالدة. ويرتبط زيوسودرا باوتنابشتم في ملحمة جلجامش وبنوح المذكور في الكتاب المقدس.
نوزو
حاليا ً تبَّة يورغان، مدينة قديمة في بلاد النهرين، تقع جنوب غرب كركوك في محافظة التأميم، العراق. نقـّب هناك آثاريون أميركيون في 1925 – 1931، وتمتد المادة المكتشفة من عصور ما قبل التاريخ حتى العصور الرومانية والبارثية والساسانية. في العصور الأكدية (2334 – 2154 ق. م) كان الموقع يدعى غاصور ؛ ولكن في أوائل الألفية الثانية ق. م احتل الحوريون، وهم من شمال بلاد النهرين، المدينة، وغيروا اسمها إلى نوزو، وخلال القرنين 16 و15 وُجدت فيها أمة ثرية ومركز إداري هام.
كشفت التنقيبات عن مادة ممتازة لدراسة الفخار الحوري وفن النقش على الجواهر. وهناك نوع خاص مميز من الفخار، يدعى " فخار نوزو " (أو " فخار ميتاني ") بسبب اكتشافه هناك أصلاً، ويتميز بمزايا خاصة، تتمثل في الأقداح الطويلة والنحيفة ذات القاعدة الصغيرة، وهي ملونة بأصباغ سود وبيض يصعب تحليلها.
بالإضافة إلى ذلك فقد اكتشف هناك أكثر من 4000 لوح مسماري. ومع أن أغلبها مكتوب باللغة الأكدية، لكن أغلب أسماء الأشخاص فيها هي أسماء حورية، وكثيرا ً ما تظهر على اللغة الأكدية المستخدمة تأثيرات حورية قوية. وقد ساعدت اللقى الأثرية في نوزو على فهم القوانين الحورية الخاصة بالعائلة والمؤسسات الاجتماعية مما أوضح العديد من الفقرات الصعبة في روايات الآباء الواردة في سفر التكوين التي يعود تاريخها إلى تلك الحقبة.
آشور
حالياً قلعة الشرقاط، العاصمة الدينية القديم لبلاد آشور، واقعة على الضفة الغربية لنهر دجلة، في محافظة نينوى، في شمال العراق. التنقيبات العلمية الأولى هناك أجرتها بعثة ألمانية (1903 – 1913) قادها و. أندريه. واسم آشور يطلق على المدينة، وعلى الدولة، وعلى الإله الرئيسي للآشوريين القدامى.
أصبح المكان مأهولا ً بالسكان في حوالي 2500 ق. م، سكنته قبيلة يُحتمل أنها قدمت إلى نهر دجلة من سوريا أو من الجنوب. استراتيجيا ً، كانت آشور أصغر وأقل شأنا ً من نمرود (كـَلـَح) أو نينوى، وهما المدينتان الرئيسيتان الأخريان في بلاد آشور ؛ ولكن القداسة الدينية لمدينة آشور ضمنت استمرار بقائها حتى 614 ق. م، عندما دمرها البابليون. والمدينة الداخلية محمية بأسوار تحيط بها على شكل دائرة، ويبلغ طول الأسوار حوالي 2. 5 ميل (4 كيلومترات). وعلى الجانب الشرقي كانت دجلة تغسل آشور، حيث كانت هناك موانئ ضخمة أول من أنشأها أدد – نيراري الأول (حكم في الفترة 1307 – 1275 أو ربما 1305 – 1273). توجد على الجانب الشمالي من المدينة دفاعات طبيعية ناتجة عن ذراع من النهر وسفح عالٍ شديد الانحدار، أضيف إليها نظام من الأسوار المدعمة ومرفأ قوي للطوارئ يدعى موشلالو – وهو برج نصف دائري مبني بالحجر بطريقة بسيطة، بناه سنحاريب، وربما كان أقدم نموذج معماري معروف من نوعه. والجانبان الجنوبي والغربي محميان بنظام دفاعي قوي.
و هناك قائمة بالأبنية الموجودة في مدينة آشور، يعود تاريخها إلى فترة حكم سنحاريب (705 – 681 ق. م)، مدرج فيها 34 معبدا ً، لم يُعثر إلاَّ على أقل من ثلثها، من بينها معابد آشور – إنليل، وآنو – أدد، وسين – شمش، وعشتار – نابو. وأهم المعابد من الناحية التاريخية هي تلك المكرّسة لعبادة عشتار، أو إنـّانـّا كما كان يعرفها السومريون.
بالإضافة إلى المعابد تم التعرف على ثلاثة قصور. أقدمها منسوب إلى شمشي– أدد الأول (حوالي 1813 – حوالي 1781 ق. م) والذي استخدم فيما بعد كمقبرة. وعُثر على العديد من المنازل الخاصة في الربع الشمالي الغربي من الموقع معظمها واسع وفيها مدافن عائلية تحت أرضها. ويدل التخطيط غير المنتظم للمدينة على احترام قوي لحقوق الملكية والتوزيع الإقطاعي للأرض. وهناك سلسلة من الألواح المكتوبة بين عامي 1450 و1250 ق. م توضح الجوانب الأخرى من القانون الآشوري، وخصوصاً فيما يتعلق بالنساء.
وبالرغم من إن مدينة آشور دُمِّرت تدميرا ً شديدا ً، غير إنه أعيد إحياء جزء من المدينة تقريبا ً في أيام الفتح البارثي لبلاد النهرين (140 ق. م).
آيسن
مدينة قديمة في بلاد النهرين، ربما تكون هي ذلك التل الكبير قرب الديوانية، محافظة المثنى، العراق. تأسست هناك سلالة مستقلة في حوالي 2017 ق. م. ، أسسها أشبي – إيرّا، " رجل ماري ". وقد أسس سلالة من الحكام العموريين ادعى الخمسة الأوائل منهم السلطة على مدينة أور في الجنوب. والخامس من حكام آيسن، لِبـِت – عشتار (حكم للفترة 1934 – 1924 ق. م. )، اشتهر بسبب نشره سلسلة من القوانين باللغة السومرية سبقت شريعة حمورابي بأكثر من قرن. وفي حوالي 1794 فقدت آيسن استقلالها، في البداية لصالح المدينة المجاورة لارسا، وفيما بعد لصالح بابل. وانتعشت المدينة من جديد بين حوالي 1156 و1025 تحت حكم سلالتها الثانية، التي بسط عدد من ملوكها السلطة على بلاد بابل (جنوب العراق).
لارسا
تدعى حاليا ً تل سنقرة، وهي واحدة من عواصم الدولة البابلية، تقع حوالي 20 ميلا ً (32 كم) جنوب شرق أوروك (بالعربية تل الوركاء)، في جنوب العراق. ربما تكون لارسا قد أسست في عصور ما قبل التاريخ، ولكن أكثر عهود المدينة ازدهارا ً ترافقت مع سلالة حكم مستقلة، أسسها ملك يدعى نـَبْـلانوم (حوالي 2025 – 2005 ق. م) ؛ وكان معاصرا ً لأشبي – إرّا، الذي أسس سلالة في مدينة آيسن المنافسة. وحكم بعد نبلانوم من 13 ملكا ً، كان للعديد منهم سلطة كبيرة في الدولة البابلية، ومثلوا السيطرة الجديدة للعناصر الأكدية السامية التي حلت محل السومريين.
و يبدو أن آيسن ولارسا عاشتا حالة حرب باردة لأكثر من قرن حيث كانت كل واحدة من المدينتين تعزز حكمها. في البداية كان معترفا ً بسيطرة آيسن على أور، ولكن سجلات الأعمال المكتوبة على الرقم الطينية التي عُـثر عليها في أور ــُظهر أنه في أيام ملكي لارسا الخامس والسادس، غونغونوم (حوالي 1932 – حوالي 1906 ق. م) وأبيصير (1905 – 1895)، أخذت لارسا تسير على درب الهيمنة. ولم يحكم الملك الثاني عشر في السلالة سيلي – أدد (حوالي 1835) إلا سنة واحدة فقط ثم عزله ملك عيلام القوي كوتور – مابوك، الذي نصب ابنه وَرَد – سين (1834 – 1824) ملكا ً. ومن الواضح أن هذا الأمر لم يمزق الحياة الاقتصادية في لارسا، وكان هذا في الحقيقة أكثر عهودها ازدهارا ً، كما تشهد على ذلك عدة آلاف من الوثائق الاقتصادية. فانتعشت الزراعة وتربية المواشي ؛ وأعطي الري اهتماما ً أكبر؛ وربطت الطرق الطويلة بين الفرات ووادي الهند من خلال التجارة بالجلود، والصوف، والزيت النباتي، والعاج. وفي أيام ريم – سين (1822 – 1763)، وهو ابن وَرَد – سين، تلقت الفنون تشجيعا ً كبيرا ً، وخصوصا ً مدارس تعليم الكتابة السومرية القديمة. ومع ذلك كانت أيام لارسا معدودة، لأن حمورابي البابلي الذي كان مصمما ً بشدة على تدمير أخطر أعدائه، تمكن أخيرا ً من هزيمة ريم – سين في 1763 ق. م، فبسط سيطرته على جنوب بلاد النهرين منهيا ً بذلك سيطرة لارسا.
كشفت التنقيبات القليلة التي أجراها في لارسا أندريه بارّو في 1933، عن زقورة، ومعبد لإله الشمس، وقصر لنور – أدد (حوالي 1865 – حوالي 1850 ق. م) بالإضافة إلى العديد من القبور والخرائب الأخرى العائدة إلى العهد البابلي الجديد والعهد السلوقي.
ماري
حاليا ً تل الحريري، مدينة قديمة من بلاد النهرين تقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات في سورية الحالية. بدأت التنقيبات هناك في 1933، وكانت في البداية بتوجيه من أندريه بارّو، وقد كشفت عن خرائب يمتد تاريخها من حوالي 3100 ق. م إلى القرن السابع الميلادي.
و أكثر الاكتشافات أهمية القصر الكبير لزيميرليم، وهو ملك محلي كان حكمه مزدهرا ً بشكل استثنائي وامتد ما يقرب من 30 سنة وانتهى عندما احتل المدينة حمورابي البابلي ودمرها في القرن 18 ق. م.
احتوى القصر على حوالي 300 غرفة، تركزت فيها كل المكاتب الإدارية ذات الأهمية الكبرى. وقد اكتـُشِف عدد كبير من الجداريات ومئات الأشياء الصغيرة ؛ ومع ذلك فلا شيء يساوي في قيمته آلاف الوثائق الأرشيفية المكتشفة في العديد من غرف الكتـّـاب. وهي عبارة عن مراسلات دبلوماسية وتقارير مرسلة من كل أرجاء البلاد بالإضافة إلى الأرشيفات التاريخية والرسائل المتبادلة بين الملك الآشوري شمشي – أدد الأول وولديه قبل 1800 ق. م بقليل، وكذلك هناك الكثير من النصوص الاقتصادية والقانونية. وهي توسع معرفتنا بالجغرافية والتاريخ الآشوريين، وتعطي صورة دقيقة للحياة في تلك الفترة.
بورسيبا
حالياً بيرسْ أو بيرسْ نمرود، مدينة بابلية قديمة، جنوب غرب بابل في محافظة بابل، العراق. وربها الحامي هو نابو، وقد ساعدها قربها من العاصمة، بابل، في أن تصبح مركزاً دينيا ً هاما ً. وقد بنى حمورابي (حكم ي الفترة 1792 – 1750 ق. م. )، أو أعاد بناء معبد إيزيدا، في بورسيبا، وكرّسه لمردوك (الرب الوطني لبلاد بابل) ؛ واعتبر الملوك اللاحقون نابو إلها ً لإيزيدا وجعلوه ابن مردوك، وأصبح معبده الثاني مباشرة بعد معبد مردوك في بابل.
خلال فترة حكم نبوخذنصّر (604 – 564) بلغت بورسيبا أوج ازدهارها. وهناك زقورة غير مكتملة بناها نبوخذنصّر وهي الآن خربة، ونقب فيها في عام 1902 عالم الآثار الألماني روبرت كولدواي. ويظهر أن الزقورة دُمِّرت جراء حريق بالغ القوة، وربما كان حريقا ً غير مقصود في حصران القصب وفي الزفت الموضوع أصلا ً في لب البناء لدعمه من الداخل.
دمر الملك الأخميني أحشورش الأول بورسيبا في أوائل القرن الخامس ولم يكن اكتشافها كاملا ً أبدا ً.
دور – كوريغالزو
عقرقوف الحالية، مدينة محصنة ومقر إقامةٍ ملكي لآخر ملك كاشيٍّ، تقع قرب بابل([i][1]) في جنوب بلاد النهرين. وهذه المدينة إما أن مؤسسها هو كوريغالزو الأول (الذي اشتهر في أواخر القرن الخامس عشر – أوائل القرن الرابع عشر ق. م. ) أو هو كوريغالزو الثاني (حوالي 1345 – 1324 ق. م. ). وفيما بين 1943 و1945 م كشفت التنقيبات العراقية عن زقورة كبيرة، وثلاثة معابد، وقصر ذي زخارف جدارية ملونة، ورواق بأعمدة مربعة. كانت المعابد مكرسة للآلهة السومرية، وتحتوي على العديد من الأشياء القيمة، من بينها تمثال لكوريغالزو الثاني.
سيبار
حاليا ً أبو حبة مدينة قديمة في الدولة البابلية، واقعة جنوب غرب بغداد الحالية، في وسط العراق. خضعت سيبار للسلالة الأولى في بابل، ولكن لا يُعرف إلا القليل عن المدينة قبل 1174 ق. م، عندما نهبها الملك العيلامي كوتير – ناهونتي. ثم استعادت عافيتها حتى احتلها أخيرا ً الملك الآشوري تجلات – بيلاصر الأول. وفي أيام السلالة الثامنة في بابل أعاد الملك نابو – أبلا – إدّينا (حوالي 880) بناء معبد شمش الكبير في سيبار، وسجَّـل أنه عندما كان يحفر في الخرائب وجد صورة قديمة للإله، فرسم نفسه مع شمش على نصب حجري تذكاري. وهذا هو نفسه النصب الذي عثر عليه الملك نابوبلاصر عندما أعاد بناء المعبد في أواخر القرن السابع ق. م. والنصب الآن في المتحف البريطاني.
نمرود
هذا هو الاسم الحديث لموقع المدينة الآشورية القديمة كـَلـَح، والتي تُلفظ أيضاً كـَلـْحو أو كـَلـَخ، والواقعة جنوب الموصل في محافظة نينوى، العراق. أول من نقـَّب في المدينة هو أوستن هنري لايارد في الفترة 1845 – 1851، ثم بعد ذلك بشكل رئيسي م. ي. ل. مالووان (1949 – 1958).
أسس كلح في القرن 13 ق. م شلمنصر الأول، وظلت غير مهمة حتى اختارها الملك آشور ناصربال الثاني (حكم للفترة حوالي 883 – حوالي 859 ق. م) مقرا ً ملكيا ً له وعاصمة عسكرية للدولة الآشورية. ونفذ أشغالا ً واسعة في قلعة المدينة وفي المنطقة خارج الأسوار، وأكمل عمله ابنه شلمنصر الثالث، وبقية الملوك. والبناية الدينية الأهم هي إيزيدا، التي شيدتها في 798 الملكة سامورامات (سميراميس في الأسطورة اليونانية)، وتضم معبد نابو (نيبو) إله الكتابة، وزوجته تاشميتوم (تاشميت). وقد احتوت مكتبة المعبد والبناء الملحق به على العديد من الكتابات الدينية والسحرية والعديد من " المعاهدات "، من بينها الوصية الأخيرة وعهد أسرحدون (حكم للفترة 680 – 669)، وفيها يحدد خليفته بدقة : ابنه آشور بانيبال الذي سيتولى الملك بعده في آشور، وشمش – شوم – أوكين في بابل. والبناية الأهم خارج المدينة تعود إلى شلمنصر، وهي تحتوي، مع بنايات أخرى، على آلاف القطع العاجية المنحوتة، معظمها مصنوع في القرنين 9 و8، وهي الآن أثمن مجموعة عاج في العالم.
قي القرن السابع قلـَّت أهمية كلح، لأن السرجونيين مالوا إلى استخدام نينوى مقرا ً لهم ؛ ولكنها كثيرة السكان حتى تلاشت في 614.
خُرساباد
قرية عراقية معاصرة، واقعة في موقع دور شارّوكين (" حصن سرجون ") شمال شرق نينوى، في محافظة نينوى، العراق. بناها بين 717 و707 ق. م الملك الآشوري سرجون الثاني (حكم للفترة 721 – 705)، وتظهر دور شارّوكين وكأنها مدينة مخططة بعناية. تحيط الأسوار الخارجية بمساحة قدرها ميل مربع واحد، ويكون الدخول إليها عبر سبع بوابات حصينة. ويحيط سور داخلي بمعبدٍ لنابو، رب الخصب وحامي فن الكتابة، وبالقصر الملكي، وبمنازل واسعة للموظفين الهامين. ومع ذلك، وبمجرد أن انتهى بناء المدينة، قـُتل سرجون في معركة، وهُجرت دور شارّوكين بسرعة.
بدأ التنقيبات في الموقع (و هي في الواقع أول تنقيبات أثرية في بلاد النهرين) القنصل الفرنسي بول – إميل بوتـّا في 1843، وواصلها فيما بعد (1858 – 1865) خليفته فيكتور بلاسيه، وكذلك بعثة الولايات المتحدة (1928 – 1935) من جامعة شيكاغو. وبالإضافة إلى الرسوم الجدارية النافرة، والعاجيات والتماثيل الكبيرة للثيران المجنحة، فقد عُثر في الموقع على واحدة من أثمن اللقى الأثرية هي قائمة الملوك الآشوريين، التي سجلت أسماء وسنوات حكم كل الملوك الآشوريين منذ حوالي 1700 ق. م إلى أواسط القرن الحادي عشر ق. م.
دورا – يوروبوس
حاليا مدينة سورية خربة تقع في الصحراء السورية قرب دير الزور. نقب فيها لأول مرة فرانز كومونت (1922 – 1923) وفيما بعد م. روستوفتزيف (1928 – 1937). وكانت دورا في الأصل مدينة بابلية، ولكن السلوقيين أعادوا بناءها في حوالي 300 ق. م وأعطيت اسمها الآخر يوروبوس نسبة إلى مدينة مقدونية، هي موطن الملك الذي أعاد تأسيسها، سلوقس الأول نيكاتور. وفي حوالي 100 ق. م سقطت المدينة بين أيدي البارثيين وأصبحت مدينة قوافل مزدهرة ثم استولى عليها الرومان في 165 م ؛ وفي أيامهم أصبحت المدينة حصنا ً حدوديا ً. وبعد 256 م بقليل استولى عليها الساسانيون ودمروها.
ما تبقى من دورا – يوروبوس يعطي صورة مفصلة تفصيلا ً كبيرا ً عن الحياة اليومية هناك ؛ كما إن الكتابات والنقوش والأبنية المعمارية توفر معلومات غزيرة عن انصهار الثقافتين اليونانية والسامية. وهناك مبنيان يعود تاريخهما إلى القرن الثالث الميلادي تنتشر على جدرانهما رسوم كثيرة.
أور ([ii][2])
هجرة النبي ابراهيم من اور الى فلسطين
حاليا ً تل المقيَّر، مدينة مهمة في جنوب بلاد النهرين القديم (سومر)، تقع على حوالي 140 ميلا ً (225 كم) جنوب شرق موقع مدينة بابل، وعلى حوالي 10 أميال (16 كم) غرب المجرى الحالي لنهر الفرات. في الأزمنة القديمة كان النهر يجري قريبا ً جدا ً من المدينة، لكن تغير مساره ترك بقايا المدينة في صحراء كانت ذات يوم أرضا ً مروية خصبة. أول أعمال التنقيب في أور نفذها بعد الحرب العالمية الأولى هـ. ر. هول من المتحف البريطاني، ونتيجة لها تشكلت بعثة مشتركة من المتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا نفذت أعمال تنقيب بإدارة ليونارد وولي من 1922 حتى 1934. وقد أوضحت المكتشفات كل حقبة تقريبا ً في تاريخ المدينة، مما زاد كثيرا ً من معرفتنا بتاريخ بلاد النهرين.
تأسيس المدينة
في وقت ما من الألفية الرابعة ق. م، أسس المدينة مستوطنون يُعتقد أنهم من شمال بلاد النهرين، مزارعون ما زالوا في مرحلة الثقافة النحاسية. وهناك شاهد على أن استيطانهم انتهى بفيضان، كان يعتقد سابقا ً أنه الطوفان المذكور في سفر التكوين. وهناك مقبرة قديمة يعود تاريخها إلى عهد " جمدة نصر " التالي (فجر التاريخ) وفيها خرائب قيِّمة رُبـِط بينها وبين مكتشفات أكثر إثارة في أوروك.
أور في عصر فجر السلالات، القرون 29 – 24 ق. م
في الحقبة التالية (فجر السلالات) أصبحت أور عاصمة جنوب بلاد النهرين بأجمعه في ظل الملوك السومريين للسلالة الأولى في أور (القرن 25 ق. م). وقد كشفت أعمال التنقيب في مقبرة واسعة تعود إلى فترة تسبق تلك السلالة (القرن 26) عن قبور ملكية تحتوي على كنوز كبيرة من الذهب والفضة والبرونز والأحجار شبه الكريمة، مما يُظهر ثروة شعب أور، بالإضافة إلى تطورهم الكبير في الحضارة والفن. ومن بين الاكتشافات المهمة اكتشاف عادة دفن الملوك مع كامل الحاشية من موظفي البلاط والخدم والنساء، للاستمرار في خدمة أولئك الملوك في العالم الآخر. وهناك مجموعة من الاكتشافات ذات الأهمية المتفردة في المقابر الملكية، تشمل الأدوات الموسيقية والأسلحة الذهبية والحلي الصدفية المنحوتة والرسوم الموزائيكية والأختام الأسطوانية المنحوتة، مما يدل على حضارة لم يكن المؤرخون يعرفونها من قبل. كما كشفت أعمال التنقيب في منطقة العُبيد، وهي إحدى ضواحي أور، عن المزيد من تطور تلك الحضارة، أو ربما عن جوانب أخرى منها، وذلك في معبد صغير من نوع غير معروف من قبل، مزين بتماثيل كثيرة ونقوش نافرة على الموزائيك والمعادن، وفيه أعمدة مكسوة بالموزائيك الملون أو النحاس الملمع. ويشير حجر الأساس في المعبد إلى أنه من أعمال أحد ملوك السلالة الأولى في أور، ويذكر أيضا ً تاريخ البناء، مما يثبت تاريخية السلالة التي ذكرها المؤرخون السومريون القدماء، والتي كان الباحثون المعاصرون يعتبرونها خيالية.
و هناك بعض الكتابات الشخصية تؤكد حقيقة وجود الحاكم الأسطوري سرجون الأول، ملك أكد، الذي حكم في القرن 24 ق. م، وهناك مقبرة تبين الثقافة التي كانت سائدة في أيامه.

السلالة الثالثة في أور، القرنان 22 – 21 ق. م
هناك بعض المنشآت المعمارية المهمة يعود تاريخها إلى الحقبة التالية، أي إلى عهد السلالة الثالثة في أور، عندما أصبحت أور مرة ثانية عاصمة إمبراطورية. أولى تلك المنشآت هي الزقورة، وهي ذات ثلاث طوابق من الطابوق الطيني الصلد المغلف بطابوق مفخور مغمس بالزفت، وهي تشبه هرما ً مدرجا ً ؛ وفي قمة الزقورة يوجد مقام مقدس، هو غرفة نوم نانا (سين) إله القمر، وهو الإله الحامي لأور وملكها السماوي. وأبعاد المصطبة السفلى عند أساساتها هي حوالي 210 ´ 150 قدم (64 ´ 46 متر)، أما أبعاد المصطبة العليا فهي حوالي 40 ´ 40 قدم. وهناك دعامات ناتئة نتوءا ً خفيفا ً من ثلاثة جدران. كما إن هناك ثلاثة سلالم كبيرة على الجانب الشمالي الشرقي، في كل واحد منها 100 درجة، أحدها يقع على زاوية قائمة مع مركز البناية، ن والآخران يميلان مع جدرانها، والثلاثة يتجمعون في مدخل بين المصطبة الأولى والثانية. ومن هذا المدخل يصعد سلم واحد نحو المصطبة العليا وإلى باب غرفة الإله الصغيرة. الجزء السفل من الزقورة بناه أور – نمو، مؤسس السلالة، وهو ما يزال باقيا ً بحالة مدهشة ؛ وما تبقى من الجزء العلوي يكفي لتمكيننا من إعادة تصور الزقورة بدقة.
و قد أظهرت أعمال التنقيب أنه في الألفية الثالثة ق. م كان المعماريون السومريون عارفين بالأعمدة والأقواس والبناء بالعقادة والقبب وغيرها، مع كل الأشكال الأساسية في الهندسة المعمارية. والزقورة تعرض مفاتنها. الجدران كلها تميل نحو الداخل، كما إن زوايا الجدران، وكذلك ارتفاعات المصاطب المتعاقبة المحسوبة بحرص كلها تقود العين نحو الداخل ونحو الأعلى ؛ كما إن الميلان الحاد للسلالم يُبرز ذلك التأثير ويركز الانتباه على المقام المقدس، الذي هو البؤرة الدينية لكامل هذه البناية الضخمة. والمدهش أنه لا يوجد خط مستقيم منفرد في البناية. كل الجدران محدبة، من أسفلها إلى أعلاها وأفقيا ً من زاوية إلى أخرى، وتحدبها خفيف بحيث لا يكون مرئيا ً ولكنه يعطي عين الناظر إحساسا ً بالقوة لأن الخط المستقيم قد يبدو واهنا ً تحت تأثير وزن البناية الهائل. وبذلك استخدم المعماري مبدأ entasis، الذي أعاد اكتشافه بناءو البارثينون في أثينا.
السلالات التالية، القرون 21 – 6 ق. م
خرب العيلاميون الأضرحة الكبيرة المبنية بالطابوق التي بناها ملوك السلالة الثالثة وكذلك المعابد التي بنوها، ولكن ملوك السلالات التالية في آيسن ولارسا أعادوا بناء المعابد على الأقل ؛ ومع إن أور لم تعد العاصمة، غير أنها احتفظت بأهميتها الدينية والتجارية. وبسبب امتلاكها ممرا ً إلى الخليج الفارسي عبر النهر والقناة فقد كانت الممر الرئيسي للتجارة الخارجية. وفي أوائل حكم سرجون الأكدي كانت أور على اتصال مع الهند، بشكل غير مباشر على الأقل. وقد عُثر في أور على أختام شخصية ذات طابع هندي يعود تاريخها إلى سلالة أور الثالثة وعهد لارسا، بينما تـُظهر عدة مئات من الرقم الطينية كيفية تنظيم التجارة الخارجية. وقد حمل " ملوك البحر " الأوريون البضائع لتصديرها إلى المركز التجاري في دلمون (البحرين) ومن هناك شحنوا النحاس والعاج القادمين من الشرق.
و قد عُثر على الرقم الطينية في الحي السكني في المدينة، حيث أجريت أعمال التنقيب في مساحة معتبرة. في عهد لارسا وفي أيام حمورابي البابلي (حوالي القرن 18 ق. م، وهي الفترة التي يُفترض أن يكون إبراهيم قد عاش فيها في أور) كانت المساكن الخاصة للمواطنين مساكن مريحة ذات طابقين مبنية بناءً جيدا ً مع أماكن مريحة وفسيحة للعائلة وللخدم وللضيوف، وهي ذات طابع يؤمِّن الخصوصية ومتلائم مع المناخ. وفي بعض المنازل وُجد نوع من المصلـَّى يعبد فيه الرب الخاص بالعائلة وكذلك وجد مثل هذا المصلـَّى تحت الأرضيات التي كانت مدافن لأفراد العائلة. وقد عثر على العديد من المعابد العامة الكبيرة وتوجد فيها مقامات جانبية صغيرة مكرسة من قبل أشخاص معينين لآلهة صغرى، مما يسلط أضواء جديدة على الطقوس الدينية البابلية ؛ ولكن المصليات الأهلية التي كانت تعبد فيها آلهة عوائل ليس لها أسماء هي ذات أهمية كبيرة وربما كانت لها علاقة بدين الآباء العبرانيين.
و بعد فترة طويلة من الإهمال النسبي، شهدت أور انتعاشا ً في عهد الدولة البابلية الجديدة، في أيام نبوخذنصر الثاني (605 – 562 ق. م)، الذي أعاد بناء المدينة عمليا ً. ولم يكن نبونيد أقل نشاطا ً منه، ونبونيد هو آخر ملوك بابل (556 – 539 ق. م)، وكان أعظم أعماله إعادة بناء الزقورة، وزيادة ارتفاعها إلى سبعة طوابق.
المرحلة الأخيرة، القرون 6 – 4 ق. م
كان آخر ملك يبني في أور هو الملك الأخميني قورش الكبير، الذي كانت كتاباته على الطابوق مشابهة " للمرسوم " الذي استشهد به عزرا فيما يتعلق بإعمار المعبد في القدس([iii][3]). ومن الواضح أن الفاتح كان تواقا ً إلى استرضاء رعاياه الجدد بتشريف آلهتهم، مهما كانت تلك الآلهة. ولكن أور أصبحت الآن شديدة التدهور ؛ وكانت موجودة في أيام أحشورش الثاني ولكن رقيما ً واحدا ً فقط (يعود إلى فيليب أرهيديوس، 317 ق. م) هو الذي يكمل القصة. وربما غيَّر نهر الفرات مساره في ذلك الوقت ؛ ومع انهيار منظومة الري بكاملها، هُجرت أور تماما ً، بعد أن تحولت حقولها إلى صحراء.
إن الاكتشافات التي تمت في المواقع الأخرى تكمل السجل الذي كـشفته أعمال التنقيب في أور. وإن معرفتنا بتاريخ المدينة وطريقة حياة سكانها وأعمالهم وفنونهم هي الآن كاملة تقريبا ً ومفصلة تفصيلا ً متميزا ً.
نينوى ([iv][4])
الملك العراقي (السلالة الآشورية) آشور بانيبال
هي المدينة الأقدم والأشهر في الإمبراطورية الآشورية القديمة، تقع على الضفة الشرقية لدجلة مقابل الموصل الحالية (في العراق). ومنذ أقدم العصور كانت الطرق القادمة من تلال كردستان تلتقي هناك، كما إن رافدا ً لدجلة هو نهر الخوّار، يزيد من الخصوبة الزراعية والرعوية لتلك المنطقة.
أول من مسح نينوى ورسم خارطتها هو عالم الآثار كلوديوس ج. ريتش في سنة 1820، وهو العمل الذي أكمله فيليكس جونز وطبعه في سنة 1854. أما أعمال التنقيب فقد نفذها أشخاص عديدون بشكل متقطع منذ ذلك الحين. في الفترة 1845 – 1851 اكتشف أ. هـ. لايارد (السير هنري فيما بعد) قصر سنحاريب وأخذ معه إلى إنكلترا مجموعة لا نظير لها من الرسوم النافرة المنحوتة على الحجر بالإضافة إلى آلاف الرقم المكتوبة بالمسمارية من مكتبة آشوربانيبال الكبرى. وأكمل هرمز رسام هذا العمل في 1852. وفي الفترة 1929 – 1932 نقب ر. كامبل ثومبسون في معبد نبو لصالح المتحف البريطاني واكتشف موقع قصر آشورناصربال الثاني. في 1931 – 1932 ولأول مرة حفر ثومبسون، بالاشتراك مع مالووان (السير ماكس فيما بعد)، نفقا ً عموديا ً من أعلى قوينجق (المعبد الرئيسي)، على ارتفاع 90 قدما ً (30 مترا ً) فوق منسوب السهل، مخترقا ً طبقات الأنقاض المتراكمة للثقافات القديمة حتى وصل إلى التربة البكر. وبرهن بذلك على أن أربعة أخماس هذا الركام الكبير تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
التاريخ
أول استيطان في المنطقة هو قرية صغيرة من العصر الحجري الحديث، ربما تكون قد أسست قبل الألفية السابعة ق. م. وفيما بعد ظهر الفخار الملون لعهد حسونة – سامراء وعهد حلف، وذلك في أوائل العصر النحاسي، وهذا الفخار هو ما يتميز به الشمال. ثم ظهر الفخار الرمادي مثل ما هو حاصل في الغرب في جبل سنجار. وخلال الألفية الرابعة استخدم المزارعون مناجل طينية من النوع الذي عُثر عليه في عهد العُبيد، مما يدل على وجود صلات بالجنوب.
و من أهم اكتشافات مالووان وثومبسون في طبقات عصور ما قبل التاريخ الأواني المشطوفة بدائية الصنع، المقلوبة في التراب والمملوءة بمواد عضوية. وربما كانت هذه الأواني قرابين سحرية لطرد الأرواح الشريرة من المنازل. ويتطابق ما ترمز إليه تطابقا ً تاما ً مع فخار أوروك واسع الانتشار في بلاد النهرين في أواخر الألفية الرابعة. وفي هذه المستويات توجد أيضا ً مزهريات معدنية كبيرة، وهو ما تتميز به بلاد بابل الجنوبية، حيث كان لهذه المنطقة من دجلة عوامل مشتركة كثيرة من الناحية التقنية مع مدن وادي الفرات الأسفل في تلك الحقبة. ولهذا التشابه أهمية خاصة لأنه يشير إلى أنه في وقت ما قبل 3000 ق. م كان هناك عهد ازدهار اقتصادي وحّد المصالح التجارية بين الشمال والجنوب ؛ ثم تباعدت هاتان الحضارتان عن بعضهما فيما بعد تباعدا ً كبيرا ً.
قبل سنة 3000 ق. م بقليل، وبعدها بقليل، كان هناك فخار غير ملون من نينوى مشابه لذلك المستخدم في المواقع السومرية ؛ وإلى الحقبة نفسها تقريبا ً تعود سلسلة من الفخار الملون والمحزز بطريقة جذابة وهو المعروف بنينوى V (الخامسة)، وهو انتاج محلي متميز عن فخار الجنوب. كما وُجدت في تلك الطبقات خِرز ربما يعود تاريخها إلى حوالي 2900 ق. م.
و من أكثر موجودات الألفية الثالثة ق. م تميزا ً هو رأس من البرونز بالحجم الطبيعي، مصبوب في قالب ومثلوم، وهو لملك ذي لحية. وهذه هي أروع قطعة معدنية منحوتة اكتشفت في بلاد النهرين، وربما تمثل الملك المشهور سرجون الأكدي (حوالي 2334 – 2279 ق. م). وهذا الرأس البرونزي موجود حاليا ً في المتحف العراقي ببغداد، وبسبب تقنية صنعه الممتازة وملامحه المصبوبة بكل دقة يعتقد بعض الكتـّاب أنه يعود إلى مرحلة تالية من العهد الأكدي (2334 – حوالي 2154 ق. م) ؛ وإذا كان هذا صحيحا ً فربما يمثل هذا الرأس الملك نرام – سين (حوالي 2254 – حوالي 2218 ق. م). ولكن افتراض التاريخ الأقدم يبدو أكثر قبولا ً لأن الأشغال المعدنية في بلاد النهرين تقدمت في تلك الحقبة بسرعة أكبر من تقدم النحت على الحجر، ونعرف من الكتابات أن مانيشتوسو، وهو الابن الثاني لسرجون، بنى معبد أي – مَشْمَش في نينوى شكرا ً لكونه " ابن سرجون " ؛ وبذلك يكون من المناسب أن يوضع هناك تمثال لمؤسس السلالة.
و من المدهش أن لا يكون هناك مقدار كبير من الشواهد التي تـُظهر أن الملوك الآشوريين بنوا الكثير من الأبنية في نينوى خلال الألفية الثانية. وكان الملوك المتأخرون الذين ظهرت كتاباتهم على المعبد الرئيسي، وبضمنهم شلمنصر الأول وتجلات بيلاصر الأول، أكثر نشاطا ً في البناء في مدينة آشور ؛ والأول هو الذي أسس كلخ (نمرود). وكان على نينوى أن تنتظر الآشوريين الجدد، وخصوصا ً آشورناصربال الثاني (حكم في الفترة 883 – 859 ق. م) ومن تلاه، من أجل أن تشهد توسعا ً معماريا ً ملحوظا ً. ثم واصل الملوك اللاحقون صيانة وتأسيس القصور الجديدة، والمعابد المكرسة لسين ونيرغال ونانا وشمش وعشتار ونابو. ولسوء الحظ لم يترك النهب الشديد إلا القليل من هذه الصروح.
و سنحاريب هو الذي جعل نينوى مدينة رائعة حقا ً (حوالي 700 ق. م). فقد فتح الشوارع والأحياء الجديدة وبنى في نينوى قصرها المشهور الذي لا نظير له، والذي عُثر على معظم أسسه، وكانت أبعاده الإجمالية حوالي 600 × 630 قدما ً. وهو يحتوي على ما لا يقل عن 80 غرفة، عدد كبير منها فيها نقوش نافرة. وقد وُجد هناك الجزء الأكبر من المجموعة (K) المشهورة من الرُقـُم الطينية ؛ وكانت الثران ذات الرؤوس الآدمية موضوعة على جانبي بعض المداخل الرئيسية. وفي ذلك الوقت كانت المساحة الإجمالية لنينوى حوالي 1800 إيكر (700 هيكتار)، وكانت هناك 15 بوابة تخترق أسوارها. وكان الماء يُجلب من التلال إلى نينوى بواسطة منظومة متقنة مكونة من 18 قناة، وقد اكتشفت في جروان، على بعد حوالي 25 ميلا ً (40 كم) عدة أجزاء من قناة مبنية بناءً متقنا ً بناها الملك سنحاريب.
و بنى خليفته أسرحدون قلعة في تل النبي يونس، جنوب قوينجق، وغير معروف ما إذا كان هو أو خليفته مَن وضع تماثيل الفرعون تاركو على مداخلها احتفالا ً بفتح مصر. وقد اكتشفها فؤاد سفر ومحمد علي مصطفى في سنة 1954 لصالح هيئة ا

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:37 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الاغتيالات السياسية في حضارة العراق القديم – العصر الآشوري نموذجاً
احتلت الحضارة الآشورية مكاناً بارزاً بين حضارات بلاد النهرين بعد أن نهلت من حضارات العصور السابقة لها مثل السومرية والآكدية والمصرية القديمة، وقد خرجت لنا بطابع وملامح خاصة بها تختلف عن سائر الحضارات السابقة وتنفرد ببعض الصفات والملامح التى تغيب عن باقي الحضارات.
والآشوريون ساميو الأصل جاءوا من شبه الجزيرة العربية، واستوطنوا بوادي الشام والعراق، ثم ارتحلوا إلى شمال العراق فيما بين الألف الرابعة أو مطلع الألف الثالثة قبل الميلاد([1]).
وقد أسهمت المصادر الخاصة بالحضارة الآشورية في إعطاء منهج متكامل لتاريخ آشور لما حوته من تفاصيل دقيقة في نقوش المباني الملكية، والآثار الرئيسة([2]). والحوليات الملكية([3]) المسجلة لآخر ملوك العصر الوسيط ثم العصر الحديث بالإضافة إلى الوثائق التجارية والعسكرية الخاصة بآشور([4]).
موقع آشور:
تقع آشور في الجزء الشمالي من العراق الذي يخترقه نهر دجلة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، والأراضي الموجودة على جانبه من خط العرض السابع والثلاثين شمالاً، ويعد النهر العظيم هو الحد الجنوبي لآشور، إلى جانب ذلك يمر بها الزاب الأكبر والأصغر، ولا توجد حدود طبيعية من الغرب إلى الخابور والفرات([5]) وعلى الرغم من أن تلك البلد المثلثة لا تمتلك الوحدة التى تتمتع بها بابل([6])، إلا أن الطبيعة قد وهبتها أمطار كافية وسهولاً خصبة متفرقة حول أربيل وكركوك وعلى ضفتي دجلة وقد انتشرت في أراضيها التلال والهضاب التى سمحت لها بزراعة الغلال الشتوية إلى جانب السفوح الجبلية الصالحة للزراعة([7]).
اسم آشور:
أطلق اسم آشور على الأرض والسكان والإله الأكبر مع بعض التحويرات وقد ذكرتها النصوص المصرية باسم «إسر» و «إسور»([8]). وقد كتبت آشور بصيغة قديمة على هيئة «آ-أوسار» (A-Usar) ولكن الكتابة الشائعة الأخرى كانت بهيئة آشور (A-Shur) يليها مباشرة العلامة المسمارية الدالة على المكان (كي) ([9]). ومن المرجح أن تلك التسمية قد أطلقها الآشوريون على أنفسهم عندما سكنوا في أوائل الألف الثالثة قبل الميلاد في الموطن الذي عرف باسمهم.
وقد شيدت العاصمة آشور فوق ربوة صخرية تحيط بها مياه نهر دجلة وتقوم على أنقاضها قلعة الشرقاط الحالية، وقد عاصرت العاصمة آشور فترة أواخر عصر بداية الأسرات السومري([10]) ثم الآكدي، وقد استفادت بقدر كبير من حضاراتهما، اعترفت بسطوتهم في عهود قوتهم وقد اندرجت آشور في ذلك الوقت فيما عرف باسم السوباريين لتمر بعصورها التاريخية التى كانت بدايتها عصور ما قبل التاريخ، ثم سيطرة الدولة البابلية حتى نهاية «أور» الثانية 2500 إلى 2000 ق.م، ثم يليها العصر الآشوري القديم (2000-1500)ق.م والوسيط من (1500-911م) ق.م والحديث([11]) (911-612) ق.م.
يعد الإله آشور الإله الأول لدولة آشور وقد ظهرت عبادته في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد([12]). وقد منح الإله (آشور) اسمه إلى أول عاصمة وإلى البلاد كلها، ويعد الإله آشور ملكاً لكل الآلهة، خالقاً للسماء آنو والأقاليم السفلية وللبشرية. وهو إله غامض لم يكن له مراكز عبادة أخرى في بلاد النهرين ما عدا آشور التى أنشأها الآشوريون بعكس سائر الآلهة التى عبدت في آشور مثال أداد Adad وعشتار اللذين عبدا في آشور ولهما نظائر في بلاد النهرين([13]). وقد شهدت دولة آشور عدداً للعديد من الاغتيالات السياسية التى شهدتها حضارة العراق القديم وكانت نموذجاً لتلك الظاهرة التى مرت بها خلال عصورها التاريخية.
وتعد ظاهرة الاغتيالات السياسية شاهداً على العنف والقسوة التى اتسمت بها دولة آشور وقد تعددت أسبابها وملابساتها ونتائجها مع اختلاف عهودها، ومن خلال محاولات الاغتيال التى شهدتها آشور نستطيع أن ندرك الأسباب الداخلية والخارجية للاغتيالات التى شهدتها آشور من خلال محاولات الاغتيال نفسها، وفضلاً على ذلك فقد كشفت عمليات الاغتيال عن الصراع داخل العائلة المالكة وكذلك حياة القصور ودور كبار رجال الدولة في السياسة، واتضح أنه من أقوى أسباب حدوث الاغتيالات في دولة آشور:
أولاً: مؤامرات الأبناء ضد آبائهم الملوك للوصول إلى العرش.
ثانياً: كثرة الفتوحات الآشورية وسياستها الانتقامية من أعدائها.
ثالثاً: الثورات الداخلية ضد الملك.
رابعاً: الثورات العديدة والمتفرقة ضد الآشوريين.
خامساً: مؤامرات رجال الدولة والقصر واشتراكهم في عمليات الاغتيال.
مؤامرات الأبناء ضد آبائهم الملوك للوصول إلى العرش:
ومن أشهرها تلك المؤامرة التى دبرت ضد الملك «توكلتي – نينورتا الأول» بواسطة ولده «آشور – نادن – ابلي) والتى دبرت أيضاً ضد الملك «سيناخريت» الذي اغتيل على يد أحد أبنائه([14]).
وقد تمت أول عملية اغتيال في العصر الآشوري الوسيط([15]) (1500-911) ق.م وكان ضحيتها الملك الآشوري توكلتي – نينورتا الأول (1244-1208) ق.م وقد أخذ ذلك من سياسة أبيه شلمانصر الأول 1274-1245ق.م منهجاً له([16]) فغزا بابل وضمها إلى مملكته في عهد «كاشتلياش الرابع» وخلد هذا الانتصار بإقامته مدينة جديدة أطلق عليها (كار – توكلتي – نينورتا) أي حصن توكلتي نينورتا بالقرب من العاصمة آشور، وقد وصلت فتوحاته إلى بحيرة فان في الشمال.
الغربي وإلى ماري وقبائل الأخلامو غربا([17])، وعلى الرغم من إنجازات توكلتي – نينورتا السابقة الذكر فلم تشفع له، ومن ثم فقد اغتيل محاصراً في قصره([18]) إثر محاولة انقلاب قادها ولده «آشور – نادن – أبلى» بمساندة بعض الأمراء والقواد للاستيلاء على الحكم.
وغالباً كان الملك يختار ولي عهده أثناء حياته من بين أولاده، ويعلن هذا الاختيار على الجميع ويأخذ له البيعة والولاء من كل أمراء العائلة وكبار رجال الدولة والجيش وأمراء الأقاليم التابعة، ثم يجاهر بأن هذا الاختيار لولي العهد ما هو إلا تنفيذ لإرادة الإله «آشور» بعد استشارة كبار الآلهة، وقد كان هذا الحق المطلق في اختيار ولي العرش وفرضه على الجميع سبباً من أسباب الاغتيالات في دولة آشور([19]).
ونرى من خلال عملية اغتيال توكلتي نينورتا صورة واضحة لمشاكل البيت المالك المتمثلة في الرغبة القوية في الحصول على العرش هذا بالإضافة إلى مؤامرات رجال الدولة والقصر التى ستكون أكثر وضوحاً بعد ذلك.
وقد توقفت نهضة آشور بسبب اغتيال توكلتي نينورتا بعد أن ساءت أحوالها الداخلية والخارجية ونهاية لحكم تلك الأسرة، وقد شهدت آشور في ذلك الوقت وجود شعوب البحر الذين حلوا محل الخاتيين وصاروا مصدر فزع لجيرانهم، وكذلك بدأت هجرات سامية جديدة (جزيرية) – نسبة إلى قدوم هذه الهجرات من منطقة شبه الجزيرة العربية – تغذي الآراميين في العراق، وثارت بابل للانتقام من آشور، فهاجمتها بعد اغتيال توكلتي نينورتا، وحاصرت العاصمة واستردت تمثال معبودها الأكبر مردودك واكتفت بذلك الإنجاز واهتمت بعد ذلك بحماية حدودها ومناوشة الآشوريين([20]).
كثرة الفتوحات الآشورية وسياستها الانتقامية من أعدائها([21]):
اشتهر ملوك آشور بتدوين أخبارهم السلمية والحربية تدويناً دقيقاً في حولياتهم ووثائقهم الرسمية، ورسائلهم وصار لدينا مصادر تاريخية دقيقة عن دولة آشور وغيرها من الأمم، ويخبرنا ملوك آشور من آشور دان الأول 1179-1134 حتى آشور ناصربال الثاني 883-859 ومن شلمانصر الثالث 858-824 حتى أدد نيرازي الثالث 810-873ق.م([22])، عن الزحف المستمر للجيوش الآشورية وعن انتصاراتهم الباهرة وعن قسوتهم الشديدة، وصاحب النصر هو الملك الآشوري الذي يظهر دائماً في النقوش وحيداً تماماً، والمنتصر الوحيد هو الإله آشور الذي وضع في يديه سلاحه الذي لا يرحم، واتصف الجيش الآشوري بالتقنية العسكرية العالية، والقدرة على إخضاع دول قوية وإزالة شعوب بأكملها([23])، وقد أراد الآشوريون أن يكونوا قساة جبارين فاعتبروا أنفسهم الذراع القوية المنفذة للإله آشور إله الحرب، ونواباً لإلهي الحرب نينورتا وأدد، فالملك الآشوري ينفذ بشخصه خطط الآلهة للتدمير والإبادة، ويصف نفسه بأنه الآخذ بالثأر بتكليف من الإله آشور، وبأنه عاصفة مدمرة وسيداً حديدياً على الشعوب. ولعل خير شاهد على مظاهر حضارة آشور حولياتهم ولاسيما حوليات تيجلا تبليزر الثاني([24]) تلك الخاصة بحملاته مرتبة وأعماله الداخلية فحوليات ملوك آشور تعتبر أرشيفاً للحكم حتى نهاية العصر الآشوري الحديث.
ولعل السبب الثاني لعمليات الاغتيال في آشور هو الرئيس في عملية الاغتيال الثانية التى نفذت في الفترة المزدهرة في العصر الآشوري الوسيط وكانت موجهة لأول ملوك تلك الفترة تيجلاتبليزر الأول 1115-1077 ابن الملك «آشور – ريش – ايشي([25]) آخر ملوك الفترة الأولى من العصر الوسيط. ويعد عهد تيجلاتبليزر الأول مرحلة ازدهار وانطلاق بالنسبة لآشور، كما ذكرت حولياته بأن الإله آشور وأربابه العظام قد منحوه القوة والبأس والسلطان، وأوصوا إليه أن يعمل على توسيع حدود أرضهم، كما ذكرت أنه أخضع اثنين وأربعين شعباً وحارب ستين ملكاً وانتصر عليهم وأنه هاجم ناييري (في أرمينيا)([26]) وأجبر أمراءها الثلاثين عن أن يسجدوا لدى قدميه، واحتجز أبنائهم رهائن عنده([27]) وأقام له تمثالاً في منطقة بحيرة «وان» وتوغل بجيشه في جبال «زاجروس» الآرامية وهاجم الأخلامو والآراميين ثماني وعشرين مرة من أرض سوخي حتى مدينة قرقميش، وأسر منهم وقتل ونهب وانتصر على ست مدن منهم على سفح جبل بشري وحرقها ونقل غنائهما إلى آشور([28]) وأنه بلغ جبال لبنان وغزا أرض أمورو، وتلقى جزى جبيل «جوبال» وصيدا «صيدوني» وأرواد «أرماد». ثم هاجم أرض خاتي الكبرى وفرض الجزية على ملكها «إيلي تيشوب»([29]) وضرب بابل ضربة عنيفة في عهد الملك «ماردوك نادين آخى» خليفة نبوخذ نصر الأول، وقد أعطى آشور وملكها تلك الفرصة التوسعية سببان هما: أولاً ضعف مصر بسبب مشاكلها الداخلية، وانحصار نفوذها في سوريا إلى جانب كفاحها المرير مع شعوب البحر، وثانيهما هبوط قوة شعوب البحر وزوال رهبتهم من نفوس جيرانهم.
وأخيراً يمكن القول أن هذا الملك استطاع منذ بداية عهده تحصين الجهات الثلاثة شمالاً حيث جاءت من آسيا الصغرى جماعات المشكي([30]) وغرباً حيث القبائل الآرامية، وجنوباً حيث بابل التى مدت حدودها شمالاً على حساب دولة آشور إلى قرب الزاب الأسفل وقد نجح بالفعل فيما أعده. وقد وصف تيجلاتبليزر الأول نفسه بأنه الملك الحق (لوجال كالاجا)([31]) ملك العالم ملك آشور ملك الجهات الأربع، البطل الهمام المؤيد بوحي آشور ونينورتا والأرباب الكبار سادته الذين دحروا أعدائه. وقد بنى له رجاله قصرين فيما بين سوريا والعراق، في تل برسيب (تل أحمر) وخادانوا (أسلان تاشي) مزخرفة جدرانها برسوم حروبه ورحلات الصيد الخاصة به. وتعد حوليات الملك تيجلاتبليزر من أهم المصادر وخاصة بالنسبة لحملاته وترتيبها وبالنسبة لأعماله الداخلية فهي تعد تقريراً وافياً لها، فحوليات ملوك آشور تعتبر سجلاً وأرشيفاً للحكام الآشوريين حتى نهاية العصر الآشوري الحديث([32]). وتلك النقوش الملكية المعروفة بحوليات آشور عادة تبدأ بالألقاب والأسماء التى تمثل الملك في علاقة مع الآلهة الآشورية، تذكر أعماله، وبعد ذلك تأتي الحملات كما في حالة تيجلاتبليزر وانتصاره وغنائمه، ثم مناظر الصيد في العراق العليا، وأخيراً تفاصيل عن المباني الملكية مع كل النصوص التى كتبت للاحتفالات ومن أحسن تلك الحوليات الخاصة بالملك تيجلاتبليزر([33]). ومن خلال دراسة حوليات تيجلاتبليزر نرى السياسة الاستعراضية التى اشتهر بها ملوك آشور، والمبالغات العديدة في عدد الشعوب التى أخضعها، وهي لا تزيد عن مدن وقبائل متفرقة، وكذلك المبالغة في تأكيد انتصاراته، بالرغم من أن تعدد حروبه مع بعض الآراميين يدل على عدم وصوله لنتيجة حاسمة. وتكمن الاستفادة من تلك الحوليات في توضيحها أماكن انتشار الآراميين بين قرقميش وتدمر وبابل، وصنعت لنا خريطة للتوسع الآشوري بعد عهده في مناطق جنوب شرق آسيا الصغرى ولبنان وشمال سوريا للسيطرة على أخشابها وموانيها إلى جانب إشباع غريزة المجد الحربي وأمدتنا أيضاً تلك الحوليات بصورة كاملة عن لسياسته الانتقامية من أعدائه المتمثلة في حرق المدن وتشريد سكانها وقطع رؤوس زعمائها وتعليقها على الأسوار.
وكان لاغتيال الملك الآشور تيجلاتبليزر عدة نتائج تمثلت في:
1- عدم استطاعة آشور المحافظة على توسعاته.
2- انشقاق الولايات عن آشور.
3- مهادنة بابل من أجل التفرغ لمضايقات الآموريين([34]).
الثورات الداخلية ضد الملك:
وتتوالى عمليات الاغتيال في دولة آشور في عصرها الحديث الذي شهد أكثر من عملية اغتيال تعددت أسبابها وكان منها المؤامرات والثورات الداخلية التى كانت في بعض الأحيان سبباً قوياً في عمليات الاغتيال أو انتقال العرش من ملك إلى آخر ومنها على سبيل المثال الثورة الداخلية التى حدثت في عهد الملك الآشوري شيلمنصر الثالث، الذي شهد عهده ثورة داخلية تزعمها ولده «آشور – دانن – أبلي»، وأيدته في تلك الثورة سبع وعشرون مدينة من بينها مدينة أربيل وآشور ونينوي وأرانجا (كركوك) ولكبر سن الملك شيلمنصر الثالث وقع عبئ تلك الثورة على عاتق ابنه شمسي أدد، وقد استمرت تلك الثورة أربع سنوات توفى خلالها الملك الكبير، وقد كانت الثورة سبباً من أسباب ضعف ووهن مملكة آشور لفترة استمرت ثمانين عاماً. وبالطبع كانت تلك الثورات مؤشراً لتوالي عمليات الاغتيال ولعل نهاية حكم شيلمنصر الثالث توضح لنا أهم أسباب الاغتيالات في آشور التى كان على رأسها مشكلة تولى العرش وما يترتب عليها من حروب أهلية، كما حدث في عهد شيلمنصر الثالث في نهاية عصره بخروج ولده عليه بسبب تخطيه ولاية الحكم لصالح أخيه الأصغر شمس أداد الخامس فكانت الحرب الأهلية لمدة ست سنوات.
أما عن الثورات العديدة والمتفرقة ضد الآشوريين:
لعل الثورات العديدة ضد الآشوريين كانت سبباً من أسباب الاغتيالات في دولة آشور والشاهد على ذلك نهاية سرجون الذي يسجل لنا ثالث عملية اغتيال في المرحلة الثانية من العصر الآشوري الحديث([35]) في عام 507ق.م ضد سرجون الذي تولى ثمانية عشر عاماً 721-705ق.م، ولا يعرف اسمه الحقيقي ولا أصله فقد انتحل اسم سرجون أي الملك الصادق، وكان أول من تسمى به سرجون الآكدي قبل أكثر من ألف وستمائة عام، ولا نعرف أيضاً علاقة سرجون بالملك الآشوري السابق شيلمنصر الخامس فهل كان أحد أبنائه؟ أو أنه اغتصب العرش عن طريق الانقلاب؟ ومهما كان الأمر فإنه ينسب إلى سرجون تأسيس سلالة حاكمة من الملوك كان حكمها آخر عهود التاريخ الآشوري. وقد حكم من بعده أبناؤه وأحفاده – سيناخريب، واسرحدون، وأشوربانيبال، وعلى هذا تسمى هذه السلالة الحاكمة باسم الأسرة السرجونية، ويشهد لسرجون نجاحه في القضاء على الاضطرابات التى ظهرت في بلاد آشور نفسها منذ بداية عهده([36]) وشهد عصره العديد من المشاكل الخارجية، والتى استطاع الوقوف في وجهها وإنهائها بمهارة فائقة تحسب له، إذ ثار عليه مردوك أبال إدين – كبير بيت ياكين – الكلداني 721ق.م فعند توليه السلطة لاسترداد عرش بابل([37]) بمساعدة عيلام وبالفعل استطاع هزيمة الجيوش الآشورية وأعلن نفسه ملكاً في نفس العام الذي تولى فيه سرجون عرش آشور أو بعده بعام واحد. ثم قابل تحالف ملك أورارتو «روزاس»([38]) مع الماذنيين في إيران ومع الفريجيين في آسيا الصغرى، وكانت سياسة تلك الأحلاف هي تدمير الموالين لآشور من جيرانهم. وثارت بلاد الشام من غزة حتى حماة وارواد. ولمواجهة تلك المشاكل وضع سرجون خطة بدأ بتنفيذها وهي:
(1) أخضع فلسطين وفتح العاصمة الشمالية للعبرانيين (السامرة)([39]).
(2) حارب أهل أورارتو([40]) وقيليقيا الماذنيين ويقول أنه أسر ملكهم دايكو.
(3) وقف لبابل وقفة قوية فواجه الكلدانيين بعد أن تخلى عنهم حلفائهم العيلاميين([41]) واسترجع التاج، وهرب مردوك آبال أدين من أمامه إلى الجنوب مع أشراف بابل حيث أخذهم رهائن للمساومة عليهم حين الحاجة، وبعد ذلك الصراع فتحت بابل أبوابها للملك الآشوري الذي اعتبرته مخلصها. وقد استبدلت السيادة الآشورية بالسيادة الآرامية في عام 710ق.م.
ولم يطل الصراع بين الآشوريين وبين الآراميين، إذ هاجمت جيوش سرجون جنوب العراق وشردت أهل بيت ياكين وأحلت محلهم أسرى من أهل الجبال الشمالية، وقد عفى سرجون عن زعيمهم مردوك أبال أدين ياكين واعتبره حاكماً محلياً في أرض الجنوب لإرضاء الآراميين أو لإظهار نفسه بمظهر المترفع عن متابعته بعد أن فقد سلطانه.
- سياسة العنف والقسوة للمدن المهزومة:
تعد تلك السياسة التى استخدمها سرجون والتى كانت منهجاً لسابقيه في استخدام العنف والقسوة تجاه المدن المهزومة من الأسباب الرئيسة لعمليات الاغتيال في آشور ومن الملاحظ أن سرجون زاد عليها وافتخر بذلك في نصوصه، فنسب إليه:
(1) تهجير كبار تلك المدن المهزومة وإحلال غيرهم بدلاً منهم.
(2) اختيار المهاجرين الجدد من مناطق متفرقة ليأمن اتحادهم عليه.
(3) اختيار فرسان ومشاة من المهاجرين الجدد في حرسه الخاص ليقوي ارتباطهم به بعد البعد عن أوطانهم([42]).
وقد تسببت سياسات العنف والقسوة التى أتبعها سرجون إلى غليان وثورات ضد الحكم الآشوري، لأن شعوب المدن المتحضرة في الهلال الخصيب لم تتقبل التوسع الآشوري راضية، فكانت النتيجة قيام الثورات ضد آشور من قبل المدن المفتوحة كما ذكرت نصوصهم، ومنها على سبيل المثال الحقد على حاكم حماة 720ق.م([43]) الذي اعتبرته حيثيا سوقياً ملعوناً مغتصباً للعرش، وذلك لأنه حرض مدن أرواد وسميرا ودمشق والسامرة ضد الآشوريين، وكون حلف يشبه حلف قرقر القديم، بل واتخذ قرقر بالذات مركزاً لنشاطه العسكري، وربما تكون أيدته مصر، وعندما انتصر الآشوريون عليهم سلخوا جلده، ووصفت النصوص الآشورية حاكم قرقميش بالوصف نفسه فاعتبرته حيثياً خائناً للعهود، لأنه تعاون مع ميداس الفريجي (ميتا الموشكي) على تحريرها من تدخل النفوذ الآشوري، واعتبرت النصوص نفسها أهل أشدود في فلسطين حيثيين أيضاً لأن ملكهم امتنع عن دفع الجزية وقلده جيرانه في هذا الفعل فعزله سرجون وولى أخاه الصغير على عرشه، ولكن أهل أشدود عزلوه وطردوه وعين رجلاً آخر من غير الأسرة المالكة اعتبرته النصوص الآشورية (أيونيا)([44]) مغتصباً للعرش، ثم روت على لسان سرجون أنه عندما سمع بخبره جن جنونه فلم ينتظر تجهيز جيوشه وركب عربة مدينته وأسرع بها هو وحرسه إلى أشدود فهرب الأيوني إلى الحدود المصرية، وحاصر سرجون المدينة حتى سلمت له هي وجيرانها فنهب وسبى منهم وعين حاكماً آشوريا على منطقتهم ونقل إليهم مهاجرين من المناطق الشرقية واعتبرهم رعايا آشوريين، ويوجد من الروايات الآشورية ما يشكك في رواية سرجون السابقة([45]) وتشير نصوص سرجون إلى خضوع جزيرة قبرص له، إلى جانب إقامتهم نصباً له في جزيرتهم نقش عليه صورته وذكرت نصوصه هناك بقولها «إن ملكها أخضع سبعة ملوك من إقليم إيا في قبرص (إيادنانا) وسط البحر الغربي على مسافة سبعة أيام وعلى مبعده لم يسمع عنها أسلافه([46]).
وبحلول عام 710ق.م أصبح سرجون هو المهيمن بعد انتصاراته العديدة، وقد خضعت له بلاد الشام وأزال دولة إسرائيل من الوجود، ونقل أهلها إلى بلاد ماذي وجلب بدلاً منهم جماعات من بابل من منطقة «كوثي» وانتصر على مردوك – بلادان فعادت بابل للسيطرة الآشورية([47]).
وقد استخدم سرجون العواصم الآشورية الثلاث – آشور – نينوي – كالح ولكنه لم يستقر في واحدة منها، وقرر بناء عاصمة جديدة اختار لها مكاناً بكراً عند قرية (مكانبا)([48]) وسماها باسمه (دور-شروكين) وقد أتم بناء تلك المدينة في عشر سنوات ولكنه للأسف توفى بعد إتمام بنائها بعام واحد 507 وقد هجرها خلفاؤه من بعده.
ولعل كان بسبب تلك الثورات العديدة والمتفرقة وخصوصاً في أواخر عهده كان اغتيال سرجون الذي شهد نهاية هجرة قبائل السمريين على مملكة أورارتو وهزيمتها في 707ق.م وتقدمت حتى لاقاها سرجون بجيشه في عام 705ق.م ويبدو أنه قد اغتيل بعدها ([49])، ولكن بعد انتصاره على السمريين وتغير مسارهم إلى جهة الغرب وهزموا في طريقهم جيش ميداس ملك فريجيا([50]) ألد أداء آشور مما أدى به إلى الانتحار، وبمرور الوقت أتى السميريون وخلفائهم التريويون على مملكة فريجيا من أساسها.
- نتائج اغتيال سرجون:
ظهرت العديد من المشاكل القوية أمام ملوك آشور الذين جاءوا من بعده – سيناخريب أسرحدون وآشور بانيبال كان أولها:
(1) بابل الكارهة والرافضة للخضوع والتبعية لآشور، التى كانت أيضاً هدفاً لكل من الكلدانيين والآراميين.
(2) العداء الدائم بين آشور وعيلام واستغاثة عيلام بالبابليين والكلدانيين لمساعدتهم في هذا العداء.
(3) وقوف مصر ضد التوسع الآشوري.
(4) ثورة وتمرد أعراب الصحاري رغم فقرهم الشديد.
(5) تدهور الأوضاع في الأجزاء الشمالية لآشور وفي آسيا الصغرى بسبب حركات الانفصال وقسوة طباع سكان جبالها ونزول هجرات هندو-آرية.
أما عن مؤامرات رجال الدولة والقصر واشتراكهم في عمليات الاغتيال:
بالرغم من أن الملك الآشوري كان رأس الدولة الآشورية([51])، يملك كل السلطات في يده بما فيها السلطة الدينية وكل رجال الدولة خدم لملك آشور ملك الكون، إلا أن الملك كان مقيداً في استخدام تلك السلطات إلا إذا ساندته الطبقة الارستقراطية المعروفة بالمصطلح الآشوري «ماري بنوتي» التى لعبت دوراً في الأزمات الداخلية ومحاولات الاغتيال، وبالفعل قد شهدت آشور ثورات داخلية على الملك من جانب الطبقة الحاكمة وكثيراً ما تزعمها أحد أبناء الملك أو أقاربه. ولم يكن للملك الآشوري وزيراً بل كان لديه مجموعة من المستشارين من كبار رجال الدولة وقادة الجيش([52]) وقد لعبت الطبقة الارستقراطية دوراً كبيراً في الحياة السياسية في آشور خصوصاً في القرن الثامن قبل الميلاد([53])، وتغير موقعها مع فتوحات الإمبراطورية الآشورية في عهد تيجلاتبليزر الثالث 744-727ق.م وسرجون الثاني 721-705ق.م، وزاد الاحتياج إليهم كقواد للجيش وحكام للمقاطعات، ومن تلك اللحظة تنبه الملك الآشوري لهم وبدأ في خلق طبقة جديدة منافسة للطبقة الارستقراطية القديمة ذات الأملاك والألقاب وأطلق عليها الطبقة الأرستقراطية الجديدة وبمرور الوقت قضت تلك الطبقة على الطبقة الارستقراطية القديمة. وبلا شك كان لتلك الطبقة دوراً واضحاً في عمليات الاغتيال في دولة آشور بتأييدها ومساندتها.
والشاهد على دور رجال الدولة والقصر في عمليات الاغتيال هو عملية اغتيال الملك الآشوري سيناخريب 507-681ق.م، بيد أحد أبنائه ومعاونة صاحب الليمو([54]) عام 681ق.م في المعبد([55])، وقد استمرت الفتن قائمة في آشور منذ وفاته حتى تولى آشور أخادين العرش. وعملية الاغتيال تلك لم يراع فيها العديد من الحرمات مثل حرمة المعبد، وحرمة قتل الابن لأبيه إلى جانب عدم ولاء كبير الموظفين للملك.
وقد شهد عصر الملك الآشوري سيناخريب إنشاء أول أسطول بحري للآشوريين([56]) بيد صناع مهرة من صور وصيدا وقبرص على ضفاف دجلة والفرات وقد دمر سيناخريب بابل عام 689ق.م.
وقد شهدت بابل قدراً كبيراً من العنف والقسوة من قبل الملك الآشوري سيناخريب بسبب ظهور مردوك بلادان([57]) الذي ثار قبل ذلك في عهد أبيه واستقل ببابل لفترة طويلة، فتتبعه سيناخريب عام 703 وقضى على جموعه ولكنه استطاع الهروب من الأسر، ونصب سيناخريب على بابل أحد الموالين له من بابل المدعو (بيل – ابني)([58]) الذي نشأ وتربى في نينوي وقد ظهر مردوك – بلادان مرة ثانية بعد ثلاث سنوات، ولكنه لم يحقق أي انتصار يذكر، وبعد مرور ستة أعوام على تلك الأحداث، قرر سيناخريب غزو المدن العيلامية بحملة برية وبحرية عام 696ق.م([59]) للقضاء على الثوار من أنصار مردودك – بلادان في الأجزاء الجنوبية، واستطاع سيناخريب غزو المدن العيلامية الساحلية وعاد إلى بلاده محملاً، بالغنائم، وبالرغم من ذلك عادت عيلام مرة ثانية تشجع بابل على الثورة ضد آشور، فثارت بابل عام 689ق.م وفي هذه المرة قرر سيناخريب تدميرها كلياً ([60]).
وقد أرسل سيناخريب حملات حربية إلى الجهات الشمالية والشمالية الشرقية حيث جبال زاجروس وآسيا الصغرى وعلى وجه الخصوص إقليم قيليقيا، وقد ذكرت اليونان لأول مرة في أخبار الدولة الآشورية في كتابات سيناخريب وسيطر على الأقوام القادمون من الجهة الجنوبية من روسيا وهم (الكميريون) Cimmerians الذين عبروا القوقاز في نهاية القرن الثامن ق.م إلى آسيا الغربية وبلاد الأناضول([61]).
وحارب سيناخريب الكلدانيين في شط العرب بالجنوب، وهاجمت جيوشه مملكة العبرانيين الجنوبية (يهوذا)([62]) التى طلبت النجدة من مصر فأعانتها لكن خارت قواها تحت وطأة الحصار. ووقف أمام ثورات فلسطين([63]) وانتقم شر انتقام كما ذكرت النصوص الآشورية حين قالت أن صدقيا ملك عسقلان الذي رفض أن ينحني للملك الآشوري فأسره هو وأهله، وتحدثت عن أهل عقرون الذين خلعوا ملكهم صنيع الملك الآشوري وسلموه إلى حزقيا اليهودي فسجنه. وعندما استرد سيناخريب البلد فأمر بقتل كل من اشتركوا في ذلك العمل وعلق جثثهم على الأعمدة في مدينتهم([64]) وفكر سيناخريب جدياً وهو في فلسطين في غزو مصر لمساعدتها للثورات والتمرد ضد آشور في فلسطين، فاتخذ الطريق البري من فلسطين حتى وصل العريش أو رفح، ولكن هذه الحملة فشلت بسبب هبوب العواصف الترابية التى حالت تقدمها إلى الأراضي المصرية، أما التوراة فأرجعت سبب فشل الحملة للانتقام الإلهي([65]). وحاولت صور وصيدا الدفاع عن نفسها ضد سيناخريب، وحاول لولى ملك صيدا أن يعيد قبرص إليه ولكن باءت تلك المحاولة بالفشل أمام قوة آشور([66]). فهرب إلى قبرص حتى وفاته. أما صور فكانت حمايتها في أسوارها التى وقفت حائلاً أمام الملك الآشوري.
وبالرغم من أن شخصية سيناخريب كانت قاسية عنيفة إلا أن مشاريعه الداخلية وخاصة العمرانية تظهر شخصية ذات ذوق رفيع، وأول ما ينسب له أنه جعل نينوي عاصمة للإمبراطورية فجدد مبانيها وجملها.
ويعد استبداد الملوك السرجونيين بكل ما وقع تحت طائلتهم، والخلافات الأسرية منذ عهد سرجون نفسه الذي اغتيل عام 705ق.م من أقوى أسباب الاغتيالات في آشور، وقد اغتيل سيناخريب بيد أحد أبنائه في عام 681ق.م بمساعدة صاحب الليمو عندما كان الملك يصلي في المعبد واغتاله ابنه (إرادملكات) و(نابورشار أو تسور) الذي سمى العام المذكور باسمه ولم ينتفع أرادملكات بما جناه من قتل أبيه فبينما هو يستعد لإعلان نفسه ملكاً جمع أخوه آشور أخادين 681-668ق.م أعوانه وحارب أخاه وهزمه وتوج نفسه ملكاً بعد مقتل سيناخريب بإثنى وأربعين يوماً.
وكان أكبر مثل على العلاقات الأسرية([67]) التى تنتهي إما بالاغتيال أو بالانتحار هو ما تسبب فيه الملك الجديد (آشور آخادين) في أكبر فتنة بين أبنائه عندما أوصى بحكم بابل لأكبر أولاده «شمسي شوموكين» وأهمل الثاني وأوصى بولاية آشور لولده الثالث آشور بانيبال، وأخذ العهد على أمراء الولايات والمدن في دولته بالإخلاص لولده، ولا نعرف على وجه التحديد الأسباب التى دفعته لأخذ هذا المسلك، هل هو تفضيل لابن زوجة عن ابن زوجة أخرى، أو أن اتساع دولته جعله يفكر في صعوبة إدارتها بواسطة فرد واحد ولكن على أية حال كانت النتيجة سيئة لنشوب العداء والكره بين الأخوين وانحياز فريق الأمراء والقادة إلى جانب كل منهما، وقتل عدد كبير من أنصار الابن الأكبر لاعتراضهم على وصية آشور أخادين الذي توفى هو الآخر قبل حل ذلك الخلاف الذي حسمته الملكة الأم «زاكوتو» صاحبة المكانة العالية «أم اشوراخادين» والحاملة للقب الملكة الوالدة راعية ووفية لحفيدها الأصغر آشور بانيبال، وعند خروجه لقتال أخوته وأعوانهم اهتمت بشئونه في العاصمة وكان يراسلها كبار رجال الدولة ليطمئونها على ولدها (حفيدها) وينقلوا لها صورة على حالة أقاليمهم، وعندما انتهت الأمور لصالح حفيدها بنهاية أخيه شمسي شوموكين منتحراً بنار قصره المحترق في بابل([68]) كانت هي راعيته والناصح الأمين له.
الخاتمــــة
وأخيراً نستطيع أن ندرك مما سبق أسباب الاغتيالات في آشور وآثارها:
(1) كان من أقوى أسباب الاغتيالات في دولة آشور مؤامرات الأبناء ضد الآباء للوصول للعرش والشاهد على ذلك حادثة اغتيال الملك (توكلتي نينورتا) الذي اغتيل بواسطة ابنه (آشور- نادن – أبلى) والملك سيناخريب الذي اغتيل على يد أحد أبنائه وأيضاً عدم تقيد الملوك بنظام وراثة العرش.
(2) مؤامرات رجال الدولة والقصر واشتراكهم في عمليات الاغتيال كما حدث في عهد سيناخريب.
(3) مشاكل البيت المالك نتيجة تعدد الزوجات الملكيات اللاتي سعين إلى تعيين أبنائهن في منصب ولي العهد أو للحصول على العرش ولعل خير شاهد على ذلك الرواية التى تناقلها الإغريق عن ملكة تدعى سميراميس فيما يبدو تحريفاً للاسم الآشوري «سمورا-مات» أو «شميرام» والتى كانت وصية على ولدها أدد-نيراري الثالث (810-783) ق.م من زوجها شمسي أداد الخامس (828-811)ق.م.
(4) الثورات الداخلية ومنها على سبيل المثال الثورات التى شبت في عهد شيلمنصر الثالث (858-824)ق.م الذي شهد عهده ثورة داخلية بزعامة ولده (آشور – دانن – أبلى) والتى استمرت أربع سنوات حتى قضى عليها ابن الملك (شمسي أدد) 828-811 مما أدى بعد ذلك إلى حدوث عمليات الاغتيال.
(5) الثورات العديدة والمتفرقة ضد الحكم الآشوري من قبل المدن المفتوحة كما حدث في عهد سرجون.
(6) الإصلاحات الإدارية التى قام بها بعض الملوك كانت من أسباب عمليات الاغتيال لتقويتها نفوذ الملك وتحجيمها من نفوذ النبلاء وأمراء الإقطاع والحد من سلطتهم إلى جانب عزلهم لمعظم ملوك وحكام الأقاليم المفتوحة.
آثار عمليات الاغتيال في آشور ظهرت في:
(1) توقف نهضة آشور في أوقاتها العصيبة.
(2) انتهاء حكم أسرة بالكامل أحياناً.
(3) ثأر أعداء آشور منها بقسوة مثل ما حدث من بابل ضد آشور حين غزتها بعد اغتيال الملك توكلتي نينورتا الأول.
(4) غياب قدسية الحرمات والمقدسات عندما وجدنا الابن يقتل أباه والأخ يفتك بأخيه وحين رأينا المعبد ميداناً القتال ومسرحاً لجريمة الاغتيال كما حدث مع سرجون وسيناخريب.
(5) انتشار الغدر والخيانة في الأسرة المالكة للوصول للعرش بكل الوسائل.
وفي النهاية نستطيع أن ندرك أن دولة آشور قد امتلكت العديد من المزايا التى ربما تكاد تكون انفردت بها عن سائر الأمم والحضارات، تلك المزايا نفسها كانت أحد أسباب انهيارها وزوالها إلى الأبد.
فقد كانت آشور صاحبة أقوى وأعنف قوة عسكرية منظمة شهدها الشرق القديم حتى عصرهم، وتمتعت بقدرة فائقة في أساليب القتال التى اكتسبت بعضاً منها من جيرانها واتسعت أملاك آشور من خلال فتوحاتها العديدة مما صعب الاحتفاظ والدفاع عنها. وحقدت عليها بلاد النهرين لإصرارها على إذلال بابل على الرغم من عراقة سمعتها واتساعها وعلى الرغم مما نالوه من حضارتها العظيمة. ويشهد للآشوريين بمجهودهم الضخم لنشر سمعتهم العنيفة في العالم القديم من خلال نصوصهم الملكية حيث وضحوا لنا قوة جيوشهم ومعاملتهم البالغة القسوة للمهزومين وخير مثال على ذلك الملك الآشوري أشور ناصربال الثاني.
المراجـــع
أولاً: المراجع العربية
جيوفاني بيتياناتو: سميراميس ملكة أشوروبابل، ترجمة: عيد مرعي، دمشق، 2008.
ديلابورت ل، بلاد ما بين النهرين، القاهرة، 1997.
طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الجزء الأول، بيروت، 2009.
عبد العزيز صالح، الشرق الأدنى القديم، جـ1، القاهرة، 1973.
فراس السواح، موسوعة الأديان، الكتاب الثاني، دمشق، 2007.
ثانياً: الاختصارات
AFO: Archive Für Orient for Schung.
ANET: ED. Pritchard, Ancient Near Easter Texts Relating to the Old Testament
ARAB: Luckenbill, Ancient Records of Assyria and Babylonia (Chicago 1926-27).
JCS: Journal of Cuneiform Studies.
JNES: Journal of Near Eastern Studies.
RIM: Royal Inscription of Mesopotamia.
RLA: Reallexikon der Assyriologie, Berlin, 1928.
SAA2: S. parpola, K. Watanabe Neo-Assyrian Treaties and Loyalty Oaths (State Archives of Assyrian), Helsinki, 1998.
SAAB: State Achieves of Assyria Bulletin.
Taut: Texte aus der Unwelt des Alten Testaments, Gütersolh 1982.
ثالثاً: المراجع الأجنبية:
A literary Cod in Assyrian Royal Inscription, The Case of Ashur Banipal’s Egyptian Campaign, In Fales, (1981
Black J. Green A., Gods Demons and Symbols of Ancient Mesopotamian, London, 1992
Dalley S., Ancient Mesopotamia Military Organization, Civilization of Ancient Near East I, New York, 1995
Dupont-Sammer A., Le Aramens, Paris, 1999
(Grapson A.K., Königslisten, RLA 62 (1980
Grayson A.K., Assyrian of the Third and Second Millennia B.C. (RIM). Assyrian Periods 1, Toronte, (1987
(Grayson A.K., Assyrians, I, Oxford (1997
Grayson A.K., Königs Listen, RLA, 6 (1980
Gryason, A.K., Assyria Royal Inscription, Vo. I, Weisbaden, 1972
Hezekiah’s Reforms and Revolt against Assyria, The Biblical Archaeologist, Vol., 58, 1995
King L.W., Annals the king of Assyria, I, London, 1902
Kramer, S.N., Cuneiform Studies the History of Literature: The sacred Marriages Texts Vol. 107, No. 6. Paris, (1963
Kuhrt A., The Ancient Near East, I-II, London, 1995
(Lambert W.G., Tukulti Ninurta I and Assyria King List, Iraq 38, (1976
Lambert, G; The God Aššur, Iraq, Vol. 45, No. I, Papers of the 29 Renconter Assyria. Ologique International, London, 5-9 July (1982
Lamprichs R.W. Asšur, I, Oxford, 1997
Landsberger B., Parpolas., Tadmor H. The Sin of Sargon and Sennacherib’s Last Will, SAAB, 3, 1989
(Leichty E., Esarddon King of Assyria, Civilization of Ancient Near East, II, New York, (1995
(Liverani M., Critique of Varians and Titulary of Sennacherib, in Fales, (1981
Livernai M., The Dees of Ancient Mesopotamia kings, Civilization of Ancient Near East, III, New York, 1995
Luckenbill D, Ancient Records of Assyria and Babylonia, I, II, 1926-1927
Meissner B., Die Inschriften der Alt Assyrishen Könige, V. 1962
(Millard A., Assyrians and Anameanes, Iraq 45, (1983
Oppenheim A.L., The City of Assyrian 714 BC, JNES 19 1960
Parpola S., The Murdere of Sennacherib, in Alster (OE) 1980
Porter B.N., Polities and Public Relations Campaigns in Ancient Assyria King Esaraddon and Babylonia Proceeding of the American Philosophical Society, V., 14, 1996
(Stronach D., History and Ideology in the Assyrian Royal Inscriptions, In Fales (198
(Stronach D., When Assyria Fell, Mar Sipri 212: 1-2 (1989
(Tadmor H., The Campaigns of Sargon II of Assyria JCS, 12, (1958
The American Schools of Oriental Research, Assyria at the Metropolitan Museum Art, the Biblical Archaeologist, Vol. 58, No. 3 (Sep.) 1995
(Weinder E.F., Die Grosse Königs liste aus Assur, Archiv Für Orient Forschung, III (1926
الهوامش:
=========================================
([1]) طه باقر: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، الجزء الأول، بيروت، 2009، ص520.
([2]) A.K. Grayson, Assyrian Royal Inscription, V.I, Weisbaden, 1972, No. 8; B. Meissner, Die Inschriften der Alt Assyrishen Könige, V, 1962, 8a-e; A.K. Grapson, Konigslisten, RLA6, (1980) 86-135; A.K. Graypso, Assyrian of the Third Second Millennia B.C. (RIM) Assyrian Periods, Toronto, A.O 339.
([3]) L.W. King, Annals the king of Assyria, I, 1902, Cy1.A: VII-60-70; M. Livernai, The Dees of Ancient Mesopotamia Kings, Civilizations of Ancient Near East III, (2353-2366), P. 2358; Grayson, Königslisten, RLA6, (1980) 86-135.
Weidner, Die Grosse Königliste aus Assur, AFO (1926) P. 66.
([4]) A.Kuhrt, The Ancient Near East, I, London, 1995; TUAT, I, 160-176; ANET, 534.
([5]) R.W. Lamprichs,

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المهندس محمد فرج
عضو موسس للمنتدى
المهندس محمد فرج

ذكر
تاريخ التسجيل : 15/12/2007
عدد المشاركات : 123667
نقاط التقييم : 126296
بلد الاقامة : ماريا وترابها زعفران
علم بلدك : Egypt مصر
الجوزاء

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 3:47 pm


هذا بحث كامل شامل حتى بمراجع البحث المستخلص منه ....سلمت يداك على هذا المجهود الرائع.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 5:53 pm

محمد فرج كتب:

هذا بحث كامل شامل حتى بمراجع البحث المستخلص منه ....سلمت يداك على هذا المجهود الرائع.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


تسلم أخي الفاضل أستاذ

محمد فرج

بارك الله فيك

العراق بلد الأصالة و الحضارة

Rolling Eyes

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 7:53 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اول اغنية حب في التاريخ القديم كانت سومرية
القيثارة السومرية: حين عزفت اول اغنية حب في التاريخ
أحرار - كشف عازف القانون والمؤلف والباحث الموسيقي العراقي سالم حسين الأمير عبر محاضرة ، تخللتها فقرات سمعية على آلة القانون في “دارة الفنون” التابعة لمؤسسة شومان اواخر تسعينيات القرن الماضي ، وقدم خلالها تمهيداَ نظرياَ عن الموسيقى في بلاد الرافدين وعبر مراحل حضارتها السومرية والاكدية والبابلية، كشف عن نص غنائي اعتبره “أول اغنية حب في التاريخ”، تولت ترجمته وغناءه وعزفه على القيثارة السومرية البروفسورة آن كيلمر الاستاذة في جامعة شيكاغو .
وأشار الأمير الذي عرف مؤلفاَ موسيقياَ لعمل استمد مؤثراته من تاريخ العراق القديم، وحمل عنوان “جلجامش” وجاء على اربع حركات وسجله على القانون بمصاحبة الاوركسترا، الى ان جهود كيلمر التي أمضت وقتاَ طويلاَ في تعلم النوطة الموسيقية المعاصرة، لمقارنتها بالنوطة الموسيقية المكتوبة بالحروف المسمارية ، كذلك تعلمها العزف على آلة القيثارة السومرية – صنعت كيلمر مثيلتها وبحجمها وأوتارها وغنت بصوتها اغنية، هي أول أغنية حب في التاريخ- .
وفي قراءة لاثر الموسيقى في تاريخ العراق القديم، نوه الأمير ان الموسيقى كانت جزء من عبادة سكان العراق القدامى، وطقوسهم الدينية المختلفة كما اثبتت ذلك الكتابات المسمارية المدونة على الرقوم الطينية والمنحوتات على الآثار الجدارية والتي تقول ان الموسيقى دخلت جداول الدروس في المدارس الدينية الخاصة بالكهنة ورجال الدين لتخريج موسيقين متخصصين في الموسيقى الدينية وهو ما تسير عليه الكنيسة في العصر الحاضر .
وذكر ان الملوك عنوا بالموسيقى واهلها، ووضعوا مناهج لدراستها من قبل الامراء والاميرات، في مدارس موسيقية أكد انها لم تكن خالية من النظريات الموسيقية التي عثر على بعض مدوناتها في ( أور ) و ( آشور ) في نصوص الكتابات المسمارية كما عثر على نصوص رياضية تتعلق بالسلم الموسيقي لبلاد ما بين النهرين.
وفي هذا الصدد يشير سالم حسين الأمير الى ان المنقبين الآثاريين والباحثين من ألمان وانجليز واميركيين وفرنسيين اتفقوا على ان السلم الذي عثروا عليه كان سباعياَ، وان أصل “السلم الفيثاغوري” يرجع الى البابليين الذين وضعوه قبل الاغريق، وهناك نصوص مسمارية تتضمن نوطات موسيقية ونصوص غنائية .
واللافت في حرص سالم حسين الأمير على هذا الجانب الموسيقي التاريخي، تعلمه للغة الأكدية والأشورية كي يتعمق في فهم النصوص الموسيقية والغنائية، وصولاَ الى كتابة رؤى موسيقية خاصة به، تحاكي الامتداد التاريخي والانساني، في حضارة وادي الرافدين .
وفي محاضرته، قدم سالم حسين الأمير الذي عرف ملحناَ لعديد من الاسماء الغنائية العراقية والعربية، مقطوعات موسيقية على آلة القانون ثم أسمع الحاضرين ” أول اغنية حب في التاريخ” والتي تقول كلماتها :
أيها العريس …حبيب انت الى قلبي
وسيم أنت جميل.. حلو كالعسل
أيها الأسد ..حبيب انت الى قلبي
وسيم أنت جميل ..حلو كالعسل
لقد ملكتني فدعني أقف أمامك واجفة
أيها العريس هلاّ حملتني معك الى المخدع
أيها العريس دعني أضمك إليّ
دعنا نتمتع بهده الوسامة الحلوة
أيها العريس لقد تمتعت وابتهجت معي
فاخبر امي وستقدم لك الطيبات
وأبي سيغدق عليك الهبات
روحك.. أنا أدري كيف أبهج روحك
قلبك ..أنا أدري كيف أبهج قلبك
أيها العريس أغفِ في بيتنا حتى الفجر
مادمت تحبني – ياشورس
الذي ملأ قلب إيليل غبطة
ضمني اليك ...
*****************
تعقيب للدكتور خليل البدوي
القيثارة السومرية (تعرف أيضاً باسم قيثارة سومر أو قيثارة أور)، هي أداة موسيقية ذات أوتار، وتعتبر اقدم آلة موسيقية عرفها التاريخ.
وجدت القيثارة السومرية في أور في جنوب بلاد الرافدين في مقبرة الملكة شبعاد، وترجع إلى زمن الملكة بو آبي شبعاد 2450 ق.م. وقد تم العثور عليها في عام 1929م، وهي متواجدة في متحف الآثار العراقي (قاعة السومريات) في بغداد، ويرجع الفضل في إكتشافها إلى المنقب ولي في القبر رقم 1237.
وتعتبر هذه الآلة المفتاح الأساس لصنع كل الآلات الوترية.
مكوناتها
تتكون القيثارة السومرية من صندوق صوتي مصنوع من خشب الارز طوله من الأسفل 65 سم وأرتفاعه 33 سم وسمكه 8 سم، ولها ساقان خشبين ممتدان إلى الاعلى مغلفان بشرائط ذهبية ومطعمان بقطع مثلثة الشكل من أحجار مختلفة وملونة، بنهاية قمتيهما يستقبلان حامل الاوتار وهو أنبوب خشبي مدور نصفه الأمامي مكسو بالفضة طوله متر واحد و37 سم.
وتحتوي القيثارة على أحد عشر وتر مثبتة إلى الأعلى بمسامير ذات رؤوس ذهبية، وهي بالكامل مطعمة بالذهب والصدف، يزين مقدمتها رأس عجل ملتح من الذهب.
علاقة القيثارة بالثور
أختلفت الآراء في سبب أختيار او وضع رأس الثور على مقدمة القيثارة، فقد افترض عالم الآثار الموسيقية شتاودر أن الثور كان مقدساً لدى شعب مابين النهرين منذ القدم وكانوا يزينون حتى تيجان الملوك به لذا قاموا بوضعه على مقدمة القيثارة.
أما الدكتورة هارتمان فرأيها هو أن الثور كان في السابق رمزا للآلوهية.
لكن رأي الدكتور فوزي رشيد والذي استند به إلى الربط بين ما وجد في النصوص المسمارية وهو أن تقديم القرابين وخصوصا اذا كان القربان ثوراً كان يرافق بعزف على القيثارة لأجل تهدئة الثور، ولأن العملية تتضمن ذبح الحيوان (الثور)، لذا فالعلاقة أصبحت شبه وثيقة.
لكن الدكتور صبحي أنور صبحي رشيد يعتبر الرأي أعلاه غير وارد مطلقا لعدة دلائل، ويقول بأن العلاقة بين رأس الثور والقيثارة ما هي إلا علاقة دينية كانت معروفة انذاك في زمن السومريين العراقيين القدامى.
القيثارتان الذهبية والفضية
تم العثور في المقبرة الملكية للملكة شبعاد على قيثارات عديدة ولكن أهمها هما قيثارتان ذهبية وفضية.
أما الفضية فهي متواجدة في المتحف البريطاني. وإثر غزو العراق، تعرض المتحف العراقي للنهب والسلب (يوم 12/4/2003)، وكان من بين ما نهب القيثارة الذهبية، وتعرضت للتحطيم والتكسير، ولكن تم إعاة تجميعها من جديد. وحسب أقوال مدير المتحف تم إستعادتها وإعادة ترميمها وهي الان معروضة في المتحف بعد أن تم إعادة أفتتاحه من جديد.
اوصاف[
قيثارة موسيقية، ذات 11 وتر
مطعمة بالصدف والذهب، ويزين
مقدمتها رأس عجل ملتح من الذهب
ولوح مطعم بالصدف، وجدت في أور
وترجع إلى زمن الأميرة شبعاد نحو2450 ق . م

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 7:55 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اكتشاف أثري فشل العلم في تفسيره
بطاريات بغداد
ضمن الآثار القديمة لمدينة بغداد ،عُثر في العام 1937 على ما يُشبه البطاريات التي تعود لحضارة قديمة جداً، موجودة داخل مجسمات فخّارية، مما يدُل على أن حضارة قديمة كانت قادرة على إنتاج كميات بسيطة من الكهرباء قبل 4000 عام.
******
ملاحظة:
400 مليار دولار صرفت على الكهرباء في العراق على مدى تسنم وزراء الكهرباء بالتلاحق ولم يتم تشغيلها لحد الآن، يا ترى هل يستطيع وزير الكهرباء الحالي قاسم الفهداوي أن يساهم بحل لغز هذه بطاريات بغداد للإستفادة منها بتوليد الكهرباء للعراق؟

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت يوليو 25, 2015 7:59 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الأسد في الفكر العراقي القديم (التأثير والتأثر)
(دراسة تاريخية تحليلية)
المقدمة:
يعد الأسد من الحيوانات المعروفة بشراستها وقوتها البدنية وقدرته على الفتك بالأرواح، إذ عاشت الأسود لقرون طويلة على ارض العراق ولاسيما منذ بدء العصور التاريخية والشبيهة بالتاريخية، وكانت تلك الحيوانات الشرسة تهاجم الحيوانات الأليفة وتفتك بها كالثيران والغزلان، وتسبب الخسائر الكبيرة للسكان الذين بدؤوا يعدوا لها الكمائن لاصطيادها لأنها ارتبطت بمفهوم الموت والفناء.
تنوعت الرؤيا التي كانت تفسر وتؤول حول قوة الأسد وقدرته السحرية في إضفاء الخوف عند سكان بلاد وادي الرافدين، حتى ظهرت العديد من مشاهد اصطياد وقتل الأسود في العديد من القطع النحتية والمسلات والرسوم الجدارية في العصور السومرية والاكدية والبابلية والآشورية. لقد ظلت تلك المشاهد بمثابة وثائق تبين التأثر الكبير لدى سكان وادي الرافدين بدور الأسد و ما يؤثر به من رد فعل يثير الفزع والخوف ويبين ذلك من خلال تلك المشاهد.مما تقدم تطرق البحث إلى دراسة دور الأسد في الفكر العراقي القديم من حيث المعتقدات والطقوس والدلالات التي ترتبط بالأسد وما يشير إليه من قوة فاعلة
ولاسيما في كونه رمزاًُ من رموز السطوة والقوة والموت، بيد انه يتحول إلى وظيفة الحماية للآلهة والمعابد التابعة لها من قوى الشر ليتغير دور الأسد إلى دور الحفاظ على الآلهة من الأرواح الشريرة. إذ استعرض البحث في فصله الأول تلك الدلالات التي يؤديها الأسد خلال العصور التاريخية الحضارية التي مر بها تاريخ العراق القديم ابتداء من العصر الشبيه بالتاريخي حتى نهاية
العصر البابلي الحديث.
أما الفصل الثاني من هذا البحث فقد تضمن دراسة التأثير الكبير لمفهوم رمز الأسد في العراق القديم وتأثيراته في الحضارات الإنسانية القديمة التي عاصرته أو جاءت من بعده كالحضارات الفرعونية أو المصرية القديمة، الحضارة الإغريقية أو اليونانية القديمة، والهندية وغيرها. ليتيح للقارئ معرفة ذلك التأثير ولاسيما مشاهد الأسد ودلالاته الفكرية في تلك الحضارات ومدى تشابه تلك الدلالات مع الحضارة العراقية القديمة، مما يجعلنا نؤشر عدة نقاط جوهرية في معرفة ذلك التأثير الكبير في الحضارات القديمة ومحاكاة الأسد كرمز للقوة والسطوة والموت. إذ استعرض البحث تلك التأثيرات والمؤشرات من خلال المشاهد المتنوعة من نحت وجداريات ومنها مشهد قتل الأسد من قبل الملك أو الحاكم، فقد تكرر هذا المشهد الذي ابتدعه العراقيون القدماء إبان حكم الملك الآشوري (آشور بانبيال) الذي يصارع الأسد (الموت) ويطعنه في رأسه، ليتكرر المشهد نفسه مع الملك الفارسي (داريوس) ويتكرر مرة أخرى في الحضارة الإغريقية، كما تطرقنا بشيء من الإيجاز إلى دلالات الأسد في الفكر الإسلامي.
ومن االله التوفيق.
للأسد أسماء كثيرة عرف بها في العالم القديم، إذ يسمى السبع، وهو من فصيلة السنانير، وهو أشدها قوة، ويقال للأنثى (أسدة) و(لبؤة) و(لبوة) ويقال للذكر (لبو) وهو (لبو) بالمصرية القديمة و(لبي) و(لبيا) بالعبرانية و(لبوي) و(لباي) بالقبطية و(لبو) أو (لاو) باليونانية و(ليو) باللاتينية ومنها اسم الأسد باللغات المشتقة منها كالفرنسية والانكليزية ونحوهما، كذلك يقال للأسد (سبع) وهي التسمية الشائعة.
واسم الأسد في السودان (دود) وجمعها (ديدان). ومن أسماء الأسد (عنبسة) و(عنابس). أما (الليث) وهي (ليش) بالعبرانية تعني الأسد أيضاً
يسمى الأسد بملك الغابة أو ملك الوحوش لما يمتلكه من قوة بدنية في افتراس الحيوانات لتكون بمثابة طعام له.
تعد الأسود من الحيوانات المفترسة المعروفة بقوتها البدنية وأسنانها القوية، إذ يمثل الأسد أقوى حيوان على وجه الأرض، وتشير المصادر التاريخية إلى انتشار الأسود في معظم أنحاء العالم ولاسيما المناطق الشرقية من آسيا وأفريقيا وأماكن أخرى من العالم، بيد أنها بدأت بالانقراض نتيجة للصيد وقتل الأسود
للاستفادة من فراءها وجلودها وغيرها، وانحسر وجودها في القارة الإفريقية
حصراً.
يتمتع الأسد الآسيوي ولاسيما الأسود التي تذكرها المصادر التاريخية التي كانت تعيش على ارض وادي الرافدين متميزة بصفات خاصة، كصغر لبدتها ورشاقتها وسرعتها الكبيرة، كما كانت الأسود العراقية تستوطن المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية في العراق القديم، وقد كانت الأسود العراقية موجودة إلى زمن قريب، إذ سجلت في مدونات العديد من الرحالة والعلماء الذين زاروا العراق ولاسيما هواة الطبيعة منهم. ففي عام ١٨٠٧م وصف (اوليفر) خمسة اسود كان قد شاهدها في حديقة باشا بغداد. بينما ذكر (جيسني) إن الأسود كانت متوفرة في العراق ما بين الأعوام ١٨٣٥م- ١٨٣٧م، وذكر انه شاهد أسداً في مدينة (عنه) وحوض الفرات شمال (حديثة)
. أما السيدة (بلنت) فقد تتبعت مجرى نهر الفرات عام ١٨٧٨م، إذ ذكرت أن الأسود كانت موجودة قرب (الرقة) وان احدها قام بقتل بدوياً، وذكرت إن تلك الأسود كانت تقطن منطقة الفرات لتواجد الخنازير
البرية فيها التي تعد بمثابة الطعام الرئيس لها. كما أضافت (بلنت) أن احد الأسود قد قتل عام ١٨٨١م بمحاذاة نهر دجلة في مكان خالٍ من الأحراش والأدغال،وذكرت أيضاً أن مربيي الجاموس كانوا يصطادون الأسود بجرحها أولاً بالرماح ثم سوق قطيع من الجواميس نحوها لتدوسها بحوافرها وتقتلها
ذكر (كينيار) أن هناك الكثير من الأسود قرب لواء الموصل، ولاسيما عام١٨٤٠م، لكنها أصبحت نادرة الوجود بين عامي ١٨٤٨م- ١٨٤٩م. كما كتب (بلانفورد) أن هناك وجود كثير للأسد في العراق ولاسيما عام ١٨٧٦م، إذ كتب قائلاً: ((توجد في الوقت الحاضر، الأسود في بلاد ما بين النهرين، غربي
المناطق المحيطة بجبال (زاكروس) وشرقي حوض نهر دجلة. وتذكر المصادر التاريخية أن هناك بعضاً من حدائق الحيوان في العالم حصلت على اسود جاءت من العراق، حيث رحل شبل من العراق إلى حديقة حيوان لندن عام ١٨٥٦م، وزوجين من الأسود البابلية إلى حديقة حيوانات برلين عام ١٩٠٩م. وقد شوهدت عدة اسود في العراق بعد ذلك التاريخ، وقد وجد شبلين تم اصطيادهما قرب مدينة الناصرية عام ١٩١٢م، وقد ذكر (بيكر) أن الأسود كانت موجودة عام ١٩٢٣م قرب الحدود الإيرانية وقد يكون سبب انقراضها واختفاءها إلى العمليات العسكرية التي رافقت الحرب العالمية الأولى. أما آخر ذكر لوجود الأسود البابلية كان عام ١٩٤٤م كما ذكر (كولز)وقد تناقصت أعداد معظم الحيوانات البرية بسبب الصيد الجائر لها
دلالة الأسد في الفكر العراق القديم:
يمثل الأسد أهمية كبيرة في الفكر العراقي القديم، نظراً لما يمثله من قوة وسطوة ويمثل أيضاً العدو الفتاك للإنسان الذي كان يستوطن القرى البسيطة ويدجن الحيوانات الأليفة التي كانت تعد بمثابة الطعام أو الفرائس التي يبحث عنها الأسد. تشير المصادر التاريخية إلى أن أول توثيق لظهور الأسد في الحياة
اليومية العراقية القديمة كان في دور جمدة نصر، وهو الطور الثاني من أطوار العصر الشبيه بالكتابي، الذي تلا دور الوركاء، أما تسمية هذا العصر فهي مأخوذة من اسم (جمدة نصر) أو (تل نصر)، وهو موضع اثري صغير على بعد١٥ ٦ ميلاً شمال شرقي مدينة كيش ذلك في مسلة صيد الأسود وهو عمل نحتي مصنوع من حجر البازلت الأسود، الصلب جداً، ولها سطح حبيبي الملمس، ارتفاعها ٨٠سم، ومحفوظة في المتحف العراقي حالياً، إذ تصور رجلين ملتحيين يهاجمان مجموعة من الأسود الشرسة، باستعمال السهام والرماح، وقد عرفت المسلة بهذا الاسم وهذا أقدم مشهد من نوعه من مشاهد الصيد التي شاعت في النحت الآشوري، ولعل من الاصوب تسمية هذه المسلة (بمسلة الصراع) بدلاً من مسلة الصيد ذلك أن المشهد يوضح في بنيته العميقة، قوتين هما قوة(الوجود) المتمثلة (بالحاكم) وقوة (الفناء) المتمثلة بالأسد إنها تعبير عن مخاوف وميول نحو تحطيم القوة التي يمثلها الأسد، وتكمن أهمية هذه المسلة في نقطتين، الأولى هي أنها أقدم مسلة تذكارية في تاريخ العراق القديم، إذ مثلت قوى الوجود بوحدتين رمزيتين، أولهما الأسد الذي تكاثرت إعداده في السهول السومرية، فأصبح خطراً على حياة الإنسان وممتلكاته، إذ يقول احد الرعاة السومريون في ملحمة كلكامش:
((اخذ سلاحه وانطلق يطارد الأسود، ليريح الرعاة في المساء، فاستطاع الرعاة أن يهجعوا في الليل مطمئنين، صار انكيدو حارسهم وناصرهم، انه الرجل القوي والبطل الأوحد))
استمر مفهوم القوة والسطوة في رمز الأسد في معظم الآثار التي وصلتنا من العصور التاريخية الأولى في العراق القديم، إذ اكتشفت البعثة الألمانية في الوركاء إناء من الحجر يعود إلى حوالي ٣٢٠٠ قبل الميلاد، هو مشهد صراع يدور حول بدن الإناء، أبطاله زوج من الأسود وقد غرست مخالبها في مؤخرة
زوج من الثيران. إذ يشكل الثور مفهوم قوة الحياة، أما الأسد فيرتبط بفكرة الفتك والقتل والدمار، إنها معادلة للصراع ما بين الحياة والموت
أما في عصر فجر السلالات حوالي (٢٣٧٠ -٢٨٠٠ قبل الميلاد التي شهدت استقراراً كبيراً رافق عملية التمدن والتطور العمراني والاجتماعي عند السومريين، أو يصطلح عليه بعصر دول المدن السومرية، إذ يمكن تحديد هذه الفترة التاريخية ما بين نهاية عصر دور جمدة نصر حتى بداية حكم الملك
سرجون الاكدي نجد أن مفهوم رمز الأسد ظل محتفظاً بدلالاته المعروفة في القوة والشدة والوحشية. إذ نجد الاستمرار في اتخاذه رمزاً مهماً لبيان القوة وسلطتها في معظم المنحوتات والجداريات في عصر فجر السلالات.
عثر في معبد العبيد البيضوي أو ما يسمى بمعبد ننخورساك على لوحة نحاسية تحمل نقشاً بارزاً يمثل الطائر الأسطوري المعروف باسم (أمدكو- سكورو) ينشر جناحيه ليضم زوجاً من الوعول ١٤ النسر الأسد وهو رمز الإله ننكرسو بقوته وحمايته العظيمة. انه شكل رمزي يمثل القوة والسرعة والهيمنة
لتعطي دلالة واضحة على حماية النسر الأسد للحيوانات الأليفة من شر القوى الشريرة
التي تحاول أن تقضي على الخير والقيم الإنسانية.
ويظهر الإله ننكرسو مرة أخرى في مشهد وهو يقبض بمخالبه أسدين ومرتكز برجليه على ظهريهما وهما بشكل متعاكسان ويحاولون عض جناحي النسر الأسد، ويرجح أن هاذين الأسدين يرمزان إلى شعبي سومر وأكد اللذين تسيطر عليهما مدينة لكش. ويسمى هذا المشهد النحتي بشعار لكش، ونلاحظ أن هناك
جزء من هيئة شخص هو الكاهن (دودو)، يعود هذا المشهد النحتي المشكل من خليط من الطمى والقار إلى عهد الملك انتيمينا احد ملوك السلالة الأولى في لكش حوالي (٢٨٥٠ قبل الميلاد) ومحفوظ في متحف اللوفر بباريس كما وجد الرمز نفسه في آنية مصنوعة من الفضة نقش فوقها التكوين
نفسه للإله ننكرسو وهو يمسك برحليه بأسدين متعاكسين، التي تعود إلى عصر الملك (انتيمينا) ظهرت أشكال للأسود بهيئات مختلفة في بعض الأختام الاسطوانية ولاسيما التي تعود إلى عصر سلالة أور الأولى، وتبدو الأسود وهي تفترس الغزلان لتمثل وهي جزء من حكايات ١٨ القوة في افتراس الحيوانات الأليفة أسطورية ترتبط بملحمة كلكامش والصراع ما بين الخير والشر وحماية وقد برزت مشاهد الصراع بين القوة ١٩ الحيوانات الأليفة من بطش الوحوش والضعف بشكل كبير في العديد من الأختام الاسطوانية في هذه الحقبة التاريخية لمهمة وقد صورت البطل الأسطوري برأس ثور وهو يمسك بالأسود التي تحاول افتراس الحيوانات الأليفة ليخلصها من بطشه وسطوته، يعود هذا الختم كما زينت الأوجه الخاصة ٢٠ إلى حوالي ٢٧٠٠ قبل الميلاد بالقيثارات السومرية بمشاهد تحكي نوعاً من التتابع القصصي بوجود العديد من الحيوانات كالدببة والذئاب والغزلان والكائن المركب الخرافي، الذي يتكون من رأس آدمي وذنب عقرب فضلاً عن الأسد الذي يظهر حاملاً بيده آنية وكأنه في دور طقوسي ديني يختلف عن أدواره السابقة في البطش والقتل ويحمل بيده الأخرى آنية ليشارك الآخرين في مراسيم التعبد على الأغلب، كما يظهر البطل الأسطوري وهو يمسك ببقرتين كرمز للخير والقوة. يعود هذا المشهد إلى
، عثر عليه في مدينة أور. النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد
ظل دور الأسد كرمز للقوة والسطوة مستمراً حتى مجيء العصر الاكدي. إذ استطاع سرجون الاكدي أن ينتصر على الملك السومري (لوكال زاكيزي) في نهاية المطاف ليؤسس دولته الجديدة، الدولة الاكدية ( ٢١٥٤ -٢٣٣٤ قبل الميلاد) أو (٢٢٣٠ -٢٣٧١ قبل الميلاد)، إذ دام حكم هذه الدولة لما يقارب
٢٣ الخمس والعشرين عاماً
. اهتم الملوك الاكديين بتطوير الجيش نظراً لما حققوه من انتصارات كبيرة استطاعت فرض نفوذهم على الكثير من الأراضي شمالاً وغرباً وشرقاً. إذ استطاع الاكديون من فرض سلطتهم على معظم الأراضي والمدن التابعة لدويلات المدن السومرية. إذ قام الملك سرجون (شاروكين) بتشييد عاصمة له أطلق عليها (أكد) أو تسمى (آكادة) أو (أجادة)
حملت العديد من الأختام الاسطوانية الاكدية تلك البطولات والصراعات والانتصارات التي حرص الملوك الاكديون على ترسيخها وتدوينها ولاسيما في الأختام الاسطوانية التي عبرت من خلال مكوناتها الفنية عن تلك الصراعات التي تعبر عن الحياة اليومية في الدفاع عن الخير ضد الباطل، فضلاً عن تلك
المدونات التي تبين دور البطل الأسطوري (كلكامش وهو يصرع الأسد) كدلالة على قوته وبأسه في الحفاظ على قيم الخير والانتصار للضعفاء. إذ يظهر البطل بصراع دراماتيكي مع أسد قوي، فقد أثنى البطل ركبتيه وراح يخنق أسداً هائلاً ويوشك أن يقذف به طائراً في الهواء، هنا توجد قوتين هما طاقة الوجود المتمثلة بالبطل، وقوة الفناء الكامنة في الأسد
كما وقد شملت الأختام الاسطوانية مشاهد متشابهة في هجوم الأسد على الحيوانات الأليفة كالغزلان والثيران وفتكه لها، وقد انتصبت معظم تلك الأسود على أرجلها الخلفية أما القوادم الأمامية فقد مدها نحو فريسته. إن الصراع غالباً ما كان يمثل بين الأسد وبين كل من الإنسان، الثور أو البطل العاري المحاط
وجهه بستة حلقات على كل جانب، أو البطل ذي المئزر أو أن يتدخل البطل
. كما وتصور بعض الأختام الاكدية ٢٧ لإنقاذ الحيوان من شر افتراس الأسد حيوان البيزون وقد هاجمه الأسد ومسكه الإنسان من الخلف وكأنه يحاول إنقاذ البيزون من قبضة الأسد .
كما ورد رمز طائر(الامدكو/ الانزو)، الذي سبق ظهوره في الألواح التي دونها السومريون وهو
رمز الإله ننكرسو الذي تكون هيئته طائر نسر برأس أسد أو لبوة في إحدى الأختام الاكدية وهو يحمل راية الآلهة عشتار (اينانا)
وبعد سقوط الامبراطورية الاكدية استطاع السومريون أن يعيدوا مجدهم ثانية بتأسيس دولتهم الجديدة التي سميت بعصر سلالة أور الثالثة أو العصر السومري الحديث، الذي يعد امتداداً لعصر فجر السلالات السومرية، كما يسمى أيضاً بعصر الانبعاث السومري، أو العصر السومري الحديث، دام حكم هذه السلالة مائة عام. إذ يذكر (بيلافسكي) أن سلالة أور الثالثة فقد امتد حكمها ما بين(٢٠٢٤ -٢١٣٢ قبل الميلاد)، وبسقوط هذه السلالة انتهى حكم السومريين إلى الأبد
. ومن أشهر ملوك هذا العصر الملك اورنمو وابنه شولكي. شكل الأسد رمزاً مهماً في العديد من مشاهد الحياة اليومية ولاسيما مشاهد الصراع لارتباطه الوثيق بها من حيث الدلالة والمعنى. فقد جسدت الأختام الاسطوانية في هذه الحقبة التاريخية البطل الأسطوري يصارع قوى الشر والهلاك وهو الأسد مع
بعض الكائنات الأسطورية المركبة، إنها مشاهد تركز في دلالاتها الفكرية والعقائدية الدور الكبير للبطل والبطولة في بناء الفكر والثقافة في المجتمع.
وعثر في هذا العصر أيضا على صندوق السومري الحديثنصف دائري مصنوع من الفضة والصدف ، صنع خصيصاً للملكة السومرية(شبعاد) (Shub-ad)، تميز بمهارة الصنع والتقانة في الحفر، طعمت بأحجار اللازورد، وحفر فوق سطحها بشكل قليل البروز رسم يمثل أسداً وهو يخنق
ويبدو أنها مشاهد مهمة جداً بالنسبة الثور ويمزقه من حنجرته للسومريين في تلك المرحلة بل وتعد من المشاهد التي تبين مكامن القوة من خلال رمز الأسد وهو ينقض على فريسته بكل قوة. بمجيء العهد البابلي القديم أو عصر سلالة بابل الأولى، للفترة ما بين سقوط سلالة أور الثالثة على يد العيلاميين حوالي (٢٠٠٤ق.م إلى ١٥٩٥ق.م) حيث النهب الحثي وسقوط بابل تعد فترة ذهبية من حيث التطور العمراني والمدني والاجتماعي. تتميز هذه الفترة المهمة من تاريخ العراق القديم بأنها أطول فترة
للحكم، إذ دامت زهاء أربعة قرون، ويعد عصر الملك حمو رابي (سادس ملوك سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية في حدود عام ١٧٦٣ق.م، من أهم كما يعد الملك حمو رابي صاحب أول مسلة تلك العصور في تاريخ بابل دونت عليها القوانين. ظل رمز الأسد يمثل القوة والسطوة بيد انه تغير من وصفه العدو إلى وصفه الحارس، إذ اكتشفت البعثة الفرنسية زوجاً من تماثيل برونزية لاسود وضعتا بشكل متقابل على جانبي مدخل معبد الإله (دكان) في مدينة ماري. كما اكتشف الأستاذ طه باقر زوجاً آخراً من تماثيل لاسود فخارية جالسة على جانبي المعبد الكبير في تل حرمل، حيث تقع إحدى
مدن العصر البابلي القديم المهمة، إن معادلة الحياة في بلاد الرافدين تقوم على أن ينبري احد الأبطال لقتل الأسد، بوصفه القوة الفتاكة التي تعبث في ثروات بيد أن المدهش في هذا الموضوع كما اشرنا إلى الاختلاف الإنسان وممتلكاته الكبير في الدلالة التي يمتلكها الأسد في العصر البابلي القديم الذي تحول فيه إلى حارس لمدخل المعبد من الأشرار والعابثين. .
جسد البابليون ولاسيما في العصر البابلي القديم الفكر القديم الذي يمثله رمز الإله ننكرسو الذي يحمل شكل النسر ورأس الأسد ويقبض بمخالبه على أسدين، لقد استعمل البابليون التكوين نفسه لكنهم جسدوا بها الإلهة عشتار إلهة الحب والجمال في العراق القديم، وهي تقف عارية مجنحة بمخالبها فوق أسدين،
ويعرف باسم لوح (بيرني) وهو محفوظ الآن ضمن مجموعة (كولفيل) بعد أن كان محفوظاً ضمن مجموعة (بيرني) ومن هنا جاءت تسمية هذا اللوح الذي يعد من اكبر نماذج الألواح الفخارية البابلية، إذ يصل ارتفاع هذا المشهد إلى ٥٠سم، ويبدو الأسدين في حالة من الركوع والإذعان للآلهة، مع تأطير جانبي المشهد بشكل متقابل لزوجين من طائر البوم، الذي يعد رمزاً للحكمة وقريناً للإلهة
(أثينا). ويمكننا الجزم بأنها الإلهة عشتار بدلالة قرينها الأسد الذي يظهر مصاحباً لها كذلك في مشاهد الرسوم الجدارية على جدران قصر الملك (زمري- لم) فيمدينة ماري. فالأسدين المتدابرين في هذا المشهد يشيران إلى القوة وحماية الآلهة وهيبتها. كما تشير بعض المصادر التاريخية إلى بعض
النصوص الأدبية القديمة أشرت إلى وجود علاقة جنسية من البشر (الذكوروالإناث) والحيوانات، فقد كان للآلهة عشتار عشاق كثيرون من الحيوانات مثل الأسد. وكان الأسد من بين عشاق عشتار الذي يذكرها بهم كلكامش والذي كان موضوع مطاردة عامة لا تعرف الرأفة، وجاء في النص:
أحببت الأسد الذي لا تضاهى قوته. ثم بغتة لم تكف عن آن تنصبي له المكائد تلو المكائد بيد أن هناك بعض التناقض في موضوع علاقة المرأة بالأسد من حيث تفسير الحلم والفأل، إذ يقول البابليون، متى ولدت امرأة أسداً، فمعنى ذلك أن المدينة ستقهر والملك سيؤسر. كما أن حالة ولادة أسد من نعجة معناه أن الجيش أن هذا المندحر سوف يكون قوي وان الملك الحاكم لن يكون له أي خصم التناقض يكشف عن عمق الفكر الذي يمثله الأسد في الحياة والمعتقدات البابلية. ففي مشهد فخاري آخر يعود إلى الحقبة ذاتها، نجد أن هناك اختلاف في الدلالة والتفسير عن دور الأسد في المشاهد السابقة التي ظهر فيها بدور الحارس الأمين القوي، ليعود مرة أخرى إلى مهاجمة الحيوانات ولاسيما الثور وهو يغرس أنيابه
، أما ٣٨ في مؤخرة ظهر الثور، فالثور هنا الحياة والقوة في الصراع من اجلها الأسد فيرتبط بفكرة الفتك والقتل والدمار ومن ثم الموت، أي أن المشهد يبين معادلة الصراع من اجل البقاء أو الصراع ما بين قوى الحياة (الثور) وقوى الموت (الأسد)، أو مشاهد الصراع ما بين الأسد والبطل الذي يصرع الشر ويلحق به الهزيمة. .
وبانتهاء حكم الملك (حمو رابي) تنتهي صفحة العظمة في بلاد النهرين ويتعاقب الذين لم يدم حكمهم في بابل الحكم الأجنبي على البلاد بمجيء الحثيين طويلاً، بعد أن جاء الكيشيون من منطقة الفرات الأوسط (لعله من منطقة عانه الآن وخانه القديمة)، إلى بابل وأقاموا سلالة حاكمة في البلاد عرفت باسم
سلالة بابل الثالثة التي دام حكمها زهاء أربعة قرون، في حدود (١١٦٢ -١٥٩٥نظر الكيشيون إلى الأسد كرمز للقوة والسطوة كما نظر له ٤٢ قبل الميلاد) العراقيون القدماء في الحضارات السابقة ليصل رمز الأسد هنا إلى مرحلة أكثر تطوراً من الناحية الفكرية في كونه حارس الحدود والمدن، إذ وجت عدة رموز
تركيبية تحمل رؤوس لأسود تميزت بالتنوع ضمن ما يصطلح عليه بحجر الحدود. إذ يسمى حجر الحدود (كودرو) ويكون على شكل نصب حجري مخروط الشكل على الأغلب، مصنوع من الطين المفخور، يستعمل لتسجيل منح الأراضي التي يهبها الملك لموظف كبير، في بعض الحالات حين تكون الأرض ملكاً لعائلة منذ فترة طويلة من الزمن، يسجل فيه التفاصيل والقرارات الملكية بشأنها، ويذكر في
النص حدود مساحة الأرض، كما يحتوي حجر الحدود على رموز كالنجمة الثمانية والهلال والتنين، والسلحفاة، والحلزون، والمجرفة والمذراة ذات الشعبتين(ومعناها البرق)، وكانت هذه رموز الآلهة التي توضع منحة الأرض تحت حمايتها
. كما تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن حجر الحدود كان يعرف
باسم (كودروس) أو لوح الحدود، التي كانت توضع بعض منها في المعابد
ولاسيما تلك التي تعود إلى الملك الكيشي (مليشباك) في حدود ١٢٠٠ قبل
إذ يمكن ملاحظة الدور الرئيس للأسد في هيئات شكلية ٤٤ الميلاد
مختلفة في هذه الأحجار، منها الأسد المجنح، والأسد الجاثم أو الجالس، ورأس
الأسد المنتصب على تكوين أفقي، كلها رموز تحكي قوة المعتقد وحماية الآلهة
من قبل الأسد رمز القوة والسطوة وتحقيق العدالة الاجتماعية. وظل هذا الحجر
أو اللوح مستعملاً حتى الفترة التي تلت حكم الكيشيين، أضيفت إليه رموز أخرى
فضلاً عن الأسد الذي ظهر جاثماً على الأرض، والآخر برقبة أفعى، مع وجود
تكوينات هندسية، ومربعات وأفاعي، ورمز الإله شمش، اله الشمس، ورمز
العقرب. . ومن التماثيل التي جسدت الأسد في العصر ذاته، تمثال
صغير يمثل اللبوة أنثى الأسد والمصنوع من الفخار المحروق عثر عليه في
مدينة (عقرقوف)، في حدود القرن الرابع عشر قبل الميلاد والمحفوظ في
،. كما وعثر على جدارية من الطين في ٤٥ المتحف العراقي ببغداد
مدينة بابل تصور تمثيلاً لقوة افتراس الأسد لأحد الخنازير البرية مما يعطي
٤٦ تصوراً تاريخياً للبيئة العراقية الطبيعية وقتئذ
بدأت الدولة الآشورية بالتعاظم والقوة منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد، إذ
استطاع الملك (آشور- اوبالط) (١٣٣٠ -١٣٦٥ قبل الميلاد)، أن يتدخل في
شؤون بلاد بابل وفرض على الملك الكشي (بورنا بورياش الثاني) مصاهرة
سياسية، ونصب على البابلين ملكاً اختاره هو من بين مناصريه بعد مقتل الملك
الكشي السالف الذكر.كما استطاع هذا الملك الآشوري القوي من القضاء على
الحثيين، كما خلفه ملوك أقوياء في القرن الثالث عشر قبل الميلاد مثل الملك
(شليمنصر الأول) (١٢٤٥ -١٢٧٤ قبل الميلاد)، إذ ازداد نفوذ الدولة الآشورية
٤٧ وتدخلها في شؤون بابل
. بعدها تمكن الملك الآشوري (توكولت- انتورا) من هزيمة الكيشيين الذين حكموا بابل عام ١٢٥٧ قبل الميلاد. وأصبحت بذلك الدولة الآشورية الوريثة لحكم بلاد ما بين النهرين بعد طرد الكيشيين من مدينة بابل
. اهتم الحكام الآشوريون بالأسود وقد جسدوها بشكل ٤٨ عام ١٢٣٠ قبل الميلاد
كبير في معظم الجداريات والرسوم الجدارية في القصور والمباني الخاصة
بالدولة ولاسيما تلك المشاهد التي تمثل صيد الأسود ومطاردتها. إذ كانت
عمليات صيد الأسود من أنواع الرياضة والمتعة التي كانت تمثل الهواية التي
يمارسها الملوك الآشوريون، ومن تلك المشاهد المهمة التي تعد مؤثرة من حيث
القدرة والمهارة في الصيد هي مشهدين مهمين هما اللبوة الجريحة والأسد
. كما زينوا قصورهم بجداريات ملونة عرضت ٤٩ الجريح
أساليب صيد الأسود وما يقوم به الملك وحاشيته من فعاليات متعلقة بها ولاسيما
التأكيد على أن الأسد أصبح هدفاً للصيد وان الحياة تنتصر على الموت. إذ يظهر
الملك حاملاً النبل وهو يسدد بسهمه باتجاه الأسد مع حاشيته،بينما سقط احد
الأسود ميتاً بعد طعنه بالسهام، كما في جدارية للملك الآشوري (آشور ناصر
. ويعد هذا عثر عليها في مدينة نمرود، في حدود ٨٥٠ قبل الميلاد
المنظر أو المشهد مؤثراً بالمقارنة مع المشاهد الحربية. ومشهد آخر في
الموضوع ذاته في عهد الملك (آشور ناصر بال الثاني)،
ويشير بعض المؤرخين إلى أن تلك الرسوم التي تمثل عملية الصيد في العربات
من الموضوعات المحببة في النحت الآشوري، ويرجح أنها مستمدة من بلاد
الشام عن طريق الحثيين، إذ عثر على نحت يمثل منظر صيد بالعربة في مدينة
(معلتايا)
. وكانت الأسود القتيلة تحمل من قبل الخدم بعد العودة من الصيد
لينقلوا إلى القصر ويصفون الذبائح عند قاعدة مذبح النار، في حين يسير الملك
وهو يحمل كأساً بيده اليمنى إلى الأمام ليقدم الشكر للآلهة ويصب الماء المقدس
كما ظهرت الأسود مجنحةً في ٥٢ على الأسود الميتة
بعض الرسوم والمنحوتات الجدارية، إن تزيين مداخل القاعات والأسوار
بالكائنات الخرافية المجنحة ولاسيما الأسود يعبر عن معتقدات الآشوريين
وإيمانهم بسحر هذه الحيوانات الخرافية المركبة التي كانوا يسمونها لاماسو
(Lamasu) وظنهم بأنها كانت تحميهم ومدنهم وقصورهم ومن فيها من الأرواح
الشريرة ومن شرور الأعداء وتدخل الخوف والرعب في نفوس الأعداء
.
لذلك تمجد تلك الجداريات القدرة العالية لتلك الحيوانات المركبة
ولاسيما الأسود والثيران المجنحة في نشر الأمن والسلام في الفناءات الداخلية
للقصور والأبنية العامة. كما وتنتشر عند كل بوابة هيئة لرجل ملتحي وهو يحمل
بيده أسداً وبيده الأخرى عصا لولبية، ينسبه بعض المؤرخين إلى انه كلكامش
ظل الأسد يمثل القوة التي تحاول سلب الحياة من الإنسان، فقد جسد الآشوريون
كيف يستطيع الأسد أن يفتك بالإنسان من خلال مشهد صنع من العاج، يمثل
مشهد للبوة وهي تفترس رجلاً أثيوبياً أو نوبياً استدلالاً على ذلك بشعره المفلفل
، عثر على الأثر في مدينة المجعد وبسماته وسط حديقة من زهور اللوتس
٥٦ نمرود،في حدود ٧٢٠ قبل الميلاد
كما صور الآشوريون
الطبيعة الوحشية للأسد وفتكه بالحيوانات الأليفة والضعيفة، إذ صورا تلك
الحركة الهجومية للأسد على الغزال في المسلة السوداء التي تعود إلى عصر
كما ٥٧ الملك شلمنصر الثالث في حدود (٨٢٤ -٨٥٩ قبل الميلاد)
تأثر الفكر الفارسي القديم بالحضارة الآشورية التي امتدت إلى معظم مناطق
شمال بلاد فارس بالمفردات أو العناصر الفكرية العراقية القديمة ولاسيما
الأسود، إذ نلاحظ أن للأسد دور كبير في معظم الجداريات القديمة كرمز للقوة
والسطوة
قام في بلاد بابل في أواخر حكم الملك الآشوري (آشور بانيبيال) في حدود
(٦٧٢ -٦٦٨ قبل الميلاد)، آخر دولة بابلية، وهي الدولة الكلدانية أو سلالة بابل
الحادية عشرة، ويسمى عهدها بالعصر البابلي الحديث الذي دام زهاء القرن
٥٩ الواحد (٥٣٩ -٦٢٦ قبل الميلاد)، وكان آخر عهود بابل وهي دولة مستقلة
.
ففي عهد الملك البابلي الشهير (نبوخذنصر) شهدت مدينة بابل حملة كبيرة في
ميدان التقدم العمراني وبناء القصور المتطورة من حيث تقنيات البناء ونمط
تشكيله وعمارته، كما وتنسب إلى عصره إنشاء الجنائن المعلقة التي تعد من
عجائب العالم. كما شيدت في عصره الأسوار العالية التي تحيط بمدينة بابل
والمدعمة بالأبراج الدفاعية الضخمة، سميت كل باب فيها بأسماء للآلهة البابلية،
أهمها البوابة الرئيسية المعروفة ببوابة عشتار والمحفوظة حالياً في متحف
برلين، التي زينت بالطوب الخزفي الملون
. إذ زينت الجدران الجانبية لشارع
الموكب وهو الشارع الرئيس والمؤدي لباب عشتار وعلى كلا الجانبين ٦٠ أسداً
(رمز الآلهة عشتار)، وهي ذات لبد حمراء أو صفراء على أرضية من الآجر
٦١ المزجج الأزرق
أراد البابليون التأكيد على رمز الأسد كفكر
عقائدي يرتبط بالآلهة، إذ وضعت هيئة الأسود وهي تسير بخطى واسعة وقوة
وثبات وكانت أجسامها باستقامة واحدة تمتد لتجسد حركة الهجوم والافتراس إذ
تتباعد أقدامها المتحركة متأهبةً لوضع الهجوم، لقد حققت هذه الأسود وجودها في
الشارع المقدس بسير المواكب الحربية لتؤكد بوجودها الرمزي حماية الإلهة
عشتار بصفتها الحربية لهذا الشارع، فالأسد يعد رمز القوة هنا. ولعل قوة الأسد
ورمزه باعتباره حارساً ويمثل الآلهة عشتار قد أضفت قوة تعبيرية على شارع
الموكب
. كما وزينت قاعة العرش في قصر الملك نبوخذنصر الثاني الذي يعود
تاريخ بنائه إلى مطلع القرن السادس قبل الميلاد ، بالعديد من العناصر الزخرفية
النباتية فضلاً عن الأسود التي عهدت إليها وظيفة حماية الآلهة
.
أكد البابليون في هذا العصر على أهمية الأسد كرمز لحماية الآلهة عشتار، إذ ما
يزال التمثال الذي يمثل أسد بابل من أهم الآثار البابلية التي ما تزال باقية إلى
يومنا هذا.يتألف هذا النصب البابلي العظيم من كتلة ضخمة جداً من حجر
البازلت الأسود اللون والصلب، نحت على هيئة أسد يطأ رجلاً منبطحاً تحت
حجمه الهائل، في حالة من الاستلام التام، فيما ارتكز الشكلان على قاعدة ثقيلة
من الخامة ذاتها. كما يؤدي الأسد دوره كقوة كونية حامية للحياة وحارسة لشارع
٦٤ الموكب من أعدائه
.فالأسد يرمز لعشتار المحاربة، كما عرفناه في الفكر الديني
العراقي القديم، ولان عشتار من الآلهة الرئيسية في بابل لذلك استخدم رمزها
(الأسد) بصفته قوة بابل وعظمتها، أما الرجل الذي أسفل الأسد فيرمز إلى
وتشير بعض المصادر التاريخية إلى أن تمثال أسد بابل ٦٥ الأعداء
هذا قد نقله الملك نبوخذنصر من إحدى الأقطار الأجنبية ولعله من الغنائم
الحربية التي جلبها من خارج أراضي بابل ولاسيما المناطق الخاضعة لسيطرة
الحثيين، إذ تتشابه تماثيل الأسود الحثية بشكل كبير إلى طراز بناء أسد بابل
الحالي، أو قد يكون تمثال أسد بابل قد جاء به الحيثيون عندما سيطروا على بابل

دلالة الأسد في الحضارات العالمية (التأثير والتأثر):
عرفت حضارة بلاد وادي الرافدين بارتباطها الكبير بالأسد كرمز للقوة والسطوة
كما مر ذلك خلال الفصل الأول من هذا البحث. ونستطيع التأكيد على أن أكثر
حضارة كان للأسد فيها الدور الكبير كدلالة فكرية هي حضارة وادي الرافدين.
استعمل الإغريق الأسد في بعض الأواني، منها إناء للشرب من نوع كانثاروس
(Kantharos) عثر عليه في مدينة أثينا يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل
، إذ يشبه مشاهد العراق القديم في 67 الميلاد، إذ يظهر أسدين يهاجمان غزالاً
الدلالة على قوة الأسد وبطشه بالحيوانات الضعيفة ومنها الغزلان، وهي جدلية
الحياة والموت. كما تشابهت رؤية الإغريق القدماء للأسد في فكرة
الحراسة وحماية الأماكن المقدسة وهي إحدى تأثيرات فكر بلاد ما بين النهرين
في حضارات العالم القديم. كما وضع الإغريق في عهد الاسكندر
الكبير رسوماً في عملتهم، تمثل رأس هرقل وهو يرتدي جلد الأسد، وعلى الوجه
٦٨ الآخر من العملة الإله زيوس كبير الآلهة الإغريقية
، كدلالة لتحدي شر الأسد
وكسر قوته التي جسدها البطل هرقل كما جسدها البطل كلكامش في الفكر
الرافديني. وقد وجدت العديد من مشاهد تلك الصراعات في الرسوم والجداريات
الإغريقية القديمة،
تأثرت حضارات العالم القديم بأسلوب تمثيل رمزية الأسد وبيان قوته في صرع
الخصم في المنازلة ولاسيما المشاهد التي تبين قوة الأسد في مهاجمة الحيوانات
والفتك بها، وهو مشهد من مشاهد العراق القديم. ففي مشهد يسجل ذلك الصراع
، إذ يقوم الأسد المجنح بالهجوم على ٦٩ في الجدار الخارجي لقصر (برسيلوس)
الثور، وربما يرمز الأسد المجنح إلى الإله (مترا) (Mithra) احد أعوان الإله
(اهورمازدا) اله الخير والنور، يقتل أعوان الشر، في العهود اللاحقة حتى فضلت
عبادته في عهد حكم الإمبراطورية الرومانية، إذ يمثل صراعاً للخير ضد الشر،
الذي انتشر في بلاد فارس وظهر فيما بعد في الفن المسيحي
. يظهر التأثير الآشوري جلياً في الحضارة الفارسية، ولاسيما في
تعامل الملك مع الأسد بوصفه القوة الأسطورية،إذ يمثل المشهد الملك (داريوس)
وهو يطعن الأسد المجنح من رأسه، فالأسد المجنح في هذا المشهد يمثل اله
الظلام، وهو يشبه مشهد للملك الآشوري (آشور بانبيال) وهو يطعن أسداً في
رأسه أيضاً، ويعود إلى القرن السادس قبل الميلاد
. كما ويظهر المشهد نفسه
في قطعة منحوتة من الذهب عند المايسينيون وهم قدماء الإغريق، إذ يبين
صراعاً ما بين رجل قوي وهو يضرب الأسد بسيف على رأسه، يعود إلى القرن
السادس عشر قبل الميلاد
عرفت الحضارة الفرعونية بكثرة رموزها ولاسيما الرموز الحيوانية كالخيول
وابن آوى الأسود والمعروف والقرود والأرانب وغيرها من الحيوانات، كما كان
للأسد دور أكثر حضورا وقوة في الفكر المصري القديم من تلك الرموز
الحيوانية الأخرى، ومنذ عصر فجر حضارة وادي النيل في حدود (٣٥٠٠-
٣١٠٠ قبل الميلاد)، التي شهدت تحولات كبيرة ولاسيما في الفن والعمارة، إذ
ظهرت مشاهد نحتية لعملية صرع أو قتل الأسود، التي تدل على الموت والشر
. الشكل ٧٣ ليحل محلها العديد من رموز الحيوانات الأليفة ليعم السلام وتنعم الحياة
(٥٤).كما صنع عرش (توت عنخ آمون)، من الخشب المغشي بالذهب والفضة،
والمزخرف بأحجار شبه كريمة والزجاج الملون .وتتمثل الملكة هنا على قائم
الظهر، وهي تدهن الملك بالعطر، على حين يرسل قرص الشمس آتون أشعته
نحو الزوجين الملكيين .ويلبس الملك هنا تاجا مركبا وقلادة عريضة، أما الملكة
فتضع إكليلا رائعا على رأسها .هذا وقد طعمت أجسام الملك والملكة بالزجاج
الملون، في حين غشيت الأجسام بالفضة محاكاة للكتان الأبيض .وتتمتع المقدمة
من ذراعي العرش بحماية أسدين على حين شكل الباقي في هيئة ثعبانين
مجنحين، متوجين بالتاج المزدوج، حيث يحميان اسم الملك .وقد زود العرش
بمسند للأقدام من الخشب، محفور عليه صور رمزية لأعداء مصر الشماليين
والجنوبيين، والمعروفين باسم الأقواس التسعة، وهم مربوطين وممددين على
الأرض في إذلال .أما الطيور المصورة، المعروفة باسم رخيت، والتي تشير إلى
عامة الشعب، فهي ممثلة هنا تحت سيطرة الملك. . إذ يعد
المصريون القدماء الأسد من الرموز التي تقدم الحماية للملك وحاشيته وإنها رمز
من رموز القوة فضلاً عن كونها رمزاُ لسطوة وقوة الملك، إلى جانب الحيوانات
كلها رموز تدل على القوة في الأخرى كالصقر والثور الوحشي والتمساح
الفكر المصري القديم. أما حضارة الهند فقد وجد الأسد فيها بشكل محدود
بالمقارنة مع حيوان الفيل، الذي يعد من الرموز المهمة في التراث الهندي القديم
والمعاصر، وقد وضع الأسد كرمز وطني للبلاد في عصرنا هذا إذ اندمجت
ثلاثة اسود متجه إلى ثلاثة اتجاهات مع بعضها تقف فوق قاعدة دائرية تحمل
شعار الهند الحالي كدلالة على القوة والتحرير والأمن والسلام بفضل حماية هذه
الأسود للقيم والمبادئ السامية، إذ تعد الدائرة رمزاً للشمس والقمر والعدالة،
ويسمى شعار الهند بوجود الأسود الثلاثة بقرص العدالة
وتغيرشكل الأسد من حيث بنائية الشكل مع احتفاظه بمعالمه المعروفة،
نظر الإسلام إلى الأسد في انه رمز للشجاعة، يقول (الزمخشري) في ربيع
الأبرار أن السباع ثلاث (الأسد، والنمر، والببر)
. ويسمي العرب رجل الحرب الشجاع بالأسد، وكثر وجود هذا الحيوان في بلاد الجزيرة العربية، وقد وصف الأسد بأوصاف لا تحصى وانشدوا فيه الأشعار، فان الأهمية التاريخية للأسد تعد
أهمية سياسية. ظهر الأسد في العصر الأموي على بعض العملات، وفي مشاهد
الجداريات الأموية وهو ينقض على الغزلان. أما في العصر العباسي فقد وضع
الأسد كحارس للبوابات كما يظهر ذلك في باب الظفرية إحدى بوابات بغداد
الأربع في عهد الخليفة الناصر لدين االله في القرن السابع الهجري، الثالث عشر
. أما السلاجقة فقد عدوا الأسد رمزاً للشجاعة والنسب النبيل ٧٨ الميلادي
ووضع المماليك شعار الأسد على أبنيتهم المعمارية منها الإفريز فوق عقد
القناطر تمثل اسوداً تتجه نحو الجنوب الشرقي ورؤوسها منظورة من الأمام لكل
. كما ظهر الأسد بشكل مختلف في هيئته على منها وجه إنسان تبدو بشارب
النسيج الفاطمي بمصر، لأنه يمثل القوة ولاسيما في الشرق
.

أ- المصادر والمراجع العربية:
١- الأحمد، سامي سعيد: العراق القديم، ج٢، جامعة بغداد، (بغداد:١٩٨٣م).
٢- الاسدي، فاتن عباس لفته، تاريخ التصميم الداخلي، دار الهنا للعمارة والفنون،
(بغداد:٢٠١٠م).
٣- الاعظمي، خالد خليل حمودي: الزخارف الجدارية في آثار بغداد، وزارة الثقافة
والإعلام، (بغداد:١٩٨٠م).
٤- أسمان، يان: مصر القديمة تاريخ الفراعنة على ضوء علم الدلالة الحديث، ترجمة حسام
عباس الحيدري، دار الجمل، (ألمانيا: ٢٠٠٥م).
٥- الأسود، حكمت بشير: أدب الغزل ومشاهد الإثارة في الحضارة العراقية القديمة، دار
المدى، (دمشق: ٢٠٠٨م).
٦- اوتيس، جون: بابل تاريخ مصور، ترجمة سمير عبد الرحيم الجلبي، دار المأمون
للترجمة والنشر،(بغداد:١٩٩٠م).
٧- بارو، اندريه: بلاد آشور، ترجمة عيسى سلمان وسليم طه التكريتي، دار الرشيد للنشر،
(بغداد:١٩٨٠م).
٨- بارو، اندريه: سومر فنونها وحضارتها، ترجمة عيسى سلمان وسليم طه التكريتي،
وزارة الثقافة والإعلام، (بغداد:١٩٨٠م).
٩- الباشا، حسن: الفنون القديمة في بلاد الرافدين، أوراق شرقية للطباعة والنشر،
(بيروت:٢٠٠٠م).
١٠- البصري، إيلاف سعد علي: وظيفة الإبلاغ في الرسوم الجدارية العراقية والمصرية
القديمة، دار الشؤون الثقافية، (بغداد:٢٠٠٨م).
١١- باقر، طه: مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، دار الوراق، (لندن:٢٠٠٩م).
١٢- بيلافسكي، ف.آ: أسرار بابل، ترجمة د.رؤوف الكاظمي، دار المأمون للترجمة
والنشر، (بغداد: ٢٠٠٨م).
١٣- رشيد، صبحي أنور وحياة عبد علي الحوري: الأختام الاكدية في المتحف العراقي،
وزارة الثقافة والإعلام، (بغداد:١٩٨٢م).
١٤- روثن، مرغريت: علوم البابليين، ترجمة د.يوسف حبي، دار الرشيد للنشر،
(بغداد:١٩٨٠م).
١٥- ساكز، هاري: البابليون، ترجمة سعيد الغانمي، مرجعة د.عامر سليمان، دار الكتاب
الجديد،(بيروت: ٢٠٠٩م).
١٦- السامرائي، مجيد عبد االله: المدلول الرمزي لتصوير الحيوان في الفن الإسلامي،
(رسالة دكتوراه غير منشورة)، كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد، ٢٠٠٥م.
مجلة كلية الاداب / العدد ٩٨ م.م. رويدة فيصل موسى النواب
١٧- سعيد، هند إحسان علي: الشكل والمضمون للشعارات في الفنون التطبيقية العربية
الإسلامية من القرن (٩ -٧ هجرية)، (١٥ -١٣ ميلادية)، (رسالة ماجستير غير
منشورة)، كلية الفنون الجميلة/ جامعة بغداد، ٢٠٠١م.
١٨- سليمان، عامر ومزاحم محمود حسين: نمرود مدينة الكنوز الذهبية، دائرة الآثار
والتراث، (بغداد:٢٠٠٠م).
١٩- الشاوي، ناصر عبد الواحد: تاريخ الفن الإغريقي، وزارة التعليم العالي والبحث
العلمي، (بغداد:٢٠٠١م).
٢٠- صاحب، زهير: الفنون الفرعونية، دار مجدلاوي، (عمان:٢٠٠٥م).
٢١- ----- ،-----: فنون فجر الحضارة في بلاد الرافدين، دار مجدلاوي،
(عمان:٢٠٠٩م).
٢٢- ----- ، ----: أسطورة الزمن القريب دراسة في الفنون الاكدية والسومرية
الجديدة، دار الأصدقاء، (بغداد:٢٠١٠م).
٢٣- ----- ، ----: أغنية القصب دراسة في الحضارة السومرية، دار الجواهري،
(بغداد:٢٠١١م).
٢٤- عبد الرسول، ثريا محمود: العناصر الحيوانية توثيق وتوصيف على النسيج
الإسلامي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (القاهرة:١٩٩٨م).
٢٥- عبودي، هنري.س : معجم الحضارات السامية، جروس برس، (طرابلس:١٩٩١م).
٢٦- علام، نعمت إسماعيل: فنون الشرق الأوسط والعالم القديم، دار المعارف بمصر، ط٧،
(القاهرة:١٩٩٦م).
٢٧- علي، وائلة: من الطيور والحيوانات البرية في العراق، موسوعة البيئة العراقية، مركز
دراسات الأمة العراقية، ميزوبوتاميا، (بيروت:٢٠١٠م).
٢٨- الفتيان، احمد مالك: دراسات في التاريخ القديم، مكتبة عادل، (بغداد:٢٠١١م).
٢٩- القرشي، عبد الحسين جبر آل كشكول: الراية في العراق القديم دراسة فنية وتاريخية،
(رسالة ماجستير غير منشورة)، كلية الآداب، جامعة بغداد، قسم الآثار، ٢٠٠٨م.
٣٠- لويد، سيتون: فن الشرق الأدنى القديم، ترجمة محمد درويش، دار المأمون للترجمة
والنشر،(بغداد:١٩٨٨م).
٣١- مالوان، ماكس: حضارة عصر فجر السلالات في العراق، دار الشؤون الثقافية،
(بغداد:٢٠٠١م).
٣٢- المعلوف، أمين: معجم الحيوان، دار الرائد العربي، (بيروت: ب.ت).
٣٣- مهدي، شفيق: لبائن عراقية نادرة ومنقرضة، دائرة الثقافية والنشر، (بغداد:١٩٨٤م).
٣٤- مورتكارت، انطون: الفن في العراق القديم، ترجمة عيسى سلمان وسليم طه التكريتي،
وزارة الثقافة والإعلام، (بغداد:١٩٧٥م).
٣٥- نخبة من العلماء: الموسوعة الأثرية العالمية، ترجمة د.محمد عبد القادر محمد ود.زكي
اسكندر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، (القاهرة:١٩٩٧م).
٣٦- هيلند، ربرت: تاريخ العرب في جزيرة العرب، ترجمة عدنان حسن، قدمس للنشر
والتوزيع،(بيروت:٢٠١٠م).
أ- المصادر والمراجع الأجنبية:
١- Godard, Andre: The Art Of Iran, (London: ١٩٦٢).
٢- K.C.Aryan, Basis of Decorative Elements in Indian Art,(Delhi, ١٩٨١).
٣- Iakovids, S.E: Mycenae- Epidaurus, (Athens: ١٩٧٨).
٤- Janson, H.W.: A history of Art, Thames and Hudson, (London:١٩٦٨).
٥- The Epic of Man, by Editors of Life, (New York: ١٩٦١).

١- المعلوف، أمین: معجم الحیوان، دار الرائد العربي، (بیروت: ب.ت)، ص١٥١.
٢- م?دي، شفیق: لبائن عراقیة نادرة ومنقرضة، دائرة الثقافیة والنشر، (بغداد:١٩٨٤م)،
ص٢٦.
٣- المصدر نفس?، ص٢٧.
٤- م?دي: لبائن عراقیة، مصدر سابق، ص٢٨.
٨- علي، وائلة: من الطیور والحیوانات البریة في العراق، موسوعة البیئة العراقیة، مركز
دراسات الأمة العراقیة- میزوبوتامیا، (بیروت:٢٠١٠م)، ص.٨٦
٦- باقر، ط?: مقدمة في تاریخ الحضارات القدیمة، دار الوراق، (لندن:٢٠٠٩م)، ص٢٧٠.
٧- صاحب، ز?یر: أغنیة القصب دراسة في الحضارة السومریة، دار الجوا?ري،
(بغداد:٢٠١١م)، ص٥٣.
٨- باقر: مقدمة في تاریخ الحضارات، ص٢٧٢.
٩- صاحب، ز?یر: فنون فجر الحضارة في بلاد الرافدین، دار مجدلاوي، (عمان:٢٠٠٩م)،
ص٢٧٠.
١٠- صاحب، فنون فجر الحضارة، المصدر السابق، ص٢٧١.
١١- صاحب: أغنیة القصب، المصدر السابق، ص٥٨.
&

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسند
مستشارة اشتياق -الام الروحية لاشتياق
باسند

انثى
تاريخ التسجيل : 17/01/2014
عدد المشاركات : 51603
نقاط التقييم : 73117
بلد الاقامة : سويسرا
علم بلدك : علم العراق
الاسد

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالأحد يوليو 26, 2015 12:42 am

صديقتي الحبيبه احلام 

شكرا لك على هذا الموضوع الرائع 

بارك الله فيك 

تقبلي تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالأحد يوليو 26, 2015 2:01 pm

باسند كتب:
صديقتي الحبيبه احلام 

شكرا لك على هذا الموضوع الرائع 

بارك الله فيك 

تقبلي تحياتي


العفو حبيبتي الغاليه

باسند

مرورك بيسعدني جدا

تحياتي و مودتي


Smile

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالأحد يوليو 26, 2015 2:13 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

موجز تاريخ العراق القديم
أولاً: عصر فجر السلالات ثانياً: الحكم الأكدي ثالثاً: الحكم السومري
رابعاً: العصر البابلي القديم خامساً: العصر البابلي الوسيط
سادساً: العهد البابلي الحديث سابعاً: إنجازات العراق القديمة
بدأ عصر الزراعة في بلاد الرافدين, وهو أول عهد للإنسان بتعلم الزراعة, بحدود سنة 9000 قبل الميلاد وتطور حوالي سنة 5500 ق.م. في قرية (جرمو) في شمالي العراق في أواسط العصر الحجري الحديث. ومن البديهي أن تكون الزراعة عصرئذ محدودة وعلى نطاق ضيق جدا.
فجر الحضارة في العراق
بدأ فجر الحضارة في العراق بحدود سنة 5000 قبل الميلاد وانتهى بالحقبة الزمنية التي ابتدع فيها الإنسان العراقي الكتابة لأول مرة في تاريخ الإنسانية في الربع الأخير من الألف الرابع قبل الميلاد. وإن نشوء الحضارة الناضجة في بلاد الرافدين قد سار بخطوات ثابتة وعلى مراحل وبأطوار متعاقبة. عرفت تلك الأطوار في العراق للمختصين المحدثين بأسماء المدن والقرى والمواقع التي ظهرت فيها لأول مرة, ومدن الطور الأقدم هي: (حسونة) ثم (سامراء) و (حلف) و (العبيد) و (الوركاء) و أخيرا (جمدة نصر).
لقد شهد العراق خلال هذه الأطوار اتساع الزراعة و بداية الحياة الحضرية و نشوء أولى المدن. وعرف بناة الحضارة أيضا فن التعدين وابتدعوا دولاب الخزاف وصنعوا الآجر المفخور والعربة ذات العجلة وكذلك المحراث فضلا عن السفن الشراعية. وعرف في أوائل تلك الأطوار أيضا فن النحت, وظهرت كذلك المباني العامة كالمعابد حيث كثرت وازدادت أهميتها منذ طور (العبيد). وعرف طور الوركاء (3500 ق.م.) بالعهد الشبيه بالكتابي, ومن المعروف أن الكتابة قد أرسيت قواعدها تماما خلال الطور الذي أعقبه وهو (جمدة نصر) في حدود سنة 3000 ق.م.
أولاً: عصر فجر السلالات
ثم بدأ عصر فجر السلالات في العراق في حوالي سنة 2800 ق .م. واستمر لمدة ستة قرون والذي يعرف أيضا بالعصر السومري القديم أو بعصر دويلات المدن حيث لم تتوحد البلاد بعد تحت مملكة كبيرة واحدة. ويقسم العلماء هذه الحقبة الزمنية من تاريخ العراق إلى ثلاثة عصور هي على التوالي:
فجر السلالات الأول ( 2800 –2700 ق.م.)
فجر السلالات الثاني (2700 02600 ق.م.)
فجر السلالات الثالث (2600 – 2400 ق.م.)
من الأمور المتفق عليها بين غالبية العلماء المختصين في العصر الحاضر أن السومريين هم سكان العراق الأصليون، وأنهم الذين كانوا يعرفون بأصحاب حضارة العبيد في وسط وجنوب العراق وكانت أراضيهم تمتد جنوبا إلى جزيرة دلمون (البحرين) في العصر الحاضر قبل أن ترتفع مناسيب الخليج العربي ليصل إلى حدوده الحالية.
ولغة السومريين, وهم أصحاب أقدم حضارة أصيلة متطوّرة في العالم, من اللغات التي تعرف بالملتصقة Agglutinative. من خصائص الإلصاق فيها أنه كثيرا ما يدمج مفردتينن لتصبحا كلمة واحدة يستند معناها إلى معاني الكلمات الداخلة في تركيبها, مثل (لوكال) أي الملك المكونة من (لو) أي الرجل و (كال) أي العظيم, و (إي-كال) تعني القصر أو الهيكل مكونة من كلمة (إي) وهي البيت و(كال) العظيم. ثم أن الجمل فيها تتألف أيضا بطريقة إلصاق الضمائر والأدوات إلى جذر الفعل بحيث يصير الجميع كلمة واحدة.
لقد قسم علماء الآثار عصر فجر السلالات إلى ثلاثة أطوار: الأول ( 2800 –2700 ق.م.) والثاني (2700 02600 ق.م.) والثالث
(2600 – 2400 ق.م.). إن لكل من هذه الأطوار الثلاثة خصائصها المميزة. ومع ذلك يمكن القول عموما بأن فن العمارة قد قطع شأوا بعيدا في هذا العصر وبخاصة في بناء القصور والمعابد فظهرت العقود لأول مرة في البناء وكذلك القبوات كوسيلة في التسقيف. وتقدم فن التعدين وسبك المعادن, وقطع فن النحت شأوا بعيدا من التقدم.
لقد نضجت الكتابة وانتشر استعمالها في العصر السومري فدونت بها في عصر فجر السلالات السجلات الرسمية وأعمال الملوك والأمراء وعلاقتهم بغيرهم من الحكام. وكذلك شؤون الناس العامة كالمعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات والآداب والأساطير فضلا عن الشؤون الدينية والعبادات.
ثانياً: الحكم الأكدي
انتهى عهد فجر السلالات بقيام سرجون الأكدي (2371-2316 ق.م.) بتوحيد العراق في مملكة واحدة. كان سرجون من الأكديين وهم فرع من الأقوام التي نزحت من الوطن الأم شبه جزيرة العرب إلى العراق ربما في أوائل الألف الثالث قبل الميلاد أو قبل ذلك بقليل. وليس من المستبعد أن الأكديين قد عاشوا جنبا إلى جنب مع السومريين منذ أقدم العصور وعرف القسم الأوسط والجنوبي من العراق منذ ذلك الزمن باسم بلاد (سومر وأكد).
”خلال فترة حكمه التي دامت خمسة وخمسين عاما أدخل مؤسس الأسرة الأكدية الملك سرجون الكثير من الإصلاحات على نظام الحكم والجيش، وتطور في عهده فن العمارة”
حكم مؤسس السلالة الأكدية سرجون خمسة وخمسين عاما أدخل خلالها الكثير من الإصلاحات على نظام الحكم والجيش بما في ذلك تطوير أساليب الحرب والسلاح. وكذلك حصل تقدم عظيم في العمارة والفنون بعامة التي تميزت في العصر الأكدي بالقوة والحيوية والحركة. ويعد (نرام - سين) أقوى ملوك السلالة لأاكدية الذي حكم زهاء أربعين عاما.
عّم الاضطراب في المملكة أواخر العهد الأكدي, فقد حكم بعد نرام - سين ملوك ضعاف مما شجع الأقوام الجبلية وهم الكوتيون, الذين عرفوا في النصوص المسمارية القديمة بأعداء الآلهة, على غزو بلاد (سومر وأكد). إن حكمهم الذي دام حوالي مائة سنة كان عهدا مظلما كادت أن تنقطع فيه عنا أخبار العراق القديم. وقد عوض عن ذلك ازدهار الحضارة في جنوبي العراق وبخاصة في مدينة (لكش) وما يجاورها. وقد اشتهر من بين الأمراء السومريين في أواخر هذا العهد أمير أو ملك اسمه (جودية) الذي عرف بتماثيله الكثيرة التي وصلتنا والذي عمل على إحياء الآداب السومرية وتشييد العديد من المعابد الفخمة.
ثالثاً: الحكم السومري
ثارت على الكوتيين مدينة (الوركاء) بقيادة أميرها السومري (أوتو –حيكال) الذي لقّب نفسه بملك (سومر وأكد) وأهاب بأهل البلاد لحرب الطغاة الأجانب, فالتّفت حوله المدن وتمكن من القضاء على جموع الكوتيين الكبيرة وخلص البلاد منهم.
انتقل الحكم السومري بعد ذلك إلى مدينة (أور) وتكونت فيها سلالة عرفت بسلالة (أور الثالثة) أسسها الملك (أور- نمو) الذي تعد أيامه من عهود العراق المجيدة وآخر عهد في حياة السومريين السياسية (2113-2006ق.م.). لقد استطاع ملوك هذه السلالة الخمسة أن يعيدوا إنشاء إمبراطورية واسعة على غرار لإامبراطورية الأكدية شملت جزءا كبيرا من أقاليم الشرق الأدنى. وانتشرت مع التجارة والفتوح حضارة العراق القديم تماما كما كان عليه الحال في العصر الأكدي. لقد اشتهر ملوك هذه السلالة بأعمالهم العمرانية الفذّة وامتازت دولتهم بالتنظيم وحسن الإدارة في الداخل والخارج وأصبحت العاصمة (أور) في زمنهم قبلة الشرق القديم ليس من النواحي العمرانية والفنية والاقتصادية فحسب بل إنهم سنّوا الشرائع بحسب العرف الاجتماعي و وحّدوا الشؤون القضائية في البلاد.
رابعاً: العصر البابلي القديم
وفي أوائل الألف الثاني قبل الميلاد قامت في العراق أسرة حاكمة جديدة عرفت بسلالة بابل الأولى (1894 – 1595ق.م.) اشتهرت بملكها السادس حمورابي (1728 – 1686ق.م.) الذي جمعت في شخصه خصالا فذة جعلت منه القائد والسياسي والمصلح والمشرع فاستطاع بهذه الخصال أن يوحّد البلاد. ثم وقعت حرب ضروس بينه وبين الدخلاء العيلاميين أظهر خلالها حمورابي من حسن التدبير والحزم ما مكّنه من تمزيق جموعهم شر ممزق. ومدّ فتوحه بعد ذلك إلى شمالي بلاد الرافدين وإلى جهات الهلال الخصيب الأخرى. ومن أعماله المهمة سنّ شريعة واحدة تسري أحكامها في جميع أنحاء المملكة عرفت بقانون حمورابي التي تعد من أولى الشرائع المتكاملة في العالم حيث تجمع بين القانونين المدني والعقوبات فضلا عن الأحوال الشخصية.
إن أهم ما تمّيز به العصر البابلي القديم اتساع المدن وكثرتها, كما حدث تطوّر مهم في العلوم والمعارف البشرية حيث انتقلت من أطوارها العملية إلى طور التدوين والبحث بحيث يصح أن نعد بداية ظهور العلوم البشرية الحقة كانت في هذا العصر. ليس هذا فحسب بل إن الحضارة من بلاد الرافدين قد أخذت طريقها في العصر البابلي القديم إلى جميع أنحاء المشرق وإلى أطراف العالم القصية.
خامساً: العصر البابلي الوسيط
ولقد غزت العراق في أواخر العصر البابلي القديم أقوام جاءت من الشرق أو من الشمال الشرقي عرفوا بالكشيين. أسسوا سلالة حاكمة جديدة دام حكمها زهاء خمسة قرون. وقد عرف هذا العهد بالعصر البابلي الوسيط الذي يعد من العصور المظلمة في العراق. لم يخلف لنا الكشيون وثائق أو سجلات تاريخية بلغتهم الأصلية وإنما استعملوا لغة بلاد بابل. ويبدو أنهم قد تخلّوا عن ديانتهم التي كانوا عليها ليعتنقوا الديانة البابلية. وقد أسسوا في منتصف عهدهم عاصمة جديدة قرب بغداد الحالية عرفت باسم (دور- كوريكالزو) أي مدينة الملك الكشي كوريكالزو.
الأشوريون
والآشوريون فرع من الأقوام الجزرية التي هاجرت في الأصل من شبه جزيرة العرب. وهناك نظرية أخرى مفادها أنهم جاؤا من جنوب العراق من أرض بابل وحلّوا في شمالي بلاد الرافدين في زمن لعله في العهد الأكدي ومما يدعم ذلك أنهم يتكلمون بلهجة من اللهجات البابلية. ويرى غالبية المختصين أن اسمهم مشتق من اسم معبودهم الإله (آشور).
يمكن وضع تاريخ الآشوريين في ثلاثة عهود: القديم والوسيط والحديث.
العهد الآشوري القديم
وتدخل فيه حقب طويلة لاسيما إذا أدمجنا فيه عصور ما قبل التاريخ. لقد بدأ الآشوريون في هذا العهد ببناء مملكة قوية موحدة مستقلة, ظهر منهم ملوك أقوياء مثل (إيلو – شوما) الذي عاصر مؤسس سلالة بابل الأولى وكذلك شمشي أدد الأول (1814 – 1782 ق.م.) الذي بلغت المملكة في زمنه من القوة ما مكّنها من فرض سلطانها على القسم الشمالي من بلاد بابل.
ودأب الآشوريون على تنمية كيانهم السياسي, تعرضوا فيه إلى سلسلة من الامتحانات والمصاعب بسبب ضغط الدول والأقوام التي كانت تجاورهم, خرجوا من كل ذلك أشداء أقوياء إذ خلقت منهم قوة عسكرية رهيبة فرضت سلطانها على شعوب العالم القديم لعدة قرون تلت. ويعد شلمنصر الأول (1266 – 1243ق.م.) من أعظم ملوك هذا العهد سيما في حقل التوسع والفتوح الخارجية بعد أن توطدت شؤون المملكة الداخلية في عهده.
ولقد تدهورت الأوضاع الآشورية في أواسط القرن الثامن قبل الميلاد انتهت بثورة قامت بها مدينة (كالح) الآشورية على الملك (أشور – نراري) الخامس, فقتل وتولى زمام الأمور تيجلاتبليزر الثالث (745-727ق.م.) الذي بدأ عهدا جديدا في تاريخ الآشوريين تكونت فيه آخر وأعظم إمبراطورية آشورية حيث صارت فيه مجددا سيدة الشرق القديم, وكان من أعظم إنجازاتها توحيد بلاد بابل وآشور في مملكة واحدة.
الملك سرجون الثاني
يعد الملك سرجون الثاني (727 – 705 ق.م.) واحدا من أعظم ملوك هذه الحقبة ليس فقط بسبب إنجازاته الفنية والمعمارية العظيمة والتي كان منها تشييد عاصمة جديدة قرب نينوى أطلق عليها اسم (دور شروكين) أي مدينة سرجون والتي تعرف خرائبها بـ (خرساباد) في الوقت الحاضر. كما عرف بفتوحاته الخارجية العظيمة منها القضاء على المملكة اليهودية الشمالية (السامرة) بسنة 721 قبل الميلاد وترحيل الكثير من سكانها إلى أماكن أخرى داخل حدود الإمبراطورية الآشورية. وكذلك قضاؤه على التحالف بين الفراعنة والدويلات الصغيرة في فلسطين وسوريا, وكان المصريون قد أرسلوا جيشا قويا لمساعدة قوات التحالف. فتصادم الجيشان قرب مدينة رفح تمخّضت عن اندحار قوات التحالف وفرار القائد الفرعوني.
آشوربانيبال
آشوربانيبال (668-626ق.م.) فيعدّ من أكثر ملوك هذا العهد ثقافة فقد أغرم بالأدب والمعرفة فجمع الكتب من أنحاء البلاد وخزنها في دار كتب وطنية خاصة شيّدها في عاصمته نينوى جمع فيها مختلف أصناف العلوم والمعارف التي بلغتها حضارة العراق والتي عّرفتنا بنواحي الحضارة العراقية القديمة المختلفة.
سادساً: العهد البابلي الحديث
آخر العهود العراقية الزاهرة في العصور القديمة (626-539ق.م.). ويعد حكم نبوخذنصر الثاني (604-562ق.م.) بحق من العهود المجيدة في التاريخ البشري عموما وفترة انتعاش قوية عاشتها الحضارة البابلية, فلم تسجل الكتابات التي خلفها هذا الملك إلا أخبار البناء والتعمير في جميع مدن العراق المهمة. من أعماله العمرانية الرئيسة كان بناء الزقورة وتشييد عدد كبير من المعابد الفخمة في بابل. وكان من جملة إنجازاته في هذا الميدان أيضا إقامة شارع رائع عرف بشارع الموكب ومدخل مهيب ضخم يدعى بباب عشتار, يقع وراء هذا الباب قصره الفخم بجنائنه المعلّقة الذي عرف في المصادر اليونانية بإحدى عجائب الدنيا السبع.
وفي زمنه أعلنت دولة (يهودا) الصغيرة العصيان مع عدد من الدويلات الشامية الصغيرة الأخرى بتحريض من الفراعنة التي لم تكترث لنصائح النبي (ارميا) وتحذير ملكها (يوهوياقين) بوخامة العاقبة. فجرد نبوختنصر حملة تأديبية لم تقو (يهودا) على مقاومتها فسقطت العاصمة (أورشليم) في عام 596 ق.م. فرحّل قسم من سكانها ومعهم ملكهم عن فلسطين. ونصّب نبختنصر بدلا عنه عمه (صدقيا). وبعد بضع سنوات اشتركت (يهودا) في عصيان جديد وبتحريض من الفراعنة أيضا الذين حاولوا استرجاع مكانتهم في سوريا وفلسطين. لقد كان غضب الملك البابلي في هذه المرة عظيما فدمّر المدينة وأحرق الهيكل ورحّل من سكانها عددا كبيرا جدا إلى العراق واضعا بذلك حدا لمملكة يهودا. لقد وقع ذلك الحدث بسنة 594 ق.م.
خلف هذا الملك العظيم عدد من الملوك الضعاف وبخاصة آخرهم نبونائيد (555-539 ق.م.) فتدهورت الأوضاع في البلاد خلال عهودهم وانتهت تلك الإمبراطورية العظيمة بسقوط بابل على يد (كورش) ملك الإخمينيين بسنة 539 ق.م. وليعفى على حضارة العراق وتطمر علومه وأمجاده لقرون طويلة تلت.
سابعاً: إنجازات العراق القديمة
إذا انتقلنا إلى نشوء أولى الحضارات في العراق القديم يمكن القول إنها كانت بجهود العراقيين الأوائل في تفاعلهم مع البيئة الطبيعية في وسط وجنوبي العراق. فمن المعروف أن الزراعة تعتمد في هذا الإقليم دوما على الإرواء الصناعي الذي كان لا يتم إلا بالسيطرة على الأنهار وإقامة السدود وتجفيف الأهوار. إن الري -كما هو معروف- كان الدعامة الأساس في الحياة الاقتصادية لهذا الإقليم وعلى ذلك فقد تجلّت عبقرية الإنسان هنا بأجلى مظاهرها في الإرواء الصناعي وإن نشوء أول حضارة في بلاد الرافدين قد تحقق بلا أدنى ريب بعد أن سيطر سكان هذا الإقليم على الأنهار فيها وذلك عن طريق إقامة السدود وحفر الأنهار والجداول وتجفيف الأهوار, فذللوا البيئة الطبيعية واستغلوا إمكاناتها العظمى. ليس هذا فقط بل استغل العراقيون الأقدمون ارتفاع مناسيب نهر الفرات قياسا إلى دجلة فشقوا أنهارا عظيمة من الفرات إلى دجلة لتروي أراضي واسعة كانت بأحوج ما تكون إلى الماء. لقد طغت أخبار شق الأنهار والجداول على غيرها من أخبار الملوك وأعمالهم. إن حفر أو شق نهر جديد كان يعد بحد ذاته حدثا هاما يؤرخ به الكتبة الرسميون للدولة الأحداث الجسام.
نتيجة لكل هذا نلاحظ أن أول شيء يلفت النظر في العراق شهرة البلاد الزراعية إلى الأزمان المتأخرة, حتى أن الكتاب اليونان -مثل هيرودوتس- قد تحدثوا عن وفرة المحاصيل الزراعية في هذا الإقليم, وهو ما يذكرنا بتسمية المؤرخين والبلدانيين العرب لأرض العراق بـ (السواد) لكثرة زرعها وخضرتها. ومن الأمور المتفق عليها إن فن زراعة البساتين نشأ في العراق مما ساعد الإنسان كثيرا على الاستقرار ومن ثمّ نشوء الحضارات المتقدمة وتطوّرها.
والنخلة -على ما يرجح- كانت أقدم وأهم شجرة في تاريخ العراق الزراعي القديم حيث اختص العراق بزراعة النخيل منذ فجر التاريخ. وكانت العادة أن تزرع الفراغات بين النخليل بالأشجار المثمرة الأخرى مثل التين والرمان والتفاح والكروم وغير ذلك. ومايزال يعد أعظم وأوسع مركز لزراعة النخيل في العالم لاسيما المنطقتين الوسطى والجنوبية منه.
وفي سبيل تحقيق الاستقرار والأمن في البلاد, وللحفاظ على هذه المنجزات والمكاسب العظيمة كان من الضروري وجود حكومات قوية مستقرة. وكان الملك في العراق القديم على رأس السلطة حيث عدت سلطته التنفيذية والتشريعية مستمدة بشكل مباشر من الآلهة لحكم البلاد, فهو الذي كان يتولى قيادة الجيش وقت الحرب حيث أن من أولى واجباته المحافظة على حدود الوطن, وكذلك توفير الوسائل الكفيلة التي تساعد البلاد على الرخاء الاقتصادي عن طريق تنفيذ المشاريع الحيوية العامة مثل حفر القنوات والأنهار وبناء المعابد تقرّبا إلى الآلهة. لقد خلّف الكثير من الملوك العراقيين القدماء مآثر كتابية أكدوا فيها ما ذكرناه حتى أن بعضهم قد صوّر نفسه وهو يحمل سلال التراب والآجر رمز قيامه بتنفيذ المشاريع العمرانية الكبرى وبخاصة بناء المعابد تقربا للآلهة. والكثير منهم قنّنوا الشرائع والقوانين في سبيل تنظيم الحياة العامة ونشر العدل بين الرعية.
”تعتبر الشرائع المدونة في العراق هي الأقدم في تاريخ العالم ويلاحظ أنها دونت بأسلوب علمي وبلغة قانونية دقيقة”
ومن الأمور المعروفة للجميع أن أولى الشرائع المدّونة في العالم قد ظهرت في العراق القديم, وهناك من الإشارات ما يدل بشكل قاطع على ظهور القوانين المدونة في عصور فجر السلالات. إن الشرائع في العراق القديم لم تكن أولى الجهود البشرية في تنظيم الحياة الاجتماعية فحسب بل إنها دوّنت بأسلوب علمي وبلغة قانونية دقيقة. إنها قوانين بهيئة مواد متسلسلة مقتصرة على الشؤون المدنية لا تتعرض للعبادات في شيء.
وكان من تمسّك سكان العراق الأقدمين باحترام القانون والنظام أن تصوروا الكون كله على هيئة مملكة تحكمها الآلهة يتجلى فيها مبدأ الطاعة وبخاصة طاعة القوانين والسير بموجب أنظمة المجتمع وأعرافه الشفهية والمدونة. وبلغ من تقديرهم لفضيلة الطاعة أنهم تخيّلوا ظهور عهد ذهبي بين البشر في يوم ما تسود فيه الطاعة والنظام وسيادة القانون.
ومن ثمرات الحضارة الناضجة نشوء الصناعات الأولى وكذلك التجارة وبخاصة التجارة الخارجية لجلب المواد الخام التي اعتمدت عليها تلك الصناعات. ومن البديهي أن يصاحب كل ذلك تقدم العلوم والآداب والفلسفة.
وفي العراق القديم بدأت أولى المحاولات الفلسفية الجريئة الخاصة بأصل الكون والوجود والأساس في مكونات المادة. ومن المؤكد أن السومريين قد سبقوا الفلاسفة الإغريق بقولهم بمبدأ العناصر الأربعة الأولية التي عدت أصل جميع الأشياء.
ومن البديهي أن يولي العراقيون القدماء أيضا الأدب الكثير من اهتمامهم. لقد كان شأنه شأن الآداب العالمية القديمة الأخرى يشرك الآلهة في الملاحم والقصص أو الأساطير. أما الشعر السومري والبابلي فقد كان يخضع لفن خاص من النظم والتأليف فهو موزون ولكنه غير مقفى. إنه من النوع المعروف في الوقت الحاضر بالشعر المرسل. وما خلفه لنا العراقيون القدماء من الروائع الأدبية أكثر من أن تحصى, ربما أهمها (ملحمة جلجامش) و (قصة الخليقة) و (قصة الطوفان) وعدد كبير جدا من الأساطير.
وفي باب العلوم الصرفة كالرياضيات مثلا عرف البابليون أسسا مهمة في خواص الأعداد وكذلك في العمليات والطرق والمعادلات الجبرية الأساسية. من ذلك مثلا معادلات الدرجة الأولى بأنواعها المختلفة فضلا عن معادلات الدرجة الثانية والثالثة. لقد اتبعوا في طرق حلها عمليات مدهشة لا تكاد تصدق لتطابقها مع الطرق العلمية الحديثة. ومما يقال اليوم بوجه عام إن الفضل في تقدم الجبر الحديث يعود إلى البابليين والعرب أكثر مما يعود إلى اليونان.
ومن الأمور المتفق عليها أيضا في تاريخ المعارف البشرية أن البابليين هم الذين أسسوا علم الفلك الرياضي، وبدؤوا يدونون ملاحظاتهم وإرصاداتهم أو حساباتهم الفلكية منذ العهد الأكدي، وتقدم هذا العلم إلى درجة كبيرة مذهلة في العهد البابلي القديم. أما معرفتهم بالعلوم الطبيعية مثل علم الكيمياء, على سبيل المثال وبخاصة ما يتعلق منها بخواص المواد وتأثير الحرارة فيها أو العوامل الطبيعية الأخرى فقد بدأت عندهم في وقت مبكر جدا والتي لا سبيل في هذا الملخص من الدخول في تفاصيلها الدقيقة.
____________
د. عبد العزيز حميد صالح أستاذ التاريخ بكلية الآداب – جامعة بغداد

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالأحد يوليو 26, 2015 2:16 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

بداية الرياضه في بلاد وادي الرافدين قبل الميلاد .
زاول العراقيين الرياضه قبل الميلاد عند ولادة حضارات وادي الرافدين وانتقال البشريه من العصور السوداء (الحجريه ) الى عصور فجر السلالات والتمدن ومن الطبيعي ان كل حضارة كانت لها وسائل للترفيه على سبيل المثال الحضارات اللاحقه مثل اليونان (الاغريق ) واولمبيادهم المشهور في وادي اولمبيا 776 قبل الميلاد والرومان ورياضاتهم العنيفه عندما كانوا يجعلون من الاسرى يتبارون الى الموت امام القيصر (وهو الشخص الذي كان يحكم البلاد ) داخل حلبه تحتوي على مدرجات اسمها الكالزيو او الكولسيو ولكل حضارة كان هناك العديد من الامور الترفهيه ولكن اكثر الامور التي كانت تركز عليها الحضارات المصارعه و السباحه و الملاكمه و الفروسيه و الرمايه و العدو والتجديف والمبارزه و رمي الرمح والعربات المسحوبه من الجياد مما يدل على وجود الكثير من الرياضيين كون هذة الالعاب هي من اساسيات التدريب العسكري للمحارب القديم وكل الحضارات كانت على اهبة الاستعداد من خلال جيوشها لرد اي هجوم خارجي ولديمومة بقائها اطول فترة ممكنه واشارت القطع الاثريه التي تصور العدائين و كذلك الملاكمين و المصارعين بزيهم الرياضي وهم يتبارون ويمارسون الرياضه مثل حضارات سومر و بابل و اشور والاغريق و وادي النيل و الرومان و حضارات الصين والازتيك في المكسيك دليلا قاطع الحضارات مارست الرياضه لقد تبارى العراقيون القدماء لتنميه مهاراتهم في وقت السلم والاستفادة منها وقت الحروب وهناك الكثير من القطع الاثريه التي وجدت في العراق تشير الى مزاولة الرياضه في ارض وادي الرافدين تقريبا من الاف الثالث قبل الميلاد اذا لقد مارس العراقيين القدامى رياضات مختلفه وتعلم العالم من حضارات وادي الرافدين الرياضه وليس الكتابه فقط .

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالأحد يوليو 26, 2015 3:06 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الحس الجغرافي في اعمال الفنان العراقي القديم
المقدمة
يبدو ان المعلومات والمفاهيم الجغرافية التي نقف عليها ونحن نقرأ حوليـات الملـوك
العراقيين القدماء التي خلّدت في جزء من وقائعها حملاتهم على بلدان واصقاع شاسـعة مـن
الشرق الادنى القديم، قد عززت بما يدعم روايتها ويوضح الجوانب من الصور السردية لتلـك
الحملات، يتضح ذلك من خلال العديد من الاعمال الفنية التي عثر عليها في مختلف المواقـع
الاثرية في بلاد الرافدين، والتي ضمت مشاهداً طبيعية وبيئات جغرافية متباينة توحي وتشـير
الى مسرح الحدث الذي شَهِد واقعة او معركة او سيطرة على منطقة معينة.
وهذه الاعمال ان دلت على شيء فإنما تدل على توافق المعلومات الواردة فـي تلـك
الحملات مع رواية النص المسماري لحملة الملك، والتي اوردت ذكراً للعديـد مـن المواقـع
الجغرافية التي مرت او حدثت فيها تلك الوقائع، فجاءت اعمال اولئك الفنانين، وهي مخلفـات
وادلة مادية لا يرقى اليها الشك او الطعن فيها، لتؤكد صحة تلك المعلومات ودقتها ولتعبر عن
صدق تمثيلهم وابرازهم لتضاريس وبيئات مختلفة من المشاهد التي تظهر تسلسلاً لاحداث تلك
الحملات، فضلا عن تمتع اولئك النحاتين الذين انجزوا تلك الاعمال بحس جغرافي عالٍ. حيث
صاحب الفنان (النحات) الآشوري الحملات العسكرية وكان يقوم برسم مسودات ومخططـات
لتفاصيل المعارك، وعند عودته الى بلاد آشور يبدأ بنحت تلك المشاهد علـى المنحوتـات او
الالواح الجدارية في القصور الملكية، وقد وجدت مجاميع منها في مواقع آشـورية مختلفـة،
نذكر منها الصفائح البرونزية التي كانت تغلف الابواب الخشبية في منتجع يعود الـى الملـك
شلمنصر الثالث في موقع (بلاوات) قرب قضاء الحمدانية، يظهر فيها احد النحاتين وهو ينحت
(*) على كتف جبل عند منابع نهر دجلة جنوب شرقي تركيا
. ويبـدو ان تواجـدهم ومـرافقتهم
للحملة فيما يبدو هو لأخذ الانطباع حقيقي لاجواء المناطق وساحة المعركة التي وقفوا عليهـا
ميدانيا، والمناطق والطرق التي مرت بها الحملة، فاستطاع اولئك الفنانون فيما بعـد توظيـف
عناصر الطبيعة ومفرداتها وموارد البيئة وبشكل يدعو للدهشة، كالجبال والانهـار والوديـان
والعيون والشلالات والاهوار والمستنقعات والنجوم والغابـات وانـواع الاشـجار والطيـور
والاسماك وغيرها وابرازها في العمل الفني لاعطائها بعداً تصويرياً لاجواء الحـدث ومكانـه
مراعين في الوقت نفسه بعض قواعد النحت كالتوازن والحركة والتجسيد بينما غاب المنظـور
والنسب والمقاييس في تمثيل بعض هذه العناصر. ولعلهم كـانوا يضـعون تصـاميماً اوليـة
وملاحظات لتلك المشاهد، ويبدو ان هذا الامر كان يتم بالتعاون والتنسيق مع الكتبة الملكيـين
الذين هم بدورهم كانوا يضعون نسخا اولية، اذ كانوا لابـد ان يكتبـوا او ينقشـوا (يضـعوا
تخطيطاً) للنص او المشهد على لوح من الطين اولا ثم يقومون فيما بعد بتنفيذه ونقلـه علـى
المسلة او التمثال او المنحوتة في العواصم بعد عودتهم من الحملة، تماما كما يفعل النحـاتون
اليوم عندما يريدون نحت تمثال او نصب ذي تفاصيل كثيرة وحجم كبير إذ يقوم الفنان بعمـل
أنموذج المصغر على الطين ومن ثم يتم تكبير العمل بالحجم المطلوب. وقد عثر فعـلاً علـى
الواح من الطين من عهد الملك اشور بانِ أبـلِ (آشـوربانيبال) (٦٢٦ – ٦٦٩ ق.م) عليهـا
مخططات لمنحوتات بارزة واخرى عليها كتابات اريد نقلها الى المنحوتة. وكان هذا النوع من
النمـــاذج والنســـخ الطينيـــة يطلـــق عليهـــا بالاكديـــة
.
Assistant Professor
Dr. Amir Abdullah Al-Jumaily
College of Archaeology
University of Mosul
Geographical Sense in the Artistic Works of the Ancient Iraqi Artist
Abstract
It seems that the geographical information and concepts which we
rely on through reading the annals issued by the ancient Iraqi kings, a part
of their campaigns were engraved in their facts in the countries and vast
parts of the ancient near east, were consolidated with what support their
narration and clarify the narrative aspects of those campaigns. That what
became clear through many of artworks found in various Mesopotamian
archaeological sites, which included natural scenes and different
geographical environments allude and refer to the event theatre which
witnessed an invasion on a battle in a certain area.
These works refer actually to the conformity of information
mentioned in those campaigns with the narration of the cuneiform text of
that king's campaign, which told a mention of many geographical sites
passed or happened in those sites; whereas the words of those artists
became materialistic residues and indicators undoubtedly or to distorted
to affirm the correctness of those information, exactness, and the truth of
their representation, distinguishing various terrains and environments and
scenes which show a succession of events those campaigns. Moreover;
those engravers who achieved those words enjoyed having high
geographical sense. This the Assyrian the artist (engraver) accompanied
the military campaigns, he was painting clay drafts and sketch the details
of the battles, on his returning to Assyria, he started engraving those
scenes on the sculptures or the wall panels in the royal palaces. Also,
groups of them were found in Assyrian sites.
It seems that their existing and accompanying the campaigns to take a
true impression of the atmospheres of the places and battle front in the
field, then the places and ways which the campaign passed. Elements of
nature and its items, then the environmental resources surprisingly such
as: mountains, rivers, valleys, springs, waterfalls, marshes, stars, forests,
different kinds of trees, birds, fishes, etc., then to make them prominent in
the art work to give them portraying dimension of taking into
consideration meanwhile some of the engraving rules like balance of
nature, and embodiment, but the perspective, rates, measurements were
absent in portraying some of these elements.
ولعل اقدم ما وصلنا من تلك الاعمال هو مسلة النصرلنرام – سـين (٢٢٥٥ – ٢٢٩١ ق.م)
حفيد شروكينالاكدي المعروضة في متحف اللوفر، لقد صور نرام – سين في مسلته هذه وهـو
يرتقي قمة الجبل في معركة تخلد انتصاراته على اقوام اللولوبين على الحدود الشمالية الشرقية
لبلاد الرافدين وفي اعلى المسلة نرى نجوما مشعة فوق جبل عليه كتابة مسمارية يظهر فيهـا
٤
نرام – سين بوضعية تقدم بحجم اكبر من غيره يحمل اسلحته ويرتدي خوذة ذات قرنين دلـيلاً
لحمله صفة الالوهية وهو يطأ برجله اعداء ساقطين يتدلى من رؤوسهم ظفيـرة واحـدة مـن
الشعر، والمشهد يضم اشجاراً وجنوداً يتسلقون منحدر الجبل الـذي وضـح بخطـوط مائلـة
ومتعرجة.
ان المنظر الطبيعي ذاته الذي صور لاول مرة بمدلول حقيقي، قد اصبح جزءاً من هذا
التركيب الدائم الحركة. فالخطوط الاربعة احدها فوق الاخـر تمثـل ارتفـاع الارض اشـبه
بالامواج بشكل مائل من القعر في يسار الصورة الى اعلى اليمين في القمة. اما علـى جهـة
(١) اليمين فهناك اشجار. وقد توج المنظر كله بذروة جبل مخروطية الشكل
ومن العصر نفسه وصلتنا مجموعة من الاختام الاسطوانية يظهر فيها الاله شمش (اله
الشمس) في اكثر من مشهد وهو يخرج من بين جبلين ماداً ساقه اليمنى الى الامـام بعـد ان
رفعها من قمة الجبل وقد خرجت من بين كتفيه الاشعة الى الاعلى، ويظهر في مشاهد اختـام
اخرى وهو واقفً يعتلي حافات وقمماً صخرية (الشكل – ٢ -) وفي مشهد اخر يلاحـظ الـه
الماء – ايا - مانح الحياة ومياه الجداول تتدفق وتنساب من كتفيه، هو يجلس في مكـان شـبيه
(١) بالغرفة فوق خطوط متموجة ترمز الى الماء يظهر فيها الاله ادد (اله الرعد) الذي كان حسب اعتقاد العراقيين القدماء يسير الغيوم ويمثـل
الرعد والبرق والرياح والزوابع وهو سيد كل الظواهر الطبيعية وبما انه كان يمثـل مظـاهر
(٢) الانواء الجوية لذا نجده ماسكا بيده حزمة البرق التي تمثل رمزه الرئيس
.
(١) الشاكر، فاتن موفق : رموز اهم الآلهة في العراق القديم ، رسالة ماجسـتير غيـر منشـورة، جامعـة
.٧١ – ٧٠ ،٢٦ص ،٢٠٠٢ ،الموصل
(٢) بوتيرو، جان : الديانة عند البابليين ، ترجمة : وليد الجادر ، بغداد ، ١٩٧١، ص٣٠٦.
اللوح – ٢ – طبعة ختم اسطواني يمثل مشهد الاله شمش (اله الشمس) وهو يخرج من
بين جبلين
عن: الشاكر، المصدر السابق، ص٧٠
اللوح – ٣ – طبعة ختم اسطواني يمثل مشهد الاله انكي (اله الارض والماء)
عن: الشاكر، المصدر السابق، ص٣٦
واذا ما انتقلنا الى العصر الاشوري الحديث (٦١٢ – ٩١١ ق.م)، فاننا نلمس استمرار
تمثيل رموز آلهة المظاهر الجغرافية، كما في تلك الالواح الصغيرة المصنوعة من العاج التي
(١) تمثل الاله الجبل، وقد شكل القسم الاسفل من جسمه بهيأة جبل
(١) بوتيرو، المصدر السابق، ص٣٠٦.
- أ - - ب - - ج -
رموز الظواهر البراقة في السماء
أ. الالهة عشتار (نجمة الصباح) – النجمة الثمانية.
ب. الاله شمش (اله الشمس).
ج. الاله سين (اله القمر).
اللوح – ٤ – مشهد يمثل الاله ادد (اله الرعد والمظاهر والانواء الجوية) ويظهر فيه
وهو واقف على حيوانه الخاص الثور، حاملاً بيده شوكة او حزمة البرق
عن: بوتيرو، المصدر السابق، ص٣٠٦
٧
كما ان منحوتات هذا العصر قد زخرت بمشاهد جسـدت عناصـر البيئـة الطبيعيـة
وأبرزتها بشكل لافت للنظر، فمن فترة سلالة شروكين الاشوري تحديداً وصلتنا العديد من هذه
الاعمال، فقد زودتنا قصور الملك الاشوري شروكين الاشوري ٧٠٥ – ٧٢٢ ق.م – ومعابده
بالواح شملت مواضيع قصصية مختلفة جسدت وصورت اعمـال الملـك وفعاليـات الوقـائع
(١) التأريخية المختلفة، كما في تلك المجموعة من المنحوتات التي خلدت حملته الثامنـة التـي
وقعت عام ٧١٤ ق.م على منطقة اورارتو المنيعة التي تمثلها اليوم ارمينيا. ونرى فـي احـد
مشاهد هذه المنحوتات الملك شروكين – سرجون – الاشوري – وهو يقود عربته الملكية فـي
منطقة تحفها اشجار الصنوبر (اللوح – ٦ -)، ثم ينتقل المشهد الى مشهد ثانٍ وهو ما يتطـابق
مع الرواية المسمارية للحملة إذ يذكر النص ان سرجون بعد مسير ايام طويلـة بعـد عبـوره
الزابين وسيره مسافة اخرى دخل منطقة الجبال، وبعد عملية الصعود استمتع الجـيش براحـة
استحقها وعسكر على قمة جبل ونشاهد في احدى المنحوتات حصناً يبدو انـه احـد المعاقـل
العائدة لملك اورارتو والتي سقطت على يد شروكين وهو كائن علـى سلسـلة مـن الجبـال
المشرفة في الوقت نفسه على نهر، وكان النحات اذا ما واجهته مشكلة اظهار الجنـود اثنـاء
العمل في معسكر او قلعة، فانه لا يتردد عن جرنا الى داخل الخيام ليرينا ما فـي داخلهـا، او
انه قد يرسم مخططا اساسا لجدران القلعة الخارجية التي يبرز البرج في خارجها. وهذه الحالة
تنطبق على ابراز الاسماك والكائنات البحرية في الانهـار والبحـار او عوائـل المتمـردين
المختبئين داخل احراش القصب وكذلك الخنازير والظباء كما سيمر بنا لاحقاً. اما في الفـراغ
(١) أخذت مشاهد منحوتات الملك سرجون عن المصدر الاتي:
Botta and Flandin, Monument de Ninive II,88; SAA, Vol.IV, 1846 – 50.
اللوح – ٥ – الواح من العاج من العصر الاشوري الحديث تمثل (الاله الجبل) تتدفق
منه الينابيع او الانهار وقد غطى النحات سطح الجبل بزخارف مكررة بهيأة قشور
السمك وهو مصطلح ورمزاستخدمه النحات العراقي القديم للدلالة على الارض الوعرة
والجبل
٨
الطليق المتروك داخل القلعة فانه يظهره باقسامه التي تضم جنود من صنف التموين والميـرة،
وهم منهمكون بالطبخ (اللوح – ٧ -)، كما نشاهد في مشهد اخـر منظـر جبلـين يعلوهمـا
حصنين، والجبلان محفوفان باشجار دائمة الخضرة وينساب من احد الجبـال شـلال او نهـر
ونرى ايضا في مشهد اخر صورة تل او جبل صغير مغطى باشجار الصنوبر
كما نشاهد بعض الاشجار المثمرة لعلها شجرة الفستق او اللوز وبالقرب من هذا الجبـل نهـر
تُشاهد فيه الاسماك وبعض الزوارق وهناك مشهد اخر ربما يتفق مع روايـة
النص المسماري الذي يذكر انه عند اقتراب الجيش الاشوري من الجبال المشرفة على مدينـة
مصاصير وجب عليهم عبور الجبال، مرة ثانية خلال الطريـق غيـر القابلـة بطبيعتهـا لان
تجتازها العربات الحربية. ولهذا اصبح من الضروري ربط عربة الملك بحبـال، فـي حـين
اضطر الفرسان الى ان يشقوا طريقهم خلال الخوانق بشكل منفرد، وبالفعل نرى في المشـهد
مكاناً ضيقاً مضيقاً بين الجبال والنهر وهو ما يسـمى بــ الخـانقخنقُ hanqu إذ يشـاهد
المقاتلون الاشوريون وهم يعبرون الخانق الجبلي ويقاتلون المدافعين عـن مدينـة مصاصـير
ومن عصر الملك سين – اخي – ايربـا (سـنحاريب) (٦٨١ – ٧٠٤ ق.م) وردتنـا
(١) العديد من المنحوتات الجدارية التي كانت تغلف جدران قصور الملك سين اخي ايريبا وهي
تضم مشاهد تخلد حملات الملك على الجهتين الجنوبية والغربية، وكانت مشاهد حملتـه علـى
الجبهة الجنوبية اثر تمرد الزعيم الكلدي مردك – ابل – ادينـا (مـردوخ بـلادن) وتزعمـه
الكلديين وبعض القبائل الارامية وحصوله على ضمانات التأييد العيلامي في وجه الآشوريين،
فكان رد فعل سنحاريب شديداً وقام بحملته الشهيرة عام ٧٠٣ ق.م وقضى على التمرد البابلي
وارسل الجيش الاشوري في عمق منطقة الاهوار والمستنقعات للبحـث عـن رؤوس التمـرد
وحلفائه من دون جدوى. وقد جسد النحات الاشوري طبيعة جغرافية بلاد بابل فأبرز عناصـر
البيئة ومواردها كاشجار النخيل ونهر الفرات وعدداً من الجدوال والقنوات (اللـوح – ١١ -)،
وبعد ان اظهر لنا مشهد تطهير مدينة بابل المسورة نقلنا الى مشهد فيه اجـواء بيئيـة قريبـة
تضاريسياً وجغرافيا من بلاد بابل وهي منطقة السهل الرسوبي والاهوار والمستنقعات والتـي
ترد في النصوص المسمارية بصيغة بلاد البحر مات تيامتmāttiāmti، إذ صـور النحـات
(١) اخذت مشاهد منحوتات عصر سن اخي ايريب (سنحاريب) من المصدرين الاتيين:
1. Thomason, Allison. Karmel, “Representations of the North Syrian Landscape in
Neo – Assyrian Art, (B.A.S.O.R), n 321, 2001.
2. Barnett, R.D., Bleibreu, E., “Sculptures from the SouthwestPalace of Sennacherib
at Nineveh, BritishMuseum.
اللوح – ١٠ – منحوتة تمثل مشهد معركة لِجيش شروكين (سرجون) الآشوري بالقرب
من مضيق جبل (خانق) على مشارف منطقة موصاصير (الموانع الطبيعية المائية)
(Botta, Op Cit., :عن نقلا)
١١
مشهد سحق المتمردين في الاهوار، وهنا استخدم النحات اسلوب الحقول الافقية واضعا إياهـا
جنبا الى جنب مع طريقة المشهد المفتوح الذي يشمل اللوح باكمله. فهنا نـرى ميـاه الهـور
الممثلة بالخطوط المتموجة، تكتنفها اجمات القصب كما ابرز بعـض الحيوانـات كالخنـازير
والضباء فضلا عن الاسماك التي تسبح في الاهوار ويشاهد كذلك الجنود الاشـوريون وهـم
يطاردون المتمردين الذين صوروا وهم يهربون بأكلاك مصنوعة من حزم القصـب. كمـا ان
النحات الاشوري لم ينس تصوير عوائل المتمردين وقد اختبأوا داخل الاحراش قابعين وسـط
(١) حزم مشدودة من القصب
. والنحات بتوظيفه لكل هذه العناصر التي تحدد الاطار الجغرافـي
والبيئي للموضوع المصور قد جعل من العمل الفني يهتم بالموضوعات البيئية المحيطة التـي
(٢) كانت قد اهملت في منحوتات القرن التاسع ق.م، فيمـا ابانت مشاهد الملك في عام (٧٠١ ق.م) على الجبهة الغربية اثر تمرد حزقيـا ملـك يهـوذا، وعصيان المدن الساحلية الواقعة على البحر المتوسط معه وبدعم من مصر، صـورت هـذه اللوحات الجدارية اسلوبا يخلد هذه الحملة وبشكل تطغى عليه المسـحة الواقعيـة والاحسـاس بالطبيعة ومناظرها المختلفة. لقد فتح نحات سنحاريب وجه اللوح باكمله لموضوع هذه الحملة مصورا جميع الحوادث التي حصلت عند حصار لاخيش اليهودية في فلسـطين (تـل الـدوير
جنوب القدس)وسقوطها، ونراه قد غطّى اللوح بأكمله بمشهد واحد ويكتفي بمفردات تفصـيلية
(٣) قصصية تشمل الاشخاص والنبات وسائر المصورات
، كما أطر هذا الموضوع من الاعلـى بحقل واحد من الاشجار والتلال. كما نرى ان روحية المعالجة لهذه الالواح قد تكررت في كل الالواح التي مثلت الوقائع التأريخية في تضاريس وعرة، فقد عبر الفنان عن الارض الـوعرة التي تقع عليها هذه المدينة بزخرفة مكررة تغطي سطح اللوح وهي بهيأة حراشف السمك وهو رمز النحات العراقي القديم للارض الوعرة والجبل وقد ادخل موضوع الاشجار كمادة ملازمة
لتلك الارض كاشجار الصنوبر والكروم والزيتون، وهي من الاشجار الاوسع انتشاراً في بلاد
(٤) الشام وحوض البحر المتوسط
(١) مظلوم، طارق؛ النحت في العصر الاشوري الحديث، حضارة العراق، ج٤، بغداد، ١٩٨٥، ص٨٦.
(٢) عكاشة، ثروت: تأريخ الفن، الفن العراقي، سومر وبابل وآشور، المؤسسة العربية للدراسـات والنشـر
بغداد، ١٩٦٧، ص٥٨٢.
(٣) مظلوم، المصدر السابق،ص٨٥.
(٤) المصدر نفسه، ص٨٥.
١٢
الفنان العراقي القديم رمزاً لشمال بلاد الرافدين وغربها في منحوتاته بينمـا رمـز بالاشـجار
(١) النخيل واجمات واحراش القصب والبردي الى الجنوب الجغرافي
. كما نشاهد في لوح اخـر
المناطق الساحلية المطلة على البحر المتوسط وبعض الجزر والاسماك والحيوانـات البحريـة
ووسائط النقل الخاصة بالقوات البحرية، وبعد ذلك قام الفنان بتوزيع انواع متباينة من الاشجار
في مساحات متعددة من المشهد وكانه بعمله هذا يقوم بمهمة رسـام الخـرائط الـذي يصـمم
خريطة للتوزيع النباتي لمنطقة معينة في وقتنا الحاضر. (اللوح – ١٦ -).
(١) كونتينو، جورج: الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور، ترجمة سليم طه التكريتي، دار الشـؤون الثقافيـة
العامة، الطبعة الثانية، بغداد، ١٩٨٦، ص٣٩٢.
كما وصلتنا منحوتة اخرى من عصر سن اخي ايريب ايضا تخلد حملته على الجبهة الجنوبيـة
ايضا ولكن هذه المرة على بلاد عيلام عام (٦٩٤ ق.م) حيث قاد حملة بحرية عبـر الخلـيج
العيلامي والمشهد في هذه المنحوتة يزخر بصور ورموز ومفردات عالم البحار من الشـواطئ
والامواج التي رمز لها النحات العراقي القديم بالشكل الحلزوني، فضلا عن الاسماك والكائنات
(١) البحرية الاخرى
.
(١) مورتكات، المصدر السابق، ص٣٩٢.
اللوح – ١٧ – منحوتتان من عصر سين اخي ايريبا (سنحاريب) تُخلدان معركة على سواحل الخليج العربي
وتحديداً على الشاطئ العيلامي، أظهر النحات فيها الحياة البحرية كاملة من خلال العناصر (مياه الخليج،
امواج، كائنات بحرية ووسائط نقل بحرية) – جغرافية النقل: (نقلا عن: ,.Botta, Op Cit)
اللوح – ١٨ – يمثل منحوتة من عصر الملك اشور بان ابلِ (اشور بانيبال) تُظهر حديقة للملك سين اخي
ايريبا (سنحاريب) فضلا عن قنوات السقي وانواع عديدة من الاشجار وقد عالج النحات المنظور من خلال
صفوف الاشجار والقنوات
ولم يفت النحات الآشوري وهو يوظف عناصر البيئة والتضـاريس الطبيعيـة علـى
منحوتاته ان يدخل عنصراً آخر من عناصر الجغرافية ونعني به هنا جغرافية السـكان ففـي
اللوح رقم (١٩) أعلاه نراه قد بين لنا سحنة مقاتل من الأقوام النوبيـة وهـم سـكان جنـوب
مصر، أو ربما يكون من سكان غور الاردن (الاغوار) الذين لازالوا الى يومنا هذا ذوي لون
أسمر وشعر مجعد لارتفاع درجة الحرارة كونها اخفض بقعة في العالم . والمشهد يمثل إحدى
المعارك التي خاضتها الجيوش الآشورية بقيادة الملك شَرو- كين (سرجون الآشـوري) فـي
فلسطين ويبدو ان المعركة كانت تضم في صفوف الطرف الآخر حلفـا متكـون مـن عـدة
(١) أجناس
. وهذا ما نراه ايضا في منحوتة اخرى على العاج من مدينة كلـخُ (نمـرود) وهـي
المنحوتة المعروفة بـ (اللبوة التي تفترس الرجل النوبي) إن كان العمل الفني آشوري بحـت
(٢) أو انه متأثراً بالمدرستين الفنيتين الفينيقية والمصرية (ينظر شكل ٢٠)
.
(1) Botta and Flandin, Monument de Ninive II,88; Starr, I, Queries to the Sungod,
Vol. IV., (Helsinki, 1990), (SAA), P.96
(٢) محمد علي، ياسمين عبد الكريم، المصدر السابق،ص ١٤٥.
كما خلّد لنا النحات الاشوري ايضاً عنصراً اخر من عناصـر الجغرافيـة الا وهـي
جغرافية حركة وتحولات السكان وترحيلهم من مكانهم الاصلي الى امـاكن اخـرى ، وهـي
سياسة اتبعها الملوك الاشوريين على الاقوام والشعوب المندحرة والخارجة على طاعة المملكة
الاشورية وكنتيجة ايضاً من نتائج الحرب ، فاظهر لنا النحات العديد من هـذه المشـاهد مـن
بيئات واجناس وازياء وسحنات مختلفة ولكنه اعطى لها قرينةً واضحة مـن خـلال الغطـاء
النباتي للمنطقة التي جيء بهم منها وهم مصفدين في الاغلال ان كانوا رجالاً او يسـيرون او
راكبات على العربات ان كانوا نساءاً او اطفالاً وهم في طريق الاسر . كـأن يضـع اشـجار
العنب والزيتون والصنوبر كلازمة وعلامة وخلفية للمشهد ليعط انطباعاً للمتلقي والمشـاهد ان
هذه الشعوب انما جيء بهم من بلاد الشام او بلاد الاناضول حيث تشتهر تلك المناطق بزراعة
١٩
تلك الاشجار ، او ان يضع اشجار النخيل والقصب ونهر الفرات ليوحي للمشـاهد ان هـؤلاء
الاقوام جيء بهم من بلاد بابل او جنوبها او غرب الفرات (ينظر اللوح رقم ٢١).
ان التمثيل الطبيعي لمشاهد لبلاد الشام على سبيل المثال والذي مثّل هدفا اقليميا اوليـا
للمملكة الاشورية الحديثة تم تصويرها في قلب المملكة على شكل مصـورات أعـدت علـى
المنحوتات البارزة على الحجر حيث زينت جدران القصور الملكية في كلخُ (نمـرود) ودور
شروكين (خرسباد) ونينوى (تل قوينجق). ويشير التحليل لهذه الصور الى ان تلـك المشـاهد
الطبيعة قد صورتها الاداة والوسيلة الملكية الاشورية في عصرها الحديث بمثابة عالم مـورق
(١) ووافر مليء بالحياة الحيوانية الغريبة وتنوع الطبيعة
.
كما ان هذه المنحوتات تبين لنا كيف ان الاشوريين صوروا مجموعات عديـدة مـن
الشعوب والمدن والمناظر الطبيعية التي واجهوها إبان حملاتهم العسكرية الخارجيـة او فـي
(٢) احتفالاتهم الداخلية
.
فضلا عن ان هذه المنحوتات التي تتضمن تفاصيل لمناظر طبيعية في مناطق خـارج
بلاد الرافدين قد استحوذت على قدر بالغ من الاهمية، حتى ان اغلب الباحثين استلهموا وافادوا
من هذه المناظر الطبيعية على المنحوتات الجدارية في تفسير حدث او واقعة معينة في حالـة
(٣) غياب النصوص الكتابية
.
اما في حالات أخرى، فان عناصر المشاهد الطبيعية قد استخدمت في تفسـير بعـض
(٤) المظاهر البشرية على المنحوتات البارزة
.
ان التفاصيل المعقدة التي تظهر على المنحوتات البارزة التي تخلد فتوحـات الملـوك
الاشوريين في بعض مناطق الشرق الادنى القديم في العصر الاشوري الحديث، تقـدم مـادة
وثائقية كبيرة نستطيع ان نفهم من خلالها الفن الاشوري الحديث. وهكذا فان التحليل الخـاص
لمراجع النصوص والمناظر المتعلقة بالمشهد الطبيعي للحياة النباتيـة والحيوانيـة فـي هـذه
المنطقة تشير الى ان الادوات والوسائل الملكية الاشورية قد مثلت هذا المشهد في تلك الـبلاد
بزخم من عناصر الطبيعة المتنوعة. فكان هذا المشهد مشوقا جدا، الامر الذي جعـل الملـوك
يعكسون هذه الوفرة النباتية والحيوانية على هيأة حدائق ملكيـة وحـدائق حيوانـات وكـذلك
متنزهات كما تشير الى ذلك نصوص الحوليات الملكية والمشاهد، كما ان تلك المتنزهات كانت
قد شُيدت لتكون اماكن لاغراض الراحة والمتعة ومخصصة للملوك الاشوريين. وعلـى ايـة
حال، فان تصوير وانعكاس بيئة بلاد الشام مثلا، لم يكن يهدف بالضرورة الى اثارة اشـورية
(٥) اتجاه المحاكاة الصورية للطبيعة
.
ومن الباحثين من ذهب الى الاعتقاد بان الانشاء والتكوين في الفن الاشوري لـبعض
مناطق الشرق الادنى القديم كان مجرد مسألة تصوير خيالي يستمد من الدراسات المتخصصة
(1) Thomason, A.K., ”Representations of the North Syrian landscape in Neo –
Assyrian Art”, Southern Illinois University Edwardsville, 2001, P. 63.
(2) Marcus, M.I, “Geography as an Organizing Principle in the Imperial Art of the
Shalamanser III, IRAQ 49, 1987, P. 77.
(3) Reade, J. E., “Studies in Assyrian Geography”, Part 1 and Suite: Sennacherib and
the Waters of Nineveh, 1978, P. 48.
(4) Albenda, P., “Monumental Art of the Assyrian Empire: Dynamics of Composition
Styles.Monographs on the Ancient Near East 3: 1”. Malibu: Undena, 1998, P. 63.
(5) Thomason, Op. Cit, P. 65.
٢١
في الجغرافية السياسية. إذ يوجد خزين ورؤية عامة وواسعة فيما يتعلق بالمشهد الطبيعـي، او
انه يوظف ويقتبس الطبيعية العفوية كخلفية (Background) فقط لذلك المشهد الذي ينفـذ. الا
ان هذا الرأي لم يلق التأييد في اوساط مؤرخي الفن لأنه لا اساس له من الواقع ولا يعتد بـه.
وقد اثير هذا النقاش اثارة كبيرة ولاقى نقدا كبيراً.
ويقارن كل من الباحث (كوسكروفودانيالز) المشهد الطبيعـي والمعرفـة الجغرافيـة،
وذكرا بان كلاهما يطور ذلك المشهد ويحيله الى صورة ثقافية او رمز. وكمـا يـذهبان الـى
القول بأن احداث فراغ في كلمة او صورة ليس حقيقة تجريبية بل كتلة تصويرات. وهكذا فان
لغة الجغرافية والمنظر الطبيعي وكذلك الاستعارات التي استخدمت كلهـا لتصـف الامـاكن
وتصورها هي هياكل عفوية تُحدد وتستند الى البيئة الثقافية التي نشأت عنها على الرغم مـن
مظهرها الذي ينشأ بقوة في الحقيقة البنيوية. ان المشهد الطبيعي فيما لـو كـان محـددا فـي
خريطة او في صيغة ما، او رسم معين، فانه يمثل ملَكة للخيال، وتكوين لفكر الانسـان اكثـر
مما لو كان تصويرا دقيقا لحقيقة طبيعية ما
.
ويمكن لهذه المشاهد الطبيعية المتخيلة ان تُرى وكأنها مناظر طبيعية قسرية تُشير الى
فلسفة الدولة الاشورية، كما انها اُعدت لاهداف بث روح القوة والسيطرة الامر الذي يسـتدعي
التأمل والتدقيق لانها جديرة بذلك فعلاً. وعلى اية حال، فان اول ما ينبغي علينا تمحيصه هـو
المعاني الجغرافية والطوبوغرافية والتأريخية التي يتحقق من خلالها التمثيل الاشوري لمشـاهد
بلاد الشام الطبيعية
.
وبينما يتصف الامر بالسهولة في وصف مناطق مثل بلاد الشام وتمييزها عن المناطق
الاخرى في الشرق الادنى القديم، فان الصعوبة تكمن في فهم حقيقـة، مفادهـا ان الوصـف
التجريبي في شمالي سوريا المنفذة على هذه الاعمال يكون قليلا عـن الاقتـراب مـن الفهـم
الاشوري لهذه المشاهد. وهكذا فان ملَكة التّخيل الاشوري وتمثيل تلك البلاد يمكن تتبعـه مـن
الصور التي تمثل تلك المشاهد وتصفها. وتكمن المشكلة المركزية التـي يواجههـا البـاحثون
والخاصة بتحليل المشاهد الطبيعية في القصص السردية للمعركة في العصر الاشوري الحديث
والمشاهد المتعلقة بدفع الاتاوة في تحديد مكان وقـوع الحـدث او نشـوب المعركـة. الا ان
الباحثين استثمروا وصف الشخوص وتجهيزاتهم، وهم من غير الاشـوريين أي مـن سـكان
البلدان الاخرى الذين يظهرون في المشاهد لتحديد موقع الاحداث في تلك المنحوتـات، الـى
(1) Cosgrove, D. and Daniles, S., “The Iconography of Landscape: Essays on the
Symbolic Representation Design and Use of Past Environments”, Cambridge
Studies in Historical Geography 9. Cambridge: CambridgeUniversity, 1988, P.1.
(2) Thomason, Op. Cit, P. 66.
جانب ذلك فقد افرزوا عناصر المشاهد الطبيعية مثل الصنوبر والزيتون والعنب فـي البلـدان
التي تقع الى شمال وغرب بلاد الرافدين او اشجار النخيل وأجمات القصب فـي بـلاد بابـل
(١) والاهوار في جنوب بلاد الرافدين. تم استخدامها كرمز لتحديد موقع حدث خاص
.
وقد علق عدد من الباحثين بان تصوير المشاهد الطبيعية كان قليلا في مطلع فتـرات
المملكة الاشورية ثم اصبح اكثر تفصيلا وازداد تعقيدا باتجاه خط النهاية وخاصة فيما يتعلـق
في حكم الملك سين – اخي – ايريبا (سنحاريب) (٦٨١ – ٧٠٤ ق.م). وفي فترة حكـم هـذا
الملك، بدء تغير موضع الخط الارضي (الافق) واختلاف الحجم بين الخلفية والصـور، فقـد
أظهر النحاتون تركيزا اكثر عمقـا علـى المشـهد الطبيعـي، بمحاولـة اظهـار المنظـور
(Isometric)، لذا فقد ابدعوا في السرديات مع ملاحظة تخصيص حيز كبير مـن التفاصـيل
(٢) في تصوير المشاهد الطبيعية
. يتضح مما تقدم ان الفنان العراقي القديم قد اسـتلهم مظـاهر
وعناصر البيئة الطبيعية الجغرافية ووظّفها في بعض اعماله، ناهيك عـن تضـمينه رمـوزاً
عرفت بها بعض الالهة العراقية القديمة لاقترانها وتحكمها – حسـب اعتقـادهم – بمظـاهر
الانواء الجوية والظواهر الطبيعية. كما كان لابد لتلـك الاعمـال الفنيـة وخاصـة مشـاهد
المنحوتات البازرة والرسوم الجدارية – والتي يمكن عدها نوعا من الملصـقات الجداريـة او
السياسية -، ان تُحدث وقعا وانعكاسا لمن يتاملها ويشاهدها وهي متضمنة مفردات وعناصـر
ذات بعد تضاريسي وجغرافي، الامر الذي سيؤدي بالتاكيد الى تكوين انطبـاع حقيقـي عـن
مظاهر الطبيعة، فضلا عن غرس بعض الافكار والمفاهيم والثقافة الجغرافية في نفوس وذهنية
المتلقّي ممن يزورون ويرتادون تلك القصور الفارهة. حتى ليمكن أن نعـد تلـك المنحوتـات
بمثابة (وسيلة ايضاح) تعليمية جغرافية.
(1) Marcus, M.I., “Geography as Visual Ideology: Landscape, Knowledge and Power
in Neo – Assyrian Art”, 1995, PP. 193 – 202, in Neo – Assyrian Geography, ed.
Liverani. M., Quaderni di GeografiaStorica 5.Rome: Universitá di Roma.
(2) Russell, J. M., “Sennacherib’s Palace without Rival at Nineveh”, Chicago:
University Chicago, 1991, P. 209.
٢٣
قائمة المصادر:
١- بوتيرو، جان : الديانة عند البابليين ، ترجمة : وليد الجادر ، بغداد ، ١٩٧١.
٢- سليمان، عامر: اللغة الاكدية، دار الكتب للطباعة والنشر ، الموصل ، ١٩٩١.
٣- الشاكر، فاتن موفق : رموز اهم الآلهة في العراق القديم ، رسـالة ماجسـتير غيـر
منشورة، جامعة الموصل، ٢٠٠٢.
٤- عكاشة، ثروت: تأريخ الفن، الفن العراقي، سومر وبابل وآشور، المؤسسـة العربيـة
للدراسات والنشر بغداد، ١٩٦٧.
٥- كونتينو، جورج: الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور، ترجمة سليم طه التكريتـي، دار
الشؤون الثقافية العامة، الطبعة الثانية، بغداد، ١٩٨٦.
٦- محمد علي، ياسمين عبد الكريم: الأثاث فـي العصـر الاشـوري الحـديث (٩١١-
٦١٢ق.م)، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد،٢٠٠٤.
٧- مظلوم، طارق: الفنان الآشوري يرافق الحملات العسكرية، بحوث آثار حـوض سـد
صدام وبحوث اخرى، بغداد، ١٩٨٧.
٨- مظلوم، طارق؛ النحت في العصر الاشوري الحديث، حضارة العـراق، ج٤، بغـداد،
.١٩٨٥
٩- مورتكات، انطون: الفن في العراق القديم، ترجمة عيسى سلمان وسليم طه التكريتـي،
مطبعة الاديب البغدادية، بغداد، ١٩٧٢.
10- Albenda, P., “Monumental Art of the Assyrian Empire: Dynamics
of Composition Styles.Monographs on the Ancient Near East" 3:
1. Malibu: Undena, 1998.
11- Barnett, R.D., Bleibreu, E., “Sculptures from the Southwest
Palace of Sennacherib at Nineveh, British Museum.
12- Botta and Flandin, Monument de Ninive II,88.
13- Starr, I, Queries to the Sungod, Vol. IV., (Helsinki, 1990), (SAA).
14- Cosgrove, D. and Daniles, S., “The Iconography of Landscape:
Essays on the Symbolic Representation Design and Use of Past
Environments”, Cambridge Studies in Historical Geography 9.
Cambridge: Cambridge University, 1988.
15- Marcus, M.I, “Geography as an Organizing Principle in the
Imperial Art of the Shalamanser III, IRAQ 49, 1987.
16- Marcus, M.I., “Geography as Visual Ideology: Landscape,
Knowledge and Power in Neo – Assyrian Art”, 1995, in Neo –
Assyrian Geography, ed. Liverani. M., Quaderni di
GeografiaStorica 5. Rome: Universitá di Roma.
17- Reade, J.E., “Studies in Assyrian Geography, Part I-II”, RA
72(1978).
18- Russell, J. M., “Sennacherib’s Palace without Rival at Nineveh”,
Chicago: University Chicago, 1991.
٢٤
19- Thomason, A.K., ”Representations of the North Syrian landscape
in Neo – Assyrian Art”, Southern Illinois University
Edwardsville,2001.
أ.م .د عامر عبد الله الجميلي
كلية الآثار/ جامعة الموصل

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالأحد يوليو 26, 2015 8:00 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

صناعة الحلي عند العراقيين القدماء

عرف العراقيون منذ أيام تاريخ ما قبل فجر السلالات (3000 -4000) قبل الميلاد، أيام السومريين والبابليين والاكديين والآشوريين صناعة الحلي من الأحجار الكريمة، منها العقيق الأحمر والبلور الصخري والعقيق الأبيض
والفيروز، علاوة على استعمالهم الفضة والذهب والنحاس والزجاج والفخار، وكانوا يجلبونها من أطراف الدولة. وهناك أنواع أخرى تسمى ألازورد يجلبونه من غربي آسيا. وقد استخدموا أيضا حجر الدم والبشم والصدف. كما عرفوا القهرمان (الكهرمان) والمرجان واللؤلؤ والعاج وخشب الأبنوس.
وقد استخدموا تلك الأحجار في عمل التعاويذ والتمائم والخرز والحلي وغيرها من أدوات الزينة، وكانت معظم تلك الأحجار في تلك الأزمان تعتبر نفيسة كريمة ويستخدم الكثير منها في تطعيم وزخرفة صناديق الموتى وعلب الزينة وقطع الأثاث الأنيقة. وتعتبر صناعة الحلي فناناً من أقدم وارقى الفنون التي عرفها الإنسان العراقي، ولعل قُطع الحلي التي عثر عليها في المخلفات الأثرية بوادي الرافدين دليل على ما بلغت حضارته من سمو وما بلغه ذلك الشعب من فراهة في الذوق وحذق في الصناعة. حيث فطر الإنسان على حب الجمال والتزين رأيناه في جميع مراحل حياته وحضارته يستعين بها ليتجمل ويتزين بالحشائش وأوراق الشجر يستر بها عورته وبالأصباغ يلون بها بعض أجزاء بشرته وبالأحجار الكريمة الملونة يصنعها أقراطا أو أساور وبالمعادن يتختم بها أو يجعلها قلائد يحيط بها عنقه؛ وحتى استخدمها في طقوسه الدينية ويدفع عنه أذى الأرواح الشريرة وتقيه من عوامل الغير والخرافة، مما لا شك فيه ازدهرت وتطورت صناعة الحلي. ومن الغرابة في تلك العصور كان الرجل يلجأ بادئ ذي بدء إلى التزين ليكون قريبا من المرأة ويجتذبها إليه، لان الأنثى تكتفي بعامل الأنوثة التي انطوت على أدوات الإغراء والجاذبية، ولكنها أخيرا استسلمت بحكم العادة وضغط الظروف والميل للمحاكاة إلى أن تقتدي بالرجل باستخدام الحلي.
لقد ذكر التاريخ بان أقدم ما عرف فن الحفر على الأحجار الكريمة هي بلاد آشور في النصف الأول من الألفية الأولى قبل التاريخ واستفادوا من تراث الاموريين وخاصة في فن صناعة الأحجار الكريمة ثم أضافوا إليها ما استجدوه حسب فنونهم الخاصة. وكان من أهم الأشكال الفنية المفضلة التي يحفرونها على الأحجار مناظر العبادة والمعبودات المحلية والحيوان. وأما الحجر الذي شاع استخدامه فكان من أنواع المرو أو النهاء أي (البلور الصخري) وتوضح الحلي الذهبية المستخدمة حاليا لدى الشعب الكردي الأبهة والثراء للحلي الذهبية وغير الذهبية وحتى في ملبسهم البهي الجذاب، لان هذا القوم عاصروا بلاد آشور للفترة (612- 4000) قبل الميلاد (انظر المقالة الموسومة – المتقولون عن الكرد في التاريخ - العدد 359 لسنة 2011 الخاص لمجلة صوت الآخر).
ثم جاء دور العرب الذين على أيامهم تطورت صناعة الحلي تطورا كبيرا من حيث صناعتها وأشكالها ونقوشها وزخرفتها مرورا بأيام جاهليتهم ونشر رايات الإسلام وخصوصا في العصر العباسي والتي لاتزال تبهر الناظرين وتسرهم ويقفون أمامها في المتاحف المحلية والعالمية وقفة إكبار وإعجاب. وقد ذكر الميداني أن ماريا بنت ظالم بن وهب أهدت الكعبة قرطيها وعليهما دورتان كبيض حمام لم ير الناس مثلهما ولم يدروا ما قيمتهما، مما جعلها مضرباً للمثل القائل: (خذه ولو بقرطي مارية) أي يفوتنك بأي ثمن يكون. وهناك الكثير من الحلي نالت إعجاب المتخصصين وغيرهم التي تم كشفها اثريا ؛ فمنها التيجان والعصائب والأمشاط والزنانير والأقراط والمخنقة والأطواق والعقود (القلائد) والسلاسل الذهبية والمناطق الذهبية والخواتم الأساور والخلاخيل وغيرها. ومن التحف النفيسة المعروضة في المتحف العراقي التي تنسب إلى تلك العصور القديمة ومنها:
1. بعض الحلي الذهبية التي أُكتشفت في موقع تبه كورا ويرجع تاريخها إلى حوالي 3000 قبل الميلاد.
2. خوذة احتفالية من الذهب تعود إلى الأمير (مش – كلام – دك) وهي ترينا طريقة ترتيب الشعر عند رجال ذلك العصر في العراق حوالي2800 قبل الميلاد.
3. خنجر نفيس من الذهب قبضته من اللازورد المصعد اكتشف في إحدى قبور المقبرة الملكية ويرجع تأريخه إلى حوالي2800 قبل الميلاد.
4. لباس رأس نسائي مرصع بالذهب وينسب إلى أميرة سومرية تدعى (شبعاد).
مما سبق ندرك مدى أهمية صناعة الأحجار الكريمة والحلي التي ظهرت ونمت في بلاد وادي الرافدين منذ عهد السومريين والآشوريين حتى سقوط دولة العباسيين، لما تحتاجه من دقة ومهارة فنية ممتازة قلما نعثر عليها في مجال الفنون الصناعية العالمية الأخرى ولا يقل تقديرنا لحفار الأحجار الكريمة وصائغ الحلي الدقيقة عن نحات التماثيل أو التحف الكبيرة بأي حال من الأحوال. وهناك كتاب ومؤرخون تركوا لنا مجلدات مهمة في وصف الحلي والأزياء الفلكلورية القديمة لبلاد وادي الرافدين.
عدنان الطائي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالثلاثاء أغسطس 04, 2015 9:33 pm



سلمتي على موضوعك القيم


وطرحك المفيد النافع


ارق التحايا

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
باسند
مستشارة اشتياق -الام الروحية لاشتياق
باسند

انثى
تاريخ التسجيل : 17/01/2014
عدد المشاركات : 51603
نقاط التقييم : 73117
بلد الاقامة : سويسرا
علم بلدك : علم العراق
الاسد

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالثلاثاء أغسطس 04, 2015 9:38 pm

سلمت الايادي حبيبتي احلام 

موضوع رائع 

تقبلي تحياتي

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الدكتور خليل البدوي
مستشار اشتياق _موسوعة اشتياق المضيئة
الدكتور خليل البدوي

ذكر
تاريخ التسجيل : 28/08/2015
عدد المشاركات : 107926
نقاط التقييم : 126255
بلد الاقامة : عراقي مقيم في الاردن
علم بلدك : علم العراق
الثور

تاريخ العراق يتكلم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ العراق يتكلم   تاريخ العراق يتكلم Emptyالسبت مارس 04, 2017 4:23 pm

الأستاذة الفاضلة الرائعة المتميزة الأخت العزيزة@احلام شحاته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

________________________________________________________________________

التوقيع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تاريخ العراق يتكلم
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اعظم خمسة نساء في تاريخ العراق القديم . ابداع النساء في بلاد مابين النهرين عبر التاريخ
» خيري محمد آمين العمري (1926-2003) صاحب المؤلفات العديدة في تاريخ العراق المعاصر
» مصاهرات وزواجات ونسابات في تاريخ العراق المعاصر
» أميركا ستعيد إلى العراق آلاف الوثائق عن تاريخ يهوده
» تاريخ علم العراق (دراسة الدكتور خليل البدوي)(خاص لاشتياق)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق التاريخ والتراث وسيرة حياة المشاهير-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
باسند - 51603
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
تاريخ العراق يتكلم Vote_rcap1تاريخ العراق يتكلم Voting_bar1تاريخ العراق يتكلم Vote_lcap1