منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
رباعيات في حبك
عبق ذكراك بقلمي مونتاجي والقائي الصوتي
عبارات عن القرآن في رمضان
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:20 am
الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:01 am
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نوره الدوسري
نائبة المدير العام سابقا
اديبة وقاصة سعودية - مهرة اشتياق

نوره الدوسري

انثى
تاريخ التسجيل : 18/01/2010
عدد المشاركات : 8809
نقاط التقييم : 15343
علم بلدك : Saudi السعودية

من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Empty
مُساهمةموضوع: من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب   من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Emptyالإثنين يونيو 24, 2013 6:03 am













النقد الأدبيُّ نَشاط فكري مهمٌّ، وكلُّ عملٍ أدبي محتاجٌ إليه؛ لأنَّ الأدب لا يستَغنِي عن خِطاب يُوَضِّحه، أو يعلِّق عليه، أو يبيِّن قيمته، ويَكشِف أسراره.

وما الضِّيق بالنقد أحيانًا - في القديم والحديث - إلا بسبب جَوْرِ الناقد وتعسُّفه في الحكم، أو غموض ما يقوله؛ بحيث لا يفِيد منه لا المُبدِع ولا المتلقِّي، أو بسبب تحكُّمه ونظرته الأحاديَّة إلى العمل الأدبيِّ، وهي نظرة تؤدِّي إلى إفقاره.

وقد يكون الضيق به عائدًا إلى المبالَغة في تقدير دوره، أو النظر إليه - أحيانًا - على أنَّه ضَرْبٌ من الإبداع - الإبداع التحليلي - مثلاً، لا يقلُّ شأنًا عن الأدب الحقيقيِّ الذي هو إبداع تركيبي أو تأليفي.

وهذه آفات ابتُلِي بها النقد في قديم وفي حديث، ولكن بلواه بها في أيَّامنا آلَم وأوجَع، ومع ذلك فالنقد - وإن ضاق به قومٌ عن حق أو باطلٍ - نشاطٌ فكري لا غنى عنه في أوجُه الحياة جميعها؛ إذ هو مِعيار تسديد وتقويم ومراجعة لأيِّ مَسارٍ معرفي.

وليس صحيحًا ما ذكَرَه "مونسكيور" من أنَّ النقَّاد يُشَبِّهون جنرالات فاشلين عجَزُوا عن الاستِيلاء على بلدٍ، فلوَّثوا مياهه
[1].

ولكنَّ النقد الأدبيَّ الحديث اليوم - وهو نقد غربي - مَأزُوم مَؤُوف بالعِلَل التي ذكَرناها وبكثيرٍ غيرها، يُشْتكَى من عبثيَّته ولا معقوليَّته، ومِن جموحه وشطَطه، ومن دكتاتوريَّته وأُحاديَّته، ويُشْتَكى من غموضه وعتمته، ومن عدم تأثيره وجَدواه، ومن مُماحَكاته اللفظيَّة العبَثيَّة، وتلاعُبه بالنُّصوص ودلالاتها، ويُشْتكَى من غربته على طلَبة العلم، بل على أساتِذتهم المتخصِّصين أنفسهم.

وأمَّا ما يُسمَّى "النقْد العربي الحديث"، فإنَّه ورث عن النقد الغربي الذي يُقَلِّد سننه (حَذو القُذَّة بالقُذَّة)، هذه الآفات جميعًا، وحُمِّل فوقها أوزارًا كثيرة نتجَتْ عن:
1- أنَّ هذا النقد المُحتَذَى هو نِتاج فكر غربي صادِر عن حَضارة غير حَضارتنا؛ ولذلك فإنَّ الأبْدَهَ - من البدهي - أن يكونَ ملوَّثًا برُؤًى وتصوُّرات وفَلسَفات تُخالِف رُؤانا وتصوُّراتنا الإسلاميَّة والعربيَّة.
2- أنَّ هذا النقْد الغربي مُستَمَدٌّ منَ الأدَب الغربي، وهو أدب ذو نكهة ومَذاق ورؤية مضمونيَّة وفنيَّة تُخالِف ما هو معروفٌ في أدبنا العربي والإسلامي.
3- أنَّ العيش على مائدة الآخَر هو نَوْعٌ من التَّلاشِي فيه، أو الغرق في يمِّه، هو ضَرْبٌ من الانمِساخ أمامه، والانبِهار به، وفي ذلك كلِّه ما لا يَلِيق بحقِّ العقيدة، ولا الهُوِيَّة، ولا الكرامة الإنسانيَّة.
4- ثم إنَّ التعبُّد في مِحراب هذا الفكر الغربي وحده - وإن كان صالحًا، وما هو كذلك! - والاكتِفاء بمجرَّد اجتِراره أو مُحاكاته - هو قَتْلٌ لروح الإبداع فينا، وتَشجِيعٌ على الانمِساخ والاتِّكاليَّة.

إن التقليد يَغتال دائِمًا ملكة التفكير والتوثُّب، ولن تُشرِق شمس الحضارة الإسلاميَّة العربيَّة من جديدٍ، إلاَّ إذا ارتَدَتْ عباءَة الآباء، وخلعَتْ عباءَة الغُرَباء.

وعلى أنَّ هذه الشُّؤون والشُّجون وكثيرًا غيرها، غير المثاقفة مع الآخَر التي لا يقف في وجهها عاقل، ولا يَنهَى عنها إلا غِرٌّ أحمَق، إنَّ فَتْحَ النوافذ أمام الأفكار والثَّقافات والآداب الأخرى لَأَمرٌ أوجَبُ من الواجِب، وأحبُّ من المستحبِّ، وهو - على كلِّ حال - حاصِل في أيَّامنا هذه، شئنا أم أبَيْنا، ولكنَّ كلَّ فكر يأتينا، وكلَّ هبَّة ثقافة تهبُّ علينا، ينبَغِي أن تدخل في مصفاة الهُويَّة، وهي مِصفاة العقيدة الإسلاميَّة؛ فكرًا وذوقًا، وفنًّا ولغةً، لتُفرِز لنا ما يُؤخَذ وما يُترَك، وما يُصطَفَى وما يُنبَذ.

إنَّ هنالك اليوم ضربَيْن من المناهِج النقديَّة الغربيَّة الحديثة:
أحدهما: المناهج النقديَّة التي أصبحت - في نظر بعضهم - تقليديَّة قديمة، والمناهج الأحدث التي تمخَّض عنها القرن العشرون، وتسمَّى المناهج الحداثيَّة، وما بعد الحداثيَّة، أو المناهج البنيويَّة، وما بعد البنيويَّة.

وقد كانتْ هذه الثانية ثورة على الأولى ونقضًا لها؛ إذ عدَّتها مناهج تتعامَل مع النص الأدبيِّ من الخارج، فتهتم بمناسبته وظروف نشأته وتاريخه، والملابسات الاجتماعيَّة والسياسيَّة والنفسيَّة، وما شاكل ذلك، ولكنَّها لا تُولِي لغة الأدب وخصائصه الجماليَّة وفنيَّته أيَّ اهتِمام، أو اهتمامًا كافيًا على الأقلِّ، فكأنها تقف عند العَرَض وتُهمِل الجوهَر.

ولذلك؛ اتَّجهت المناهِج النقديَّة الحداثيَّة وما بعد الحداثيَّة اتِّجاهًا ماديًّا محْضًا في التعامُل مع الأدب ونقده؛ إذ لم ترَ فيه إلا شكلاً لُغويًّا جماليًّا، لم تَعُدْ تعبأ بما يُقَدِّمه النصُّ الأدبيُّ من قِيَمٍ أو مُثُل، أو فلسفة أو فكر، ولم تَعُدْ تسأل عن وظيفته ودوْره، وصلته بالمجتمع والناس والحياة.

طُرِح ذلك كله من الحسبان بحجَّة أن هذا الفكر والأيديولوجيا قضايا خلافيَّة، تخضَع للذوق والثقافة السائدة، واتِّجاه الناقد وعقيدته؛ ولذلك لا يجوز الاعتِداد بها، أو أخذها في حسبان المبدِع أو الناقد على حدٍّ سواء.

ولا شكَّ أنَّ هذا اتِّجاه خطير، لا يتَّفِق - على الأقل - مع التصوُّر الإسلامي الذي - مثلما يُعنَى بشكل الأدب وفنيَّته وصياغته الجمالية المؤثرة - يُعنَى بما يقدِّمه هذا الأدب من فكر، وما يَأرَب بتحقِيقه من رسالةٍ تُسعِد الإنسان، وتُصلِح شأنه، وتتجنَّد لخدمة قِيَم الحقِّ والخير والجمال.

إنَّ الكلمة في المنظور الإسلامي - شأنها شأن مخلوقات الله جميعًا - لم تُخلَق عبثًا، ولا تَكمُن قيمة اللفظ فيه في حدِّ ذاته، مهما كان هذا اللفظ جميل الإيقاع، رشيقَ الجرس، باهِرًا مُدهِشًا، ولكنَّها تَكمُن في مدلوله.

إنَّ الدالَّ والمدلول لا ينفصِلان، وقيمة الأدب في مادَّته وأدائه، في مضمونه وشكله، ولا يجوز التطرُّف في إيثار أحدهما وإسقاط الآخر، لا عند المبدِع ولا عند الناقِد.

لقد انطَلقت المناهج الحداثيَّة وما بعد الحداثيَّة من اللسانيَّات الغربيَّة التي ازدَهرت في هذا القرن ازدِهارًا شديدًا أبهر الكثيرين، فظنُّوها وحدَها القادِرَة على صنع نظريَّة نقديَّة تُقارِب النصوص الأدبيَّة وتتعامَل معها.

وظنُّوا - في غَمرة الانبِهار بمنجزاتها - أنَّ أيَّ إقحامٍ للتاريخ، أو المجتمع، أو علم النفس، أو الأخلاق والدِّين، في دِراسة الأدب ونقدِه - هو إدخالٌ لمفرداتٍ لا علاقة لها بالمقارَبة النقديَّة، بل هي بتعبير أحدهم: "مصطلحات إرهابيَّة قمعيَّة"
[2].

وفي مثل هذا الكلام ما فيه من افتِئاتٍ على حقيقةٍ لا تَخفَى على أحدٍ، وهي: أنَّ المذاهب الأدبيَّة - ومثلها المناهج النقديَّة - هي صورٌ لفلسفات وعَقائد وأيديولوجيَّات، وتصوُّرات سياسيَّة واجتماعيَّة وغيرها.

إن الشكلانيَّة في صورِها المختلِفة لَم تحرِّر درس الأدب ولا النظريَّة الأدبيَّة - كما ادَّعَتْ - من الأيديولوجيا، بل كانت هي نفسها - باستِمرار وبأشكالٍ مختلفة - نتاجَ فلسفات وأيديولوجيَّات،

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مصطفى الشبوط
صاحب ومؤسس الموقع (رحمة الله عليه )
صاحب ومؤسس الموقع  (رحمة الله عليه )
مصطفى الشبوط

ذكر
تاريخ التسجيل : 30/11/2007
عدد المشاركات : 17651
نقاط التقييم : 23812
بلد الاقامة : عراقي مقيم بهولندا
علم بلدك : علم العراق

من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب   من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Emptyالجمعة يوليو 05, 2013 6:27 pm

تسلمي راقيتنا الاستاذة مها سالم على هذه الدراسة القيمة

تقبلي مني اصدق التحايا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://eshtyak.ahlamontada.com
المهندس محمد فرج
عضو موسس للمنتدى
المهندس محمد فرج

ذكر
تاريخ التسجيل : 15/12/2007
عدد المشاركات : 123667
نقاط التقييم : 126296
بلد الاقامة : ماريا وترابها زعفران
علم بلدك : Egypt مصر
الجوزاء

من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب   من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Emptyالخميس أغسطس 15, 2013 4:26 pm

شكرا لطرحك الطيب وعطاؤك الرائع ...دمتى بكل الود.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمان الساكت
نائبة المدير العام -فراشة اشتياق - اديبة
ايمان الساكت

انثى
تاريخ التسجيل : 18/10/2013
عدد المشاركات : 56084
نقاط التقييم : 60064
بلد الاقامة : مصر- القاهره
علم بلدك : Egypt مصر
الحمل

من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب   من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Emptyالإثنين يناير 13, 2014 11:25 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب   من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Emptyالأربعاء يناير 22, 2014 6:59 pm



أديبتنا القاصة القديرة
من بحور أدبياتك النيرة
كان لنا وقفة ميسرة
لموضوع فيه الرقي
ينضح بعد كل عبارة
أشكرك على روعة ما قدمتي
وعلى إثراءكِ لمكتبة فاخرة
وأشكرك على هذه الدراسات القيمة
وعلى إنتقاءاتكِ الأديبة المهمة 
التي تجلت هنا بأجمل المعاني 
وبدراسة مفصلة باللغة والمباني
أديبتنا نورة الدوسري
لكِ ولروحكِ الأحداق شاكرة
مع أصدق تحياتي ومحبة وافرة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احلام شحاتة
الادارة العليا -المشرفة العامة - شمس اشتياق
احلام شحاتة

انثى
تاريخ التسجيل : 08/03/2014
عدد المشاركات : 61741
نقاط التقييم : 66613
بلد الاقامة : مصر
علم بلدك : Egypt مصر
السمك

من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب   من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Emptyالسبت أغسطس 16, 2014 5:58 pm

نوره الدوسري كتب:












النقد الأدبيُّ نَشاط فكري مهمٌّ، وكلُّ عملٍ أدبي محتاجٌ إليه؛ لأنَّ الأدب لا يستَغنِي عن خِطاب يُوَضِّحه، أو يعلِّق عليه، أو يبيِّن قيمته، ويَكشِف أسراره.

وما الضِّيق بالنقد أحيانًا - في القديم والحديث - إلا بسبب جَوْرِ الناقد وتعسُّفه في الحكم، أو غموض ما يقوله؛ بحيث لا يفِيد منه لا المُبدِع ولا المتلقِّي، أو بسبب تحكُّمه ونظرته الأحاديَّة إلى العمل الأدبيِّ، وهي نظرة تؤدِّي إلى إفقاره.

وقد يكون الضيق به عائدًا إلى المبالَغة في تقدير دوره، أو النظر إليه - أحيانًا - على أنَّه ضَرْبٌ من الإبداع - الإبداع التحليلي - مثلاً، لا يقلُّ شأنًا عن الأدب الحقيقيِّ الذي هو إبداع تركيبي أو تأليفي.

وهذه آفات ابتُلِي بها النقد في قديم وفي حديث، ولكن بلواه بها في أيَّامنا آلَم وأوجَع، ومع ذلك فالنقد - وإن ضاق به قومٌ عن حق أو باطلٍ - نشاطٌ فكري لا غنى عنه في أوجُه الحياة جميعها؛ إذ هو مِعيار تسديد وتقويم ومراجعة لأيِّ مَسارٍ معرفي.

وليس صحيحًا ما ذكَرَه "مونسكيور" من أنَّ النقَّاد يُشَبِّهون جنرالات فاشلين عجَزُوا عن الاستِيلاء على بلدٍ، فلوَّثوا مياهه
[1].

ولكنَّ النقد الأدبيَّ الحديث اليوم - وهو نقد غربي - مَأزُوم مَؤُوف بالعِلَل التي ذكَرناها وبكثيرٍ غيرها، يُشْتكَى من عبثيَّته ولا معقوليَّته، ومِن جموحه وشطَطه، ومن دكتاتوريَّته وأُحاديَّته، ويُشْتَكى من غموضه وعتمته، ومن عدم تأثيره وجَدواه، ومن مُماحَكاته اللفظيَّة العبَثيَّة، وتلاعُبه بالنُّصوص ودلالاتها، ويُشْتكَى من غربته على طلَبة العلم، بل على أساتِذتهم المتخصِّصين أنفسهم.

وأمَّا ما يُسمَّى "النقْد العربي الحديث"، فإنَّه ورث عن النقد الغربي الذي يُقَلِّد سننه (حَذو القُذَّة بالقُذَّة)، هذه الآفات جميعًا، وحُمِّل فوقها أوزارًا كثيرة نتجَتْ عن:
1- أنَّ هذا النقد المُحتَذَى هو نِتاج فكر غربي صادِر عن حَضارة غير حَضارتنا؛ ولذلك فإنَّ الأبْدَهَ - من البدهي - أن يكونَ ملوَّثًا برُؤًى وتصوُّرات وفَلسَفات تُخالِف رُؤانا وتصوُّراتنا الإسلاميَّة والعربيَّة.
2- أنَّ هذا النقْد الغربي مُستَمَدٌّ منَ الأدَب الغربي، وهو أدب ذو نكهة ومَذاق ورؤية مضمونيَّة وفنيَّة تُخالِف ما هو معروفٌ في أدبنا العربي والإسلامي.
3- أنَّ العيش على مائدة الآخَر هو نَوْعٌ من التَّلاشِي فيه، أو الغرق في يمِّه، هو ضَرْبٌ من الانمِساخ أمامه، والانبِهار به، وفي ذلك كلِّه ما لا يَلِيق بحقِّ العقيدة، ولا الهُوِيَّة، ولا الكرامة الإنسانيَّة.
4- ثم إنَّ التعبُّد في مِحراب هذا الفكر الغربي وحده - وإن كان صالحًا، وما هو كذلك! - والاكتِفاء بمجرَّد اجتِراره أو مُحاكاته - هو قَتْلٌ لروح الإبداع فينا، وتَشجِيعٌ على الانمِساخ والاتِّكاليَّة.

إن التقليد يَغتال دائِمًا ملكة التفكير والتوثُّب، ولن تُشرِق شمس الحضارة الإسلاميَّة العربيَّة من جديدٍ، إلاَّ إذا ارتَدَتْ عباءَة الآباء، وخلعَتْ عباءَة الغُرَباء.

وعلى أنَّ هذه الشُّؤون والشُّجون وكثيرًا غيرها، غير المثاقفة مع الآخَر التي لا يقف في وجهها عاقل، ولا يَنهَى عنها إلا غِرٌّ أحمَق، إنَّ فَتْحَ النوافذ أمام الأفكار والثَّقافات والآداب الأخرى لَأَمرٌ أوجَبُ من الواجِب، وأحبُّ من المستحبِّ، وهو - على كلِّ حال - حاصِل في أيَّامنا هذه، شئنا أم أبَيْنا، ولكنَّ كلَّ فكر يأتينا، وكلَّ هبَّة ثقافة تهبُّ علينا، ينبَغِي أن تدخل في مصفاة الهُويَّة، وهي مِصفاة العقيدة الإسلاميَّة؛ فكرًا وذوقًا، وفنًّا ولغةً، لتُفرِز لنا ما يُؤخَذ وما يُترَك، وما يُصطَفَى وما يُنبَذ.

إنَّ هنالك اليوم ضربَيْن من المناهِج النقديَّة الغربيَّة الحديثة:
أحدهما: المناهج النقديَّة التي أصبحت - في نظر بعضهم - تقليديَّة قديمة، والمناهج الأحدث التي تمخَّض عنها القرن العشرون، وتسمَّى المناهج الحداثيَّة، وما بعد الحداثيَّة، أو المناهج البنيويَّة، وما بعد البنيويَّة.

وقد كانتْ هذه الثانية ثورة على الأولى ونقضًا لها؛ إذ عدَّتها مناهج تتعامَل مع النص الأدبيِّ من الخارج، فتهتم بمناسبته وظروف نشأته وتاريخه، والملابسات الاجتماعيَّة والسياسيَّة والنفسيَّة، وما شاكل ذلك، ولكنَّها لا تُولِي لغة الأدب وخصائصه الجماليَّة وفنيَّته أيَّ اهتِمام، أو اهتمامًا كافيًا على الأقلِّ، فكأنها تقف عند العَرَض وتُهمِل الجوهَر.

ولذلك؛ اتَّجهت المناهِج النقديَّة الحداثيَّة وما بعد الحداثيَّة اتِّجاهًا ماديًّا محْضًا في التعامُل مع الأدب ونقده؛ إذ لم ترَ فيه إلا شكلاً لُغويًّا جماليًّا، لم تَعُدْ تعبأ بما يُقَدِّمه النصُّ الأدبيُّ من قِيَمٍ أو مُثُل، أو فلسفة أو فكر، ولم تَعُدْ تسأل عن وظيفته ودوْره، وصلته بالمجتمع والناس والحياة.

طُرِح ذلك كله من الحسبان بحجَّة أن هذا الفكر والأيديولوجيا قضايا خلافيَّة، تخضَع للذوق والثقافة السائدة، واتِّجاه الناقد وعقيدته؛ ولذلك لا يجوز الاعتِداد بها، أو أخذها في حسبان المبدِع أو الناقد على حدٍّ سواء.

ولا شكَّ أنَّ هذا اتِّجاه خطير، لا يتَّفِق - على الأقل - مع التصوُّر الإسلامي الذي - مثلما يُعنَى بشكل الأدب وفنيَّته وصياغته الجمالية المؤثرة - يُعنَى بما يقدِّمه هذا الأدب من فكر، وما يَأرَب بتحقِيقه من رسالةٍ تُسعِد الإنسان، وتُصلِح شأنه، وتتجنَّد لخدمة قِيَم الحقِّ والخير والجمال.

إنَّ الكلمة في المنظور الإسلامي - شأنها شأن مخلوقات الله جميعًا - لم تُخلَق عبثًا، ولا تَكمُن قيمة اللفظ فيه في حدِّ ذاته، مهما كان هذا اللفظ جميل الإيقاع، رشيقَ الجرس، باهِرًا مُدهِشًا، ولكنَّها تَكمُن في مدلوله.

إنَّ الدالَّ والمدلول لا ينفصِلان، وقيمة الأدب في مادَّته وأدائه، في مضمونه وشكله، ولا يجوز التطرُّف في إيثار أحدهما وإسقاط الآخر، لا عند المبدِع ولا عند الناقِد.

لقد انطَلقت المناهج الحداثيَّة وما بعد الحداثيَّة من اللسانيَّات الغربيَّة التي ازدَهرت في هذا القرن ازدِهارًا شديدًا أبهر الكثيرين، فظنُّوها وحدَها القادِرَة على صنع نظريَّة نقديَّة تُقارِب النصوص الأدبيَّة وتتعامَل معها.

وظنُّوا - في غَمرة الانبِهار بمنجزاتها - أنَّ أيَّ إقحامٍ للتاريخ، أو المجتمع، أو علم النفس، أو الأخلاق والدِّين، في دِراسة الأدب ونقدِه - هو إدخالٌ لمفرداتٍ لا علاقة لها بالمقارَبة النقديَّة، بل هي بتعبير أحدهم: "مصطلحات إرهابيَّة قمعيَّة"
[2].

وفي مثل هذا الكلام ما فيه من افتِئاتٍ على حقيقةٍ لا تَخفَى على أحدٍ، وهي: أنَّ المذاهب الأدبيَّة - ومثلها المناهج النقديَّة - هي صورٌ لفلسفات وعَقائد وأيديولوجيَّات، وتصوُّرات سياسيَّة واجتماعيَّة وغيرها.

إن الشكلانيَّة في صورِها المختلِفة لَم تحرِّر درس الأدب ولا النظريَّة الأدبيَّة - كما ادَّعَتْ - من الأيديولوجيا، بل كانت هي نفسها - باستِمرار وبأشكالٍ مختلفة - نتاجَ فلسفات وأيديولوجيَّات،


الأستاذة الرائعة دوما نوره الدوسري
آفة النقد هي نفسها آفة الرأي ( الهوى)
تحياتي و مودتي
 Shocked 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اللسانيات..بين النقد العربي القديم ومأزق المناهج الحديثة‏ .
» التفنن في جماليات النقد
» مكتبة اشتياق النقد ...
» النقد الجديد د. زياد الحكبم
» النقد والنقد الذاتي داخل الأسرة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق التاريخ والتراث وسيرة حياة المشاهير-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
باسند - 51660
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_rcap1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Voting_bar1من آفات النقد الادبي .... الدكتور وليد قصاب Vote_lcap1