[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أحبتي اروع شيء في حياة الإنسان عبادته زوجته وعمله.. لذلك.. تجد في القرآن الكريم آيات كثيرة جداً تتحدث عن حسن العلاقة بين الزوجين ومن أبرز هذه الآيات قوله تعالى في سورة الروم:
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) ﴾
ومن آياته: من للتبعيض من أجل أن تعرف عظمة هذه الآية آية الزوجية وازنها مع الآيات التي قبلها:
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) ﴾
ومن آياته خلق السماوات والأرض،
﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾
(سورة فصلت: من الآية 37)
قال تعالى في سورة النساء:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [1]
خلق الله تعالى الكون على نظام " الزوجية " يحكم ذراته قانون الجاذبية المتبادلة بين الشيء وزوجه [ بين السالب والموجب، بين الإلكترون والبروتون، بين الذكر والأنثى ]. وخلق الله تعالى الرجل والمرأة من نفس واحدة لتكون الجاذبية بينهما أقوى، هذه " الجاذبية الفطرية " التي لولاها ما قام هذا الوجود البشري، وما وُجدت بين أفراده مشاعر المودة والرحمة. وأعلى وأرقى هذه المشاعر تلك التي تكونت في أحضان الرؤية الإيمانية المشتركة القائمة على منظومة العبودية الخالصة لله تعالى، والتي تفهم أن الزواج آية وحقيقة من الحقائق الثابتة التي جاءت وسط منظومة من آيات كونية،
فقال تعالى في سورة الروم:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [21].
ونلاحظ أن الله تعالى أسند مهمة تحقيق السكن [ والسكينة ] إلى نفس الزوجين أي إلى هذه النفس الواحدة، " لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا "،
قال تعالى في سورة النساء:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [1]
إن هذا التوافق النفسي هو الأساس الذي تقوم عليه مشاعر المودة والرحمة بين الزوجين. لقد جعل الله تعالى " الجاذبية " بين الرجل والمرأة آية من آياته، حيث تتجاوز الجسد لتصل إلى النفس فِتُنْهي حالة القلق والشعور بالوحدة بإتمام هذا الزواج. وبذلك تتناغم آية الزواج مع منظومة الزوجية التي قام عليها هذا الكون.
إن المودة والرحمة نعمة من نعم الله على هذا الوجود البشري " وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً "، وعنصر فاعل يعمل بآليات لا تعرف ملة ولا جنساً ولا لوناً، فآية الشمس تشرق على الوجود كله [ وليس على المؤمنين فقط ] وكذلك كل آيات الآفاق والأنفس. ولكن الفرق بين آية الزواج والآيات الكونية أن جعل الله عمل آلية آية الزواج بيد الزوجين، وجعل هذه الآلية متجددة وليست ثابتة مستقرة كالآيات الكونية.
ففي التعبير عن ثبات واكتمال السماوات والأرض منذ أن خلقها الله بالمصدر الصريح " خَلْقُ " في قوله تعالى بعد آية الزواج السابقة:
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [22]
والتعبير عن آية الزواج بالمصدر المؤول " أَنْ خَلَقَ لَكُمْ " الدال على الفعل المتجدد، دليل على أن الله تعالى قد أعطى للسماوات والأرض أوامر ثابتة تعمل على أساسها إلى أن تقوم الساعة. أما آية الزواج فهي آية متجددة مع كل لحظة: موت وحياة، حب وكره، فرح وغضب، زواج وطلاق ... كما تتجدد المودة والرحمة دوما إذا حافظ الزوجان على سنن وفاعلية هذه الآية.
لذلك أسند الله تعالى تحقق المودة والرحمة في حياة الزوجين إليه عز وجل،
فقال تعالى: " وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً "،
فالـ [ جعل ] أمر إلهي يجعل الشيء يقوم بمهمته التي خلقه الله من أجلها. ولقد خلق الله " آية الزواج " ليسكن إليها الزوجان، فإذا أحسنا الاختيار بشروطه المحققة لهذا السكن فإن آليات تحقق المودة والرحمة ستعمل تلقائياً بقدرة الله تعالى وعظيم فضله.
لذلك ارتبطت قوة وطبيعة مشاعر المودة والرحمة بين الزوجين بطبيعة وقوة الرؤية المشتركة بينهما. فإذا قامت هذه الرؤية على الموازين المادية فقط أثمرت نوعاً من المودة والرحمة يختلف تماماً عما تثمره الرؤية الإيمانية المشتركة من مشاعر. إنها منة إلهية وليست مشاعر زائفة سرعان ما تذوب وتتلاشى.
فإذا علمت أن مشاعر المودة والرحمة هي أعلى ما يمكن أن تصل إليه العلاقات الحميمة بين الزوجين، فلا يُتصور أن تخرج هذه المشاعر إلا من قلبين مؤمنين عرفا ربهما حق المعرفة.
إن هذه القلوب المؤمنة التي سكنت ومَنَّ الله عليها بهذا النوع الخاص من المشاعر يستحيل أن تتطرف، أو تربي أولادها على العنف أو سفك الدماء بغير حق. فكيف تضل طريقها وقد عرفت صراط ربها المستقيم
وفهمت معنى قوله تعالى: " وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً "؟
تدبر قول الله تعالى في سورة النساء:
وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً [20] وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [21]
تدبر قوله تعالى: " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ".
انظر إلى قوله تعالى: " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ " لتقف على طبيعة هذه النفس المؤمنة التي تتربى في بيئة لا تعرف ظلماً ولا قسوة ولا تعد على حدود الله. هذا ما يجب أن يكون عليه السكن الزوجي من أخلاقيات المودة والرحمة المقدسة. إنه ميثاق غليظ.
لقد أثبت العلماء في جامعة تورنتو الكندية أن المرأة الطيبة الحنون الحكيمة تخفف من على أكتاف زوجها مشاكل العمل المسببة لرفع ضغط الدم والتي تعرضه للإصابة بالجلطات القلبية. فقد انخفض ضغط الدم الانقباضي بحوالي 2.5 ملليمتر زئبق عند هؤلاء الذين يتمتعون بالسكينة والمودة والرحمة في بيوتهم.
وهل جاء القرآن بغير الشفاء من أمراض القلوب؟
إنه عندما تسود المودة والرحمة بيت الزوجية فإن المرأة تستطيع أن ترى في عين زوجها [ وكذلك الزوج ] ما إذا كان مناسبا أن تتحدث معه في موضوع ما قد يزيد من أعبائه النفسية، أم أن تؤجله إلى وقت آخر.
إن الزواج ليس مجرد لقاء جسدي، وإنما هو فهمٌ واع لقدسية مشاعر المودة والرحمة يجعل كل زوج يعيش في موقع الآخر ويُعبر عنه.
وهذا هو الحب الودود الذي أوجده الله في قلوب الذين أقاموا حياتهم في إطار منظومة العبودية الخالصة لله تعالى التي انطلق منها سكن الزوجية.
الخميس أبريل 11, 2024 10:27 pm
