منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007

تجمع انساني،اسلامي،ثقافي،ادبي،اجتماعي،تقني،رياضي،فني وترفيهي عام
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

آخر المواضيع
الموضوع
تاريخ إرسال المشاركة
بواسطة
رباعيات في حبك
عبق ذكراك بقلمي مونتاجي والقائي الصوتي
عبارات عن القرآن في رمضان
في انتظار الزائر الكريم محمد محضار
من أي أنواع العبادة تعتبر قراءة القران
ما أبرز الفوائد من “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله”
كيف بين النبي امور الدين من خلال حديث جبريل المشهور
أحاديث عن الصبر والحلم والعفو والوفاء بالعهد
أقوال خلدها التاريخ عن الوفاء
الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:20 am
الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:01 am
الجمعة مارس 01, 2024 10:21 pm
الجمعة يوليو 14, 2023 12:05 am
الخميس أبريل 27, 2023 10:40 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:37 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:33 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:30 pm
الخميس أبريل 27, 2023 10:28 pm










شاطر
 

 إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:16 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

السلام عليكم ..
وأسعد الله حياتكم ...

كنت اعتمدت المراجعة والتحقق منذ زمن ليس بالقصير .. وكان ذلك بناء على صدمتي في انحدار ثقافتنا الإسلامية التقليدية .. وفي غثائية أتباع الدين الخاتم .. واستعدادهم للانسلاخ .. أو الانصهار في أي ثقافة وافدة !..
وهذا من أعجب ما وقع تحت يدي أثناء مسيرتي البحثية المستمرة !..



المقدّمة:
"... فالعلوم كثيرة والحكماء في أمم النوع
الإنساني متعددون وما لم يصل إلينا من
العلوم أكثر مما وصل.. فأين علوم
الفرس.. وأين علوم الكلدانيين..
والسريانيين.. وأهل بابل وما ظهر عليهم
من آثارها ونتائجها.. وأين علوم القبط
ومن قبلهم وإنما وصل إلينا علوم أمة
واحدة وهم يونان خاصة ..
ولم نقف على شيء من علوم غيرهم.."



[b]ابن خلدون (732 - 808) هـجرية[/b]
***********


تلك صرخة أطلقها عالم عربي قبل 600 سنة؛
وما سمعها ووعاها إلا القليل حتى يومنا هذا.

تلك صرخة من أدرك أنه لم يكن في الوجود وحده؛
ولم تبدأ رحلة الإنسانية على ظهر الأرض يوم مهده.

تلك صرخة من حار بما ناءت به الأرض من حوله،
فأبصر شواهد وأثاراً شامخة تحكي قصة من سبقه إليها من بني جنسه.

تلك صرخة من وعى أن العلم والعلماء والحكمة والحكماء لم يكونوا قط حكراً على بني جلدته، فعجب كيف لم يصله من علوم من صال وجال في الأرض من الأمم الغابرة إلا ما قلَّ عده،

وعجب كيف اُختزلت كلّ الأمم الغابرة بعلومها وتراكم معارفها من قبط وكلدان وفرس ورومان وبابل وسريان،



اُختزلت جميعها بمخازن علومها في أمَة واحدة تسمى يونان.

فصارت تلك الأمّة قبلة العلم العالمي الأوحد بقضه وقضيضه وصحيحه وخطئه ؟!!

فهل هذا الواقع النشاز محض صدفة ؟..

أم أن ثمة قاطع طريق تمرس في بثّ ظلام الجهل الأممي بين بني الإنسان، فاحترف العمل على قطع الإمداد المعرفي المتراكم والمتصل بين أجيال الأمم الإنسانية قاطبة في شتى بقاع الأرض الواسعة ؟..

فلو تدبرنا كتاب الله لأدركنا أن هذا الواقع المستشري في زماننا والذي شكا من تبعاته ابن خلدون وغيره من علماء الأمم العالميّة المتأخرين منهم والمتقدمين، إن هو إلا فعل فاعل، بدأ عمله الهدّام مع نشأة الخليقة الإنسانية.


نموذج لتزوير مقّدس قيد التنفيذ :

"وسوف يأتي الزمان الذي يدرك فيه أبناؤنا من (الهنود الحمر) أنهم ينحدرون من بيت إسرائيل. وإنهم أبناء الله وعندها سوف يتّعرفون على تراث أجدادهم وينتهلون منه.."
(١٥:١٤ - كتاب مورمون المقّدس)
***********

قبل الولوج في التراث العربي للبحث في مصاديق تزوير جغرافيا الأنبياء عليهم السلام،
نضع بين يديك تزويراً "مقدساً" معاصراً يتصل بالجغرافيا أيضا ويمكن تتبع أخباره وتاريخه على صفحات الشبكة العنكبوتية العالمية والكتب المعاصرة والمقالات المنتشرة في العالم.

وما نضعه هنا بين يدي القارئ الكريم هو مجرد نموذج ملموس لتزوير نعتبره قيد التنفيذ، نكشف لك تفاصيله كمثال حيّ لما حدث لسكان الجزيرة العربية من تزوير في الماضي السحيق والذي يبدأ أول ما يبدأ كحكاية أو طرفة ساخرة لينتهي بعد قرون إلى كارثة معاشة.

المصدر: سلسلة؛ عندما نطق السُّراة،
نداء السراة؛
اختطاف جغرافيا الأنبياء
- جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية ..

وإلى بقية الاكتشافات .. إن شاء الله ..
آمل الفائدة ..

والسلام عليكم


عدل سابقا من قبل همسة قلم في السبت ديسمبر 21, 2013 8:20 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:17 am

إن هو إلا فعل فاعل، بدأ عمله الهدّام مع نشأة الخليقة الإنسانية.

وما كان له أن ينجح في رسالته ويحقق رؤاه لولا تحالفه مع مجموعات من بني الإنسان باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، فكشف لنا كتاب الله أمره وأمرهم، وتفاصيل آلياتهم، وأدوات عملهم واستراتيجيات خططهم البعيدة المدى.



كما كشف لنا كتاب الله أن العمل على قطع خطوط الإمداد المعرفي بين الأمم الإنسانية ضاربٌ في القدم وأكثر تعقيداً مما يخطر على البال، وما زال مستمراً حتى آتى بعضاً من أُكُله.


والحكاية كلها تبدأ بآية:
(هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)
(الإنسان: 1)،


فما كان للإنسان بعد ذلك الحين الغابر من الزمان أن ينشط ويتسامى ويّتميز بين المخلوقات على وجه البسيطة ليرقى إلى مستوى القدرة على خلافة كوكب الأرض واستعماره لولا ربطه بخطوط معارف السماء حيث مستقر كنوز العلم، لينهل منها ما جهل: (عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق: 5).


ومن أجل ذلك التعليم القدسي، تكفلّت السماء بوضع نواميس الاتصال ومستلزماته وأقطابه وآلياته وأنظمته، من إنزال وتنزيل ووحي وكتب وأنبياء ومرسلين وحفظة، ليبزغ في غمرة ظلام الجهل أبو الإنسانية آدمُ العاقل.


وأول ما عُلَّم آدم مع بدايات هطول غيث السماء المعرفي،
حقيقة أّنه لم يكن قط المخلوق الوحيد الراقي في الوجود،
بل هناك مخلوقات أخرى تشاركه وتشاطره نعمة الإدراك والإرادة والاختيار.

كما عّلمته معارف السماء أنّ من بين المخلوقات التي يعج بها هذا الفضاء اللا متناهي، هناك مخلوق عالم، فاعل وقادر، قد شطن عن أمر ربه بعد تكريم السماء له، فحزم أمره على أمر عظيم:
(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً)
(الإسراء: 62 ).

كما علَّم الإنسان أن هذه القوة الشاطنة جادة في أمرها فأقسمت بأغلظ الأيمان لتغوينَّ كلَّ من ينتمي لهذا الجنس الجديد:
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)
(ص: 82).


فغدا هذا المخلوق قوَّة متمرِّدة مطرودة من رحمة الرحيم لا تريد للجنس البشري هذا التميز، جحوداً وعلواً واستكباراً من ذات نفسها.


وبما حوت هذه القوة المتكبرة من علوم علوية مختزنة،
أدركت الأهمّية الإستراتيجية لخط الإمداد المعرفي السماوي المتصل بهذا الإنسان والذي أشبه ما يكون بالحبل السري للجنين،

فبدونه لن يكون هذا الإنسان المفضَّل عليه سوى دابة ترعى كالبهائم على وجه الكوكب إن لم يغدُ أضل سبيلاً.

كما كشفت السماء للإنسان العاقل تحركات ومناورات وأهداف هذه القوة الشاطنة لاختراق قنوات الاتصال الممتدة بينه وبين منبع الغيث العلوي بغية عرقلة مصدر رقي وتطور هذا الجنس الجديد:
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ (Cool دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)) (الصافات).

تكفل بحفظ خطوط الإمدادات المعرفية في طبقات السماء العليا ضد الاستراق، ناهيك عن الاختراق، لضمان وصول الوحي المعرفي صافياً نقياً إلى سكان الأرض.

فعجَّت السماوات بجنودها تَرصُّداً لكل عابث وهيبةً وإجلالاً لمواكب وحي السماء، فنقل لنا من شهد مشهد تنزل تلك الوفود القدسية لسكان الأرض فأوجز القول:
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (Cool وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا (9) وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا(10))
(الجن).

ولم تردع تلك الإجراءات الأمنية الصارمة القوة الشاطنة العازمة على إجهاض مشروع خلافة الإنسان للأرض، فلجأت إلى محاولة فاشلة للعبث بالوحي بعد وصوله مرحلة الإنزال على قلوب الأنبياء والمرسلين والذين يمثلون إحدى المحطات الرئيسية لتنقلات الوحي المرحلية،


من اللوح المحفوظ انتهاءً إلى وعي أفراد بني آدم:
(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(الحج: 52 ).


كما ضمنت السماء توصيل محتويات علوم الوحي نطقاً من وعي الأنبياء والمرسلين إلى دائرة من أفراد المستمعين،
تمهيداً لنقله إلى باقي التجمعات الإنسانية المتلاحقة:
(مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4))
(النجم).


كل تلك المراحل الانتقالية الأنفة الذكر للوحي القدسي المعرفي كانت محصَّنة ضد التجسس والاختراقات كما أكد الكتاب.

ولكن هناك مرحلة أخيرة في خط الإمداد السماوي لم يرِد ذكرٌ لضمان حمايتها من الاختراق أو حتى الاستراق أو الانقطاع بين الأمم،
وهي مرحلة انتقال الوحي ومعانيه ومقاصده من وعي الناس المتقدمين إلى الوعي التراكمي للأجيال الأممية المتلاحقة في صيغة تراث عقائدي وتاريخي أممي.

وهنا كمنت الطامّة،
وتجمهرت شياطين الإنس بمساندة مباشرة من شياطين الجن، حيث تربّع شيخ الكفر والجحود عرش القيادة إلى طريق الإضلال.

ففي هذه المرحلة،
تنافس المتنافسون من جند إبليس بشتى أجناسهم لتحقيق انتصارات شيطانية متوالية ومشهودة عبر امتداد تاريخ الإنسانية، لا يزال كل من ينتمي إلى العائلة الإنسانية يتجرع آثار مآسيها حتى يومنا هذا.

فقد تمَّ بنجاح منقطع النظير وفي حقب متلاحقة من عمر الجنس الإنساني تقطيع خطوط تبادل المخزون المعرفي بين الأمم واختزال بعضها فيما هو أشبه بأوكار غواية معرفية.

كما تمَّ بنجاح باهر تزوير نصوص وحي السماء وتحريفها وحذفها وتحويرها ونقلها من جيل إلى جيل من أقبية تلك الأوكار ممسوخةً ومبتورةً بين طيات قراطيس تزيد قارئها ضلالاً:
(وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)
(الأنعام: 91 ).

فدخل بذلك الكثير من بني آدم في غيبوبة معرفية فتاهوا عن أمر ربهم إلى يومنا هذا.
إلا إن مداد الوحي بقي متصلاً رحمة بالعباد حتى تمام الحجة.
فحفظت السماء نصّ الوحي الأخير من عبث العابثين:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
(الحجر: 9).

فجُنّ لذلك جنون شيخ الكفر والجحود، فأعاد مخططاته لتتناسب مع التدبير الأمني الجديد، فعمد من خلال هذه المرحلة الانتقالية الأخيرة للوحي المتمثلة في تراث وتواريخ الأمم،
إلى وضع خطة محكمة لتفريغ المحفوظ نصاً من مضمونه المعرفي وحرفه عن مدلولاته ومقاصده بغية حجب نور هديه عن وعي بني آدم:
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)
(فصلت: 26)

ولن نأتي على أسباب امتناع حماية السماء للمرحلة الأخيرة من خط الإمداد المعرفي في ما نحن مقبلون عليه في هذا البحث،

بل نشير فقط إلى أن السبب يتعلق بمنهج الحريات الذي سنته السماء.

ولكن ما نذكره هنا هو أن الوحي قد شدَّد مراراً وتكراراً، على لسان الأنبياء والمرسلين، على ضرورة تحصين هذه المرحلة المعرفيَّة الأخيرة فهي أضعف الثغور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:18 am

ومثال على ذلك، فقد نبَّهنا خاتم المرسلين (صلى الله عليه وسلم) والذي يمثل القطب الظاهر لمدد السماء المعرفي في مراحله الأخيرة، إلى أنه سوف تكثر عليه القوَّالة من بعده بقصد التعتيم على مقاصد الوحي ومدلولاته ولن يستطيع هو تبديد ذلك التعتيم والتشويش بعد رحيله إلى الرفيق الأعلى، ولن تتدخل السماء لمنع ذلك بعد أن دخل الوحي المحفوظ نصاً حيز البيئة الإنسانية العاقلة،


فأوكل الأمر إلى تدبر المتدبرين في نصوص الوحي المحفوظ.



كما أنذر العابثين بتحذير صارم، فقال صلى الله عليه وسلم في ما ورد عنه وبألفاظ مختلفة وفي مناسبات عدة:


"من تعمد عليَّ كذبا فليتبوأ مقعده من النار".



كما أتقن عمله بالتفاته إلى من هم في موضع التلقي عبر آلية


التراث، ونحن من ضمنهم، منبهاً وهادياً إذ قال صلى الله عليه وسلم:


"ما من نبي إلا وقد كُذّب عليه من بعده، ألا وسيكذّب عليَّ من بعدي كما كذّب على من كان قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه


على كتاب الله فما وافقه فهو عني وما خالفه فليس عني".

ونحن اليوم نعي تماماً نبوءة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلموتحذيراته الأبوية بعد أن تراكمت شوائك الإسرائيليات المعرقلة في كتب التراث على مرأى ومسمعٍ من جمعنا،
فنسبت كلَّ عجيب وغريب بل منكر إلى قطب الوحي الأرضي المتمثل في شخص الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلمومن كان من قبله من الرسل والصالحين.


وما كان الوحي ليترك الإنسان السالف والمعاصر دون أن يرشده إلى وكر الخيانة ومصدر نقض العهود الربانية، حيث لا تزال أقلام وقراطيس تزوير المقدسات متناثرة على منضدة الفتنة العالمية بانتظار من يكشف أمرها ويمهّد لعودة الحق المضيّع إلى نصابه.

فبلغ الإنسان من لدن السماء أنه تمَّ تجنيد مجموعات اختراق من اليهود تحديداً قد قست قلوبهم فبايعوا شيخ المرَدَة:
(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )
( سبأ: 20).

فدلهم سيدهم بعلمه على مأكل الكتف،
ومنافذ الإضلال الأممي،
فأقبلوا على المحظور وامتهنوا صناعة تزوير المّقدسات المعرفية ابتداءً بالتوراة وهو الكتاب المنزل بينهم:
(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(آل عمران: 78 ).

ليس هذا فحسب؛
بل فصَّل كتاب الله أنواع التزوير الذي أعملوه.

فهو إمّا إخفاء حقائق:
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ )
(المائدة: 15).

أو ذكر الحقائق والأخبار ولكن بعد تحريفها عن مقاصدها ودسِّ هذا التحريف بين جموع الناس ليستقر مشوشاً في وعيهم وتوجيههم عقائدياً إلى بضاعتهم المزيفة وإيقافهم على السماع لما شابه رأيهم ومناوأة من خالفهم:
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)
(المائدة: 41 ).

بل بلغ التجرؤ مداه، فعندما لا تتوفر عناصر التحريف لدسِّ الضلال باسم السماء،
تراهم يلجؤون إلى فكرة شيطانية غاية في الخطورة،
وهي اختلاق نافذة يمكن من خلالها استحداث الخبر الظلامي المراد دسّه من خارج التوراة وذلك بإدعاء بعضهم النبوة يستقبل الوحي المكمِّل لما بين أيدي الناس.

وهذه نافذة واسعة لفنون التزوير جاء ذكرها في كتاب الله:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)
(الأنعام: 93).

ولكن ما الذي يهمنا نحن أتباع خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلممن هذا كله ؟..

فنحن نعلم أنَّ التوراةالتي بين أيدي الناس اليوم مُحرَّفة.

فما الجديد في الأمر حتى نعيد إثارته في هذا البحث ؟..

الجديد هو أننا تعاملنا مع ما جاء في كتاب الله تعالى وتحذيرات رسوله صلى الله عليه وسلمبشأن أخبار تحريف المقدسات وتزويرها كما لو كانت معلومات عامَّة نتداولها في المجالس الفكرية ونحشو بها متون الكتب.

فلم نعِ أبعاد آثارها الحقيقية على وجودنا وكياننا وحاضرنا ومستقبلنا.

لذا فإن علمنا بهذه الحقيقة لم ينفعنا، فغدت وبالاً وحجة علينا.

فلم نُحرّك لا في الماضي ولا في الحاضر ما يليق ويتناسب مع التحذيرات القرآنية والنبوية المتعددة بشأن خطورة التحريف
والاختراق التراثي الذي نبأت السماء بحدوثه وتفشت قراطيسه بين الناس تارة تحت قناع:
"هو من عند الله"
وتارة أخرى بعنوان:
"هذا من عند الله"
كما أخبر جلَّ وعلا:
(فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ)
(البقرة: 79 ).

ومحصلة هذا التقصير من جانبنا هو أن بعض أخطر ما دُسَّ في التوراة-
التي نعلم سلفا أنها محرفة-
قد اخترقنا ثقافياً نحن أبناء اليوم مروراً بالكثير من أجدادنا وكّتابنا ومؤّرخينا السابقين والمعاصرين على السواء.

الجديد في الأمر هو أن الكثير من مفكرينا ونخبنا ورجال ديننا القدماء والمعاصرين تم احتواؤهم ثقافياً وأصبحوا
يُسوِّقون لبضاعة مزوري التوراة ويستشهدون بها عن حسن نية وبدون وعي.

الجديد هو أننا حتى هذه اللحظة نُسطِّر المناهج التعليمية في الدول العربية والإسلامية لِنُدرّس أولادنا في الجامعات والمدارس أخطر ما زُوِّر ودُسَّ في التوراة المُحرّفة دون وعي منا.

الجديد هو أنّ هناك من كتب لنا تاريخنا وأحداث منطقتنا وسمانا بما يريد ونسبنا إلى من يشتهي وقال لنا
خذوا ما آتيناكم من تراث بقوة فهو:".. من عند الله "؟! فصدَّقه منا من صدّقه بحسن نيّة رغم تحذير السماء الصريح والمباشر بوجوب التحقيق والحذر،
فصار من صدّق منا هذه الأخبار المحرفة؛
جسراً لتأسيس ثقافتنا المعاصرة.

فاستُعبدت بذلك عقولنا بعد أن دخل التحريف عقر
دارنا واستقر في ثقافة بعض أجدادنا وآبائنا فمكنّه ذلك من انتزاعنا عرقياً ومعرفياً وثقافياً من أنبيائنا وفرَّق بيننا وبينهم فأدخلنا متاهة التيه معه، ولا نزال نرتع فيها حتى اللحظة ليشتري هو ثمناً قليلاً بالمقارنة مع حجم الحرمان والضرر الذي أوقعه بالجنس الإنساني قاطبة.

الجديدفي الأمر أنّ مادة التحريف التي استشرت فينا حتى النخاع قد استبدلت مقدساتنا الربانية وأدخلت في وعينا ما لم يكن مقدساً قط،
فظللنا وبعض من أبائنا عليها عاكفين لتتغلل الصنمية مجدداً إلى عقولنا من نافذة التراث بعد أن اجتهد بعض من أجدادنا في حصرها واقتلاعها من عقولنا وقلوبنا.

آمل العلم والفائدة والمتعة
والسلام عليكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:18 am

سأختصر على شكل صدور موضوعات ...
وخلاصة البحث ..


وعلى الراغبين المتعطشين لمواصل القراءة الوصول للبحث عن طريق قوقل بالعنوان اختطاف جغرافيا الأنبياء ..

العرب واليهود – أوَّل ضحايا صناعة تزوير المقّدسات



من الواضح أن غرض جوزف سميث من نسبة "الهنود الحمر" إلى شعب الله المختار لم يكن بدافع محبته لهم،
بل كي ينفذ من خلال استغلال جذورهم العريقة في أمريكا إلى الإدعاء بأن لبني إسرائيل وجوداً قديماً في هذه القارة.

وللهروب من المطالبة العلمية بما يثبت هذا الادعاء الخطير،
لجأ إلى ادعاء أكبر من سابقه وذلك بنسب هذا الخبر إلى السماء، فنقل بذلك الجدل من إطار المطالبة بالحجة والبرهان إلى محكمة الاستبداد العقائدي والتي ترتكز موازينها على ترجيح المتسائلين بين كّفتي الكفر والإيمان.

ولطالما أثبتت آلية الهروب هذه نجاحاً منقطع النظير في اختراق حصون العقل الإنساني.

فبواسطة سلطان هذه المحكمة الاستبدادية أمكن تكميم أفواه المتكلمين،
وتجميد عقول المفكرين،
وتهميش آراء الآخرين،
وإخماد فضول المتسائلين.

وهذه الجرأة على الله ليست وليدة عهد جوزف سميث؛
بل هي صناعة قديمة أنشأها بعض كهنة اليهود في بداية الألفية الأولى السابقة لمولد المسيح عليه السلام، أي بعد نزول التوراة ببضع قرون فقط، واستمر العمل بهذه الصنعة إلى اليوم بعد أن أثبتت فاعليتها في تحقيق مكاسب غير مشروعة على مستويات أممية.
وقد كشفت السماء حقيقة وقوع تزوير لمقدسات للمؤمنين مع كل وحي مّنزل منذ القرون التالية لعهد موسى عليه السلام وصولاً إلى عهد خاتم المرسلين (صلى الله عليه وسلم).
فقد جاء في العهد الجديد (الإنجيل) الكثير من التوبيخ واللعن لبعض كهنة اليهود القدماء بسبب تزويرهم وعبثهم بتراث المقدسات وافتراء الكثير منهم أخباراً وعلوماً نسبوها إلى السماء بعد ادعائهم النبوة.
والحدث عينه أُوحي أيضاً إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عدة آيات تحذيرية جاءت لتنبئ بحقيقة أنّ هناك تزويراً منسوباً إلى السماء قد وقع قبل زمن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) بقرون عديدة وتفشى نتاجه واستمرت تبعاته:
(أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:75).

فهذه الآية بالإضافة إلى الآيات السالفة الذكر تجمل في المعنى
وتُعلم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وسلم) والعالم أجمع بأن تحريفاً قد وقع ووثّق واُخرج للناس على أّنه من عند الله،
وأن الذي قام بهذا العمل الكارثي هو فريق من اليهود وليس كل اليهود، وعن قصد وتعمّد وليس باجتهاد خاطئ:
(... يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).
وما يهمنا من تداعيات هذه الحقيقة التي كشفها القرآن الكريم ومن قبله الإنجيل أنّ هناك ومن قبل حتى عهد عيسى (عليه السلام) ما لا يُعرف حجمه من المعلومات المزوَّرة المنسوبة إلى السماء والتي تفشت بين اليهود أنفسهم ومَن يحيط بهم من شتى قبائل العرب الأميين حتى بعث الله في الأميين رسولاً ليعيد التعاليم السماوية إلى نصابها ويزيد عليها ويكون بذلك رحمة للعالمين:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (سبأ: 28)

ما نود تأكيده هنا هو أن الحقبة التي زوّر فيها أئمَّة اليهود التوراة تقع ضمن مدة زمنية طولها 1900 سنة.
وهي عدد السنين التقريبية بين زمن نزول التوراة وزمن نزول القرآن الكريم.
وهذه الفترة، كما أظهرت لنا تجربة تزوير جوزف سميث،
هي مدة زمنية أكثر من كافية لتوغل واستقرار التعاليم المزوَّرة في الوعي الثقافي لعموم أجيال اليهود أنفسهم ناهيك عن وعي الكثير من قبائل العرب المحيطين بهم والذين كانوا يعتبرون البيت اليهودي مصدراً معرفياً ربانياً يتلقفون منه ما ينضح من علوم كتابية.

لذا يمكن القول إن أجيال العرب بشقيهم الكتابي والأمي قد تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر بهدي التوراة حين نزولها كما تأثرت
بضلالها منذ يوم تحريفها.
-


في هذا البحث ترد مفردة

"أمي وأميين" دوماً بمعني الفرد أو الأمّة غير الكتابية وليس بالمعنى الشائع المراد به من لا يفقه الكتابة والقراءة. فكل من يهتدي بعلوم السماء عن طريق اتباع أحد المرسلين فهو كتابي وكل من يهتدي بعلوم تلقفها من أمه وأبيه فحسب فهو أمي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:19 am

لذا يمكن القول إن أجيال العرب بشقيهم الكتابي والأمي؛
قد تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر بهدي التوراة حين نزولها؛
كما تأثرت بضلالها منذ يوم تحريفها.
كما لا يفوتنا التأكيد على أنّه ليس كل اليهود من الغابرين والمعاصرين يهون عليهم اكتشاف حقيقة أنّ كتابهم المقدس- التوراة- منقوص ويحوي بين دفتيه إضافات وتعديلات
وتحويرات وتحريفات،

فمنهم من يروم الحقّ ويعمل به:
(وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (الأعراف:159).
بل ومنهم الصالحون كما أخبر القرآن الكريم:
(وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) (الأعراف: 168 ).
وما من شك أّنه سيأتي زمان تنكشف فيه الحقيقة المغيبة، ويدرك
الصالحون منهم عظم المصيبة التي أحدثها بعض من فسد من كهنتهم الغابرين، وسيكون لهم دور فعّال في إعادة الحق إلى نصابه.
ويبدو أننا على مشارف هذا الزمن الموعود حيث بدأت الأصوات تتعالى من هنا وهناك لتطرح حقيقة أن ما جاء في التوراة من أقاويل مؤسسة لثقافة العالم اليوم بما فيهم المسلمين ليست بالضرورة من عند الله كما هو مشاع بين الناس.
وهذا ما حدا بأحد أساتذة جامعة تل أبيب لعلوم الآثار، البروفيسور نيل سبلرمن إلى إطلاق، وزميله البروفسور إسرائيل فينكلستين صرختهما الشهيرة في كتابهما الصادم: "التوراة بدون أقنعة"
وذلك بعد أن تبيّن لهما وجود تضارب عميق بين ما تسطره التوراة في ما يخص تفاصيل المواقع الجغرافية لأنبياء وممالك بني إسرائيل وبين ما تشهد به الأرض بعد أن استنطقتها علوم الآثار.
ولم تكن تلك الصرخة الأولى، بل سبقتها صرخة البروفيسور اليهودي نداف نئمان، كما نشرتها جريدة هآرتس في مقالة بعنوان "أخرجوا التوراة من خزانة الكتب اليهودية"،
حسبما نقل البروفسور زئيف هرتسوغ الذي كتب هو نفسه مقالة صادمة للثقافة اليهودية السائدة في نفس الجريدة سنة 1999 تحت عنوان:
"علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي الإسرائيلي".

ثم تلتها كتب وكتابات ومقالات عديدة لعلماء مختلفين كلهم يثير ما سكت آباؤهم وغضّوا الطرف عنه من تناقضات وتنازع بين العقل والمنطق وبين ما سُطر في التوراة التي بين أيديهم،
حتى تداعت المقولة المشاعة بين أهل الكتاب منذ القدم والتي مفادها أن التوراة التي بين أيديهم كُتبت في عهد موسى (عليه السلام).

وما كان سكوتهم كل هذه المدة إلا إشفاقا من سطوة رجالات الجهاز الاستبدادي العقائدي القائم على مقولة "هذا من عند الله"
اليهودية، فتجاوزوا هذا الحاجز العنكبوتي وأخذوا يُسطرون النظريات الموضوعية بحثاً عن كُّتاب أسفار التوراة الحقيقيين وأزمان وأماكن كتابتهم ناهيك عن دراسة الدوافع التي حدت بهم إلى وضع كتاب ينسبون كتابته إلى موسى (عليه السلام) وهم يعلمون خلاف ذلك.


ولنا أن نتساءل

:



لماذا تأخر اكتشاف وإعلان تبعات التزوير القديم حتى الآن رغم تقدم علوم الآثار خلال القرنين الماضيين ؟..
والجواب يعود إلى عاملين رئيسين:
الأول هو هيمنة وتوغل المعلومات المزورة في بنية الثقافة العقائدية لمعظم علماء الآثار،
مما سبب تنازعاً وتناقضاً ذاتياً بين مفارقات ما تجهر به الأرض من حقائق وبين ما هو متراكم في ثقافتهم الموروثة من الكنيسة والمسجد والآباء والمجتمع.

فهذه المعلومات الأخيرة التوراتية المصدر تسلب عالم الآثار حرية الاستنتاج العلمي الذي يتناقض في معظم الحالات مع ما تعّلمه في الكنيسة أو حتى المسجد كما سيتضح لنا من خلال هذا البحث.

وقد فطن بيير روسي لتأثير الثقافة المسبقة على المخرجات العلميّة فأعلنها صراحة حين قال لنظرائه من العلماء:
"... إن اليوم الذي يتوقف فيه العهد القديم (التوراة) عن تغذية علمنا التاريخي، يغدو فيه شرحنا لأمور الشرق محرراً من إمبراطورية الأفكار المسبقة."


أما العامل الثاني فهو متعلق بثقل الإرث الاجتماعي الذي يرزح علماء الأديان والآثار تحت وطأته على السواء. فطالما اضطر العلماء أثناء عملهم العلمي الموضوعي إلى إعطاء الكثير من الاعتبار للمعلومات المختزنة في ثقافة المجتمعات التراثية وخصوصاً المتعلقة بجغرافيا الأماكن والأشخاص المقدسة.


فلا يستطيع الكثير من العلماء التصريح، على سبيل المثال، بأّنه ما من دليل على صحة معلومة ما يتناقلها الناس أباً عن جد، خصوصاً إذا كانت هذه المعلومة تتعلق بحيثية دينية، فذلك كفيل
بإسقاط العالم مهنياً واجتماعياً بل لا قدر الله قد تحتوشه رجالات أجهزة الاستبداد العقائدي في مجتمعه فترميه بالكفر أو الشرك أو ما شابه، مما يجعل العالم يمعن في التفكير ليس مرتين بل
عشرات المرات قبل أن يعلن عن الاستنتاجات العلمية التي توصل إليها.
كما اضطر العالم إلى حل معادلات عصية على الحلّ وذلك بأن يفسر ويشرح التناقض القائم بين المكتشفات العلمية وبين ما يتناقله الناس في كنائسهم ومساجدهم ومحافلهم من موروث بغية المحافظة على الأمانة العلمية والانصياع في الوقت ذاته لمقتضيات التسليم الاجتماعي.

ففي ظل هكذا معادلات ينسحب العالم من دوره الحقيقي لا محالة،
ليترك المجتمع وحيداً مع المصدر المعلوماتي القديم الأوحد،
ألا وهو ما جاء في التراث الديني التقليدي الذي لا منافس له ولا
مجادل لطرحه كونه تحصن بعد تعتقه بحصن:
"هذا من عند الله".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:21 am

(ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)


يوجد اليوم، وبالتحديد على شبكة الانترنت العالمية، عشرات الترجمات للتوراة المحرفة وبجميع اللغات الإنسانية الحية وبأسعار رمزية إن لم تكن مجانية.
ومعظم تلك الترجمات مبنية بعضها على بعض.
ولذلك فإنها جميعاً تحمل في طياتها سموم التحريف الأول الذي بُني على الترجمة الأولى. فلو وضعنا أيدينا على الترجمة الأولى وأثبتنا أنها تنطوي على تحريف صارخ في ما يخص بحثنا،
أي جغرافيا الأنبياء،
عندها نستطيع أن نفهم لماذا يحمل العالم اليوم بشتى أعراقه وأجناسه ثقافة مُحرَّفة مغايرة للواقع والحقيقة، وهي ثقافة نشأت وقوي عودها تدريجياً منذ تاريخ الترجمة الأولى.
والترجمة الأولى هي ما تعرف بـ:
" التوراة السبعينية: (Septuagint)
التي يرمز لها بالمختصر: LXX "
وفيما يلي نبذة مقتضبة عن هذه التوراة قبل أن نضع أيدينا على التحريف الجغرافي الكارثي الذي جاء فيها.
بعد فتوحات الإسكندر الأكبر المتوالية لكثير من بلدان العالم في القرن الرابع قبل الميلاد، ما لبثت مملكته المترامية أن تحوّلت إلى قوة عظمى مهيمنة على العالم القديم:
ومنها القبط- بابل- غرب الهند- فارس.
فكان نتيجة تلك الهيمنة العالمية أن أصبحت اللغة اليونانية متداولة بين شعوب البلدان الواقعة تحت الوصاية اليونانية.
وفي ظل هذا الوضع القائم طلب الملك بطليموس فيلودفيس المعروف بملك القبط بطليموس الثاني (285-246 ق.م) والذي كان مقيماً في الإسكندرية آنذاك،
طلب من كهنة اليهود ترجمة التوراة من اللسان السرياني أو ما يُعرف اليوم بالعبرية،
إلى اللسان العربي الفينيقي القديم أو ما يُعرف باليونانية.
وقد جاء هذا الخبر في التراث العربي، كما في المقتبس التالي:
" .. لما مات الإسكندر، ملك بعده بطليموس بن لاغوس عشرين سنة، ثم ملك بعده بطليموس محب أخيه، وهو الذي نقلت إليه التوراة وغيرها من كتب الأنبياء، من اللغة العبرانية إلى اللغة اليونانية.
أقول: فيكون نقل التوراة بعد عشرين سنة مضت لموت الإسكندر...."
لقد ورد كلام أبي الفداء أعلاه في نص وثيقة غربية قديمة مُغرِضة تهدف إلى تزكية التوراة السبعينية المحرفة في الوعي العالمي آنذاك، وهي لكاتب يهودي ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الثاني قبل الميلاد وتعرف برسالة أريستيس:
Letter of Aristeas
يذكر أن وجهاء وكبار اليهود شكلوا فريقاً لتلبية طلب الملك اليوناني.

وتألف هذا الفريق من سبعين، ويقال من ثلاثة وسبعين، أو ثمانين كاهناً يهودياً للاضطلاع بهذه المهمة الأولى من نوعها في تاريخ اليهود والتوراة.
وخلال سبعين يوماً وضع هذا الفريق ترجمة يونانية للتوراة حوَت ما حوت من التحريف والتزوير.
فوَسّعوا بذلك دائرة التيه اليهودية لتضُم أوربا بشكل اساسي.
وقد أساءت تلك الترجمة كثيراً إلى أولئك العرب الآباء المعّلمين وإلى الأنبياء والمرسلين الذين تؤمن التعاليم الإسلامية بعصمتهم.
فنسبوا إليهم ما يندى له جبين المؤمن،
وزوروا شريعة موسى عليه السلام وحوّروها.
ورغم أن العاقل ليرفض هذه الإساءات التي وجهتها بعض مقاطع التوراة للمرسلين إلا أن التجربة أثبتت أنه يمكن تمرير الكثير من المغالطات تحت شعار
"هذا من عند الله".
ويذكر بعض ال ّ كتاب الغربيين أن تلك الترجمة الأولى كانت تحتوي على مقاطع جديدة
لم تكن تحويها التوراة السريانية مثل: "خلق المرأة من ضلع آدم" والذي لا أصل له في التوراة السريانية.
فحَطّوا من قيمة المرأة وجعلوها تبعاً للرجل وليس نصفاً مكملاً له. كما يضيف المتكلمون الغربيون أن المجلس الأعلى للمجمع اليهودي في ذلك العصر صادق على هذه الترجمة اليونانية رغم سوء ترجمتها وتوسلوا لمترجميها بأعذار لا يقبلها عاقل.
وذكر المسعودي نفس الخبر بشأن مصادقة التوراة الجديدة حيث يذكر في حديثه:
" ... على ما توجبه التوراة التي نقلها بطليموس الملك إلى اللغة اليونانية اثنان وسبعون حبراً من أحبار اليهود بالإسكندرية من أرض مصر، وأجمعوا على صحتها.."
وقد أضفت مصادقتهم ومباركتهم مصداقية على التزوير الذي جاء في تلك الترجمة، لينتشر بسعة انتشار المملكة الإغريقية في ذلك الزمان، وبلغة غدت تدريجياً اللغة العالمية المشتركة بين الشعوب الواقعة تحت مملكة الإغريق كانتشار وهيمنة اللغة الإنجليزية في العالم اليوم.
وحيث أن معظم الشعوب التي اطلعت على"التوراة السبعينية" لم تطلع على اتوراة السريانية الأصل؛ لتعذُّر فهم اللغة السريانية أولاً، ولتعذر الحصول على نسخ سريانية في مقابل انتشار النسخ الإغريقية "السبعينية" ثانياً،
فإن ذلك أدى تدريجياً إلى الاكتفاء بالمتيسر عوضاً عن المتعسر.
فغدت "السبعينية" بذلك المصدر المعلوماتي المنسوب إلى السماء والمعتمد لدى معظم شعوب العالم القديم، وخاصة التي احتضنت الديانة المسيحية منها. كما صارت لاحقاً الكتاب المقدس في الإغريق المقدونية ومن ثم في أوربا برمتها. كما شكلت "السبعينية" القاعدة التي استندت إليها الترجمات الأخرى بلغات لاتينية متعددة، مما أسهم في انتشار التحريف وبث السموم في المزيد من الأقطار العالمية.
وليس جميع اليهود اعترفوا بهذه التوراة الإغريقية المحرفة،
فكما ينقل ابن حزم:
" ... فأما اليهود فإنهم قد افترقوا على خمس فرق وهي السامرية وهم يقولون إن مدينة القدس هي نابلس وهي من بيت المقدس على ثمانية عشر ميلاً ولا يعرفون حرمة لبيت المقدس ولا يعظمونه ولهم توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود..."
ويضيف ابن حزم موضحاً سبب هذه الفرقة:
"... قال أبو محمد رضي الله عنه أول ذلك أن بأيدي السامرية توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود يزعمون إنها المنزلة ويقطعون أن التي بأيدي اليهود محرفة مبدلة وسائر اليهود يقولون أن التي بأيدي السامرية محرفة مبدلة إلى آخره ولم يقع إلينا توراة السامرية لأنهم لا يستحلون الخروج عن فلسطين والأردن أصلاً إلا إننا قد أتينا ببرهان ضروري على أن التوراة التي بأيدي السامرية أيضاً محرفة مبدلة..".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:21 am

وقد تمّ تحريف الكلم عن مواضعه في هذه "التوراة السبعينية" اليونانية، وكذلك يفعلون:
(مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)

وأكبر تحريف وضعوه في "السبعينية" :
هو استبدالهم كل مفردة "مصر" و"مصريين" واردة في التوراة السريانية الأصل إلى "القبط" و"الأقباط".


وكثرت النسخ "السبعينية" في مكتبات المملكة اليونانية المترامية بعد أن أزالت من طيات قراطيسها اسم "مصر" ووضعت مكانه اسم القبط الشهير والمعروف عالمياً:
(وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)

وتمثلت تبعات هذا الإسقاط والتحريف في نقل الأحداث التي ورد ذكرها في تراث اليهود من موقع جغرافي إلى موقع جغرافي آخر.
فأحداث موسى ويوسف وبني إسرائيل وفرعون جميعها حدثت في منطقة تدعى مصر وهي منطقة مجهولة عالمياً.
ولكن من خلال هذه الترجمة،
قام السبعونيون بكل جرأة وتطاولٍ على الله والإنسانية،
بنقل مسرح الأحداث والشخصيات الربانية ومسميات المعالم الجغرافية المصاحبة من مصر المجهولة إلى القبط المرموقة.

وانتشر هذا الخبر في العالم القديم فوقع الاشتباه والإرباك وبدأ تفشي الوهم العالمي المستمر إلى اليوم:

(فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ)

ويحقّ لك أن تسأل:

كيف يمكننا إثبات أنهم فعلاً ترجموا؛
أو بمعنى أدق حرَّفوا الكلم من "مصر" إلى "القبط" ؟..

فلنتدارس معاً النسخ التوراتية والترجمات لنرى بأم أعيننا ماذا كانوا يكتبون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:22 am

لسنا بحاجة إلى إتقان اللغة اليونانية وما يُسمى بالعبرية كي نتتبع هذا التحريف.
بل سنختار أي مقطع مترجمٍ إلى العربية من التوراة المتداولة عالمياً لنجعل منه نقطة انطلاقنا في سبيل إماطة اللثام عن التزوير الجغرافي الخطير، على أن يحتوي هذا المقطع على مفردة "مصر".
وليكن هذا المقطع هو التالي كما جاء في سياق سفر التكوين:
"وسكَن في برية فَاران. وأخَذَت لَه أمه زوجةً من أرضِ مصر."
وقد اخترنا هذا المقطع التوراتي دون عشرات المقاطع الأخرى التي ينطبق عليها التزوير فقط لوقوع مفردة "مصر" في نهاية المقطع، مما يسهل البحث عما يقابلها في النسخة السريانية أو ما تسمى اليوم بالعبرية ومن ثم مقارنتها بما جاء في "السبعينية"،
لنرى ماذا الذي طرأ على مفردة "مصر" في التوراة السبعينية.

والآن لنحدد نفس هذا المقطع الذي يحمل رقم

21:21 من سفر التكوين كما جاء في التوراة "العبرية".
فنجد أن المقطع المعني هو:

וישׁב במדבר פארן ותקח־לו אמו אשׁה מארץ מצרים

وعليه فإن آخر مفردة من اليسار هي ما نظن أنها توازي "مصر" التي وردت في المقطع العربي المترجم أعلاه، ذلك أن الحرف السرياني أو ما يسمى بالعبري يُكتب مثل الحرف العربي من اليمين إلى اليسار.
وهو ليس الشبه الوحيد بين اللغتين، فالأصل واحد كما سيتضح لك في الفصل الثالث حين تكتشف أن بني إسرائيل ما هم إلا عشيرة بدوية ميكروسكوبية من عرب الجزيرة العربية، شأنهم شأن قريش والأوس والخزرج وغيرهم.

ولكننا بحاجة إلى معرفة اللفظ الصوتي للمفردة מצרים،
أي هل تلفظ "مصر" أو "مصريم" كما جاء في التوراة المكتوبة بالسريانية والتي تتوافق مع القرآن في لفظ مكان أحداث فرعون وموسى،
أم تلفظ "قبط" أو "أكبتوا" كما جاء في "السبعينية" ؟..
ورغم أننا وعدد كبير من القراء الكرام لا نتقن "العبرية"، إلا أن ذلك لم يعد معضلة، إذ أصبح من الممكن الحصول على أصوات مقاطع الحروف لكل اللغات العالمية الحية، ومن ضمنها ما يُسمى "بالعبرية" وذلك بالاستعانة بجدول الأبجدية المستخدمة في برامج التعليم اللغوي.
ولهذا الغرض تجد أدناه الجدول الهجائي للسان العبري الموضوع لغرض قراءة الحروف السريانية الأصل.
فبمقارنة حروف مفردة מצרים مع ما جاء في الجدول الهجائي، يمكننا استنطاق المفردة التي يجب أن تلفظ "مصر" أو "مصريم" كما جاءت في القرآن الكريم وكما يلفظها الناطقون "بالعبرية".

فمفردة מצרים مكونة من 5 أحرف تقرأ من اليمين إلى اليسار وتنطق في الجدول الهجائي كما يلي:

الحرف الأول يقع في إحداثيات ب 5 ويلفظ "م".


الحرف الثاني يقع في إحداثيات ت 4 ويلفظ "تز" أي "ص" مخففة.


الحرف الثالث يقع في إحداثيات ت 7 ويلفظ "ر".


الحرف الرابع يقع في إحداثيات ب 1 ويلفظ "ي".


الحرف الخامس يقع في إحداثيات ب 6 ويلفظ "م".


والآن لنجمع الحروف: متزريم = م ص ر ي م = مصريم.
وهو نفس اللفظ الذي تقرؤه لمفردة "מצרים" في المعاجم اللفظية للسان العبري.


حتى هنا لا جدال حول تشابه ما جاء في القرآن الكريم مع ما جاء في التوراة السريانية الأصل بهذا الخصوص.
ولكن كيف ترجم فريق الكهنة اليهودي مفردة "مصر" أو "מצרים" إلى اليونانية ؟..
وكيف كتبوها في التوراة السبعينية التي كانت الجسر الذي شقت عبره التوراة طريقها إلى العالم الغربي القديم ؟..

لتسليط الضوء على التزوير المضلل اللئيم في الترجمة "السبعينية" سنعود إلى استخدام نفس المقطع التوراتي الذي حللناه سابقا ونخضعه إلى نفس المنهج التفكيكي، ولكن هذه المرة وفقاً لما جاء في "التوراة السبعينية".
فقد ترجم الفريق الكهنوتي المقطع رقم 21:21 من سفر التكوين إلى الإغريقية كما يلي :


καὶκατῴκησεν ἐν τῇἐρήμῳτῇΦαραν، καὶἔλαβεν αὐτῷἡμήτηρ γυναῖκα
ἐκ γῆςΑἰγύπτου


ومرة أخرى، لسنا بحاجة إلى إتقان الحرف اليوناني لقراءة ماذا كتبت أيديهم للعالم، بالإغريقية هذه المرة.
فبإمكاننا التحقق من لفظ المفردة التي تعنينا بالطريقة ذاتها.
والمفردة المراد فحص لفظها هنا هي الأخيرة في السطر الثاني إلى أقصى اليمين - أي مفردة: Αἰγύπτου


وبالرجوع إلى جدول أبجديات اللسان الإغريقي القديم يمكننا استنطاق حروف المفردة المعنية.
وبمقارنة أحرفها بالجدول الهجائي لمفردة: Αἰγύπτου
يمكننا قراءة المفردة التي يجب أن تلفظ "مصر" أو "مصريم" .
فمفردة Αἰγύπτου مكونة من 8 حروف تقرأ من اليسار إلى اليمين كالتالي:


الحرف الأول يقع في إحداثيات أ 12 ويلفظ "أ".


الحرف الثاني يقع في إحداثيات أ 4 ويلفظ "أِ".


الحرف الثالث يقع في إحداثيات أ 10 ويلفظ " گ".


الحرف الرابع يقع في إحداثيات ب 5 ويلفظ "ي".


الحرف الخامس يقع في إحداثيات ب 9 ويلفظ "ب".


الحرف السادس يقع في إحداثيات ب 6 ويلفظ "ت".


الحرف السابع يقع في إحداثيات ب 10 ويلفظ "و".


الحرف الثامن يقع في إحداثيات ب 5 ويلفظ "ي"


وعند جمع هذه الحروف نجدها تقرأ

: إگيبتوي = إگيبتو.
ويثبت بذلك أن نتاج الترجمة أي إگبتو! وإگبتو هذه Αἰγύπτου كان تحويل اسم علمٍ هو مصر أو مصريم أو מצרים إلى بلاد عريقة يعرفها الصغير والكبير في العالمين القديم والحديث، كما تُعرف أسماء بلاد الهند والصين وفارس وليبيا وأمريكا وفرنسا.

وهي عينها إگبت أو القبط كما ينطقها اللسان العربي.
أو ما يُعرف في الغرب اليوم بإيجيبت أو گبت (Egypt ،Gypte) أجل،
هكذا نُهبت مملكة القبط أو إگيبتو العظمى وحضارتها العريقة بعد أن أُقحم اسمها عنوة في كتاب كتبه فريق من الكهنة الأقباط بأيديهم ووسموه بأخطر اسمٍ في ذلك الزمان ألا وهو التوراة المقدسة.

وهكذا غدت القبط و شعبها وحضارتها وعراقتها؛ ملك ثقافي مقدس لليهود بدون عناء ولا مشقة.
فتحققت مكاسب ثقافية سريعة من سمعة راقية وحضارة عريقة وأممية وجيهة وتراث مشرق وأرضٍ شاسعة، كل تلك المكاسب تحققت لعشيرة يهودية، ليس من دون عناء وكدح فحسب بل بمباركة العالم إلى اليوم بعد أن أطلّ هذا التزوير متدثراً بعباءة
"هذا من عند الله".
فما أن تم استبدال مفردة "قبط" مكان مفردة "مصر" على لسان توراة الإغريق حتى غدت حضارة القبط كلها في ثقافة العالم الغربي القديم رهينة أحداث موسى عليه السلام وفرعون وهامان وبني إسرائيل.

وقد فعلوا ذلك من قبل بالأسلوب ذاته مع الكلدانيين في
العراق وسوريا، كما سيتبين لك لاحقا، وفعلوها بنجاحٍ باهر مع القبط، وهاهم يفعلونها في زماننا هذا مع أمريكا الشمالية كما تبين لك من قصة جوزيف سميث السالف ذكرها في مقدمة هذا البحث.
فأينما وُجِدت قوة عظمى عبر التاريخ تجد هؤلاء المزورين المنتفعين يحومون حولها حتى يمطرونها بسهام المقدسات الإسرائيلية قبل أن يثبوا على خيراتها ثم يصورون أنفسهم للعالم بصورة المضطهد المسكين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:23 am

تجدر الإشارة هنا إلى أن علماءنا الأفاضل من المتقدمين والمتأخرين يؤكدون على أن المجتهد منهم قد يصيب وقد يخطئ في ما توصل إليه من اجتهاد وتحليل واستنباط، ويذيلون أقوالهم بعبارة "والله أعلم".
فإذا أصاب المجتهد فله أجران وإذا أخطأ فله أجر.
والإشكال هنا هو أن المجتهد إذا أصاب ذهب بأجرين وتحصلت الأمة على فائدة الاجتهاد السديد.
وفي الجهة المقابلة، إذا أخطأ المجتهد ذهب بأجر واحد.
ولكن ماذا يحدث للاجتهاد الخاطئ نفسه ؟..
وما أثره على توجهات الأمة وثقافتها التراكمية من بعده ؟..
هل تعرف جهة معتمدة مسؤولة عن تصفية الاجتهادات والآراء الخاطئة المتراكمة وإزالتها ؟..
أم يترك الاجتهاد الخاطئ في بطون الكتب ليُشكِّل في الأمد البعيد جزءاً من ثقافة الأمة التي اعتادت أن تثق بكلّ ما جاء في بطون الكتب وخصوصاً العتيقة منها.
وما هو إلا جيل أو جيلين حتى تجد هذه الاجتهادات الخاطئة طريقها إلى المناهج الدراسية التي تُدرَّس لأطفالنا فتتسع بذلك دائرة الوهم الأممية عبر الأجيال.
هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن المؤرخين القدامى كانوا يكتبون كتبهم بخط اليد ثم تستنسخ عدة نسخ بخط اليد أيضاً وتودع في مكتبة أو مكتبتين في الولايات الإسلامية المترامية هنا وهناك دون حماية حقيقية لفكر الكاتب وآرائه أثناء استنساخها يدوياً أو حفظها.
فهل يضمن هذا النظام البدائي عدم دسّ نسخة مكتوبة باليد تحمل اسم كاتب معتبر بينما تحوي من التزوير والدّس والإسرائيليات ما تحويه خدمة لأغراض يهودية، ثم لا تلبث هذه النسخة أن تتكاثر على يد النُّساخ حتى تصل إلى المطابع الحديثة. فقد قيل على الله ورسوله ما قيل حتى عجبت الجن من هذا الفعل الشنيع فقالوا:
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) (الجن: 5).
فهل تجد من المغرضين من يتورع عن التقول كذباً أو إبراز نسخة تُنسب مثلاً إلى ابن خلدون الذي تمّ تحريف كتاباته كما ثبت في أحد بحوث جمعية التجديد الثقافية ؟..
فلا بُد لنا من اليقظة، فقد وعد الله بحفظ الذكر:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9)
ولم يعدنا بحفظ أقوال حتى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فكيف بكتب المؤرخين.
لذا يلزمنا منهج للتحقيق في التراث قبل تحويله إلى مناهج دراسية تاريخية.
وخلاصة القول في هذا الجانب أننا خلطنا بين مصادر المعرفة ومصادر المعلومات.
فقد عاملنا المصدرين بنفس الطريقة وأخضعناهما لنفس النظام،
ثم نقف الآن مدهوشين مما كسبت أيدينا! فأي عذرٍ لنا؟
أما الجانب الثاني بخصوص صحة ما ورد في القرآن الكريم فيما يتعلق بموسى ويوسف وآل اسرائيل في ظل نفي الأقباط دلائل حدوث ذلك في أرضهم، فنقول إن ما جاء في كتاب الله هو الحق والنور الأوحد وسط غياهب الظلمات.
وإن قصص الأنبياء بدقة تفاصيلها كما أنبأ عنها العزيز الحكيم قد وقعت على سطح الكرة الأرضية، وبها من العبر والمناهج ما ينير الطريق للسالكين.


ولكن هناك من يريد الظلام لبني آدم من شياطين الجن والإنس كلّ حسب قدرته ونبوغه.

فعندما لم يستطيعوا أن يعبثوا بالإرسال المعرفي السماوي إلى الأرض رغم محاولاتهم الخائبة لاستراق السمع إذ جوبهوا بالرصد والرجم، فإنهم عمدوا إلى إفراغ محتوى كلام الله ومقاصده من وعي الناس ما أمكنهم بعد أن استلموه نقياً صافياً من أفواه الأنبياء،
وذلك بتحريف الكلم عن مواضعه وتلبيس الحقيقة بالوهم.

وقد حذر الله من خطورة هذه العملية واسترعى انتباهنا إليها وإلى فاعليها بقوله تعالى:
(مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) (النساء: 46).
وذلك تحديداً ما حدث لجغرافيا الأنبياء،
فليس من الناس من لم يسمع بأحداث ونتائج ودروس قصص إبراهيم ويوسف وموسى وبني إسرائيل وباقي الأنبياء المرسلين عليهم السلام، فضلاً عن قصص فرعون وقبيله، فلم يكن من المزورين إلا أن عمدوا مع سبق الإصرار والترصد إلى بعثرة المواقع الجغرافية لهذه الأحداث هنا وهناك بشكلٍ مدروس، فأحدثوا إرباكاً على الأرض كما أحدثوه في وعي الموحدين ليجنوا بذلك ثمناً قليلاً ولو بعد حين.

وللأسف أن هناك من الكّتاب والمفكرين الشرقيين والغربيين الذين اكتشفوا بفعل تقدم علوم الألسن القديمة وعلوم الآثار تضارب جغرافيا الأنبياء الميدانية مع ما هو قائم في وعي وثقافة الناس، فدفعتهم الحيرة والاستنكار إلى نسف الأحداث والشخصيات الواردة في الكتب السماوية وتكذيبها.
فغدوا بذلك من ضحايا هذا العبث اليهودي في التاريخ القديم.

خلاصة القول في ما يخص هذا الجانب أن هناك فرقاً بين الحق الذي جاء به كتاب الله وبين التحريف والتزوير الذي علق بتفاصيل هذه الحقائق ولازم وعي الناس وشكّل ثقافتهم العامة.
ويجب على الباحث المنصف فصل الحقيقة عن عوالق الوهم.
فحينئذ فقط سوف تتراءى أمام عينيه الحقيقة الناصعة ويعي بذلك معنى أن "الحق أبلج" !..

ملخص:

1- إن مصر القرآن ليست هي جمهورية مصر العربية كما هو مشاع بين المسلمين اليوم.
فلا يوجد دليل مادي يربط فرعون أو أحداً من الأنبياء عليهم السلام عدا نبي الله إدريس عليه السلام ببلاد القبط التي غدت في عهود متقدمة تعرف بمصر؛

2- إن اسم جمهورية مصر العربية العريق حسب ما أطلقه عليها سكان الوادي الأصليون كان دوماً:
"قبط" كما تُلفظ باللسان العربي،
وكبتو (Kopto) كما تُلفظ باللسان الفينيقي القديم (الإغريقي)،
وإجبت (Egypt) كما تُلفظ باللسان اللاتيني.
ولم تكن بلاد وادي النيل تُعرف بين سكان أهلها بمصر أبداً،
وكذلك بقي الحال حتى أيام خاتم المرسلين (صلى الله عليه وسلم)؛

3- إن الأقباط لم يلقبوا ملوكهم بفرعون أو فراعنة.
فهذا الاسم أو اللقب غريب على ثقافتهم وغريب على ألفاظهم؛

4- إن فرعون لم يكن أحد سكان القبط قط؛

5- إن موسى عليه السلام لم يكن ببلاد القبط قط؛

6- إن بني إسرائيل لم يكونوا من سكان القبط؛

7- إنه لا يوجد "فراعنة" أصلاً بل هو "فرعون "واحد فقط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:24 am

جذور الخلل والأفكار القديمة السائدة

يمكن للقراء أن يستشهدوا بعشرات بل مئات المقتبسات من تراثنا العربي القديم عبر حقبٍ مختلفة ليثبتوا أن آباءنا المسلمين كانوا يعتبرون أن بلاد القبط هي مصر موسى ويوسف عليهما السلام التي ورد ذكرها في محكم الكتاب.
ونحن نقول نعم، الأمر كذلك، لأن هذا ما كانت عليه ثقافة ووعي آبائنا التي عليها بُنيت ثقافتنا نحن أبناء اليوم.
وما يعنينا هنا هو كيف تمكن هذا المفهوم الذي أثبتنا خطأه وفككنا عناصره من وعي وثقافة مؤرخينا القدماء فأوقعوا أنفسهم وأوقعونا معهم في دائرة التيه اليهودية؟

للجواب نلفت الانتباه إلى أن الجدل حول هذه الحقيقة له عدة جوانب لا بُدَّ من تفكيكها قبل الخوض في صلب الموضوع.

فالجانب الأول:
هو الدهشة والعجب والاستنكار من وقوع مثل هذا الخطأ الفادح في فهم أجدادنا لجغرافيا التاريخ القديم رغم وجود من اعتبرناهم حرساً وأمناء على نقل التاريخ وتفسيره لنا، من المتأخرين والمتقدمين من مؤرخين ومفكرين ورجال دين. وإن هذه حالة طبيعية لمن يُصدم بوهم كان يحسبه حقيقة.

أما الجانب الثاني فهو:
إذا كانت أرض القبط تنفي بشدة ما اُدّعِيَ عليها من أحداث أكَّدَ حدوثها القرآن الكريم، فهل يعني ذلك أنه لم يكن هناك وجود لموسى ولا يوسف ولا بني إسرائيل ؟..

والجانب الثالث هو:
كيف وقع هذا الاشتباه الخطير لدى الآباء فأسقطوا مصر القرآن على القبط ؟..

بالنسبة للجانب الأول، فإننا لا نملك سوى أن نقول إن مصادر المعرفة كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم محصورة في الثقلين وهما كتاب الله والراسخون في العلم من عترته.
وما دون ذلك هي مصادر علم وتعلم واجتهاد تحتمل نتائجها الصحة والخطأ والدقة والوهم، فيصمد منها ما ثبت بالتجربة والبرهان واستساغه العقل والقلب ويندرس منها ما دون ذلك.
ولكن ما فعلناه نحن هو اعتبار كلَّ من تحدث في ما قاله الله ورسوله وأمور الوحي والتنزيل والتراث، وخصوصاً إذا كان من السلف، كمصدر معرفي لا كمصدرٍ معلوماتي،
فصرنا نتدبر فيه كما نتدبر في كتاب الله ونحمله على الصحة في أكثر الأحيان دون إخضاعه للتحليل والتمحيص.
ثم بعد ذلك نتفاجأ ونندهش ونعجب إذا وجدنا فيه خللاً عضالاً أو تضارباً مع الواقع والحقيقة، وذلك منهج وثقافة انتهجهما بعض آبائنا ونحن انتهجنا ما انتهج آباؤنا. وسوف نحصد نتائجه بأشكال مختلفة وفي أوقات متباعدة وذلك أن الآية التالية وشبيهاتها لم يرد أنها منسوخة ولا أن العمل بها قد عُطل بل هي سارية المفعول إلى يوم الدين تحذر الجيل تلو الجيل من مغبة التقليد الأعمى والذي ينتهي عادةً بالقول:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا)
(المائدة: 104 )
رغم أن ردّ الله سبحانه على هذا المنهج القائم بين الكثير من الناس هو:
(.. أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ.)
(المائدة: 104)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:25 am

من ﻫﻭ ﻓﺭﻋﻭﻥ ﻤﻭﺴﻰ؟


ﺇﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﻅﻡ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻔﺎﺕ ﺨﻁﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻜﻥ ﻋﺼﺒﺔ ﻤﻥ ﺃﺌﻤﺔ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻤﻥ ﺘﻤﺭﻴﺭﻫﺎ ﺒﻨﺠﺎﺡ ﻤﺘﻤﻴﺯ، ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺃمة ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ نفسها ﻭﺤﺴﺏ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺄﺴﺭﻩ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ، ﻫﻭ ﺘﺯﻭﻴـﺭ ﺍﻟﺒﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻟﻬﻭﻴﺔ ﻓﺭﻋﻭﻥ.

ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺼﺭﺕ نبي ﺍﷲ ﻤﻭﺴـﻰ عليه السلام ﻭﺍﻟـتي ﺨﺼﻬﺎ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺒﺎﻟﺫﻜﺭ ﺩﻭﻥ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺠﺒﺎﺒﺭﺓ ﺍﻷﺭﺽ ﻋﺒﺭ ﺍﻷﺯﻤﺎﻥ.

بعد ﺇﻤﺎﻁﺔ ﺍﻟﻠﺜﺎﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺯﻭﻴﺭ ﺍﻟﻤﹼﺘﻌﻤﺩ ﻋﻴﻨﻪ،
ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎﺯﻟﻨﺎ ﻨﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﻅـﻼﻡ ﺘﺒﻌﺎﺘـﻪ ﻭﻨﺘﻌﺜـﺭ ﺒﺘﺩﺍﻋﻴﺎﺘﻪ ﺤﺘﻰ ﻴﻭﻤﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﻭﺒﻜل ﻓﺌﺎﺘﻨﺎ ﻤﻥ ﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺭﺠﺎل ﺩﻴﻥ ﻭأكاﺩﻴﻤﻴﻴﻥ ﻭﺁﺒﺎء ﻭﺃﻤﻬﺎﺕ ﻭﻁﻼﺏ ﻤﺩﺍﺭﺱ.

من هم الفراعنة ؟..
أولاً ماذا تعني مفردة فراعنة ؟..
لقد حيّر هذا السؤال ابن خلدون والمسعودي ومن كان في زمانهم، وذلك بعد أن ألزموا أنفسهم بنسبة هذا اللقب لملوك وادي النيل. فها هو صاحب النجوم الزاهرة ينقل عن المسعودي قوله:
" ... قال المسعودي وسألت جماعة من أقباط مصر بالصعيد وغيره من أهل الخبرة عن تفسير اسم فرعون فلم يخبروني عن معنى ذلك ولا تحصل لي في لغتهم...".
وهذا الكلام غاية في الغرابة.
فما توصل إليه المسعودي من المسح الاستقصائي الذي أجراه بنفسه في زمانه ومع من وصفهم "بأهل الخبرة" من الأقباط وفي بلاد وادي النيل، كشف لنا أن من اِدّعينا دوماً أنهم "شعب الفراعنة" لا يفقهون واقعاً هذا الاسم المشهور، بل لا وجود له في لغتهم كما أكّد المسعودي نفسه.

فماذا فعل المسعودي باكتشافه العجيب هذا والمنافي لما كان شائعاً في زمانه ؟..

هل قرع الناقوس بين المؤرخين وتتبع أصل الخبر وفصله وواصل مشوار التحقيق العلمي الموضوعي ليكشف عن عمق الوهم الثقافي الذي كان يسيطر على زمانه ؟..

أم أطفأ بصيص النور الذي توهج أمامه في غمرة الظلام الحالك بوضع تبريرٍ عرضي يفسر به عدم التوافق بين ما انكشف له من حقائق مغايرة للثقافة السائدة في زمنه ؟..

يقول المسعودي، مبرراً الصدمة الثقافية التي اعترضته:
" .. فيمكن - والله أعلم - أن هذا الاسم كان سمة لملوك تلك الأعصار وأن تلك اللغة تغيرت كتغير الفهلوية وهي الفارسية الأولى إلى الفارسية الثانية وكاليونانية إلى الرومية وتغير الحميرية وغير ذلك من اللغات" ؟؟

أما ابن خلدون فقال في باب:
" الخبر عن القبط وأولية ملكهم ودولهم وتصاريف أحوالهم والإلمام بنسبهم:
هذه الأمة أقدم أمم العالم وأطولهم أمداً في الملك واختصوا بملك مصر وما إليها ملوكها من لدن الخليقة إلى أن صبحهم الإسلام بها فانتزعها المسلمون من أيديهم ولعهدهم كان الفتح وربما غلب عليهم جميع من عاصرهم من الأمم حين يستفحل أمرهم مثل العمالقة والفرس والروم واليونان فيستولون على مصر من أيديهم ثم يتقلص ظلهم فراجع القبط ملكهم هكذا إلى أن انقرضوا في مملكة الإسلام وكانوا يسمون الفراعنة سمة لملوك مصر في اللغة القديمة ثم تغيرت اللغة وبقى هذا الاسم مجهول المعنى كما تغيرت الحميرية إلى المضرية والسريانية إلى الرومية ونسبهم في المشهور إلى حام بن نوح وعند المسعودي إلى بنصر بن حام وليس في التوراة ذكر لبنصر بن حام وإما ذكر مصرايم وكوش وكنعان وقوط وقال..."
هنا نجد أن ابن خلدون بدوره يثبت حقيقة عدم انتماء مفردة "فرعون" إلى الأقباط مستعيراً تفسير المسعودي للتناقض السافر بين الثقافة المهيمنة والواقع الميداني.
ولو أمكننا لسألنا ابن خلدون والمسعودي، كيف يمكن لشعب مليوني التعداد أن يحكم بلاد وادي النيل منذ القدم ويُسمي ملوكه بالـ"فراعنة" ثم لا يلبث هذا الشعب أن يُضيع معنى هذا الاسم "الفراعنة" رغم أنه احتفظ بلفظ الكلمة عينها حتى وصلتنا نحن أبناء القرن الواحد والعشرين بشقيه الشرقي والغربي؟
ثم كيف يمكن لشعب بنى الأهرامات وهو من أقدم أمم العالم وإليه ترجع الحضارة الأسطورية في بلاد وادي النيل، كيف يمكن لهذا الشعب المعروف بالأقباط منذ القدم، أن يحكم بلاد "المصريين" وليس بلد الأقباط ؟..
ثم أّنى يكون له أن ينقرض فجأة من وعي المسلمين وثقافتهم بعد أن حكمه عرب الجزيرة العربية كما يشير ابن خلدون في كلامه أعلاه ؟..
هل فعلاً انقرض أبناء هذا الشعب أم تغير اسمهم من الأقباط إلى المصريين مع دخول الإسلام ديارهم، فانحصر اسمهم العريق في من بقي منهم على دين عيسى عليه السلام ؟..

من الواضح أن ثمة إرباكاً وتشويشاً في الحقائق.
ولن يعجب المرء إذا علم أن هذا النوع من التشويش دائماً يترافق مع المعلومات المستقاة من التوراة المُحرفة، كما يتضح من ذيل مقتبس ابن خلدون أعلاه، والتي برعت في خلط الحق بالباطل وما فتئت تغذي معلومات أساطين المؤرخين الشرقيين والغربيين.

وحقاً كان الأولى بنا أن نتخذ من القرآن مصدراً للمعرفة وليس التوراة، خاصة وأن القرآن الكريم حذر من عبث العابثين بالتوراة.


إذن، من هم الفراعنة ما دام المسعودي وابن خلدون يصرحان بأن هذا الاسم مجهول المعنى بالنسبة لشعب الأقباط حتى زمانهم وزمن من كان قبلهم ؟..
هذا السؤال نتوجه به إلى القارئ الكريم؛ من هم الفراعنة ؟..
هل هم ملوك وادي النيل ؟..

إذا كان الأمر كذلك فلماذا استبدلنا مفردة:
"ملك" بمفردة "فرعون" ومفردة: "ملوك" بمفردة "فراعنة" !!..
هل نملك سبباً وجيهاً لهذا الاستبدال الخطير لمفردة وردت واضحة وصريحة في القرآن الكريم ؟..
أجل، لا خلاف أن ذلك ما هو مشاع عالمياً اليوم،
ولكن هل المُشاع دليل يعتد به ؟..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:26 am

ذكر فرعون في القرآن الكريم:

إذا كان أهم مصادرنا المعرفية لشخصية فرعون هو القرآن الكريم،
فلنرجع إلى القرآن ونقرؤه مرة أخرى بروية وتدبر.
إن الثابت لقراء كتاب الله هو أن هناك شخصية واحدة لا غير، تُسمّى أو تلقب- كما نقل لنا كتاب الله العظيم- بفرعون.
وإن هذا الطاغوت المسمى فرعون قد عاصر زمن موسى عليه السلام.
هذا ما أثبته القرآن الكريم ولا ينصُّ كتاب الله في هذا الصدد على غير هذه الحقيقة.
فكيف تعاطينا نحن مع هذه الحقيقة القرآنية ؟ ..
فلنعاود قراءة القرآن الكريم مرة ثانية ونجعل ما جاء فيه من هدى هو الحق الفصل، ولنعيد
ترتيب معلوماتنا وثقافتنا على ضوء القرآن الكريم وليس العكس حتى نجد لنا مخرجاً من هذا
المأزق.
ففيما يلي بعض الآيات الشريفة التي تبين أن هناك فرعوناً واحداً فقط لا غير:
(وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)
(وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ)
(قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)
(قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ)
(ووَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
(اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى)
(قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ)
(فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ)

(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ)
(وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ)
ولا بد من ذكر ما يمكن أن يتبادر للذهن وهو أن لفرعون آلاً -قوماً- كما جاء في المحكم:
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ).
فلعل المقصود "بالفراعنة" هم آله، وهم أكثر من شخص لذا لزم الجمع، ولعل هذا هو أصل جمع مفردة "الفراعنة" المتداولة اليوم في العالم.
والإجابة على هذا الطرح هو أن المتداول في فهمنا اليوم هو أن أكثر من 100 ملك من ملوك القبط، هم فراعنة !!
ولكن آل فرعون لم يملكوا القبط ولا حتى مصر حيث ذكر المحكم أنهم بادوا مع فرعون:
(وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ)
وفي سورة الأنفال نقرأ:
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ)
فهل هؤلاء المغرقون حكموا القبط أو أي بلاد صغيرة أو كبيرة بعد تصريح القرآن بفنائهم مع فرعون نفسه ؟!


وقد أكد القرآن بصريح العبارة وبما لا يدع مجالاً للتأويل أن بني إسرائيل هم من ورث أرض مصر مباشرة بعد غرق فرعون وآله:
(فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ () إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ () وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ () وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ () فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ () وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ()كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ)

هذا بالنسبة للحقبة التي تلت غرق فرعون مباشرةً، حيث ثبت لنا أنها يجب أن تخلو من لقب فرعون وفراعنة.
ولتأكيد ذلك نرجع إلى القرآن الكريم حيث أكد لنا الوحي أن كبير القوم في عهد النبي يوسف عليه السلام كان يُنعت بالملك وليس فرعون، علماً أن زمانه يبعد عن زمن موسى عليه السلام ما يقارب 150 إلى 200 سنة فقط، والثابت حسب الثقافة السائدة بيننا أنه كان في نفس المنطقة التي سكنها بنو إسرائيل في عهد
موسى.
كما كان هذا الملك ينعت مساعده بالعزيز كما أخبر العلي القدير في قصة البقرات.
فلو كان الأمر كذلك للُقب كبير قوم يوسف بفرعون أيضا، وذلك ما لم يصرح به القرآن الكريم وإنما تزعمه التوراة فقط،
ونحن كما يبدو نصغي للتوراة أكثر مما نصغي للقرآن المجيد.
فما يقوله القرآن في هذا الشأن هو التالي:
(وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ () وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ () قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ () وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ () يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ () قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ () ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ () ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ()وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الَّلاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ).
ولما استلم نبي الله يوسف عليه السلام مسؤولية خزائن الأرض في عهد الملك أصبح له منصب "العزيز" كما جاء في هذه الآية
الشريفة التي تصور لنا دخول إخوة يوسف عليه السلام عليه إلى مصر:
(فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)
هذا يعني بنصِّ القرآن أنه لم يكن بعد زمن فرعون "فراعنة" كما أنه لم يكن قبل زمن فرعون "فراعنة" أيضا!
فعلى أي أساس إذن سطرنا نحن المسلمون والعالم معنا أكثر من 100 ملك من ملوك القبط قبل وبعد زمن فرعون جميعاً تحت لقب "الفراعنة"، خلافاً لما جاء في كتاب الله؟
أهي الثقافة المُشاعة مرة أخرى ولو على مستوى عالمي ؟..
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)

وإذا تساءلنا من الذي أسس أساس الانحراف والميل عن الجادة فجعل المفرد جمعاً؟
نجد الجواب يشير إلى التوراة المحرَّفة.
فهي التي جاءت بخبر تعددية لقب فرعون خلافاً لما جاء في القران الكريم، فأسقطت بذلك اللقب على ملك يوسف زوراً وبهتاناً كما نقرأ في هذا المقطع التوراتي:
"وبعد انقضاء سنَتَينِ رأَى فرعون حلماً، وإِذَا بِه واقفٌ بِجوارِ نَهرِ النِّيلِ 2 وإِذَا بِسبعِ بقَرات حسان اْلمنظَرِ وسمينَات الأَبدان، صاعدات من النَّهرِ أَخَذَت تَرعى في اْلمرج، 3 ثُم إِذَا.......منقطع في الكتاب .... فَابتَلَعت السنَابِلُ اْلعجفَاء السبع السنَابِلَ الزاهيةَ اْلممتَلئَةَ. وأَفَاقَ فرعون، وأَدرك أنه حلم"
وفرعون التوراة المذكور هنا هو عينه ملك يوسف الوارد ذكره في القرآن الكريم.
ليس هذا فحسب بل جعلت التوراة فرعوناً آخر في عهد نبي الله إبراهيم وهو ما نقرأه في هذا المقطع التوراتي:
"فَضرب الرب فرعون وبيتَه ضربات عظيمةً بِسببِ ساراي امراة ابرام."
فأي الخبرين نصدق وأيهما نجعل الحاكم ؟..
فردية فرعون القرآنية، أم تعددية فرعون التوراتية ؟..
وأي الخبرين بقي حبيس كتاب الله لم يبرحه إلى وعي الناس بعد؟!

نرجو أن نكون قد حسمنا بهدى الآيات السالفة الذكر في وعينا وإدراكنا أنه ما من "فراعنة" بل فرعون واحد لا غير.
حينئذ يصبح لزاماً البحث عن هذا الطاغوت الملقب بفرعون.
فأين نبحث عنه ؟
في مصر أم في القبط ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:26 am

نبوءات الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بشأن فتح مصر

سنسعى في هذا الباب إلى معالجة الاعتقاد بأن لرسول الله صلى الله عليه وسلم نبوءات سجلها تراثنا بشأن فتح مصر، وأن هذه النبؤات جاءت بصيغة واضحة تشير إلى أن "مصر" التي قصدها الرسول صلى الله عليه وسلم لفظاً هي عينها القبط.
فكيف يستقيم هذا مع طرحنا الذي يميز بين القبط وبين مصر القرآن مع تمسكنا بهدي الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ؟..
وجوابنا أيضاً بكل بساطة ...
هل فعلا ربط سيدنا الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بين القبط ومصر القرآن ؟..
أم أن هناك لبساً في فهمنا سبب لنا إرباكاً في إدراك مقاصد خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ؟..

نحن في هذا الزمن أكثر ما نخشاه ونحن نتدارس الأحاديث هو ما وصلنا من نقل رجال اختلطت عليهم المقاصد المحمدية بوهم الناقل أو قصور العلم كما صرح الإمام علي في خطبته المنهجية بشأن المرويات، فتسببوا من دون قصدٍ منهم بانحرافات ثقافية وفكرية ومنهجية امتد بلاؤها إلى زماننا.
ففي تدقيقنا هنا سنعمد إلى تفحص المرويات المعنية بقصد تمييز ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ممَّا اجتهد فيه الناقل.
وقد قسمنا ما ورد من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم بشأن فتح "مصر" إلى فئات حسب صيغة الرواية فيما يعني تحقيقنا:
1- دون الشيخ أحمد الطبري في كتابه ذخائر العقبى ما نصه: " قال أبو عمر وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا دخلتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة ورحماً."
وروى الشريف الرضي، نهج البلاغة، أنّه صلى الله عليه وسلم قال:
"لو عاش إبراهيم لأعتقت أخواله ولو ضعت الجزية عن كلّ
قبطي."
وهذا شبيه لما نقله الشيخ النيسابوري في المستدرك مع حذف الشطر الثاني من المروي:" (أخبرنا) أبو بكر بن إسحاق أنبأ الحسن بن على بن زياد ثنا إبراهيم بن موسى ثنا هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة ورحماً قال الزهري فالرحم أن أم إسماعيل منهم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

2- في مقابل هاتين المرويتين نجد مرويات أخرى لا تستقيم مع ما سبق وما هي بهذا الوضوح والحسم، كما أورد مسلم في صحيحه وغيره حيث لم يصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "مصر" بل قال "أرض" وإليك المتن:
"(حدثنى) أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرني حرملة وحدثني هارون بن سعيد الأيلى حدثنا ابن وهب حدثنى حرملة (وهو ابن عمران التجيبى) عن عبد الرحمن بن شماسة المهرى قال سمعت أبا ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحماً ..."

3- وفي مروي آخر عن أبى ذر أيضا أخرجه مسلم في صحيحة والبيهقي في سننه والمتقي الهندي في كنز العمال، نجد نفس الحديث (مع بعض الاختلافات في ما لا يعني تحقيقنا) ولكن مع ذكر "لأرض ومصر" معاً. وإليك المتن:" (حدثنى) زهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد قالا حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى سمعت حرملة المصرى يحدث عن عبدالرحمن بن شماسة عن أبى بصرة عن أبى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون مصر وهى أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فان لهم ذمة ورحماً أو قال ذمة وصهراً..."

4- وفي مرويات أخرى نجد الحديث جاء مطلقا أي يحتوي على "مصر" ولكن من غير "قبط" أو "قيراط" أو أي استدلال يشير إلى وادي النيل كما جاء في تاريخ الأمم والملوك: "حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنى ابن اسحاق عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فتحتم مصر
فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحماً. حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنى ابن اسحاق قال سألت الزهري ما الرحم التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم قال كانت هاجر أم إسماعيل..".
تلك هي مجمل الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي الروايات التي يتمسك بها الكثيرون للتعويل على أن القبط كانت تسمى مصر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك خلص المفسرون إلى أن القبط هي مصر المذكورة في القرآن.

ونحن ندعو هنا إلى فتح هذا الملف لإعادة النظر في الاستنتاجات التي بناها المفسرون على هذه الأحاديث وذلك بقصد مناقشة ما إذا كان هذا الكلام قد ورد أصلاً عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم،
ثم ما إذا كان يقصد من كلامه إثبات أن القبط هي مصر القرآن أم كان له غرض آخر غير هذا الذي ذهب إليه المفسرون؟


ما نقوله بهذا الصدد هو أن هذه الأحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم
وصحابته تحمل في طياتها ما يسيء للقيم الإسلامية وبالتالي لتعاليم الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلموصحابته الذين تُنسب تلك الأحاديث إليهم.

أضف إلى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو استخدم مصر اسماً لوادي النيل في معرض أحاديثه مع أصحابه في أي حديث ثبتت صحته، فإن ذلك لا يدلّ أبداً على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقصد إثبات أو نفي أو مناقشة تاريخ هذا الاسم وأصله وعراقته وامتداده إلى عصر فرعون أو إلى أي حقبة زمنية سحيقة أو حديثة. بل جلّ ما يعنيه هو أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعاطى بشكل طبيعي وواقعي مع زمانه بما تعارفوا عليه من أسماء للبلدان.

أما الرأي القائل بأن مجرد أن الرسول صلى الله عليه وسلمذكر اسم مصر يعني الجزم بأنه هو الاسم العريق لبلاد وادي النيل، فإن هذا المعيار يعني أن اسم كل بلد أو مدينة أو قرية أو ضيعة ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في معرض كلامه وحواراته مع قومه في زمانه هو بالضرورة الاسم الأوحد لتلك الأصقاع عبر الأزمان!!
وهذه فرضية مرفوضة متكلفة ولا تستقيم مع الشواهد القائمة، وتنطوي على تكليف لا نعلم لماذا ألزم المفسرون وغير المفسرين أنفسهم به وأقاموا على قواعده صرحاً ثقافياً موهوماً؟!
ولذلك فإننا في هذا البحث لم نجزم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت لنا بأن اسم بلاد وادي النيل كان القبط أيام فرعون وذلك لمجرد ورود مفردة القبط في مكاتباته مع المقوقس.



بل تركنا هذا الجزم والإثبات للبحث والتدقيق وتقصي الحقائق التي لا بد ستكشف لنا الحقيقة مادمنا نقصدها بتجرد وموضوعية وتحرر من العصبية والانحياز الفئوي أو الطائفي.

لذا نخلص بالقول إنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلمما يمكن أن يحتج ويستدل به لإثبات أن اسم مصر كان واقعاً اسم بلاد وادي النيل أيام فرعون، أي قبل 1900 سنة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

ويتبقى كما ثبت لنا أن القبط هو الاسم الأعرق لبلاد وادي النيل بالمقارنة مع اسم مصر المعروف اليوم كمسمى لهذا البلد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:27 am

البحث عن مصر

بعد أن اكتشفنا الوهم التراثي المتعلق بجغرافيا الأنبياء،
وحللنا أسباب تمكن هذا الوهم من ثقافتنا وثقافة آبائنا،
آن الأوان لتصفية ثقافتنا مما بث فيها أئمة اليهود من سموم.
وذلك كي تتمكن هذه الأمة العظيمة من منابع نهضتها ومكامن عزتها.
ولا ملاذ لنا سوى القرآن الكريم لننهل منه عذب ماء الحقيقة المغيبة بعد طول عطش الوهم والتيه اليهودي.
فأين تقع مصر التي ورد ذكرها في كتاب الله، والتي ادعى فرعون ملكيتها ؟..
أين مصر التي كان بها كليم الله موسى عليه السلام وجده الصديق يوسف عليه السلام والمحتسب يعقوب عليه السلام، ومعهم بنو إسرائيل واليم والكثير من الأحداث والشخصيات والمعالم ذات الصلة. والأهم من ذلك،
هل ثمة المزيد من المغالطات والخفايا التي ستتكشف لنا في طريق البحث عن هوية فرعون ؟..
عادة التَّيَمُّن وأثرها في التحقيقات الجغرافية التاريخية
كي نتمكن من البحث عن مصر التي ورد ذكرها في القرآن يجب علينا أن نعي أثر عادة التيمُّن ومراعاة انعكاساتها في التحقيقات الجغرافية المستوحاة من السجلات التاريخية القديمة.

وهذه العادة، أي عادة التيمُّن، هي عادة قديمة لازمت الإنسان الأول منذ عصر آدم العاقل وامتدت إلى يومنا هذا وهي مرشحة للاستمرار مادام الإنسان موجوداً.

وهي تمثل باختصار عملية تكرار مسميات المواقع الجغرافية والأعلام عبر حقب مختلفة من الزمن بقصد تخليد الذكرى والتفاؤل أي "التيمن".
بيد أن هذه العادة الإنسانية تسبب إرباكاً في الاستكشافات والتحقيقات الجغرافية - التاريخية ما لم تؤخذ بالحسبان أثناءها. كما يمكن توظيف تبعات هذه العادة بسهولة لإيقاع تزويرات وتحريفات متعمدة وتمريرها، وقد يقع اشتباه غير مقصود أحياناً عند المحققين الجغرافيين بسبب تشابه أسماء مواقع وأعلام مختلفة.
ولتقريب الصورة نطرح هذا السؤال:
كم شخصاً من أقربائك أو أصدقائك أو معارفك يسمى "محمد"؟
الغالب هو تيمناً وتخليداً لذكرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم. أو أحد الآباء والأجداد.

ولا إشكال في هذه الممارسة في الظروف العادية،
ولكن المشكلة تكمن إذا وقع حدث مهم في تاريخ العائلة وفي عهد أحد الأجداد القدامى ثم سميت سلسلة من أحفاد هذا الجد تباعاً باسمه.

فكذلك الحال مع المواقع الجغرافية.
فما إن تستقر قبيلة أو عشيرة في مكان ما لحقبة مديدة ثم تضطر للرحيل إلى موقع آخر جديد، فإن أول ما تقوم به هذه القبيلة أو العشيرة هو إطلاق اسم على الموقع الجديد.
وانطلاقاً من عادة التيمن، فكثيراً ما يتم إطلاق اسم مكرر على الموقع الجديد مستوحى من الذاكرة المتعلقة بالموطن القديم.
ولا تقتصر ظاهرة التيمن بالاسم هذه على مسميات المدن والقرى بل تشمل المعالم الأرضية كالأنهار والسهول والوديان والبحيرات.
فما إن يصطدم المهاجرون القدامى بنهر في الأرض الجديدة حتى يطلقون عليه اسماً مقتبساً من ذاكرتهم القديمة.
فإذا لم يجدوا ما يمكن أن يتيمنوا به استحدثوا اسماً جديداً كخيار أخير.
وهذا يفسر لنا تشابه الأسماء لمدن في العالم القديم، أي الجزيرة العربية وما يحيطها من بلدان.
النظر إلى أحداث ضاربة في الزمن تعود إلى عهد إبراهيم ونوح وآدم.
فيوجد مثلا حي بمكة يدعى غزة وتوجد مدينة بفلسطين تدعى غزة فأيهم الاصل وايهم تيمني؟
أما بالنسبة للجزيرة العربية بالذات فتكثر فيها الأسماء المكررة نتيجة هجرة القبائل والعشائر المستمرة من موقع إلى آخر عبر الأزمان السحيقة أي منذ عهد آدم العاقل إلى اليوم، خلاصة القول أنه كلما ورد حدثٌ تاريخي مهم يُستدل عليه باسم ميداني لموقع جغرافي،
أي مدينة أو قرية أو نهر أو حتى شخصية ضاربة في القدم، وجب التحقق من الموقع المذكور وعدم الخلط بين الأصل والتقليد أو الاسم الأصلي واسم التيمن.
فلعل حدثاً ما وقع في المكان الذي يحمل الأسم الأصل في جزيرة العرب يجر إلى موقع يحمل نفس الاسم في الجزيرة العربية نفسها أو خارجها، كما فعل اليهود عمداً أو كما فعلنا نحن سهواً، وهو ما سيتضح في التحقيقات التالية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:28 am

تمصير الأمصار:

إن المتصفح للمعاجم العربية يجد أن مشتقات مفردة "مصر" كثيرة ومتنوعة.
وأسرع ما يتبادر إلى الذهن من هذه المشتقات المعنى الشائع بيننا وهو أن "مصر" اسم علم يطلق على بلاد القبط.

فهذا المعنى غير الأصيل، كما سوف يتضح للقارئ،
اختزل كلَّ المعاني الأصيلة لمشتقات هذه المفردة العربية "مصر".

فمن بين مشتقات مفردة مصر "التمصير"،
وفعل التمصير هذا ينطبق على الأماكن بقصد تحويلها من بقاع مجهولة أو عادية إلى مدن معروفة تُشد إليها الرحال.
فيقال: " .. مصّروا المكان تمصيراً أي جعلوه مِصْراً فتمَصَّر".
ولقد عُرف عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه مُمَصِّر الأمصار وذلك لأنه مَصَّر العديد منى الأراضي أثناء الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام.

فها هو الحموي يشرح كيف مَصَّر الخليفة مِصْرَ البصرة أو مدينة البصرة فيقول:
" ... ثم إن عتبة كتب إلى عمر يستأذنه في تمصير البصرة وقال: إنه لا بُدَّ للمسلمين من منزل إذا أشتى شتوا فيه وإذا رجعوا من غزوهم لجئوا إليه، فكتب إليه عمر أن ارتد لهم منزلاً قريباً من المراعي والماء واكتب إلي بصفته، فكتب إلى عمر: إني قد وجدت أرضاً كثيرة القضة في طرف البر إلى الريف ودونها مناقع فيها ماء وفيها قصباء ... قال: ولما وصلت الرسالة إلى عمر قال: هذه أرض بصرة قريبة من المشارب والمرعى والمحتطب، فكتب إليه أن انزلها، فنزلها وبنى مسجدها من قصب وبنى دار إمارتها دون المسجد في الرحبة..، وكان تمصير البصرة في سنة أربع عشرة قبل الكوفة بستة أشهر ".

يتجلى واضحاً من هذا المقتبس أن عملية التمصير هي التي أنشأت مدينة البصرة.

فلم تكن البصرة ممدنة أو ممصرة قبل عهد الخليفة عمر، بل كانت أرضاً بأطراف البر شأنها شأن أي أرض أخرى عادية لا شأن لها حتى وضع الممصرون أيديهم عليها فأنفقوا واستثمروا وعمروها فغدت وتداً ومحطَّ رحال للركبان والتجار والرحالة.

وقد جرت العملية ذاتها على مصر الكوفة في عهد الخليفة عمر،
إذ ينقل البلاذري عملية تمصير الكوفة بقوله: ".. ما جاء في ذكر تمصير الكوفة.. إن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبى وقاص يأمره أن يتخذ للمسلمين دار هجرة، وأن لا يجعل بينه وبينهم بحراً. فأتى الأنبار وأراد أن يتخذها منزلاً. فكثر على الناس الذباب، فتحول إلى موضع آخر فلم يصلح، فتحول إلى الكوفة فاختطها وأقطع الناس المنازل، وأنزل القبائل منازلهم، وبنى مسجدها وذلك في سنة سبع عشرة ..".

أما إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام، فيسمي الكوفة مصراً كما جاء في إحدى خطبه: ".. قال بعضهم إن أمير المؤمنين قال هذا الكلام عند ما كان يغير أهل الشام على المؤمنين - إن سرت سرنا معك، فقال عليه السلام: ما بالكم: لا سددتم لرشد، ولا هديتم لقصد، أفي مثل هذا ينبغي لي أن أخرج ؟..
إنما يخرج في مثل هذا رجل ممن أرضاه من شجعانكم وذوي بأسكم، ولا ينبغي لي أن أدع الجند والمصر وبيت المال وجباية الأرض والقضاء بين المسلمين والنظر في حقوق المطالبين..".

وما البصرة والكوفة إلا مثالين لعملية تحويل بقاع لا شأن لها إلى أمصار أو مدن معروفة عن طريق التمصير.
والتمصير عملية تمارس حتى يومنا هذا،
فهي مصطلح اقتصادي معماري تخطيطي هام في سياسات الدول العمرانية.
فما من مدينة تنشأ هنا أو هناك اليوم أو في الماضي أو في المستقبل إلا وتقع ضمن عنوان التمصير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:28 am

رحلات إبراهيم عليه السلام بين ترهات "السبعينية" والحقيقة:

يمكن تقصي هوية فرعون الشخصية التي مازلنا نتحراها بالتحقيق في رحلات خليل الله إبراهيم عليه السلامالجغرافية والتي تفنن المحرفون في هندستها حسب مبتغاهم ليؤمِّنوا لهم أرضاً تمتد عبر القارات تحت سطوة أسطورة الأرض الموعودة "الربانية".


ثم يمكن لنا بعد ذلك تعيين الأرض التي انتهى إليها الخليل، وحينئذ يمكننا تحديد وطن ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام وكذلك موطن حفيده يعقوب وأبنائه يوسف عليه السلام وإخوته الأحد عشر، ومن ثم تعيين مصر التي حُمل إليها يوسف عليه السلام، والتي هي نفس الأرض التي أقام فيها حفيده الثالث موسى في عهد فرعون، حسب فهمنا الحالي.

اسم إبراهيم عليه السلام يُنقل إلى العراق:

تفصِّل التوراة المُحرفة رحلة الخليل إبراهيم عليه السلام منذ أن انطلق من أرض آبائه، حيث توضح أن إبراهيم عليه السلامكان من سكان العراق في عهد الدولة الكلدانية (Chaldeans) وفي مدينة أور (Ur) تحديداً وهي مدينة تقع قرب الناصرية حالياً- كما جاء في سِفرَيْ التكوين وتحميا:
"وأخَذَ تَارح إبرام ابنَه ولُوطا بن هاران ابن ابنه وساراي كَنَّتَه امرأةَ إبرام ابنه فَخَرجوا معا من أورِ اْلكلدانيين لِي ذهبوا إلى أرضِ كنعان. فَاتُوا إلى حاران وأقَاموا هنَاك".
"وَقَالَ لَه: أنا الرب الَّذي أخْرجك من أورِ اْلكلدانيين لِيعطيك هذه الأرض لِتَرِثَها".
"أنت هو الر ب الإِلَه الَّذي اختَرتَ إبرام وأَخرجتَه من أُورِ اْلكلدانيين وجعلتَ اسمه إِبراهيم".
"وماتَ هاران قَبلَ تَارح ابِي في أرضِ ميلاده في أورِ اْلكلدانيين".

إن هذه المقتطفات التوراتية وأخرى مشابهة لها هي كل ما احتاج أن يزوره ويحرفه فريق "السبعينية" ليتم نقل اسم نبي الله إبراهيم عليه السلامإلى العراق وجعله عراقياً من مواليد حقبة الدولة الكلدانية.

فلننظر في هذا الخبر أهو حقيقة أم وهم آخر دس بليلِ وانتشر في العالم تحت
سطوة ادعاء "هذا من عند الله".

ومن الجدير بالإشارة هنا أن الدولة الكلدانية عربية خالصة العروبة، مثلها مثل الدولتين البابلية والآشورية، وقد أسسها شيخ عربي كما نقل انستاس ماري الكرملي حيث يقول: "إن مؤسس الدولة الكلدية في العراق هو شيخ عربي ينتمي إلى القبائل العربية اسمه كلده".
وذلك يتطابق تماما مع نظام التسميات في الدول العربية اللاحقة مثل الدولة الأموية والعباسية والأيوبية ..الخ، حيث تُسمى الدول باسم شخصية مهمة في تاريخ عائلة المؤسس أو قبيلته.

وقد ذكرنا سابقاً أن موسى عليه السلام خرج ببني إسرائيل من منطقة تدعى مصر، وهي غير جمهورية مصر العربية، وذلك قرابة سنة 1300 ق.م كما أكد اليهود في مؤرخاتهم، مما حدا بهم لاتهام ملك القبط رعميس الذي حكم القبط في ذلك الزمن بأنه هو فرعون موسى عليه السلام.

لذا لا بد أن يكون عهد إبراهيم عليه السلاممتقدماً كثيراً عن سنة 1300 ق.م

طالما أن إبراهيم عليه السلامهو الأب السادس لكليم الله موسى.
ويُرجع اليهود عهد إبراهيم عليه السلامإلى 1816-1991 ق.م والأصح أنه كان حوالي سنة 1700 ق.م.
فما علاقة الحقبة التي كان فيها الخليل إبراهيم عليه السلامبمدينة أور في زمن الحقبة الكلدانية ؟..
لقد أنسى الله المزورين أن العهد الكلداني بدأ في حوالي سنة 626 ق.م وانتهى في حوالي سنة 539 ق. م 194 . أي أن الدولة الكلدانية نشأت وانتهت بعد عهد نبي الله إبراهيم بما يقارب 1400 سنة.



فمن أين عرفت التوراة "الحقبة الكلدانية" إذا كان المُفترض أنها نزلت في عهد موسى عليه السلامأي في حوالي سنة 1300 ق.م؟!
إن تصديق هذا الخلط التاريخي الزمني يشبه تصديق من يؤرخ مُدعياً أن جمال الدين الأفغاني كان من جلساء الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه! ثم يراد لنا أن نزدرد هذه المرويات ونسّلم بأمرها.


ومن الجدير بالذكر أن التوراة "السبعينية" كانت على علم بحقبة الكلدان التي كانت تمثل قوة عظمى في ذلك الزمان، حيث جاءت بعدها بمئتي سنة تقريباً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:29 am

إن هذا الخبر المُستنكر على كل حال طالما حيَّر الكثير من الباحثين الغربيين المتخصصين في العلوم التوراتية، في جملة أخبار، حتى أنهم كتبوا فيه وحاولوا تحليل المآرب اليهودية وراء هذا التزوير الفاضح وخرجوا بنتائج مختلفة منها أن اليهود كانوا يحاولون فرض وجودهم في تاريخ العراق ومن ثم في أرض العراق بعد سقوط الدولة الكلدانية على يد حكام فارس الذين تحالفوا مع كهنة اليهود لإسقاط هذه الدولة، وذلك كما يرى جاري جرينبرك. العالم التوراتي المعاصر (Gary Greenberg).
ولكن يصعب أن تجد أذناً صاغية لهذه الحجج العلمية والموضوعية على مكتشفات التزوير وسط الصخب الإعلامي التوراتي الهائل.

وفي المقابل فإن انكشاف هذا التزوير التوراتي الفاضح زاد آخرين تعنتناً وتمسكاً بما ورد في التوراة المتداولة بين أيديهم وهم على علم بما تحمله من تناقضات صارخة كما زادهم تصميماً على نشر هذا الضلال:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ).
فنجحوا في تمرير هذا التزوير الشنيع حتى اخترق عقول المثقفين الغربيين ناهيك عن العامة التي ألفت مناهج التقليد الأعمى.

وكي نتتبع أصل هذا التزوير ما علينا إلا الرجوع إلى "التوراة السبعينية" كما فعلنا سابقاً كي نكتشف كيف تم تغيير اسم مصر إلى قبط.

ففي التوراة السريانية القديمة يُذكر اسم لموقع ولادة إبراهيم لا صلة له بمفردة "الكلدانيين" ولكن هذه المفردة ظهرت في "السبعينية" بديلة للكلمة الأصل، تماماً كما ظهرت "قبط" بدلاً لاسم "مصر".



ففي المقطع التوراتي التالي المتداول اليوم نقرأ:

"وماتَ هاران قَبلَ تَارح ابِيه في أرضِ ميلاده في أورِ الْكلدانيين".


ويقابلها بـ"العبرية" السريانية الأصل:

"וימת הרן על־פני תרח אביו בארץ מולדתו באור כשׂדים׃"

وبالرجوع إلى جدول أبجديات السريانية المعدلة (ما يسمى العبرية) لاستنطاق حروف الكلمة المعنية بقراءتها من اليمين إلى اليسار، نجد أنها تُنطق هكذا:
كشديم او (كسديم).
وبالرجوع إلى النص المترجم لنفس المقتطع التوراتي كما جاء في "السبعينية"، نجده مكتوباً كما يلي:
καὶἀπέθανεν Αρραν ἐνώπιον Θαρα τοῦπατρὸςαὐτοῦἐν τῇγῇ
، ᾗ

ἐγενήθη
، ἐν τῇχώρᾳτῶν Χαλδαίων.
Myths of the Bible-How Ancient Scribs Invented Biblical History، Gary Greenberg. P

مرة أخرى نراجع جدول أبجديات الحروف الإغريقية الوارد أعلاه،
ونقرأ من اليسار

إلى اليمين لنجد أن فريق "السبعينية" حول "كشديم" أو "كسديم"إلى "كالدون" أو "كلدون" ؟!.
فلك أن تحكم على دقة هذه الترجمة التي بدلت ما يفترض أنه اسم علم باسم علم آخر لا صلة له به.


بيد أن هذا التزوير والتحريف لموقع ولادة الخليل إبراهيم لم يلبث أن انتشر في العالم الغربي تحت ظلال سلطة الإغريق المهيمنة على العالم آنذاك كما لو كان اكتشافاً جديداً، واستمر كذلك أكثر من 800 سنة حتى البعثة المحمدية وتعداها إلى يومنا هذا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:29 am

أما نحن ضحايا آفة التزوير والتحريف فقد تلبست في وعينا وثقافتنا التراثية هذه الأوهام والضبابية والتشويش وتسللت إلى كتبنا التاريخية ومن ثم إلى مساجدنا ومحافلنا القديمة والحديثة وصولاً إلى مناهجنا التعليمية، مما أسهم في توغل هذا الوهم وتجذره في ثقافتنا وتمكنه من وعينا.

ويظل المستفيد الأول من هذا الإضلال هم أئمة اليهود الذين نجحوا في إدراج العراق أيضاً ضمن قائمة خريطة "الأرض الموعودة" بعهدٍ"من عند الله".
فجعلونا نعترف بل نُسوِّق عقائدياً ادعاءاتهم الباطلة.

ولأن خبر دخول العراق في حياة نبي الله إبراهيم عليه السلام مزوَّر ومتعسر الهضم، فقد انعكس ذلك على منقولات المؤرخين العرب الذين أسرتهم هيمنة ثقافة وهمية عمرها أكثر من ثمانية قرون قبل البعثة، فأخذوا يعتذرون ويبررون لليهود فضيحة مجيئ الدولة الكلدانية في "التوراة المقدسة" رغم أن عهدها بعيد كل البعد عن زمن نزول التوراة ناهيك عن زمن إبراهيم عليه السلام.


فبدلاً من مطالبة اليهود بالحقيقة ومعاتبتهم على افترائهم وتقولهم على الله جلَّ وعلا كذباً، أخذ بعضهم يرفع الحرج عن اليهود بزعمه أنهم كانوا يعنون "بابل" عندما ذكروا "الكلدانيين" في التوراة!

حيث أن الدولة البابلية تسبق الدولة الكلدانية بقرون كثيرة وتتزامن حقبتها مع عهد موسى عليه السلام.
فأسسوا عن حسن نية "مخرجاً شرعياً" لليهود وقاهم شر الفضيحة.

وقد انعكست هذه البلبلة والضبابية الناتجة عن التزوير على كتابات المؤرخين العرب، فأدت ببعضهم إلى نقل جميع الأقوال المتضاربة بشأن موضع ولادة إبراهيم عليه السلام، فيما نقل آخرون عن اليهود أقوالهم دون تعليق وسعى غيرهم للتصحيح والترجيح بحسن نية وحسب اجتهادهم، فأنتجت تبعات نقلهم للتزوير ثقافة وهمية في وعينا نحن أجيال اليوم تتضارب مع شهادة الأرض وعلوم الآثار والعقل والمنطق.

وهذه عينة مقتبسة من أقوال مؤرخينا حول موقع ولادة نبي الله إبراهيم عليه السلام.
فصاحب المنتظم ينقل لنا صورة عن اختلاف علماء زمانه حول البلاد التي احتضنت مولد أبي الأنبياء وأحد أشهر الشخصيات العالمية في الماضي والحاضر:
"... واختلفوا في المكان الذي ولد فيه فقال بعضهم ولد في بابل من أرض السواد وقال بعضهم بالسواد بناحية كوثى وقال بعضهم ولد بالسوس من أرض الأهواز وقيل كان بناحية كسكر ثم نقله أبوه إلى ناحية كوثى وهي المكان الذي كان به نمرود وقيل كان مولده بحران ولكن أباه نقله إلى أرض بابل"
وفي مكان آخر نجد "مخرجاً شرعياً" إضافياً لتزوير كان الأجدر التدبر فيه وتتبع أصوله بدل المرور عليه مرور الكرام:
" وروى ابن عساكر من غير وجه عن عكرمة أنّه قال كان إبراهيم عليه السلام يكنى أبا الضيفان قالوا ولما كان عمر تارخ خمساً وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام وناحور وهاران وولد لهاران لوط وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها وهي أرض الكلدانيين يعنون أرض بابل .."


وينقل صاحب الأنس الجليل أقوالاً تم ترجيحها حسب تعبيره لصالح ما جاء في "التوراة السبعينية" دون أن يوضح المعيار الذي تم على أساسه هذا الترجيح:
"... وجعله أبا الأنبياء وتاج الأصفياء ونصرة أهل الأرض وشرف أهل السماء وكان مولده عليه السلام بكوثا من إقليم بابل من أرض العراق على أرجح الأقوال".


وإن ما كنا نخشاه من تصدُّر ثقافة أهل الكتاب الملوثة كمنهل معرفي لأهل القرآن نجده في هذا المقتبس:
"...لوط ابن أخي إبراهيم الخليل فإبراهيم وهاران وناحور إخوة كما قدمنا ويقال أن هاران هذا هو الذي بنى حران وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدي أهل الكتاب والله أعلم"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:30 am

الموقع الحقيقي لمولد نبي الله إبراهيم عليه السلام والهجرة إلى مكة:

بعد أن تبين لنا أن فريق "السبعينية" أخفى الموقع الحقيقي لمولد نبي الله إبراهيم عليه السلام وحرَّفه إلى العراق وجب علينا إعادة قراءة "القرآن الكريم كما نزل" بالترافق مع الشذرات المترامية هنا وهناك من الأخبار ذات الصلة في التراث العربي، والتي لم يُعِرها الكثير من المفسرين أدنى اهتمامٍ لتناقضها مع الثقافة المهيمنة في عهودهم والتي أثبتنا تلوثها بمدخلات "السبعينية".
فالآيات 51-57 من سورة الأنبياء تورد لنا الأحداث التي مرَّ بها نبي الله إبراهيم عليه السلام أثناء تواجده بين قومه والتي أدت إلى خروجه من ديار آبائه إلى أرض دعاها الله جلَّ وعلا:
(وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ).
فنقرأ قوله تعالى:
(قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ () قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ () فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ () ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ () قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ () أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ () قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ () قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ () وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ () وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ () وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ).

تؤكد هذه الآيات النورانية أن الخليل انتقل فعلاً من ديار آبائه بعد أن وُضع في النار نتيجة مقارعته أئمة الضلال في عصره.

فانتقل إلى موقع جغرافي آخر إلى أرض نعتها الله تعالى بالمباركة عالميا.

فما هي الأرض التي عُرف أنها مباركة وتميزت بمعرفة العالم لها منذ أقدم العصور؟..

بالبحث في التراث نجد أن مكة كانت مقصد إبراهيم عليه السلام بعد خروجه من موطن الآباء، بيد أن هذه الحقيقية خولطت بشبهات وعوالق أثّرت حتى على تفسير المفسرين وأحاديث المتكلمين.
ولو استعرضنا فهم المفسرين للآية:
(الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)
لوجدنا تبايناً عجيباً وترجيحات أعجب:
"حدثني يونس قال أخبرنا بن وهب قال قال بن زيد في قوله ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين قال إلى الشام وقال آخرون بل يعني مكة وهي الأرض التي قال الله تعالى التي باركنا فيها للعالمين.
ذكر من قال ذلك حدثني محمد بن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي قال ثني أبي عن أبيه عن بن عباس قوله ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين يعني مكة ونزول إسماعيل البيت ألا ترى أنه يقول إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين.
قال أبو جعفر وإنما اخترنا ما اخترنا من القول في ذلك لأنه لا خلاف بين جميع أهل العلم أن هجرة إبراهيم من العراق كانت إلى الشام وبها كان مقامه أيام حياته وإن كان قد كان قدم مكة وبنى بها البيت وأسكنها إسماعيل ابنه مع أمه هاجر غير أنه لم يقم بها ولم يتخذها وطنًا لنفسه ولا لوط والله إنما أخبر عن إبراهيم ولوط أنهما انجاهما إلى الأرض التي بارك فيها للعالمين".

هنا يتبين لنا أن ذاكرة العرب تحوي حقيقة أن مكة هي الأرض التى نُجي إليها إبراهيم، بيد أن ثمة متوارثات سائدة مبهمة كانت مهيمنة آنذاك وهي التي أدَّت إلى تهميش هذه الحقيقة وطغت على غيرها من أقوال.

وإن أمثال أبا جعفر الوارد اسمه في المقتبس أعلاه له أثر في بناء ثقافة أجيال الأمس وأجيال اليوم مثله مثل أي متحدث يرد له رأي في كتب التاريخ.
فقد رجح لنا أبو جعفر الشام على مكة لأّنه كما يقول:
"لا خلاف بين جميع أهل العلم..".

هذه المقولة الحاسمة نسمعها حتى اليوم، وهي ذات أثر نفسي فعَّال في إخماد أي رأي مخالف أو مستفسر، ونسمعها في معرض التراشق على ألسن المختلفين وكأن لكل كتلة مذهبية "أهل علم" يختلفون عن الآخرين.

وتكون الغلبة عادة لا لمن جاء بالحجة والبرهان بل لمن مالت إلى رأيه السلطة الحاكمة آنذاك، فتدور آلة الإعلام السلطوية تروِّج للرأي الذي يناسبها حتى يختفي الرأي الآخر من ثقافة الناس ووعيهم ويبقى في أحسن الحالات رهين صفحات الكتب القديمة في انتظار من يبعث فيه الحياة بعد أن يثبت فساد الرأي الشائع بين الناس.

فماذا عن "الآخرين" المذكورين في الكلام أعلاه، والذين قالوا إن إبراهيم عليه السلام هاجر إلى مكة وليس إلى الشام،
هل هؤلاء مصنفون من أهل العلم ؟..
أم إنهم دون ذلك ؟..
هذا علماً أن خبر مكة منسوب لحبر الأمة ابن عباس في عدة مواضع.

ثم إن هذا الإجماع الذي تم حسمه بين أهل العلم كما صرح أبو جعفر في ذلك الزمن،
هل تم بآلية يمكن اعتمادها عبر الأحقاب المتوالية أم هو توافق فريق معين على رأي قام بفرضه على أجيال الأمة بأكملها؟!..

وما حكاية هذا التبرير الغريب لتفريق إبراهيم عليه السلام عن عائلته بادعاء أن الله أنجى إبراهيم ولوطاً إلى الأرض المباركة وهي الشام وبعث بهاجر وابنها إسماعيل إلى أرض غير مباركة وهي مكة ؟!..
وماذا عن زوجة إبراهيم عليه السلام سارة التي لم يرد اسمها أو ضمير عائد إليها في الآية ؟..
هل هي من أصحاب الشام المباركة ؟!..
أم أرسلت هي الأخرى إلى الأرض غير المباركة مع هاجر وإسماعيل؟..

طبعاً لا يجرؤ أحد أن يقول إن القدس هي مبرر بركة الشام المبهمة لأن قدس الشام لم يكن لها وجود هناك في عصر إبراهيم عليهم السلام.

فجلّ وجودها هناك يعود لزيارة النبي الجليل إلى الشام حسب خط الرحلات الذي رسمته التوراة السبعينية للنبي الجليل وعائلته وغنماته في قارات العالم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:30 am

كما هو واضح فإن إبراهيم عليه السلام قصد مكة وضواحيها مما يعرف بالمشاعر. فهي الأرض المباركة للعالمين كما أن ذلك ما دلت علية ذاكرة العرب. وبالعودة إلى القرآن الكريم نجد أن إبراهيم ولوطاً عليه السلام ارتحلا من أرض أجدادهما كما جاء في سورة الأنبياء ليظهرا في الأرض المباركة للعالمين، مكة، حيث أسكن إبراهيم عليه السلام هاجر وابنه إسماعيل عليه السلام كما جاء في المحكم:
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)
وإن هذا الحدث، أي ظهور إبراهيم عليه السلام بمكة، أمر راسخ في ذاكرة العرب وآثاره يشهدها الملائكة والجن والإنس من كل عام في موسم الحج الذي ترتبط مناسكه وشعائره ارتباطاً وثيقاً باسم الخليل إبراهيم عليه السلام وعائلته.
ولكن السؤال الذي يبقى هو أين ذهب إبراهيم عليه السلام بعد أن أسكن هاجر وإسماعيل ببطن وادٍلا ماء فيه ولا زرع هل ذهب إلى الشام مشياً على قدميه أو على ظهر حمار مسافة 1250 (كلم) تقريباً كما هو مشاع بين الناس اليوم ؟..
أم ذهب إلى وادي عرفة حيث مضارب خيام زوجته سارة الذي يبعد حوالي 22 (كلم) تقريباً عن بطن مكة؟
ذلك ما سيتضح لنا من خلال هذا البحث.

ولكن آيات سورة الأنبياء لم تحدد لنا المكان الذي منه انطلق إبراهيم عليه السلامإلى منطقة مكة، والذي يُفترض أن يكون موطن آبائه ومسقط رأسه.
بيد أن هناك آيات أخرى تبين أن مكة ليست بعيدة عن المنطقة التي جاء منها إبراهيم:
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا () إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا () يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا () يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا () يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا () قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا () قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا () وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا () فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا)
من الآيتين الأخيرتين إلى جانب آيات الإنجاء إلى الأرض المباركة للعالمين التي أسلفنا ذكرها، نفهم أن إبراهيم عليه السلاماعتزل قومه في الأرض المباركة للعالمين.
حيث تعلمنا من آيات سورة الأنبياء السالفة الذكر أن إسحاق ويعقوب ولدوا بعد خروجه من موطن آبائه إلى الأرض المباركة للعالمين أي مكة.

وتشير الآيات من سورة مريم أعلاه إلى أن إسحاق ويعقوب ولدوا في فترة اعتزاله، مما يعني أن مكة كانت المنطقة التى غادر إليها وهي أيضا المكان الذي اعتزل فيه عن آبائه.

والاعتزال هو التنحي طواعية مع القدرة على التواصل والاتصال.

وهذا يعني أن موطن آباء إبراهيم عليه السلام لم يكن بعيداً جداً عن مكة، بحيث كان بإمكان إبراهيم التواصل معهم بسهولة لو أراد ذلك، ولكنه قرر اعتزالهم طواعية.

وهذا لا ينطبق على موقع بعيد كل البعد جغرافياً عن مكة مثل الشام أو العراق.

فالشام تبعد كما أسلفنا أكثر من 1250 (كلم) عن مكة وتفصل بينهما مساحات شاسعة من الجبال والسهول والوديان والفلوات، مما يؤدي بالأحرى إلى قطيعة وانفصال وغياب واحتجاب طبيعي لا اعتزال.
لذا تعين أن يكون موطن آباء إبراهيم عليه السلام قريباً من مكة ليكون التنحي والاعتزال طوعاً لا قسراً.
ثمة استفادة أخرى نستخلصها من مجمل الآيات وهي أن إسحاق وابنه يعقوب عليهم السلام حجازيان !..
فهما من مواليد مكة – ولدا بعد الاعتزال - بينما عدم ورود اسم إسماعيل - وهو
أكبر سناً من أخوه إسحاق- مع من ولدوا في الاعتزال يدل على أن إسماعيل عليه السلام ولد مسبقاً،
أي ولد في موطن آباء إبراهيم عليه السلام أو بعد أن اتخذ إبراهيم عليه السلام قراره باعتزال قومه وهو بمكة.
وهناك آية تدلنا على أن إسماعيل عليه السلام وُلد بعد خروج إبراهيم عليه السلام من موطن آبائه وقبل أن يتخذ قرار الاعتزال أو قطع التواصل مع قومه.
وهي الآية الواقعة في ختام الآيات التالية:
(وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ () إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ () إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ () أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ () فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ () فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ () فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ () فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ () فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ () مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ () فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ () فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ () قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ () وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ () قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ () فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ () وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ () رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ () فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ)
نقرأ إن إبراهيم عليه السلامقرر الرحيل إلى ربه بعد أن ألقاه قومه في النار فنجاه الله منها ولم يقرر الاعتزال عنهم بعد، حيث لم يأت ذكر ذلك في الآيات أعلاه.

وبعد ذهابه إلى ربه في الأرض المباركة للعالمين وهي مكة دعا ربه هناك أن يهب له من الصالحين.
فبشر بغلام واحد وهو من دون شك بكره إسماعيل عليه السلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:32 am

لذلك نفهم من مجمل الآيات الأنفة الذكر من سور الأنبياء والصافات ومريم الأحداث التالية بالتتابع:

1- حطّم إبراهيم عليه السلام أصنام قومه في موطن آبائه؛ فأشعلوا له ناراً وألقوه فيها فأنجاه الله منها: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ () قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ).
2- قرر إبراهيم عليه السلام الذهاب إلى ربه طلباً للهداية ولم يذكر إلى أين ذهب: (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ () فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ () وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ).
3- أخبرنا الله تعالى أن إبراهيم عليه السلام ذهب إلى مكة- الأرض المباركة للعالمين: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ () وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ).
4- دعا إبراهيم عليه السلام ربه وهو في الأرض المباركة أن يرزقه ذرية صالحة فبشره الله بإسماعيل عليه السلام: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ () رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ () فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ).
5- لم تكن الأرض المباركة للعالمين بعيدة عن موطن آبائه إذ كان مستمراً في التواصل معهم ودعوتهم حتى طلب منه أبوه أن يهجره وهدده هذه المرة بالرجم لا الحرق: (يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا () يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا () قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا).
6- قرر إبراهيم عليه السلام أن يتوقف عن التواصل مع قومه ويعتزلهم بعد أن يئس من أبيه وبلغ الأمر مبلغ تهديده بالقتل رجما هذه المرة: (قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا () وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا)
7- في الأرض المباركة للعالمين وبعد قرار المقاطعة والاعتزال وهب الله له غلامين آخرين: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا)
وقد وُلد هذان الغلامان في الأرض المباركة للعالمين كما سبق أن أخبر جل وعلا: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ () وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلا جَعَلْنَا صَالِحِينَ).
8- لم يذكر كتاب الله أي موقع آخر ذهب إليه إبراهيم عليه السلام غير الأرض المباركة للعالمين وكفى بذلك دليلاً على أن الشام والعراق أقحما إقحاماً في رحلة إبراهيم عليه السلام دون أي دليل يعتد به غير قول التوراة المحرَّفة التي تمكنت من اختراق ثقافة بعض الآباء وهم بدورهم نقلوا هذه الثقافة إلينا عن حسن نية.

بناء على ما سبق نستخلص أن إسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلامكانوا جميعاً من مواليد الأرض المباركة للعالمين، أي من مواليد مكة.
فهم جميعاً بمفهومنا اليوم حجازيون..... (سعوديون يعني[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]).. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كما توصلنا إلى أن الصلة كانت قائمة بين إبراهيم عليه السلاموموطن آبائه لقرب المسافة بين مكة ومسقط رأسه.
كما لا يفوتنا ذكر حقيقة أخرى فيما يتعلق بقرية لوط. فهناك آيات بيّنات توضح أن
قرية لوط عليه السلام قريبة جداً من مكة، وكذلك ينبغي أن تكون.
فقد وصلها لوط عليه السلام بحثاً عن مراعي للغنم لا للهجرة عن مضارب إبراهيم عليه السلام، وهو خبر أوردته التوراة نفسها:
"ولوطٌ السائِر مع إبرام كَان لَه أيضا غَنَم وبقَر وخيام ولَم تَحتَملهما الأرض ان يسكُنَا معا إذْ كَانَت أملاكهما كَثيرةً فَلم يقدرا أن يسكُنَا معا. فَحدثَت مخَاصمةٌ بين رعاة مواشي إبرام ورعاة مواشي لُوط. وكَان اْلكَنعانيون واْلفرِزيون حينَئِذ ساكنين في الأرضِ. فَقَالَ إبرام لِلُوط: لا تَكُن مخَاصمةٌ بيني وبينَك وبين رعاتي ورعاتك لأنَّنَا نَحن أخَوانِ. ألَيست كُلُّ الأرضِ أمامك؟ اعتَزِلْ عنِّي. إن ذَهبتَ شمالا فَأنَا يمينا وإن يمينا فَأنَا شمالا فَرفَع لُوطٌ عينَيه ورأى كُلَّ دائِرة الأردن أن جميعها سقي قَبلَ ما أخْرب الرب سدوم وعمورةَ كَجنَّة الرب كَأرضِ مصر. حينَما تَجِيء إلَى صُوغَر. فَاختَار لُوطٌ لِنَفسه كُلَّ دائِرة الأردن وارتَحلَ لُوطٌ شَرقا. فَاعتَزلَ اْلواحد عنِ اْلاخَرِ"
(التكوين 5:13)
وحيث إن إبراهيم عليه السلام كان في عَرَفة فلا بد أن يكون لوط عليه السلامالذي اعتزله لغرض المراعي قد انتقل للسكن في أقرب قرية ممكنة من مكة، وهو عينه ما جاء في كتاب الله:
(وَإِنَّ لُوطًا لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ () إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ () إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ () ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ () وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ () وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ).

يمرون على المدمرين صبحاً وليلاً؟ من الواضح أن ضمير "إنكم" عائد على المستمعين لخبر الآية حين النزول، وهم المصطفى صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من أهل المنطقة التى يقطنها وليس هذا الضمير مرسلاً لكل مستمع أو قارئ للقرآن. فمسلمو الصين مثلاً لم ولن يمروا على قرية لوط عليه السلام صبحاً أو ليلاً فالضمير في الآية لا يعنيهم ولا يعني أي مسلم غير أهل مكة بالخصوص وليس حتى مسلمي الجزيرة العربية لكون الآيات مكية. كما تشير الآيات بوضوح إلى أن المرور على القرية ذهاباً وإياباً يتم في زمن يقلّ عن 24 ساعة وذيلت الآيات بضرورة الاستشهاد العقلي - أَفَلَا تَعقلُون - على هذا الخبر الذي كانوا يجهلون.

ليس هذا فحسب؛
بل أخبر الله تعالى أنه ترك أثراً لهذه القرية المدمرة لمن يبحث عنها:
(وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).

وهذه دعوة قرآنية لضرب الأرض بمعاول علوم الحفريات والآثار في ما حول مكة على طريق الجادة التجارية تحديدا ليتضح للمسلمين وللعالم ما طمر أئمة اليهود من حقائق جغرافية بثمن بخس.
والسبب في عدم العثور على قرية لوط عليه السلام حتى الآن يكمن في ثقافة توراتية محرفة شهرت سلاح "هذا من عند الله" لتحريك مسرح الأحداث وجغرافيتها ثقافياً إلى الشام، فلم يجد لها العلم أثراً هناك.

كما قام المفسرون هم الآخرون بتفسير الآيات على ضوء الثقافة التوراتية المحرّفة فصاروا دون وعي منهم يعززون التحريف والتزوير وذلك ما نقرأه في بعض التفاسير:
"... وإنكم لتمرون عليهم مصبحين أي حين دخولكم في الصباح، نزلت في قوم لوط يعني أنكم يا أهل مكة لتمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشام فإن سدوم التي هي بلدتهم في طريقة.."،
كما يرى العلامة الطباطبائى تبرير عدم العثور على قرية لوط عليه السلام حتى الآن رغم دعوة الله للبحث عنها بقوله:
"... فإنهم
على طريق الحجاز إلى الشام، والمراد بالمرور عليهم المرور على ديارهم الخربة وهي
اليوم مستورة بالماء على ما قيل ..".

ونحن نضيف هنا أن الله جلَّ وعلا أخبر أنه ترك:
(مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
ولا يمكن أن تكون آية بينة وهي مخفية تحت الماء !..
فأين البيان الذي أخبر به الله إذن ؟..
كما أن دعوى كونها تحت الماء هو دس يهودي أيضاً بعد أن قرر أئمة اليهود إخفاء أثر هذه القرية لقربها من مكة كما أوضح الكتاب، وذلك بزرعها ثقافياً في قاع البحر الميت بالشام فينصرف بذلك الناس عن تلبية دعوة القرآن لتحديد الموقع الجغرافي لهذه القرية.
يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:33 am

علامات مكة في التوراة:

ولكي نتأكد أن إبراهيم عليه السلام ارتحل من موطن آبائه إلى مكة وليس إلى الشام فلننظر في التوراة نفسها فلا بد أن نجد فيها إشارات إلى مكة رغم التحريف والتزوير، إذ لا يمكنهم مسح أمر كهذا بدون ترك بصمات تعين الباحثين على تتبع حركة الأنبياء في العهود المنصرمة.

1- بئر سبع (Beer-Sheba) بئر شبعة وبئر زمزم:

كل مسلم يعرف قصة تدفق مياه بئر زمزم تحت أقدام إسماعيل وهو طفل ببطن مكة بعد أن أعيا العطش هاجر وابنها الصغير.


فكما ينقل التراث العربي نقرأ القصة هكذا:

" .. عن أبي العباس، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: " لما ولد إسماعيل حمله أبوه إبراهيم وأمه على حمار وأقبل معه جبرائيل حتى وضعه في موضع الحجر ومعه شئ من زاد وسقاء فيه شئ من ماء، والبيت يومئذ ربوة حمراء من مدر، فقال إبراهيم لجبرائيل عليهما السلام: ها هنا أمرت؟ قال: نعم "
قال: " .. ومكة يومئذ سلم وسمر، وحول مكة يومئذ ناس من العماليق " .. " .. إن إبراهيم عليه السلام لما خلف إسماعيل بمكة عطش الصبي، وكان فيما بين الصفا والمروة شجر، فخرجت أمه حتى قامت على الصفا، فقالت: هل بالوادي من أنيس ؟ فلم يجبها أحد، فمضت حتى انتهت إلى المروة هل بالوادي من أنيس ؟ فلم تجب، ثم رجعت إلى الصفا وقالت، حتى صنعت ذلك سبعا، فأتاها جبرائيل عليه السلام، فقال لها: من أنت ؟ قالت: أنا أم ولد إبراهيم، فقال: إلى من وكلكم ؟ فقالت: أما إذا قلت ذلك فقد قلت له حيث أراد الذهاب: يا إبراهيم إلى من تكلنا ؟ فقال: إلى الله عزوجل، فقال جبرائيل: لقد وكلكم إلى كاف، قال: وكان الناس يتجنبون الممر بمكة لمكان الماء، ففحص الصبي برجله فنبعت زمزم، ورجعت من المروة إلى الصبي وقد نبع الماء، فأقبلت تجمع التراب حوله مخافة أن يسيح.."
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).

هذا ما نعرفه عن نهاية رحلة خروج هاجر وابنها من مضارب خيام إبراهيم عليه السلام.

والتوراة سوف تفصل لنا وللعالم قاطبة كيف وصل إسماعيل وأمه إلى جوار البيت وكيف نبع بئر زمزم. فقد "طرد" النبي الجليل عائلته من الشام إلى وادي مكة وهو ما لا يزال مستقراً حتى في ثقافة بعضنا نحن المسلمين اليوم على الأقل بالنسبة للمواقع الجغرافية.

وزودهم لهذه الرحلة التي تمتد مسافة 1250 (كلم) تقريباً، وهي المسافة من الشام إلى بطن مكة، بقربة ماء وخبز. ثم تاهت هاجر في الصحراء على مسافة نفاذ قربة الماء لتجد نفسها في مكة !.. طبعاً لم تذكر التوراة السبعينية أن إسماعيل وأمه هاجر وصلا إلى مكة في جزيرة العرب، وأن الماء الذي روي منه يُدعى بئر زمزم. لذا فإن الغرب لا يعرف هذه الحقيقة حتى اليوم، إذ قيل لهم إن هاجر وابنها تاها في منطقة تدعى بئر سبع، والتي من المفترض أنها تبعد عن خيام إبراهيم عليه السلام مسافة نفاذ قربة ماء. وعليه كان لا بد أن تكون بئر السبع في فلسطين حيث خيام إبراهيم عليه السلام كما قالوا للعالم حتى تكتمل دائرة الوهم العالمي.

فوضعوا الخرائط والمسميات الميدانية على هذا الأساس.

وما يهمنا هنا أن قربة ماء وخبز هما كل ما كان ضرورياً لرحلة هاجر وإسماعيل باعتراف اليهود. وحيث إننا نعلم أن هاجر وابنها انطلقا من خيام إبراهيم عليه السلام بصحبة إبراهيم عليه السلام وانتهت الرحلة بهم بجوار بيت الله، فكم هي المسافة المتوقعة من بيت الله إلى خيام إبراهيم عليه السلام إذن؟ 1250 (كلم) كما تدعي جغرافية أنبياء السبعينية أم 15 أو 20 (كلم) كما ينص العقل والمنطق؟

لقد طُرح هذا التساؤل المنطقي على أئمة اليهود بعد أن عبثوا بجغرافيا الأنبياء وكان جوابهم لبني جلدتهم من العرب وبكل استخفاف واستهتار بالعقل هو التالي:

".. وكانسبب إنزال هاجر وابنها إسماعيل بمكة ونقلها إليها من الشام أن سارة بنت عم إبراهيم عليه السلام شجر بينها وبين هاجر أمر، وسماء ما بينهما، فأمر إبراهيم أن يسير بها إلى مكة، فاحتملها على البراق واحتمل معه قربة بماء ومزود تمر، وسار بها حتى أنزلها بمكة في موضع البيت، ثم ولى راجعا .."

أما نحن فنقول إن البراق هنا ليس أداة مواصلات بل هو أداة تزوير وتحريف واستخفاف بعقول الناس لستر فضيحة تراثية صارخة ولجبر معضلة عصية على الحل. وما سكت عنها أساطين المؤرخين العرب إلا لأنها انطلت عليهم من تحت عباءة:

"هذا من عند الله" فحاروا بها.

والاستنتاج العقلي السليم هو أن إبراهيم عليه السلام حط برحله بعد أن ترك موطن آبائه في منطقة قريبة جداً من الكعبة المشرفة حيث بئر شبع كما تسميه التوراة أو بئر زمزم كما يسميه المسلمون اليوم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:34 am

فهل يوجد ذكر لحادثة إسماعيل عليه السلام والبئر في التوراة ؟
وهل لهذا المكان اسم ؟..

هذا ما تقوله التوراة بهذا الخصوص:

"فَكَبِرَ الْوَلَدُ وَفُطِمَ. وَصَنَعَ إِبْرَاهِيمُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً يَوْمَ فِطَامِ إِسْحَاقَ.
9 وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ،
10 فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ هذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ».
11 فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ.
12 فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا، لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ.
13 وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».
14 فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ، وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا، وَالْوَلَدَ، وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ.
15 وَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ،
16 وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيدًا نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ، لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ.
17 فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ، وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي، لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ.
18 قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ، لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً».
19 وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ، فَذَهَبَتْ وَمَلأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ الْغُلاَمَ.
20 وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ، وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ.
21 وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ، وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.

التكوين: 21


فلنحلل هذا النص التوراتي:
فنحن نعلم أن هاجر وابنها إسماعيل أُسكنا (ولم يطُردا أو يُبعدا) عند بيت الله كما نص القرآن الكريم حيث ينقل قول إبراهيم عليه السلام:
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ)

والأعظم من ذلك هو أن ذاكرة العرب القدماء تحفظ حقيقة أن بئر زمزم كان يدعى أيضا بئر شبعة وهو ما نقراه في هذا المقتبس:
" .. وفي رواية معاوية: " أسماء زمزم: ركضة جبرائيل، وحفيرة إسماعيل، وحفيرة عبد المطلب وزمزم وبرة والمضمونة والردا وشبعة وطعام وشفاء ..".
فكيف غفلنا هذه الحقيقة الصارخة وتبعنا وبعضاً من أجدادنا وهم لا أساس له من الصحة ؟!..
هذا وتذكر مصادر أخرى اسم البئر بلفظ "شباعة".
وللمزيد من التأكيد على ما نرمي إليه، ذكرت التوراة في النص أعلاه أن إسماعيل سكن في برية فاران. وفاران هذه لم يعرف موقعها أحد اليهود في عصر الإمام الرضا حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه رأس جالوت.
ففهّمه الإمام الرضا في حوار طويل ونقل نتيجة الحوار جملة من المؤرخين وذكروا تعريف فاران كما ذكره الرضا لرأس جالوت:
"... وفي الحديث ذكر فاران هو اسم عبراني لجبال مكة شرفها الله ذكر في أعلام النبوة قال وألفه الأولى ليست همزة "

وفي هامش من البداية والنهاية نجد قولاً أكثر تحديداً:
"...فاران: كلمة عبرانية معربة، وهي من أسماء مكة ذكرها
في التوراة، وقيل هي اسم لجبال مكة..."

إذن يعترف اليهود دون علم الكثير منهم أن هاجر وإسماعيل سكنا على بعد مسافة نفاذ قربة ماء عن خيام إبراهيم عليه السلام بمنطقة فاران أي مكة.
هذا إلى جانب أن إبراهيم عليه السلام كان يذهب إلى ابنه وزوجته كل حين كما نقل لنا ابن كثير في تفسيره حيث يقول:
"... وقد كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد فاران وينظر في أمرهما.."


ولكن كيف يمكن لرجل طاعن في السن أن يسافر مسافة 1250 (كلم) ذهاباً ثم يقطع مثلها إياباً، أي ما مجموعه 2500 (كلم)، على ظهر حمار أو مشياً على الأقدام ليتفقد في كل وقت أمور أسرته في مكة وهو في الشام؟.

أما الجواب اليهودي المستهتر للمتسائلين العرب فكان بكل بساطة كما ينقل ابن كثير في تتمة كلامه السابق:

"... وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعاً إلى هناك والله أعلم."
ونعود إلى الاسم المثير للجدل "بئر شبع"، وهي منطقة تقع الآن في فلسطين حسب الإسقاط الجغرافي التوراتي والذي فشل الكثير من الباحثين المعاصرين الغربيين والشرقيين في إثبات مصداقيته، حيث لا آثار ميدانية للكثير من الأحداث التي يُفترض أنها جرت فيها حسبما جاء في التوراة.
فأول ذكرٍ لهذا الاسم جاء في التوراة المحرفة لإخفاء أحداث موقع بئر زمزم المجاور للكعبة المشرفة كما أوضحنا سلفاً. وثاني ذكر لاسم بئر شبع جاء مباشرة بعد الذكر الأول أعلاه ليشرح لنا نزاع القوم على ملكية الماء الذي تم اكتشافه في وادٍ "غير ذي زرع" على يد عائلة سريانية غريبة مستضعفة مكونة من أم وابنها نزلا ببطن الوادي حديثاً. وطبعاً لا بد أن يكون إبراهيم في الصورة، فعائلته هي صاحبة البئر، ولعل إبراهيم السلام في زيارته المتكررة لعائلته ببطن الوادي، زم البئر وشيده ليأتي من يعتدي من الحجازيين ويُدعى ملكية البئر المكتشف.
فالتوراة وصفت لنا ما حدث بشكل منطقي ومقبول في حوار بين إبراهيم عليه السلام وشيخ حجازي يدعي أبو مالك بعد اكتشاف البئر مباشرة:
"وَعَاتَبَ إِبْرَاهِيمُ أَبِيمَالِكَ لِسَبَبِ بِئْرِ الْمَاءِ الَّتِي اغْتَصَبَهَا عَبِيدُ أَبِيمَالِكَ.
26 فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «لَمْ أَعْلَمْ مَنْ فَعَلَ هذَا الأَمْرَ. أَنْتَ لَمْ تُخْبِرْنِي، وَلاَ أَنَا سَمِعْتُ سِوَى الْيَوْمِ».
27 فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ، فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقًا.
28 وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ مِنَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا.
29 فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟»
30 فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي، لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هذِهِ الْبِئْرَ».
31 لِذلِكَ دَعَا ذلِكَ الْمَوْضِعَ «بِئْرَ سَبْعٍ»، لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا.
32 فَقَطَعَا مِيثَاقًا فِي بِئْرِ سَبْعٍ، ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.".. (التكوين)
إذن الذي سمى البئر المكتشف بئر سبع هو إبراهيم





عليه السلام نفسه بعد أن أجرى عليه عمليات حفر وتحديد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:34 am

لا بد لمفردة فلسطين بمعنى موقع بالشام أن تدخل في الصورة لنقل إبراهيم عليه السلاموالأحداث التي دارت حوله إلى الشام لِعِلَّةٍ سوف تتضح لاحقاً.
وليس عجباً أن يُذكر العدد 7 ملازماً لاسم بئر مجاورٍ للكعبة، فالعدد 7 ملازمٌ للعديد من مناسك الحج والعمرة ومنها سعي هاجر 7 مرات وراء السراب قبل أن تكتشف الماء. وليس عجباً أن نجد بقايا حقيقة في علاقة هاجر بمكة في تراث اليهود القديم أنفسهم.
فقد جاء في التوراة تسلسل الأحداث التالية:

.. فَقَالَ أَبْرَامُ لِسَارَايَ: «هُوَذَا جَارِيَتُكِ فِي يَدِكِ. افْعَلِي بِهَا مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ». فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ، فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا.
7 فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ، عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ.
8 وَقَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ، مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ؟ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِينَ؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ».
9 فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا».
10 وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ».
11 وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى، فَتَلِدِينَ ابْنًا وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ.
12 وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا، يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ، وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».
13 فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: «أَنْتَ إِيلُ رُئِي». لأَنَّهَا قَالَتْ: «أَههُنَا أَيْضًا رَأَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟»
14 لِذلِكَ دُعِيَتِ الْبِئْرُ «بِئْرَ لَحَيْ رُئِي». هَا هِيَ بَيْنَ قَادِشَ وَبَارَدَ.
(سفر التكوين:6:16)

وبئر " لحي رئي " هذه التي هامت هاجر إليها بعد خصامها مع سارة، لها اسم آخر كما جاء في الترجوم وهو:
VeHa Kabbalah
أي "فيها قبلة". وبئر "فيها قبلة" هذا يقع جنب قادس كما جاء في النص التوراتي أعلاه، وقادس هو أحد أسماء مكة أو الكعبة المشرَّفة كما سيتبن لك لاحقا.
وابن عزرا وهو كاهن يهودي مؤرخ معتبر ولد سنة 1092 م، يقول لبني قومه من اليهود إن بئر القبلة المذكور في هذا النص هو بئر زمزم عينه والذي يحتفل العرب حوله كل عام، في إشارة لموسم الحج.
واليك المقتبس بهذا الصدد كما جاء في التراثي اليهودي:

O.." Or 'Well of the life-giving vision,' (HaKethav VeHaKabbalah); 'Well of the vision of the Living One' (Rashi; Targum); or 'Well to the Living One who sees me' (Ibn Ezra). Ibn Ezra identifies this with Zimum or in other versions, Zimzum, where the Arabs hold an (annual festival."0

ويحق لنا هنا أن نسال اليهود أنفسهم، على ضوء كلام الكاهن ابن عزرا، كيف أمكن لهاجر أن ترحل نتيجة خصومة مع سارة من الشام إلى مكة حيث بئر زمزم ثم تعود مرة أخرى إلى حيث سارة بالشام كما أمرها الرب؟! هل البراق هو الجواب لهذه المعضلة أيضا !؟
ومن الطبيعي أن ينتقل إبراهيم وابنه إسحاق إلى بطن الوادي لاحقاً وبخاصة بعد أن أمره جلَّ وعلا ببناء البيت بعد أن اشتد ساعد إسماعيل:
(وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
ومن ثم دعوة الناس للحج:
(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ () لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ () ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).

والطواف هنا 7 أشواط والسعي بين الصفا والمروة 7 أشواط أيضاً وكلها تحدث في منطقة بئر 7 أو بئر سبع أو شبع كما تنطق سريانياً حيث البيت العتيق الذي رفع قواعده الخليل وابنه.
ونحن نعلم علم اليقين أن إبراهيم عليه السلام هو من علم العالم تلك المناسك:
(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)

وتذكر لنا التوراة أن إبراهيم عليه السلامسكن فعلاً بئر شبع فتقول عن المنطقة التي انطلق منها ورجع إليها بعد أن أخذ إسحاق للذبح:
" ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى غُلاَمَيْهِ، فَقَامُوا وَذَهَبُوا مَعًا إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. وَسَكَنَ إِبْرَاهِيمُ فِي بِئْرِ سَبْعٍ." (التكوين 22)
والفرق هو أننا نقول بئر سبع
يسمى اليوم بئر زمزم ومن قبل سمي ركضة جبرائيل، وحفيرة إسماعيل، وحفيرة
عبد المطلب وبرة والمضمونة والردا وشبعة وطعام وشفاء ويوجد هذا البئر ببطن مكة وهم يقولون بالشام وبفلسطين تحديداً؛

وهنا عين التحريف وعين غفلة المسلمين.
وما الموقع الموجود اليوم بفلسطين إلا اسم تم إسقاطه هناك عمداً بعد هجرة الجاليات العربية اليهودية من الجزيرة إلى الشام بعد عودتهم من السبي وتفرقهم من جزيرة العرب، وذلك بين القرن الرابع والأول قبل الميلاد كما سيتضح لاحقاً.

نستنتج مما سبق أن بطن الوادي الواقع بين جبل أبي قبيس وجبل خندمة وجبل
هندى وجبل قعيقان وجبل عمر وجبل الأحمر حيث يقع بيت الله، عٌرف قبل رفع قواعد البيت باسم البئر المكتشف فيه وهو بئر سبعة (شبعة).

وبطن الوادي نفسه عُرف ببرية بئر الشبعة.

وما أن رفع البيت وأعلن الحج حتَّى بدأ هذا الاسم ينحسر تدريجياً ليُعرف الوادي بأسماء أخرى أكثر عراقة لارتباط هذا الواديبآدم أبي الإنسانية، ومن هذه الأسماء مكة ومكروبيا ومكربة.
يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
همسة قلم
اديبة


انثى
تاريخ التسجيل : 17/11/2013
عدد المشاركات : 13947
نقاط التقييم : 14510
بلد الاقامة : لبنان
علم بلدك : Lebanon لبنان

إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )   إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Emptyالسبت ديسمبر 21, 2013 8:35 am

- ممرا (Mamre) ونمرة :

عرفنا حتى الآن أن إبراهيم عليه السلام جاء من موطن آبائه وضرب خيامه على مسافة جداً قريبة من بطن الوادي الذي يحتضن الكعبة المشرفة والذي كان يعرف ببئر شبعة. وعرفنا أن أول من أسكن إبراهيم عليه السلام من أهله في بطن الوادي هما زوجته الثانية هاجر وطفلها إسماعيل، وعاد هو إلى مضارب خيام زوجته الأولى. فأصبح بذلك لإبراهيم عليه السلام مسكنان، مسكن لكل زوجة وهو أمر طبيعي يتكرر حتى يومنا هذا.

ولكن أين كانت مضارب خيام زوجته سارة تحديداً ؟..

هذا ما جاء في التوراة بهذا الصدد:
"فنقل أبرام خيامه وأتى وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون، وبنى هناك مذبحا للرب ".
واستمر مكوثه هناك إلى أن افترق مع لوط عليه السلام وما تلا ذلك من أحداث من ضمنها النص التالي الذي يوضح مكان إبراهيم عليه السلام:
" فأتى من نجا وأخبر أبرام العبراني. وكان ساكنا عند بلوطات ممرا الأموري، أخي أشكول وأخي عانر. وكانوا أصحاب عهد مع أبرام".
وسنتغاضى حالياً عن مفردة "حبرون" في المقتبس الأول فهي أداة تحريف ظاهري، ولننظر في موقع ممرا التي سكنها إبراهيم عليه السلام.
بلوطات تعني أشجاراً وهي لشخص يُدعى ممرا حيث وردت مفردة ممرا في التوراة كاسم لشخص:
" ليس لي غير الذي أكله الغلمان، وأما نصيب الرجال الذين ذهبوا معي: عانر وأشكول وممرا، فهم يأخذون نصيبهم".
وهذا الاسم، أي ممرا، هو تحوير لاسم موقع مهم على حدود وادي عرفة والمشعر الحرام يُعرف اليوم (بنمرة) وبه اليوم مسجد كبير يسمى مسجد نمرة، والذي به وإلى جانبه تحتشد جموع مليونية من الحجاج سنوياً بيوم عرفة.
وقد أقيم هذا المسجد على الموقع الذي أقام فيه إبراهيم عليه السلام كما أكد التراث العربي:
".. عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله (عليهما السلام) يذكران أنه لما كان يوم التورية قال جبرائيل لإبراهيم (عليهما السلام): تروه من الماء فسميت التورية ثم أتى منى فأباته بها ثم غدا به إلى عرفات فضرب خباه بنمرة دون عرفة فبنى مسجدا بأحجار بيض وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى أدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلي الإمام يوم عرفة فصلى بها الظهر والعصر ..".

وممرا هذه لا وجود لها اليوم بفلسطين ولكن الادعاء هو أنها كانت تقع على مسافة ميلين إلى الشمال من حبرون. وحبرون هي اليوم -حسب الادعاء اليهودي التاريخي- مدينة الخليل.
والله وحده يعلم من المدفون في القبر المعروف هناك بقبر إبراهيم.
وتروي التوراة حدوث أمر عظيم بينما كان إبراهيم عليه السلامساكناً قرب بلوطات نمرة حيث:
"1 وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار
2 فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه. فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض
3 وقال: يا سيد، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك
4 ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة
5 فآخذ كسرة خبز، فتسندون قلوبكم ثم تجتازون، لأنكم قد مررتم على عبدكم. فقالوا: هكذا تفعل كما تكلمت
6 فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة، وقال: أسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا. اعجني واصنعي خبز ملة
7 ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلا رخصا وجيدا وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله
8 ثم أخذ زبدا ولبنا، والعجل الذي عمله، ووضعها قدامهم. وإذ كان هو واقفا لديهم تحت الشجرة أكلوا
9 وقالوا له: أين سارة امرأتك ؟ فقال: ها هي في الخيمة
10 فقال: إني أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن. وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه
11 وكان إبراهيم وسارة شيخين متقدمين في الأيام، وقد انقطع أن يكون لسارة عادة كالنساء
12 فضحكت سارة في باطنها قائلة: أبعد فنائي يكون لي تنعم، وسيدي قد شاخ
13 فقال الرب لإبراهيم : لماذا ضحكت سارة قائلة: أفبالحقيقة ألد وأنا قد شخت".
وجوهر هذا الخبر التوراتي قد جاء خبره في كتاب الله في

قوله تعالى:

(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ () إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ () فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ () فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ () فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ () فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ () قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)
من مكة قد التقوا بإبراهيم عليه السلام في مسجد نمرة حسب ما تورد التوراة وهو أمر معقول.

وتجلِّي الرب لإبراهيم عليه السلام في المشاعر حدثٌ يرويه التراث العربي ويؤكده القرآن مرتين.
مرة عند لقائه بالملائكة المرسلين؛
وأخرى حين جاءه النداء وهو يهم بذبح إسماعيل عليه السلام:
(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ () وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ () قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ () إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ () وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).
وهنا يذكر لنا التراث العربي الموقع الجغرافي لأحد هذين التجليين - كما ورد في دعاء جليل يدعى "دعاء السمات" أو دعاء الشبور وهو من أدعية الإمام جعفر الصادق عليه السلام وهذا مقتبس ما يعنينا منه في البحث:
"وباسمك العظيم الأعظم الأعز الأجل الأكرم وبمجدك الذي تجليت به لموسى كليمك عليه السلام في طور سيناء، ولإبراهيم عليه السلام خليلك من قبل في مسجد الخيف، ولإسحق صفيك عليه السلام في بئر شيع، وليعقوب نبيك عليه السلام في بيت إيل، وأوفيت لإبراهيم عليه السلام بميثاقك، ولإسحق عليه السلام بحلفك، وليعقوب عليه السلام بشهادتك، وللمؤمنين بوعدك، وللداعين بأسمائك فأجبت، وبمجدك الذي ظهر لموسى بن عمران عليه السلام...".

فمن هذا المقتبس من الدعاء نخلص إلى أن مسجد الخيف هو أحد مواقع التجلي الرباني لإبراهيم عليه السلام. ومسجد الخيف هذا مشهور في التراث العربي وله سنن مستحبة في مناسك الحج. ويقع مسجد الخيف بوادي منى أسفل، لذا جاء في الجمرات حيث موقع مذبح إسماعيل عليه السلام،
لذا جاء في التراث أنه الموقع الخاص بنداء الرب:
(وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ () قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)

بينما اسم المسجد "الخيف" يُرجح أنه المكان الذي أوجس فيه إبراهيم عليه السلام خيفة بعد لقائه بالملائكة المرسلين. ولعل هذا الموقع هو مكان التجليين فهو يبعد عن مسجد نمرة مسافة 14 كلم تقريباً ويجوز أن إبراهيم عليه السلام حرك مضارب خيام زوجته سارة في أرجاء الوادي واستقر في أماكن مختلفة في محيط المشاعر. ما يهمنا هو أنه ثبت في التراث العربي أن إبراهيم عليه السلام أقام مضاربه بَنمرة وما يحيطها من أشجار وزروع في ذلك الزمان وهذه الأخبار موجودة في التوراة ولكن بصورة مشوشة.

وجميع أحداث التجلي الرباني حدثت بالقرب من موضع مسجد نمرة.

يتبع ان شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء )
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 3انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» قصص الأنبياء من آدم إلى خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
»  محافظ الانبار صهيب الراوي صفقات مشبوهة بالمليارات واختلاس اموال وتزوير
» قرار حظر السفر الأميركي يدخل حيز التنفيذ
»  المتحف الفوتوغرافي قيد التنفيذ وبحاجة لدعم مؤسساتي
» الحظر الأمريكي والبريطاني على "حمل أجهزة إلكترونية في الطائرات" يدخل حيز التنفيذ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اشتياق أسسها الراحل مصطفى الشبوط في يوم الجمعة30نوفمبرعام2007 :: اقسام الثقافة والتاريخ والادب العالمي :: اشتياق التاريخ والتراث وسيرة حياة المشاهير-
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
المهندس محمد فرج - 123667
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
الدكتور خليل البدوي - 107926
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
احلام شحاتة - 61741
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
ايمان الساكت - 56084
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
باسند - 51660
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
مصطفى الشبوط - 17651
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
همسة قلم - 13947
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
نوره الدوسري - 8809
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
احاسيس - 7517
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1 
كاميليا - 7369
إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_rcap1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Voting_bar1إختطاف وتزوير قيد التنفيذ ( جغرافية الأنبياء ) Vote_lcap1